يعتبر عقد الوكالة من العقود غير الملزمة، والتي يجوز فيها – كقاعدة عامة، لكل من طرفيه ان يتحلل من التزامه بشروط معينة. ويعرف عقد الوكالة بانه عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل ان يقوم بعمل او بمجموعة من الاعمال القانونية لحساب الموكل؛ لان الاصل ان يباشر كل شخص تصرفاته بنفسه، لكن الاستثناء الذي قد يحدث بعض الاحيان هو قيام الاصل بتوكيل من يراه اهلا للقيام بالعمل الذي يروم، القيام به. لقد عرف الاستاذ المرحوم محمد قدري باشا في كتابه مرشد الحيران المادة (892) الوكالة بانه (التوكيل هي تفويض احد في شغل لأخر، واقامته في ذلك الشغل، ويقال لذلك الشخص موكل، ولمن اقامه وكيل، ولذلك الامر الموكل به). والمشرع العراقي نص على عقد الوكالة في المادة (936) من القانون المدني العراقي على انه: (الوكالة عقد يقيم به شخص غيره مقام نفسه في تصرف جائر معلوم). وايضا بهذا الاتجاه نفسه او ضمن القوانين المدنية العربية مفهوم عقد الوكالة، حيث نص المشرع المدني المصري على ذلك بالمادة (699)على انه: (الوكالة، هو عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بان يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل).
ونص المادة (833) من القانون المدني الاردني على انه: (الوكالة عقد يقيم الموكل بمقتضاه شخصا اخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم). كذلك نص المادة (769) من قانون الموجبات والعقود اللبناني، والمادة (665) من القانون المدني السوري، والمادة (699) من القانون المدني الليبي. ان عبء اثبات ما قام به الوكيل من اعمال يقع على عاتق الموكل؛ لان فحوى النصوص القانونية، ان الوكيل في عقد الوكالة يلتزم من الناحية المبدئية بموافاة الموكل بالمعلومات الضرورية التي يقف من خلالها على سير التنفيذ، وان يقدم للموكل بعد انتهاء تنفيذ الوكالة حساباعما قام به من اعمال اثناء التنفيذ، كما يلتزم بان يستعمل مال الموكل في الاعمال الخاصة بالوكالة، وليس له ان يستعمله في تحقيق مصالحه الشخصية والا كان مسؤولا، من ذلك ان يقوم بابرام العقود المخول بها على الوجه الذي تم الاتفاق عليه بين الوكيل والموكل، فاذا حصل ادعاء الموكل على خلاف ما اتفقا عليه في عقد الوكالة فعليه يقع عبء اثبات ذلك الادعاء.وهذا ما نصت عليه م(933) من القانون المدني العراقي على انه: (على الوكيل تنفيذ الوكالة دون مجاوزة حدودها المرسومة(. ونص المادة (936) على انه: (على الوكيل من وقت لاخر ان يطلع الموكل على الحالة التي وصل اليها في تنفيذ الوكالة، وان يقدم له حسابا بعد انقضائها). ونص المادة (937) على انه: (ليس للوكيل ان يستعمل مال الموكل لصالح نفسه، وعليه فوائد المبالغ التي استخدمها لصالحه من وقت استخدامها. وعليه ايضا فوائد ما تبقى في ذمته من حساب الوكالة من وقت اعذاره).
وبالاتجاه نفسه نصت المادة (705) من القانون المدني المصري على انه: (على الوكيل ان يوافي الموكل بالمعلومات الضرورية عما وصل اليه في تنفيذ الوكالة. وان يقدم له حسابا عنها). ونص المادة (706/1) على انه: (ليس للوكيل ان يستعمل مال الموكل لصالح نفسه). ونص المادة (856) من القانون المدني الاردني على انه: (يلتزم الوكيل بان يوافي الموكل بالمعلومات الضرورية لما وصل اليه تنفيذ الوكالة وبان يقدم اليه الحساب عنها). وخلاصة القول ان الوكالة يقصد بها: ( تفويض الغير باجراء تصرف معلوم قابل للنيابة ممن يملكه غير مشروط بموته) (1). القصد منه قيام الوكيل بعمل قانوني او مجموعة اعمال قانونية لصالح الموكل استثناء من الاصل الا وهو قيام الموكل باعماله الخاصة التي تعود بالنفع لصالحه بنفسه، واذا حصلت الوكالة واخل الوكيل بالتزامه وقع على الموكل المدعي اخلال الوكيل بتصرفاته عبء اثبات ذلك.
من التطبيقات القضائية بهذا الخصوص:
(لدى التدقيق والمداولة وعطف النظر على الحكم المميز وجد ان المدعي مالك الدار المشيدة على قطعة الارض المرقمة 3/196 مقاطعة 26 الحسينية حسبما جاء بسندها المميز عدد 51 وتاريخ تموز 1983 جلد/4، وان المدعي عليها الاولى (المميزة) و. ع. ح. وكيله عن المدعي (المميز عليه) بموجب وكالة عامة مصدقة من كاتب عدل الصويرة بعد 4982/84 سجل بتاريخ 25/7/1983 وانها بموجب هذه الوكالة باعت الدار موضوع الدعوى الى المدعي عليها الثانية (ابنتها) وسجلت المبيع باسمها ببدل مسمى قدره (2000) الفان دينار رقم ان القيمة الفعلية المقدرة للعقار هو عشرة الاف دينار. وحيث ان البيع الواقع بين المدعي عليهما وهما قريبتان من الدرجة الاولى يعتبر شراء من قبل المدعي عليها الاولى باسم مستعار وحيث لا يجوز للوكيل ان يشتري المال الموكل ببيعه لا لنفسه ولا باسم مستعار وهو محظور عليه شراؤه عملا بحكم المادة (593/1) مدني عراقي) (2). (لما كانت الوكالة التزاما تعاقديا فهي تخضع للقواعد العامة في الاثبات وهذه توجب اثبات تسديد الوكيل للموكل المبلغ الذي قبضه وكالة والذي تزيد قيمته على عشرة دنانير ببينة تحريرية وخاصة اذا كان الموكل قبض المبلغ من دائرة التنفيذ بموجب مستند رسمي فيلزم اثبات تسديده للموكل بينة تحريرية) (3). (حيث انه يتعين على الموكل الذي يدعي القيام بتنفيذ الوكالة ان يقدم لموكله حسابا عن المصروفات التي انفقها، وحيث ان تنفيذ اعمال الوكالة يتم بقيام الوكيل باستحضار المواد وغير ذلك من الاعمال التي تعتبر بالنسبة للوكيل من الاعمال المادية فان من الجائز اثباتها بالبينة الشخصية التي تخضع من حيث تقريرها لسلطة محكمة الموضوع) (4). (عبء اثبات الوكالة يقع على من يدعيها، فاذا احتج الغير على الموكل بالوكالة يرجع عليه باثار التصرف القانوني الذي عقد مع الوكيل، كان على الغير ان يثبت الوكالة دوامها، وان الوكيل قد تصرف في نطاقها، حتى يستطيع الزام الموكل بهذا التصرف، اذ الوكيل لا تكون له صفة الوكالة عند الموكل، اذا عمل باسم هذا الاخير، وجاوز حدود الوكالة)( (5).
________________
1- محمد رضا عبد الجبار العاني، الوكالة في الشريعة والقانون، رسالة ماجستير، كلية الاداب، بغداد، مطبعة العاني، بغداد، 1975.
2- قرار محكمة تمييز العراق رقم 185/م1/1990 ت 651 في 4/9/1991 غير منشور.
3- قرار محكمة تمييز العراق رقم 340/ح/63 في 2/3/1963، قضاء محكمة التمييز، المجلد الاول، ص93.
4- نقض سوري 1136 في 16/5/1965. ق740/1965 نقلا عن ممدوح العطري واسعد الكوراني، قانون البينات في الفقه والاجتهاد – القسم الاول، ص249.
5- نقض مدني مصري، في 15/5/1969، طعن رقم 258 لسنة 35 ق، س20، ص784، مجموعة القواعد القانونية، ج1، ص196.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً