تفسير جديد للفقرة الثالثة من المادة 205 من القانون المدني
(مدى امكانية انتقال الحق في التعويض عن الضرر الأدبي إلى الورثة)
الأستاذ الدكتور طارق كاظم عجيل
تنص المادة 205 من القانون المدني في فقرتها الثالثة على أنه: ( ولا ينتقل التعويض عن الضرر الأدبي إلى الغير إلا تحددت قيمته بمقتضى اتفاق أو حكم نهائي).
ويجمع الفقه في العراق في تفسيره لهذه الفقرة على أن دعوى التعويض، التي نشأت للمضرور، لا تنتقل في حالة وفاته إلى ورثته، إلا اذا تحددت قيمة التعويض بمقتضى اتفاق أو حكم نهائي([1]).
ويلاحظ على هذا الرأي أنه يؤدي إلى ضياع الحق في التعويض عن الضرر الأدبي الذي ينجم عن الوفاة – بالآلام البالغة التي يحدثها إزهاق الروح وبتبديد كل الأمال التي تقترن بالحياة –، إذا طرأت الوفاة عقب الاعتداء أو الإصابة مباشرة، بحيث لا ينتقل إلى الوارث إلا حق التعويض عن الأضرار المادية التي يحدثها الموت.
ونحن نرى – تحقيقا للعدالة – أمكانية التمييز بين فرضين: الأول، انتقال دعوى التعويض بين الأحياء عن طريق الحوالة، والثاني انتقال دعوى التعويض في حالة وفاة المضرور إلى الورثة، وقصر حكم الفقرة الثالثة من المادة 205 على الفرض الأول دون الثاني، بمعنى عدم أمكان انتقال الحق في التعويض عن الضرر الأدبي من المضرور بصفته محيلا إلى الغير (المحال له) عن طريق الحوالة، إلا اذا تحددت قيمة التعويض بمقتضى اتفاق أو حكم نهائي.
أما انتقالها – أي دعوى التعويض عن الضرر الأدبي – إلى الورثة فلا يوجد قيد على ثبوت الحق في التعويض في حالة وفاة المضرور في تركته استنادا لقواعد الميراث؛ كباقي الحقوق التي تثبت في تركة المضرور في حالة وفاته.
أما القول بتطبيق القيد الوارد في الفقرة الثالثة من المادة 205 على حالة انتقال دعوى التعويض في حالة الوفاة على أساس الصفة الشخصية التي تستلزم ابتداء تحديد التعويض بالاتفاق أو بصدور حكم نهائي بالتعويض. فهو قول لا يجد له سند من صحيح القانون، بل هو تقليد من قبل الفقه العراقي لما سار عليه فقهاء القانون المدني المصري الذين الزمتهم المذكرة التفسيرية للأخذ به، بعد أن كشفت بصراحة عن نية المشرع المصري بمد القيد الوارد في المادة 222/1 المقابلة للمادة 205/3 إلى حالة انتقال دعوى التعويض في حالة وفاة المضرور إلى الورثة؛ وتؤسسه على الصفة الشخصية لهذا التعويض.
أما في نطاق القانون العراقي، فالأمر جد مختلف، فلا يمكن تأسيس القيد الذي يقول به الفقه العراقي، الذي يستلزم تحديد التعويض بالاتفاق أو بصدور حكم نهائي بالتعويض، على أن ارتباط التعويض عن الضرر الأدبي بشخص الدائن يؤدي إلى إعاقة انتقاله إلى غيره إلا إذا أفصح عن إرادته، رضاء أو قضاء، في اقتضائه، لأن هذه الصفة الشخصية البحتة، إذا كانت تمنع انتقاله بين الأحياء، فأنها لا تمنع ثبوته في تركته، وانتقاله إلى ورثته، باعتبارهم استمرار لشخصه، من جهة، ولأن المضرور، في هذا الفرض لم تكن لديه أية فرصة للمطالبة بالتعويض، ليكون في عدم مطالبته به، حال حياته، مظنة نزوله عنه، من جهة أخرى. ويؤدي القيد في النهاية. كما المحنا، إلى براءة ذمة المسؤول عنه، رغم بشاعة الفعل الذي ارتكبه، إذا كان الاعتداء عمدياً، أو جسامة الرزء الذي ترتب على خطئه، إذا كان غير عمدي.
لذلك نهيب بقضائنا الموقر وعلى رأسه محكمة التمييز الاتحادية بترك التفسير القديم، والأخذ بالتفسير الجديد لهذه الفقرة لإيصال التعويض إلى مستحقيه، وتحقيق العدالة المنشودة.والله من وراء القصد.
[1]- انظر: د. محمود سعد الدين الشريف، شرح القانون المدني العراقي، نظرية الالتزام، ج1، مصادر الالتزام، مطبعة العاني، بغداد، 1955، ص397 فقرة 409، د. عبد المجيد الحكيم، الموجز في شرح القانون المدني، ج1، مصادر الالتزام، بغداد، ط4، 1974، ص533- 534 فقرة 874، د.حسن علي الذنون، المبسوط في المسؤولية المدنية، ج1، الضرر، بغداد، 1991، ص227 فقرة 318.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً