بحث في شروط رفع الطعن بتجاوز السلطة
البحث :
۩ مقدمة
۩ المبحث الأول : شرط المصلحة.
۩ المطلب الأول : مفهوم شرط المصلحة.
۩ المطلب الثاني : خصائص شرط المصلحة.
۩ المبحث الثاني : شرط غياب الطعن الموازي .
۩ المطلب الأول : مفهوم شرط الطعن الموازي .
۩ الطلب الثاني : خصائص شرط الطعن الموازي .
۩ خاتمة
مقدمة :
دعوى الإلغاء باعتبارها دعوى قضائية تخضع في تحريكها و تطبيقها إلى شروط قانونية لقبولها , فهكذا لا يمكن أن يقبل القاضي المختص بدعوى تجاوز السلطة بعملية النظر و الفصل فيها ما لم تتوفر الشروط المقررة لقبولها ,
لأن بدونها لا يمكن للجهة القضائية المختصة بدعوى الإلغاء أن تقبل و تختص بالنظر و الفصل في موضوع تجاوز السلطة , و يعني إلغاء القرارات الإدارية الغير مشروعة أو عدم إلغائها إذ ما وجدت مشروعة و خالية من أسباب و عيوب عدم الشرعية و الشروط المقررة قضاء و أصلا و أساسا و تشريعا و تنظيما بصورة جزئية و تكميلية من أن تنصب دعوى الإلغاء على قرار إداري له مواصفات معينة , فهناك شرطان من الشروط التي يرفع الطعن بتجاوز السلطة , و السؤال هو ما هما هذان الشرطان ؟ و ما مدى أهميتهما في رفع طعن بتجاوز السلطة ؟ و ما هي خصائصهما ؟
و استنادا للمراجع التي توفرت لنا , فقد قسمنا بحثنا هذا إلى مبحثين و كل مبحث يضم مطلبين
المبحث الأول : شرط المصلحة .
لتحديد مفهوم شرط المصلحة بصفة عامة سيتم التطرق لمفهوم معنى فكرة المصلحة و كذا تحديد أسس شرط المصلحة بعد شرحها و تحليلها , ثم بعد فهمنا لهذا الشرط سنتطرق لبعض الخصائص التي توضح شرط المصلحة و ما يلم بها .
المطلب الأول : مفهوم شرط المصلحة .
إن دعوى تجاوز السلطة مفتوحة مبدئيا لجميع المواطنين , إلا أنها مع ذلك ليست بدعوى مفتوحة للجميع , يعني هنالك قيود ترد على حق الطعن نجد تفسيرها في اعتبارات عملية , فمن الضروري الحد من الطعون باستبعاد الدعاوى التعسفية حتى لا تتدفق الطعون دون سبب مقبول يشل القاضي , لذلك وجد شرط المصلحة في التقاضي .و القاعدة العامة التي يضعها قانون الإجراءات المدنية في المادة 459 بمقتضاها ” لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائز ا لصفة وأهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك ” .
إن العريضة التي ليس لموقعها مصلحة مباشرة و كافية في إلغاء القرار غير مقبولة , ولكن كيف يمكن تقدير هذه المصلحة بمراعاة حقوق المواطن في الدفاع عن المشروعية , و في نفس الوقت تجنب الدعاوى التعسفية ؟ و لهذه الأسباب حلولا مرنة تطورت من مفهوم ضيق متشدد نحو مفهوم واسع جدا .
بل يكفي لتوفر و وجود شرط المصلحة لرافع دعوى الإلغاء أنيمس القرار الإداري غير مشروع بمركز قانوني للشخص , سواء كان حق شخصي مكتسب , أو مجرد حالة قانونية خاصة أو وضعية قانونية خاصة للشخص .
و هكذا يتحقق شرط المصلحة لقبول الطعن بتجاوز السلطة بمجرد وقوع الضرر الذي يلحق بالمركز القانوني للطاعن بدعوى الإلغاء بسبب ذلك القرار الظالم له , فمثلا يقبل القضاء الإداري دعوى الإلغاء من أعضاء الجمعيات السكنية ز الملاك الخواص ضد القرارات الإدارية المتعلقة بتهيئة الطرقات العامة التي تمر بجوار سكناهم .
المطلب الثاني : خصائص شرط المصلحة .
أولا: يجب أن تكون المصلحة شخصية و مباشرة .
يجب أن يكون لرافع الدعوى مصلحة شخصية مباشرة في دعواه أي أن يصيب قرار إداري غير مشروع مركز قانوني ذاتي و خاص للشخص رافع الدعوى الإلغاء بصورة مباشرة و قد تكون مادية أو معنوية أو أدبية . وغالبا ما تكون المصلحة المعنوية كافية لتبرير الدعوى لطالما أن الشخص المتضرر أصابه الضرر في شخصه و روحه و لكن لا ينفي ذلك المصلحة المادية .
ثانيا : يجب أن تكون قائمة و حالة .
يجب أن تكون عملية اعتداء القرار الإداري غير مشروع على المركز القانوني قد وقعت و أن الواقعة ما زالت مستمرة و قائمة و لم تنتهي خلال رفع و قبول الدعوى أو تكون محتملة الوقوع بصورة مؤكدة , و العبر بقياس حالة وقيام المصلحة الموجودة و الحالة هو ميعاد بدء عملية النظر و الفصل في ملف قضية الدعوى الإلغاء المقبولة , و لا تؤثر عملية سقوط المصلحة قبل النطق بالحكم في دعوى الإلغاء في صحة شرط المصلحة لقبول دعوى الإلغاء .
إلا انه شرط الصفة لا يكاد ينفصل عن شرط المصلحة فهو يندمج فيها بحيث أن صاحب المصلحة الشخصية و الحالة هو صاحب الصفة القانونية لإلغاء هذا القرار .
كما يشترط في صاحب الصفة و المصلحة أن يكون لدي أهلية التقاضي , و بالنسبة لهذا الشرط لقبول دعوى الإلغاء في النظام القضائي الجزائري فانه نظر لعدم وجود إشارة أو حكم صريح وواضح ضمن مجموعة المواد و الإجراءات الخاصة بدعوى الإلغاء أمام الغرفة الإدارية بكل من المجالس القضائية المختصة محليا ,
و المحكمة العليا فانه يجب تطبيق حكم المادة 459 من قانون الإجراءات المدنية التي تقرر انه “لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائز لصفة و أهلية و له مصلحة في ذلك ” على دعوى الإلغاء في النظام القضائي الجزائري , بالإضافة إلى كون هذا الشرط مبدأ عام من مبادئ العامة لقانون التقاضي , يطبق في الدعاوى القضائية و من بينها دعوى الإلغاء نص عيه القانون صراحة أو لم ينص .
المبحث الثاني : شرط غياب الطعن الموازي .
من بين شروط قبول دعوى تجاوز السلطة , يضاف شرط عدم وجود طعن مقابل , و يعني أن رافع الدعوى بتجاوز السلطة لن تقبل دعواه إذا كان هنالك طريق قانوني آخر مسموح للوصول إلى نفس النتيجة . و الطعن الموازي هو الطعن المقابل و كذلك تسمى الدعوى الموازية, و لفهم هذا الشرط سوف نتطرق لمفهوم الطعن الموازي ثم بين خصائصه .
المطلب الأول : مفهوم الطعن الموازي .
الطعن الموازي أو الطعن المقابل كما أوضحنا سابقا هو تلك الطريقة الموازية و المشابهة التي يلجا إليها الشخص الطاعن بذات القرار الظالم الذي كان ينوي رفع ضده دعوى تجاوز السلطة , لكن يجب أن يحقق الطعن الموازي نفس النتيجة التي تحققها دعوى تجاوز السلطة , و قد جاءت الدعوى الموازية لتخفيف العبء عن القضاء نظرا لتراكم طلبات دعوى الإلغاء بسبب سهولة رفعها و بساطتها وكذلك خلق فرص للمحامين الذين حرموا من فوائد أتعاب دعوى الإلغاء التي تحررت من استعمال محامي .
—
وفي المادة 276 من قانون الإجراءات المدنية حلت المشكلة بعبارات عامة ” لا تكون الطعون بالبطلان مقبولة أيضا إذا كان الطاعنون يملكون للدفاع عن مصالحهم طريق الطعن العادية أمام أي جهة قضائية أخرى ” . و هذا ما تبينه المادة بان الطاعن له الحق في طريقة أخرى موازية و مساوية لدعوى الإلغاء , تحقق له نفس المزايا و النتائج .
إن الدفع بالطعن الموازي مؤسس على احترام الاختصاصات القضائية و المراد هو تجنب ابتعاد عدد من النزاعات عن قضيها الطبيعي بتحويلها إلى دعاوى تجاوز السلطة , و هكذا بدلا من استعمال دعاوى القضاء الكامل يلجأ البعض إلى تقديم دعاوى الإلغاء كأن نجد في المجال الضريبي بعض الطعون المنظمة بشكل خاص فهي تقدم أمام إدارة الضريبة ثم أمام الغرف الإدارية للمجالس ,
و لكن عوض عن إتباع هذه الإجراءات قد يهمل دافع الضريبة إتباعه و يرفع الطعن مباشرة أمام المجلس الأعلى , مستندا على عدم مشروعية الضريبة المنشأة و إذا قبل هذا الطعن فان الضريبة ستفقد سبب وجودها لصالح دعاوى تجاوز السلطة , لا يعتبر طعنا موازيا و لا يشكل سببا لعدم القبول إذا لم يكتسي بعض الخصائص و له بعض الآثار .
.
المطلب الثاني : خصائص الطعن الموازي .
فأولا : لكي تكون الدعوى الموازية , و لا تقبل دعوى الإلغاء و تبعا لذلك يجب أن تكون الدعوى الموازية دعوى قضائية في طبيعتها , فلا يعتبر التظلم الإداري الرئاسي دعوى موازية لدعوى الإلغاء.
ثانيا : أن تكون الدعوى الموازية قضائية هجومية و ليس دفاعية و من ثم لا يمكن اعتبار الدفوع القضائية مثل الدفع بعدم شرعية القرارات الإدارية و الدفع بغموض و إبهام القرارات الإدارية دعاوى موازية لدعوى الإلغاء لأن الدفوع القضائية هي وسائل قضائية دفاعية خلال عملية التقاضي في دعوى الأصلية , و لأن دعوى الإلغاء هي دعوى أصلية و أداة و وسيلة قضائية هجومية .
ثالثا : يجب أن تحقق الدعوى الموازية نفس المزايا و النتائج التي تحققها دعوى الإلغاء بسبب الدعوى الموازية أو الطعن المقابل , و يقرر رجال فقه القانون الإداري بان هذا الشرط الأخير لوجود و تطبيق نظرية الدعوى الموازية هو الذي جعل هذه النظرية تلد ميتة منذ البداية , لأنه لا توجد دعوى قضائية تحقق نفس المزايا والنتائج القضائية التي تحقق دعوى الإلغاء لرافعها , و هي إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة قضائيا و بأثر رجعي و للأبد و كأنها لم تكن على أساس أن دعوى الإلغاء هي دعوى القانون العام الأصلية و الوحيدة لإلغاء القرارات الإدارية غير مشروعة .
رابعا : و أخيرا اشترط المشرع الجزائري أن تكون جهة الاختصاص القضائي بالدعوى الموازية غير جهة اختصاص القضائي بدعوى الإلغاء و قد أشار إلى ذلك في آخر المادة 276 من قانون الإجراءات المدنية م المتضمنة: ” لا تكون الطعون بالبطلان مقبولة أيضا إذا كان الطاعنون يملكون للدفاع عن مصالحهم طريق الطعن العادية أمام أي جهة قضائية أخرى ” .
الخاتمة :
من خلال دراستنا لهذا الموضوع فان دعوى الإلغاء دعوى قضائية في طبيعتها و خصائصها لا يمكن قبولها من طرف الجهة القضائية المختصة إلا إذا توافرت في رافعها شرط المصلحة استنادا لمبدأ “لا دعوى بدون مصلحة” , وكذا شرط غياب الطعن الموازي , وأما إذا توفر الطعن الموازي فان القاضي يرفض قبول دعوى تجاوز السلطة بسبب الطعن الموازي .
قائمة المراجع :
1. أ/ احمد محيو. المنازعات الإدارية . ديوان المطبوعات الجامعية . طبعة 1994 .
2.د/ عوابدي عمار . النظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري . الجزء الثاني .ديوان المطبوعات الجامعية.الطبعة الثالثة 2004 .
3.أ/ خلوفي رشيد. قانون المنازعات الإدارية . ديوان المطبوعات الجامعية .الطبعة الثالثة 2007 .
4.قانون الإجراءات المدنية
اترك تعليقاً