الأستاذ مراد المدني : إثبات الخطأ الطبي أمام القاضي المدني
ذ.مراد المدني : باحث في سلك الدكتوراه مختبر قانون الأسرة والهجرة كلية الحقوق بوجدة.
مـقـدمـة:
إن خصوصية العمل الطبي وارتباطه بجسم الإنسان وسلامته أو بحياته-التي هي بيد الخالق- جعلت الفقه ومعه القضاء يترددان طويلا قبل إقرار مسؤولية الطبيب، وقد كان للتدقيق في نوعية التزام الطبيب أثر كبير في تطور نظرتهما لهذه المسؤولية، و كان مبعث هذا التردد ومناطه إمكانات الطبيب وقدراته المحدودة على تحقيق نتيجة معينة من وراء عمله، لأن الالتزام بتحقيق نتيجة يعني بالنسبة له القدرة على ذلك وهي ليست دائما طوع بنانه بقدر ما تتحكم فيها عوامل أخرى لا قدرة له على التكهن بها.
كما أن كثرة الأخطاء الطبية في عصرنا الحاضر وتجاوز المجتمع للنظرة المثالية للطبيب من نبيل من أصحاب الياقات البيضاء إلى اعتباره مهنيا كغيره من المهنيين والصناع هو ما أدى إلى التفكير في مساءلته عن الأخطاء الطبية التي يمكن أن تصدر عنه عند القيام بعمله.
والخطأ فكرة ترتبط ارتباطا وثيقا بالأخلاق انتقلت إلى القانون بالتدريج، وقد كان القانون الفرنسي القديم سباقا إلى الاعترف بالخطأ كأساس عام للمسؤولية المدنية فسار لازما لاستحقاق التعويض في جميع الأحوال[1].
أما الخطأ الطبي فقد عرفته الدكتورة رجاء ناجي مكاوي بأنه: “السلوك غير السوي الذي لا يأتيه عادة الطبيب الحاذق المتميز الذي يوجد في نفس الظروف التي وجد فيها الطبيب مرتكب الفعل الضار[2]” كما عرفه الأستاذ محمد عبد النباوي بأنه: “الإخلال بالتزام سابق يقع من شخص بصفته طبيبا خلال ممارسته للأعمال الطبية أو بمناسبة ممارستها لا يرتكبه طبيب يقظ متبصر يوجد في نفس الظروف الخارجية”[3]
وقد عرف موقف القضاء والفقه الفرنسيين تطورا ملحوظا في مجال الخطأ الطبي، إذا انتقل من فكرة كونه مجرد إخلال بالتزام بعناية في الغالب إلى المحاسبة عن جرد الغلط وعدم تحقق النتيجة في كثير من الحالات، ومن الخطأ الواجب الإثبات إلى الخطأ المفترض عن عمل الغير وعن الأشياء المستعملة، ومن ضرورة إثبات علاقة السببية بين الخطأ والضرر إلى الاكتفاء بتفويت فرصة للشفاء أو الحياة.
أما في المغرب فما تجدر الإشارة إليه أن المشرع المغربي لم يغير من طبيعة ومضمون النصوص القانونية التي نظمها ق ل ع الصادر سنة 1913 باستثناء بعض النصوص المتفرقة التي وضعها المشرع بعد الاستقلال والتي تضبط شروط مزاولة مهنة الطب بالإضافة إلى سلوكيات الطبيب داخل المهنة وفي علاقته مع الزبناء مثل الظهير المنظم لمزاولة مهنة الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان والعقاقيريين والقوابل[4] الذي انصب على تأكيد الطبيعة اللبرالية للمهنة عن طريق تزكية استقلال الطبيب وحريته ووضع الجزاءات التأديبية قصد احترام سلوكياته، من غير أن يهتم بما يمكن أن يلحقه الأطباء من أضرار بالمرضى أثناء السهر على مداواتهم وعن إمكانية تعويضهم عنها في حالة ارتكابهم لخطأ ما، وأمام هذه الوضعية لم يكن أمام القضاء والفقه سوى اختيار واحد هو إخضاع الطبيب من حيث مسؤوليته المدنية عن أخطائه المهنية للقواعد العامة للمسؤولية المنصوص عليها في ق ل ع.
وتقضي الضرورة قبل بسط الجوانب الأساسية للموضوع التمييز بين مهنة الطب في القطاع العام عنها في القطاع الخاص، ذلك أن مسؤولية الأطباء في القطاع العام تخضع لمقتضيات قواعد القانون العام وللقواعد القانونية للمسؤولية الإدارية باعتبارهم تابعين للدولة والتي يترتب عنها ضمان أداء التعويض عما يرتكبونه من أخطاء أثناء مزاولتهم لمهامهم بالمستشفيات العمومية (ف 79 ق ل ع) وذلك في حالة عسرهم
(ف 80 ق ل ع)، أما فيما يخص قيام المسؤولية فهي نفسها في كلا القطاعين.
إن أهمية الموضوع تنبع من منطلق البحث عن التوازن العقدي بين طرفي عقد الاستشفاء: الطبيب والمريض خاصة في مجال الإثبات، ذلك أن المسؤولية الطبية ما تزال قائمة على أساس الخطأ الواجب الإثبات وفقا لمبدأ –البنية على من ادعى- ومن ثم يقع على المريض إن هو أراد الحصول على التعويض من جراء ما أصابه من ضرر نتيجة الخطأ المدعى به في مواجهة الطبيب عبء إثباته.
وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن خصوصيات الإثبات في مجال المسؤولية الطبية؟
للإجابة عن هاته التساؤلات ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين:
المبحث الأول: عبء إثبات الخطأ الطبــــي.
المبحث الثاني: وسائل إثبات الخطأ الطبي.
المبحث الأول: عبء إثبات الخطأ الطبي
إذا كانت القواعد العامة تقتضي حصول المريض المتضرر على التعويض عما أصابه من ضرر جراء الخطأ الناتج عن مباشرة الطبيب لعمله، فإنه وبالرغم من إصابة المريض بالضرر يمكن ألا تثور المسؤولية الطبية إذا لم يثبت أي تقصير أو إهمال من جانب الطبيب، لذا فإن الحصول على التعويض لا يزال من الناحية القانونية مرتبطا بضرورة وجود خطأ ثابت من جانب الطبيب، ومن ثم ضرورة إثباته من جانب المريض ذلك أنه وبالرغم من التحولات والتطورات التي عرفها المجال الطبي في الخمسين سنة الماضية يبقى الأصل أن المسؤولية عن الأخطاء الطبية لا تزال قائمة على الخطأ الواجب الإثبات ووفقا لمبدأ البنية على المدعي لذا يكون لزاما على المتضرر (المريض) إن هو أراد الحصول على التعويض إثبات ما يدعيه ( المطلب الأول)، إلا أن طبيعة التزام الطبيب تؤثر كثيرا في نقل عبء الإثبات في مجال المسؤولية الطبية وتجعلها ملقاة عليه (المطلب الثاني) خاصة في الالتزام بتحقيق نتيجة أو في الالتزام بالإعلام والتبصير وضمان سلامة المريض.
المطلب الأول: تحمل المريض لتبعة إثبات الخطأ الطبي
الأصل أن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية وليس التزاما بتحقيق غاية وذلك لأن طبيعة العمل الطبي والجراحي ذات طبيعة احتمالية[5]، فالطبيب غير ملزم بشفاء المريض بل فقط ببذل الجهود الصادقة اليقظة المتفقة في غير الظروف الاستثنائية مع الأصول المستقرة في علم الطب، وذلك في سبيل علاج مريضه، فيسأل عن كل تقصير في سلوكه لا يقع من طبيب يقظ في مستواه المهني وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت به[6].
ومن هذا المنطلق يكون لزاما على المريض الذي يدعي حصول الضرر بسبب خطأ ناتج عن تقصير الطبيب أو إهماله في تقديم العلاج أن يثبت هذا الخطأ، وذلك بإثبات انحراف الطبيب المسؤول عن سلوك طبيب وسط من نفس مستواه المهني، وإذا ما نجح في ذلك يكون محقا في التعويض ما لم يثبت الطبيب أن عدم تنفيذ التزامه وتقاعسه في بذل العناية المطلوبة راجع إلى سبب أجنبي لا يدله فيه فتقطع بذلك العلاقة السببية وتنتفي عنه المسؤولية.
وقد تأكد هذا المبدأ بعدما أعلن القضاء وبعده الفقه على كون العلاقة الرابطة بين الطبيب ومريضه هي علاقة تعاقدية-كمبدأ عام- يتم استخلاصها من خلال عرض الطبيب لخدماته على الجمهور بوضعه علامة على باب عيادته ما يعتبر منه إيجابا للراغب في الانتفاع من خدماته، وباختيار المريض لهذا الطبيب يكون قد قبل الإيجاب ومن ثم ينشأ عقد علاج بينهما يرتب على الطبيب الالتزام بعلاج المريض وعلى الأخير الالتزام بأداء المقابل[7].
وفي هذا الاتجاه أكدت محكمة النقض الفرنسية في قرارها الشهير المعروف بقضية مرسييه (Mecier) الصادر بتاريخ 20 مارس 1936[8] مبدأ هاما مفاده أن العلاقة الرابطة بين الطبيب والمريض علاقة تعاقدية، وبالتالي يكون التزام الطبيب تجاه المريض التزاما عقديا إذ جاء في حيثيات القرار: “حيث إنه يتكون بين الطبيب وزبونه عقد صحيح، والإخلال بالالتزام العقدي الناشئ عنه حتى ولو كان إخلالا غير إرادي يترتب عنه قيام مسؤولية من نفس الطبيعة أي عقدية”
وتتلخص وقائع القضية أن السيدة ميرسي” كانت تشكو من حساسية في الأنف إثر ذلك قامت بعيادة أحد الأطباء المختصين بالعلاج بالأشعة والذي قام بعلاجها بأشعة “إكس” (Rayon x) وكان ذلك سنة 1925 وقد أدى هذا العلاج إلى تلف الأنسجة المخاطية في وجه السيدة “ميرسي” إثر ذلك قام زوجها برفع دعوى نيابة عنها سنة 1929 -أي بعد مرور أكثر من ثلاث (03) سنوات على انتهاء العلاج- مطالبا بالتعويض عن الضرر الذي أصاب زوجته اضطرت على إثره محكمة النقض الفرنسية أن تكيف المسؤولية واعتبرتها عقدية لتستفيد المدعية من التقادم العقدي المقدر في 30 سنة عوض التقادم التقصيري المحدد في ثلاث (03) سنوات[9].
وتجنبا لأي لبس قد ينتج على اعتماد الأساس العقدي لمسؤولية الأطباء عن أخطاء العلاج -خاصة وأن القواعد العامة للمسؤولية تحمل المدين (الطبيب) عبء الإثبات وتجعل على الدائن (المريض) فقط إثبات الالتزام ووقوع الضرر- فقد أكدت محكمة النقض في قرارها المشار إليه أعلاه أن طبيعة الالتزام الملقى على عاتق الطبيب تجاه مريضه هو التزام ببذل العناية الصادقة واليقظة المتفقة مع الأصول والمعطيات العلمية والتي تفرض على المريض التزاما بإثبات كون الطبيب المعالج له قد قصر أو أهمل في تنفيذ التزامه بعلاجه.
وعلى هذا الأساس لا يجوز افتراض خطأ الطبيب، بل يجب على المريض أن يثبت أن الأخير قد قصر أو أهمل في علاجه، وقد تكرس هذا المبدأ باجتهاد آخر صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 28/06/1939 أكدت من خلاله أن الطبيب لا يلتزم في مواجهة المريض بأي التزام سوى الالتزام بتقديم العناية الحذرة والمطابقة للمعطيات المكتسبة في العلم، وإذا ادعى المريض أن الطبيب قد قصر أو أهمل في تنفيذ الالتزام فعليه إثبات ذلك[10].
وإذا كان هذا هو موقف القضاء الفرنسي فإن التساءل المطروح هو ما هو موقف القضاء المغربي من الالتزام الملقى على عاتق الطبيب وكيف يتعامل الأخير مع القضايا المعروضة عليه؟
إن أول قضية تصدى فيها القضاء العصري عندنا لتقعيد مجموع الأحكام المتعلقة بالمسؤولية الطبية كانت هي قضية السيدة (garnier) ضد الدكتور (comte) وتتلخص وقائع القضية في أن السيدة المذكورة وعلى إثر إصابتها بقرحة معدية استشارت الطبيب المعالج والذي أخضعها للعلاج بواسطة الأشعة، ما أدى إلى إصابتها بما يسمى ب: (Radio dermite) فطالبت بالتعويض لدى المحكمة الابتدائية بالبيضاء والتي رفضت طلبها لعدم استطاعتها إثبات مسؤولية الطبيب[11]، طعنت المدعية في الحكم لدى استئنافية الرباط فأصدرت هذه الأخيرة قرارا تمهيديا بإجراء خبرة قبل البت في الجوهر ومن أهم ما جاء في حيثيات هذا القرار: “حيث إن العلاقات القائمة بين الطبيب والمريض تشكل حسب أحدث المبادئ التي أقرها الاجتهاد القضائي عقدا، وأن هذا الأخير وإن كان يشبه بعض العقود المنصوص عليها في مدوناتنا يظل عقدا من نوع خاص وغير مسمى، وينشئ هذا العقد على عاتق الطبيب- ما لم يكن هناك اتفاق مخالف- التزاما يقضي فقط بالتعهد باستخدام الوسائل الملائمة لتحقيق نتيجة معينة دون ضمان الشفاء، وبأن يقدم للمريض علاجات صادقة يقظة ومتفقة في غير الظروف الاستثنائية مع المعطيات المستقر عليها في العلم، ويشكل الإخلال الخاطئ والضار بهذا الالتزام… سببا لمسؤوليته التعاقدية التي يتعين على المريض الذي يدعي سوء تنفيذ الطبيب لالتزامه أن يثبت ذلك، كما يتعين عليه أن يثبت الفعل الضار الذي ينسبه إليه وكذا الضرر الذي لحق به…. وإن العقد (الطبي) يلزم الطبيب بأن يقدم علاجات يقظة متفقة مع علم الطب، وأن الزبون هو الذي يجب عليه أن يثبت عدم تنفيذ الالتزام وإخلال الطبيب بقواعد الحيطة والحذر الملزم بهما[12].
وقد تكرس هذا المبدأ من خلال القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها الشهير المعروف “بقضية الدكتور صنديد”[13]، والذي جاء في حيثياته، لئن كنا نتفق مع الحكم الابتدائي في كون التزام الدكتور صنديد مع الهالكة الدكتورة “ازنيبر” (الضحية) هو التزام تعاقدي وبالتالي هو مسؤول عن كل الأضرار التي تحدث لها بسبب الأخطاء التي قد يرتكبها أثناء إشرافه على علاجها، فإننا نعيب على الحكم الابتدائي تجاهله أن المسؤولية التعاقدية للطبيب تلزمه فقط ببذل عناية بتحقيق غاية، أي أن الطبيب لا يلتزم بشفاء المريض فهو يعالج فقط والله هو الشافي، وبالتالي لا يثبت خطأ الطبيب بمجرد حصول وفاة المريض بل لا بد من إقامة الدليل على إهماله وتقصيره….”
وهو نفس الاتجاه الذي تنحوه محاكم الموضوع[14] على صعيد المملكة، أما على مستوى المجلس الأعلى -(محكمة النقض حاليا)- فقد استقر الأخير على اعتبار التزام الطبيب في عقد الاستشفاء التزاما بتقديم عناية أو وسيلة وليس التزاما بتحقيق نتيجة لأنه لا يعقل أن يكون محل العقد حياة الإنسان، كما لا يمكن لأي طبيب الالتزام بنتيجة مؤكدة بشفاء المريض ومنع موته، وإنما يتعين عليه بذل كل ما في وسعه من عناية لتخفيف آلام المريض وعلاجه، وأن تتم تلك العناية ببذل جهود صادقة بانتباه تام ويقظة ضمير واتباع المعطيات العلمية وأصول المهنة،
وفي هذا الاتجاه جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ: 30/09/2009[15]:”حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ذلك أن الفصل 78 من ق ل ع يقضي بأن كل شخص مسؤول عن الضرر المادي والمعنوي الذي يحدثه بخطئه أيضا عندما يثبت أن ذلك الخطأ هو السبب المباشر في حصول ذلك الضرر، وأن الالتزام الملقى على عاتق الطبيب هو بذل عناية المتمثل في الجهود الصادقة واليقظة التي تتفق والأصول العلمية الثابتة والظروف القائمة بهدف علاج المريض وضمان سلامته من كل الأضرار”، كما جاء في قرار حديث[16]” لكن حيث من جهة فإن الطبيب ملزم ببذل عناية الرجل المتبصر حي الضمير وأن يسلك في ذلك مسلك الطبيب اليقظ في نفس مستواه المهني الموجود في نفس الظروف المحيطة به في هذه النازلة، وأن أي تقصير أو إهمال منافي للأصول العلمية الثابتة في علم الطب وللظروف المحيطة به يكون مسؤولا عنه”.
انطلاقا مما سبق يمكن أن نستخلص أن التزام الطبيب ببذل عناية تحكمه مجموعة من القواعد التي تفرضها مهنة الطب ودرجة تقدم العلوم الطبية ولذلك لا يلتزم بشفاء المريض لأن ذلك يتوقف على اعتبارات خارجة عن إرادته كحالة المريض ودرجة مناعة جسمه ومدى تفاعله مع العلاج المقدم إليه والمستوى المهني للطبيب، ذلك أن الالتزامات المفروضة على الطبيب العام ليست هي المفروضة على الاختصاصي الذي يطلب منه بذل أكبر قدر من العناية، ما يجعل القضاء يتعامل بشدة مع الخطأ المنسوب للأخير، وفي هذا الاتجاه ذهبت محكمة الاستئناف بفاس في قرارها الصادر بتاريخ 21/12/1979[17] إلى تأكيد ما يلي:”حيث ينبغي التذكير بأن المدعى عليه طبيب متخصص في التوليد.
وحيث إن من المقرر فقها وقضاء استعمال منتهى الشدة مع الأطباء الأخصائيين في التشخيص والاعتناء وعدم الإهمال…”وقد عني المشرع المغربي بتنظيم التخصص الطبي بموجب المرسوم الملكي بمثابة قانون الصادر بتاريخ 26 يونيو 1967[18] والمرسوم الملكي المتخذ لتطبيقه والصادر بتاريخ 17 يوليوز 1967[19]، وفي هذا النطاق يميز بين نوعين من التخصص: تخصص في فرع من الفروع الطبية المعينة فقط، وتخصص في فرع أو فرعين منها بالإضافة إلى الطب العام، فالأول هو التخصص بالمعنى الضيق والثاني يسمى “التبريز” وإذا كان الأخير يمكن الطبيب من ممارسة فرع أو فرعين من الفروع الطبية بالإضافة إلى الطب العام،
فإن الأول لا يمكنه أن يمارس إلا الفرع المتخصص فيه دون سواه، اللهم إذا تعلق الأمر بأمراض الأنف والأذن والحلق وكان ببلدة لا يوجد فيها طبيب متخصص في هذه الأمراض[20]، وفي حالة تجاوز الطبيب لاختصاصه يعتبر مرتكبا لمخالفة نص عليها الفصل العاشر من مرسوم 26 يونيو 1967[21] وهو ما أكدته المحكمة الابتدائية بسلا في حكمها الصادر بتاريخ 08/08/1988[22] والذي اعتبرت فيه أن “عملية تخدير المريض تقتضي دراسة وتكوينا خاصا لا يحق لغير المتخصص في علم التخدير أن يقوم به، وأن الممرضة بتطاولها على هذا الاختصاص تعتبر مرتكبة لخطأ يوجب مساءلتها من الناحية القانونية”.ومن المبادئ الأخرى المتحكمة في التزام الطبيب في بذل عناية نجد الظروف الخارجية المحيطة به[23] والظروف المادية التي يمارس فيها مهنته، ومن ثم فالعناية المتطلبة من طبيب يمارس مهنته في مستشفى مزود بكافة الأجهزة الطبية ليست هي المطلوبة من طبيب ممارس في مستشفى موجود بمنطقة نائية ويفتقر لتلك الإمكانيات، وأخيرا يجب أن تكون الجهود التي يبذلها الطبيب متفقة مع الأصول العلمية الثابتة[24] لذا لا يعقل أن يستعمل الطبيب وسائل أو أساليب بدائية نبذها العلم وأصبحت مهجورة من قبل الأطباء[25].
وفي هذا الإطار أكدت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في حكمها الصادر بتاريخ 18/04/2008[26] أنه “وحيث إن التزام الطبيب ببذل عناية تجعل مسؤوليته العقدية لا تقوم في الأصل على أنه يلتزم بتحقيق غاية وهي شفاء المريض وإنما يلتزم ببذل العناية الصادقة في سبيل شفائه.وحيث إنه لما كان واجب الطبيب في بذل العناية مناطه ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علما ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة، وبصرف النظر عن المسائل التي اختلف فيها أهل هذه المهنة”.
إن الفقه ومعه القضاء عندما كانا يناديان باعتبار مسؤولية الطبيب مسؤولية عقدية كانا يسعيان إلى إعفاء المريض من تحمل تبعة الإثبات، إلا أن فكرة التزام الطبيب ببذل عناية أو مجهود لم يغير من الأمر شيئا، لأن المريض عندما يدعي الإخلال بهذا الالتزام عليه أن يقيم الدليل على ما يدعيه طبقا للقواعد العامة ما يجعله يصطدم بمجموعة من الصعوبات والعراقيل ذلك أن العلاقة الرابطة بين الطبيب والمريض هي علاقة غير متوازنة أو غير متكافئة، علاقة مبنية على الثقة التي يضعها المريض في الطبيب المعالج والتي تحول في الواقع دون استعداد المريض المسبق لأخذ احتياطاته في سبيل الحصول على دليل يمكنه من الاستعانة به عند الحاجة، فالمريض بحكم مركزه الضعيف في عقد الاستشفاء بسبب جهله بخبايا الفن الطبي وللمرض الذي يعانيه كل ذلك يزيد من مشقته في النهوض بالإثبات، وتكمن الصعوبة الرئيسية في كون الخطأ الطبي نفسه يمثل واقعة سلبية وهي مرادفة للعدم الذي يعتبر شيئا غير موجود أصلا،
ذلك أن إثبات الواقعة السلبية يعني إثبات عدم حدوث الواقعة، أما إثبات حدوثها فيعني إثبات واقعة إيجابية، فإذا ما أراد الطبيب إثبات عدم تقصيره في علاج المريض فبإمكانه ذلك بإقامة الدليل على أنه قام بكل ما يفرضه عليه واجب العلاج وأنه اتخذ كل الاحتياطات في سبيل ذلك، أما إذا أراد المريض إثبات العكس- أي عدم قيام الطبيب بتنفيذ التزامه أو إهمال الأخير وتقصيره- فمؤكد أن الأمر سيكون في غاية الصعوبة باعتباره سيكون ملزما بإثبات واقعة سلبية[27] ليس لها مظهر خارجي.هذه الصعوبات هي التي أدت بالفقه القضائي إلى ابتكار مبادئ وآليات تخفف من عبء إثبات الخطأ الطبي الملقى على عاتق المريض إيمانا منه بأن مصلحة الأخير هي الأولى بالترجيح عند النظر في قضايا المسؤولية الطبية وفي تحديد التزامات الطبيب، لأن الأمر يتعلق بحقوق الإنسان في الصحة والحياة والسلامة الجسدية وذلك من خلال التوسع في الحالات التي يلتزم من خلالها الطبيب بتحقيق نتيجة والتي ستكون موضوع المطلب الثاني من هذا المبحث.
المطلب الثاني: نقل عبء إثبات الخطأ الطبي إلى الطبيب المعالج.
بعد استقرار دام ما يزيد عن النصف قرن عدلت محكمة النقض الفرنسية عن قضائها الثابت بإلزام المريض بإثبات خطأ الطبيب في صوره المختلفة في نطاق محدد هو الالتزام بتحقيق نتيجة حيث ارتقت بعض العمليات نتيجة التطور العلمي والتقني وأضحى مجال الاحتمال فيها غير وارد، ومن أهم هذه العمليات:عمليات نقل الدم، عمليات زراعة الأعضاء والأطراف البشرية، التحاليل البشرية، صناعة الأسنان، الالتزام بسلامة المريض، الالتزام بالإعلام والتبصير وعمليات التجميل…وغيرها، إذ أصبحت النتائج فيها مؤكدة وأصبح التزام الطبيب فيها التزاما بتحقيق غاية، ففي مثل هذه الحالات يكفي لإقامة مسؤولية الطبيب إثبات الالتزام الذي يقع على عاتقه وتحقق الضرر، مما يجعل الأخير إن هو أراد درأ المسؤولية عنه أن يثبت السبب الأجنبي الذي حال بينه وبين تحقق النتيجة، ذلك أن مسؤوليته في هذا الإطار مبنية على أساس “الخطأ المفترض” -أي افتراض وقوع الخطأ عند تحقق الضرر- ولا سبيل للتملص من المسؤولية إلا بإثبات الطبيب أن عدم التنفيذ راجع إلى سبب أجنبي كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو لفعل صادر من المريض أو شخص من الأغيار.
وقد كان أول قرار صدر في الموضوع هو قرار محكمة النقض الفرنسية المعروف “بقرار هيدرييل” ” hedruel” الشهير، والصادر بتاريخ: 25/02/1997[28] والذي ألقت من خلاله عبء إثبات إعلام المريض وتبصيره على عاتق الطبيب المعالج، وتتلخص وقائع القضية في أن شخصا يدعى “هيدرييل” كان يعاني من آلام على مستوى المعدة، فأكد له الطبيب المعالج ضرورة إجراء عملية جراحية تستدعي استخدام المنظار، غير أن المريض ظل يعاني من آلام شديدة بمعدته، وبإعادة الكشف عليه تبين بأنه مصاب بثقب في الأمعاء، وهو خطر حدد تقرير الخبير احتمال حدوثه في هذا النوع من العمليات بنسبة 03%، رفع المريض دعوى على الطبيب مطالبا إياه بالتعويض عما لحقه من ضرر استنادا لكون الأخير لم يقم بإعلامه وتبصيره بالمخاطر المحتملة لهذه الجراحة،
رفضت محكمة استئناف “Rennes” الدعوى استنادا إلى كون عبء إثبات عدم الإعلام يقع على عاتق المريض الذي لم يقدم دليلا على ما يدعيه، غير أن محكمة النقض كان لها موقف آخر وألغت حكم محكمة الاستئناف استنادا إلى نص المادة 1315 من القانون المدني الفرنسي وأقرت مبدأ هاما مفاده أن من يقع على عاتقه قانونا أو اتفاقا التزام خاص بالإعلام يجب عليه أن يقيم الدليل على تنفيذه لهذا الالتزام وأنه يقع على الطبيب التزام خاص تجاه مريضه وأنه يقع على عاتقه تنفيذ هذا الالتزام.[29]
هذا القرار يطرح التساؤل حول الأساس القانوني الذي اعتمدته محكمة النقض لإلقاء عبء إثبات الالتزام بالتبصير على عاتق الطبيب؟بالرجوع إلى حيثيات القرار المومأ إليه أعلاه يتبين لنا بأن محكمة النقض اعتمدت كأساس لها نص الفقرة الثانية من المادة 1315 من القانون المدني الفرنسي والتي تقضي بأنه على من يدعي الوفاء بالتزامه أن يثبت ذلك أو يقدم الدليل على الواقعة التي أدت إلى انقضائه وبذلك تكون المحكمة قد انتقلت من الفقرة الأولى للمادة المذكورة -والتي تقضي بأنه على من يطالب بتنفيذ الالتزام أن يثبته و كانت سندا لها في إلزام المريض بإثبات ما يدعيه من خطأ في مواجهة الطبيب- إلى الفقرة الثانية من نفس المادة لتأسيس قضائها الجديد.
وقد تكرس هذا المبدأ الذي كان نتاجا للفقه القضائي الفرنسي واعتمده المشرع الفرنسي من خلال المادة 1111 من قانون الصحة العامة الصادر بتاريخ 04/03/2002 من خلال فقرتها الثانية التي أكدت أنه يعود للمستخدم أو المؤسسة الصحية الإتيان بالدليل على تنفيذ الالتزام بالإعلام.
ويجد هذا المبدأ سنده أيضا في احترام ما للجسم من معصومية وما للإنسان من حق في السلامة البدنية، فالمساس بجسم الإنسان ولو لغاية علاجية يعد بحسب الأصل غير مشروع حتى يقوم الدليل على توفر الشروط التي تضفي على الفعل وصف المشروعية، ومن بينها التبصير والحصول على الرضاء، فما هو موقف القانون والقضاء المغربيين من الموضوع؟
في القانون المغربي يمكن الاستناد على مقتضيات الفصل الثاني من قانون أخلاقيات مهنة الطب[30] التي تجيز للطبيب التوقف عن العلاج متى تأكد له احتمال إصابة المريض بأضرار تفوق نسبة العلاج، فيكون ملزما بالإدلاء بجميع المعلومات المهمة التي تفيد نجاح وفشل الاستمرار في التداوي حتى يحصل على رضا متبصر من المريض يسمح له بالتدخل العلاجي أو على الأقل برضى من يعتد برضائه.
وهنا يجب التمييز بين الرضا الذي ينعقد به العقد الطبي صحيحا بين الطرفين وبين ضرورة الحصول على الرضا المستنير والمتبصر بالاحتمالات المتوقعة قبل البدء في العمل الجراحي الذي ينبغي أن يدرج في العقد ذاته، علما أنه لا يشترط كقاعدة عامة أية صيغة محددة لموافقة المريض على العملية الجراحية، غير أنه جرت العادة في التدخلات الجراحية التي تنطوي على مخاطر جسيمة أن يعبر المريض أو من يمثله عن رضاه الصريح كتابة سواء في المستشفيات العمومية أو المصحات الخاصة في نماذج معدة مسبقا لذلك. [31]
والمخاطر التي يتعين على الطبيب الإعلام بها هي المخاطر العادية المتوقعة أما المخاطر الاستثنائية الغير متوقعة فهو غير ملزم بالإخبار بها لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى قيام بعض المشاكل والصعوبات المادية والمعنوية التي تضر بسلامة عمل الطبيب.
وقد أكد القضاء المغربي على ضرورة تبصير المريض بالنتائج المحتملة التي يمكن أن تنتج عن العملية الجراحية، إذ جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط ما يلي: “على الطبيب قبل إجراء أية عملية أو صرف أي دواء للمريض القيام بفحصه فحصا شاملا وتبصيره وإفادته بمجموعة من المعلومات المتعلقة بصحته وبمخاطر المرض والعلاج المقترح له وكذا فوائد هذا العلاج ” ، وفي قرار آخر صادر عن نفس المحكمة جاء فيه أنه:” ومن الالتزامات التي تقع على الطبيب الجراح قبل إجراء العملية الجراحية للمريض أخذ موافقته على ذلك، ويجب أن تصدر هذه الموافقة بعد معرفته بحقيقة العملية والنتائج المحتملة عنها، وأنه لا يجوز إجراء العملية دون رضا المريض، وتزداد أهمية هذا الإجراء في الأحوال التي يتعرض فيها المريض للخطورة عند إجراء العملية، حيث يجب موافقة ممثله القانوني أو أقرب أقربائه، وإذا قام الطبيب بإجراء العملية دون تبصير يعتبر مخطئا، وحتى في حالة الاستعجال القصوى لا يعفى الطبيب من هذا الإجراء إلا إذا كانت حالة المريض لا تحتمل التأخير وأن يكون فاقد الوعي وغير قادر على التعبير عن إرادته”[32]
وقد تكرس هذا الالتزام بمقتضى القرار الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 26/10/2011[33] والذي تتلخص وقائعه في كون المدعية في النازلة بعدما اكتشفت إصابتها بتشوه خلقي بسيط بالجهة اليسرى من أنفها وبعد فحصها من قبل الطبيب المدعى عليه أكد لها بأنه سيقوم بإجراء عملية تجميلية لها باعتباره اختصاصيا في التجميل، إلا أن ما قام به من عملية أولى لم تعط النتائج المطلوبة، فوصف لها عدة أدوية، ثم أجرى لها عملية ثانية اقتطع لها قطعة من غضروف الأذن ليضعها بالأنف ما ألحق بها ضررا فادحا، وأصبحت أذنها وأنفها مشوهتين فالتجأت لرفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية بأكادير استأنفتها أمام محكمة الاستئناف بنفس المدنية وأصدرت الأخيرة قرارها في الملف عدد 799 ملف عدد 782/02 بتاريخ 20/04/2009 بتحميل الطبيب المسؤولية على اعتبار أن التزامه في إطار عمليات التجميل هو التزام بتحقيق نتيجة وليس ببذل عناية، تم الطعن في القرار أمام المجلس الأعلى فأقر مبدأ الالتزام بالتبصير بالحيثيات التالية:”
ولكن حيث إن المحكمة لها سلطة تقدير الحجج والوقائع لاستخلاص مبررات قضائها على أن يكون الاستخلاص مبررا قانونا وقضاء، كما أن كل طبيب ملزم ببذل العناية والجهد وعدم الإهمال والتقصير واتخاذ كل التدابير اللازمة، وأن مسؤولية الطبيب الجراح تبدأ حتى قبل إجراء العملية، إذ عليه إخبار المريض بكل الأخطاء والعواقب التي قد تنتج عن العملية، واحتمال نجاحها من عدمه، ونسبة ذلك، خصوصا إذا تعلق الأمر بعمليات تقويم الخلقة أو التجميل”.
يستفاد من القرارات المشار إليها أعلاه أن الالتزام بالإعلام والتبصير الملقى على عاتق المهني (الطبيب) لم يعد مجرد واجب أخلاقي عام بل أضحى في ظل التطورات التشريعية الحالية بمثابة التزام قانوني أساسي مشمول بجزاءات مدنية وزجرية قررها المشرع.
ويكون بذلك الفقه القضائي قد أضفى مزيدا من الحماية للمريض المتضرر وذلك بإعفائه من عبء إثبات الواقعة التي يدعيها وفي ذات الوقت جعل هذا العبء ملقى على عاتق الطبيب، وساهم في إعفاء المريض من إثبات واقعة سلبية وجعل الطبيب ملزما بإثبات واقعة إيجابية تتمثل في قيامه بإعلام المريض بمخاطر العلاج على الوجه المطلوب قانونا.
والإعلام باعتباره حقا من الحقوق الأساسية للمستهلك غالبا ما يمكنه من ممارسة اختياراته التعاقدية على وجه سليم ومن ضمان سلامة شخصه وذلك بتحذيره بكل المخاطر التي قد تهدد سلامته الجسدية نتيجة الخدمة الطبية التي يستفيد منها.
ومن بين الالتزامات التي يتعين فيها على الطبيب تحقيق نتيجة:جراحة التجميل، ذلك أن المريض في هذا النوع من العمليات لا يشكو مرضا معينا وإنما يقصد الطبيب لإزالة تشوه في منظره، فإذا أدى تدخله إلى زيادة التشوه أو إلى ظهور آخر من نوع جديد فهذا يعني أن النتيجة لم تتحقق، وهنا لا يكون أمام الطبيب من أجل درأ المسؤولية عنه سوى إثبات السبب الأجنبي أو خطأ المضرور أو الغير.
وينبغي التمييز في هذا الإطار بين الجراحة التجميلية ( clergie est rétique) والجراحة التقويمية (clergie vé pratique) حيث يعتبر الطبيب ملزما بتحقيق النتيجة المتفق عليها في الأولى، خصوصا وأن دواعي التدخل الطبي ليس وظيفيا من أجل العلاج من مرض معين بل هو تجميلي على نحو ما صرحت به المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في حكمها الصادر بتاريخ 27/03/[34]2006 والذي جاء فيه: “حيث إن الطبيب الجراح في عمليات تجميل الأنف بالإضافة إلى الالتزام ببذل العناية فهو ملزم بتحقيق نتيجة متفق عليها، خصوصا أن دواعي التدخل ليس وظيفيا من أجل العلاج من مرض معين، بل هو تقويمي تجميلي، وهو ما لم يتحقق بالنسبة للمدعية”.
وهو ما أكده المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 25/10/2001 المشار إليه سابقا حيث جاء في حيثياته: “وحيث إن مسؤولية الطبيب الجراح تبدأ حتى قبل إجراء العملية…. خصوصا إذا تعلق الأمر بعمليات تقويم الخلقة أو التشويه…. والمحكمة لما ثبت لها أن الطبيب وإن كان مختصا في جراحة الأذن والأنف والحنجرة….. وأنه حين أقدم على إجراء العملية الثانية لم يقم بدراسة جيدة للتأكد من كون الجزء المأخوذ من أذنها سيتلاءم وينسجم مع مكان إضافته من الأنف وثبت لها من التقارير الطبية والصور المعروضة عليها أن التشوه لم يزل بل طال أيضا جزء من الأذن فاستنتجت من ذلك قيام مسؤوليته تكون قد ركزت قضاءها على أساس وجاء قرارها معللا ويبقى ما استدل به على غير أساس”
بالرجوع إلى القرار المذكور أعلاه يتبين لنا بأنه لم يجب على إحدى الوسائل المهمة التي أثارها الأطراف من خلال مذكراتهم والمتعلقة بتجاوز الطبيب الجراح لاختصاصاته باعتباره أخصائيا في جراحة الأذن والأنف والحنجرة وليس في عمليات التجميل واعتبرت النتيجة واحدة في كلا الحالتين -أي أن التزام الطبيب الجراح في الأنف والأذن والحنجرة هو نفس التزام الأخصائي في التجميل- مع أن ذلك غير صحيح، لأن جراح الأنف والأذن والحنجرة يدخل اختصاصه ضمن ما يسمى بالجراحة التقويمية التي يكون الدافع من ورائها وظيفيا من أجل العلاج وتقويم ما يصيب هذه الأعضاء من اعوجاج ويكون الطبيب الجراح فيها ملزما فقط ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة كما هو الشأن بالنسبة للجراحة التجميلية، مما يكون معه القرار قد أخطأ التقدير وأصاب فيما يخص وضع عبء إثبات الالتزام بالإعلام والتبصير على عاتق الطبيب ليس غير.
وقد جاء في قرار حديث للمجلس الأعلى[35] ما يلي: “والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بتعليل أنه: “من المفروض على الطبيب إجراء تحاليل مختبرية قبل إجراء أي تدخل جراحي وهو ما يشكل خروجا عن المألوف والأصول الفنية والعلمية المعمول بها في هذا المجال… أضف إلى ذلك أن سبب التدخل الجراحي… هو تقويم وتجميل أنف المدعية من جراء الحروق التي أصابتها سنة 1994، وأن الطبيب الجراح في مجال التجميل بالإضافة إلى الالتزام ببذل عناية فهو ملزم بتحقيق النتيجة المتفق عليها خصوصا وأن التدخل الطبي ليس من أجل العلاج من مرض معين، وإنما تقويمي تجميلي “مع أن الدكتور”….”أكد في جميع المراحل بأن ما قام به هو تقويم أنف المدعية من الجهة اليسرى لإزالة صعوبة التنفس وهو أمر علاجي، وبين ما قام به الدكتور “…” في مصحة “….” المتعلق بالتجميل، ولم تحدد العلاقة السببية بين عمل الدكتور”…” الذي انتهى منذ سنة 1997 وما نتج عنه من ضرر للمطلوبة بعد إجراء العمليتين الجراحيتين ….وما ظهر في أنفها من سرطان خلال شهري نونبر 2000 ودجنبر 2002 ولم تبرز في قرارها العلاقة السببية بين فعل الدكتور”….” ونسبة مسؤوليته فيما حصل للمطلوبة من ضرر فإنها خرقت بذلك الفصل 78 من ق ل ع وعللت قرارها تعليلا فاسدا يعد بمثابة انعدامه وعرضته للنقض”
هذا القرار وخلافا لسابقه ميز –وعن صواب- بين الجراحة التجميلية ونظيرتها التقويمية ونقض قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء التي اعتبرت -وعن خطأ- أن التزام الدكتور الأول الاختصاصي في الجراحة والدكتور الثاني الأخصائي في التجميل هو التزام بتحقيق نتيجة، وبين الالتزام الملقى على الجراح في كل منهما.
إن القرارين السابقين يؤكدان وبالملموس صعوبة التمييز بين الأعمال الجراحية العلاجية والأعمال العلاجية التجميلية، وقد مثل لذلك أحد الباحثين[36] بحالة طفل يولد بقدم معوجة معتبرا أن هاته القدم لو عولجت في الصغر فإنها تعد عملا جراحيا علاجيا، ولكن لا شك أن النتيجة تشمل جانبا تجميليا كذلك، وإذا انتقلنا من العوج إلى العرج الخفيف فإنه من الصعب أن نحكم ما إذا كانت العملية التي ستجرى لإصلاح هذا العيب هي عملية جراحية علاجية أو تجميلية، ولو أننا اعتبرناها كذلك فمن الصعب أن تعد كذلك سائر العيوب لأنها تحمل جميعا عنصرا من الشذوذ.
إن الفقه القضائي لم يقف عند هذا الحد بل وسع من دائرة الأعمال التي يلتزم من خلالها الطبيب بتحقيق نتيجة وذلك تخفيفا على المريض من عبء الإثبات ومن أهم هذه الأعمال الالتزام بضمان سلامة المريض[37]، حيث جاء في حكم حديث صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط: “أن الأصل هو أن الطبيب لا يلتزم بتحقيق نتيجة، ولكن ببذل عناية طبيب يقظ يبذل جهودا صادقة لتحقيق ما تعهد به، إلا أنه يكون في بعض الأحيان مطوقا بالتزام بتحقيق نتيجة ليست هي شفاء المريض، ولكن ضمان سلامته وعدم تعريضه لأي أذى أو إصابته بأي ضرر”[38].
أخيرا نقول أن الاجتهاد القضائي ومحاولة منه لإيجاد حلول تخفف من حدة عبء الإثبات على المريض من خلال إقرار المبادئ السالف استعراضها، إلا أنه بالرغم من ذلك بقي متمسكا بإقامة المسؤولية على أساس الخطأ، والذي يكون قابلا لإثبات العكس في الحالة الأولى (الخطأ المفترض) وغير قابل لإثبات العكس في الحالة الثانية، أي التوسع في الالتزامات بتحقيق نتيجة، ولم يقف القضاء عند هذا الحد بل حاول إيجاد حلول أخرى للحد من صعوبات الإثبات كالمسؤولية غير الخطئية التي ظهرت في فرنسا في بداية القرن العشرين، ومسؤولية الطبيب عن تفويت فرصة الشفاء أو البقاء على قيد الحياة.
وإذا كان هذا هو شأن عبء الإثبات في مجال المسؤولية الطبية فإن السؤال المطروح هو ما مدى إمكانية إثبات الخطأ الطبي بالاعتماد على وسائل الإثبات القانونية الموجودة؟ وهل تعتبر هذه الوسائل كافية لوحدها لإبراز هذا الخطأ؟ وما هو دور القاضي في تقدير ذلك؟
الهوامش:
– سعيد الدغيمر: تنفيذ الالتزام بمقابل أو بطريق التعويض القضائي في التشريع المدني المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص جامعة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 1981-1982 ص 83. ↑
– رجاء ناجي مكاوي: أخطاء العلاج هل من ضمانات لحماية المريض والطبيب معا، جريدة الأحداث المغربية عدد يوم 11/06/1999، ص 6. ↑
– محمد عبد النباوي: المسؤولية المدنية لأطباء القطاع الخاص، الطبعة الثانية يناير 2005، مطبعة النجاح الجديدة البيضاء، ص 105. ↑
– ظهير شريف رقم 1.62.299 صادر في 03/10/2002 بتنفيذ القانون رقم 344.99 القاضي بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.59.367 الصادر بتاريخ 19/02/1960 بتنظيم مزاولة مهن الصيادلة وجراحي الأسنان والعقاقير يين والقوابل. ↑
– مع وجود بعض الاستثناءات التي يلتزم فيها الطبيب بتحقيق نتيجة كالتزامه بالتبصير والإعلام وعمليات التجميل….. ↑
– عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوجيز في النظرية العامة، الجزء الثاني، منشأة المعارف الاسكندرية، طبعة 2004، هامش، ص 859 ↑
– حسن نجيدة: الالتزامات الطبية في العمل الطبي، دار النهضة العربية، السنة 1990، ص 20، إلا أن هناك من الفقهاء من يعتبر عرض الطبيب لخدماته عن طريق وضع علامته بباب العيادة بمثابة دعوة منه إلى التعاقد وليس إيجابا بالتعاقد، لأنه فيما عدا أجر الطبيب المقرر للتشخيص تكون شروط العلاج غير محددة في كثير من الأحيان مما يقتضي تحديدها قيام نقاش بين الطبيب والمريض خاصة في الحالات التي يقتضي الأمر فيها إجراء عملية جراحية أو التردد لفترة معينة للعلاج، (حبيب ابراهيم الخليلي، مسؤولية الممتنع المدنية والجنائية، أطروحة من جامعة القاهرة، لسنة 1967، ص 218و 219). ↑
– cass.civ.1er ,20 mai 1936 affirme que, « attendu qu’il seforme entre le médecin et son client un véritable contrat comportant l’obligation pour le praticien l’engagent sinom, bien évidement de guérir le malade, et que la violation même involontaireSanctionner par une respossibilité de même nature également contractuel…… » (li tt p : // www.droituniver–paris5.fr ↑
– منير رياض حنا: المسؤولية المدنية للأطباء والجراحين في ضوء القضاء والفقه الفرنسي والمصري، طبعة 2008، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، ص 82. ↑
– راجع حيثيات القرار عند: سايكي وزنة، إثبات الخطأ الطبي أمام القاضي المدني، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون فرع “قانون المسؤولية المهنية” كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري- بتزي وزو- السنة الجامعية 2010-2011، ص 60. ↑
– قرار صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 18/04/1945 منشور ب G.T.M لسنة 1946، ص 17. ↑
– قرار محكمة الاستئناف بالرباط صادر بتاريخ، 29/01/1946 منشور G.T.M لسنة 1946، ص 76. ↑
– قرار محكمة الاستئناف بالرباط رقم 31/03/1989 في الملف الجنحي عدد 7771/88 بتاريخ 31/03/1983 المعروفة بقضية الدكتور صنديد. ↑
– قرار صادر عن محكمة الابتدائية الدار البيضاء في الملف عدد 227/05 وتاريخ 22/11/2006 (غير منشور).- قرار محكمة الاستئناف بالناظور عدد 752/96 في الملف عدد 1168/94 بتاريخ 02/11/1999 (غير منشور). ↑
– قرار المجلس الأعلى عدد 3355 لملف مدني عدد: 1631/1/3/2007 بتاريخ 30/09/2009 منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية العدد الثاني فبراير 2010، ص 285 وبعدها. ↑
– قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 1795، ملف مدني عدد: 129/1/3/2008 بتاريخ: 20/04/2010، نفس المجلة، ص 280 وبعدها. ↑
– قرار صادر عن محكمة الاستئناف بفاس عدد 3351/79، ملف مدني عدد 11752 بتاريخ 21/12/1979 مذكور عند أحمد ادريوش، تطور اتجاه القضاء المغربي في موضوع المسؤولية الطبية، سلسلة المعرفة القانونية الطبعة الأولى 1995، ص 101. ↑
– مرسوم ملكي رقم 46.66 بتاريخ 26/06/1967 بمثابة قانون يتعلق بصفة الأطباء “الاختصاصيين” و “الأطباء المبرزين” منشور بالجريدة الرسمية عدد 2856 بتاريخ 26 يوليوز 1967. ↑
– مرسوم ملكي رقم 243.66 وتاريخ 17/06/1967 بتطبيق المرسوم الملكي رقم 46.66 الصادر بمثابة قانون يتعلق بصفة الأطباء “الاختصاصيين” و”الأطباء المبرزين”. ↑
– الفقرة الثانية من الفصل الثاني من مرسوم 26/06/1967. ↑
– تتمثل العقوبة في الغرامة فضلا عن العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي عن إلحاق الأذى بجسم الإنسان نتيجة عدم التبصر وعدم الحيطة وعدم الانتباه أو الإهمال أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة. ↑
– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بسلا بتاريخ 08/08/1988 مذكور عند أحمد ادريوش، تطور اتجاه القضاء المغربي في موضوع المسؤولية الطبية، م س ، ص:95. ↑
– تعتبر من الظروف الخارجية خطورة المرض وما يتطلبه من سرعة الإسعاف وكل ما يتعلق بالظروف الزمانية (الليل عدم توفر صيدليات أو المطر أو انقطاع الطريق) والمكانية (كالبعد عن المستشفى أو عدم توفر أطباء أخصائيين بالمنطقة مع وجود ما يبرر تدخل الطبيب باستعجال). ↑
– فالطبيب يعتبر مسؤولا عن لجوئه لطريقة وأسلوب علاجي نبذه العلم وهجره الأطباء وتواترت الآراء حول عدم نجاعته، ولا يسأل عن اختياره لطريقة في العلاج تختلف عن طريقة باقي الأطباء وتفضيله لها والتي لا زالت محل خلاف بينهم ولم يستقروا على رأي واحد بشأنها. ↑
– محمد عبد النباوي : م س، ص 44، 45. ↑
– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في الملف عدد 4766/23/2006 بتاريخ 18/04/2008 (غير منشور). ↑
– لمزيد من التفاصيل حول إثبات الواقعة السلبية راجع، رمضان أبي السعود، أصول الإثبات في المواد المدنية والتجارية “النظرية العامة في الإثبات” طبعة 1993، دار الجامعية بيروت، ص 180 وبعدها. ↑
-cass.civ 25/02/1997 GP-1-P 264 et suivante ↑
– وقد كان موقف محكمة النقض الفرنسية قبل صدور قرار “هيدرييل” يسير في اتجاه تحميل المريض عبء إثبات عدم التزام الطبيب بالإعلام استنادا على نص الفقرة الأولى من المادة 115 من القانون المدني الفرنسي وذلك بمقتضى قرار” bisot” هذا الأخير الذي أجريت له عملية بتر ساق نتيجة غلط في التشخيص رفع على إثرها المريض الدعوى مطالبا الجراح والطبيب المعالج بالتعويض باعتبارهما قاما بإجراء العملية الجراحية دون الحصول على موافقته مقدما، ذهبت فيه محكمة الاستئناف إلى إلزام الجراح بالتعويض باعتباره المسؤول عن العملية وكان عليه الحصول على رضا المريض بها، والذي لم يقدم دليلا لإثبات هذا الرضا، غير أن محكمة النقض الفرنسية ألغت قرار محكمة الاستئناف وقررت أنه إذا كان العقد المبرم بين الجراح والمريض يتضمن من حيث المبدأ التزاما على الطبيب بعدم إجراء العملية الجراحية التي يقدر أهميتها للمريض إلا بعد الحصول مقدما على رضاء المريض بها، فإنه يقع على عاتق هذا الأخير عبء إثبات إخلال الطبيب بهذا الالتزام العقدي وذلك لعدم إعلامه بطبيعة العملية الجراحية وعدم حصوله على رضائه بها. ( قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 29/05/1951 مذكورة تفاصيله عند، محمد حسن قاسم، م س، ص 51 وبعدها). ↑
– قرار المقيم العام الصادر بتاريخ: 08/06/1953. ↑
– أسماء أحيد: التزام الطبيب الجراح بالتبصير في عمليات التجميل، مجلة قضاء محكمة النقض، العدد 75، شتنبر 2012، ص 70-71. ↑
– راجع هاته القرارات بدون ذكر أية بيانات عند ذ:أحمد ادريوش، العقد الطبي، تأملات حول المشاكل القانونية التي تثيرها العلاقة بين الطبيب وزبونه، الطبعة الأولى 2009، منشورات سلسلة المعرفة القانونية، مطبعة الأمنية الرباط، ص: 120-121. ↑
– قرار المجلس الأعلى عدد 4607، ملف مدني عدد 4976/1/3/2009 بتاريخ 25/10/2011 منشور بمجلة قضاء محكمة النقض، العدد 75، م س، ص:60 وبعدها. ↑
– حكم صادر عن المحكم الابتدائية بالدار البيضاء عدد 1294 ملف عدد 224/2001 بتاريخ 27/03/2006، منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 101 مارس- أبريل 2006- ص 175. ↑
– قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 3355 ملف مدني عدد 1631/1/3/2007 بتاريخ 30/09/2009، منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية، العدد 02 فبراير 2010، ص 285 وبعدها. ↑
– سمير أورفلي: مدى مسؤولية الطبيب المدنية في الجراحة التجميلية، مجلة رابطة القضاة، العدد: 8 و9 السنة 20 مارس 1984، ص 80. ↑
– إن المقصود بضمان سلامة المريض ليس الالتزام بضمان الشفاء، ولكن الالتزام بعدم تعريض المريض لأي أذى، وعدم الإضرار به بسبب ما يستعمله الطبيب من أدوات وأجهزة أثناء إنجازه للعمل الطبي وحسب ما يعطيه له من أدوية وألا يتسبب في نقل مرض آخر إليه بسبب العدوى الناتجة عن عدم التعقيم أو نقل الدم. ↑
– وجاء في حكم آخر صادر عن ابتدائية مكناس: “وحيث إنه إذا كان التزام الطبيب بعلاج ما يعانيه المريض من مرض ثم تشخيصه هو عادة التزام بعناية لكون الطبيب غير ملزم بشفائه من هذا المرض…فإنه في نفس الوقت ملزم بضمان سلامة المريض بعدم تحميله أعباء إضافية لاسيما وأن المدعية أخضعت لعمليتين جراحيتين على ثدييها لعلاجهما من الآلام التي تعاني منها على مستوى عمودها الفقري بعد موافقتها ودون علمها بانعكاسات ذلك على ثدييها ويكون بذلك المدعى عليه قد ساهم في تحملها أعباء جديدة لم تكن بحسبانها، مما يعتبر إخلالا منه بالتزامه بسلامة المريض الذي هو التزام بتحقيق نتيجة، وعلى المريض فقط إثبات ما أصابه من ضرر ويبقى على الطبيب لدفع المسؤولية عنه أن يثبت أن ما لحقه من ضرر كان بفعل سبب أجنبي لا يد له فيه وهو لا وجود له بالملف”، راجع هذا الحكم دون أية بيانات تذكر عند أحمد أدريوش، العقد الطبي، م س ص 227-228. ↑
اترك تعليقاً