المسؤولية المدنية الألكترونية وأركانها
وفقاً للقواعد العامة للقانون المدني يقوم الفعل الضار في المسؤولية التقصيرية على ثلاثة أركان هي: الفعل الضار والضرر وعلاقة السببية بينهما بحيث لا تقوم المسؤولية ولا تكون موجبة لجبر الضرر ما لم يكن الضرر قد تحقق بسبب الفعل الضار .
أن ظهور الوسائل الألكترونية قد أسهم في تقدم الحياة البشرية وتسهيل الأتصال بين الشعوب في الدول المختلفة دون تكبد الكثير من المتاعب أو النفقات ، فإن هذا التقدم لا يأتي منعزلاً عن المشاكل الفنية والقانونية .
لذلك فإن المسؤولية المدنية إما أن تكون عقدية أو تقصيرية ، والعقدية منهما تقوم عندما يخل الطرف الأخر بإلتزامه ، أما التقصيرية فتتحقق كلما أخل الشخص بالالتزام العام الذي فرضه القانون عليه بعدم التعرض للغير ، وذلك بارتكابه فعلاً ضاراً معيناً ويؤدي بالنتيجة الى الإضرار بذلك الغير .
والعقود وإن أختلفت العادية منها عن اللكترونية فلإن الأخيرة تنعقد بوسائل إلاكترونية ، وهي وسائل كهرومغناطيسية أو ضوئية أو أي وسائل تستخدم في تبادل المعلومات . لذلك فان المسؤولية النجامة عن الأولى والثانية فهي واحدة من حيث أركانها .
وإذا كان العقد الالكتروني والعقد العادي مختلفين من حيث طريقة الانعقاد ومتفقين من حيث المسؤولية العقدية الناجمة عن كليهما ، فإن الأمر كذلك في نطاق المسؤولية التقصيرية ، وإن أختلفت طبيعة الضرر الناجم عن المسئولية التقصيرية اللكترونية عن طبية الضرر في المسؤولية التقصيرية العادية ، وكذلك بالنسبة للفعل الضار المؤدي إلى الضرر في كل من النوعين من هذه المسؤولية .
الضرر الألكتروني يجب أن يحدث بطريقة إلكترونية وعلى مكونات إلكترونية كالمكونات الحسية للشبكة العنكبوتية ، ويتميز الضرر الألكتروني عن الضرر العادي بفداحة الأضرار الناجمة عن الفعل الضار الألكتروني .
طبيعة الضرر الالكتروني وتطبيقاته :
-تتنوع صور وتطبيقات الضرر في المجال الالكتروني , فهم لا يتسم بطبيعة واحده بل تختلف طبيعته بحسب مجاله ونوعيته . ولعل القاسم المشترك هو ارتباطه بعالم التكنولوجيا الحديثه في الالكترونيات وما يتسم به من دقه في تقديره وتحديده . حيث يمثل طابعا معنويا غالبا ما يتجسد في صورة المعلوماتيه الا ان لها طابع مالي او مادي .
-وينبغي التذكر بداية ان المسؤوليه الالكترونيه قد تكون عقديه او تقصيريه وتبدو أهمية ذلك في ان التعزيض في الاولى يقتصر على الضرر المتوقع الا في حالتى الغش والخطأ الجسيم حيث يشمل التعويض الضرر الغير متوقع , بينما في المسؤوليه التقصيريه , فان التعويض يشمل كل الضرر الناجم عن العمل غير المشروع .
سلوكا كان متوقعا او غير متوقع , ما دام الضرر مباشرا .
-ولا تثور صعوبة في هذا الصدد حيث تطبق القواعد العامه التي تحكم ركن الضرر , حيث يقع عبء اثبات الضرر على المتعاقد في المعامله الالكترونيه لانه هو الذي يدعي الضرر , ولا تقوم المسئوليه لمجرد الاخلال بالالتزام . بل يتعين اصابة المتعاقد بضر نتيجة عدم التنفيذ او غير متوقع ,ما دام الضرر مباشراً .
-والصورة الغالبه للضرر الالكتروني المادي هو تدمير الثروة المعلوماتيه فيالبرامج وقواعد المعلومات وما يمكن ان ينجم عن ذلك من نتائج وخيمه على المشاريع والانتاج والاجهزة والخدمات , بل واضرار جسديه وأدبية عند حدوث اصابات او وفيات بسبب حوادث الطائرات والالات التي تعمل بالحاسب.
ويبدو ذلك ايضا في حالة الفيروس باغراضه التدميريه المختلفه للحاسب وبرامجه وما ينجم عنها من اضرار مادية تتمثل في الخساره التي تلحق المضرور وما فاته من كسب مثل عرقلة المشروع عن الاشتراك في مسابقة انتاج او معرض معين .
-وتعدد صور الضرر الادبي. كما هي حالة انتهاك السريه المعلوماتيه والبيانات الشخصيه وحرمة الحياه الخاصه عبرنظم التجسس الالكتروني واختراق اجهزة الحاسب وبرامجها وقواعد المعلومات , وفقد ثقة العملاء في البنك الذي تم اختراق انظمته.
ومثاله ايضا الاضرار الناجمه عن البث الفضائي للبرامج التي تتضمن مساسا بامن وكرامة الافراد والقيم السائده لديهم , وما قد تنطوي عليه من اهانات وتجريح لحرمة وخصوصية الاخرين . عبر ما تحمله من اساليب دعائية مغرضه او عرض الوقائع الكاذبه .
اترك تعليقاً