نظرة عامة على الجرائم السيبريانية
ايات محمد سعود
الحوار المتمدن-العدد: 5759 – 2018 / 1 / 16 – 08:40
المحور: دراسات وابحاث قانونية
المقدمة : في ظل النمو المستمر للثورة المعلوماتية التي نعيشها في الوقت الحاضر أصبحنا نواجه العديد من الأخطار والمشاكل التي تنشأ بشكل تلقائي مع أي تطور حضاري وتقني فدخول تقنية الإنترنت في عالمنا وتمكن الصغير والكبير والجاهل والمتعلم من استخدامه دون أي قيود أو رقابة أدى إلى زيادة هذه الأخطار وتفشى النهب والسرقات الإلكترونية بشكل ملحوظ متمثلاَ بالجرائم ولحفظ الحدود وزيادة الحماية وجب سن القوانين التي ترغم المجرمين على التزام حدودهم ، ولكننا وجدنا أن أكبر عائق كان ولازال يواجه هذه القوانين هو تطبيقها على أرض الواقع وبشكل فعلي ؛ وذلك بسبب جهل الناس بها ؛ لأنها قوانين مستجدة وحديثة لجرائم غير معهودة وليست كغيرها من الجرائم ، فكان من أهم خطوات تطبيق هذه القوانين هو توعية الناس بالجريمة بما تسببه من اضرار.
اشكالية البحث: من خلال ما سبق تكمن إشكالية البحث في مجموعة التساؤلات التالية:
• ماهي الجريمة السيبريانية وماهي اسبابها ؟
• خطورة الجرائم السيبريانية؟
• وماهي خصائص هذه الجرائم؟
• ماهي سمات مرتكبيها ودوافعهم ؟
أولا: تعريف الجريمة السيبريانية: تعد الجريمة السيبريانية صورة من صور الجريمة الالكترونية وتعرف على إنها تلك الجريمة التي تتضمن استخدام شبكات الاتّصال الحديثة كموضوع لها مع توفِّر القصد الجنائي الذي يتمثل بتعمد التَّسبُّبِ بالأذى لسمعة الضحيّة ، أو إلحاق الضَّرر النفسيّ والبدنيّ به سواءً أكان ذلك بأسلوبٍ مباشر أو غير مباشر بالاستعانة بشبكات الاتّصال الحديثة كالإنترنت وما تتبعها من أدوات كالبريد الإلكتروني وغرف المُحادثة، والهواتف المحمولة وما تتبعها من أدوات كرسائل الوسائط المُتعدّد، وتتمثل دوافع واسباب ارتكاب هذه الجريمة بما يأتي:
1- الولع في جمع المعلومات وتعلمها: يعتبر حب التعلم والاستطلاع من الاسباب الرئيسة التي تدفع لأرتكاب مثل هكذا جرائم لأن المخترق يعتقد ان اجهزة الحاسوب والانظمة هي ملك للجميع ويجب ان لا تبقى المعلومات حكراً على احد أي ان للجميع الحق بالتعرف والاستفادة من هذه المعلومات
2- حب المغامرة والإثارة: عدد غير قليل من مخترقي الانظمة يعتبرون من عملهم هذا وسيلة للمرح والتسلية وتقضية اكبر وقت ممكن في انظمة وحواسيب الآخرين ويكون هذا الاختراق غالباً سلميان ودون ان يحدث تاثير يذكر
3- الدوافع الشخصية: فغالبًا ما يرتكب المبرمج جرائم الكمبيوتر نتيجة إحساسه بالقوة والذات، وبقدرته على اقتحام النظام، فيندفع تحت تأثير الرغبة القوية في تحقيق الذات.
4- تحقيق مكاسب مالية: قد يكون احد اسباب ارتكاب هذه الجرائم هو الكسب السريع وجني الارباح الطائلة دون تعب ولا راس مال كاختراق انظمة الكترونية كالتي تستخدمها المصارف عن طريق الدخول الى الحسابات المصرفية والتلاعب فيها او الاستخدام غير المشروع لبطاقات الائتمان .
ثانيا: خطورة الجرائم السبيريانية: تبرز خطورة هذه الجرائم بأنها تؤدي الى خلل عام قد يهدد المجتمع كله في اقتصاده وسيادته وامنه الوطني ، وتتسبب أيضا بالتفكك الاسري والخلافات بين الافراد بسبب التشهير أو إشاعة الاخبار الكاذبة وسرقة الملفات الخاصة بالافراد ونشرها في الانترنت ووسائل الالتصالات وغيرها العديد من التأثيرات السلبية التي تهدد أمن المجتمع وسلامته، فضلا عن التهديدات التي يمكن ان تلحق بالبرامج المهمة للدولي فقد أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية في عام 2013 أن قطاع الطاقة صار الهدف الأول للقراصنة، ونال 56% من بين 257 جرى تسجيلها في ذلك العام، وفي العام الماضي اعترفت الوزارة في تقرير لها باختراق نظام للتحكم في المرافق العامة من خلال هجوم بسيط، جرى خلاله تخمين كلمة المرور لنظام لم يكن ينبغي ربطه بشبكة الإنترنت، وما حَصَلَ في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قام مُشَغِّل حاسوب بتهديد المؤسَّسة التي يعمل لديها بتنفيذ مجموعة من مطالبه، وذلك بعد أنْ حذف كافّة البيانات الموجودة على الجهاز الرئيسي للمؤسّسة، وقد رفضت المؤسسة الاستجابة لمطالبه، فأقدم على الانتحار، ووجدت المؤسسة صعوبة في استرجاع البيانات التي كانت قد حُذفت.
ثالثا خصائص الجريمة السيبريانية: تتميز الجريمة السيبريانية بأنها تتّسم بسهولة الوقوع في فخها إذ إن غياب الرقابة الأمنية تساهم في انتشارها وتسهيل ذلك , صعوبة الكشف عن مرتكب الجريمة إلا بأساليب أمنية وتقنية عالية ، وبانها صعبة الإثبات وهذا راجع إلى افتقاد وجود الآثار التقليدية للجريمة، وغياب الدليل الفيزيقي (بصمات، تخريب، شواهد مادية) وسهولة محو الدليل أو تدميره في زمن متناه القصر، يضاف إلى ذلك نقص خبرة الشرطة والنظام العدلي، وعدم كفاية القوانين القائمة، ومحدودية الاتفاقيات الدولية في تبادل المعلومات حول هذه الجريمة، وغياب العقوبات الرادعة، وضعف التعاون مع القطاع الخاص والشركات المزودة لخدمة الإنترنت والاتصالات، إضافة إلى تسارع التطوّر التقني في هذا النمط المميّز من الجرائم يجعل متابعة هذه الجرائم والحد منها أمراً ليس بالسهل، بالاضافة الى عولمة هذه الجريمة فهي عابرة لحدود الدولة مما يؤدي إلى تشتيت جهود التحري والتنسيق الدولي لتعقب مثل هذه الجريمة ؛ فهي صورة صادقة من صور العولمة ؛ من حيث المكان يمكن ارتكاب هذه الجرائم عن بعد وقد يتعدد هذا المكان بين أكثر من دولة ؛ ومن الناحية الزمنية تختلف المواقيت بين الدول ؛ الأمر الذي يثير التساؤل حول : تحديد القانون الواجب التطبيق على هذه الجريمة، صعوبة الحاق العقوبة بالجاني المقيم بالخارج، وتبرز خطورة هذه الجرائم بأنها تودي ألى خلل عام قد يهدد المجتمع كله في اقتصادته وسيادته وامنه الوطني وتتسبب ايضا بالتفكك الاسري والخلافان بين الافراد بسبب التشهير أو اشاعة الاخبار الكاذبة وسرقة الملفات الخاصة بالافراد ونشرها في الانترنيت ووسائل الاتصالات وغيرها من التاثيرات السلبية التي تهدد أمن المجتمع وسلامته.
رابعا سمات مرتكبي الجرائم السيبريانية: يتميز المجرم السيبرياني بكونه مجرم متخصص إذ تبين في عديد من القضايا أن عددا من المجرمين لا يرتكبون سوى جرائم الكمبيوتر أي أنهم يتخصصون في هذا النوع من الجرائم، دون أن يكون لهم أي صلة بأي نوع من الجرائم التقليدية الأخرى، مما يعكس أن المجرم هنا هو مجرم في الغالب متخصص في هذا النوع من الإجرام، كما يتمييز بكونه مجرم محترف فهو يتمتع باحترافية كبيرة في تنفيذ جرائمة، حيث يرتكب هذة الجرائم عن طريق الكمبيوتر الأمر يقتضى الكثير من الدقة والتخصص والاحترافية في هذا المجال للتوصل إلى التغلب على العقبات التي أوجدها المتخصصون لحماية أنظمة الكمبيوتر كما في حالة البنوك والمؤسسات العسكرية، وهو مجرم غير عنيف لا يلجا إلى العنف في ارتكاب جرائمة ، فضلا عما تقدم ، فالمجرم السبيرياني مجرم ذكى, ويتمتع بالتكيف الاجتماعي، أي لا يناصب أحد العداء وأيضا يتمتع بالمهارة والمعرفة وأحيانا كثيرة على درجة عالية من الثقافة، حيث يتطلب تنفيذ الجرائم قدرا من المهارة يتمتع بها الفاعل، والتي قد يكتسبها عن طريق الدراسة المتخصصة في هذا المجال، أو عن طريق الخبرة المكتسبة في مجال التكنولوجي، أو بمجرد التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، غير إن هذه ليست قاعدة في أن يكون هذا المجرم على قدر من العلم , وهذا ما اثبتة الواقع العملي أن جانب من انجح مجرمي السيريانية، لم يتلقوا المهارة اللازمة لارتكاب هذا النوع من الإجرام.
الخاتمة
ثمة جهود كبيرة تُبذل لمحاربة الجريمة الإلكترونية بكافة أشكالها، لكن لتميز هذه الجرائم وعدم تقليديتها، من الصعب الكشف عنها وتحديد الدليل المادي الذي يدين مرتكبها، لذلك من المتوقع أن هذا النوع من الجرائم سيستمر ويطغى على ساحه الاجرام بقَدْرٍ كبير، وسيتطورمع مرور الوقت إلى ماهو أخطر وأعقد.لذا فإن وجود استراتيجية فعالة لدى الدول تحارب هذه الجرائم هي الوسيلة الضامنة لتقليلها ومحاولة التحكم بها، ولاننسى دور الأفراد في محاربتها عن طريق تبصيرهم بإيجابيات وسلبيات استخدامشبكة الإنترنت، وحث الشركات المتخصصة على إنتاج برامج حماية متخصصة تهد ف إلى حماية البرامج الأخرى ومتصفحات الإنترنت.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً