1) تعريف البيع بشرط الخيار وأصله الشرعي:
خيار الشرط هو أن يشترط أحد العاقدين أو كلاهما أن يكون له أو لشخص أجنبي خيار فسخ العقد أو امضائه خلال المدة المقررة لذلك.
والأصل الشرعي في جوازه هو ما روي من ان رجً وكان ضعيف الادراك قد ذكر للرسول’ أنه يخدع في البيوع فقال له الرسول’ (إذا بايعت فقل لا خلابة ـ اي لا خداع ـ ولي الخيار ثلاثة أيام)(1).
أن فقهاء الشريعة وإن كانوا على اتفاق حول صحة اشتراط الخيار لمصلحة الطرفين المتعاقدين. إلا أنهم على خلاف حول جواز اشتراطه للغير. وبالراي الذي يجيزه أخذ المشرع العراقي (509م).
2) العقود التي تجري فيها الخيار:
يذهب فقهاء الشريعة الاسلامية غلى أن العقود التي يصح فيها خيار الشرط هي العقود اللازمة من طرف واحد أو طرفين والتي يجوز فيها الفسخ كالبيع والايجار والمزارعة والكفالة وغيرها.
أما العقود غير اللازمة كالوديعة والعارية فلا معنى لاشتراط الخيار فيها، لأن بالإمكان الرجوع عنها من دون حاجة إلى اشتراط الخيار فيها. كما أن خيار الشرط لا يجري في العقود اللازمة التي لا تحتمل الفسخ كالزواج واليمين والنذر والخلع بلا مال، لأن استعمال الخيار يعني الفسخ وهذه العقود غير قابلة للفسخ شرعاً.
3) آثار الخيار:
اختلف فقهاء الشريعة الاسلامية في الآثار التي تترتب على اشتراط الخيار فذهب بعضهم إلى أن المبيع لا يخرج من ملك البائع خلال مدة الخيار ولا يجوز للمشتري المطالبة به، كما تمتنع على البائع المطالبة بالثمن خلال المدة المذكورة. ويذهب فريق آخر منهم إلى أن الشرط لا يوقف انتقال ملكية البدلين. فملكية المبيع تنتقل إلى البائع سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري أو للغير، ويذهب فريق ثالث من فقهاء الشريعة إلى انتقال ملكية البدلين بمجرد انعقاد العقد، إلا أنه إذا استعمل من اشترط الخيار حقه في فسخ العقد، عادت ملكية كل من البدلين إلى صاحبه من يوم تحقق الشرط لا من وقت انعقاد العقد. والرأي الأخير يتق مع حكم المادة 509 من القانون المدني العراقي التي تقرر أن شرط الخيار لا يحول دون انتقال الملكية إلى المشتري، سواء كان الخيار مشترطاً لأحد الطرفين أو لكلاهما أو لأجنبي. ويلاحظ أن العقد ينفسخ إذا استعمل الخيار من قبل من اشترط له إلا أن البيع يصبح لازماً إذا مضت المدة دون استعمال خيار الشرط.
وغذا اشترط أحد المتعاقدين الخيار للغير، فإن هذا الحق يثبت له وللغير، لان الغير يعتبر وكيلاً عنه في الخيار وللموكل، كما هو معلوم ان يقوم بالعمل الذي قد وكل به أحدا. ففي الحالة الأخيرة إذا اجاز أحدهما العقد وفسخه الآخر فالعبرة تكون إلى السابق منهما، سواء صدر الفسخ أو الاجازة من الأصيل أو الوكيل. ويترتب على ذلك أنه إذا كان فسخ الغير هو السابق فلا عبرة بإجازة الأصيل بعد ذلك، وإن كان فسخ الأصيل هو السابق ف عبرة بإجازة الغير، أما إذا أجاز أحدهما وفسخ الآخر في زمن واحد أو إذا أجاز أحدهما وفسخ الآخر دون أن يعلم السابق منهما، رجع جانب الفسخ لأن الخيار إنما وضع للفسخ لا للإجازة(2).
وإذا شرط الخيار للبائع والمشتري معاً فأيهما فسخ أثناء المدة انفسخ البيع. وإذا أجاز أحدهما العقد سقط خياره وبقى الخيار للطرف الآخر إلى انتهاء المدة. ويشترط فقهاء الشريعة الاسلامية للخيار مدة معلومة وإلا فسد العقد إلا انهم على خلاف حول مدة الخيار. فالبعض منهم يذهب إلى وجوب عدم تجاوزها ثلاثة أيام وذلك نظراً لما جاء في الحديث النبوي الشريف وذهب آخرون منهم إلى تويع مدة الخيار بحسب المبيع. فإذا كان المبيع عقاراً جاز أن تمتد مدة الخيار إلى مدة تتراوح بين ستة وثلاثين وثمانية وثلاثين يوماً وإذا كان المبيع من عروض التجارة أو الدواب الغير المعدة للنقل او الركوب فمدة الخيار تتراوح بين ثلاثة أو خمسة أيام. ويذهب فريق ثالث منهم إلى اجازة الشرط حتى ولو زادت مدته عن ثلاثة أيام(3). والرأي الأخير يتفق مع حكم المادة 509 من القانون المدني العراقي التي تقرر صحة البيع بشرط الخيار لمدة معلومة. ولا يشترط شكل معين للإجازة أو الفسخ. إذ يجوز وقوعها بالقول أو بالفعل فمثلاً إذا كان الخيار للمشتري أو تصرف في المبيع كالمالك بالبيع أو الهبة فيعتبر تصرفه اجازة فعلية. وكذلك الحكم فيما لو كان الخيار للبائع وتصرف في المبيع تصرفاً يدل على عدم الرضا. كما لو عرضه للبيع ثانية او أجرة إذ أن عمل البائع هذا يدل على فسخ البيع. وتنص المادة 513 من القانون المدين على أنه (في جميع حالات الخيار إذا تلف المبيع في يد المشتري قبل الفسخ هلك من ماله ولزمه الثمن المسمى)
إن الحكم أعلاه ما هو إلا نتيجة طبيعية لحكم المادة 509 سالفة الذكر والتي تقرر انتقال ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد انعقاد العقد ورغم وجود الخيار. فما دام أن الملكية قد انتقلت إلى المشتري من وقت ابرام العقد فيجب ، رغم وجود الخيار، أن تكون تبعة الهلاك عيه إذا هل المبيع في يده قبل الفسخ.
4) مسقطات خيار الشرط: يسقط خيرا الشرط في الحالات التالية:
أـ الاجازة: فإن أجيز العقد خلال المدة المعينة فيه سقط الخيار وإن فسخ انفسخ العقد فخيار الشرط إذن يسقط بإجازة من اشترط له الخيار خلال مدته.
ب ـ مضي المدة: علمنا بنه ينبغي تحديد مدة معلومة في العقد للخيار فإذا مرت المدة المذكورة دون أن يفسخ من اشترط له الخيار، لزم العقد وسقطن سواء كان عدم الاستعمال لعذر كالمرض أو الجنون أو بدونه (4) (511م مدني).
جـ ـ موت من له الخيار: شرط الخيار لا ينتقل بالإرث. ويترتب على ذلك أنه إذا كان الخيار للبائع ومات قبل فوات مدته ودون أن يفسخ أو يجيز العقد. ملك المشتري المبيع، وإذا كان الخيار للمشتري ومات خلال مدته وقبل أن يفسخ العقد أو يجيزه ملكه وارثه بلا خيار. (512م مدني). إن أحكام القانون المدني العراقي أعلاه بشأن (البيع بشرط الخيار) تعتبر من قبيل القواعد المفسرة أو المكملة لا زادة الطرفين المتعاقدين، لذلك يجوز الاتفاق على ما يخالفها(5). كما يلاحظ على هذه الأحكام أنها مقتبسة ممن فقه الشريعة الاسلامية ولا نظير لها في القوانين المدنية. وهي في مجموعها تكرار للقواعد التي نص عليها المشرع بشأن الشروط التي يمكن أن تقترن بالعقود، بخاصة القواعد الخاصة بالشرط الفاسخ، ولذلك كان الأولى بالمشرع العراقي الاكتفاء بما نص عليه من قواعد عامة في هذا الصدد منعاً من التكرار الذي لا مبرر له(6).
__________________
1- الجزيري ج2 ص174.
2- الجزيري ج2 ص177 وما بعدها.
3- الجزيري ج2 ص 177.
4- القاضي ج1 ص291.
5- الصراف ص51.
6- غني حسون طه ص 132. الصراف ص 51 ذونون ص 45 العامري ص61.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً