ظاهرة الإرهاب المتعدد الجنسيات ومسؤولية الدول عن رعاياها الإرهابيين
عبد الرسول عبد الرضا جابر شوكة
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
المقدمة
من المتفق عليه ان الارهاب افة عالمية انشرت في الآونة الاخيرة افقياً على جميع دول العالم وتركزت اثارها عمودياً في بعض الدول ،ولا احد ينكر ان اطراف هذه الظاهرة في تزايد ( مرتكبيها وضحاياها ) ولم تفلح الامم المتحدة خاصة والمجتمع الدولي عامة من الحد التخفيف منها رغم ان قرارات مجلس الامن في تزايد ولكن التناسب غائب بين هذه القرارات والواقع العملي ،فظاهرة الارهاب في انتشار سريع ،ومرتكبي الاعمال الارهابية في تزايد ,يقابله تزايد في ضحايا الارهاب فضلا عن الاثار النفسية البعيدة الامد المترتبة عليها ،وبذلك لم يحقق الدواء لداء الارهاب الذي وصفه مجلس الامن عبر قراراته نتيجة الشفاء للعالم ، وهنا يمكن ان نقول ان هذه الوصفة العالمية الناقصة تعزوا الى احد امرين: الاول تشخيص الداء لم يكن دقيق والثاني تغافل التشخيص الدقيق او حجبه ، وحتى لا نضيع الوقت في هذا الجدل فلنذهب ونقول ان امامنا داء عالمي اسمه الارهاب تحمل ويتحمل العراق معاناته وستزداد ان لم نقوم بالتشخيص الدقيق له فيكون الدواء فعال وعليه فلابد ان نبذل كل ما لدينا من جهود لتحقيق هذه الغاية. فجميع قرارات مجلس الامن تذكر الارهاب والارهابين والضحايا دون ان تذكر مسؤولية الدول عن الارهاب بشكل صريح لاسيما تلك الدول التي لديها المئات من الرعايا يرتكبون ابشع الجرائم الارهابية خارج حدودها وبذلك اغفلت القرارات مسالة مهمة وهي مسؤولية الدولة اتجاه الدول الاخرى عن الاعمال الارهابية لرعاياها ،وهذا يضعنا امام حقيقة ان هناك فعلا فراغ قانوني ترك اهمالاً او عمداً وكانت النتيجة النهائية ان العراق دفع الثمن الاكبر نسبة لباقي دول العالم .
يظهر الواقع العملي ان الارهاب ظاهره عالمية وهو جريمة دولية متعدية الاثر تستهدف الانسان بغض النظر عن اعتبارات قومية او دينية او طائفية او مناطقية ، وان المجتمع الدولي يمر بمرحلة خطيرة امام تحديات الارهاب وحيث ان لكل دولة اقليم وسلطة وشعب فيكون بذلك على كل منها مسؤولية قانونية تتحدد ضمن منطقة جغرافية معينة)الاقليم ( وعلى افراد معينين
(الشعب ( وبموجب هذه المسؤولية ستسال امام المجتمع الداخلي وامام المجتمع الدولي.
فهي امام المجتمع الداخلي ستسال عن تصرفاتها امام مواطنيها، بينما امام المجتمع الدولي يقتضي ان تساءل عن تصرفات ونشاطات مواطنيها في الخارج والتي تكون ذات طابع سلبي لان الذي يقرر استمرار مسؤوليتها وانتقاله الى الوسط الخارجي هو نظام معتمد عالميا يصطلح عليه نظام الجنسية او التابعية كما اصطلحت عليه بعض التشريعات .
سنبحث الموضوع من خلال المحاور التالية :-
اولا:- ضرورة تحريك المسؤولية الدولية لدولة مرتكب العمل الارهابي
ان مبدا اعتماد الجنسية في رسم الحقوق من قبل الدولة لحامليها وممارسة سيادتها عليهم داخل حدودها الاقليمية او خارجها ينسحب على الاقرار بمسؤوليتها عليهم عن اي تقصير في التعامل مع حقوقهم وهذه المسؤولية لا تنفصل عن المسؤولية منهم في ظل ارتكابهم اعمال تشكل تعدي وتجاوز على حقوق غيرها من الدول في العيش بأمان وسلام فمثلما تحمي الدولة نفسها من مواطنيها او الاجانب من اي اعتداء على سلامة اراضيها وامنها فكذلك عليها ان لا تسبب في النيل من سلامة وامن الدول الاخرى وهذا مطلب عالمي يتمثل بمسؤولية جميع دول العالم عن ان تحافظ على الامن والسلم الدوليين بشتى الوسائل وان تمتنع باي شكل من الاشكال من ان تنتهك هذا المطلب الذي هو مبدا اكدت عليه المواثيق الدولية ومنها ميثاق الامم المتحدة .
ان ما تقدم يضعنا امام النتائج التالية :-
1- اشعار كل دولة بتحمل مسؤوليتها ازاء الاعمال الارهابية التي يرتكبها مواطنيها نظر لما للجنسية التي يحملها مرتكب العمل من اثار ترتب حقوق والتزامات متبادلة بين الفرد والدولة التي يحمل جنسيتها ، فيكون لزاما عليها مثلما تلزم بحماية مواطنيها عبر الحدود اذا ما أصابهم ضرر في الخارج بموجب نظام الحماية الدبلوماسية فبالمقابل تتحمل عنهم التزام اتخاذ ما يلزم لمنعهم او الحيلولة دون ارتكابهم اعمال تلحق ضرر بدولة اخرى او بمواطنيها ومنها الاعمال الارهابية ،واذا ما قصرت في ذلك تلزم بإصلاح ما تركه مواطنيها من اضرار بحق الدول او الافراد ويمكن ان يكون ذلك من خلال فرض جزاءات مالية كأحد اهم الجزاءات ، وحيث ان مثل هكذا وضع يهم المجتمع الدولي يقتضي مواجهته بوسائل دولية لأنفاذه وهو ما يتطلب إجراءات يقتضي ان تسير برعاية الامم المتحدة وعن طريق جهاز مجلس الامن .
2- اشعار الدولة بقيامها بما يجب لتدارك ارتكاب مواطنيها اعمال ارهابية سيخفف عنها او يعفيها من الاثر المترتب على اثارة مسؤوليتها الدولية ،وهو ما سيقود بالنتيجة الى تشجيع الدول على التعاون الدولي الجاد في مجال مكافحة الارهاب فكلما كانت الدولة لها قاعدة بيانات دقيقة عن مواطنيها المتحركين عبر الحدود وتقدم تقارير دوريه عنهم للدول التي سافروا اليها او الجهات الدولية المعنية بمكافحة الارهاب ستكون بمنئ عن تحريك مسؤوليتها الدولية . والمستفيد في النهاية الدولة التي يقصدها الارهابيون .
3- ان الحقائق المتقدمة ستخفف وتحد من تأثيرات ظاهرة الارهاب والذي يمكن ان نصطلح عليه بالارهاب المتعدد الجنسيات لتعدد جنسيات الدول التي ينتمي اليها الارهابيون .
.
4- اشعار كل دولة بانها مسؤولة دوليا عن اعمال مواطنيها(رعاياها) في الخارج وهذا يحتم عليها ان تبدا بمكافحة الارهاب داخل حدودها الوطنية قبل ان ينتقل خارج الحدود مما يعني ذلك ان الارهاب سوف يضحى ظاهرة محلية قبل ان يسجل كظاهرة دولية . وبذلك ستتوزع مهمة مكافحة الارهاب بشكل عادل بين الدول كلا بحسب ارتباطها بالظاهرة ويمكن ان يكون ذلك بين ثلاث فئات من الدول وهي دول المنشأ التي يأتي منها الإرهابيون وهي متعددة وتتوزع بين قارة اسيا وافريقيا و اوربا في الغالب ودول العبور ومنها تركيا التي يمر بها باتجاه الفئة الثالثة الا وهي دول المقصد والتي هي التي تدفع ثمن الارهاب. ومنها العراق وسوريا. ادناه مخطط يوضح التوزيع الجغرافي لحركة الارهابيون .
