صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في دول عربية
المؤلف : مهدي حمدي الزهيري
الكتاب أو المصدر : اثرالجريمة التي يرتكبها الموظف العام انهاء علاقتة الوظيفية
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
فقد نص القانون السوري على عقوبتي العزل والطرد ويراد بالاولى في القانون المذكور انهاء خدمة الموظف حكما مع استفادته من تعويض تسريح او معاش تقاعد حسب الاحوال اما الثانية فتعني الحرمان من الوظيفة نهائيا وحرمان الموظف المطرود من جميع الحقوق التي اكتسبها خلال مدة الخدمة.(1) ولا يجوز ان يعود الموظف المعزول إلى احدى الوظائف العامة الا بعد انقضاء مدة سنتين على عزله وبالاستناد إلى قرار يصدر عن لجنة الترفيع بجواز استخدامه.
اما الموظف المطرود فلا يجوز ان يعود باي حال من الاحوال إلى الخدمة في الادارات والمؤسسات ذات الصفة الرسمية في وظيفة دائمة او مؤقتة داخلة في انظمة الموظفين او المستخدمين.(2) اما في المملكة العربية السعودية فهناك صورة واحدة لانهاء العلاقة الوظيفية تاديبيا وهي الفصل حيث يعد اشد العقوبات الانضباطية التي يجوز فرضها على الموظف العام ويترتب على هذه العقوبة عدم جواز التعيين من جديد في الدولة الا بعد مضي خمس سنوات على فرضها كما يحرم من التعويض عن مدة الاجازة المقررة له بما لا يزيد عن (90) يوما عند انهاء علاقته الوظيفية لاسباب غير تاديبية، ومن بين الاثار كذلك تخفيض المكافاة المستحقة للموظف عن مدة خدمته طبقا لنظام التقاعد المدني الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/14 في 29/7/1393هـ.(3) وفي الكويت تضمن قانون الوظائف العامة المدنية الصادر بالمرسوم الاميري رقم 7 لسنة 1960 في المادة (116) منه حصرا للعقوبات الانضباطية التي يجوز فرضها على الموظفين ولم يكن من بينها عقوبة الاحالة على المعاش الا ان الفقرة (9) منها تنص على عقوبة العزل مع حفظ الحق في المعاش التقاعدي او المكافاة او مع الحرمان منها كلية او جزء منها اما موظفي الحلقة الاولى فلا يجوز فرض غير عقوبة اللوم او العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في معاش التقاعد او المكافأة او الحرمان منها كليا او جزء منها وذلك بمقتضى نص المادة (119) من القانون(4) وبذلك لم يجز المشرع الكويتي الحرمان من معاش التقاعد الامر الذي اجازه المشرع المصري في قانون العاملين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 كما اسلفنا ولكنه (أي القانون الكويتي) اجاز الحرمان من المكافأة كليا او جزئيا حيث ان عبارة (او جزء منها) واضحة الدلالة على المكافأة دون الحق في المعاش.
اما قانون الخدمة المدنية رقم 15 لسنة 1979 فقد ذهب فيه المشرع الكويتي إلى ما كان المشرع المصري قد سبقه اليه في قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 بان استحدث عقوبة الاحالة على المعاش بوصفها احدى العقوبات الانضباطية التي يجوز فرضها على الموظف ونص على عقوبة الفصل مجردة من أي وصف وهذا يعني الرجوع إلى الاصل وهو الاحتفاظ بالمعاش والمكافاة وبذلك تستقل عقوبة الاحالة على المعاش عن عقوبة الفصل.(5)
اما شاغلو الوظائف العليا فلا تجوز معاقبتهم بغير عقوبتي الانذار او الفصل من الوظيفة(6). وفي المغرب ينص القانون المغربي على صورتين لانهاء العلاقة الوظيفية هما عقوبة العزل من غير توقيف (حرمان من) حق التقاعد والعزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد.(7) في ليبيا عرف القانون صورتين من صور انهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا هما عقوبة العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش او المكافاة وعقوبة العزل من الوظيفة مع الحرمان من كل او بعض المعاش او المكافاة وذلك مع مراعاة احكام قانون التقاعد.(8) كما قصر القانون الليبي العقوبات الانضباطية التي يمكن فرضها على المعينين بقرار من مجلس الوزراء على اخفها وهي الانذار او اشدها وهي العزل بالصورتين المذكورتين(9) … .(10). وفيما يتعلق بالقضاة فان احكام تاديبهم في المملكة العربية السعودية نظمها نظام القضاء رقم م/64 لسنة 1395هـ وهي احكام تختلف في اجراءاتها والعقوبات التي تفرض بمقتضاها عما هو متبع بالنسبة للموظفين.(11) فالعقوبات التاديبية التي يجوز فرضها على القاضي هي اللوم والاحالة على التقاعد بمقتضى المادة (82) من النظام المذكور(12) علما انه لا يجوز تعيين أي شخص بصفة قاض اذا كان قد صدر بحقه قرار تاديبي بالفصل من وظيفة عامة ولو كان قد رد اليه اعتباره.(13) ويخضع القاضي في المملكة العربية السعودية لقاعدة عدم القابلية للعزل بوصفها احد مظاهر استقلال القضاء ، حيث نصت المادة (2) من نظام القضاء على عدم قابلية القضاة للعزل الا في الحالات الاستثنائية المبينة في النظام وذلك في موازاة عدم جواز نقل القاضي إلى وظيفة اخرى الا برضاه او بسبب ترقيته وفق احكام النظام.(14)
ولا يقصد من وضع هذه القاعدة ان المشمول بها لا يعزل نهائيا مهما كانت الاسباب حتى لو تحقق فساده وعدم صلاحيته للخدمة فذلك ما لا يسيغه عقل سليم او يقره أي نظام اداري في العالم(15) انما المقصود هو عدم جواز ابعاد القاضي من منصبه الا برضاه وفي حدود القانون ما لم يرتكب خطا تاديبيا يستوجب ذلك وفي هذه الحالة لا يجوز ابعاده من الوظيفة الا من خلال مجلس قضائي يشكل بمقتضى قانون وان السلطة القائمة على الاحكام العرفية غير مختصة بهذا العزل.(16)
اما في اليمن فان انهاء العلاقة الوظيفية للقاضي تاديبيا يكون بمقتضى القانون رقم (1) لسنة 1990 بالعزل مع استحقاق المعاش او المكافاة بعد ان كان في القانون السابق رقم 28 لسنة 1979 يفرض بصورتين هما انهاء الخدمة مع حفظ الحق في المعاش او المكافاة او منهما معا والعزل مع الحرمان من المعاش والمكافاة وقد اثنى البعض على مسلك المشرع اليمني في ذلك(17) وبدورنا نميل إلى تاييد هذا المسلك بحسبان ان العقوبة مهما كانت جسامتها لا ينبغي ان تكون وسيلة انتقام من الموظف وعائلته بحرمانه من حقوق ترتبت له وفق القانون قبل ارتكابه الفعل الذي استوجب فرض العقوبة.
_________________
1- د. غازي فيصل مهدي: النظام التاديبي للموظف العام/ محاضرات القيت على طلبة الماجستير في كلية القانون/ جامعة بغداد 2001-2002.
2- د. حمدي امين عبد الهادي/ الخدمة المدنية في الدول العربية/ ج1/ط1/ مطبعة المعارف/ بغداد 1970 ص208-209
3- الاستاذ محمود مجدي ابو النعاس: حول تاديب الموظف العام/ مجلة الادارة العامة/ العدد التاسع عشر/ السعودية 1976ص19-20.
4- د. ماجد راغب الحلو: القانون الاداري الكويتي وقانون الخدمة المدنية الجديد/ منشورات ذات السلاسل/ الكويت 1980ص264-265.
5- المادة (60/2) من قانون الخدمة المدنية الكويتي رقم 15 لسنة 1979.
6- د. مصطفى عفيفي ود. بدرية جاسر صالح : السلطة التاديبية بين الفاعلية الضمان/ القاهرة 1982 ص197.
7- د. حمدي امين عبد الهادي/ مصدر سابق ص194.
8- و (9) المصدر نفسه ص201.
10- وهو المسلك ذاته الذي سار عليه المشرع المصري والكويتي كما اسلفنا وقد تمت الاشارة إلى بعض الماخذ على هذا المسلك في المطلب الثاني من هذا المبحث.
11- حسن عبد الله ال الشيخ/ التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية/ط1 /تهامة للنشر والمكتبات/جدة 1403هـ-1983م ص79.
12- المصدر نفسه ص81.
13- المصدر نفسه ص61.
14- دراسة بعنوان حماية حقوق الانسان في الاجراءات الجنائية والتنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية قدمها الوفد السعودي إلى اجتماعات الدورة (15) للجنة العربية لحقوق الانسان التي عقدت بالقاهرة بين 26 و30/1/2001 ص62.
15- د. محمد زهير جرانه/ عزل الموظف في النظام الاداري العراقي/ بحث منشور في مجلة القضاء/ السنة الثالثة/ العددان الاول والثاني/ مايس 1936 ص119.
16- فاروق الكيلاني/ استقلال القضاء/ ط1/ دار النهضة العربية/ القاهرة 1977 ص134.
17- ضياء عبد الرحمن احمد عثمان/ النظام التاديبي لاعضاء السلطة القضائية في اليمن، دراسة مقارنة/ رسالة ماجستير/ جامعة بغداد 2001 ص44.
اترك تعليقاً