في البدء لابد من الاشارة الى ان المسألة التي نحن بصدد مناقشتها لا تظهر بالنسيبة لعقد الإيجار الذي يكون محليه العقارات المشمولة بأحكام القانون المدني كالمحال التجارية والصناعية والعقارات السكنية المستثناة من أحكام قانون إيجار العقار رقم (87) لسنة 1979 ولكنها تبدو في حالية الامتداد القانوني لعقد إيجار العقار السكني المشمول بأحكام قانون أيجار العقار النافذ . فموجب القانون المدني يكون لولي القاصر أو وصيه أو القيم عليه إبيرم عقد الإيجار على اعتباره مين عقود الإدارة وحددت المادة (105) من القانون المدني ميعادا ينتهي عقد الإيجار بانتهائه حيث نصت على انه: (1-عقود الإدارة الصادرة من الوصي في مال الصغير تكون صحيحة نافذة ولو كانت بغبن يسير ويعتبر من عقود الإدارة بوجه خاص الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات وأعمال الحفظ والصانة واسيتفاء الحقوق ل وايفاء الديون وبيع المحصولات الزراعية وبيع المنقول الذي يسرع إليه التلف والنفقة على الصغير وزاد قانون رعاية القاصرين على ذلك وأضاف قيدا أخير إذ اشترط لصحة عقد الإيجار موافقة دائرة رعاية القاصرين عن هذا التأجير حيث ورد بالمادة (43) ما نصيه لا يجوز للولي أو الوصي أو القيم مباشرة التصرفات الاتية إلا بموافقة مديرية رعاية القاصرين المختصة بعيد التحقيق من مصلحة القاصر في ذلك ….. خامسا إيجار العقارات لأكثر من سنة واحدة وللأرضي الزراعة لأكثر مين ثلاث سنوات على أن لا تمتد مدة الإيجار في أي من الحالتين إلى ما بعد بلوغ الصغير سن الرشد .
فمن خلال هذه النصوص يتبين انه ليس للولي أو الوصي أو القيم إبرام عقد إيجار القاصر إلا بموافقة مديرية رعاية القاصرين المختصة ولمدة لا تزيد عن سنة في العقارات بأنواعها وأجناسها المختلفة وثلاث سنوات في الأراضي الزراعية وعلى أن لا تمتد مدة التأجير وان قلت عن المدد أعلاه إلى ما بعيد بلوغ القاصر سن الرشيد ،والغاية من عدم امتداد مدة عقد الإيجار مهما قلت إلى ما بعد بلوغ القاصر سن الرشيد كي لا يقيد المكلف بإدارة أموال القاصر بعقد إيجار يمتد إلى ما بعيد بلوغه سن الرشيد فقد يرتأى بعد بلوغه هذه السن إبرام عقد إيجار بصيغة مختلفة عن طريقة تأجير الولي أو الوصي . (1)
وهذا الأمر على جانب وعلى جانب اخر فان موضوع عقد التأجير إذا كان المأجور عقارات سكنيا فان هذا العقد وفقا لقانون إيجار العقار رقم 87لسنة 1978 يكون خاضعا للامتداد القانوني بحسب المادة الثالثة منه (2) علما أن العقارات السكنية المملوكة للقاصرين لم تكن مستثناة من أحكام القانون المذكور كما فعل واستثنى عدة فئات عقارية (3) بما يعني الأخذ بالإطلاق الوارد في هذا القانون وخضوع عقد إيجار القاصر للامتداد القانوني .
والتساؤل الذي يطر نفسه أي من الحكمين يكون واجب التطبيق ؟ وبعبارة أخرى هل يمتد عقد الإيجار الذي يعقده الولي أو الوصي أو القيم بحكم المادة الثالثة من قانون إيجار العقار أم يكون عقد تأجير عقار القاصر نافذا للمدة التي حددتها المادة (43) ( من قانون رعاية القاصرين . إن الذي نرجحه هو اعتبار عقد إيجار العقارات المملوكة للقاصرين خاضع لأحكام قانون إيجار العقار إلا انه مستثنى من حكم الامتداد القانوني بموجب الفقرة الخامسة من المادة الثالثة والأربعين من قانون رعاية القاصرين والسبب الذي حملنا على ترجيح سريان أحكام قانون رعاية القاصرين على قانون إيجار العقار أمران :
.1 تطبيق قواعد سريان القانون من حيث الزمان فبما إننا أمام تشريعين الأول هو قانون إيجار العقار النافذ في سنة 1979 في حين أن قانون رعاية القاصرين كان نافذا لسنة 1980 وبموجب قواعد حل تنازع القوانين من حيث الزمان فان اللاحق منهما ينسخ بحكمه السابق ومن ثم فان يكون الحكم لقانون رعاية القاصرين، وهذا هو الضابط العام في تحديد القانون الواجب التطبيق .
.2 استنادا إلى قاعدة أن الخاص يقد العام وبما أن كلا من القانونين من القوانين الخاصة مع ذلك فان قانون رعاية القاصرين هو أكثر خصوصية من النص الذي جاء به قانون إيجار العقار فما جاء قانون رعاية القاصرين خاص بفئة معينة من ملاك العقارات المستأجرة لأغراض السكنى .
بقي أن نقف عند افتراض أخر فيما لو ابرم عقد إيجار لمدة تزيد على السنة في العقارات وثلاث سنوات في الأراضي الزراعية أو اقل من ذلك ولكنه امتد لما بعد بلوغ القاصر سن الرشد فهل يكون عقد الإيجار صحيحا ابتداء ؟ وللاجابة عن هذا التساؤل ينبغي التفريق بين عقد الإيجار الذي تمتد مدته إلى ما بعد بلوغ القاصر سن الرشد وبين العقد الذي تزيد مدته عما حدده قانون رعاية القاصرين فبالنسبة للعقد الأخير فيفترض بان عقيد الإيجار الذي تزيد مدته عما حدده القانون المذكورأن يعتبر باطلا ابتدءا ولكن وفقا لنظرية انتقاص العقد (4) فان هذا العقد يعتبر صحيحا للمدة التي حددها قانون رعاية القاصرين أما مازاد عين ذلك فتبطل المدة وحدها ويصح بالباقي كأن يؤجر عقار القاصر السكني لمدة سنتان فان التأجير يقع صحيحا ولكن لمدة سنة واحدة ،
أما الفرض الثاني وهو أن يؤجر عقار القاصر للمدة التي أجازها القانون ولكن تنتهي مدته إلى ما بعد بلوغ القاصر سن الرشد فمثلا يعقد إيجار عقار سكني لمدة سنة عن قاصر يبلغ من عمره سبعة عشيرة سنة ونصف وقت ابتداء عقد الإيجار ، إن هذا العقد لا يكون نافذا إلا لمدة ستة أشهر أما المدة الزائدة عند بلوغه سن الرشد فما مصيرها ؟ هذا الفرض يختلف عن سابقه فعقد الإيجار هنا يكون صحيحا ابتداء ولكنه يكون موقوفا بالنسبة للمدة التي تمتد لما بعد بلوغ القاصر المؤجر سن الرشد فان أجازها نفذ العقد لغاية انتهاء مدته و إن رفض ينقض عقد الإيجار للمدة التي أعقبت بلوغه سن الرشد ، وأخيرا وفي هذا المقام نقول لا يكون للمستأجر الذي أجاز له القاصر بعد بلوغه سن الرشد إكمال مدة عقد الإيجار أن يتمسك بالامتداد القانوني في قانون إيجار العقار بزعم أن المؤجر قد بلغ سن الرشد لان العبرة بالقانون الذي ابرم عقد إيجار في ظله وهو قانون رعاية القاصرين.
أما في التطبيق القضائي ومن خلال الاطلاع على أحكام القضاء العراقي نجد أن ألأحكام في الدعاوى والمنازعات المتعلقة بعقد ايجار عقار القاصر طبقت أحكام قانون إيجار العقار وأغفلت احكام قانون رعاية القاصرين الخاصة بتحديد المواعيد النهائية لنفاذ عقود الإيجار الواردة على عقار القاصر، إذ اعمل فيها حكم الامتداد القانوني في قانون إيجار العقار بصرف النظر عن كون العقار مملوكا للقاصر أوغيره.
_________________
1- عصمت عبد المجيد بكر ، احكام رعاية القاصرين ، المكتبة القانونية ، بغداد ، ط 3،2007،ص96.
2- حيث تنص المادة الثالثة /1 بان ( يمتد عقد الايجار بعد انتهاء مدته مادام المستاجر شاغلا للعقار ومستمر بدفع الاجرة طبقا لاحكام هذا القانون مع مراعاة الفقرة (14) من المادة السابعة عشر منه ).
3- ينظر نص المادة الاولى ونص الفقرة 2 من المادة الثالثة من قانون ايجار العقار .
4- وقد نصت عليها المادة (139) من القانون المدني بانه (اذا كان العقد شق منه باطلا فهذا الشق وحده هو الذي يبطل ، اما الباقي فيظل صحيحا باعتباره عقدا مستقلا الا اذا تبين ان العقد ماكان ليتم الشقق الذي وقع باطلا ).
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً