في السندات تحت إذن التجارية
مجلة المحاماة – العدد السابع
السنة الحادية والعشرون 1941
في السندات تحت إذن التجارية
لم تعرف قوانين التجارة الأهلي والمختلط والفرنسي السندات تحت إذن وإنما نصت على الشروط الشكلية الواجب توافرها فيها لصحتها واعتبارها كسندات تحت إذن تنتج آثارها التي رتبها لها القانون، ويمكن تعريف السند تحت إذن من مراجعة نصوص هذه القوانين بأنه صك مكتوب مؤرخ يشتمل على تعهد يلتزم فيه موقعه بدفع مبلغ من المال لآخر لأمره وإذنه في زمن معين أو بعد مرور وقت محدد على تاريخ تحريره أو بمجرد الاطلاع على السند أو بعد مرور وقت على الاطلاع، وذلك في مقابل شيء حصل عليه منه وقت التوقيع على السند أو قبل ذلك، ويسمى المتعهد في السند تحت إذن Soueur والمحرر لصالحه السند الدائن المستفيد Bénificiaire du billet.
أوجه الاختلاف بين السند تحت إذن والكمبيالة
ويختلف السند تحت إذن عن الكمبيالة في الأمور الآتية:
أولاً: تحتوي الكمبيالة على ثلاثة أشخاص ساحب الكمبيالة tireur والمسحوب عليه الكمبيالة tire والمسحوب لصالحه الكمبيالة ويسمى المستفيد bénéficiaire، وليس الحال كذلك في السند تحت إذن حيث يحتوي على طرفين المتعهد في السند والمستفيد منه فقط.
ثانيًا: لا يشتمل السند تحت إذن على وكالة بالدفع صادرة من المحرر عليه السند كما هو الحال في الكمبيالة إذ تتضمن الأخيرة وكالة أو أمر أو حوالة من الساحب للغير بدفع مبلغ معين لآخر.
ثالثًا: يتضمن السند تحت إذن بمجرد إتمامه:
1 – اعترافًا من المتعهد فيه بمديونيته للمحرر لصالحه السند في مبلغ من المال حصل على مقابله منه وقت تحرير السند أو قبل إذن.
2 – تعهده بدفع هذا المبلغ للمستفيد أو لأي شخص آخر يرى الأول تحويل السند إليه أي لأمره بخلاف الكمبيالة فإنه لا يشترط لسحبها وصحتها أن يكون المسحوب عليه الكمبيالة تحت يده مقابل الوفاء ومدينًا للساحب وقت تاريخ السحب وإنما يكفي في ذلك أن يكون مقابل الوفاء موجودًا تحت يده وقت قبول الكمبيالة أو وقت استحقاقها لا قبلها، وعلى ذلك يجوز لساحب الكمبيالة تقديم مقابل الوفاء للمسحوب عليه حتى تاريخ الاستحقاق ويكون المقابل إما دين في ذمة المسحوب عليه للساحب أو قيمة بضاعة اشتراها الأول من الثاني أو أشياء ذات قيمة حصل عليها منه. رابعًا: لا يشترط في السند تحت إذن إجراء بروتستو عدم القبول كما هو في الكمبيالة لانتفاء الضرورة التي تستوجب ذلك.
خامسًا: يُشترط لاعتبار السند تحت إذن عملاً تجاريًا أن يكون سببه تجاريًا بخلاف الحال في الكمبيالة كما سيأتي الكلام على ذلك.
أوجه الاختلاف بين السند تحت إذن والشيك
ويختلف السند تحت إذن عن الشيك فيما يأتي:
أولاً: يحتوي الشيك على وكالة من ساحب الشيك لآخر (المسحوب عليه) أو أمر له بالدفع بخلاف السند تحت إذن فلا يشمل شيئًا من ذلك كما تقدم.
ثانيًا: يجوز الاتفاق في السند تحت إذن على الدفع في تاريخ معين أو شهر معين أو بعد مرور وقت معين على تاريخ تحريره أو بمجرد الاطلاع عليه أو بعد مرور وقت على الاطلاع عليه بخلاف الحال في الشيك إذ يشترط لصحته وقيامه أن يكون الدفع فيه بمجرد الاطلاع عليه.
ثالثًا: السند تحت إذن كالكمبيالة تعتبر سندًا للمديونية instrument de crédit، وسندًا للدفع بخلاف الشيك فإنه يعتبر في العادة من أوراق النقد.
رابعًا: في السند تحت إذن يعرف الموقع عليه بالتزامه ومداه بمجرد التوقيع على السند ويمكن بذلك من تدبير أمره والحصول على المال الواجب دفعه بمقتضى هذا السند بخلاف الحال في المسحوب عليه الشيك فإنه لا يعرف بملزوميته بالدفع بمجرد تحرير الشيك وإنما من وقت تقديمه إليه ويجب عليه دفع المبلغ بمجرد التقديم والاطلاع على الشيك وبغير أن يكون لديه من الوقت ما يسمح له بجمع المال اللازم لوفاء قيمته أو سداده.
خامسًا: لا يجوز توقيع الحجز التحفظي على منقولات التاجر الساحب للشيك.
سادسًا: لا يشترط ذكر مقابل القيمة في الشيك بخلاف السند تحت إذن.
أوجه الشبه العامة بين السند تحت إذن وبين الكمبيالة والشيك
توجد أوجه شبه عامة بين السند تحت إذن وبين الكمبيالة والشيك وهذه الأوجه هي: أولاً: يشترط القانون في تحرير السند تحت إذن توافر شروط شكلية معينة هي نفس الشروط الواجب توافرها في الكمبيالة والشيك مع الفوارق المتقدمة.
ثانيًا: يجوز اشتراط الدفع بمجرد الاطلاع في السند تحت إذن والكمبيالة كما هو الحال في الشيك.
ثالثًا: تنتقل الملكية في السند تحت إذن بطريق التظهير كما هو الحال في الكمبيالة والشيك.
رابعًا: يشترط لصحة التحاويل الناقلة للملكية في السند تحت إذن نفس الشروط الواجب قيامها في التحاويل الناقلة للملكية في الكمبيالة والشيك.
خامسًا: يتضمن كل من السند تحت إذن والكمبيالة والشيك اعتراف بدين.
سادسًا: يضمن المحيل في السند تحت إذن والكمبيالة والشيك وفاء الدين ويسر المدين في الحال والاستقبال.
سابعًا: لا يجوز للمدين في السند تحت إذن التمسك في مواجهة المحال إليه الحسن النية بالدفوع التي يجوز له التمسك بها ضد المستفيد الأصلي والمحيلين السابقين كما هو الحال في الكمبيالة والشيك.
ثامنًا: يضمن الموقعين على السند تحت إذن والكمبيالة والشيك وكذا المحيلين وفاء الدين لحامل هذه الأوراق بالتضامن.
تاسعًا: لا يجوز للقضاء عند الحكم في دعاوى تتضمن منازعات بسند تحت إذن أو كمبيالة أو شيك أن يعطي مهلة للمدين لسداد الدين أو يقسطه عليه.
عاشرًا: يثبت عدم الدفع في السند تحت إذن بنفس الإجراء Acte الذي يثبت عدم الدفع في الكمبيالة والشيك وهذا الإجراء هو بروتستو عدم الدفع.
حادي عشر: يشترط لرجوع حامل السند تحت إذن على المحيل له أو المحيلين السابقين والمستفيد الأصلي نفس الشروط الواجب توافرها لرجوع حامل الكمبيالة أو الشيك.
ثاني عشر: تسري قواعد الضمان الاحتياطي المنصوص عنها في القانون في باب الكمبيالات على الضمان الاحتياطي في السند تحت إذن والشيك.
ثالث عشر: تسري قواعد الفوائد والمصاريف الأخرى كرسم البروتستو ومصاريف البنك وخلافه المنصوص عنها في باب الكمبيالات على السند تحت إذن.
رابع عشر: يسقط الحق في المطالبة بالسند تحت إذن بنفس المدة المقررة لسقوط الحق في المطالبة بالكمبيالة أو الشيك وتسري عليها نفس القواعد التي قررها القانون في ذلك.
السند تحت إذن والسند الذي يدفع لحامله
يجوز أن يكون السند لحامله au porteur وفي هذه الحالة تنتقل ملكية السند بمجرد التسليم من يد إلى أخرى، ولا يشترط لذلك حصول التحويل بطريق التظهير كما هو الحال في السند تحت إذن والكمبيالة والشيك المتفق فيه على الدفع لأمر شخص معين وتحرير السند لحامله نادر الوقوع في المعاملات التجارية بين التجار وبعضهم أو بين البيوتات التجارية وأقرب مثل على ذلك أوراق البنكنوت التي تدفع لحاملها فهي تتضمن سندًا لحامله بشروط خاصة.
أهمية الأوراق التجارية
وتلعب الأوراق التجارية من سندات تحت إذن وكمبيالات وشيكات وحوالات دورين مهمين في التجار (الدور الأول) التعامل بها بدلاً من النقد بين التجار في معاملاتهم اقتصادًا في الوقت وتمشيًا مع السرعة التي تصحب كل عمل تجاري واجتنابًا للمتاعب والمصاعب التي تحوط بنقل النقود الفضية أو الذهبية أو الأوراق المالية من بلدة إلى أخرى ومن مملكة إلى ثانية (الدور الثاني) أنها تتضمن اعترافًا بدين أي تعتبر كسند لإثبات الدين.
الشروط الشكلية الواجب توافرها في السندات تحت إذن
ولو أن القانون لم ينص على اعتبار السندات تحت إذن من الأوراق الشكلية أي التي يلزم تحريرها في شكل معين وبعبارات خاصة إلا أنه يشترط لصحتها وإحداث أثرها القانوني استيفاء شروط وذكر بيانات مخصوصة ولازمة يترتب على إغفالها كلها أو بعضها وجود عيب جوهري في شكل السندات وعدم اعتبارها كسندات تحت إذن بل مجرد سندات عادية تتضمن إقرارًا أو اعترافًا بدين.
وبطلان السندات تحت إذن لوجود عيب شكلي فيها بطلان مطلق ويترتب على ذلك النتيجتين الآتيتين:
الأولى: أنه يجوز لكل ذي مصلحة التمسك بالدفع بالبطلان فيجوز ذلك للمدين في السند تحت إذن والمحيل والمستفيد الأصلي والضامن الاحتياطي فيه كما يجوز للمحكمة مراعاة ذلك من تلقاء نفسها أثناء الفصل في الدفاع والحكم على مقتضى ما رتبه القانون من آثار لهذا البطلان.
الثانية: أنه يجوز التمسك به في مواجهة حامل السند الحسن النية – أي ضد الشخص المالك للسند بطريق التظهير الناقل للملكية والذي لا يعلم وقت تحويل السند إليه بالعيوب التي يتضمنها السند أو الدفوع التي يجوز الدفع بها في مواجهة المستفيد الأصلي أو المحيلين السابقين.
والبيانات التي يشترط القانون وجودها في السندات تحت إذن هي:
أولاً: وضع تاريخ للسند أي ذكر الشهر واليوم والسنة التي حرر فيها.
ثانيًا: ذكر القيمة المراد دفعها.
ثالثًا: ذكر تاريخ الاستحقاق.
رابعًا: ذكر اسم المستفيد من السند.
خامسًا: ذكر عبارة لأمر وإذن أو ما يفيد ذلك.
سادسًا: ذكر عبارة القيمة.
سابعًا: التوقيع على السند.
ولا يؤثر على صحة السندات تحت إذن اشتمالها على بيانات أخرى إضافية خلاف البيانات الجوهرية التي يلزمها القانون كذكر مبلغ معين كتعويض في حالة عدم وفاء المحرر عليه السند للقيمة في الميعاد أو التوقيع على السند من آخرين كشهود أو ذكر شرط في السند على ضرورة إثبات التخالص عنه بكتابة صادرة من الدائن المالك للسند أو باستلامه أصل السند موقعًا عليه بالتخالص وغير ذلك من البيانات الأخرى التي قد يضعها المتعاقدان على السند تحت إذن وقت تحريره والتي لا تؤثر على ماهيته وكيانه كسند تحت إذن. [(1)]
الفرق بين السندات تحت إذن والسندات العادية التي تضمن اعترافًا بدين [(2)]
ويختلف السند تحت إذن عن السند العادي الذي يتضمن اعترافًا بدين فقط في الأمور الآتية:
أولاً: يجوز للمدين في السند العادي المتضمن اعترافًا بالدين الدفع في مواجهة حامل السند الحسن النية بجميع الدفوع التي يجوز له الدفع بها في مواجهة الدائن الأصلي والمحيلين السابقين من تخالص وبطلان السند لتحريره بطريق التدليس أو لعدم وجود سبب صحيح قانوني له وغير ذلك من الدفوع بخلاف الحال في السند تحت إذن.
ثانيًا: يجوز للقاضي إعطاء مهلة قضائية للدفع أو تقسيط المبلغ في السند العادي بخلاف السند تحت إذن حيث يمنعه القانون من ذلك عملاً بنص المواد (156) تجاري أهلي، و(163) مختلط، و(157) فرنسي.
ثالثًا: عدم تضامن المحيلين أو الموقعين على السند العادي المتضمن اعترافًا بدين بخلاف الحال في السند تحت إذن.
رابعًا: لا يترتب على إجراء بروتستو عدم الدفع المعمول في الميعاد بدء سريان الفائدة عند عدم الاتفاق عن سريانها من تاريخ الاستحقاق كما هو الشأن في السند تحت إذن.
خامسًا: لا يجوز توقيع الحجز التحفظي على منقولات المدين التاجر بالسند العادي المشتمل على اعتراف بدين حتى ولو عمل عنه بروتستو عدم الدفع في الميعاد.
سادسًا: لا يجوز تحويل السند العادي بطريق التظهير إذا لم يذكر فيه عبارة لأمر وإذن أو أية عبارة أخرى تفيد ذلك.
سابعًا: لا يجوز اختصام الضامن الغير تاجر وحده أمام المحكمة التجارية في السند العادي بخلاف الحال في السند تحت إذن حيث يجوز اختصام الضامن الاحتياطي أمام المحكمة المدنية حتى ولو يختم معه المدين الأصلي في السند.
ثامنًا: لا يسقط الحق في المطالبة بالسندات العادية التي تتضمن اعترافًا بدين بمضي خمس سنوات هجرية كما هو الحال في السندات تحت إذن التجارية بل يسقط الحق بالمطالبة بالأولى بحسب الرأي الراجح بمضي خمس عشرة سنة كما سيأتي الكلام عليه بعد.
تاسعًا: عدم أحقية حامل السند العادي في الرجوع على المستفيد الأصلي والمستفيدين السابقين. [(3)]
أوجه الشبه بين السندات تحت إذن والسندات العادية المتضمنة اعترافًا بدين
وتتشابه السندات تحت إذن مع السندات العادية فيما يأتي:
أولاً: يجوز تحويل السندات العادية المشتملة على أمر وإذن أو على أية عبارة أخرى تفيد ذلك بطريق التظهير كما هو الحال في السندات تحت إذن.
ثانيًا: يتضمن كلا النوعين على اعتراف من المحرر عليه السند بالدين الوارد فيه والتزامه بوفائه.
ثالثًا: تختص المحكمة التجارية في القانون الأهلي بنظر الدعوى المرفوعة بسند تحت إذن أو بسند عادي متى كان سبب الدين تجاريًا في كلتا الحالتين وذلك إما بترتبه على معاملة تجارية أو بالتوقيع عليه من تاجر [(4)] أما في القانون المختلط فالرأي المعمول به هناك – ولو أننا لا نوافق عليه كما سيذكر بعد – هو اختصاص المحكمة التجارية بنظر الدعوى المرفوعة بسند تحت إذن مهما كان سبب تحرير السند مدنيًا كان أو تجاريًا بخلاف الحال في السند العادي فإنه يشترط لاختصاص المحكمة التجارية بنظر الدعوى عنه أن يكون سببه تجاريًا.
رابعًا: تسري سعر الفائدة التجاري في السند تحت إذن والسند العادي من كان سببًا تجاريًا.
الشروط الشكلية الواجب توافرها في السندات تحت إذن
أولاً: تحرير تاريخ السند:
يشترط القانون لصحة السندات تحت إذن ذكر تاريخ تحرير السند ويكون بذكر تاريخ اليوم والشهر والسنة الحاصل فيها تحرير السند ولا يشترط في ذلك أن يكون التحرير بالكتابة بل يكفي أن يكون بالأرقام.
وذكر اليوم والشهر والسنة ضروري لصحة التاريخ ولا يكفي في ذلك ذكر السنة أو الشهر فقط ولا يلزم لصحة التاريخ إعطائه تاريخًا ثابتًا أو تسجيله بل يكفي بيانه على السند، ويعتبر هذا البيان كافيًا لإثبات صحته حتى يُقام الدليل على العكس وذلك بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة وقرائن الأحوال.
ولا يغني عن ذكر تاريخ السند تحت إذن إجراء أي عمل قضائي آخر يذكر فيه التاريخ كالبروتستو أو إعلان صحيفة الدعوى وكذلك لا يغني عن ذلك ذكر تاريخ الاستحقاق في السند وانعدام تاريخ تحرير السند يترتب عليه بطلانه كسند تحت إذن واعتباره سندًا عاديًا متضمنًا اعترافًا بدين فقط. [(5)]
ولا يصحح عيب إغفال تاريخ تحرير السند إثبات هذا التاريخ في دفاتر التاجر المحرر لصالحه السند أو في المكاتبات التي تدور بينه وبين المدين فيه وكذلك لا يصحح هذا العيب تحويل السند في نفس تاريخ التحرير وذكر تاريخ التحويل أو الإشارة إلى السند في عقد رسمي أو عرفي ذي تاريخ ثابت عمل بين الدائن والمدين في السند. [(6)]
14 – وتقديم تاريخ السند تحت إذن أي ذكر تاريخ للسند مقدم عن تاريخه الحقيقي l’antidate يبطل السند حتى باعتباره سندًا عاديًا إذا كان المقصود من تقديم التاريخ إخفاء عدم أهلية أحد المتعاقدين أو الموقعين على السند.
إنما لا يجوز لعديم الأهلية في هذه الحالة التمسك بالبطلان في مواجهة حامل السند حسن النية إذا كان له شأن في إجراء التقديم لأنه يعتبر في هذه الحالة مدلس وغاش والقانون لا يحمي الغاش أو المدلس.
15 – وتغيير تاريخ تحرير السند لا يترتب عليه أصلاً بطلانه كما هو الحال في إغفال ذكر التاريخ أصالة إذا كان التغيير عمل باتفاق الطرفين – المدين والدائن الأصلي – بشرط ألا يكون الغرض منه إخفاء عيب متعلق بالأهلية وعدمها وبشرط ألا يؤثر على تاريخ الاستحقاق الملحوظ وقت التعاقد. [(7)]
16 – والأصل أن الدفع ببطلان السند لصدوره من غير ذي أهلية يجوز التمسك به ضد حامل السند الحسن النية لتعلقه بالنظام العام وبأحد أركان صحة التعاقد إنما لا يجوز التمسك بمثل هذا الدفع في مواجهة حامل السند إذا بنى الدفع على حصول تغيير في تاريخ السند إذا كان التاريخ الثابت والظاهر في السند يجعل المدين في حالة أهلية للتعامل والتعاقد وكان حامل السند يجهل التغيير الحاصل في التاريخ لإخفاء عيب عدم الأهلية – أي متى كان حسن النية. [(8)]
17 – ولا يعتبر تغيير تاريخ تحرير السند تحت إذن أو تقديمه تزويرًا كما هو الحال في التحاويل.
18 – ويجوز إثبات عدم صحة تاريخ تحرير السند بكافة أوجه الثبوت العادية بغير حاجة للطعن بطريق التزوير.
ثانيًا: ذكر قيمة المبلغ الواجب أداؤه:
19 – يُشترط لصحة السند تحت إذن ذكر قيمة المبلغ الواجب أداؤه ولا يلزم لذلك بيانه بالحروف والأرقام بل يكفي إثباته بالأرقام فقط ولو أن العمل جرى على ذكره بالأرقام والحروف. [(9)]
وإذا وجد خلاف بين مقدار المبلغ المبين بالحروف والمقدار المبين بالأرقام فيؤخذ بالأول دون الثاني. [(10)]
ويجب أن يكون محل التعهد مبلغًا من المال وعلى ذلك فلا يعتبر سندًا تحت إذن تعهد شخص بتوريد مقدار من القطن في وقت معين ولا يصحح من التعهد في هذه الحالة اتفاق الطرفين على التزام المتعهد بدفع مبلغ معين بصفة تعويض في حالة التقصير في الوفاء أو التأخير فيه. [(11)]
ولا يشترط ذكر نوع النقود الواجب دفعها إذ في هذه الحالة يحصل الوفاء من نوع النقود المعمول بها في زمان ومكان محل الدفع.
وإذا اتفق على الوفاء من نقود من نوع آخر خلاف نوع نقود محل الدفع ففي هذه الحالة يتعين النص على نوع النقود الواجب الوفاء بها. [(12)]
20 – ويشترط وحدة المبلغ الواجب دفعه l’unité de la detté أي تعيين مبلغ الدين الواجب دفعه وعدم ذكره مجزءًا فإذا خلا السند من وحدة المبلغ زالت عنه صفة الإذنية وأضحى سندًا عاديًا مثبتًا لاعتراف بدين. [(13)]
ولا يؤثر على وحدة المبلغ ذكر المبلغ الواجب دفعه مع الاتفاق على الفوائد بسعر معين في حالة الاستحقاق إذ يسهل في هذه الحالة احتساب الفوائد الواجب المطالبة بها بعملية حسابية بسيطة ويكون لذلك الإنفاق عليها لم يؤثر على وحدة المبلغ الواجب المطالبة به وتعيينه تعيينًا كافيًا. [(14)]
21 – ويجوز للطرفين الاتفاق على احتساب الفوائد مقدمًا وضمها إلى قيمة الدين المطالب به واتفاقهما في هذه الحالة مشروع ولا يُخالف القانون ولا يؤثر على وحدة المبلغ المطالب به. [(15)]
ثالثًا: تاريخ الاستحقاق:
22 – يشترط لصحة السند تحت إذن ذكر تاريخ الاستحقاق ويجب أن يكون هذا التاريخ معينًا ومحددًا وغير معلق على شرط توقيفي. [(16)]
فإذا علق الاستحقاق على شرط توقيفي ضاعت عن السند صفة الإذنية وأضحى سندًا عاديًا وعلى ذلك يعتبر سندًا عاديًا تعهد شخص بدفع مبلغ من المال لأمر وإذن آخر في حالة وفاة شخص معين أو في حالة قيامه بعمل عهد إليه به أو في حالة رجوعه من سياحة أو في حالة نجاحه في مشروع خاص وهكذا. [(17)]
23 – ويجب أن يكون تاريخ الاستحقاق معينًا تعيينًا نافيًا للجهالة يساعد على انتشار التداول بالسندات تحت إذن بطريق التظهير باعتبارها من أوراق التعامل التجارية ولا يعتبر تاريخ الاستحقاق معينًا تعيينًا كافيًا إذا اتفق في السند تحت إذن على أن للمدين الحق في تجديد السند عند الاستحقاق بدلاً من القيام بالوفاء ودفع قيمته [(18)]، وكذلك إذا ذكر المدين في السند أنه يتعهد بدفع المبلغ في كل مرة إذا ما toutefois et quand لعدم دلالة هذه العبارة على التعيين ولا تؤدي بجلاء إلى التعهد بالدفع عند الاطلاع أو بمجرد تقديم السند.
24 – ويشترط أن يكون تاريخ الاستحقاق واحدًا لا تواريخ متعددة ويترتب على ذلك أنه لا يجوز في السندات تحت إذن الاتفاق على دفع المبلغ مجزءًا أو على أقساط فإذا اتفق فيها على التقسيط انمحت عنها [(19)] لازمة الإذنية وأصبحت سندًا عاديًا، ولا يؤثر على ماهية السند تحت إذن المتضمن على تاريخ معين للسداد قيام المدين في السند بدفع مبلغ الدين بعد تحرير السند على أقساط باتفاق الدائن واستنزال المبلغ المدفوع من تحت الحساب على ظهر السند. [(20)]
25 – ويمكن ذكر التاريخ طبقًا لأي تقويم فيجوز ذكره على اعتبار التاريخ العبري أو الإفرنجي أو القبطي وكل ذلك بشرط أن يوضح بطريقة جلية واضحة لا تقبل الشك ولا التأويل. [(21)]
ويكون ذكر التاريخ معينًا إما بذكر تاريخ معين أو ذكر عبارة الدفع بمجرد الاطلاع على السند أو بعد مرور أيام أو أشهر معينة على الاطلاع على السند أو الدفع في عيد معين.
26 – ولا يشترط لتحديد تاريخ الاستحقاق المتفق على إجرائه في زمن معين ذكر تاريخ اليوم بل يكفي في ذلك ذكر الشهر والسنة المتفق على القيام بالسداد فيها ويكون الاستحقاق في هذه الحالة ممتدًا إلى آخر الشهر المبين في السند، ويصح بروتستو عدم الدفع إذا عمل في أول اليوم من الشهر التالي [(22)] أما إذا عمل قبل ذلك فلا يعتبر ولا يترتب عليه أي أثر قانوني لحصوله قبل تاريخ الاستحقاق.
27 – وإذا وافق حلول ميعاد دفع قيمة السند يوم عيد رسمي فدفعه يكون مستحقًا في اليوم السابق للعيد.
