بالعدالة والإنسانية نقتل الطائفية والتطرف
د. أسامة بن سعيد القحطاني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
تعيش منطقتنا حروبا استثنائية يتداخلها سلاح العدو الطائفي وانزلاق البعض نحو الطائفية المقابلة، أقول إن القوة الحقيقية التي نمتلكها ويجب أن نحافظ عليها هي العدالة والمساواة لكل أطياف المجتمع، ولكن كيف ذلك؟ قبل قرابة 15 قرنا؛ جاء الإسلام بكثير من المبادئ الإنسانية التي يتفاخر بها الغرب والشرق اليوم، وفي تلك الفترة الكالحة المغرقة في الجهل والظلام؛ جاءت مثل الإسلام بالمبادئ الإنسانية العادلة بين البشر.
وكان لتلك المبادئ الإنسانية الأثر الكبير في انتشار الإسلام الكاسح في القرن الأول الهجري وقبل عودة العرب إلى العادات الجاهلية التي اعتادوا عليها قبل الإسلام، ما أدى إلى التراجع أو التململ الذي أصاب تلك الفترة! حيث كانت العنصريات قبل الإسلام في قمتها، خاصة عند العرب. لم يتوقف التطور الإنساني والحضاري المعاصر، واستمر يتطور بشكل إيجابي نحو الحقوق والحريات على الرغم من كل المشكلات التي يمر بها عدد من المناطق في العالم ومن أسوئها منطقتنا مع الأسف، المنطقة المشتعلة بالحروب والصراعات بشتى أشكالها العنصرية والعرقية والطائفية والدينية وهكذا.
ومن أسوأ نتائج المراحل المشتعلة أنها تعمل على عرقلة “وربما العودة للوراء” فيما يتصل بالتطور الإنساني والحضاري، حيث يسود غالبا في هذه المراحل التشنج والاندفاع أكثر من العقل والحكمة. هذا ما يحصل في منطقتنا ومع الأسف، حيث كلما هدأت الأمور وبدأ يسود منطق الحوار والتسامح والتعايش؛ جاء ما يشعل المنطقة ويحرق كل الجهود نحو التطور الإنساني والحضاري للمنطقة!
ومع الأسف أن بعض الجهال يستغلون مثل هذا الفشل للدفاع عن منطقهم المتشدد بأن هذه نتيجة مساعي الحوار والتعايش! وأن رؤيتهم المتطرفة نحو التشدد والتطرف تجاه الآخر هي الحل الصحيح! ونسوا أن أهم عامل لإشعال المنطقة هو التطرف والتشدد المتضاد من أغلب التيارات السائدة! وإذا نظرنا إلى عديد من الخطابات حول هذا الموضوع وجدناها تتحدث وبعنف ربما عن الآخرين، وتشير بأصابع الاتهام والمؤامرة إلى الغير، بينما البحث والتفكير في أنفسنا نوع من الهرطقة العصرانية المنكرة!
أعود وأقول، إن العدالة والمساواة من أهم المبادئ الإنسانية الحديثة، حيث يعتبر مبدأ المساواة أساس الاستقرار والتعايش في أي بلد، ومن دون المساواة فإن كل بلدان العالم لن تتعايش ولن تستقر، فضلا عن أنه حق إنساني مستحق للجميع، ولا أدري هل ينتظر المتطرفون وعلى رأسهم ملالي إيران و”الدواعش” إلى أن يقتل نصف الشعوب حتى يفكر النصف المتبقي في حل يوقف مسلسل الدماء والقتل لأجل القتل؟
ختاما؛ إن سياسة ولاة الأمر في بلادنا -ولله الحمد- كان لها أعظم أثر في تماسك البلد واستقراره على مدى قرن من الزمان، بسبب عدالة السياسة وعدم الاستماع إلى الأصوات المتشددة التي يدعو إليها البعض دون إدراك منهم أن أفكارهم لا تصلح للتطبيق في عصرنا وأنها قد تجاوزها العصر منذ عقود.
اترك تعليقاً