يهدف المتعاقدان في مجلس العقد الوصول إلى إبرام العقد عن طريق التراضي فيما بينهما، لأن العقد جوهره الرضا. ولا يكفي لحصول التراضي إن يتوافر إيجاب وقبول. بل لابد أن يرتبط أحدهما بالأخر، وهذا لا يتحقق، إلا إذا اقترن القبول بالإيجاب، حالة كون الإيجاب قائماًً لم يسقط. فإن كان قد سقط لسبب أو لآخر، فإنه لا يحصل ارتباط القبول بالإيجاب، ومن ثم لا يقوم العقد. لذلك فقد جاءت فكرة مجلس العقد لتحدد فترة بقاء الإيجاب صالحاً لاقترانه بالقبول. سواء أكان المتعاقدان حاضرين في مجلس العقد حقيقةً، أم اعتبرا حكماً أنهما في مجلس العقد. لذلك سنتناول بالبحث صور مجلس العقد لبيان كيفية التقاء الإيجاب بالقبول في كل صورة من صوره.
ومن الجدير بالذكر قبل البدء بتناول صور مجلس العقد، تحديد مسألة مهمة تتعلق بتوضيح متى يعتبر مجلس العقد حقيقياً ومتى يعتبر حكمياً. وهي إن الأصل في التعاقد هو أن يكون أطراف العقد أطرافاً لمجلس العقد وذلك عندما يقوم المتعاقدان بإجراء تصرفاتهما، ويبرمان العقد الذي يرغبان فيه بالأصالة عن نفسهما، ومن ثم تنتقل إليهما آثار تصرفاتهما إيجابية كانت أم سلبية، إلاّ أن رغبة بعض الأشخاص في إنابة آخرين لإبرام العقود عنهم، وعدم استطاعة البعض القيام بتصرفاتهم الخاصة، لفقدان الأهلية القانونية لمثل هذا التصرف بسبب صغر السن أو الجنون أو غيره ظهرت فكرة الإنابة عن الغير في التصرف(1). فالنائب يعتبر طرفاً من أطراف مجلس العقد(2). لأنه يتعاقد في المجلس بإرادته لا بإرادة من ينوب عنه، وبالتالي فإن الحكم في اعتبار بداية مجلس العقد والتعاقد فيه وانفضاضه ينظر إليه بالنسبة إلى ألفاظ وتصرفات النائب وليس الأصيل، بدليل أنه لو كان النائب عديم الأهلية فإن العقد لا ينعقد سواء أكان الأصيل كامل الأهلية أم ناقصها أم عديم الأهلية، والعكس صحيح، فلو كان النائب كامل الأهلية، فإن العقد يكون صحيحاً سواء أكان الأصيل كامل الأهلية أم ناقص الأهلية أم عديم الأهلية، فالعبرة بإرادة النائب لا بإرادة الأصيل(3). فضلاً عن ذلك، فقد يتم إبرام عقد معين عن طريق شخص فضولي. والذي اختلف الفقه الإسلامي في موضوع الفضالة فمنهم من يمنعها(4). ومنهم من أجازها موقوفة(5). وقد أخذ المشرع العراقي بحكم الاتجاه الأخير وجعل تصرفات الفضولي موقوفة ونظمها في المادتين(135 – 136)، فيمكن القول بأن الفضولي يعتبر طرفاً من أطراف مجلس العقد، لأن التعبير عن الإرادة، المتمثل بالإيجاب والقبول حسب الأحوال يصدر منه، “فقبول الفضولي للإيجاب قبل أن ينفض المجلس، إنما هو قبول صادر في مجلس العقد(6). وبعد هذا التمهيد لصور مجلس العقد، سنحاول توضيحها بمطلبين مستقلين، نتناول في الأول: مجلس العقد الحقيقي، بينما نتناول في المطلب الثاني: مجلس العقد الحكمي.
المطلب الأول : مجلس العقد الحقيقي.
يقصد بمجلس العقد الحقيقي اتصال أطراف العلاقة العقدية اتصالاً مباشراً وجهاً لوجه في الفترة التي يبقى فيها المتعاقدان منشغلين بالتعاقد ودون أن ينصرف اهتمامهما عن أمور التعاقد. وبشرط تحقق الرؤية والسماع معاً لكلا المتعاقدين، أي بمعنى أن كل منهما يستطيع أن يرى المتعاقد الأخر ولا تلتبس عليه صورته، ويستطيع أن يسمعه بحيث لا يلتبس عليه صوته(7). والمعيار في رؤية شخص المتعاقد وسماع صوته يمكن أن يربط بأحد الأمرين: إما ربطه بمعيار الشخص المعتاد، أو يعتمد تقديره للعرف، وتكون للقاضي السلطة التقديرية في تقدير تحقق مجلس العقد الحقيقي أو عدم تحققه، ويدعى التعاقد في هذا المجلس بالتعاقد ما بين حاضرين. ويجب التأكيد هنا على أن الوقت الذي يبدأ به مجلس العقد الحقيقي هو الوقت الذي يعلم به الموجه إليه الإيجاب بالإيجاب بحسب تطبيق الشروط التي توصلنا إليها والرأي الذي رجحناه من صدور للإيجاب، وعلم للموجه إليه الإيجاب. كما أن التعبير عن الإيجاب والقبول من كلا المتعاقدين يمكن أن يتم في مجلس العقد الحقيقي بأية وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة، فقد يتم التعبير عنهما باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة أو بالتعاطي، إذ صرح فقهاء المذهب المالكي(8). بأن “المطلوب في انعقاد البيع (هو) ما يدل على الرضى”، كما أكد ذلك فقهاء المذهب الحنفي(9). بمعنى أن فقهاء المسلمين من (المالكية والحنفية) قد أجازوا صحة الانعقاد بالكتابة إيجاباً وقبولاً في التعاقد بين حاضرين كما أجازوه في التعاقد بين غائبين. وتجب الإشارة إلى أن الشافعية(10). قد أخذوا بالكتابة في التعبير عن الإرادة في حالة التعاقد ما بين غائبين فقط، ولم يأخذوا بها في التعاقد ما بين حاضرين وبذلك فإنها تصح في حق الغائب للعادة لا الحاضر كما وتجدر الإشارة إلى أن مجلة الأحكام العدلية التي صيغت على المذهب الحنفي قد جاءت بنص صريح في المادة (173) منها(11). إذ أجازت فيه التعاقد بالكتابة وبالمشافهة على حد سواء. وقد حسم المشرع العراقي موقفه في المسألة مدار البحث بحكم صريح أورده في المادة (79) وهو جواز التعبير عن الإرادة، باللفظ أو الكتابة أو الإشارة أو المعاطاة، ولم يحدد هذا الحكم على نوع معين من التعاقدات، والمطلق يجري على إطلاقه، فيستوي إذاً التعاقد بجميع وسائل التعبير عن الإرادة سواء أكان التعاقد بين حاضرين أم بين غائبين.
وتجدر الإشارة إلى أنه يشترط في مجلس العقد الحقيقي اقتران الإيجاب بالقبول في الفترة التي تبدأ منذ علم الموجه إليه الإيجاب بالإيجاب إلى ما قبل انفضاض المجلس، وبذلك لا يكون التعبير الذي يعبر به جانب من الفقه القانوني في هذا الشأن صحيحاً بقولهم “يعتبر التعاقد تم بين حاضرين إذا كان كل من المتعاقدين يعلم بإرادة الآخر فور صدورها”(12). أو “في لحظة واحدة”(13). لأن هذا القول يقتضي أنه دائماً ما يقترن صدور القبول مع العلم به، وهذا ليس عاماً في جميع الأحوال، فما يقتضيه هذا القول يكون في حالة ما إذا صدر القبول باللفظ وبلغة يفهمها الموجب، وليست تلك هي الحالة الوحيدة التي يصدر فيها القبول بهذا الشكل. وقد اشترطت المادة (82) من القانون المدني العراقي(14). صدور القبول والعلم به في مجلس العقد واعتبرت أن صدور القبول بعد انفضاض المجلس لا عبرة له. وقد جاءت العديد من التشريعات العربية بنفس الحكم، ومنها القانون المدني المصري في المادة (94) والقانون المدني الأردني في المادة (96) والقانون المدني السوري في المادة (95) والقانون المدني الكويتي في المادة (109). إن جميع ما تم ذكره يتعلق بالحالة التي لم يحدد الموجب فيها ميعاداً لإيجابه يلتزم خلاله ببقائه صالحاً لاقترانه بالقبول.ولكن إذا كان المتعاقدان في مجلس عقد حقيقي، وحدد الموجب ميعاداً لإيجابه، وكانت مدة الالتزام بالإيجاب تمتد إلى ما بعد التفرق من مجلس العقد بالأبدان أو بالأقوال أستعتبر هذه الفترة ضمن مجلس العقد ومن ثم سيصبح المجلس ممتداً حكماً أم سيعتبر مجلس العقد منفضاً وبالتالي لا ينعقد العقد؟ مما لا شك فيه بأنه إذا كانت المدة التي حددها الموجب تنتهي قبل التفرق ما بين المتعاقدين سواء أكان تفرقاً بالأبدان أم تفرقاً بالأقوال، فإن انتهاءها يعد حينئذٍ إعراضاً عن الإيجاب ومن ثم فإن مجلس العقد سيعتبر منفضاً وهذا المبدأ مستقر عليه في الفقه الإسلامي أو القانون المدني ولم نجد ما يعارضه. أما إذا امتدت مدة الإيجاب الملزم إلى ما بعد التفرق فهنا يمكن القول بأن هنالك رأيين في المسألة وهما:
الرأي الأول: وهو رأي جمهور الفقهاء المسلمين من (الحنفية والشافعية والحنابلة)(15). ويقرر أصحابه أن الإيجاب الملزم في هذه الحالة يعتبر باطلاً ولا يلزم صاحبه في الفترة التي تمتد إلى ما بعد التفرق، فالعبرة تكون في هذه الحالة للترابط الزماني والمكاني وليست للموعد المحدد فإذا تم تفرق المتعاقدين فإن المجلس سيعتبر منفضاً. ويستند أصحاب هذا الرأي بحسب تفسير بعض الشراح(16). إلى أن الموجب في هذه الحالة سيعتبر متبرعاً بهذا التوقيت فلا يلزمه، ولو ألزمناه به لقيدناه في هذه المدة، ومنعناه من التصرف لحق من توجه إليه بالإيجاب، وليس هذا مما يفيد به الملك، ويحال به بينه وبين آثار ملكه من حرية التصرف فيه. وهذا بخلاف ما إذا قيد الموجب نفسه بمدة تنتهي قبل انتهاء المجلس، فإن انتهاءها يعد حينئذٍ إعراضاً عن الإيجاب فيبطل.
الرأي الثاني: ذهب المالكية(17). إلى إن الموجب في هذه الحالة يبقى متقيداً بمدة الإيجاب الملزم، وقد ذكر أحد الفقهاء(18). بأنه “لقد ذهب المالكية إلى أن الموجب إذا قيد نفسه بمدة تقيد بها (ولم ينته المجلس)، كما يجري كذلك بما يجري العرف إذا جرى على تقييد الموجب بمدة معينة وعلى هذا إذا قال الموجب أنا ملزم بإيجابي عشرة أيام مثلاً التزم بذلك وصح للطرف الثاني القبول في أثنائها ما دام لم يصدر من الموجب له قبل ذلك ما يعد عدولاً منه عن الإيجاب والإبطال، ومذهب مالك أصلح في المعاملات المالية”. فمن الواضح أن المذهب المالكي يعتبر وبحق أن مجلس العقد في حالة الإيجاب الملزم سيبقى مستمراً إلى نهاية المدة المحددة. ويمكن توضيح ذلك من خلال ما يأتي:-
1-إن أساس التزام الموجب هي إرادته، وهذا مبدأ عام مستقر بحديث الرسول الكريم محمد (r) بقوله “المسلمون على شروطهم ألا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً “(19). لذلك فيجب استمرار هذه الإرادة بغض النظر عما إذا كانت المدة المحددة للالتزام تنتهي قبل التفرق من مجلس العقد أم بعده على حد سواء.
2-إن القول بأن الإيجاب الملزم يسقط في الفترة الممتدة إلى ما بعد التفرق، يجعل من مجلس العقد وحدة مكانية، فمجلس العقد لم يعد وحدة مكانية بحتة، بل يجب النظر إليه على أنه وحدة زمانية.
3-كما يمكن الاستناد إلى قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن إجراء العقود بالات الاتصال الحديثة الذي جاء فيه “إذا أصدر العارض بهذه الوسائل إيجاباً محدد المدة يكون ملزماً بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة … “(20).
4-إن القول بهذا الاتجاه هو ما تستدعيه الحاجة العملية في الحياة، فالتيسير في المعاملات يقتضي القول بهذا الاتجاه ما دام الموجب قد رضي بتحديد مدة للقابل(21).
وبما أن المشرع العراقي قد نص على الإيجاب الملزم في المادة (84)، فيجب التساؤل أيعتبر هذا الإيجاب إيجاباً معلقاً على شرط فيدخل في مرحلة المفاوضات التي تسبق مرحلة مجلس العقد؟ أم هو إيجاب سيؤدي حتماً إلى إبرام العقد من دون استطاعة الموجه إليه الإيجاب استخدام خيار رفض الإيجاب ومن ثم فإن العقد لا ينعقد؟ من خلال هذا التساؤل نرى أن فترة الإيجاب الملزم هي فترة تبتعد عن مرحلة المفاوضات باعتبار أن الإيجاب الملزم يتصف بالبتات، كما تبتعد عن مرحلة تحقق الانعقاد لوجود احتمال استخدام خيار الرفض وعدم تحقق انعقاد العقد. فهي إذاً مرحلة تتوسط المرحلتين، وهذه المرحلة يمكن إضافتها إلى فترة مجلس العقد مع مراعاة بعض الخصوصيات لمجلس العقد في مثل هذه الحالة من حيث خيار الموجب في الرجوع عن أيجابه ومن حيث الانفضاض اللذان سنوضحهما فيما بعد من هذه الدراسة. وعلى الرغم من قول جانب من الفقه(22). بأنه في حالة تحديد مدة للإيجاب فإن “العبرة للموعد لا لمجلس العقد” فإننا نعتقد بأن هذا الكلام هو كلام نظري وليس عملياً، لأنه يتعارض مع الواقع، كما وأنه يتناقض مع بعضه البعض. يلاحظ من هذا القول بأنه قد ورد مصطلح مجلس العقد فهل يعني ذلك بأن مجلس العقد سيبدأ عند صدور الإيجاب وعلم الموجه إليه به ومن ثم سينتهي المجلس ومع ذلك يتم إبرام العقد إلى ما قبل نهاية الموعد المحدد، أي أن العقد سينعقد بعد انفضاض المجلس، وهذا ما لا نعتقده، ومن ثم يمكن القول بأنه لا يوجد ما يمنع من امتداد مجلس العقد في القانون، فنأخذ بفكرة الامتداد الحكمي لمجلس العقد، فيكون مجلس العقد في حالة الإيجاب الملزم باقياً حكماً إلى حين حلول الميعاد. وهذا ما يتماشى مع الغاية الأساسية لفكرة مجلس العقد وهي تحديد الفترة الزمنية التي يبقى الإيجاب صالحاً لاقترانه بالقبول، وفي حالة الإيجاب الملزم فإن الإيجاب يبقى صالحاً للاقتران. وأن القول بعكس ذلك يؤدي إلى النظر إلى مجلس العقد على أنه وحدة مكانية وهذا غير صحيح. وتجدر الإشارة إلى أن فكرة الامتداد الحكمي لمجلس العقد ليست غريبة أو غير متجانسة مع آراء الفقه الإسلامي والقانوني المدني. فعلى سبيل المثال، وبالرغم من حصول بعض الموانع لإصدار القبول في فترة مجلس العقد سواء كان مانعاً مادياً أم أدبياً فإن مجلس العقد لا يعتبر منفضاً بل يبقى الإيجاب فيه صالحاً لاقترانه بالقبول. ومن أمثلة المانع المادي، إذا كان المتعاقدان يجلسان في منزل، وبعد أن صدر الإيجاب من الموجب وقبل القبول قام زلزال على أثره ترك كلّ من المتعاقدين أو أحدهما المنزل، وبعد انتهاء الزلزال، التقى المتعاقدين مرة أخرى وقال من وجه إليه الإيجاب قبلت، فإن العقد ينعقد لبقاء المجلس واتصاله، أو كأن يشب حريق في مكان التعاقد يترك على أثره المتعاقدان المكان ثم يعودان إليه بعد زوال هذا المانع ومن أمثلة المانع الأدبي قيام أحد المتعاقدين من المجلس لإنقاذ غريق أوشك على الهلاك وغير ذلك من الأمور التي تدخل في عداد المانع الأدبي(23). إذاً نستطيع القول بأن تحديد مدة صريحة أو ضمنية للإيجاب تعتبر مانعاً قانونياً لعدم سقوط الإيجاب وبقاء مجلس العقد ممتداً.
فيكون مجلس العقد في حالة الإيجاب الملزم باقياً حكماً إلى حين حلول الميعاد، ومن ثم فإن أحكام مجلس العقد الحقيقي تطبق. فيتضح لنا أن المادة (84) من القانون المدني العراقي لا تعتبر استثناءً من المادة (82) منه، بل تعتبر مادة مكملة لأحكام التعاقد في مجلس العقد الحقيقي أو الحكمي بحسب الطريقة التي وصل إليها الإيجاب إلى علم الموجه إليه. وهذا القول هو ما يتفق مع موقف المشرعين المصري والأردني(24). أما القانون المدني الفرنسي، فلم يورد نصاً تشريعياً يحدد حالة الإيجاب الملزم “وإن كان القضاء الفرنسي يجمع على اتباعه أو يكاد. بل أن ثمة اتجاهاً في الفقه الفرنسي يميل إلى اعتبار كل إيجاب أنه مقترن ضمنياً بميعاد معقول للقبول، يكون ملزماً خلاله، ويتيح لمن وجه إليه فرصة مناسبة للتفكير(25). وبذلك فإنه لا يوجد ما يمنع من القول بامتداد مجلس العقد الحقيقي بموجب القانون المدني الفرنسي كذلك.
المطلب الثاني : مجلس العقد الحكمي.
على الرغم من معالجة القانون المدني العراقي لحالة التعاقد بين غائبين في المادة (87) منه، فأنه لم يحدد فكرة مجلس العقد الحكمي كالتي جاء بها الفقه الإسلامي، عليه سيقسم هذا المطلب إلى فرعين، نتناول في الأول مجلس العقد الحكمي في الفقه الإسلامي، ثم نتناول في الفرع الثاني مجلس العقد الحكمي في الفقه القانوني.
الفرع الأول: مجلس العقد الحكمي في الفقه الإسلامي .
قبل البدء بتعريف مجلس العقد الحكمي في الفقه الإسلامي، يجب القول أن جمهور الفقهاء(26). قد اعتبروا أن اتحاد مجلس العقد شرطاً من شروط إبرام العقد. بمعنى أن العقد لا ينعقد لديهم إلا عن طريق مجلس العقد، ولا فرق في ذلك سواء أكان التعاقد ما بين حاضرين في مجلس العقد الحقيقي أم بين متعاقدين متباعدين في مجلس العقد الحكمي. إذاً يجب اتحاد مجلس العقد، سواء أكان التعاقد بين حاضرين أم بين غائبين. ولكن ما المقصود بمجلس العقد الحكمي في الفقه الإسلامي؟ يقصد بمجلس العقد الحكمي، هو المجلس الذي يكون أحد المتعاقدين غير حاضر فيه بنفسه أو بواسطة نائبه، وإنما تكون إرادة الموجب فيه ممثلة في المجلس عن طريق الكتاب أو الرسول أو ما يشبههما. ففي هذه الحالة يكون الموجب كأنه حضر بنفسه وبلغ الإيجاب(27). أو هو كما عرفه أحد الفقهاء المعاصرين(28). بأنه “المجلس الذي يتصل فيه الإيجاب بعلم الموجب له، سواء عن طريق الكتابة أم بواسطة الرسول والذي يحق له أن يقبله فيه، طالما بقي منصرفاً إلى موازنة أموره بشأنه دون أن يرفضه ، أو أن يكون الرجوع عنه قد صدر من جهة الموجب الغائب”. فيتم قيام مجلس العقد الحكمي إذاً بعد استخدام المراسلة بين المتعاقدين. والتي تعرّف بأنها “هي تبادل الرسائل بأنواعها الخطية أو الشفوية (الصوتية) أو المرئية بواسطة رسول أو وسيلة من وسائل الاتصال المتنوعة بين طرفين لشأن خاص بينهم(29). تكون بداية مجلس العقد الحكمي في الوقت الذي يعلم فيه الموجه إليه الإيجاب بالإيجاب، وبعد حصول الارتباط الزماني والمكاني بين الرسول أو الكتابة من جهة وبين المتعاقد المرسل إليه الإيجاب من جهة أخرى. فعند التعاقد بهذه الوسائل، فإن مكان الإرسال أو الكتابة لا يعتبر مجلساً للعقد، ولكن مجلسه حيث يبلغ الرسول رسالته إلى المرسل إليه، أو حيث يقرأ المرسل إليه ذلك الكتاب(30). فإذا قام الموجب بإرسال إيجابه كتابة إلى غائب، أو أمر رسولاً بتبليغه إليه شفوياً، فإن هذا الإيجاب لا يتوقف على صدور القبول في مجلس وصول الإيجاب، وإنما يعتبر أن هذا الإيجاب قد نقل عن طريق الكتابة أو الرسالة إلى مجلس بلوغ الكتاب، فكأن الموجب قد حضر بنفسه شخصياً، ووجه أيجابه إلى المرسل إليه، ولذا يعد مجلس العقد في هذه الحالة، مجلس بلوغ الكتاب أو أداء الرسالة، فإذا ما صدر القبول، تم اتصاله حكماً بهذا الإيجاب في مجلس واحد، وهو مجلس العلم بالإيجاب(31). لذلك لا يكفي أن يقوم الموجب بإرسال أيجابه، بل يجب علم الموجه إليه الإيجاب بالإيجاب، لكي يمكن القول بأن مجلس العقد قد تحقق قيامه، وما يؤكد ذلك ما ذكرته بعض المراجع الفقهية(32). من أن “صورة الكتابة أن يكتب إلى رجل … فلما بلغه الكتاب وقراءه وفهم ما فيه وقبل في المجلس صح البيع … والرسالة أن يقول اذهب إلى فلان وقل … فذهب فأخبره فقبل”. فالرأي في الفقه أن أثر الإيجاب والقبول عن طريق الكتابة أو بإرسال الرسول لا يبدأ منذ كتابة العبارة أو تلقين الرسول بالرسالة، بل بعد وصول الكتاب وقراءته أو وصول الرسول وتبليغ الرسالة. فعندئذٍ تأخذ العبارة مفعولها، فيعتبر الموجب موجباً والقابل قابلاً(33). وإن ترك الرسول المجلس أو إعراضه أو انتقاله بالحديث إلى موضوع أخر، لا يترتب عليه بطلان الإيجاب، لأن ذلك ليس إليه(34). ولكن إذا رفض الموجه إليه الإيجاب. هل يجوز تكرار قراءة الكتاب، أو توجيه الإيجاب من الرسول في مجلس أخر؟
اختلفت الآراء الفقهية إلى ثلاثة اتجاهات، سنعرضها كما يأتي:
1-ذهب جانب من الفقه(35). إلى وجوب التفرقة بين ما إذا كان العقد هو من عقود المعاملات المالية، أم من عقود النكاح . ففي النوع الأول من العقود، فإنه يشترط أن يصدر القبول في نفس مجلس وصول الكتاب أو أداء الرسالة، فإن لم يصدر فيه سقط الإيجاب نهائياً ومن ثم لا يجوز تكرار قراءة الكتاب أو توجيه الإيجاب من الرسول مرة ثانية في مجلس أخر، أما في النوع الثاني من العقود وهي (عقود النكاح)، فإنه يجوز في هذه الحالة وحدها تكرار قراءة الكتاب أو تبليغ الرسالة في مجلس ثان، وإصدار القبول فيه. ذلك لأن “الخطاب والكتاب سواء إلا في فصل واحد، وهو أنه لو كان حاضراً يخاطبها بالنكاح فلم تجب في مجلس الخطاب ثم أجابته ولم تزوج نفسها فيه في هذا المجلس ثم زوجت نفسها منه في مجلس أخر عند الشهود وقد سمعوا كلامها وما في الكتاب يصح لأن الغائب إنما صار مخاطباً لها بالكتاب وهو باق في المجلس الثاني (36).