ولا يتعارض ذلك مع نص المادة (162) تجاري أهلي، و(169) تجاري مختلط التي تقول بضرورة إجراء بروتستو عدم الدفع في اليوم التالي لتاريخ الاستحقاق لحفظ حقوق حامل السند التي رتبها له القانون وكل ما هنالك أن السند يكون واجبًا الدفع في اليوم السابق ليوم العيد أو العطلة والبروتستو يعمل في اليوم اللاحق ليوم العيد أو العطلة. [(23)]
28 – واختلف في ميعاد الاستحقاق في السندات تحت إذن المستحقة الدفع بمجرد الاطلاع على السند حيث يقول البعض إنه يندمج في تاريخ تحريرها ويقول البعض الآخر أنه يكون في تاريخ تقديمها والمطالبة بها ونرى التمييز بين حالتين:
الحالة الأولى: مبدأ تاريخ الاستحقاق في حالة التمسك بسقوط الحق بالمطالبة بقيمة السند المستحق الدفع وقت الاطلاع أو بمجرد الطلب.
الحالة الثانية: مبدأ تاريخ الاستحقاق في حالة المطالبة بقيمة السند وأحقية حامل السند في المطالبة به من عدمه ففي الحالة الأولى يعتبر تاريخ الاستحقاق مندمجًا في تاريخ تحرير السند وتبدأ مدة السقوط من اليوم التالي لهذا التاريخ وهو اليوم الواجب فيه عمل بروتستو عدم الدفع أما في الحالة الثانية فيعتبر تاريخ الاستحقاق من تاريخ تقديم السند للمطالبة بقيمته [(24)]، وهناك حالة أخرى وهي الخاصة بتعيين ميعاد الاستحقاق في هذه السندات ضد التحاويل وما يترتب على ذلك من اعتبار التحاويل ناقلة للملكية من عدمه وسنتكلم عليها بعد شرح التحاويل.
29 – وعبارات مجرد الاطلاع à vue أو عند تقديم السند a présentation ليست لازمة sacramentelles في السندات تحت إذن المستحقة الدفع عند الاطلاع بل يكفي لاعتبار ذلك كل عبارة يُستفاد منها هذه الرغبة كالنص في السند على الدفع بمجرد المطالبة بقيمته أو بمجرد أول مطالبة بقيمته أو على عبارة تحت الطلب وغير ذلك من العبارات التي تؤدي إلى دفع السند بمجرد تقديمه للمدين. [(25)]
30 – وإذا نص في السند على ميعاد دفع القيمة بعد يوم أو أكثر أو شهر أو أكثر من وقت الاطلاع عليه فيعتبر هذا الميعاد من تاريخ تأشير المدين على السند بما يفيد الاطلاع عليه والتوقيع على ذلك من جديد أو من تاريخ بروتستو يعمل للمدين في هذه الحالة. [(26)]
31 – والأصل كما تقدم أن تاريخ الاستحقاق يكون طبقًا للقوانين المعمول بها في البلد المستحق دفع المبلغ فيه وطبقًا للتقويم المعمول به هناك إلا إذا اتفق على عكس ذلك. [(27)]
32 – وعدم ذكر تاريخ الاستحقاق ولو أنه يترتب عليه اعتبار الدين حالاً وواجب الأداء وأحقية حامل السند في المطالبة بقيمته بمجرد تقديمه ثم استصدار حكم به في حالة التقصير في الوفاء إلا أنه يعيب السند ويترتب على ذلك اعتباره كسند دين عادي لفقدانه بيان من البيانات الجوهرية التي ألزمها القانون لصحة السند تحت إذن من حيث الشكل. [(28)]
رابعًا: ذكر اسم المستفيد من السند:
33 – يُشترط لصحة السند تحت إذن ذكر اسم المستفيد من السند أي الدائن الأصلي فيه أو الإشارة إلى أن الدفع يكون لحامله.
والمستفيد إما أن يكون شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا، وذكر الشخص الاعتباري يكفي لتعيين اسم المستفيد من السند.
وعدم ذكر اسم المستفيد في السند تحت إذن يترتب عليه بطلان السند واعتباره كسند عادي ولا يرد على ذلك أن الإغفال عن ذكر الاسم معناه أن يكون السند لحامله.
خامسًا: ذكر عبارة لأمر وإذن:
34 – عبارة لأمر وإذن لازمة لصحة السندات تحت إذن ويترتب على إغفالها وجود عيب جهري في السند واعتباره كسند عادي كما تقدم وعلى ذلك فيعتبر سندًا عاديًا السند الذي ثبت به أن الدفع يكون لشخص يعين بالذات[(29)].
محمد علي راتب
مفتش لجنة المراقبة القضائية
[(1)] استئناف مختلط في 23 ديسمبر 1912 الجازيت 3 صـ 1364، و19 يناير 916 الجازيت 6 صـ 73 – 228.
[(2)] استئناف مختلط في 31 يناير 934 المجموعة 46 صـ 146.
[(3)] استئناف مختلط في 1 فبراير سنة 910 المجموعة 22 صـ 142.
[(4)] مصر تجاري جزئي أهلي في 3 أكتوبر سنة 940 في القضية رقم (2282) سنة 94 المرفوعة من صمويل كوهين ضد حافظ وعثمان مصطفى ولم ينشر بعد.
[(5)] ليون كان ورينو جزء 4 صـ 343 نبذة (بواسيل 725)، وبيرسيل صـ 33، وبيداريد جزء 1 صـ 6 وفوجويه جزء 4 نبذة 1234.
[(6)] يراجع عكس ذلك حكم منم في 5 يوليه 1819 سيريه 1819 ويقول بأن إغفال ذكر التاريخ لا يعيب السند تحت إذن إذا كانت ظروف تحرير السند لا يترتب عليها تغيير في الحق الثابت في السند وهذا الحكم مرجوح وغير معمول به.
[(7)] استئناف مختلط في 28 نوفمبر 1928 المجموعة 40 صـ49.
[(8)] استئناف مختلط في 21 ديسمبر 904 المجموعة 17 صـ 42.
[(9)] بيرسيل 231 بارديسيه 334 وليون كان جزء 4 نبذة 80 دالوز 2 جزء 4 نبذة 1235.
[(10)] بيرسيل 331 وفوجيه جزء 1 نبذة 122 وليون كان جزء 4 صـ60.
[(11)] استئناف مختلط في 4 يناير سنة 905 المجموعة 17 صـ 55 في 18 يناير سنة 1905 المجموعة 18 صـ 9.
[(12)] دالوز جزء 4 نبذة 1235 وفوجيه جزء 1 نبذة 127.
[(13)] استئناف مختلط في 27 مارس 1889 المجموعة السنة الأولى صـ 113 و14 نوفمبر سنة 1889 المجموعة السنة الأولى صـ 320 و4 ديسمبر سنة 1939 المجموعة 42 صـ 67 و18 نوفمبر سنة 912 المجموعة 25 صـ 28.
[(14)] النقض الفرنسي في 5 فبراير سنة 1868 دالوز 68 جزء 1 صـ 386.
[(15)] حكم محكمة بورج في 27 يناير سنة 1857 دالوز 57 جزء 2 صـ 68.
[(16)] استئناف مختلط في 4 يناير سنة 1905 المجموعة 17 صـ 55 و4 ديسمبر سنة 1929 المجموعة 42 صـ 67.
[(17)] ريوم أول يونيه سنة 1846 دالوز 47 جزء 2 صـ 47.
[(18)] باريس في 2 فبراير سنة 1830 سيريه 1830.
[(19)] استئناف مختلط في 18 ديسمبر سنة 929 المجموعة 42 صـ 111 و4 ديسمبر سنة 929 المجموعة 42 صـ 67، ومصر جزئي أهلي تجاري في 18 إبريل 940 المحاماة.
[(20)] استئناف مختلط في 7 نوفمبر سنة 934 المجموعة 47 صـ10.
[(21)] إسكندرية جزئي مختلط في 30 نوفمبر سنة 1916 الجازيت 7 صـ 150052.
[(22)] استئناف مختلط في 29 إبريل 924 الجازيت 14 صحائف 231 – 327.
[(23)] استئناف مختلط في 22 مارس 1887 r. o. xxi 814.
[(24)] استئناف مختلط دوائر مجتمعة في 22 يناير سنة 1930 المجموعة 42 صـ 206 و30 يناير سنة 1935 المجموعة 27 صـ 137.
[(25)] بيزانسون في 8 ديسمبر 1897 دالوز 1899 جزء 2 صـ 421.
[(26)] باريس في 10 يناير 1893 الباندكت 93 جزء 2 صـ 124.
[(27)] ليون كان ورينو جزء 4 نبذة 655 وبراتيل نبذة 723.
[(28)] ليون كان ورينو تجاري جزء 4 صـ 422، واستئناف مختلط في 3 يناير 935 المجموعة 47 صـ 87.
[(29)] بارديسة pardesuss جزء 2 نبذة 339 وتوجيه جزء 2 نبذة 195 وليون كان ورينو جزء 4 نبذة 27 وبرافاررديجا نحياه جزء 3 صـ 71.
اترك تعليقاً