هيئة النيابة الإدارية» ٥٤ عاما من بدء النشأة، قبلها كانت العلاقة بين الحكومة وموظفيها تخضع للمحسوبية «بمعناها الحقيقي» والوساطة والسلبية، وتضارب في الأعمال الحكومية، وتعقيد وازدواجية، وإسراف وفداحة تكاليف وسوء تصرف في الأموال العامة، وتعيينات إضافية وقلة في الإنتاج، وغابت الرقابة، وتركزت في المسؤول الأول بكل وزارة أو مصلحة، فكثرت الشكاوي والمظالم.
بعدها.. أصبحت هناك هيئة قضائية مستقلة تقوم بالنسبة إلي الموظفين بمثل ما تقوم به النيابة العامة لجميع المواطنين.. تحقق في المخالفات الإدارية، وتوفر العدالة للموظفين وتحارب الفساد الوظيفي وتحيل المخالفات إلي النيابة العامة.
ومثلما وجهت اتهامات للمسؤول الأول في كل وزارة قبل إنشاء الهيئة بالمجاملة ومحاباة البعض والتعسف، تواجه الآن «هيئة النيابة الإدارية» اتهامات بالموالاة للدولة وأن أعضاءها ليسوا قضاة، رغم ارتفاع عدد النيابات إلي ١٣٠ نيابة، يشرف عليها ١٨ مكتباً فنياً و٦ فروع دعوي تأديبية، وتحقق سنويا في ٧٠ ألف قضية و ٣٥ ألف شكوي من الأفراد.. رحلة النيابة الإدارية في السطور التالية :
ظلت العلاقة بين الحكومة وموظفيها خاضعة لقرارات ومنشورات هي دائما عرضة للتغير والتبديل، نتج عنها توزيع العمل وتحديد الاختصاص علي غير هدي من الدراسة، تضارباً واضحاً في الأعمال الحكومية، وازدواجية وتعقيدات وسلبية وبطء في الإجراءات، وزيادة في الإسراف وقلة في الإنتاج، وتعيينات بمحسوبية ووساطة، تلك كانت حال الوظائف والموظفين، ومع ذلك خلت النظم من أداة تناط بها الرقابة العامة والتوجيه، فقد تركزت هذه الرقابة في المسؤول الأول بكل وزارة أو مصلحة عامة كرقيب
ومسؤول عن هذه الوحدات الإدارية، إلا أن أصابع الاتهام أشارت إليهم بالتعسف وضياع حقوق العاملين والمجاملة والمحاباة، فكان لابد وجود جهة تحكم تلك الأمور، كان لابد من إصلاح، فأنشئت النيابة الإدارية يوم ١٦ سبتمبر ١٩٥٤ طبقا إلي القانون رقم ٤٨٠ لسنة ١٩٥٤، هيئة قضائية تابعة إلي مجلس الوزراء، ثم انتقلت تبعيتها إلي رئاسة الجمهورية ثم انتقلت إلي وزير العدل.
تهتم الهيئة بتأديب العاملين في الجهاز الإداري ومحاربة الفساد، وصاحب القانون عدة مواد أخري لتنظيم عمل النيابة الإدارية، وأصدرت المحكمة الإدارية العليا أكثر من ٢٠ حكما منذ نشأة النيابة الإدارية أوضحت فيها طبيعة عمل ودور النيابة بأنها تتولي التحقيق في كل الجرائم الإدارية وأنها هيئة قضائية مستقلة.
«لا تملك جهة الإدارة التدخل في تحقيقات هيئة النيابة الإدارية» هذا ما يؤكده المستشار إسلام إحسان، رئيس هيئة النيابة الإدارية، واعتبر أن الهيئة هي أحد إنجازات ثورة يوليو في قطاع الإصلاح الإداري، وأكد المستشار إسلام أن النيابة الإدارية تدخل في تشكيل المحاكم التأديبية فيجلس عضو النيابة علي منصة القضاء التأديبي ويذكر في الحكم بصفته عضوا في تشكيل المحكمة، و يحق للنيابة الإدارية أن تبلغ النيابة العامة بما تكشفه من جرائم جنائية دون الرجوع إلي جهة الإدارة.
ويضيف إحسان أن مشروع إنشاء النيابة تتضمن ١٠ مواد مجملها إنشاء هيئة تسمي النيابة الإدارية تلحق برئاسة مجلس الوزراء، وتحقق في الجرائم التأديبية وما تتلقاه من شكاوي من المواطنين ويرفع مدير النيابة تقريرا إلي رئيس مجلس الوزراء ومقترحاته وملاحظاته في القضايا المنظورة.
أكد المستشار مصطفي سحيم نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية أن نشأة النيابة كانت عبارة عن قسم للتحقيق الإداري ويختص بالتحقيق مع الموظفين وقسم الرقابة الإدارية التي انفصلت عن الهيئة في عام ١٩٦٤، وتزامن هذا الانفصال مع إنشاء المحاكم التأديبية، وسبب انفصال الرقابة هو عندما طلب اللواء كمال الغور وكيل المخابرات العامة الأسبق بعد توليه رئاسة هيئة الرقابة الإدارية بالانفصال والاستقلال، واستجابت له الدولة وتم سلخها من النيابة الإدارية.
ونفي المستشار سحيم أن تكون هيئة النيابة مستأنسه أو تابعة إلي الدولة لكنه قال «ما بالك بطير تم تقليم أظافره وكسرت كل أجنته فكيف يطير؟» مؤكدا أن الدولة سحبت كل القضايا المالية لتحقق فيها النيابة العامة وبقيت هناك قضايا المخالفات الإدارية إلي الموظفين، وقال إن و زير المالية يسعي إلي تقليص دور هيئة النيابة الإدارية.
وأشار المستشار سحيم إلي أن النيابة الإدارية في ظل قانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٥٨ مرت بمراحل وتطورات، انتقلت التبعية إلي رئاسة الجمهورية بدلا من رئاسة مجلس الوزراء ثم استقر الأمر إلي تبعية الهيئة إلي وزير العدل، وأكد أن المشرع في المادة ٧٩ من قانون العاملين في الفقرة الأولي رقم ١١٥ لسنة ١٩٨٣ أكد أن تختص النيابة الإدارية دون غيرها بالتحقيق في الجرائم التأديبية المتعلقة بضبط الرقابة علي تنفيذ الموازنة العامة
والناتجة عن الإهمال أو التقصير الذي يترتب عليه ضياع حق من الحقوق العامة للدولة، أو أحد الأشخاص العامة الأخري أو الهيئات الخاضعة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات أو المساس بمصلحة من مصالحها المالية أو يكون من شأنها أن يؤدي إلي ذلك بصفة مباشرة.
ونصت الفقرة الثانية من نفس المادة علي اختصاص النيابة الإدارية وجوبيا بالتحقيق وغل يد الإدارة لجميع المخالفات والجرائم التأديبية إذا اتصل علم النيابة بها، ويكون لها حق إقامة الدعوي ومباشرتها،
كما يكون لها حق استدعاء الشهود وسماع أقوالهم بعد حلف اليمين والأمر بضبط وإحضار الشاهد إذا تخلف عن الحضور وتفتيش منازل وأشخاص المتهمين وأماكن العمل ووقفهم عن العمل إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك،وتنتهي تحقيقات النيابة إما بالحفظ أو المجازاة الإدارية أو إحالة المتهم إلي المحاكمة التأديبية أو طلب فصل العامل بغير الطريق التأديبي، بجانب إبلاغ النيابة العامة بالجرائم الجنائية التي أسفر عنها التحقيق.
أشار المستشار خالد الطناني رئيس النيابة الإدارية إلي أن النيابة ليست مستأنسة، إلا أن القانون به بعض العور، وهي الحريصة والأقدر علي التحقيق في جرائم المال العام، كما أن المشرع أصدر القرار رقم ١٢ لسنة ١٩٨٩ والذي تضمن تعديل القانون ١١٧ لسنة ١٩٥٨ بإعادة تنظيم النيابة الإدارية، والتي أكدت المادة الأولي أن النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل مسمي مدير النيابة ليصبح رئيس هيئة النيابة الإدارية تماشيا مع رؤساء الهيئات القضائية الأخري،
وتم استحدث وظيفة معاون نيابة إدارية كبدايات لدرجات أعضاء النيابة بدلا من بدايتها بدرجة مساعد نيابة، تم إنشاء المجلس الأعلي للنيابة الإدارية والتي يترأسها رئيس الهيئة وعضوية أقدم ٦ من نواب رئيس الهيئة، وتم إسناد الاختصاص لها بتعين الإدارات وفروعها والنيابات وتحديد اختصاصاتها إلي وزير العدل بموجب قرار يصدره بعد أن كان بقرار من رئيس الجمهورية.
عن جريدة المصرى اليوم
اترك تعليقاً