ثانيا :- الاسانيد القانونية لتحريك المسؤولية الدولية لدولة مرتكب العمل الارهابي واليات تحريك تلك المسؤولية
ان المعطيات المتقدمة تستدعي منا التحرك باتجاه اقتراح اعداد مشروع قرار دولي لتحريك المسؤولية الدولية لدولة حاملي جنسيتها عن الاعمال الارهابية التي يرتكبونها خارج حدودها والذين يصنفون دوليا بالإرهابيين المقاتلين الاجانب نسبة للدولة التي لا يحملون جنسيتها او يقيمون على اراضيها المادة (6/ج) من قرار مجلس الامن الدولي رقم 2178 لسنة 2014 ويقصد بهم الافراد العاديين (غير الرسميين ) يتطلب مقومين الاول تقديم سند قانوني لا ثبات المسؤولية الدولية للدولة على اساس افعال مواطنيها ذات الطابع الارهابي العابر للحدود ،والثاني الية تحريك المسؤولية الدولية امام القضاء الدولي ( محكمة العدل الدولية ) لإدانة الدولة وفرض جزاءات مالية او اي جهة تمارس دور قضائي في ظل وجود عوائق لألية تحريك المسؤولية الدولية امام محكمة العدل الدولية وعليه سنبحث المقومين على النحو الاتي :-
المقوم الاول :- السند القانوني لأثبات المسؤولية الدولية لدولة مرتكب العمل الارهابي
يقوم المشروع القاضي بتحريك المسؤولية الدولية على اساس جنسية مرتكب العمل الارهابي على معيار عالمي يتمثل بالجنسية كونها الاداة التي تحدد بواسطتها الدول من هم رعاياها وليس من بديل عنها لذا كان لكل دولة في العالم قانون ينظم تشريعيا احكام الجنسية ،وهذه الاداة لا تنهار اذا ما غير الشخص الذي يحملها محل اقامته او موطنه او تواجده ،فصلته بالدولة وصلة الدولة به باقية مستمرة طالما استمر الشخص حاملا لجنسيتها وهي تحقق حالة العلاقة التبعية والتابع تابع حتى تزول اسباب التبعية .ان هذا المبدأ يرتب حقوق والتزامات متبادلة بين الدولة والشخص الذي يحمل جنسيتها ومن تبعات حمل الشخص لجنسية الدولة ممارسة الاخيرة نوع من سيادتها يصطلح عليه بالسيادة الشخصية التي تمتد مع الاشخاص عبر الحدود وبذلك يكون لها درجة من السيطرة عليه . ويمكن ان نوضح الاسس التي تقوم عليها المسؤولية الدولية وهي :
الاساس القانوني
1- قرار مجلس الامن الدولي رقم 2178 في 24 ايلول 2014
2- السوابق القضائية ومنها قضية لوكربي لعام 1988 وقضية الممرضات البلغاريات لعام 1999 – 2007 .
3- كل دولة بواسطة نظام الجنسية ترسم حدودها البشرية وعليها ان تتحمل المسؤولية عن كل من يدخل ضمن هذه الحدود من افراد وهذه المسؤولية تكون مزدوجة فهي مسؤولة اتجاههم ومسؤولة عنهم امام الدول بدليل ان كل دولة لها حق ان تقرر من يكون من مواطنيها وليس له ان تقرر من هو من مواطني الدول الاخرى لذا كان لكل دولة تشريع ينظم احكام جنسية رعاياها والاجانب الراغبين في اكتساب جنسيتها ومنها التشريع العراقي وهو قانون الجنسية رقم 26 لسنة 2006 النافذ
الاسس الواقعي
لكل شخص نسب عائلي من الناحية الاجتماعية يقابله من الناحية القانونية النسب السياسي والجنسية هي التي تنظم النسب الاخيرة وهو ما يستتبع متابعة الدولة لكل من يحمل جنسيتها في داخل حدودها وخارج هذه الحدود لحمايته من كل ما يضر به من اعمال .
الاساس الاتفاقي
وقد اكدت الاتفاقيات الدولية حق الدولة في رسم حدودها البشرية وهو افراد شعبها بواسطة تشريع الجنسية ومنها اتفاقية لاهاي بشان احكام الجنسية لعام 1930
من الثابت ان الجنسية التي يحملها الشخص هي رابطة تبعية حاملها للدولة المانحة لها و تمتاز هذه الرابطة بصفة الاستمرار من الناحية الزمانية ولا تتأثر بانتقال الشخص خارج الحدود الجغرافية لدولته من الناحية المكانية، وهذا يعني ان يبقى الشخص حامل الجنسية منسوب لدولته وان كان مقيم بصورة دائمة او مؤقته خارج دولة جنسيته فصفة المواطنة لا تهتز انما تستمر ، وتبقى الدولة تمارس عليه نوع من السيادة وهي السيادة الشخصية ،وهذا يعني ان وجود هذا الشخص في وضع سيئ يستدعي تدخل دولته لمساعدته ( الحماية الدبلوماسية ) فيكون لزاما عليها ان تلزم بأعماله التي تسئ لدولة اخرى طالما استمر حاملا لجنسيتها وقت ارتكابه تلك الاعمال بعبارة اخرى تكون الدولة مسؤولة من مواطنيها وعنهم ويبرر ذلك بتوافر سيطرتها القانونية وان ضعفت سيطرتها المادية على مواطنيها خارج حدودها وان لتلك السيطرة والسلطة مظاهر متعددة فتوجيه مواطنيها بعدم السفر لإمكان معينة في العالم واجلاءهم عنها وممارستها الولاية القضائية عليهم ان كانوا في مركز الجاني او المجنى عليهم وغيرها يفترض وجود سيطرتها في حدها الادنى قضية نيكارغوا ضد الولايات المتحدة عام 1986 اعتدت محكمة العدل الدولية فقط بالسيطرة المؤثرة للدولة على اشخاص قاموا بأعمال عسكرية ( وطنيين واجانب ) خارج حدودها حتى تتحقق مسؤوليتها ومقابل ذلك اكتفت محكمة جرائم الحرب في يوغسلافيا بمفهوم السيطرة العامة لتحقق المسؤولية في قضية القائد العسكري ملاتدتيش راتكو في مجاز صربيا عام 1991 . .
وهذا يكشف ان الموقفين القضائيين كحد ادنى يؤكدان على توافر السيطرة والتي هي مظهر من مظاهر السلطة والاخيرة موجبة للمسؤولية ولا يمكن نكرانها للدولة على مواطنيها عبر الحدود كما ان كل فعل او اغفال يعد خرقا لالتزامات الدولة في المحيط الدولي يكون موجب للمسؤولية الدولية المادة (2) من مشروع مواد مسؤولية الدولة عن الاعمال غير المشروعة دوليا فإغفال الدولة لمتابعة مواطنيها عبر الحدود وغياب منظومة بيانات عنهم وتبادلها مع الدول الاخرى ، يثير مسؤوليتها الدولية ابتداء لأنه يمهد الى امر خطير وهو ارتكابهم اعمال ارهابية ضد افراد ودول ، فضلا عن ذلك تظهر التقارير ان الخارطة الجغرافية للارهابيون الاجانب تقوم على اساس جنسيتهم فالإحصائيات تعتمد الجنسية اداة للتوزيع وهي تذكر بشكل غير مباشر خشية الدولة عن الكشف بشكل حقيقي عن بيانات حول مواطنيها الارهابيين لذلك فان الارقام والبيانات لا تكون دقيقة نظرا لاخفاء كثير من الدول البيانات الحقيقية عن مواطنيها ذوي السجل الارهابي او التطرف ،وتظهر التقارير ان هذه الارقام لا تعكس الواقع فالعدد اكثر من ذلك فالمعنيين بمكافحة الارهاب يضعون احصائية تقريبية لاعداد الارهابيين الاجانب تبلغ 25000 الف موزعين على 100 دولة وتصنف بعض الوثائق ان تونس تحتل المرتبة الاولى حيث يبلغ عدد الارهابين القادمين منها 3000 بينما ،تاتي بعدها السعودية 2400 ،وتليها الاردن 1500-2000 ،وبعدها المغرب 1500،وتاتي روسيا بالمرتبة الخامسة 1500 ،وبعدها فرنسا في المرتبة السادسة 1200 ،ثم لبنان 900 في المرتبة السابعة ،وبعدها بريطانيا والمانيا في المترتبتين الثامنة والتاسعة حيث تصدر كل منهم 600 . ادناه الاحصائيات حسب ما ورد من مركز العنف السياسي الكندي .
ان جميع التقارير والوثائق المتوفرة عن موضوع الارهابيين الاجانب تناولت المقاتلين الاجانب افرادا او جماعات بعزل عن الدولة التي ينتقلون منها او يعبرون من خلالها فتذكر ان هناك اشخاص يسافرون الى دول لا يحملون جنسيتها او يقيمون على اراضيها ويحرضون او يقاتلون على اراضي الاخيرة فهذه التقارير تركز على جنسية الارهابيين، و اذا كان لكل ارهابي جنسية فهذا يعني انه منسوب سياسيا ومرتبط قانونيا برابطة معلومة بدولة معينة .فالسؤال الذي يثار هنا ما هي التزامات الدولة اتجاهه من ارتكب اعمال ارهابية من حملة جنسيتها امام المجتمع الدولي ؟ ونذكر انه مثلما يكون للشخص بموجب هذه الرابطة حقوق اتجاه دولته فكذلك يكون عليه واجبات اتجاهها ان هو خالفها ترتب عليه جزاء يوقع من قبلها، والامر يكون اشد ان هو ارتكب من الاعمال( اعمال ارهابية ) ما يعرض السلم والامن الدوليين الى الخطر والذي يكون على الدولة رعايتهما والحفاظ عليهما فان هي قصرت ولم تبذل العناية الواجبة والحيطة الازمة للحيلولة دون ارتكاب مواطنيها اعمال ارهابية خارج حدودها ،فتكون بعدها قد ساهمت في الاخلال بالسلم والامن الدوليين والذي يعد احد اهداف منظمة الامم المتحدة المنصوص عليها في الميثاق . فيفترض هنا ان تتحرك مسؤوليتها الدولية امام المجتمع الدولي .
ان تحريك هذه المسؤولية سيحقق منظومة من الالتزامات على عاتق الدولة وعلى الاخيرة ان ترتب اوضاعها على اساسها . اضافة الى ان مسؤولية مكافحة الإرهاب تقع على عاتق جميع الدول ايا كانت جنسية مرتكبه فيكون من باب اولى ان تتحمل تلك المسؤولية في المقدمة دولة جنسية الإرهابيين ، كما ان قواعد القانون الدولي لا تمنع ان تترتب المسؤولية الدولية عن افعال ضارة يرتكبها مواطني الدولة خارج حدود اراضيها ،بل ان قرار مجلس الامن 2178 يشير الى حث الدول على منع تدفق الارهابين الاجانب وترك امر تحديد وسائل المنع للدولة ، والدولة التي يقع على عاتقها هذا الالتزام في المقدمة هي دولة جنسية الارهابين وكذلك دول اقامتهم فمجلس الامن يفترض ابتداء وجود حد ادنى من السيطرة لدولة الجنسية يقتضي ان تمارسها وحسب هذا الموقف تقصير الدولة في اعتماد وسائل ناجعة للحد من هذا التدفق من خلال هذه السيطرة المفترضة يضعها في دائرة المسؤولية الدولية .
ان الفرضية المطروحة في هذا السياق هي ان تنامي ظاهرة الارهاب ومد جسور من التفاهم بين الارهابيين عن طريق صفحة التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة والترويج للأفكار المتطرفة يكشف عن حقيقية ان كل القرارات السابقة لمجلس الامن لم توتي ثمارها وهو ما يضعنا امام حقيقية ان الاخير وضع حلول نظرية لمشكلة الارهاب، وهو ما يدفعنا الى التحري او الكشف عن حلول عملية تتناسب مع خطورة ظاهرة الارهاب ،فلا احد ينكر اليوم ان الارهاب يحصل بوسائل اكثر تقدما واعداد الارهابيين في تزايد فالعلاج الذي وضعه المجتمع الدولي وعن طريق مجلس الامن لم يحقق للعالم الشفاء من هذا الداء العالمي المستشري ،بعد ان نعلم ان الدول التي يأتي منها الارهابيون تزداد يوما بعد يوم لتشمل دول اوربا واستراليا وامريكا بعد ان كانت محصورة بين اسيا وأفريقيا فعدد الارهابيين في تزايد ويقدر بنسبة 71% بين منتصف عام 2014 واذار من عام 2015 ودول المنشاء والمعبر في تزايد في حين دول المقصد تكاد تنحصر في سوريا والعراق وليبيا وتوصف بانها ذات الخطر الاشد في حين السعودية ومصر والاردن ذات الخطر المتوسط وبالمقابل نجد المغرب ينخفض عنده خطر الارهاب ، ان هذه التصنيفات حقيقية ونؤيد ان الدول التي ياتي منها الارهابين تضيق عندها المخاطر في حين تتسع عند دول المقصد وهذا يعني ان الدول الاخيرة تدفع ثمن اعمال يرتكبها مواطني دول اخرى فالعدالة تقتضي ان نقف عند هذا التحليل لنشخص الدول المسؤولية عن تنامي ظاهرة الارهاب بشكل مباشر او غير مباشر ان هذه الحقيقية تتقاطع مع معطيات تقرير فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات في الوثيقة S/2015/358 Distr: General 19/May/2015 والذي يذكر ” وفي الاجلين المتوسط والطويل ( واحيانا في الوقت الحالي ) يشكل المقاتلون الاجانب خطرا على بلدانهم الاصلية او على بلدان ثالثة ……”
مقابل ما تقدم توجد حقيقة مفادها ان اهمال الدول في مراقبة حدودها وعدم امتلاكها قاعدة بيانات دقيقة عن مواطنيها المقيمين خارج حدودها والذين انقطع اتصالهم بالدولة وعودتهم لأراضيها اضافة الى الأيديولوجيات التي تشجع حالة التطرف في الموقف الديني والسياسي وضعف متابعة منظومتها التشريعية وبما يحقق حالة التسامح والحوار بين جميع مكوناتها الوطنية والمكونات خارج حدودها الوطنية ثقافيا وانسانيا كل ذلك يوفر بيئة ينشط فيها افراد تصبح لديهم حالة العنف اسلوب في الحياة واول المتأثرين يكونوا الوطنيين لانهم يشكلون شعب الدولة ، فدولة الجنسية ستكون مسؤولة عن حالة الاهمال في كل ما تقدم وفي اتخاذ ما يلزم لمنع وقمع الممارسات التي تقوم على اساس التمييز في الجنس والدين والمذهب والاصل بإيقاع الجزاء على من يرتكب هذه الممارسات داخل حدودها الاقليمية وان هي لم تقم بذلك ستستمر مسؤوليتها في حال انتقال من يحمل تلك الممارسات خارج حدودها اي انها لا تعفى من المسؤولية في ظل تغيير مواطنيها محل اقامتهم ،او ان تقوم بسحب او اسقاط جنسيتها عن مواطنيها بعد ارتكابهم الاعمال الإرهابية اة قبل ارتكابهم وهي تعلم انهم يشكلون خطر مستقبلي ،لذا يجب على الدولة ان تشيع ثقافة وحدة التعامل مع الجميع وعلى نحو متساوي في الجوانب الانسانية وليكون سلوكها في المحصلة متفق مع ما اكدت عليه المواثيق الدولية المادة (2) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 .
المقوم الثاني :- اليات تحريك المسؤولية الدولية لدولة جنسية مرتكب العمل الارهابي
من اجل اشعار كل دولة بأهمية الحفاظ على السلم والامن الدوليين لابد من التذكير بان مسؤوليتها الدولية تنهض في ظل عدم مراعاة ذلك ان هذا يضعنا امام حقيقة وهي وجود حاجة دولية لآلية ترسم ترتيب تلك المسؤولية وعلى اساس جنسية مرتكب العمل الارهابي ونطرح ثلاثة خيارات لأليات تحريك المسؤولية الدولية للدولة و لكل خيار تحديات وعلى النحو الاتي :-
الاول :- اللجوء الى محكمة العدل الدولية وهو ما يصطدم باشتراط رضى الدولة المسؤولية (دولة الجنسية ) استنادا للولاية الاجبارية للمحكمة وهو امر في غاية الصعوبة فعدم قبول الاخيرة معناه تصدع الاختصاص القضائي للمحكمة ابتداء .
ثانيا :- انشاء محاكم تحكيم بين الدول المدعية والمسؤولية عن ارتكاب مواطنيها لأعمال ارهابية وهذا الخيار يواجه التحدي نفسه في الخيار الاول لان بإمكان الدولة المسؤولة ان لا توافق على تشكيل هذه المحاكم .
ثالثا:- استصدار قرار دولي من مجلس الامن بموجب الفصل السابع يتضمن في احد بنوده تشكيل لجنة تمنح صلاحيات قضائية تتابع طلبات الدول المتضررة المدعية اتجاه الدول التي ارتكب مواطنيها اعمال ارهابية على اراضي الدول الاولى . ان هذا الخيار سيذلل الصعوبات التي تواجهها الدولة المدعية امام محكمة العدل الدولية ويسهل الاجراءات لجلب الدولة المسؤولة.
ان العدالة تقضي بالحل الاخير وفي هذا الاطار يقول القاضي (Hackworth) في رائيه المخالف الملحق بالرائ الاستشاري الذي اصدرته محكمة العدل الدولية في 11 ابريل سنة 1949 بخصوص التعويض عن الاضرار في خدمة الامم المتحدة ( ان الطلب الذي تتقدم به دولة ضد اخرى بسبب الضرر الذي اصاب مواطن الدولة المدعية يتاسس على نظرية ان الدولة قد اصابها ضرر من خلال الضرر الذي لحق مواطنها وعدالة هذه النظرية التي تقرر ان يقابل خضوع المواطن للدولة حماية الدولة له )
نستخلص من خلال ما تقدم ان مشروع القرار سيضمن تحقيق العدالة في توزيع الجهد والتكاليف في مكافحة الارهاب بين جميع الدول فضلا عن ان القرار سيضمن للدول المتضررة ومنها العراق حق المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي ترتبت بفعل الاعمال الارهابية التي ارتكبها مواطني الدول الاجنبية والعربية على الاراضي العراقية . علما ان تحريك مسؤولية الدولة عن الاعمال الارهابية لوطنيهم لم تنظم تشريعيا لا بقرار او اتفاقية مما يجعل هذا الوضع يشكل منطقة فراغ قانوني من خلاله يعبر الارهابين غير العراقيين الى العراق بدون مسائلة لدولهم ومن خلاله تتحايل الدول في الحال والمستقبل لتسهيل سفر من تراه خطرا على مصالحها ولا تبالي عن ما يحصل في العراق من جراء هذه الاعمال فمشروع القرار الذي نقترحه والذي يقرر المسؤولية الدولية لدولة مرتكب العمل الارهابي والزامها بأثار تلك المسؤولية والمتمثلة بالتعويضيات اتجاه العراق سيقطع الطريق اما هذا التحايل بملئه ذلك الفراغ .
وبناء على كل ما تقدم نقترح الجهات المعنية بمكافحة الارهاب والاجهزة التنفيذية ووزارة الخارجية العراقية التحرك سريعا بهذا الاتجاه .
اترك تعليقاً