2-يرى جانب أخر من الفقه(37). أن الحكم الذي يسري على عقد النكاح ينطبق على عقود المعاملات المالية أيضاً. ومع ذلك ذهب أصحاب هذا الرأي إلى وجوب التفرقة بين ما إذا كان التعاقد عن طريق الكتاب، وما بين التعاقد عن طريق الرسول. فإذا كان التعاقد عن طريق الرسول، فإن الموجه إليه الإيجاب إذا لم يقبل في مجلس بلوغ الرسالة وقبل بعد ذلك في مجلس بلوغ أخر، فلا ينعقد العقد، لأن ما وجد بين الرسول والمرسل إليه هو كلام والكلام لا يبقى إلى المجلس الثاني. أما إذا كان التعاقد عن طريق الكتاب. فإن الإيجاب المتمثل في الكتاب يظل موجوداً ما دام الكتاب موجوداً. فإذا ما تلي الكتاب في حضرة من وجه إليه ولم يقبله في المجلس أو صدر منه ما يدل على الإعراض وانفض المجلس فإنه يجوز تكرار التلاوة مرة أخرى، فإذا كان الموجه إليه الإيجاب موجوداً واتصل علمه به بدأ بذلك مجلس عقد جديد، فإذا ما قبل الإيجاب في هذا المجلس انعقد العقد ولم يسقط الإيجاب، لأن الإيجاب باق ببقاء الكتاب، سواء كان في عقد البيع وما يشبهه أم في عقد النكاح، ما دام صاحبه قد بقى على أيجابه، ولم يرجع عما في الكتاب.
3-يرى جانب من الفقهاء المعاصرين(38). أن الإيجاب المتمثل في الكتاب أو الرسول يظل موجوداً، ما دام الكتاب موجوداً أو ظل الرسول محملاً بالإيجاب. فلا يفرقون بين الكتابة والرسول بخلاف الرأي الثاني. كما أن هذه القاعدة بحسب رأيهم تنطبق سواء في عقود المعاملات المالية أم في عقود النكاح. فإذا ما تلي الكتاب أو بلغ الرسول في حضرة من وجه إليه ولم يقبلها في المجلس أو صدر منه ما يدل على الإعراض وانفض المجلس فإنه يجوز تكرار التلاوة أو التبليغ مرة أخرى. فإذا كان الموجه إليه الإيجاب موجوداً واتصل علمه به بدأ بذلك مجلس عقد جديد، فإذا ما قبل الإيجاب في هذا المجلس انعقد العقد، ولم يسقط الإيجاب لأن الإيجاب باق ببقاء الكتاب أو الرسول ما دام صاحبه باقياً عليه ولم يرجع عما في الكتاب أو عما حمل به الرسول.
بعد استعراض هذه الآراء الفقهية، سنقوم بتوضيح المسائل الآتية:-
أولاً: على الرغم من اتفاقنا مع الرأي الفقهي الأخير، في بقاء الإيجاب في هذه الحالة فإن ما يمكن أن يؤخذ عليه هو عدم تحديد فترة زمنية يمكن خلالها إعادة قراءة الكتاب أو قيام الرسول بتكرار الإيجاب في مجلس ثانٍ. فالقول بأن الإيجاب المتمثل في الكتاب أو الرسول يظل موجوداً، طالما وجد الكتاب أو ظل الرسول محملاً بالإيجاب، قد يؤدي إلى مشاكل عملية في صلاحية الكتاب أو الرسول في التعبير عن هذا الإيجاب. فمثلاً قد يصدر الإيجاب بين شخصين متباعدين عن طريق الرسول، وعند قيام الرسول بإيصال هذا الإيجاب وقيام مجلس العقد، يقوم الموجه إليه الإيجاب برفضه. وبسبب بعد المسافة ما بين المتعاقدين قد لا يعلم الموجب برفض أيجابه. وبعد فترة من الزمن كالشهر مثلاً – وبعد فوات مصلحة الموجب من التعاقد – يقوم الرسول بتكرار ايجاب الموجب إلى نفس الموجه إليه الإيجاب. فهل سيعتبر هذا الإيجاب ايجاباً في مجلس عقد حكمي جديد مرسلاً عن طريق الرسول، أم سيعتبر الشخص الذي طرح الإيجاب شخصاً فضولياً وبالتالي فإن هذا الإيجاب سيعتبر في مجلس عقد حقيقي لا حكمي؟ يتضح لنا من خلال هذا المثال أهمية تحديد فترة زمنية لأمكانية تكرار الإيجاب الذي يتم عن طريق الكتابة أو الرسول أو ما يشبههما للتخلص من هذا المأخذ ويمكن تحديد هذه الفترة استناداً إلى ظروف التعاقد – لكل عقد على حدة – التي تحيط بالعملية التعاقدية، مع مراعاة العرف في ذلك، لأهميته في تكوين العقد، ومع الأخذ بنظر الاعتبار نية الموجب، التي يمكن أن تستخلص من توجيهاته للرسول أو لحامل الرسالة، كما يمكن الاستعانة في الكشف عن هذه النية عن طريق المظاهر المادية التي قد تظهر نيته في ذلك.
ثانياً: نتفق مع أصحاب الرأي الأخير في عدم التفريق بين الكتابة والرسول في بقاء أو سقوط الإيجاب بعد رفضه، لأن كليهما عبارة عن وسيلة أو أداة لنقل الإرادة إلى الموجه إليه الإيجاب. فما هي الحكمة من عدم بقاء الإيجاب الذي يتم نقله عن طريق الرسول بعد رفضه من الموجه إليه الإيجاب، وبقاءه عند نقله عن طريق الكتاب، كما ذهب إلى ذلك أصحاب الاتجاه الثاني.
ثالثاً: نتفق مع أصحاب الرأي الأخير في مسألة المساواة في الحكم بين عقود المعاملات المالية وعقود النكاح. ونستند بتبرير ذلك إلى ما أورده أحد الفقهاء(39). بقوله: “وفي رأيي أن عقد البيع وغيره من عقود المال أولى بهذا الحكم من عقد النكاح، إذ يتساهل في عقد البيع ونحوه بما لا يتساهل به في عقد النكاح، وعلى ذلك يجوز لمن أرسل إليه الإيجاب بالكتاب إذا قراءه فلم يقبله في أول مجلس أن يقرأه في مجلس أخر ثم يقبل، ويكون مجلس العقد مجلس كل قراءة … وللرسول أن يكرر أداء الرسالة في مجلس ثان بعد إعراض الموجب له عن الإيجاب في مجلس أدائها الأول، فإن صدر القبول في المجلس الثاني تم التعاقد ما دام الموجب لم يبلغه ما كان من إعراض بالمجلس الأول”.
الفرع الثاني : مجلس العقد الحكمي في الفقه القانوني .
بعد أن تناولنا مفهوم مجلس العقد الحكمي في الفقه الإسلامي في الفرع السابق، وتبين لنا طريقة قيامه بحسب مفهوم هذا الفقه الجليل، من تحديد واضح للحظة التي يبدأ بها هذا المجلس وللأحكام الشرعية التي تحكمه، سنوضح موقف الفقه القانوني منه. وذلك عن طريق تقسيمه إلى قسمين. نتناول في القسم الأول (مدى مشروعية تسمية التعاقد بالمراسلة بمجلس العقد الحكمي في الفقه المدني)، كما نتناول في القسم الثاني (مفهوم مجلس العقد الحكمي في الفقه المدني) وكما يأتي:
أولاً: (مدى مشروعية تسمية التعاقد بالمراسلة بمجلس العقد الحكمي) .
بدايةً إن مما لاشك فيه أن التعاقد في الفقه والقانون المدني، لا يقتصر على الحالة التي يكون فيها المتعاقدان متواجدين في مكان واحد وفي زمان واحد. وقد أورد القانون العراقي نصاً في المادة (87) منه(40). حدد فيه اللحظة التي يتم بها انعقاد العقد بين الغائبين، كما فعل القانون المدني المصري والأردني(41). وعلى الرغم من أن القانون الفرنسي قد جاء خالياً من تنظيم هذه المسألة، وهي مسألة تحديد لحظة انعقاد العقد بنص عام ومحدد، إلا أن ذلك لا يعني بأن القانون الفرنسي لا يسمح لأشخاص متباعدين بالتعاقد فيما بينهم بالمراسلة، بل سمح بذلك إلا أنه ترك أمر تنظيم هذا النوع من التعاقد إلى الفقه والقضاء اللذين كان عليهما أن يسدا هذه الثغرة الواسعة في التشريع(42). بمعنى، أن ما نريد الوصول إليه من خلال الاستعراض السابق، أن القانون المدني العراقي والقوانين المقارنة قد عرفت التعاقد ما بين الغائبين. ولكن هل يعني ذلك بأن هذه القوانين قد عالجت موضوع مجلس العقد الحكمي؟ للإجابة عن ذلك يمكننا القول أنه، يجب التمييز ما بين اصطلاحي (التعاقد بين الغائبين) الذي يطلق لدى غالبية الفقه القانوني(43). على اللحظة التي يتم بها إبرام العقد و (مجلس العقد الحكمي) الذي يتم تحديد تسميته في الفترة التي يصل فيها الإيجاب إلى علم الموجه إليه، أي في الفترة التي تسبق انعقاد العقد. والأمثلة الآتية ستبين الفرق بين الحالتين:
1-قد يصدر الإيجاب من حاضر إلى غائب عن طريق الرسالة، فيأتي الغائب البعيد شخصياً ويبلغه قبوله. ففي هذه الحالة على الرغم من بداية مجلس عقد حكمي بين المتعاقدين، فإن التعاقد يعتبر قد أبرم بين حاضرين.
2-قد يصدر الإيجاب من حاضر إلى حاضر مقترناً بفترة زمنية يبقى خلالها الموجب ملتزماً بأيجابه، كمن يصدر أيجابه إلى حاضر ويحدد له مدة أسبوع لقبوله ثم يسافر الطرف الأخر ويعلن عن رضاه ضمن مدة الإلزام بكتاب أو برقية أو رسول. ففي هذه الحالة يعتبر أن العقد قد تم بين غائبين. بمعنى أنه على الرغم من بداية مجلس عقد حقيقي بين المتعاقدين، فإن التعاقد يعتبر قد أبرم بين غائبين.
يتبين لنا أن مجلس العقد الحكمي لم يعالج في القانون المدني بالطريقة التي جاء بها الفقه الإسلامي، وإنما ما تمت معالجته هو تحديد اللحظة التي ينعقد بها العقد. وهذا ما أشار إليه جانب من الفقه(44). بأنه “قد جرت العادة في تقنينات الدول المختلفة، عربية كانت أم أجنبية، على أن يقتصر أمر التشريع فيها، في تنظيمه التعاقد بالمراسلة، على مواجهة مسألة زمان انعقاد العقد ومكانه، وهي مسألة كبيرة في أهميتها إلا أنها ليست الوحيدة، فإلى جانبها توجد مسألة أخرى لا تقل عنها أهمية بل تزيد هي مسألة تحديد مدى التزام الموجب بالإبقاء على أيجابه، أي الفترة التي يبقى فيه صالحاً لاقترانه بالقبول “. إن الفقه القانوني(45). قد ساير التشريعات المقارنة في معالجته لمسألة التعاقد بالمراسلة، في التركيز على تحديد اللحظة التي ينعقد بها العقد دون تحديد وضبط للفترة التي تسبقه، والتي يعتبر مجلس العقد جزءاً منها. ويتبين لنا هذا الفارق من خلال ما ذكره جانب من الفقه(46). ” إن معنى التعاقد بالمراسلة في القانون هو أن يتم التعاقد بطريقة استخدام أو تدخل وسيط ما لينقل إلى الموجب إرادة من وجه إليه سواء أكان هذا الوسيط وسيلة مادية متمثلة في كتابة ترد في كتاب أو برقية، أم كان إنساناً بصفة رسول “. وهنا يثار السؤال الآتي: هل يعني ذلك أن فكرة مجلس العقد لا يمكن الأخذ بها في حالة التعاقد الذي يتم عن طريق الرسول أو الكتابة في الفقه المدني؟ قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى، بأن مجلس العقد هو فكرة ينحصر مجال تطبيقها على التعاقد الذي يتم بين حاضرين، أما في التعاقد ما بين غائبين فلا يمكن تصور قيام مجلس عقد بين متعاقديه، مثلما قال جانب من الفقه(47). بتصنيف التعاقد إلى نوعين، أطلقوا على النوع الأول الذي يتم ما بين الحاضرين اصطلاح التعاقد في مجلس العقد، وكأن اصطلاح مجلس العقد هو اصطلاح مرادف للتعاقد ما بين الحاضرين، بينما أطلقوا على النوع الثاني، اصطلاح التعاقد ما بين الغائبين، وهذا ما نراه يتعارض مع الصواب، وذلك للأسباب الآتية:
1-إن إطلاق تسمية مجلس العقد على التعاقد بين حاضرين فقط هي تسمية لا تستند إلى أساس. فاصطلاح مجلس العقد هو اصطلاح شرعي، جاء به الفقه الإسلامي، فإذا كان أساس إطلاق هذه التسمية هو الأخذ بها من مجلة الأحكام العدلية فيجب الأخذ بمفهومها ككل وهو التعاقد في مجلس عقد حقيقي والتعاقد في مجلس عقد حكمي وبكل وسائل الاتصال، المشافهة أو المكاتبة أو غيرهما من الوسائل.
2-يمكن الاستناد إلى ما ذكره جانب من الفقه(48).”بجواز التراضي بالمواجهة في مجلس حقيقي أو بالمكاتبة في مجلس حكمي”.
3-إن الغاية الرئيسة لمجلس العقد، هي ضبط الإيجاب الصادر عن أحد الطرفين، وتحديد المدة التي يبقى فيها هذا الإيجاب صالحاً لملاقاة القبول الصادر من الطرف الأخر. وهذا ما تجب مراعاته بغض النظر سواء أكان التعاقد بين حاضرين أم بين غائبين.
فيجب النظر إذا ً إلى مفهوم مجلس العقد، نظرة تواكب التطورات في الحياة، فالحياة في تطور مستمر، ومن هذا المنطلق، فإنه وإن كان مفهوم مجلس العقد القائم على الوحدة المكانية أمراً لا خلاف عليه في السابق لاستيعاب جميع أنواع التعاقدات التي تتم بين المتعاقدين، لمحدودية المعاملات بين الأفراد، وطبيعة وسائل التعبير التي يعبر بها الأطراف عن إرادتهما، فإن دخول الرسالة والرسول بوصفهما وسيلتين من وسائل التعبير عن الإرادة، وازدياد المعاملات وتعقدها، يجعل التعاقد لا يقتصر على هذا المفهوم الذي لا يواكب تلك الوسائل، بل يجب مواكبة كل هذا عن طريق الأخذ بمفهوم واسع ومرن لمجلس العقد. لذا يجب الابتعاد عن مفهوم مجلس العقد بوصفه ارتباطاً شخصياً بين المتعاقدين، والأخذ بمفهومه بوصفه ارتباط موضوعي بين الإيجاب والقبول. فلا يقصد باتحاد مجلس الإيجاب والقبول، صدور الثاني مباشرةً بعد الأول، إنما المقصود بذلك أن الإيجاب إذا ما صدر وجب لبقائه قائماً عدم صدور ما يدل على الإعراض عنه قبل أن يلحقه القبول مهما طال الوقت الذي استغرقه ذلك(49). نستنتج من ذلك، أن التعاقد الذي يتم بالمراسلة بحسب الفقه القانوني المدني يخضع لفكرة مجلس العقد، ولكن بفكرة تتماشى مع طبيعة هذا النوع من التعاقدات وخصوصيته ، ونستند في ذلك إلى ما قاله جانب من الفقه(50). “بأن مفهوم مجلس العقد قد يستوعب التعاقد بين عاقدين بعدت الشقة بينهما، فوجد أحدهما في المشرق والأخر في المغرب”. ونتفق مع جانب من الفقه(51). في تبريرهم هذا الاتجاه – بأن فكرة مجلس العقد يمكن الأخذ بها على حد سواء في التعاقد بين أشخاص متواجدين في مكان واحد أم متباعدين مع خصوصية هذا النوع الثاني من التعاقدات – بقولهم: “لقد لجأ الفقهاء في بداية هذا التطور عند استخدام الرسائل والبريد إلى محاولة ضبط عملية الإيجاب والقبول واختلفوا في ذلك إلى عدة آراء، وأمام التسارع في التطور الذي حدث مؤخراً خلال نصف القرن الأخير، أصبح الأمر يحتاج إلى اجتهاد وينظم المسألة تنظيماً لا ينطلق من صورة مجلس العقد التي جاءت بها الأحكام الأصلية، وإنما ينطلق من مقصد هذه الأحكام وهو ضبط ملزمٌ وصالحٌ لملاقاة القبول من الطرف الأخر مع تحديد صورة القبول وضبط وسائل الإثبات وكل ذلك بما ينفي الجهالة والنزاع”. وبالتالي فإن التعاقد بالمراسلة يقوم على أساس من اتحاد مجلس العقد حكماً لا حقيقةً(52).
ثانياً: (مفهوم مجلس العقد الحكمي في الفقه القانوني) .
يعد التعاقد بالمراسلة بصورة عامة من أكثر المسائل خلافاً في التشريعات المدنية الحديثة، إذ أصبح الخلاف فيها حقيقة لا سبيل إلى إنكارها(53). خاصة بعد أن ازدادت عمليات التعاقد وانتشرت التجارة بين الناس، سواء أكانت تجارة داخلية تتم داخل اقليم الدولة أو خارجها. إن من أهم المسائل التي تطرح نفسها عند معالجة مجلس العقد الحكمي الذي يتم عن طريق المراسلة هي مسألة بيان وسائل نقل الإيجاب بعد أن ظهرت وسائل اتصال عديدة ومتنوعة ساعدت المتعاقدين على التعاقد في مجلس العقد الحكمي. ومن المسائل الأخرى التي يجب مناقشتها هي مسألة الاختلاف الفقهي في تحديد مفهوم هذا المجلس لذلك سنتناول هاتين المسألتين وعلى الترتيب:-
وسائل نقل الإيجاب في مجلس العقد الحكمي:
بعد أن ظهرت وسائل اتصال عديدة كالتلكس والبرقية والبريد الإلكتروني، فقد الرسول والكتابة (الرسالة التقليدية ) دورهما الكبير في تحقق قيام مجلس العقد الحكمي. ويعود السبب في حلول التلكس وما شابه محل الرسول والرسالة التقليدية إلى ما توفره هذه الوسائل من سرعة في نقل إرادة الموجب إلى الشخص الموجه إليه وما تؤديه من تقليل لنفقات التعاقد(54). ويمكن أدراج التعبير عن الإرادة بـ(التلكس) ضمن طرائق التعبير بالكتابة على الآلة الطابعة، مع الأخذ بنظر الاعتبار من أنها كتابة حديثة من نوع خاص(55). أما البرقية فهي عبارة عن كتابة مرسومة مستبينة، أن لم تكن بخط العاقد ولكنها نقل لصورة ما كتبه هو ووقع عليه(56). فيتطلب التعبير عن الإيجاب بواسطة البرق، قيام الشخص بكتابة مضمون الرسالة على نموذج خاص يتولى مكتب بريد المرسل القيام بإرسال هذا المضمون إلى مكتب بريد المرسل إليه، ومن ثم يقوم هذا المكتب الأخير بتدوين الرسالة على ورقة خاصة ترسل إلى الشخص المتوجهة إليه حسب عنوانه(57). أما البريد الإلكتروني فهو وسيلة لتبادل الرسائل عبر شبكة الانترنت(58). أو هو استخدام شبكات الحاسب الآلي في نقل الرسائل بدلاً من الوسائل التقليدية(59). فهو كمكتب البريد(60). أذ يحظى كل مستعمل للبريد الإلكتروني بعنوان خاص به يستعمل كالعنوان البريدي لإرسال الرسائل وتلقيها عبر شبكة الانترنت، ولا يتوافر إلا للمشترك الإطلاع على بريده الخاص(61). فيتم التعبير عن الإيجاب عبر خدمة البريد الإلكتروني بالكتابة، وذلك بتوجيه الرسائل الإلكترونية من داخل العلبة الإلكترونية العائدة للمرسل(62). كما يسمح بتوجيه الرسالة ذاتها إلى عدد غير محدد من المشتركين في الوقت ذاته وتسمى هذه الخدمة، بخدمة اللوائح أو القوائم البريدية(63). وبذلك يتشابه الإيجاب بالبريد الإلكتروني، بالسعي إلى إبرام العقود بواسطة البريد، ما دام أن الموجب يرسل رسالته الإلكترونية إلى صناديق البريد الإلكتروني الخاصة بهم، أما المرسل إليه فسيعلم بهذا العرض عندما يفتح صندوق خطاباته الإلكتروني، وابتداءً من هذه اللحظة فقط تبدأ فعالية الإيجاب بحيث يكون للمرسل أليه الحرية في قبول العرض برسالة الكترونية من جانبه(64). ومن الجدير بالذكر أن المشرع الأردني قد أورد في المادة رقم (13) من القانون الذي أصدره فيما يخص المعاملات الإلكترونية، والذي يدعى “قانون المعاملات الإلكترونية” نصاً صريحاً، أعتبر فيه بأن هذه الوسائل من الوسائل المعتبرة في التعبير عن الإرادة، ومما جاء في هذه المادة: “تعتبر رسالة المعلومات وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة المقبولة قانوناً لإبداء الإيجاب أو القبول بقصد إنشاء التزام تعاقدي(65)(66). وعلى الرغم من خلو القانونين المدنيين العراقي والمصري من نص مشابه لما ورد في قانون المعاملات الإلكترونية الأردني، فإن ذلك لا يعني عدم اعتبار هذه الوسائل طريقة للتعبير عن الإيجاب، إذ أعتبر المشرعان المشار إليهما آنفاً، بأن الإيجاب كما يكون بالمشافهة أو المكاتبة أو الإشارة، يكون أيضاً باتخاذ أي مسلك لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته(67). وقد تعرض الفقهاء المعاصرون(68). لهذه المسألة، إذ يرون أن التعاقد بالتلكس والبرق والبريد الإلكتروني تعاقداً بين غائبين، لأن هذه الوسائل لا تختلف عن التعاقد بطريق الكتابة التي كانت معروفة منذ زمان الفقهاء القدامى، فالتعاقد بهذه الوسائل لا يخرج عن كونه تعاقداً بواسطة الكتابة. فالإيجاب المرسل عن طريق هذه الوسائل يرسل بكتابة مرسومة ومستبينة وأن لم تكن بخط الموجب وإنما بنقل لصورة منها(69)، أو لصورة مكتوبة على آلة ميكانيكية أو أوتوماتيكية. ويتفق الفقه القانوني مع ما ذهب إليه الفقه الإسلامي، في مسألة تشابه الإيجاب المرسل عن طريق الوسائل محل البحث مع الكتابة(70). فالإيجاب الذي يتم عن طريق البرق أو التلكس أو البريد الإلكتروني يكون إيجاباً ينعقد من خلاله مجلس عقد حكمي وليس حقيقياً “إذ تعتبر هذه الوسائل من وسائل الاتصال غير المباشر(71). لأن التفاعل والتساوم ما بين المتعاقدين لا يبقى مستمراً بعد أن يصل الإيجاب إلى الموجه إليه(72).
الاختلاف الفقهي في تحديد مفهوم مجلس العقد الحكمي:
ثار الخلاف في تحديد مفهوم مجلس العقد الحكمي إلى اتجاهات مختلفة، نستعرضها فيما يأتي:
الاتجاه الأول: ذهب بعض الشراح(73). إلى القول أن مجلس العقد الحكمي يبدأ بمجرد استلام القبول، وبذلك فإن مجلس العقد بين الغائبين يتحقق بالوقت الذي يعلم فيه الموجب بقبول الأخر. إلا أنه يمكن توجيه النقد لهذا الاتجاه من ناحية أنه لا يميز بين الفترة التي توفر فترة للتروي بين المتعاقدين والتي تسبق انعقاد العقد وبين اللحظة التي يعتبر فيها العقد مبرماً. ثم أن هذا القول يستدعي منا التساؤل عن معناه. فهل أن ما يقصد به من قول بأن مجلس العقد هو مجلس وصول القبول سيؤدي إلى أن العقد إذا لم ينعقد فلا يكون للمجلس وجود؟ وهل المقصود من هذا القول بأن الحال يتساوى ما بين صدور الإيجاب وعدم صدوره وهذا غير الواقع، وذلك لقيام أثار لمجلس العقد تترتب قبل لحظة انعقاد العقد من خيار للرجوع أو خيار للقبول، والتي سنعالجها في هذه الدراسة.
الاتجاه الثاني: يرى أصحاب هذا الاتجاه(74). أن مجلس العقد الحكمي يبدأ بصدور الإيجاب. إلا أن هذا الرأي منتقد من حيث أنه لا يفرق بين قيام الإيجاب بشكل واقعي وقيامه بشكل قانوني، مع وجوب مراعاة ما يؤدي إليه هذا النقد من اختلافات عملية، فالإيجاب لا يرتب أثاره القانونية إلا بعد قيامه قانوناً (أي بعلم الموجه إليه الإيجاب بالإيجاب)، ومن ثم فإن قيام الإيجاب قانوناً يؤدي إلى انعقاد العقد إذا ارتبط به قبول مطابق.
الاتجاه الثالث: ذهب جانب من الفقه(75). إلى القول، أن مجلس العقد الحكمي يبدأ حين وصول الإيجاب المرسل عن طريق الرسول أو الرسالة إلى علم الموجه إليه، وهذا ما نرجحه، ذلك أن التعبير عن الإيجاب لا ينتج أثره إلا بعد وصوله إلى علم الموجه إليه. ومن ثم فلا يمكن القول ببداية مجلس العقد الحكمي قبل ذلك أو بعده، فالرأي الفقهي في الإيجاب بالكتابة أو بالرسول لا يبدأ إلا بعد وصول الكتاب وقراءته أو وصول الرسول وتبليغه الإيجاب، عندئذ تأخذ العبارة مفعولها، فيعتبر الموجب موجباً(76).وبعد قيام مجلس العقد الحكمي هل يشترط إصدار القبول في مكان إيصال الإيجاب من قبل الرسول أو حامل الرسالة؟ يختلف الحال في الفقه المدني عنه في الفقه الإسلامي إذ لم يشترط ذلك، وإنما اشترط أن يكون الإيجاب قائماً حين إصدار القبول، فيجوز لمن وجه إليه الإيجاب أن يقبله في أي وقت، بشرط أن يكون الإيجاب باقياً لم يسقط برفضه من الموجه إليه، فإذا سقط قبل حصول القبول وقع هذا الإيجاب غير ذي موضوع، لأنه لا يصادف قبولاً قائماً، ومن ثم لا ينعقد(77). فالقبول الذي ينعقد به العقد هو الذي يصدر وقت قيام الإيجاب، ويكون الإيجاب قائماً عند قيام مجلس العقد، سواء في التعاقد بالمواجهة أو بالمراسلة(78). وأخيراً يمكن القول أن مجلس العقد الحكمي يبدأ بعلم الموجه إليه الإيجاب بالإيجاب، ويبقى قائماً لحين ارتباط القبول به أو سقوط الإيجاب عنه، ولكن إذا بقي لفترة طويلة دون سبب معقول للتأخر في القبول، اعتبر ذلك قرينة على رفض الإيجاب ومن ثم ينفض مجلس العقد، وهذا ما أقره القضاء الفرنسي(79).
74
____________________________________
1- د.منير محمود الوتري، المجموعة الأولى لبحوثي القانونية والإجرامية، القسم الأول، مطبعة الجامعة، بغداد، 1982م، ص17.
2- د.عبد الواحد كرم علي، المصدر السابق، ص337.
3- جاسم لفتة سلمان العبودي، النيابة عن الغير في التصرف القانوني، أطروحة دكتوراه مقدمة الى مجلس كلية القانون بجامعة بغداد، 1991م، ص156.
4- الخطيب، مغني المحتاج المصدر السابق ،ج2، ص15.
5- الكاساني، بدائع الصنائع، المصدر السابق، ج5، ص150-151 – محمد قدري باشا، مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان، الدار العربية للتوزيع والنشر، عَمّان، بدون سنة طبع، م(396)، ص105 – الخرشي، على مختصر سيدي خليل، المصدر السابق، ج5، ص18.
6- د.عبد السلام التونجي، المصدر السابق، ص102.
7- د.جابر عبد الهادي سالم الشافعي، المصدر السابق، ص238-239.
8- الدسوقي، حاشية الدسوقي، المصدر السابق، ج3، ص4.
9- ابن الهمام، شرح فتح القدير، المصدر السابق، ج5، ص79.
10- إبراهيم الباجوري، حاشية الباجوري، المصدر السابق، ج1، ص341-342.
11- إذ نصت المادة (173) من مجلة الأحكام العدلية على ما يأتي: “الإيجاب والقبول كما يكون بالمشافهة يكون بالمكاتبة أيضاً “.
12- د.حسين النوري، نظرية الالتزام، مكتبة عين شمس، القاهرة، بدون سنة طبع، ص78.
13- د.محمد صالح، أصول التعهدات، ط4، مطبعة الاعتماد، القاهرة، 1933م، ص217.
14- إذ نصت المادة (82) من القانون المدني العراقي على ما يأتي:
“المتعاقدان بالخيار بعد الإيجاب إلى أخر المجلس. فلو رجع الموجب بعد الإيجاب وقبل القبول أو صدر من أحد المتعاقدين قول أو فعل يدل على الإعراض يبطل الإيجاب ولا عبرة بالقبول الواقع بعد ذلك”.
15- ينظر في الفقه الحنفي: الكاساني، بدائع الصنائع، المصدر السابق، ج5، ص138 – وفي الفقه الشافعي: إبراهيم الباجوري، حاشية الباجوري على ابن قاسم الغزي، المصدر السابق، ج1، ص339 – وفي الفقه الحنبلي: شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن ابن قدامة المقدسي، الشرح الكبير، ج4، دار الكتاب العربي، بيروت، 1972م، ص4.
16- علي الخفيف، أحكام المعاملات الشرعية، ط3، دار الفكر العربي، القاهرة، بدون سنة طبع، ص175.
17- الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص241.
18- علي الخفيف، المصدر السابق، ص175-176.
19- أخرجه الترمذي في سننه، باب ما ذكر عن رسول الله (r) في الصلح بين الناس، رقم الحديث (1352)، محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، تحقيق أحمد محمد شاكر وأخرون، دار إحياء التراث العربي، ج3، بيروت، بدون سنة طبع، ص634.
20- قرار رقم (54/3/6) لسنة (1990م) بشأن إجراء العقود بالات الاتصال الحديثة / الفقرة (3).
مشار إليه لدى: د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ط4 معدلة، ج7، دار الفكر المعاصر، دمشق، 1997م، ص5174.
21- د.محمد يوسف موسى، الفقه الإسلامي، ط3، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1958م، ص327.
22- د. أنور العمروسي، التعليق على نصوص القانون المدني، ج1، بغداد، 1983م، ص215.
23- د.جابر عبد الهادي سالم الشافعي، المصدر السابق، ص371.
24- إذ يقابل نص المادة (84) من القانون المدني العراقي، المادتان (93) مصري و (98) أردني، كما يقابل نص المادة (82) من القانون المدني العراقي، المادتان (94) مصري و (96) أردني.
(25) mazeaud_Locons De Droit Civil . P.134
نقلاً عن: د.عبد الفتاح عبد الباقي، نظرية العقد، المصدر السابق، ص132.
26- الحطاب، مواهب الجليل، المصدر السابق، ج4، ص240 – النووي، المجموع، المصدر السابق، ج9، ص160 – الكاساني، بدائع الصنائع، المصدر السابق، ج5، ص137 – البهوتي، كشاف القناع، المصدر السابق، ج3، ص147.
27- الكاساني، بدائع الصنائع، المصدر السابق، ج5، ص138.
28- د. صلاح الدين زكي، المصدر السابق، ص24.
29- قاسم صالح علي محمد العاني، أثر المراسلة في صحة العقود وبطلانها، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية العلوم الإسلامية، جامعة بغداد، 1999م، ص11.
30- علي الخفيف، المصدر السابق، ص177 – د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ط4 معدلة، ج4، دار الفكر المعاصر، دمشق، 1997م ، ص2950.
31- ينظر – أبو الحسن علي بن أبي بكر الرشداني المرغيناني، الهداية شرح بداية المبتدئ، المكتبة الإسلامية، ج3، بدون مكان وسنة طبع، ص21 – ابن نجيم، البحر الرائق، المصدر السابق،ج5، ص287-288 – الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، الفتاوى الهندية، المصدر السابق، ج3، ص7.
وقد ذكر محمد قدري، مرشد الحيران، م(346) الآتي: “كما ينعقد البيع بالإيجاب والقبول خطاباً يصح انعقاده بهما تحريرياً أو مكاتبة … ويشترط القبول في مجلس وصول الكتاب وقراءته وفهمه … “.
32- الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، الفتاوى الهندية، المصدر السابق، ج3، ص9.
33- د.مصطفى الزرقا، المدخل الفقهي العام، المصدر السابق، ص327.
34- علي الخفيف، المصدر السابق، ص178.
35- ابن نجيم، البحر الرائق، المصدر السابق، ج5، ص287-288 – د.محمد يوسف موسى، الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص370.
36- ابن نجيم، المصدر نفسه، ص287-288.
37- ابن عابدين، حاشية رد المحتار، المصدر السابق، ج4، ص512 – د.صلاح الدين زكي، المصدر السابق، ص23-24.
38- علي الخفيف، المصدر السابق، ص178-179 – د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق، المصدر السابق، ج1، ص29 – د.عبد الحميد محمود البعلي، ضوابط العقود في الفقه الإسلامي، ط1، مؤسسة الشرق، الأردن، 1985م، ص85.
39- علي الخفيف، المصدر السابق، ص178-179.
40- إذ نصت المادة (87) من القانون المدني العراقي على ما يأتي:
” 1- يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان والزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ما لم يوجد اتفاق صريح أو ضمني أو نص قانوني يقضي بغير ذلك.
2- ويكون مفروضاً إن الموجب قد علم بالقبول في المكان والزمان اللذين وصل إليه فيهما “.
41- ينظر – نص المادة (97) من القانون المدني المصري، والمادة (101) من القانون المدني الأردني.
42- ينظر – د.أحمد حشمت أبو ستيت، مصادر الالتزام، دار الفكر العربي، مصر، 1963م، ص89 – د.جورج سيوفي، النظرية العامة للموجبات والعقود، ج1، مصادر الموجبات، بيروت، 1960م، ص73.
43- د.جميل الشرقاوي، النظرية العامة للالتزام، الكتاب الأول، مصادر الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة، 1974م، ص280 – د.سمير عبد السيد تناغو، نظرية العقد وأحكام الألتزام، منشأة المعارف، الأسكندرية، بدون سنة طبع، ص42 – د.برهام محمد عطا الله، المصدر السابق، ص65.
44- د.منذر الفضل، النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني، المصدر السابق، ص123.
45- ينظر – د.حسين النوري، نظرية الالتزام، المصدر السابق، ص79-82 – د.عبد المنعم فرج الصدة، محاضرات في القانون المدني، ج1، التراضي، القاهرة، 1958م، ص109-118 – د.حلمي بهجت بدوي، المصدر السابق، ص104 – د.رمضان أبو السعود، مبادئ الالتزام، الدار الجامعية، بدون مكان طبع، 1984م، ص99-105.
46- د.جاسم العبودي، حول التعاقد بالمراسلة والاختلاف فيه، بحث منشور في مجلة القانون المقارن، العدد29، بغداد، 2001م، ص52.
47- ينظر – د.توفيق حسن فرج / د.محمد يحيى مطر، الأصول العامة للقانون، الدار الجامعية، بيروت، بدون سنة طبع، ص406-408 – د.رمضان محمد أبو السعود، مبادئ الالتزام، المصدر السابق، ص74-90.
48- ينظر – د.يوسف الكبير، مقايسة القوانين المدنية، بدون مكان وسنة طبع، ص31 – د.محمد سعيد المحاسيني، موجز في القانون المدني، ج1، مطبعة بابيل، دمشق، 1937م، ص84 – د.صلاح الدين زكي، المصدر السابق، ص21-22.
49- د.محسن ناجي، شرح قانون الأحوال الشخصية، ط1، مطبعة الرباط، بغداد، 1962م، ص143.
50- د.محمد السعيد رشدي، المصدر السابق، ص29.
51- د.جمال الدين عطية، أثر تغير الواقع في الحكم تغييراً واستحداثاً، ج1، ص1، بحث منشور في شبكة الانترنيت على الموقع:http://209.61،210،137/uofislam/behoth/behoth_fekeh/21/a1.htm
52- د.عباس الصراف، شرح عقد البيع، دار البحوث العلمية، الكويت، بدون سنة طبع، ص117.
53- أستاذنا الدكتور عباس زبون العبودي، التعاقد عن طريق وسائل الاتصال الفوري، المصدر السابق، ص125.
54- حول أهمية التلكس وما يحققه من فوائد.
ينظر – أستاذنا الدكتور عباس زبون العبودي، الحجية القانونية لوسائل التقدم العلمي في الإثبات المدني، ط1، الإصدار الأول، الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2002م، ص59.
55- قاسم صالح علي محمد العاني، أثر المراسلة في صحة العقود وبطلانها، المصدر السابق، ص105.
56- مؤتمر الأعمال المصرفية، المصدر السابق، ص460.
57- أياد أحمد البطاينة، النظام القانوني لعقود برامج الحاسوب، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية القانون – جامعة بغداد، 2002م، ص145.
58- مقال بعنوان (المصارف العربية) منشور في مجلة اتحاد المصارف العربية، العدد193، المجلد السابع عشر، كانون الثاني، 1997م، ص82.
59- الأعمال المصرفية، المصدر السابق، ص2123.
60- د.أسامة أبو الحسن مجاهد، خصوصية التعاقد عبر الانترنيت، بحث مقدم إلى مؤتمر “القانون والكومبيوتر والانترنيت”، دبي، 2000م، ص8 – أياد أحمد البطاينة، المصدر السابق، ص146.
61- مقال بعنوان (شبكة “أنترنت” تربط) منشور في مجلة اتحاد المصارف العربية، العدد171، المجلد الخامس عشر، اذار، 1995م، ص61.
62- نزار حازم محمد حسين الدملوجي، المصدر السابق، ص39.
63- د.طوني ميشال عيسى، التنظيم القانوني لشبكة الانترنيت، ط1، القاهرة، 2001م، ص56.
64- د.أسامة أبو الحسن مجاهد، المصدر السابق، ص70.
65- وقد أورد المشرع الأردني في المادة (2) فقرة (ج) من القانون المشار أليه آنفاً تعريفاً لمصطلح (رسالة المعلومات) والتي جاء فيها:-
يقصد بـ “رسالة المعلومات: المعلومات التي يتم أنشاؤها أو إرسالها أو تسليمها أو تخزينها بوسائل إلكترونية أو بوسائل مشابهة. بما في ذلك تبادل البيانات الإلكترونية أو البريد الإلكتروني أو البرق أو التلكس أو النسخ البرقي”.
66- وتجدر الإشارة إلى ما ورد في المادة (156) من القانون المدني اليمني، حيث نصت على أنه “يتم العقد بواسطة كل وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية طالما توفرت فيها الصفة الوثائقية المطلوبة قانوناً”.
67- ينظر نص المادة (79) من القانون المدني العراقي، والمادة (90) من القانون المدني المصري.
68- د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ط4 معدلة، ج4، دار الفكر المعاصر، دمشق، 1997م، ص951
– وهو ما قرره مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة بجدة سنة 1990م، يراجع في هذا القرار د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، المصدر السابق، ج7، ص5174-5175.
69- د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ط4 معدلة، ج4، دار الفكر المعاصر، دمشق، 1997م، ص2951 – وهو ما قرره مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة بجدة سنة 1990م، يراجع في هذا القرار، د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، المصدر السابق، ج7، ص5174-5175.
70- مؤتمر الأعمال المصرفية، المصدر السابق، ص460 – د.برهام محمد عطا الله، المصدر السابق، ص56 – د.عبد الناصر توفيق العطار،المصدر السابق، ص64 – د.سمير عبد السيد تناغو،المصدر السابق، ص42.
71- أياد أحمد البطاينة، المصدر السابق، ص146.
72- لبيان معنى معيار التفاعل بين المتعاقدين ينظر ص161 وما بعدها من هذه الرسالة.
73- د.أحمد فراج حسين، الملكية ونظرية العقد، المصدر السابق، ص154 – نصير صبار لفتة، التعويض العيني، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية القانون بجامعة بغداد، 2001م، ص194.
74- د.عدنان إبراهيم السرحان / د.نوري حمد خاطر، شرح القانون المدني، الالتزامات، عمان، 2000م، ص66.
75- مصطفى الزرقا، محاضرات في القانون المدني السوري، بدون مكان طبع، 1954م، ص51 – د.عبد الرزاق السنهوري، مصادر الحق، المصدر السابق، ج2، ص51 – د.عبد الواحد كرم علي، المصدر السابق، ص338.
76- د. مصطفى الزرقا، المدخل الفقهي العام، المصدر السابق، ص327.
77- د.عبد الفتاح عبد الباقي، نظرية العقد، المصدر السابق، ص143.
78- سليمان براك دايح الجميلي ، المفاوضات العقدية ، المصدر السابق ، ص29 .
79- Ghestin، La Formation du contract. Op. Cit. N328. P.291-292 .
نقلاً عن : د. عدنان السرحان / د. نوري حمد خاطر ، المصدر السابق ، ص66 .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً