موقف القانون العراقي من تحديد النطاق المكاني لسريان الضريبة
المؤلف : قيصر يحيى جعفر الربيعي
الكتاب أو المصدر : السلطة التقديرية للإدارة في فرض ضريبة الدخل القانون العراقي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اخذ المشرع الضريبي العراقي … ولكن بدرجات متفاوتة اذ اخذ بالاقامة بصورة رئيسة واخذ بالجنسية بصورة غير مباشرة اما التبعية الاقتصادية فقد اخذ بها كاجراء احترازي وسنبين موقف المشرع هذا بالايجاز الاتي :
اولاً : اخذ المشرع الضريبي العراقي بمبدأ الاقامة وفق التفصيل الاتي :
أ- اقامة الشخص الطبيعي : فرق قانون ضريبة الدخل النافذ في الاقامة بين العراقي والعربي والاجنبي ، وكما يلي :
1- بالنسبة للعراقي : فانه يعد مقيماً في العراق في الاحوال آلاتية :
(1) اذا سكن العراق مدة لا تقل عن اربعة اشهر خلال السنة التي نجم فيها الدخل (1).
(2) اذا لم يسكن العراق المدة المقررة اعلاه ولكن تغيبه عن العراق كان مؤقتاً وكان له موطن دائم فيه ومحل عمل رئيس فيه (2).
ويتحدد الموطن الدائم للعراقي بالارض العراقية التي تشغل بالسكن والعمل لان السكن يؤكد نية البقاء اما العمل فيؤكد نية الكسب والارتزاق (3).
(3) الساكن خارج العراق من منتسبي دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي والمتقاعدين او من اعارت الحكومة خدماته الى شخص معنوي خارج العراق اذا كان معفياً من الضريبة في محل عمله (4).
2- بالنسبة للعربي : اعتبر المشرع العراقي ، رعايا الاقطار العربية العاملين في العراق مقيمين فيه مهما كانت مدة سكناهم فيه (5).
3- الاجنبي :– اذ اعتبرت الفقرة 10/د من المادة الاولى من قانون ضريبة الدخل الاجنبي مقيماً في العراق في الحالات التالية :
(1) اذا سكن العراق مدة لا تقل عن اربعة اشهر متصلة او ستة اشهر منفصلة خلال السنة التي نجم فيها الدخل .
(2) اذا كان مستخدماً لدى شخص معنوي في العراق .
(3) اذا كان من ذوي الاختصاص الفني وقد استخدم في مشروع صناعي مشمول بقانون تنمية وتنظيم الاستثمار الصناعي (6).
ب- اقامة الشخص المعنوي : كان المشرع العراقي يعد الشخص المعنوي مقيماً في العراق في الحالات الاتية :
1- اذا تأسس بموجب القوانين العراقية وبذلك يكون قد اخذ بمعيار محل التأسيس .
2- اذا لم يتأسس بموجب القوانين العراقية ولكن كان له محل عمل او ادارة او مراقبة في العراق(7). الا انه بصدور امر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 49 لسنة 2004 اصبحت الشركات الاجنبية تعد مقيمة في العراق اذا تأسست بموجب القوانين العراقية بذلك يكون هذا الامر قد اكتفى بمعيار محل التأسيس دون غيره (8).
ثانياً : اخذ المشرع العراقي بمبدأ التبعية السياسية ( الجنسية ) وفق الاتي :
أ- بالنسبة للشخص الطبيعي :
في هذا الصدد اخذ المشرع العراقي بالجنسية بصورة غير مباشرة وذلك عندما فرق بين العراقي ( حامل الجنسية العراقية ) وغير العراقي ( من لا يحمل الجنسية العراقية ) في احتساب مدة الاقامة .
ب- بالنسبة للشخص المعنوي :
لاشك في ان هناك تشابهاً في المعايير المعتمدة في تحديد الجنسية والاقامة وقد اخذ المشرع الضريبي العراقي بمعيار محل التأسيس في تحديد محل اقامة الشخص المعنوي بصورة اساسية وهو نفس المعيار الذي تبناه قانون الشركات النافذ في تحديد جنسية الشركة . بذلك يمكن القول ان الشركة التي تحمل الجنسية العراقية تعتبر دائماً مقيمة في العراق .
ثالثاً : اخذ المشرع العراقي بمبدأ التبعية الاقتصادية كمعيار أساسي لاخضاع الارباح المتحققة في العراق والتي لا تخضع للضريبة استناداً الى المبادئ الاخرى. فقد نصت الفقرة (2) من المادة (5) من قانون ضريبة الدخل النافذ على ان ” تفرض الضريبة على دخل غير المقيم الناجم في العراق وان لم يتسلمه فيه ” كما ان الفقرة الثالثة من المادة نفسها اشارت الى عدم خضوع الدخل الناجم خارج العراق للاشخاص غير العراقيين المقيمين في العراق للضريبة . هذا ويكون دخل المكلف خاضع للتقدير اذا نجم له في العراق باسم ممثله الذي ينبغي ان يكون مفوضاً وقائماً باعمال وكالة منتظمة من قبل الشخص غير المقيم(9).
اخذت محكمة التمييز بهذا المبدأ في كثير من احكامها ففي حكم لها قررت تأييد اجراء السلطة المالية بفرض الضريبة على احدى الشركات غير المقيمة في العراق وذلك لانها مارست عملاً تجارياً فيه وان لها وكيلاً في العراق بدليل ان انعقاد العقد يتم بمجرد ارتباط قبول المشتري بايجاب الشركة غير المقيمة او ايجاب من يمثلها في العراق وكل ذلك يدل على ان الشركة قد قامت باعمال تجارية في العراق مما يستوجب اخضاعها للضريبة استناداً الى مبدأ الاقليمية(10).
اما بخصوص المعيار المعتمد في تحديد الاقليمية فانه ينبغي التمييز بين الشركات الاجنبية وبين غيرها من الاشخاص وكالاتي :
أ – بالنسبة لغير الشركات الاجنبية :– فقد اجازت الفقرة (7) من المادة (21) من قانون ضريبة الدخل النافذ للسلطة المالية التفريق بين المتاجرة في العراق والمتاجرة مع العراق .
وعلى هذا الاساس اصدرت السلطة المالية تعليمات كثيرة وكان اخرها التعليمات رقم (4) لسنة 1993(11). والتي لم تضع أي معيار حاسم للتمييز بين المتاجرة في العراق والمتاجرة مع العراق . فقد نص البند اولاً منها على ان ” العقود الموقعة بين الجهات العراقية …. وبين الجهات العربية والاجنبية المنفذة لتلك العقود تعامل بالنسبة لضريبة الدخل كما يلي :
1- لا تخضع المبالغ المدفوعة عن عقود التجهيز لضريبة الدخل لكونها متاجرة مع العراق ما لم يكن للمجهز محل عمل او ادارة او مراقبة في العراق.
2- عقود التجهيز المتضمنة اعمالاً تكميلية كالقيام بالنصب والاشراف عليه او الصيانة او الهندسة . اذ تخضع المبالغ المدفوعة عنها للضريبة متى ما كان التجهيز قد تم باسم الجهة العراقية وتمت متطلباته باسمها اما اذا تم التجهيز باسم الجهة غير العراقية وان متطلباته قد تمت باسمها فان العملية تعتبر متاجرة في العراق .
3- تخضع عقود تقديم الخبرة والخدمات لضريبة الدخل اذا كانت تنص على تقديم الخبرة داخل العراق .
ب- بالنسبة للشركات الاجنبية : فبصدور امر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 49 لسنة 2004 اصبحت الشركات الاجنبية تخضع للضريبة في العراق استناداً الى معيار المؤسسة المستقرة او الدائمة (12).
_________________________
1- انظر الفقرة 10/أ من المادة الاولى من قانون ضريبة الدخل النافذ .
2- والموطن الدائم كما عرفته المادتان 43 ، 44 من القانون المدني هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بصفة دائمة او مؤقتة ويجوز للشخص ان يتخذ موطن مختار لتنفيذ عمل قانوني معين .
3- انظر د. مدحت عباس امين – المصدر السابق – ص6 .
4- انظر الفقرة 10/ب من المادة (1) من قانون ضريبة الدخل النافذ .
5- انظر الفقرة 10/ ج من المادة الاولى من قانون ضريبة الدخل النافذ .
6- يترتب على التفرقة بين المقيم وغير المقيم بالنسبة للافراد ما يلي :
1- خضوع المقيم للضريبة عن جميع مدخولاته المتحققة في داخل وخارج العراق اما غير المقيم فانه يخضع للضريبة عن مدخولاته المتحققة في العراق فقط .
2- يمنح المقيم ” و يشمل غير المقيم الذي تقيم عائلته معه في العراق ” ، السماحات القانونية اما غير المقيم فهو لا يتمتع بتلك السماحات .
لمزيد من النفصيل انظر السيد علي هادي عطية – فرض الضريبة على ارباح غير المقيم التجارية في قانون ضريبة الدخل – بحث منشور في المجلة الخاصة بالمؤتمر العلمي الضريبي الاول للسنة 2001 – ج1- ص114 .
7- ويترتب على هذا التمييز بالنسبة للاشخاص المعنوية اثر واحد يتحدد في ان الشخص المعنوي المقيم ( العراقي ) يخضع للضريبة عن مدخولاته المتحققة داخل وخارج العراق اما غير المقيم فلا تخضع للضريبة سوى مدخولاته المتحققة في العراق . لمزيد من التفصيل انظر د. طاهر الجنابي – علم المالية العامة والتشريع المالي – مصدر سابق – ص193 .
8- انظر الشطر الاول من الفقرة ( 3 ) من القسم الثالث من امر سلطة الائتلاف المؤقتة اعلاه
9- انظر الفقرة (4) من المادة (21) من قانون ضريبة الدخل النافذ .
10- حميد علاوي حسب – الاقليمية كمعيار للخضوع للضريبة – دراسة مقارنة – بحث دبلوم – كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد – 1990 – ص35 .
11- منشورة في الوقائع العراقية – العدد 3481 في 25/10/1993 وقد الغت هذه التعليمات التعليمات رقم (2) لسنة 1982 المنشورة في الوقائع العراقية – العدد 2887 في 7/6/1982 .
12- فقد نصت الفقرة الثالثة من القسم الثالث من الامر اعلاه على ان ” تخضع الشركات الاجنبية المسجلة في العراق او تلك التي لها مؤسسة دائمة في العراق لضريبة على دخلها في العراق تكون ثابتة بنسبة 15% ” .
اترك تعليقاً