الملخص
تأتي أهمية هذه الدراسة والهدف منها بأنها محاولة بحثية منهجية لتتبع ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وتصنيفها القانوني على أنها جرائم حرب، وخاصة ما ارتكبته إسرائيل خلال اجتياحها لمخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس عام 2002، كذلك لتسلط الضوء القانوني على مبادئ وقواعد القانون الدولي للمساءلة الجنائية الشخصية عن ارتكاب جرائم الحرب.
بداية لقد صاحب المسؤولية الدولية تطورات كبيرة أثرت على طبيعتها القانونية وأساس نشأتها والشروط اللازمة لقيامها وصولاً إلى نتائجها والآثار المترتبة عليها.
—
ولعل ما حدث خلال الحربين العالميتين من انتهاكات صارخة للقيم والمبادئ الإنسانية، أظهر أن الفرد ببعض تصرفاته غير المشروعة كانتهاك قوانين الحرب وعاداتها وارتكاب الجرائم الدولية الأخرى يشكل تهديداً للسلم والأمن الدولي وهذا ما أظهر على الوجود مبدأ المسؤولية الجنائية الشخصية الذي أقر فيما بعد، وتم ترجمته من خلال مساءلة العديد من مرتكبي جرائم الحرب في أعقاب الحرب العالمية الأولى والثانية،
حيث لهذا الغرض شكلت العديد من المحاكمات منها ليبزج ومحكمة نورمبرنج العسكرية ومحكمة طوكيو العسكرية ومحكمتا يوغسلافيا ورواندا…
وما قامت به سلطات الاحتلال الإسرائيلي في شهر نيسان عام 2002 خلال اجتياحها لمخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس من ممارسات لا قانونية ينطبق عليها وصف جرائم الحرب، حيث تمثلت هذه الجرائم بالاعتداء على الحق في الحياة والسلامة البدنية والأمن الشخصي من استهداف للمدنيين الفلسطينيين واعدامات خارج نطاق القانون، واستخدام المدنيين الفلسطينيين دروعاً بشرية، واستهداف الطواقم الطبية والمستشفيات ومنع نقل جثث القتلى والجرحى ومعاملة المدنيين معاملة قاسية وحاطة بالكرامة وغير ذلك من الجرائم.
والمطلع في أحكام القانون الدولي الجنائي يلاحظ أن هناك العديد من الآليات القانونية لإمكانية محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيلية كاصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يقضي بإنشاء محكمة خاصة لمجرمي الحرب الإسرائيليين، وامكانية محاكمتهم عبر المحاكم الوطنية للدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة وغير ذلك من الآليات.
ولمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين عندما تتاح الفرصة الدولية لذلك لا بد من قيام وزارة العدل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني المختصة بالعمل على توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني لاستخدامها كدليل إدانة للمسؤولين عن هذه الجرائم،
ولا يجوز بأي حال المساس بحق المحاكمة عند استئناف المفاوضات السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في المستقبل حتى لا يكون هناك تضحية بالعدالة على مذبح المصالح السياسية.
اترك تعليقاً