نطاق تطبيق القانون التجاري في القانون المصري و الفرنسي
نطاق تطبيق القانون التجاري في القانون المصري و الفرنسي :
إذا كان النطاق الحقيقي للقانون التجاري هو النشاط الاقتصادي في مجموعه ، إلا أن القانون التجاري في وضعه الراهن لا يعني بكل الظواهر الاقتصادية و لا ينتظم كافة وجوه النشاط الاقتصادي و إنما يقتصر نطاقه على التجارة فحسب.
ولإصلاح التجارة قانونا معنى يتجاوز مدلوله في اللغة التجارية و علم الاقتصاد عمليات الوساطة بين المنتج و المستهلك . أما في لغة القانون فإن التجارة أوسع مجالا منها عند الاقتصاديين .
إذ تشمل التجارة بالمعنى الاقتصادي الضيق من جهة ، كما تشمل الصناعة التحويلية أي تحويل المواد الأولية إلى سلع صالحة لقضاء حاجات الإنسان من جهة أخرى . فالصناعة تعد فرعا من التجارة قانونا ، و الصانع يعتبر تاجرا من الناحية القانونية .
ولما كانت التجارة تشمل عمليات تحويل الثروات و تداولها ، فإنه تخرج من نطاقها عمليات استخراج الثروة من الأرض أو الموارد الطبيعية الأخرى كالزراعة و الصيد و قطع الأحجار من المحاجر و استثمار الغابات و العيون المعدنية ؛ ويترتب على ذالك أيضا أن التجارة لا تكون إلا في الأشياء القابلة للتحويل و التداول وهي المنقولات سواء أكانت مادية كالمحصولات و البضائع أو منقولات معنوية كالأوراق التجارية و الأوراق المالية أما العقارات فتخرج في الأصل من نطاق التجارة لأنها غير قابلة للتحويل أو التداول السريع .
هذا ولا يمتد القانون التجاري إلى العلاقات بين العمال و أصحاب الأعمال إذ أن العمل و إن كان يقوم بدور هام في الحياة التجارية إلا أنه يحكمه قانون خاص يسمى بقانون العمل وهو فرع من القانون الخاص كالقانون المدني و القانون التجاري . كما لا يتناول القانون التجاري المهن الحرة ولو تعلقت بالنشاط الاقتصادي كالمحاسبة .
يلخص من ذالك :
أن القانون التجاري يختص من بين أوجه النشاط الاقتصادي بالتجارة فحسب أما الزراعة و العمليات العقارية و علاقات العمل و المهن الحرة فتخرج من نطاقه على أن هذا النطاق الضيق للقانون التجاري ليس إلا أثرا للماضي البعيد حينما كان النشاط الاقتصادي منحصرا عملا في التجارة بمعناها التقليدي .
وقد أخذ نطاق القانون التجاري يتسع يوما بعد يوم تبعا للنمو المستمر في النشاط التجاري واشتراك غير التجار في الحياة الاقتصادية ؛فضلا عن أن أساليب القانون التجاري وطرائقه جاوزت حدود التجارة حتى نفذت إلى ميادين القانون المدني فالأفراد يكتتبون اليوم في الأسهم و السندات التي تصدرها الشركات التجارية و يلجأون إلى فتح الحسابات الجارية في البنوك ويقومون بتحرير الكمبيالات و السندات الأذنية و الشيكات كما يفعل التجار سواء بسواء و الثروة المنقولة حلت اليوم محل الثروة العقارية
بحيث أصبح القانون التجاري عاما اليوم على التجار و غير التجار ولابد أن يتسع نطاق هذا القانون في المستقبل حتى يشمل النشاط الاقتصادي في مجموعه بحيث يكون قانونا للنشاط الاقتصادي أيا كانت صوره و أشكاله و أيا كان القائم به ولذالك فإن بعض الفقهاء يفضل تسمية هذا القانون بالقانون الاقتصادي بالنظر إلى نطاقه الحقيقي لا إلى نطاقه الوضعي الراهن و يلاحظ أن القانون التجاري لا يعرض لأوجه النشاط و المراكز الاجتماعية التي توجد خارج الحياة الاقتصادية فنظام الأسرة و المواريث تظل بعيدا عن نطاق القانون التجاري.
النظريتان الشخصية و المادية للقانون التجاري :
أولا : النظرية الشخصية أو الذاتية :
تجعل من شخص التاجر أساسا للقانون التجاري بمعنى ← أن القانون التجاري لا ينطبق إلا على طائفة معينة من الأشخاص هم التجار فلا يخضعون لأحكامه ولو قاموا بأعمال تجارية ويعتنق هذه النظرية القانون التجاري الألماني الصادر سنة 1897 وكذالك التشريعان السويسري و الإيطالي منذ سنة 1942.
ثانيا : النظرية المادية أو العينية :
فتجعل العمل التجاري هو المحور الذي يدور حوله القانون التجاري بصرف عن الشخص الذي يقوم به تاجرا أم غير تاجر ويأخذ بهذه النظرية التقنين التجاري الفرنسي الصادر سنة 1807 و التشريعات التي حذت حذوه و منها التشريع المصري و اللبناني .
و اعتناق المشرع الفرنسي للنظرية المادية يفسر بأسباب تاريخية فقد وضع التقنين التجاري الفرنسي عقب الثورة الفرنسية التي أعلنت مبدأ المساواة و ألغت الطبقات التي تقوم بين الدولة و الفرد ومن بينها الطوائف التي تكون طبقة التجار ولم يشأ واضعو التقنين التجاري الفرنسي إحياء طبقة التجار فجعلوا العمل التجاري أساسا للقانون التجاري بحيث يكون لكل شخص أن يقوم بأي عمل تجاري فإذا قام به خضع لقواعد القانون التجاري ولو يكن تاجرا .
اترك تعليقاً