التعليم أفضل سلاح بيد المرأة / سرور طالبي المل
لقد اهتمت منظمة الأمم المتحدة منذ نشأتها، بحماية مختلف حقوق المرأة وعلى وجه الخصوص حق المرأة في التعلّم، إذ لا يقل هذا الحق من حيث أهميته عن باقي حقوق الإنسان الأخرى، وهو حق لا يمكن المساس به، فهو نقطة بداية كل الحقوق ووسيلة تضمن بها هذه الأخيرة.
ومن أجل تحقيق هذه الغاية ، أسست في 1946 منظمة مختصة بترقية الحقوق الثقافية للإنسان والمتمثلة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، اليونسكو، التي جعلت المساواة بين الذكور والإناث في التعلم من بين الأهداف المسطرة في قانونها الأساسي.
وبتاريخ 14 كانون الأول) ديسمبر 1960 (، توصلت منظمة اليونسكو، في دورتها الحادية عشرة إلى وضع اتفاقية حول القضاء على التمييز في ميدان التعليم.
كما أعيد التركيز على الحق في التعلم، في كل من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) مادة (13واتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة) المادة 10 والمادة 14 فقرة 2 حرف د.(
نريد من خلال هذا المقال إلقاء الضوء على أهمية تعليم النساء والدور الذي يلعبه في ترقيتهن، ويمكن حصر الدور الذي يلعبه التعليم فيما يلي :
-1دور التعليم في الترقية الاجتماعية للمرأة :
يعتبر التعليم من الناحية الاجتماعية سلاحاً ذا حدين، كونه يساعد المرأة على اندماجها في المجتمع ومن ثم مساهمتها في تربية جيل يؤمن بالمساواة بين الجنسين.
ففيما يخص دور التعليم في دمج المرأة في المجتمع ، تستطيع المرأة بموجبه ، التحرر من تقاليد المجتمع وفرض احترامها كامرأة، زوجة أو حتى أم، وذلك بالمشاركة في شتى مجالات أخذ القرار .
ولقد أشارت إلى هذه الميزة المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية الثقافية والاقتصادية التي تعتبر التعليم وسيلة ” للتنمية الشاملة للشخصية الإنسانية وللإحساس بكرامتها وأن تزيد من قوة الاحترام لحقوق الإنسان والحريات الأساسية كما أنها تتفق على أن يمّكن التعليم جميع الأشخاص من الاشتراك بشكل فعال في مجتمع حر.”
وتضيف الفقرة 69 من برنامج عمل المؤتمر العالمي الرابع حول المرأة، بأن : “التعليم غير التمييزي يساهم في تطوير المساواة بين النساء والرجال.”
ولقد أعطى الإسلام للمرأة حق التعلم والثقافة وسواها بالرجل كما أنه يعتبر صاحب العلم ذا مكانة مرموقة في وسط مجتمعه.
وخير دليل على ذلك قول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام : “تعلموا العلم، فإن تعلمه قربة إلى الله عز وجل وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وإن العلم لينزل لصاحبه في موضع الشرف والرّفعة، والعلم زينة لأهله في الدنيا والأخيرة “.
أما عن الدور الاجتماعي الثاني للتعليم، والمتمثل في تربية الأجيال الصاعدة ، فلقد أثبت العديد من الأبحاث في هذا المجال، الدور الفعال الذي تلعبه الأمهات المتعلمات في تشجيع أطفالهن على تلقي المعرفة، كما توصلت هذه الأبحاث إلى اعتبار تعليم الأمهات بمثابة استثمار إيجابي له مردودية مستقبلية أكيدة.
وتذكرنا نتائج هذه الدراسات بالمقولة الشهيرة للعلامة الجزائري الإمام عبد الحميد بن باديس : ” إذا قمنا بتعليم ولد نكون قد وّعينا شخصا واحدا أما إذا علمنا بنتاً فكأننا علمنا مجتمعا بأكمله.”
ويعتبر تعليم الأطفال منذ الصغر على مبادئ حقوق الإنسان وعلى وجه الخصوص، مبدأ المساواة، طريقاً معبداً لتحقيق السلم بين أفراد المجتمع أو المعمورة كلها.
2 – منح التعليم للنساء فرص إيجاد عمل :
صرّحت منظمة اليونسكو في 1994، إثر الدراسة العالمية حول دور النساء في التنمية بأنه: “يبدأ السفر الطويل للنساء من الفقر إلى العمل ثم إلى القدرة على أخذ القرارات من المدارس وفي إطار البرامج التربوية” ، أي وبعبارة أوضح، يعتبر التعليم بمثابة تأشيرة لتحصل النساء على مناصب شغل مهما كان نوعها أو أهميتها.
كما تبين الإحصاءات ، بأن النساء اللواتي يتمتعن بمستوى تعليمي ثانوي أو عالٍ، يتحصلن وبسهولة على عمل وأبعد من ذلك نجد تعلم النساء هو السبب المباشر في حصولهن على عمل.
ولقد توصلت دراسة ميدانية محققة من قبل البنك الدولي على إقليم 200 دولة، إلى إثبات بأن الدول التي ركزت استثمارها على التعليم الابتدائي للنساء، قد اجتنت فوائد معتبرة في مجال الإنتاج الاقتصادي، فيكون التعليم نتيجة لذلك، سلاحا بيد المرأة للحصول على عمل وضمانا بزيادة مستوى الإنتاج من وجهة نظر الدولة.
3- دور التعليم في إطّلاع النساء على القوانين التي تحميها :
يرجع حسب اعتقادنا سبب عدم تمتع بعض النساء بحقوقهن المختلفة، رغم حماية التشريعات الوطنية لتلك الحقوق، إلى جهلهن بوجودها، فتكون أول خطوة تخطوها النساء لترقية حقوقهن هي إطّلاعها على مختلف القوانين التي تحميها، ولن يتسنى لها ذلك إلا إذا كانت متمتعة بمستوى تعليمي معين.
ولقد أشار إلى هذه النقطة بالذات برنامج عمل المؤتمر الدولي حول التنمية والسكان الذي أكد على:”أهمية التعليم في منح النساء وسائل التأثير، المعرفة الدراية والثقة بالنفس لكي تخرج من التهميش الذي وضعت فيه لتشارك وبصفة فعالة في تنمية دولتها، إذ يمنح التعليم للنساء فرصة الإطلاع على مختلف الميادين التي تساعدها على تحسين وضعيتها” . كما يلعب التعليم دورا مهما في جعل النساء قادرات على فهم و تحديد احتياجاتهن.
ولا يفوتنا ونحن بصدد التحدث عن أهمية التعليم في معرفة النساء بالقوانين التي تحميهن، أن ننوه بالدور الذي تلعبه مختلف أجهزة حقوق الإنسان سواء كانت دولية أو حتى وطنية، لتوعية النساء بخصوص حقوقهن، حتى ولو كن غير قادرات على القراءة، وذلك إما بتنظيم أيام دراسية، أو بتوزيع أدلة متعلقة بحقوق الإنسان.
4 – دور تعليم النساء في اعتناء المرأة بصحتها و بصحة من يحيط بها :
يعتبر الحق في الصحة حقا من الحقوق الأساسية للإنسان الذي تحميه مختلف صكوك حقوق الإنسان.
ولقد أثبتت الإحصائيات بأن ضمان التعليم لأم واحدة يؤدي إلى انخفاض نسبة الوفيات عند الأطفال اللذين لا يتجاوز عمرهم 5 سنوات بـ % 9، إذ تتمتع المرأة المتعلمة، بالإضافة إلى إتقانها لكيفية تغذية أطفالها، بالقدرة على تقديم الإسعافات الأولية في حالة الطوارئ الطبية.
كما يسمح التعليم للنساء بالاعتناء أكثر بصحتهن وبمراقبة النسل، فالنساء اللائ تحضين بسبع سنوات على الأقل من التعليم، لهن % 2,2 طفلا أقل من النساء الآتي لم يلتحقن بالمدارس.
لقد توصلنا إلى اعتبار الحق في التعلم حقا من حقوق الإنسان الضرورية والمفيدة لبناء شخصية الأفراد بصفة عامة وشخصية النساء بصفة خاصة.
ومن أجل ذلك، تحث المادة الثالثة من اتفاقية اليونسكو الدول الأعضاء على ضرورة القضاء على كل تمييز ضد المرأة في هذا المجال، وذلك من خلال إلغاء كل النصوص القانونية أو الترتيبات الإدارية التمييزية لاستبدالها بنصوص أخرى تضمن لها المساواة مع الرجال.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً