إثبات الجنسية المغربية الأصلية عن طريق حيازة الحالة الظاهرة
مصطفى سدني
طالب في سلك الدكتوراه كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية السوسي-الرباط
ملخص
تهدف هذه المساهمة إلى تسليط الضوء على رابطة التبعية و هي الجنسية، إذ يعتبر قانون الجنسية من أهم التشريعات التي لها صلة مباشرة بظهير الوضعية المدنية للأجانب حيث تسمح الجنسية بالتمييز بين المواطنين و الأجانب، و ترتب بذلك آثار قانونية على الشخص أو الدولة سواء في الميدان الداخلي أو الخارجي. و من هذا المنطلق، تثار إشكالية إثبات الجنسية الأصلية المغربية عن طريق الحالة الظاهرة عدة صعوبات عملية منها ما هو متعلق بالتشريع و منها ما هو متعلق بالعمل القضائي.
و تأسيسا عليه، يغدو من المفيد دراسة هذا الموضوع من خلال تحديد موقف المشرع و القضاء المغربيين من الإثبات بواسطة حيازة الحالة الظاهرة. و من أجل ذلك قمنا بتحديد القواعد الموضوعية لإثبات الجنسية من خلال توضيح محل و عبء الإثبات (الفصل الأول) ثم التعرض لاحقا لدور الحالة الظاهرة كقرينة على حيازة الجنسية المغربية الأصلية و كذا تحديد موقف القضاء المغربي منها من خلال بعض الأحكام الصادرة في منازعات الجنسية المغربية (الفصل الثاني).
Cette contribution a pour objet l’étude de la loi sur la nationalité, considérée la législation la plus attachée au dahir sur la condition civile des français et des étrangers au Maroc. La preuve de la nationalité permet de distinguer entre le national et l’étranger, ce qui produit des effets juridiques sur la personne et l’Etat au niveau interne et externe. C’est ainsi que la problématique de la preuve de la nationalité marocaine d’origine s’impose, car elle donne lieu à des difficultés d’ordre législatif et juridictionnel.
Il est intéressant d’approcher ce sujet en identifiant la position du législateur et du juge marocain quant à la preuve de la nationalité à travers la possession d’état. De ce fait, nous identifions les règles de fond de la preuve de la nationalité tout en clarifiant l’objet et la charge de la preuve (1ère chapitre), puis nous aborderons le rôle de la possession d’état comme étant une présomption de la possession de la nationalité marocaine d’origine ainsi nous identifions de la position de la jurisprudence marocaine à travers des jugements en matière des contentieux de la nationalité (2ème chapitre).
كلمات مفتاحية
الجنسية، الجنسية الأصلية، المواطنين، الأجانب، الحالة الظاهرة، الوضعية المدنية، الحالة المدنية، القرينة القانونية، القرينة القضائية، قانون الجنسية، ظهير 12 غشت 1913 بشأن الوضعية المدنية للفرنسيين و الأجانب، قانون الحالة المدنية.
تقديم
يعتبر موضوع الجنسية من المواضيع التي شغلت بال رجال الفقه و التشريع في كل الدول فامعنوا في دراسته و تحليله و إثبات مبادئه و قواعده و جعلها ملائمة للظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية للدولة و كذا تحيينها مع ما استجد من التطورات السريعة التي تعرفها الساحة الدولية و خاصة ما يتعلق منها بالعولة و ما رافقها من تطور لوسائل الإعلام و الاتصال و ورفع الحواجز و تدفق رؤوس الأموال و حركية الأشخاص مما ساهم في تسريع وثيرة الهجرة بانتقال الأشخاص إلى بيئات غير بيئاتهم الأمر الذي استوجب ضبط وضعياتهم و تنظيم روابطهم بنصوص و قواعد قانونية واضحة.
و تعتبر الجنسية تلك الرابطة القانونية و السياسية التي تربط الشخص و الدولة و عليها تتأسس منظومة الحقوق و الواجبات التي يتمتع بها حاملوا الصفة الوطنية دون سواهم من الأجانب. فلا يخفى ما للجنسية من أهمية في حياة الفرد بوصفها أحد الحقوق الأساسية للإنسان و وسيلة لتحديد تبعية الشخص الدولية من الناحية القانونية و السياسية، و هي الفيصل للتمييز بين الوطني و الأجنبي في دولة معينة. و من مصلحة الفرد أن يتحدد مركزه القانوني في دولة ما بإثبات صفته الوطنية أو الأجنبية كي يطالب بممارسة حقوقه المدنية المكفولة للوطنيين، و كذاك من مصلحة الدولة تنظيم قواعد إسناد أو فقد الصفة الوطنية لأن الجنسية أداة لتعيين ركن الشعب في الدولة.
أولا: تحديد مفهوم الجنسية
تعتبر الجنسية من أبرز مواضيع القانون الدولي الخاص الذي كان و لازال مثار للجدل بحكم خصوصيات العلاقة القانونية التي تندرج ضمن الحياة الخاصة للدولة، و يقصد بذلك أن الجنسية من المسائل التي يترك أمر تنظيمها للقانون الداخلي للدول، إذ يعود لهذه الأخيرة حق تعيين من هم مواطنوها و ذلك عن طريق تنظيم شروط كسب جنسيتها وفقا لمبادئ و أحكام تستجيب لاعتبارات سياسية و اقتصادية و اجتماعية، فكل دولة تتمتع بحرية تكاد تكون مطلقة في إسناد جنسيتها الأصلية و المكتسبة[1].
و مما يؤكد الطرح السابق ما جاءت به اتفاقية لاهاي الصادرة بتاريخ 12 أبريل من سنة 1930 و المتعلقة ببعض المسائل الخاصة بتنازع القوانين حول الجنسية حينما نصت في مادتها الأولى على ما يلي: “لكل دولة الحق في تحديد مواطنيها بموجب تشريعاتها الداخلية، و على كل دولة احترام هذا التشريع شرط أن يكون منسجما مع الاتفاقيات الدولية و العرف الدولي و المبادئ المسلم بها في مجال الجنسية”.
إن دراسة متأنية للقواميس و المؤلفات اللغوية العربية توضح أن مصطلح “جنسية” حديثة العهد في اللغة العربية، إذ كان الكتاب و الباحثين يستعملون مصطلح “الرعوية” أو “التابعية”، حيث نجد مثلا في النص العربي للقرار رقم 2825 الصادر عن المفوض السامي في لبنان و سوريا بتاريخ 30 غشت 1924 أنه يستعمل لفظة “تابعية” و لم تستعمل لفظة “جنسية” إلا بعد عشر سنوات في القرار رقم 161 الصادر بتاريخ 16 يوليوز 1934[2]. و الجنسية عند اللغويين مشتقة من الجنس، و الجنس هو الضرب من الشيء، و هو أهم من النوع، فجنس الأشياء هو ما شاكل بينها، و الناس أجناس، لهذا فمن يؤنس الآخر يقال أنه يجانسه[3].
أما في الاصطلاح فقد اختلف الفقه في تحديد المقصود من عبارة “الجنسية”، فالبعض ركَّز تعريفه للجنسية على الطبيعة القانونية لرابطة الجنسية، حيث يعرفها الفقيهان [4]Henri Batiffol و Paul Lagarde[5] على أنها الانتماء القانوني للفرد بشعب الدولة، بينما ربطها جانب آخر من الفقه بالجانبين القانوني و السياسي في آن واحد، حيث عرفها الفقيه [6]Niboyet Jean Pierre بأنها صفة تلحق الشخص قوامها رابطة سياسية و قانونية بينه و بين دولة هو عنصر من عناصر تكوينها”، و هي رابطة قانونية و سياسية بين الفرد و الدولة أو هي رابطة تجعل الفرد عضوا في الشعب المكون لدولة معينة أو هي رابطة تحدد الانتماء القانوني للفرد تجاه الجماعة المكونة للدولة[7]، إنها كذلك علاقة خضوع دائم التي تربط بين الرعية و الملك[8].
و لقد انعكس هذا الاختلاف الفقهي حول تحديد مفهوم الجنسية على التوجه القضائي، حيث تباينت الأحكام القضائية بشأن تحديد مفهوم الجنسية بين مؤيد للاتجاه الفقهي الأول و هذا ما عبر عنه موقف محكمة العدل الدولية في القضية الشهيرة Nottobohm بقرارها الصادر بتاريخ 6 أبريل 1955 “الجنسية علاقة قانونية تقوم على رابطة اجتماعية و على تضامن فعلي في المعيشة و المصالح و المشاعر”[9]، و بين مؤيد للاتجاه الفقهي الثاني الذي يجمع بين الرابطتين القانونية و السياسية حيث جاء في حيثيات حكم المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة: “… و ستكون سابقة خطيرة يتسلل منها أفراد رابطتهم القانونية و السياسية الوحيدة بالدولة المغربية مجرد احتيال قانوني و سياسي”[10].
فالجنسية بناء على ما ذكر تتضمن مفهومين اثنين: مفهوم اجتماعي أو واقعي و يقصد به الرابطة الروحية و المادية بين شخص و أمة، و مفهوم قانوني صرف يتمثل في الرابطة القانونية بين الفرد و الدولة بصرف النظر عن ارتباطه بالأمة، فهي ذلك الرباط بين االشخص و الدولة، بمقتضاه تلتزم الدولة بحماية الشخص في مجال العلاقات الدولية، بينما يخضع الفرد لسلطان الدولة باعتباره أحد رعاياها[11].
ثانيا، تحديد مفهوم الإثبات
الإثبات لغة هو تأكيد الحق بالبينة و البينة الدليل و الحجة[12]، و هو الدليل الذي يستبين به الحق و يظهر[13] وفي الاصطلاح القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطريقة التي يحددها القانون لتأكيد حق متنازع فيه له أثر قانوني[14]. وفي ميدان منازعات الجنسية، فإثبات الجنسية هو إقامة الدليل على التمتع بجنسية دولة معينة أو عدم التمتع بها، أي إقامة الدليل على اكتسابها أو فقدانها أو استردادها بإحدى طرق الإثبات التي يحدده القانون[15]، مما يتطلب بالضرورة توافر أعمال قانونية و وقائع مادية لإثبات الواقعة أو العمل القانوني الذي أكسب الفرد الصفة الوطنية أو أفقده هذه الصفة. كما يمكن تعريف إثبات الجنسية على أنه التزام بإقامه الدليل على ثبوت الجنسية باتباع أحكام قانون تلك الجنسية[16] و المتعلقة بالمسائل الموضوعية دون المسائل الإجرائية على اعتبار أن الأخيرة تسري عليها قانون المحكمة المرفوع أمامها النزاع[17].
إن القواعد و الأحكام المتعلقة بالجنسية، سواء كانت أصلية أو مكتسبة، لا تظهر أهميتها و خطورتها إلا عند قيام منازعة في شأنها إما من قبل الدولة أو الأشخاص و في ساحة القضاء بوجه خاص حيث تثور المنازعات بشأن الجنسية ثبوتا و نفيا، فقد يدعي شخص أنه مغربي الجنسية و قد يجد أن من مصلحته أن ينفي عن نفسه هذه الصفة حين تعامله الدولة باعتبارها من مواطنيها، و قد لا تقف حدود المنازعة حول إثبات الجنسية عند طرفيها (الدولة و الشخص)، و إنما تثور كذلك بين الأشخاص فقد ينكر شخص على آخر تمتعه بالصفة الوطنية بينما يتمسك هو بثبوتها، فمنازعات إثبات الجنسية قد تبدأ إدارية ثم تنتهي قضائية و هذه هي المرحلة المهمة و الحاسمة التي تنهي المنازعة حول الجنسية بإقرار ثبوت الجنسية أو نفيها بواسطة حكم قضائي نهائي حائز على حجية الشيء المقضي به.
إن المنازعات المرتبطة بإثبات الجنسية تطرح إشكالات قانونية متعددة منها ما هو متعلق بالاختصاص الإداري و القضائي، حجية الأحكام الصادرة في مسائل الجنسية و كذا طرق و وسائل إثبات حيازة الصفة الوطنية. و تعتبر مسألة الإثبات بواسطة وقائع مادية من المواضيع التي يثور في شأنها إشكالات فقهية و قانونية و خاصة ما يتعلق منها بإثبات حيازة الجنسية المغربية عن طريق حيازة الحالة الظاهرة حيث تظهر على السطح بعض الصعوبات المتعلقة بالتطبيق العملي للحالة الظاهرة في منازعات إثبات الجنسية المغربية على مستوى العمل القضائي. فما هو موقف المشرع و القضاء المغربيين من الإثبات بواسطة حيازة الحالة الظاهرة؟ و للإجابة عن التساؤل المطروح وجب مقدما تحديد القواعد الموضوعية لإثبات الجنسية من خلال توضيح محل و عبء الإثبات في المنازعات المتعلقة بإثبات الجنسية (الفصل الأول) ثم التعرض لاحقا لدور الحالة الظاهرة كقرينة على حيازة الجنسية المغربية الأصلية من خلال تحليل مضمون الفصل 31 من قانون الجنسية المغربية الذي يعتبر الاطار القانوني المنظم لموضوع الحالة الظاهرة و كذا تحديد موقف القضاء المغربي منها من خلال بعض الأحكام الصادرة في منازعات الجنسية المغربية (الفصل الثاني).
الفصل الأول: القواعد الموضوعية لإثبات الجنسية المغربية
تعتبر مسألة إثبات الجنسية الوطنية من المواضيع التي تستأثر بحصة الأسد في منازعات الجنسية المعروضة على القضاء المغربي و ذلك راجع إلى الأهمية الكبيرة لهذ المسالة في حياة الفرد حيث يتم تقرير مدى تمتعه بالجنسية الوطنية أم لا و هذا التقرير يترتب عليه بيان المركز القانوني للفرد بالنظر لاختلاف المركز القانوني للوطني عن المركز القانوني للأجنبي في الدولة سواء كان هذا الإختلاف على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
فعلى الصعيد الداخلي، يتمتع الوطني بمجموعة من الحقوق و المزايا لا يتمتع بها الأجنبي كأصل عام. فإثبات الجنسية يثبت الصفة الوطنية للفرد و يعامل معاملة الوطنيين، و بنفيها عنه تثبت الصفة الأجنبية له و يعامل معاملة الأجانب؛ و لذلك يحتاج الفرد إلى إثبات تمتعه بجنسية دولة معينة لغرض ممارسة الحقوق فيها، كحق الانتخاب و الترشيح لعضوية المجالس الترابية أو البرلمانية أو الانخراط في النقابات و الأحزاب السياسية و كذا تولي الوظائف العمومية و مناصب المسؤولية بالإضافة إلى حق تملك العقارات، أو لغرض الحماية القانونية ضد القرارات الإدارية الصادرة من طرف الدولة في شأن الإبعاد عن التراب الوطني أو رفض تسليم جوازات السفر.
أما على الصعيد الخارجي، فقد يلجأ المشرع الوطني في بعض الدول إلى تأسيس الاختصاص القضائي الدولي لمحاكمه استنادا إلى ضابط الجنسية. فعلى سبيل المثال تنص المادتان 14 و 15 من القانون المدني الفرنسي على اختصاص المحاكم الفرنسية اذا كان المدعى فرنسيا (المادة 14) أو اذا كان المدعى عليه فرنسيا (المادة 15)، و بالنسبة للمغرب لم يتضمن ظهير الوضعية المدنية للأجانب أي نص بشأن تنازع الاختصاص القضائي الدولي و بالتالي لم يعين نطاق اختصاص المحاكم المغربية، كما أن قانون المسطرة المدنية بدوره لم يتضمن أية قاعدة في الموضوع[18].
كما يمكن أن يكون هدف الفرد هو تعيين القانون الواجب التطبيق على المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية التي يعطي الاختصاص التشريعي فيها عادة لقانون الجنسية اذا كان ضابط الإسناد هو الجنسية. كما أن إثبات الصفة الوطنية يمكن الفرد من الاستفادة من الحماية الدبلوماسية أينما وجد، و في نفس الوقت قد تكون من مصلحة الفرد إثبات صفة الأجنبي في العقد المبرم بينه و بين دولة ما و ذلك من أجل أن ينعقد الاختصاص للمركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الاستثمار، أو التمتع بالحقوق الواردة في معاهدة دولية مبرمة بين دولته الوطنية و الدولة التي يريد أن يثبت عدم حمله لجنسيتها، كحقه في عدم مصادرة أو تأميم أمواله دون تعويض كامل[19].
و قد يضطر الفرد إلى إثبات تمتعه بالجنسية أو نفي تمتعه بها خارج ساحة القضاء من أجل تحديد مركزه أمام السلطات الإدارية في الدولة. و أيا ما كان الشكل الذي تثور بشأنه إثبات الجنسية المغربية، فإن دراسة القواعد العامة للإثبات في منازعات الجنسية يستلزم التعرض لسلسلة من المواضيع المتعاقبة منذ بدء عملية الإثبات إلى منتهاها، فلابد من تحديد محل الإثبات من خلال بيان الشروط الواجب توافرها في الواقعة المادية أو القانونية لتصبح محلا للإثبات (المبحث الأول)، و كذا تحديد الطرف الذي يقع عليه عبء الإثبات و مدى نقل هذا العبء إلى الطرف الآخر (المبحث الثاني).
المبحث الأول: محل الإثبات في الجنسية المغربية
الأصل أن محل الإثبات هو الحق المدعى به، و نظرا لان فكرة الحق معنوية يصعب إن لم يستحل إثباتها و تماشيا مع ما تقضي به القواعد العامة في إثبات الحقوق الشخصية و المعنوية فقد انتقل محل الإثبات إلى شيء آخر هو مصدر الحق المدعي به و ليس الحق ذاته، أي المصدر الذي ينشئ هذا الحق[20]. و المصادر التي تنشئ الحقوق، أيا كانت، لا تعدو أن تكون أما تصرفا قانونيا (acte juridique) و أما واقعة قانونية (fait juridique)[21].
فمحل الإثبات بهذا المعنى إذن قد يكون عملا قانونيا أو واقعة قانونية، فهذه الأخيرة هي التي تكون محلا للإثبات، أما القانون فهو عمل القاضي. فالادعاء بأي حق أو رابطة قانونية أمام القضاء يتضمن عنصرين، أحدهما يستمد من الواقع و هو المصدر المباشر أو القريب للحق المدعى به، أي العمل القانوني أو الواقعة القانونية التي تنشئ الحق أو ترتب زواله. و الإثبات هنا يتناول مسائل موضوعية لا تخضع لرقابة محكمة النقض، أما العنصر الثاني فإنه يستمد من القانون، و هو استخلاص نشأة الحق أو زواله من المصدر الذي قام المدعي بإثباته، أي تطبيق القانون على ما ثبت لدى القاضي من وقائع[22].
وفي ميدان منازعات الجنسية، فمحل الإثبات في الجنسية هو مصدر نشوء الحق فيها أو زواله، و ليس المقصود بالمصدر في هذا الصدد هو بيان القاعدة القانونية التي ينص عليه قانون الجنسية في كسب الجنسية أو زوالها، و إنما نعني بالمصدر كافة الوقائع و الأعمال القانونية التي تكسب الفرد الصفة الوطنية أو تجرده منها[23].
و هنا وجب التمييز بين إثبات التمتع بالجنسية الوطنية أو نفيها حيث يكفي إثبات الواقعة القانونية أو العمل القانوني المنشئ للحق في الجنسية أو نفيها دون حاجة لإثبات القاعدة القانونية المنظمة لها، فهذه الأخيرة يستخلصها القاضي بتطبيقه لنصوص القانون على ما ثبت لديه من الوقائع، و بين إثبات أو نفي الجنسية الأجنبية حيث يستلزم التعاون غير المباشر بين الخصوم و القاضي لتحقيقه بإثبات الوقائع و القانون معا[24].
فبالنسبة لإثبات التمتع بالجنسية الوطنية، فان محل الإثبات يختلف ما اذا تعلق الأمر بالجنسية الأصلية أو المكتسبة. فبالنسبة للجنسية الأصلية، فمحل الإثبات هو الواقعة القانونية التي ترتب عنها وسيلة الاكتساب، ففي الجنسية الأصلية المترتبة على النسب أو البنوة يجب إثبات انتساب الشخص للوالد الذي اكتسب منه الجنسية، أي إثبات النسب الشرعي للأب أو النسب للأم و ذلك وفق قواعد ثبوت النسب للأب أو للأم.
أما بالنسبة للجنسية الأصلية المترتبة على الميلاد في إقليم الدولة، يكون محل إثبات الواقعة المادية التي هي واقعة الميلاد على إقليم الدولة، علما أن شهادة الميلاد كورقة رسمية كافية لتأكيد هذه الواقعة إلا أنه ما دامت لم تعد أساسا لإثبات الجنسية تبقى مجرد قرينة بسيطة يمكن تعزيزها بوسائل إثبات أخرى كما يمكن في نفس الآن دحضها بإقامه الدليل العكسي. كذلك بالنسبة للجنسية التي تثبت لللقيط أو مجهول الأبوين على الإقليم الوطني إذ يعتبر محضر العثور عليه قرينة على ميلاده فيه ما لم يثبت العكس.
و بخصوص الجنسية المكتسبة، فمحل الإثبات يتم بالتصرف القانوني الذي ترتب عليه كسب الجنسية بعد توافر الشروط القانونية المطلوبة. و بالمثل بالنسبة للزواج المختلط في القوانين التي تجعل منه وسيلة لاكتساب الزوجة جنسية زوجها، فمحل الإثبات يثبت بالواقعة القانونية المترتب عنها الزواج و هي قاعدة الزواج الصحيح أو نسخة من الحكم القضائي الصادر بشأنه، و أيضا ما يثبت إبداء رغبة الزوجة في الدخول في جنسية زوجها أو عدم المعارضة عليها. أما إثبات الجنسية المكتسبة بفضل معاهدة دولية، فان محله هو توافر الشروط القانونية في المركز القانوني حسب ما تقضي به المعاهدة.
المبحث الثاني: عبء إثبات الجنسية المغربية و نقله
أولا: عبء الإثبات
من المعلوم أن القواعد العامة للإثبات تستند إلى مبدأ قديم و مشهور جدا، عرف منذ القانون الروماني، يشار اليهم باللغة اللاتينية بعبارة: « actori in cumbit probatio »، و هو المبدأ المعروف في اللغة العربية: “البينة على المدعي” و في الفقه الإسلامي: “البينة على من ادعى و اليمين على من أنكر”. و في المادة 399 من قانون الالتزامات و العقود المغربي بالنسبة للالتزامات حيث نصت على أن: “إثبات الالتزام على مدعيه” مع الإحالة على قانون المسطرة المدنية في شأن اليمين (المواد 85 و ما بعدها). و بناء على المبدأ المذكور، فإن من يدعي حقا له أو التزاما لفائدته على عاتق شخص آخر، يتعين عليه تقديم الدليل على ما يزعمه و يدعيه، إذ الأصل براءة الذمة[25].
و يترتب على ما سبق ذكره، أن من يدعي الجنسية الوطنية لنفسه أو لغيره أو ينكرها على نفسه أو على غيره، يكون هو الملزم بالإدلاء بالبينة على ادعاءاته و مزاعمه، و من تم، فمن يتمسك بتسجيل نفسه في اللوائح الانتخابية للترشح لمنصب تمثيلي أو المشاركة بالتصويت في العملية الانتخابية، يتعين عليه أن يدلي بما يثبت توفره على الصفة الوطنية التي تجعل المشاركة في الانتخابات حكرا على المواطنين، فاذا نازعته الإدارة أو أي جهة لها مصلحة قائمة في الصفة التي يدعيها لنفسه كان هو الملزم دوما بإثبات جنسيته الوطنية.
وفي هذا الفرض، نستحضر حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة[26] و الذي صرح بأن السيد محمد فائز المزداد بجمهورية مصر العربية لا يتمتع بالجنسية المغربية و كذا ببطلان شهادة الجنسية عدد 71/205 الممنوحة له و الصادرة عن النيابة العامة بالمحكمة الإقليمية بمراكش سابقا. و تتلخص وقائع هذه النازلة في اعتراض مجموعة من المدعين على ترشح السيد محمد فائز في لوائح الانتخابية التشريعية التي جرت في ظل ظهير 06 غشت 1976 و ذلك أمام لجنة الحكم التي رفضت الاستجابة للطعن مما حدى بهؤلاء المدعين إلى إقامة دعوى اعتراضية تطبيقا للمادة 41 من ظهير 06 شتنبر 1958 بمثابة قانون الجنسية المغربية، حيث تحمل المدعى عليه عبء الإثبات وذلك باستصدار شهادة الجنسية و إقامة شهادة لفيف عدلية تفيد حيازته للجنسية المغربية الأصلية.
كما يترتب عما سبق أيضا أن الشخص الذي تتمسك الإدارة في مواجهته بانه أجنبي و ينكر هو هذه الصفة و يدعي كونه من المواطنين لتفادي القرار الإداري الصادر في حقه بالطرد و الإبعاد من أرض الوطن و نقله إلى الحدود أو إلى بلاده، يكون هو من يتحمل عبء الإثبات.
و في هذا الاطار نستحضر قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى (سابقا)[27] ، في شأن قضية أبراهام السرفاتي ألبير و تتلخص وقائع هذا الملف في الطعن بسبب الشطط في استعمال السلطة ضد قرار وزير الداخلية الذي أمر بطرده من المغرب بدعوى أن المدعى عليه لا يتمتع بالجنسية المغربية وأن والداه يحملان الجنسية البرازيلية الشيء الذي يعني أن ابرهام السرفاتي يبقى أجنبيا في نظر السلطات المغربية المختصة، حيث لم يقتنع المجلس الأعلى بدفوعات المدعى عليه و قضى برفض طلب إلغاء قرار الأبعاد من المغرب.
وقد تلجأ الإدارة إلى منع امتلاك نوع معين من الأملاك العقارية التي لا يجوز امتلاكها إلا المواطنون دون الأجانب لحساسيتها و خطورتها كالعقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة. و في هذا الاطار نستحضر قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط[28]، حيث تتلخص وقائع هذا الملف في الطعن بالإلغاء في القرار الوزاري المشترك عدد 73/779 المؤرخ بتاريخ 30/07/1973 طبقا للمادة الأولى من قانون 42.05 المتعلق بسن بعض الإجراءات المتعلقة بالعقارات الفلاحية أو القابلة للفلاحة المنقول ملكيتها إلى الدولة المغربية، حيث أن الورثة المسـتأنف عليهم يملكون إرثا من مورثهم الهالك (إسحاق…) و أن هذا الأخير و زوجته (بيرلة) يتمتعان بالجنسية المغربية و بالتالي إخراجهم من دائرة تطبيق مقتضيات ظهير 02/03/1973 المتعلق باسترجاع ملكية الأراضي الفلاحية المملوكة للأشخاص الذاتيين الأجانب أو الأشخاص المعنويين. و هكذا تحمل المستأنف عليهم عبء إثبات جنسية والدهم الهالك حيث أدلوا بإشهاد صادر عن القاضي العبري لدى المحكمة الابتدائية بطنجة و كذا شهادات الجنسية الخاصة بهم و الصادرة عن النيابة العامة من المحكمة الابتدائية بطنجة تؤكد أن جنسية المستأنف عليهم مغربية من أبيهم إسحاق و أمهم بيرلة، حيث اقتنعت المحكمة بأن القرار الوزاري المشترك المطعون فيه مفتقر لعنصر المالك الأجنبي.
وبناء على ما سبق، يسري في مسألة إثبات الجنسية المبدأ العام المعمول به في ميدان الإثبات و الذي بمقتضاه يتحمل عبء الإثبات من يدعي خلاف الوضع الظاهر، فمن كان ظاهر حاله يدل على أنه مواطن، وجب على ما يزعم أنه أجنبي أن يقيم الدليل على زعمه، ومن كان ظاهر حاله يفيد أنه أجنبي تعين على من يدعي العكس أن يثبت مدعاه؛ ذلك أن لا محل للخروج بالنسبة لمسائل الجنسية على القواعد العامة القاضية بإلقاء عبء الإثبات على من يدعي خلاف الظاهر، فهذه القاعدة من الدعائم اللازمة لحماية حقوق الأفراد ضد الدعاوى التعسفية التي لا تقوم على أي دليل، و ليس من المعقول عدم شمول الجنسية بهذه الحماية، فالجنسية بلا شك من الحقوق الأساسية التي يتوقف عليه كيان الفرد في مجتمع الدولة وهي بهذا الوصف من أكثر الحقوق جدارة بالحماية[29].
و بخصوص عبء إثبات الجنسية في القانون المغربي، فقد نص الفصل 30 من قانون الجنسية المغربية و الذي غير و تمم بموجب الفصل الأول من القانون رقم [30]62.06 “يقع عبء الإثبات في قضايا الجنسية لدى المحاكم الابتدائية على كل شخص يدعي الجنسية المغربية لنفسه أو لغيره أو ينكرها كذلك بدعوى أصلية أو عن طريق الدفع”.
إن هذا الفصل يقر صراحة تطبيق القواعد العامة في عبء الإثبات على إثبات الجنسية، حيث وضع على عاتق مدعي الجنسية المغربية أو من ينفيها عن نفسه إثبات ادعائه. فهذا النص يطبق إذن القاعدة العامة بشان الإثبات التي تقتضي بان على من يدعي شيئا أن يثبته، و تطبق هذه القاعدة على أربعة افتراضات ممكنة و هي الآتية:
الافتراض الأول: الشخص يدعي أنه يحمل هو نفسه الجنسية المغربية،
الافتراض الثاني: الشخص يدعي أن شخصا آخر يحمل الجنسية المغربية،
الافتراض الثالث: الشخص يدعي أنه لا يحمل الجنسية المغربية،
الافتراض الرابع: الشخص يدعي أن شخصا آخر لا يحمل الجنسية المغربية،
ومن جهة أخرى، يمكن أن يقع هذا الادعاء إما في دعوى أصلية أي في دعوى يكون موضوعها إثبات إحدى الحالات السابقة، و إما عن طريق الدفع أي عن طريق دعوى موضوعها أمر آخر ولكن البث فيها يقتضي أن يبث سابقا في إحدى الافتراضات المذكورة أعلاه[31].
وفي هذا الاطار نستحضر قرار محكمة الاستئناف بمكناس[32] ، حيث يتعلق الأمر بدعوى أصلية الغاية منها إثبات أن السيد بوشعيب الزموري يتمتع بالجنسية المغربية (الافتراض الأول). و تتلخص وقائع هذه النازلة في أن السيد بوشعيب الزموري رفع دعوى قضائية الغاية منها إثبات جنسيته المغربية حيث ذكر أنه مغربي الأصل من أجداده و أن والده من سكان مدينة أزمور و من شرفائها الأدارسة و أن جد والده هو الذي ارتحل من المغرب إلى الجزائر و استوطن مدينة عنابة. و لإثبات دعواه، أدلى للمحكمة بشهادة لفيف من تلاميذ والده المضمنة بمحكمة التوثيق بمكناس تحت عدد 690 صحيفة 354 كناش المختلفة عدد 245 بتاريخ 30 غشت 1973 و كذا بشهادة نقيب الشرفاء بتاريخ 03/09/1973 تضمنت إثبات نسبه و مغربيته. لم تقتنع المحكمة بوسائل الإثبات المحتج بها بدعوى أن شهادة نقيب الشرفاء الأدارسة شهادة فرد واحد بالإضافة إلى أن دور النقيب ينحصر في إثبات الأنساب فقط و لا يتعدى إلى إثبات الجنسية أو إنكارها على الأفراد، كما أن شهادة اللفيف المدلى بها هي شهادة سماع و هذه الأخيرة لا يعمل بها فقها إلا اذا كانت مستفيضة.
ثانيا: نقل عبء الاثبات
تسمح القواعد العامة للإثبات كذلك بنقل عبء الإثبات ممن يقع عليه هذا العبء إلى خصمه سواء أكان هذا الخصم هو فرد آخر أو الدولة ذاتها ويظل عبء الإثبات ينتقل بين الخصوم إلى أن يعجز احدهما عن الإثبات فيخسر دعواه.
و في مجال منازعات إثبات الجنسية، توجد قرائن مهمة تعفي صاحبها من الإثبات و تنقل عبئه إلى الخصم الآخر، وهي فرض استظهار الشخص لشهادة الجنسية مسلمة من السلطات المختصة، و في فرض امتياز التنفيذ المباشر في منازعة غير قضائية التي خولها القانون للإدارة، ثم في فرض حيازة الشخص لرسوم الحالة المدنية و أخيرا في حالة حيازته للحالة الظاهرة.
حيازة شهادة الجنسية
شهادة الجنسية “Certificat de nationalité” هي وثيقة إدارية رسمية تسلمها السلطات المختصة قانونا في الدولة لكل من ينتمي إلى شعبها، فهي بمثابة إقرار بالجنسية للشخص من جانب الدولة و تتحدد قوة هذه الشهادة، كدليل على الجنسية، وفق قانون الدولة التي أصدرتها. و هي أداة لإثبات الصفة الوطنية و من نازع صاحبها فيما تفيده من تمتعه بجنسية فعليه إثبات ما يدعيه. و في هذا الاطار، نص الفصل 33 من قانون الجنسية المغربية على: “تثبت الجنسية المغربية بالإدلاء بشهادة الجنسية المغربية يسلمها وزير العدل أو السلطات القضائية أو الإدارية التي يعينها الوزير لهذا الغرض”.
و إن كان من المسلم به أن شهادة الجنسية لا تعد نظريا دليلا حاسما على تمتع المعني بالأمر بالجنسية بقدر ما تنحصر في قلب عبء الإثبات لدى المحاكم، و مع ذلك فيجب التسليم بهذا الاعتراف من شأنه عمليا و وفق طبائع الأمور أن يعتبر قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس[33]، و في المقابل، فإن هذه القرينة لا تقوى على مجابهة امتياز التنفيذ المباشر المقرر لمصلحة الإدارة، فالأخيرة بما لها من اثر ذلك الامتياز تستطيع هدم تلك القرينة و لا تعتبرها موجودة أصلا[34].
امتياز التنفيذ المباشر
إن امتياز التنفيذ المباشر الذي تتمتع به الإدارة يخولها معاملة شخص ما على النحو الذي تراه، فتضعه في مركزه الوطني فتفرض عليه واجبات و التزامات وطنية كالخدمة العسكرية أو تصنفه على أنه اجنبي فتحرمه تبعا لذلك من ممارسة الحقوق المخولة حصرا للوطنيين دون سواهم أو اتخاذ إجراء الإبعاد في حقه، و على الشخص المعني الذي يدعي عكس ما عاملته به الإدارة المنازعة في ذلك أمام القضاء و تحمل عبء الإثبات.
و في هذا الفرض تضع الإدارة الشخص في موضع المدعي أمام القضاء و يتحمل تبعا لذلك عبء إثبات عكس ما تعامله به الإدارة. غير أن هذا الامتياز المقرر لصالح الدولة يجب أن يكون مجاله خارج ساحة القضاء حيث تملك الدولة سلطة المبادرة أو التصرف المباشر[35].
إن امتياز التنفيذ المباشر في منازعات إثبات الجنسية ينقل بصفة غير مباشرة عبء إثبات الجنسية، فيصبح الشخص الذي ينازع في مركزه من حيث جنسيته خلاف ما عاملته به الإدارة دائما مدعيا، و مع ذلك فإن هذا الامتياز قاصر على المعاملة الإدارية الذي تصبح فيه الإدارة في مركز ممتاز مقارنة بمركز الشخص.
وفي الميدان العملي، يجد مبدأ امتياز التنفيذ المباشر للإدارة أهميته و مبرراته، إذ لا يتصور أن تلتزم الدولة عند قيامها بفرض أي تكليف وطني كالتكليف بأداء الخدمة العسكرية أن تتكفل بإقامة الدليل مقدما على أن جميع الأفراد الذين تطالبهم بأداء هذا التكليف يتمتعون فعلا بجنسيتها، إذ لا شك أن في إلقاء عبء إثبات جنسية جميع السكان على عاتق الدولة من شانه أن يحول دون إمكانها فرض أي من التكاليف الوطنية على الأفراد[36]؛ إلا أن جانب من الفقه، يقر أن مبدأ وضع عبء الإثبات على عاتق الشخص المنازع في جنسيته، كما هو الحال بالنسبة للتشريع الفرنسي، ينطبق فقط على الحالة التي تكون الدولة طرفا في المنازعة أما إذا كان النزاع بين الأفراد فتطبق القواعد العامة في الإثبات.
رسوم الحالة المدنية
إذا كان مصطلح “الحالة المدنية” رائجا على كل لسان، داخل الإدارة العمومية و الأوساط الشعبية، فانه في المقابل يثير إشكالية تحديد مفهومه و مداه. فالحالة هي مجموعة صفات (Qualités) شخص يأخذها القانون في الاعتبار ليرتب عليها آثار قانونية أو يربط بها حقوقا و التزامات، أو هي مختلف الصفات التي ينتج عنها التمتع بالحقوق، أي الوضعية الناشئة عنها هذه الصفات أو مجموعة الأوصاف (Qualifications) القانونية التي يمكن أن يتصف بها شخص أو كل وصف منه على حدة و الوضعية التي ترتبط به[37].
و تضم الحالة كلا من الحالة المدنية و الحالة السياسية، يقصد بالأولى ما يسمى بالحالة الخاصة، و هي الصفات التي تخصص للفرد و تعطيه موقعه في المجتمع و تميزه عن الأخرين و تعتبر الوسيلة الوحيدة التي يمكن للشخص أن يثبت بها حالته و أهليته[38]، و يقصد بالثانية ما يسمى بالحالة العامة و تتحدد بحمل جنسية معينة تخول حاملها مجموعة من حقوق تدعى حقوقا سياسية أو وطنية و تفرض عليه مجموعة من التزامات أهمها الالتزام بالخدمة العسكرية و الدفاع عن البلاد.
و إذا كان البعض[39] يرى أن الانتماء الوطني أو حمل جنسية معينة لا يدخل في تكوين الحالة المدنية، فإن البعض الآخر[40] يرى العكس، إذ أن الجنسية تساهم في تحديد الوضعية المدنية للفرد أي التمتع بحقوق و التحمل بواجبات مدنية، بل يتعدى ذلك إلى الأجانب حيث تخضع حالتهم و أهليتهم في المغرب لقانونهم الوطني طبقا لمقتضيات الفصل 3 من ظهير 12 غشت 1913 بشأن الوضعية المدنية للفرنسيين و الأجانب، وهي بذلك تعتبر الجنسية من البيانات الأساسية المكونة لنظام الحالة المدنية.
و بالرجوع إلى قانون الحالة المدنية المغربي، و نظرا لأهمية الوظيفة الإدارية لسجلات الحالة المدنية بالنسبة للفرد و الدولة معا، فقد كفل المشرع المغربي الحق في الحصول على البطاقة الشخصية للحالة المدنية لكل شخص يسكن بمكان غير محل ولادته حيث تكون لهذه البطاقة الشخصية حسب المادة 33 من قانون الحالة المدنية، نفس قوة الإثبات التي للنسخة الموجزة من رسم الولادة و تقوم مقامها ما عدا في الحالات التالية: إثبات الجنسية المغربية و إثبات وقائع الحالة المدنية أمام القضاء. فمن خلال مضمون المادة 33، و بمفهوم المخالفة، يمكننا أن نستنتج أن النسخة الموجزة من رسم الولادة و التي يتم مسكها على أساس ما هو مضمن بسجلات الحالة المدنية، تعتبر وسيلة غير مباشرة لإثبات الجنسية المغربية، و لكن في المقابل يثير مضمون المادة 33 التساؤل التالي: ماذا يقصد المشرع بإثبات الجنسية المغربية؟ هل يقصد بها إثبات الجنسية الأصلية أو الجنسية المكتسبة أو هما معا؟
فالرأي فيما نعتقد أن الأمر يتعلق فقط بالجنسية المكتسبة دون سواها لأن البيانات الخاصة بالجنسية و المدرجة بسجلات الحالة المدنية تخص الأجانب المزدادين بالمغرب الذين اكتسبوا الجنسية المغربية دون سواهم، حيث يشار بطرة رسم ولادتهم المرجع الأساس للسند المانح للجنسية المغربية. ففي هذا الفرض، يمكن القول بأن رسم الحالة المدنية لا يشكل في حد ذاته وسيلة لإثبات الجنسية المغربية المكتسبة بالرغم من حيازتها لصفة الرسمية و الحجية في الإثبات، بل إن السند المانح للجنسية (ظهير بالنسبة للتجنيس الاستثنائي أو مرسوم إذا تعلق الأمر بالتجنيس العادي) و المضمن في سجلات الحالة المدنية هو من يضفي تلك الحجية في إثبات اكتساب الصفة المغربية. فالأمر لا يتعلق إذن بإثبات الجنسية الأصلية المغربية لأن قواعد إثبات هذه الأخيرة منصوص عليها في الفصل 31 من قانون الجنسية.
و في هذا السياق، صدر قرار عن محكمة الاستئناف بالرباط[41] بتاريخ 5 أبريل 1941 قضى بتجريد بيانات الجنسية المدونة في الكناش العائلي و رسوم الحالة المدنية من كل قيمة قانونية، فاذا تمت المنازعة فيها، فيمكن للطرف الذي يتمسك بالجنسية أن يثبتها. كما سارت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء[42] في نفس الاتجاه في حكم أصدرته بتاريخ 10 دجنبر 1945 حين اعتبرت الوثائق الإدارية و رسوم الحالة المدنية المبينة فيها جنسية السيد أصبان ليست لها أية قيمة إثباتية في ما يخص وجود هذه الجنسية لأن المحاكم هي وحدها المختصة بالبث في هذا الموضوع، فضابط الحالة المدنية الذي يعقد الزواج لا يحقق شخصيا في جنسية الزوجين المستقبلين… و ليس له اختصاص خاص ليقيم مسألة تتعلق بمادة معقدة كالجنسية و يقتصر دوره على تسجيل تصريحات الأطراف حول هذه النقطة، و أنه إذا أعطينا للبيانات المتعلقة بالجنسية طابعا نهائيا، فإن ضابط الحالة المدنية سيصبح قاضيا لمنازعات الجنسية.
إن تسجيل جنسية الأطراف في رسوم الحالة المدنية باعتبارها محررات رسمية حائزة على حجية في الإثبات، إجراء خطير لأنه يتم بدون رقابة قضائية أو إدارية مسبقة للتحقق من هذا البيان من طرف ضابط الحالة المدنية[43]، فهذا الأخير لا يمتلك الصفة للتحقق من صدقيتها، كما أن بيان الجنسية برسوم الحالة المدنية لا يقدم أية فائدة عملية[44] و يتنافى مع قواعد إثبات الجنسية المنصوص عليها في قانون الجنسية من جهة أخرى، مما يجعلها مجردة من أية قيمة قانونية أو قوة إثباتية. و لكن في المقابل، يترتب عن حيازة رسوم الحالة المدنية المغربية نقل عبء الاثبات من على كاهل المعني بالأمر إلى من ينازعه في التمتع بالصفة الوطنية[45]، كما يمكن اعتبار هذه الرسوم من قبيل القرائن التي تكوّن الحالة الظاهرة يسترشد بها القاضي و تمكنه من الاهتداء إلى الجنسية الفعلية للشخص المعني.
حيازة الحالة الظاهرة
ويطلق عليها أيضا “حيازة الحالة” “possession d’état” كما يطلق عليها البعض “الجنسية الظاهرة” “nationalité apparente”. و يقصد بالحالة الظاهرة ظهور الشخص بمظهر الوطني و هي تستند إلى مجموعة من العناصر الظاهرة تتوافر لدى الشخص و يستنتج منها تمتعه بجنسية الدولة، و هو استنتاج قائم على افتراض مطابقة الظاهر للحقيقة.
و عناصر الحالة الظاهرة ثلاثة تحدث جميعها فعلها و لا يحدث الواحد منها وحده أثرا، هي على التوالي: الاسم، الشهرة و المعاملة[46] حيث يتعين توافرها معا في الشخص حتى تثبت له الصفة الوطنية كأن يحمل هذا الشخص الذي يدعي الجنسية الوطنية إسما من الأسماء المتداولة في الدولة التي يدعي الانتساب اليها و أن يشتهر بين الناس على أنه من مواطني تلك الدولة، فضلا عن ذلك أن يعامل لا من طرف الأفراد فقط و لكن حتى من طرف الدولة على انه يتمتع بجنسية تلك الدولة. و عطفا على ما سبق، يمكن الاستعانة بقرائن أخرى تعضد من الحالة الظاهرة من قبيل بطاقات التعريف الوطنية، البطاقات الانتخابية، رسوم الحالة المدنية، جوازات السفر و أداء الخدمة العسكرية…
وفكرة حيازة الحالة بالمفهوم المتقدم، يمكن أن تكون دليلا على إثبات الجنسية و هي تقابل فكرة حيازة المنقول و الظهور بمظهر المالك و التي قد تقوم دليلا على إثبات الملكية، فكما يحق لحائز العقار غير المسجل في السجل العقاري أن يكسب ملكيته و لو لم يكن مالكا له إذا استمرت حيازته له مدة معينة من الزمن، كذلك يحق للشخص أن يثبت جنسيته عن طريق حيازته لها اذا كان يتمتع بالمظاهر الدالة عليها و كان معروفا بها بين الناس[47]. و في هذا الصدد يثار التساؤل حول حجية حيازة الحالة الظاهرة كقرينة على إثبات حيازة الجنسية المغربية.
الفصل الثاني: دور الحالة الظاهرة في إثبات حيازة الجنسية المغربية الأصلية
خصص المشرع المغربي فصلا مستقلا للحالة الظاهرة في قانون الجنسية حيث نص 31 على: ” إدا ادعى شخص الجنسية المغربية كجنسية أصلية يمكن أن يثبتها بجميع الوسائل لاسيما عن طريق الحالة الظاهرة. تنجم الحالة الظاهرة للمواطن المغربي عن مجموعة من الوقائع العلنية المشهورة المجردة من كل التباس تثبت أن الشخص المعني بالأمر و أبويه كانوا يتظاهرون بالصفة المغربية و كان يعترف لهم بهذه الصفة لا من طرف السلطات العمومية فحسب، بل حتى من طرف الأفراد”. فالحالة الظاهرة في هذا الفرض تقترب من الجنسية الفعلية من حيث كونهما تعدان قرينة و وسيلة لثبوت الجنسية الوطنية. و هكذا، يمكن أن نتساءل عن الحالة الظاهرة كقرينة على حيازة الجنسية المغربية الأصلية (المبحث الأول) دون إغفال موقف القضاء المغربي في هذا المجال (المبحث الثاني).
المبحث الأول: الحالة الظاهرة: قرينة على حيازة الجنسية المغربية الأصلية
انقسم الفقه حول طبيعة القرينة التي توصف بها الحالة الظاهرة، فهناك جانب من الفقه يعتبر حيازة الحالة قرينة قانونية”Présomption légale” و ذلك لورود نص قانوني بشأنها في مجال إثبات الجنسية الأصلية المبنية على حق الدم أي جنسية النسب أو البنوة حيث يتعذر إثبات تلك الجنسية بتعقب جنسية الأجيال السابقة، و هناك اتجاه ثاني من الفقه يعتبر حيازة الحالة الظاهرة قرينة قضائية “Présomption judicaire” و ذلك بالنسبة للتشريعات التي لم تنص قوانين جنسيتها على الحالة الظاهرة كدليل لإثبات الجنسية حيث يمكن أن يعتد بها القضاء في هذا المجال فيستنبطها في ظروف و وقائع القضية و الأوراق و المستندات المقدمة فيها.
المطلب الأول: الحالة الظاهرة: قرينة قضائية على حيازة الجنسية المغربية الأصلية
إن مسألة إثبات اكتساب الجنسية المغربية الأصلية (حق الدم) بناء على حيازة الحالة الظاهرة، باعتبار هذه الأخيرة قرينة قضائية، كانت تشغل حيز مهما في العمل القضائي إبان فترة الحماية الفرنسية، فقد كانت المحاكم الفرنسية آنذاك تطالب من يدعي الجنسية المغربية لنفسه بإثبات حيازته للحالة الظاهرة، و كانت تعبر عنها بصيغ مختلفة، منها مثلا:
عدم إمكان الاحتجاج في مواجهة المعني بالأمر بأي جنسية أخرى: و في هذا الاطار نستحضر قرار محكمة النقض الفرنسية[48] بتاريخ 31 يناير 1938 في قضية السيد صامويل بن رينوج (Samuel Benrinoj)و الذي صرح بثبوت الجنسية المغربية للمدعي بناء على واقعة ميلاده بمدينة فاس من جهة و استقرار أسلافه بالمغرب لأجيال متعاقبة من جهة أخرى، و صرحت: “يكون مغربيا كل شخص مولود لأبوين مستقرين بالمغرب و لا يمكن الاحتجاج بالمطالبة بأي جنسية أخرى”.
“Est marocain tout individu né de parent fixés au Maroc et qui ne peuvent revendiquer légitimement une autre nationalité”.
2- إقامة الدليل على أن أصول الشخص لم تكن لهم جنسية أخرى غير الجنسية المغربية: و في هذا الاطار نستحضر قرار محكمة الاستئناف بالرباط[49] في قضية السيد أزولاي (Azulay) حيث صرحت المحكمة: ” وحيث و أنه تبعا للاجتهاد الحديث، فالجنسية المغربية مبنية على النسب، و أن أي شخص مولود في المغرب أو بالخارج من أب مغربي فهو مغربي، و أنه لا يوجد بالملف أية وثيقة تبت أن والد المدعي له جنسية أخرى غير الجنسية المغربية، و عليه فإن السيد أزولاي، من أب مغربي، يعتبر مغربيا بالمغرب”.
“Attendu que suivant la jurisprudence la plus récente la nationalité marocaine est fondée sur la filiation. Tout individu né au Maroc ou même à l’étranger d’un père marocain est marocain, qu’aucune pièce produite ne permet d’admettre que le père du requérant puisse justifier d’une nationalité autre que la nationalité marocaine, que dès alors azulay, fils d’un marocain doit être, au Maroc, considéré comme marocain”
3- مغادرة المغرب مع قصد عدم الرجوع: قرينة قضائية على عدم ثبوت الجنسية المغربية الأصلية: و في هذا السياق، نذكر أن القضاء المغربي في معرض إثبات الجنسية الأصلية يولي اهتماما خاصا بمسألة تقييم مدى قوة أو هشاشة الرابطة الفعلية التي تجمع الفرد بالدولة المغربية باعتبار هذه الرابطة من العناصر المكونة للحالة الظاهرة أو الجنسية الظاهرة. فالإقامة الممتدة في الخارج أو حمل جنسية أجنبية أخرى و التصرف على أساسها قرينة قضائية على انتفاء حيازة الحالة الظاهرة المغربية. و في هذا الاطار نستشهد بقرار محكمة الاستئناف بفاس[50] في شأن قضية السيد فريد بنجلون الذي طالب بتثبيت جنسته المغربية الأصلية، حيث ورد في حيثيات هذا القرار: “إن المبدأ الذي كان يميز المغربي عن غيره، سواء قبل الحماية أو أثناءها، هو الخضوع الدائم للسلطان، أو بما عبر عنه برعايا السلطان، و أن الفصل الخامس عشر من اتفاقية مدريد لسنة 1880 ينص على أن كل رعية مغربي يتجنس في بلاد أجنبية و يعود إلى المغرب يتعين عليه، بعد أن يقضي في المغرب مدة موازية للمدة اللازمة حسب القانون للحصول على التجنس أن يختار بين الخضوع لقوانين المملكة المغربية أو مغادرة البلاد. كما أن الاجتهاد القضائي، أثناء الحماية، درج على اعتبار أنه لا تفقد الجنسية المغربية إلا بمغادرة المغرب، مع قصد عدم الرجوع، أو استنادا على إذن من الحكومة المغربية. و حيث أنه لا يوجد بالملف ما يفيد أن جد المستأنف، بعد مغادرته للمغرب، خلال الفترة المذكورة أعلاه، و تجنسه بالجنسية الفرنسية، قد رجع إلى المغرب و استقر به، و بالتالي فانه فقد جنسيته المغربية الأصلية، و انقطعت الرابطة القانونية الفعلية، التي تتجلى في رغبته في أن يكون عضوا في المجتمع المغربي… “.
و خلاصة القول، أن حيازة الحالة الظاهرة في مختلف صورها قرينة قضائية على تمتع أو عدم تمتع الشخص بالجنسية المغربية الأصلية المبنية على أساس النسب أو البنوة و هذا ما استقر عليه القضاء المغربي في فترة الحماية الفرنسية من خلال بعض اجتهاداته في منازعات إثبات الجنسية و ذلك قبل دخول قانون الجنسية المغربية حيز التنفيذ بتاريخ فاتح أكتوبر 1958.
أما بعد هذا التاريخ، فقد قام المشرع المغربي بالارتقاء بحيازة الحالة الظاهرة من مجرد قرينة قضائية إلى مرتبة القرينة القانونية حيث خصص لها فصل مستقل و هو الفصل 31 من قانون الجنسية المغربية.
المطلب الثاني: الحالة الظاهرة: قرينة قانونية على حيازة الجنسية المغربية الأصلية
كان الغرض من إقرار المشرع للقرينة القانونية كوسيلة لإثبات حيازة الجنسية المغربية هو التخفيف من عبء الاثبات، حيث يصبح هذا الأخير عسيرا بالنسبة للجنسية المغربية الأصلية المبنية على أساس الرابطة الدموية jus sanguinis ، إذ يستوجب على الشخص الذي يدعي الصفة المغربية أن يثبت حيازة سلفه للجنسية المغربية مما يضطره إلى إقامة الدليل على أن والده بدوره ولد لأب مغربي، أي إثبات حيازة الصفة المغربية أبا عن جد و خلفا عن سلف، و هكذا قد يؤدي إثبات الجنسية المغربية في هذا الفرض إلى تعقب سلسلة الأجيال السالفة إلى ما لا نهاية و تصاعدا منطقيا و تراتبيا في الأجيال السابقة الشيء الذي يصبح متعذرا و قد يصل إلى درجة الاستحالة، الشيء الذي أدى إلى ما سماه بعض الباحثين بظاهرة “الإثبات الجهنمي- probatio diabolica”[51] أو “الدليل الشيطاني”[52]، و هذا ما دفع الفقيه الفرنسي Paul DECROUX في معرض تعليقه على الفصل 31 من قانون الجنسية المغربية بقوله: “إن إثبات الجنسية الأصلية يشكل إثباتا جهنميا حقيقيا يقتضي إثبات كون الأب مغربيا مما يتطلب تصاعدا في الأجيال… إلى أن نصل إلى سيدنا آدم الذي لم يكن بدون شك مغربيا[53]“.
و يعتبر تشريع الجنسية المغربي من التشريعات التي اعتبرت حيازة الحالة الظاهرة قرينة قانونية حيث أفردت لها فصلا مستقلا في قانون الجنسية، إنه الفصل 31 الذي ينص: ” إدا ادعى شخص الجنسية المغربية كجنسية أصلية يمكن أن يثبتها بجميع الوسائل لاسيما عن طريق الحالة الظاهرة. تنجم الحالة الظاهرة للمواطن المغربي عن مجموعة من الوقائع العلنية المشهورة المجردة من كل التباس تثبت أن الشخص المعني بالأمر و أبويه كانوا يتظاهرون بالصفة المغربية و كان يعترف لهم بهذه الصفة لا من طرف السلطات العمومية فحسب، بل حتى من طرف الأفراد”.
من خلال الفقرة الأولى من الفصل 31، يتضح أن المشرع المغربي سمح بإعتماد جميع الوسائل لإثبات الصفة الوطنية بدون تحديد، فحرية الإثبات مكفولة لمن يريد إثبات التمتع بالجنسية المغربية أو عدم التمتع بها، و تسهيلا على الذين يريدون الحصول على الجنسية و تسهيلا على السلطة، فان الشهادة بالجنسية تحيل على الحالة الظاهرة للشخص[54]. و حتى لا تختلف المفاهيم و تتعدد التفاسير و التأويلات للحالة الظاهرة، تكفلت الفقرة الثانية من الفصل المذكور بتحديد دقيق لمفهومها.
فحيازة حالة مغربي تفترض إذن، بمقتضى الفصل 31، توفر العناصر التالية:
أن المعني بالأمر كان يتصرف في حياته الظاهرة كأنه مغربي، أي قد عاش دائما في بيئة مغربية إسلامية أو يهودية متبع عادات هذه البيئة الدينية و الاجتماعية،
أن السلطات العمومية اعتبرته دائما مغربيا بتسليمه مثلا جواز سفر مغربي أو ورقة التعريف الشخصي أو تقييده في اللوائح الانتخابية أو استدعائه للخدمة العسكرية الإجبارية،
أن الجمهور كان يعتبره مغربيا.[55]
و لا يكفي توفر واحد أو اكثر من هذه العناصر، بل يجب أن تتوفر كلها و أن تكون علنية و مشهورة و مجردة من كل التباس. كما تتطلب تحقق الحالة الظاهرة، توافر مجموعة من الوقائع و التصرفات و أنواع السلوك التي يمكن تقسيمها إلى صنفين، أحدهما يخص المعني بالأمر و ثانيهما يهم الغير الذين يتعامل معهم[56]. و على كل حال ليس توفر هذه العناصر المكونة للحالة الظاهرة حجة قاطعة لا تقبل العكس، بل تؤلف حجة بسيطة يعود للقضاة الحق في تقدير قيمتها الإثباتية عملا بسلطتهم التقديرية المطلقة. إلا انه متى كانت جميع عناصر الحالة الظاهرة أو بعضها فقط مفقودة، فإنه يتعين القيام بإجراء تحقيق من أجل إقامة هذه العناصر أو تكملتها[57]، و هنا يتجلى دور القضاء في حسم مدى قبول حيازة الحالة الظاهرة كوسيلة لإثبات التمتع بالجنسية المغربية.
المبحث الثاني: موقف القضاء المغربي من إثبات الجنسية بواسطة حيازة الحالة الظاهرة
ظل موقف الاجتهاد القضائي المغربي حيال قبول إثبات حيازة الجنسية المغربية على أساس حيازة الحالة الظاهرة متشددا من خلال سهره على التطبيق الصارم لمضمون الفصل 31 من قانون الجنسية المغربية، فقد عرضت على القضاء المغربي قضية من أهم القضايا التي يثيرها تطبيق هذا الفصل على محكمة الاستئناف بمكناس[58] و من بعدها محكمة الاستئناف بفاس[59] ثم المجلس الأعلى[60].
فمن خلال هذه القضية، عبر القضاء المغربي عن موقفه المتشدد إزاء قبول فكرة حيازة الحالة الظاهرة لإثبات الجنسية المغربية عندما قضى برفض طلب النقض ضد القرار المطعون فيه الصادر عن استئنافية فاس بتاريخ 03/06/1980 و الذي اعتبر أن ما جاء في شهادة اللفيف المحتج به مجرد رواية شهود و هي بذلك واقعة لا ترقى إلى ما يتطلبه الفصل 31 من قانون الجنسية المغربي من قيام وقائع بعناصرها المجتمعة و أوصافها المحددة فيه و لا تكفي وحدها لثبوت حيازة والد المدعي للجنسية الأصلية كما أن الشهادة للمدعي و بشكل مجمل بانه مغربي لا يغني عما يتطلبه الفصل المذكور من تفصيل لشروطه و عناصر و مواصفات حالة الجنسية المغربية لجنسية أصلية مما لم تتضمنه شهادتهم. كما اعتبر أن حيازة الحالة الظاهرة المغربية ليست الوسيلة الوحيدة لإثبات الجنسية المغربية حيث جاء في حيثيات القرار: “…إن الفصل 31 من قانون الجنسية المغربية إذا كان قد جعل الحالة الظاهرة لحيازة الجنسية المغربية وسيلة الإثبات الرئيسية لهذه الحيازة فانه لم يجعل منها الوسيلة الوحيدة لهذا الإثبات و بالتالي لا يمنع من ثبوت حيازة هذه الجنسية بالرغم من عدم توفر الحالة الظاهرة لهذه الحيازة…”.
و في المقابل، عبر القضاء المغربي عن موقف أقل صرامة حيال قبول حيازة الحالة لإثبات الجنسية المغربية من خلال الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط[61] و الذي قضى بإثبات الجنسية الأصلية المغربية اعتمادا على القرينة القانونية المتمثلة في حيازة الحالة المغربية. و تعود وقائع هذه القضية حين إلتمس المدعي من القضاء بإقرار جنسيته الأصلية المغربية اعتمادا على الفصل 31 من قانون الجنسية المغربية (حيازة الحالة الظاهرة)، وجاء في حيثيات الحكم: “وحيث أنه اعتبارا لما أشير اليه فإن المدعي المزداد سنة 1958 بدمشق مشهور بمغربيته و معروف بها و له قرابة و عمومة مع عائلة بن خضراء الموجودة بالمغرب و المنحدر من جده الأعلى المغربي الأصل و المنتقل من مدينة سلا إلى الديار الشرقية و تفرع نسله هناك و أن المحكوم بإقرار جنسيته المغربية هو ابن عم له”، و تضيف المحكمة: “…و أنه سبق لابن عم العارض وهو السيد محمود بن أمين بن سامي بن احمد بن خضراء أن تقدم للمحكمة بطلب يلتمس فيه تسجيل كونه مغربي الأصل و الحكم بإقرار جنسيته المغربية مدليا بإشهاد مماثل للإشهاد المذكور أعلاه و أن المحكمة قضت بتاريخ 30/11/1981 في الملف عدد 81-3650 بتسجيل كونه ابن عمه المذكور مغربي الأصل و حكمت بإقرار جنسيته المغربية”.
من خلال ما سبق، يمكن تفسير صرامة القضاء المغربي حيال قبول حيازة الحالة المغربية لإثبات حيازة الجنسية الأصلية لقراءته الخاصة في تفسير مضمون الفصل 31 من قانون الجنسية المغربية حيث اعتبر حيازة الحالة الظاهرة الوسيلة الوحيدة و المقبولة لإثبات الجنسية المغربية الأصلية مستبعدا بذلك وسائل الإثبات الأخرى علما بأن هذا الفصل قد تبنى مبدأ الإثبات الحر في إثبات الجنسية بحيث أمكن إثباتها “بجميع الوسائل”، لكن في المقابل لم يحدد هذا الفصل تلك الوسائل من منطلق أنها تختلف من ناحية قوتها الإثباتية، بل هناك وسائل إثبات مستبعدة في منازعات الجنسية لعدم ملائمتها كالإقرار و الشهادة، و من جهة أخرى فالفصل أورد إمكانية الاستدلال بحيازة الحالة الظاهرة على سبيل المثال و ليس على سبيل الحصر. فتسليم القضاء المغربي بأي تفسير آخر غير التفسير الذي تبناه، معناه قبول وسائل إثبات أقل قوة من الحالة الظاهرة مما سيسمح للمعنيين بالأمر بإثبات حيازة الجنسية الأصلية المغربية بحيازة حالة ظاهرة ناقصة مادام إثباتها بأحد عناصرها يعتبر كافيا.
و تأسيسا على ما سبق، وجب التفكير في إعادة النظر و إصلاح قانون الجنسية المغربية و تدارك بعض النقائص و خاصة ما يتعلق بمضمون الفصل 31 منه في اتجاه تدقيق المصطلحات و تبسيط الصياغة من خلال:
تدقيق موقف المشرع من طريقة الإثبات بالحالة الظاهرة في إثبات حيازة الجنسية المغربية الأصلية هل هي على سبيل المثال أو على سبيل الحصر علما أن المشرع المغربي يأخذ بنظام الإثبات المختلط في الإثبات المدني، فهو إلى جانب تحديده لطرق إثبات التصرفات القانونية، أجاز للخصوم صراحة إثبات الالتزامات و التصرفات التي لم يرد في القانون نص خاص على شكل إثباتها بجميع ما لديهم من وسائل،
توضيح مدى نطاق مدلول الوقائع العلنية التي تقتصر على بعض العادات و التقاليد التي تميز البيئة الاجتماعية و الثقافية و الدينية المغربية، و كذا تحديد كيفية توثيق الأفراد لاعترافاتهم على تظاهر المعني بالأمر بالصفة المغربية خاصة و أن حجية شهادة اللفيف في الإثبات في منازعات الجنسية محل خلاف فقهي و قضائي بالمغرب،
الحسم في مدى حجية بعض الوثائق الرسمية في إثبات الصفة الوطنية من قبيل بطاقات التعريف الوطنية و جوازات السفر التي تسلم عادة للمواطنين المغاربة دون سواهم و كذا بعض المحررات كشهادات اللفيف و رسوم الحالة المدنية التي تسلم للوطنيين و الأجانب على حد سواء و التي تشكل حاليا قرائن قضائية دون أن تسمو إلى مرتبة القرائن القانونية على حيازة الجنسية المغربية،
الاقتصار على أحد الأبوين الذين كانوا يتظاهرون بالصفة المغربية في إثبات الجنسية المغربية عوض التنصيص على كليهما، إذ يكفي إثبات أن الطرف الذي يستمد منه المعني بالأمر جنسيته كان يتظاهر بالصفة المغربية خاصة و أن منطوق الفصل 6 من قانون الجنسية قد شمله تعديل 2007 في اتجاه إقرار المساواة بين الأب و الأم في إسناد الجنسية الأصلية المترتبة عن النسب أو البنوة.
[1] – الهام العلمي، “إسناد الجنسية الأصلية للأولاد بناء على رابطة الدم من جهة الأم”، مجلة المناهج القانونية، ع مزدوج 15/16، سنة 2011، ص 46.
[2] – موسى عبود، “الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي”، المركز الثقافي العربي، ط 1، أكتوبر 1994، ص 35.
[3] – إدريس الضحاك، “فكرة الجنسية في المغرب بين الرعوية و المواطنة”، مجلة الأكاديمية، ع 25، سنة 2008، ص 197.
[4] – Henri Batiffol, 1949, Traité élémentaire de droit international privé, librairie générale de droit et de jurisprudence, Paris, p 58.
[5] – Paul Lagarde, 1970, Droit international privé, librairie générale de droit et de jurisprudence, Paris, p 62.
[6] – Niboyet Jean Pierre, “Cours de droit international privé français”, Paris, 1949, n° 47.
[7] – أحمد زوكاغي، ” أحكام الجنسية في التشريع المغربي”، مكتبة دار السلام، الرباط، 2006، ص 3.
[8] – Paul DECROUX, 1948, Quelques aspects de la nationalité marocaine, Hespéris, n° 35, 1ère et 2ème trimestres, p 210.
[9] – Recueil des arrêts de la cour international de justice, 1955, p 23.
[10] – أحمد عوبيد “المختار من الأحكام الكبرى للقانون الدولي الخاص الصادرة عن القضاء المغربي” دار السلام للطباعة والنشر، الرباط ،2013 ص 43.
[11] – رحيل غرايبة، “الجنسية في الشريعة الإسلامية”، الشبكة العربية للأبحاث و النشر، ط 1 ، بيروت، 2011، ص 18.
[12] – عبد الكريم شهبون ” الشافي في شرح قانون الالتزامات و العقود المغربي: الكتاب الأول، ج 3 ” مطبعة النجاح الجديدة، 1999 ص 221.
[13] – المعطي الجبوجي “القواعد الموضوعية و الشكلية لإثبات و أسباب الترجيح بين الحجج” ط 1، مكتبة الرشاد، سطات، 2003، ص 7.
[14] – إدريس العلوي العبدلاوي ” وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي” منشورات كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مراكش، 1981 ص 4-5
[15] – غالب علي الداودي “القانون الدولي الخاص: الجنسية دراسة مقارنة” دار الثقافة للنشر و التوزيع، ط ، 2011، ص 296.
[16] – حسام الدين فتحي ناصف “نظام الجنسية في القانون المقارن” دار النهضة العربية، القاهرة، 2007 ص 276.
[17] – عبد الرسول عبد الرضا الأسدي ” التقليد و التجديد في أحكام الجنسية: دراسة مقارنة” منشورات الحلبي الحقوقية، ط 1، 2012، ص 177.
[18] – موسى عبود “الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي” المركز الثقافي العربي، ط 1، 1994 ص 329.
[19] -حفيظة السيد الحداد ” المدخل إلى الجنسية و مركز الأجانب” منشورات الحلبي الحقوقية، ط 1، 2010 ص 287.
[20] – إدريس العلوي العبدلاوي ، المرجع السابق ص 21.
[21] – عبد الرزاق السنهوري “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد: نظرية الالتزام بوجه عام-الإثبات و آثار الالتزام” ج 2، دار النهضة العربية، 1978 ص 47.
[22] – هشام علي صادق ” موجز القانون الدولي الخاص: الجنسية المصرية” ج 2، الدار الجامعية للطباعة و النشر و التوزيع، 1986، ص 288.
[23] – حسام الدين فتحي ناصف، المرجع السابق، ص 283-284.
[24] – الطيب زروتي “الوسيط في الجنسية الجزائرية: دراسة تحليلية مقارنة بالقوانين العربية و القانون الفرنسي” مطبعة الكاهنة، الجزائر، 2002 ص 598.
[25] – راشد سلطان الخضر “أسس التبعية القانونية و السياسية: دراسة مقارنة بين قانوني الجنسية في الإمارات العربية المتحدة و المملكة المغربية” دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع- الرباط، ط 1، 2013، ص 354.
[26] – حكم المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة عدد 3417، صادر بتاريخ 28 دجنبر 1977، ملف عدد 76/2839، احمد عوبيد، المرجع السابق، ص 36.
[27] – قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى (سابقا) رقم 735 بتاريخ 16 يوليوز 1998، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، ع 25-1998 ص 123 و مجلة الإشعاع، ع 18-1999 ص 76 و مجلة قضاء المجلس الأعلى، ع 61-2003 ص 193. مجلة القضاء المدني، ع 12-2015، ص 69 و ما بعدها.
[28] – قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 1662 بتاريخ 01/07/2009، ملف عدد 5/8/193، مجلة دلائل الأعمال القضائية ع 5-2014 ص 112.
[29] – حفيظة السيد الحداد، المرجع السابق ص289-290
[30] – الجريدة الرسمية عدد 2395 بتاريخ 4 ربيع الأول 1378 (19 شتنبر 1958) ص 2190
[31] – موسى عبود، المرجع السابق، ص 117
[32] – قرار محكمة الاستئناف بمكناس عدد 647 بتاريخ 15/04/1977، ملف عدد 1/1646، أحمد عوبيد، “المختار من الأحكام الكبرى للقانون الدولي الخاص الصادرة عن القضاء المغربي ، ص 165 و ما بعدها
[33] – الحسين و القيد، “القانون الدولي الخاص: الجزء الأول الجنسية”، سلسلة دراسات جامعية، ع 3، 2007، ص 76.
[34] – هشام علي صادق، “الجنسية، الموطن و مركز الأجانب” المجلد الأول، منشاة المعارف، الإسكندرية، 1977، ص 97.
[35] – فؤاد عبد المنعم رياض “الجنسية المصرية: دراسة مقارنة” دار النهضة العربية، القاهرة، 1990 ص 280.
[36] – الطيب زروتي، المرجع السابق، ص 607 و ما بعدها.
[37] – عمر النافعي، “نظام الحالة المدنية بالمغرب: إشكال التعميم و الضبط”، منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 1997، ص 13.
[38] – Sabine FILIZZOLA, 1958, “l’organisation de l’état civil au Maroc”, Faculté de droit au Maroc, collection d’études juridiques, politiques et économiques, série de langue française n° 1, librairie générale de droit et de jurisprudence, p 8.
[39] – أحمد سلامة، “الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين و الأجانب”، دار الفكر العربي، مصر، 1958، ص 33.
[40] – أنور الخطيب “الأحوال الشخصية خصائص الشخص الطبيعي” ط 2، منشورات مكتبة الحياة، بيروت، 1964، ص 6.
[41] – Arrêt de la cour d’appel de rabat, Recueil des arrêts de la cour d’Appel de Rabat, 1941, p 169.
[42] – Jugement du tribunal du 1ère instance de Casablanca, Gazette des Tribunaux du Maroc, 1946, p 31.
[43] – Paul DECROUX, 1950, “L’état civil au Maroc”, Hespéris, tome 37, 3°&4° trimestre, p 253.
[44] – Sabine FILIZZOLA, op. cit , p 67.
[45] – أحمد حسين جلاب الفتلاوي “النظام القانوني لإثبات الجنسية”، منشورات زين الحقوقية، بيروت 2016، ص 76.
[46] – الحسين و القيد، “إثبات الجنسية المغربية من خلال الاجتهاد القضائي المغربي” المجلس الأعلى، ندوة عمل المجلس الأعلى و التحولات الاقتصادية و الاجتماعية، الرباط، 1999، ص 654.
[47] – فؤاد ديب “القانون الدولي الخاص الجزء الأول: الجنسية” مطابع مؤسسة الوحدة، 1981 ص 214.
[48]– Bengelloun Jamila, 1972, “Le rôle de la jurisprudence en matière de nationalité avant le code de la nationalité du 6 septembre 1958”, mémoire pour le diplôme d’études supérieures en droit privé, faculté des sciences juridiques économiques et sociales, université Mohammed Rabat, p 55-56.
[49] – محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 16/11/1949، المجلة الانتقادية للقانون الدولي الخاص، 1951، ص 272.
[50] – قرار محكمة الاستئناف بفاس رقم 550/89 بتاريخ 28/02/1989 ، سلسلة البحوث القانونية، العدد 10، لسنة 2005، ص 123.
[51] – أحمد زوكاغي، “دراسات في الجنسية المغربية”، مكتبة دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع، الرباط، ط 1، 1997، ص 34.
[52] – فؤاد عبد المنعم رياض، ” دروس في القانون الدولي الخاص: الجنسية و الموطن و مركز الأجانب”، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1959، ص 196.
[53] -Paul DECROUX “Droit privé, Tome 2: droit international privé”, Edition la porte, Rabat, 1965, p28.
[54] – أحمد أفزاز ” الجنسية الأصلية في التشريع المغربي” مجلة نظرات في الفقه و القانون، ع 5، لسنة 1997، ص 82.
[55] – موسى عبود، المرجع السابق، ص 119.
[56] – أحمد زوكاغي ” دراسات في الجنسية المغربية” مكتبة دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع، الرباط، ط 1، 1997، ص 31.
[57] – منشور السيد وزير العدل رقم 53 بتاريخ 11 نونبر 1985 في شأن تطبيق القرار الصادر بتاريخ 27 أكتوبر 1958، منشور من طرف الأستاذ أحمد زوكاغي “وثائق الجنسية” مطبعة الأمنية، الرباط، 1994، ص 39.
[58] – محكمة الاستئناف بمكناس، القرار رقم 467 بتاريخ 5 أبريل 1977، مجلة القضاء و القانون ع 128، السنة 17 يوليوز 1978 ص 225 و ما بعدها.
[59] – حكم غير منشور، لكن تمت الإشارة اليه في تعليق الأستاذ العياشي المسعودي ” إثبات الجنسية المغربية كجنسية أصلية من خلال اجتهاد أخير للمجلس الأعلى” مجلة القانون و الاقتصاد، منشورات كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بفاس، ع 1، سنة 1985 ص 75-84.
[60] – المجلس الأعلى، القرار رقم 705 بتاريخ 13/04/1983، ملف مدني 89777 ، مجلة قضاء المجلس الأعلى، الإصدار الرقمي، ع 32، دجنبر 2000، ص 21-24.
[61] – حكم محكمة الابتدائية بالرباط في الملف عدد 81-7102 بتاريخ 31/12/1981، أمينة جبران البخاري، “القضاء الإداري: دعوى القضاء الشامل”، المنشورات الجامعية المغاربية، ط 1، 1994، ص 301.