نطاق إختصاص القاضي الإستعجالي في مجال الصفقات العمومية
الطالبة: قاسمي خديجة د. عرباوي نبيل صالح
أستاذ محاضر *أ*
جامعة بشار
ملخص:
يعتبر الاستعجال في مادة الصفقات العمومية إجراء استثنائيا استحدته المشرع في قانون الإجراءات المدنية والإدارية غرضه حماية مقتضيات الشفافية في الصفقة العمومية من خلال حماية قواعد الاشهار والمنافسة التي يفرضها المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية. فالمشرع اوجد تقنية أكثر فعالية من خلال استحداثه دعوى جديدة لمواجهة المنازعات الناشئة عن خرق تلك المبادئ وجعلها منازعة من منازعات القضاء الاستعجالي قبل او بعد ابرام الصفقة العمومية، ومنح قاضي الاستعجال سلطات واسعة غير مألوفة في المنازعات العادية.
كلمات مفتاحية: منازعات الصفقات العمومية، المنافسة، الاشهار، سلطات قاضي الاستعجال.
Résumé :
Le référé en matière de marches publics est une mesure exceptionnelle introduite par le législateur dans la loi des procédures civiles et administratives pour assurer le plus possible la protection des règles et des principes de la passation des marchés publics telles que les règles de publicité de concurrence et d’égalité édictées par le décret présidentiel 15/247 portant l’organisation des marchés publics.
Les mots clé : le contentieux des marchés publics, concurrence, publicité, prérogatives du juge de référé.
مقدمـــــــــــــة:
للصفقات العمومية أهمّية كبيرة في تنفيذ المشاريع العمومية وإنجاز برامج التّنمية فقد أعطى المشرّع هذا النّوع من العقود إطاراً تنظيما يتمثل في المرسوم الرئاسي 15/247 مؤرخ في 02 ذي الحجة عام 1436 الموافق 16 سبتمبر سنة 2015 المتضمّن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام ، وبما أنّ الصفقات العمومية تعتبر الأداة الأساسية لتنفيذ مخطّطات التّنمية على المستوى الوطني أو المحلّي خاصة مع الإقرار بالتّوجه نحوى انفتاح السّوق، فقد أقرّ المشرع سياسة قانونية جديدة قائمة على مبدأ حرية المنافسة بين المتعاملين مع حياد الإدارة في اختيار أحسن المتعاقدين، مع ضرورة توفير الضمانات الكافية الّتي يكون هدفها حسن تنفيذ الأطراف المتعاقدة لالتزاماتهم مع عدم المساس بحقوقهم التعاقدية، كما أنّ الإدارة تقوم في مواجهة المتعاقد بحقوق وسلطات خاصة تختلف عن الحقوق الّتي يقرّرها القانون الخاص، وبالموازاة فقد أعطى المشرّع ضمانات للطرف المتعاقد فأهم ما جاء في المرسوم الرئاسي السّالف الذكر هو تكريس لحق الطعن في قرارات المصلحة المتعاقدة، فنجد أنّ المشرّع قد عمد إلى وضع آليات قانونية لتسوية النّزاعات في مجال الصفقات العمومية كضمانة لحماية الطرف المتعاقد سواء قبل إبرام الصفقة أو أثناء التّنفيذ، ومن هنا تخضع مختلف الصفقات العمومية في مراحل إبرامها أو تنفيذها إلى رقابة القاضي الإداري، أو الاستعجالي حيث يعدّ القضاء الاستعجالي الإداري من أكثر المواضيع الّتي نالت خطوة قانونية فائقة تجلّت في عدد المواد المنظّمة له مقارنة بقانون الإجراءات المدنية الملغى ، وتسلسل أحكامه بدءاً بقاضي الاستعجال وسلطاته ومروراً بالإجراءات المتّبعة أمامه مع العلم أنّ حالات الاستعجال متعدّدة منها الحالات القصوى ومنها العادية أو البسيطة والّتي تندرج تحتها حالات الاستعجال ذات الطّابع المالي وأهمّا الاستعجال في مادّة العقود الإدارية والصفقات العمومية، في حين تعدّ هذه الحالة من المسائل الجديدة الّتي قنّنها المشرع الجزائري لأول مرّة في القانون 08/09 الصادر في 25/02/2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، رغم أنّ هذه الخطوة جاءت متأخّرة مقارنة بنظيره الفرنسي الذي كرّس الاستعجال في مجال العقود الإدارية منذ 1992 بمقتضى القانون 92/10 المؤرخ في 04 يناير 1992 تطبيقا لتعليمة الاتحاد الأوروبي تحت عنوان طعن ورقابة، إلاّ أنّه يعدّ اتجاها محمودا يؤكّد إرادة المشرّع الجزائري في تطوير المنظومة القانونية.
وعليه تتّضح أهمّية موضوع تسوية منازعات الصفقات العمومية في الجانب الاستعجالي، لما له من علاقة وطيدة بالجانب العملي كون أنّ الصفقة العمومية لها صلة مباشرة ووثيقة بالخزينة العمومية، فالصفقة تكلف خزينة الدّولة اعتمادات مالية ضخمة بحكم تعدّد وتنوّع الهيئات الإدارية من جهة (الدّولة، ولاية بلدية، مؤسسة إدارية، هيئة عمومية …) وبحكم تنوع الصفقات العمومية من جهة أخرى (صفقة أشغال عامّة، خدمات، دراسات).
كما سبق وأن ذكرنا أنّ الصفقة تضطلع بدور أساسي، نظراً لصلتها الوثيقة بالخزينة العمومية، فهذا الغلاف الذي سيموّل مشاريع تنموية ضخمة يحتاج إرفاقه بإجراءات قانونية سريعة تكفل مشروعية الصفقة من جهة، وتضمن حماية المال العام من جهة أخرى، وهو ما يعرف بالتدابير الاستعجالية، وبقدر الأهمية الّتي يمتاز بها الاستعجال في مجال الصفقات العمومية إرتأينا توضيحها من خلال طرح الإشكالية التالية:
ما الدّور الّذي يلعبه القاضي الاستعجالي في مادّة الصفقات العمومية؟
ومن خلال هذه الإشكالية ندرج التساؤلات التالية:
ما هو الإستعجال قبل التعاقد، فهل هو مجردّ تقليد إيمائي لما هو مكرّس في القانون الفرنسي أم أنّه تدبير ينفرد بخصوصية معينة؟
ما هو نطاق إختصاص القاضي الاستعجالي في هذا المجال، هل ينحصر فقط في مرحلة ما قبل الإبرام أم يمتد إلى مرحة التنفيذ؟
ما مدى رقابة القاضي الاستعجالي في هذا المجال فهل هي ضمانة كفيلة لحماية الصفقة أم هي مجرّد حاجز يعرقل سير المرفق العام؟
هل وفق المشرع الجزائري في هذا المجال؟
وللإجابة على هذه التساؤلات ارتأينا تقسيم الموضوع الى مبحثين نتناول في الأول اختصاص القاضي الاستعجالي قبل التعاقد، أما الثاني فنتعرض فيه الى اختصاص القاضي الإستعجالي بعد التّعاقد.
المبحث الأول: اختصاص القاضي الاستعجالي قبل التعاقد.
كأصل عام فإنّ كل القرارات المنفصلة عن الصفقة العمومية والصادرة في إطار إبرام هذه الأخيرة هي محل لدعوى الإلغاء، غير أنّه يمكن رفع دعوى استعجالية بشأن هذه القرارات، إذ سمح القانون الفرنسي بإخطار القاضي الإداري[i] وفي هذا الشّأن أصدر مجلس الدولة الفرنسي قرار بتاريخ 22 جوان 2001 يوقف تنفيذ قرار إستبعاد شركة bourbonnaise””للأشغال والبناء من إبرام الصفقة، وعلى غرار القانون الفرنسي فإنّ قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري كرّس هذه الإمكانية من خلال الفصل الخامس تحت عنوان “الاستعجال في مادة إبرام العقود والصفقات العمومية[ii] “، حيث نصّت المادة 946 من ذات القانون على ذلك واضعة المبدأ في فقرتها الأولى بقولها “يجوز إخطار المحكمة الإدارية بعريضة وذلك في حالة الإخلال بالتزامات الإشهار أو المنافسة الّتي تخضع لها عمليات إبرام العقود والصفقات”
المطلب الأول: ماهية الاستعجال قبل التعاقد في الصفقة العمومية
قبل الخوض بالدراسة في مجال تعريف الدعوى الاستعجالية في مادّة الصفقات العمومية لابد من الوقوف على تعريف القضاء الاستعجالي بصفة عامّة.
حيث جرت عادة المشرع الجزائري ألا يقحم نفسه في جدل وضع تعريفات دقيقة جامعة مانعة لكثير من المواضيع القانونية، بل يترك هذه المهمة لكل من الفقه والقضاء، ومنها موضوع الحال القضاء الإداري المستعجل، فهو لم يعطي أي تعريف للقضاء الاستعجالي الإداري في قانون الإجراءات المدنية الإدارية[iii]، لأنّ التعارف تبقى من المفروض من إختصاص الفقه والقضاء، وخاصّة أنّ تعريف المشرع للأمور يقيّد القاضي ويجعله حبيس النّص الأمر الذي يعرقل سلطته التقديرية في تحديد الاستعجال وحالاته التي لا يمكن وضعها تحت الحصّر مهما إتّسع التعريف فهذا السّبب وغيره من الأسباب جعلت كل من الفقه والقضاء يبحثان عن وضع تعريفات جامعة مانعة للاستعجال الإداري، ومن نافلة هذه الأسباب يمكن تعريف القضاء الاستعجالي”أنّه إجراء يكون الهدف منه الفصل بأقصى سرعة ممكنة في القضايا المستعجلة وفي الحالة الّتي تثير فيها السّندات والأحكام إشكالات تتعلق بتنفيذها، لكن فقط بطريقة مؤقتة دون المساس بأصل الحق[iv] “.
الفرع الأول: تعريف الاستعجال ما قبل التعاقد في مادة الصفقات العمومية
إنّ المتمعن لهذا المصّطلح القانوني ذو الطّابع المركّب، يجد أنّه جامع لمصطلحين هما القضاء الإستعجالي من جهة، والصفقة العمومية من جهة أخرى، فبدمج المصطلحين يمكن تعريف القضاء الإستعجالي قبل التعاقد في مجال الصفقات العمومية بأنّه: “”إجراء قضائي تحفظي مستعجل خاص ذو أصل أوروبي، الهدف منه حماية قواعد العلانية والمنافسة بشكل فعّال قبل إتمام الصفقة العمومية، وذلك عن طريق إعطاء القاضي سلطات واسعة وغير مألوفة في الإجراءات القضائية الاستعجالية العامّة””.
فمن خلال هذا التّعريف قد تتّضح لنا مجموعة من الخصائص يتميّز بها الاستعجال قبل التّعاقد التالية:
تقنية قضائية قبل تعاقدية: يتّم تحريك هذه الدعوى في مرحلة الإبرام، لأنها تهدف إلى الحدّ من المخالفات التي تمسّ قواعد العلانية والمنافسة، بحيث لها دور وقائي من جهة، وتحول دون ارتكاب المخالفات للقواعد والإجراءات القانونية الواجب إتباعها من قبل المتعاملين وتساعد على اِكتشافها واِستجّلائها من جهة أخرى.
دعوى استعجالية تخول للقاضي الإداري سلطات هامّة: يتمتّع القاضي الإداري وهو بصدد الفصّل في الدعوى الاستعجالية بسلطات واسعة غير معروفة في النّظام القانوني العام للقضاء الإداري، تتمثل هذه السّلطات في الأمر Injonction والوقف Suspension والإلغاء L’annulation ولكنّه لا يمكن له منح التعويض.
دعوى قضاء مستعجل: يوكل النّظر في هذه الدعوى إلى التّشكيلة الجماعية المنوط بها البتّ في دعوى الموضوع.
يبتّ القاضي الاستعجالي في الموضوع: القاعدة العامّة أنّ القاضي الاستعجالي لا يمسّ بأصل الحق وإنّما يتّخذ التّدابير الاستعجالية الفورية والضّرورية فقط، إلاّ أنّه في هذه الدعوى يفصل فيها بصفة استعجالية موضوعية أي ينظر في جوهر الموضوع[v].
الفرع الثاني: النّظام القانوني الاستعجالي قبل التعاقد
نتطرّق في هذا الفرع لمجالات تطبيق هذه الدعوى، وكذا الضّمانات القانونية الّتي تتحصّن بها الدعوى الاستعجالية وأسباب تدخّل القاضي الإداري بناءً على الدعوى.
أولا: مجالات تطبيق الدعوى الاستعجالية
إنّ الأحكام الخاصة بهذه الدعوى يمكن أن تثار في مادّة إبرام العقود أو الصفقات العمومية وهذا ما جاء به الفصل الخامس من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
الصفقات العمومية: إنّ القانون الفرنسي السّالف ذكره 92–10 المؤرخ في 04/01/1992 قد منح إمكانية إثارة الدعوى الاستعجالية الموضوعية قبل التّعاقد على عقود التوريد والأشّغال العامّة فقط، وذلك إذا تجاوزت القيمة المحدّدة لتطبيق أحكام العلانية والمنافسة ذات الفضل الأوروبي، لكن بعد ذلك نصّت المادّة ل 5 من القانون المؤرخ في 25/01/1993 على إمكانية إثارة هذه الدعوى الاستعجالية يشمل مخالفات العلانية والشّفافية المرتكبة عند إبرام كل الصفقات العمومية وبغضّ النّظر عن قيمتها.
أمّا بالنّسبة للقانون الجزائري وفي إطار الجهود الرامية لإضفاء الشّفافية على إبرام الصفقات العمومية، فقد تمّ وضع نصوص تسدّ الفراغ وتعمل على تدعيم الشّفافية، إذ تسّمح للقاضي الاستعجالي التدخّل قصد تأجيل إبرام الصفقات في الحالات التي لم تُحترم فيها الإجراءات المسبقة المتعلقة بإجراءات الإشّهار والمنافسة، وفي ذلك قد رعيت المصلحة العامّة وعدم عرقلة الإدارة في نشاطها وذلك بأن لا يتجاوز هذا التأجيل أكثر من20 يوم.
العقود الإدارية: سبقت الإشارة إلى تعريف العقد الإداري، ومع ذلك يقصد بإبرام العقود الإدارية عقود إمتياز المرافق العامة، إذ يجب أن تكون مستوفية لجميع شروط عقود القانون العام والتي قد تكون محل دعوى استعجالية، وهذا ما نصّت عليه المادة 946 من ق.إ.م.إ بقولها “يجوز إخطار المحكمة الإدارية بعريضة، وذلك في حالة الإخلال بالتزامات الإشهار أو المنافسة التي تخضع لها عمليات إبرام العقود الإدارية والصفقات العمومية”
لكن ما تجدر الإشارة إليه أنّ المشرع لم يحدّد طائفة العقود الخاضعة لنطاق تطبيق الدعوى الاستعجالية قبل التّعاقد.
ثانيا: الأسباب الأساسية والمؤدّية لرفع الدعوى
لمّا كان الهدف الأساسي من هذه الدعوى هو حماية مبادئ العلانية والشفافية والمساواة بين المتعهّدين، وكل خرق لقواعد المنافسة عند إبرام العقود والصفقات العمومية، إلا أنّنا نجد القضاء الفرنسي قد توسّع في مجالات الخرق بغض النّظر عن الإشّهار والمنافسة إلى حالات أخرى نذكر منها[vi]:
القواعد المتعلّقة بالعلانية والمدد: إنّ القواعد المتعلّقة بالعلانية في الشّكليات الجوهرية والإلزامية والّتي يترتّب على الإخلال بها إمكانية إثارة الدعوى الاستعجالية، وبالتالي تعتبر خرقاً لقواعد العلانية حالة عدم تضمين الإعلان لمختلف البيانات الجوهرية والّتي يفرضها القانون إضافة لذلك عدم مراعاة نشر الإعلانات لمختلف البيانات الجوهرية والتي يفرضها القانون، إضافة لذلك عدم مراعاة نشر الإعلانات لدى الجهات الرسمية والمحدّدة بموجب القانون وهي الجرائد اليومية وكذلك إذا تعلّق الأمر بتجاوز المدّة المحدّدة بموجب القانون وهي الجرائد اليومية، وكذلك إذا تعلّق الأمر بتجاوز المدّة المحدّدة بموجب القانون من أجل إستلام العروض.
اختيار إجراء وطريقة إبرام الصفقات العمومية: القاعدة العامّة أنّ الصفقات العمومية تبرم وفق أسلوب المناقصة(طلب العروض)، وبأسلوب التّراضي كطريق إستثنائي وفقا لما يحددّه القانون .
يؤدي استخدام إحدى هاتين الطّريقتين في غير موضعها إلى خرق إلتزامات المنافسة، كأن تَسّتخدم الإدارة طريقة التّراضي في غير الحالات المحددّة على سبيل الحصّر وهذا ما نصّت عليه المادّة 49و50 من المرسوم الرئاسي 15/247السّالف الذكر.
المواصفات والخاصيات التقنية: يجب ألا تكون إحدى المواصفات أو الخصوصيات التقنية تنطوي على عنصر تفضيلي لأحد المرشّحين على حساب آخرين، وإستناداً لذلك قرّر مجلس الدّولة الفرنسي أنّ وضع مواصفات (معايير إختيار المتعامل المتعاقد) أكثر تعقيداً من المواصفات المنصوص عليها في القانون من شأنه أن يؤدّي إلى خرق مبدأ المساواة بين المتعهّدين وحصّر المنافسة بين أشّخاص دون الآخرين.
عدم احترام الإدارة للبنود المنصوص عليها في دفتر الشروط: إذ هذا القبيل يشكّل خرقا وتجاوزاً واضحاً بإلتزامات المنافسة بين المتعاملين.
التّماطل في سريان العروض: بحيث يؤدّي إلى تشويه المعطيات الاقتصادية لهذه العروض ممّا يبيّن أنّه خرق لقواعد المنافسة.
قبول الإدارة العروض رغم عدم إحترامها لبعض الأوضاع القانونية: إذا كان تَغاضي الإدارة عن هذه الأوضاع لا يمسّ بإلتزامات المنافسة، فهي لا تُشكّل خرقاً يؤدي لتحريك الدعوى الاستعجالية، أي لا يمكن الطّعن فيها عن طريق هذه الدعوى، بل على المدّعي أن يتّجه نحو الطّرق الأخرى للقضاء.
المطلب الثاني: سلطات القاضي الاستعجالي في مجال الصفقات العمومية
إنّ قانون الإجراءات المدنية والإدارية، قد منح للقاضي الإداري الاستعجالي في مادة إبرام الصفقات العمومية سلطات واسعة ومتعدّدة تمكّنه من رقابة الإدارة العامّة في مرحلة إبرام الصفقة العمومية، بحيث تتجسّد هذه السلطات في حالة ثبوت المخالفة في حق الإدارة.
الفرع الأول: السّلطات التّحفظية للقاضي الاستعجاليLes mesures provisoires
يتمتع القاضي الإداري بمجموعة من السّلطات التّحفّظية الهامّة التي تؤهله للفصل في الدعوى الاستعجالية، نتطرق لها فيما يلي:
يملك القاضي الإداري طبقا للمادة 946 من ق.إ.م.إج ، سلطة الأمر وفرض الغرامة التهديدية، ووقف كل القرارات والإجراءات المتّصلة بعملية الإبرام، ونحاول شرح كل سلطة على حدا.
أولا: سلطة الأمرL’injonction:
هي سلطة تمنح للقاضي الإداري قصد إلزام الإدارة للقيام بعمل معين أو الامتناع عنه، ومن المستقر عليه في فرنسا والجزائر منذ زمن طويل أنّ القاضي الإداري لا يستطيع إلزام الإدارة بأن تقوم أو تمتنع عن أراءها وأن يحل محلها من أجل القيام بعمل يكون من صميم إختصاص الإدارة، إضافة إلى عدم إمكانية توجيه تهديدات مالية، وهذا ما أكّد عليه م.د.ف في حكمة الصادر في29-01-1970والّذي جاء فيه: “…حيث أنّه ليس لمجلس الدّولة أن يوجه أوامر للإدارة “، لكن المشرع الفرنسي تدارك هذا الوضع بعد ذلك ليتدخّل في 08-02-1995 حيث أصدر قانون04-01-1995 الّذي أجاز للقاضي الإداري توجيه أوامر للإدارة ولكن ضمن حدود، فلا يوجه القاضي الأمر للإدارة إلاّ إذا إقترن حكمه بإجراء يجب إتخاذه من جانبها، كأن يأمر الإدارة بإعادة نشر الإعلان إذا كان غير مشروع.[vii]
أمّا بالنّسبة للقاضي الإداري الجزائري لا يستطيع توجيه أوامر للإدارة لحملها على تنفيذ أحكامه، رغم عدم وجود أي نص قانوني يمنعه من ذلك، وهذا ما أكّده م.د.ج في قراره الصّادر في 08-03-1999 والذي جاء فيه: “… حيث أنّه لا يمكن للقاضي الإداري أن يأمر الإدارة …”[viii]
ولكن بصدور ق.إ.م.إج الّذي جاء بأحكام تؤكّد على إمكانية توجيه القاضي الإداري أوامر للإدارة من خلال المادة 946 منه: “يمكن للمحكمة الإدارية أن تأمر المتسبّب في الإخلال بالإمتثال لإلتزاماته، وتحدّد الأجل الذي يجب أن يتمثل فيه”. وبالتالي لا يوجد أي مبرر قانوني للقاضي الإداري بعدم توجيه أوامر للإدارة من أجل الامتثال لإلتزاماتها فيما يخص المنافسة والشّفافية في إبرام العقود الإدارية والصفقات العمومية، كأن يأمرها بنشر الإعلان عن الصفقة في الصحف اليومية أو إعادة نشره مستوفيا لبياناته الإلزامية أو يوجه لها أمر بقبول مرشح محروم أو مستبعد من دخول المناقصة دون وجه حق، ممّا يجعل القاضي الاستعجالي يسلّط الضوء على جوهر الحق ليستنبط منه ما مدى مخالفة الإدارة لإلتزامات الإشهار والمنافسة، بحيث يعد خروجا عن طبيعة القضاء الاستعجالي والمتمثلة في عدم المساس بأصل الحق.
وبالتّالي يعدّ تدعيما لدور القاضي الإداري، فقد جعل له ق.إ.م.إ سلطة توجيه تدابير تنفيذ ضدّ الأشخاص المعنوية العامة إستنادأ للمواد من 978 إلى 988 من هذا القانون.
ثانيا: سلطة الوقفSuspension :
يتّمتع القاضي الإداري في هذه الدعوى بسلطة وقف إبرام الصفقات العمومية ووقف تنفيذ أي قرار يتصل بها، وهي سلطة مهمة وخطيرة في نفس الوقت لأنّها تعمل على شلّ العملية العقدية، أما فيما يتعلق بالشروط الواجب توافرها لتقرير هذا الوقف هو وجود أسباب جدية تبيح له إتّخاذ هذا القرار أمّا فيما يخص صعوبة إصلاح القرار الذي ينتج عن تنفيذ القرار المتصل به، إذ م.د.ف قرّر صراحة عدم إشتراطه ضمن الشروط الضرورية لذلك، لأنّه بتقرير هذا الشرط يؤدي إلى الحدّ من فعالية سلطات القاضي الإداري ويضع عليه قيودا تتعلّق بضرورة وجود الضّرر، وهذا ما نصت عليه المادة 946/ف الأخيرة من ق.إ.م.إ: “ويمكن لها كذلك بمجرد إخطارها أن تأمر بتأجيل إمضاء العقد إلى نهاية الإجراءات ولمدة لا تتجاوز عشرين (20) يوما “، يعني القاضي يقف كل الإجراءات المتعلقة بالصفقة، ويخضع هذا الإجراء للسّلطة التّقديرية الكاملة للقاضي الاستعجالي الّذي يستطيع أن يرفض هذا الوقف لعدم وجود أسباب جدية لدى المدعى .وسبق التّعرّض لهذه السلطة كنظام إجرائي هو قف تنفيذ القرارات خاصة إذا صدر في حق المتعهّد قرار يخل بقواعد المنافسة والإشهار، أمّا في الحالة الّتي لم يصدر أي قرار في حقّه وتبيّن له أن إجراءات الصفقة مخالفة لمبادئ الحرية والإشهار، فالقاضي إذا قبل الطّلب يأمر بالوقف وذلك لتفادي إبرام العقد مع من إختارته الإدارة لأنّه إذا أبرمت الصفقة وشرع في تنفيذها فإنّه قد يصعب فيما بعد تفادي الآثار المترتبة عن ذلك.
الفرع الثاني: سلطة القاضي الإداري في الحكم بالغرامة التّهديدية للإجبار الإدارة على تنفيذ أوامرها:
أولا: تعريف الغرامة التهديدية: Astreint
هي إجراء الهدف منه ضمان تنفيذ الأحكام القضائية، حيث أنّ القاضي يستطيع بناءاً على هذا الإجراء أن يأمر المدين بتنفيذ إلتزامه عينيا خلال مدّة معيّنة، فإذا تأخّر كان ملزما بدفع غرامة تقدّر على أساس مبلغ معيّن عن كلّ فترة زمنية من الإخلال بالالتزام.
كان م.د.ف يرفض الحكم بالغرامة التهديدية على الإدارة في حالة إمتناعها عن تنفيذ أحكامه، وهذا ما جاء في قراره المؤرخ في 27-01-1933″…حيث أنّه إذا كان للقاضي الحق في بيان الحقوق والإلتزامات المتقابلة للأطراف وكذا التّعويض المستحق، فإنه لا يمكن أن يتعدّى ذلك ويتدخل في تسيير المصالح العامة، ويوجه تحت التهديد بعقوبات مالية….”[ix]
أمّا بالنّسبة للقاضي الإداري الجزائري فقد أكّد في العديد من أحكامه عدم جواز الحكم على الإدارة بالغرامة التهديدية وفقا لإجتهاد الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا سابقا ومجلس الدولة حاليا[x].وهذا ما أكد عليه قرار م.د.ج بتاريخ 10-04-2000 والذي جاء فيه: ” …حيث أنّه في الوضع الحالي للتّشريع والإجتهاد القضائي لا يمكن النّطق ضدّ الولاية أو البلدية بغرامة تهديديه “[xi].حيث يستند مجلس الدولة والغرفة الإدارية بالمحكمة العليا في تبرير رفضها للنطق بالغرامة التهديدية على ما يلي:
ثانيا: الغرامة التهديدية غير مبرّرة ضدّ الإدارة.
يجب على العارض رفع دعوى التّعويض في حالة رفض الإدارة تنفيذ الإلتزام القضائي لصالحه.
عدم إستناد الغرامة التهديدية إلى أيّ نصّ قانوني ولا يمكن التصريح بها ضدّ الإدارة.
في الوضع الحالي للتشريع والإجتهاد القضائي، لا يمكن الحكم بالغرامة التهديدية.
إلاّ أنّه بمجرد صدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية خول للقاضي الإداري سلطة فرض الغرامة التهديدية في حالة إمتناع الإدارة عن تنفيذ الإلتزام بعمل أو الإمتناع عنه دون مبرر شرعي.
ومن ذلك الغرامة التهديدية وسيلة قانونية أقرّها المشرع الجزائري صراحة في نص المواد 980 الى986 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وقد إستقر الفقه والقضاء في الجزائر على أنها: “مبلغ مالي يوقّعه القاضي الإداري على المدين الممتنع عن تنفيذ الالتزام الواقع على عاتقه بمقتضى سند تنفيذي، بناءاً على طلب الدائن”، فالغرامة التهديدية بهذا المعنى تهديد مالي هدفه الضّغط على الإدارة الممتنعة عن تنفيذ إلتزامها بأداء مبلغ من المال عن كل فترة زمنية عن كل تأخير وهو ما يمكن أن يحمّلها على الإلتزام بمبادئ الإشّهار والعلانية.
وهو ما تؤكده المادة 980 من ق.إ.م.إ على انه “يجوز للجهة القضائية الإدارية المطلوب منها إتّخاذ أمر بالتنفيذ …أن تأمر بغرامة تهديديه مع تحديد تاريخ سريان مفعولها”
وفي هذا الشّأن نصت المادّة 946 / 4 و5 على “”أنّه يمكن للمحكمة الإدارية أن تأمر المتسبب في الإخلال بالإمتثال لإلتزاماته وتحدّد الأجل الذي يجب أن يمتثل فيه .
ويمكن لها أيضا الحكم بغرامة تهديديه تسري من تاريخ إنقضاء الأجل المحدد ….”””
وما يستنتج من هذه الفقرة أنّ المشرع قد منح القاضي الاستعجالي السلطة التقديرية في فرض الغرامة من عدمه في حال إنقضاء الأجل المحدد دون تنفيذ الإدارة لإلتزامها.
الفرع الثالث: السلطات القطعية للقاضي الاستعجالي (Les mesures définitives)[xii]
تتضمن السلطات القطعية سلطة تأجيل إمضاء الصفقة، وسلطة إبطال بعض الشروط التعاقدية، وسنتعرض لكل سلطة على حدا.
أولا: سلطة تأجيل إمضاء الصفقة:
بمجرّد إخطار المحكمة الإدارية بالدعوى في حالة الإخلال بإلتزامات الإشهار والمنافسة فأنه يمكنها أن تأمر بتأجيل إمضاء العقد، ويقصد بإمضاء العقد في هذا المجال توقيع الإتّفاقية، بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد الّذي تمّ إختياره دون إحترام إجراءات المنافسة والإشهار، وبالتّالي فقد خولت المادة 946 للقاضي سلطة تأجيل أو تعليق إمضاء الصفقة إلى غاية إتمام الإجراءات ولمدة لا تتجاوز عشرين (20)يوم[xiii]، ويعدّ هذا التأجيل وسيلة ضغط على الإدارة لتنفذ التزاماتها .
ثانيا: سلطة إبطال بعض الشروط التعاقدية[xiv]
هذه السّلطة من صنع القضاء الإداري الفرنسي، حيث تمكن القاضي الإداري الاستعجالي أن يبطل بعض الشروط التي تسري على العقد الذي سوف يتّم إبرامه، إذا كانت هذه الشروط تنطوي على عنصر تفضلي، إذ السلطات التي يتمتع بها القاضي الإداري الاستعجالي في إتّخاذ الإجراءات القطعية من شأنها أن تعطيه سلطة للبث في الموضوع وهذا يختلف عن سلطات القاضي في نطاق الدعوى الاستعجالية العادية، وأهمّ شروطها أنّ القاضي عندما ينظر في طلبات الأفراد يقوم بإجراء تحقيق أو إنتداب خبرة أو إثبات حالة، يجب عليه أن لا يعيق القرار الإداري، كما يجب أن لا يتطرق إلى موضوع الدعوى الرّئيسية الّتي تظلّ سلمية حتىّ تفصل فيها محكمة الموضوع، والهدف منها إيجاد دعوى فعاّلة يتم بواسطتها فصل في موضوع النّزاع محاط بحالة من الاستعجال ممّا ينتج عنه أنّ هذا القضاء ليس قضاء استعجالي بالمعنى القانوني للمصطلح، وإنما هو أسلوب خاص من القضاء أعدّه المشرع في سبيل معالجة بعض المشاكل التي يمكن أن تطرأ عند تبادل الإيجاب والقبول في معرض إبرام الصفقات العمومية .
إلاّ أنّه أمام كل هذه الإمتيازات المتعدّدة والمتنوّعة الممنوحة للقاضي الإداري بموجب هذه الدعوى فقد ثار نقاش في فرنسا حول تكييف هذه الدعوى، هل تنتمي إلى القضاء الكامل أم قضاء الإلغاء ؟
إستقرّ الرّأي على اعتبارها من قبيل دعاوى القضاء الكامل، لأنّها تجمع بين يدي القاضي الإداري سلطات كاملة، علما أنه في هذه الدعوى لا يحق له أن يبت في طلبات التعويض، لأن ذلك يبقى تماما من إختصاص قضاء القانون العام، حسب تعبير المحكمة الإدارية المدنية “ليل “:
(…le contentieux de l’indemnisation reste entièrement un contentieux de droit commun…..)[xv].
في الحقيقة إنّ هذا الإتّساع في سلطات القاضي الإداري قد دفع بالبعض إلى طرح إشكالية جوهرية، تتمثل فيما إذا كان بمستطاع قاضي الدعوى المستعجلة أن يبت بما لم يطلبه الخصوم، إذا كان يشكل هذا الطلب نتيجة منطقية لما طلبوه ؟
نعم يمكنه ذلك، كأن يطلب مثلا وقف إبرام العقد فيقوم القاضي الإداري بوقف كل القرارات المتّصلة بإبرام هذا الأخير، بإعتباره يشكل نتيجة منطقية لعملية الوقف.
أمّا فيما يخص إجبار السلطة المختصة بإبرام الصفقات العمومية، أن تلتزم بالإجراءات الّتي أمر بها القاضي في مجالي العلانية والمنافسة، فيجب أن تكون مقترنة بإحتمال فرض غرامة تهديديه على الإدارة، وإلاّ فإن إجراء الأمر لن يكون له أي فعالية.
المبحث الثّاني: إختصاص القاضي الاستعجالي بعد التّعاقد
إذا كان إختصاص القضاء الإداري بمنازعات الصفقات العمومية شامل بكل ما يتّعلق بتكوينها أو تنفيذها، فإنّه يمتّد أيضا ليشمل الطّلبات الاستعجالية المتّصلة بمنازعاته، وأيضا كلّ ما يتفرّع عن منازعات العقد، وإختصاص المحكمة الإدارية بالفصّل في الطّلبات المسّتعجلة متفرّع من إختصاصها بالّنظر في الموضوع الأصلي، ومادامت مختصّة بالنّظر في الأصل فهي مختصّة بنظر الفرع أي الطّلب الاستعجالي دون أن يحتّج أمامها بأنّ الفصل فيه يمسّ أصل الحق أو موضوع النّزاع، لأنّها وحدها مختصّة بالفصل في هذا الموضوع.
ولابد أن نشير هنا إلى أنّ الطلبات الاستعجالية لا نقصد بها وقف التّنفيذ المرتبط بدعوى الإلغاء[xvi] وإنّما هي طلبات متّصلة بالعقد، إذ يمكن للقاضي الإداري في حالة توافر عنصر الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق أن يقضي بإتّخاذ التّدابير التّحفّظية وفي إطار دعوى القضاء الكامل.
المطلب الأوّل: الدعوى الاستعجالية في منازعات الصفقات الخاضعة لولاية القضاء الكامل
إنّ المنازعات المتعلّقة بتنفيذ الصفقة العمومية في جانبها الاستعجالي، نادرة الوقوع نظراً لطبيعتها الوقتية، بإعتبار أنّ المنازعات التي نتجرّ عن تنفيذ العقد أو ما يتّصل بهذا التنفيذ تؤول إلى إختصاص القضاء الكامل، لأنّه المجال الأصلي بشأن المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية وبإعتباره هو المختص في تقدير وتقرير التّعويض الكامل لإصلاح الأضرار المادية أو المعنوية التي أصابت الحقوق الشّخصية المكتسب، وبهذا يكون لقاضي الموضوع النّظر والفصل في هذه الدعوى لما يملك من سلطات واسعة وكاملة، على غرار القاضي الاستعجالي الّذي له حق النّظر إلاّ فيما تعلّق منها بالأمور الفنية أو التّقنية كإجراء خبرة … إلخ.
وعلى ما سبق ذكره سنقوم بالتّفصيل والدراسة لهذا من خلال الفروع التالية:
الفرع الأوّل: المنازعات المسّتعجلة للصفقات العمومية الخاضعة للقضاء الكامل
تخضع منازعات الصفقات العمومية في شقّها الاستعجالي لولاية القضاء الكامل وذلك وفقاً للاعتبارات التالية:
أكدّنا فيما سبق بأنّ منازعات الصفقات العمومية تنتمي للقضاء الكامل فيختص القضاء الإداري بنظر كافّة ما يكون قد صدر بشأن تلك العقود من قرارات وإجراءات باعتبارها من العناصر المتفرّعة عن المنازعات الأصلية في حدود اختصاصها الكامل طالما لم يسقط الحق بمضيّ المدّة، ويشمل اختصاص القضاء الإداري جميع الظّروف وما يتفرّع عن المنازعة الأصلية من طلبات فرعية وأمور مسّتعجلة[xvii] وهذا إعمالا لمبدأ أنّ من يختّص بالأصل ينسحب اختصاصه إلى الفرع، وقد استقر قضاء مجلس الدّولة المصري على هذا الرّأي حيث ذهبت المحكمة الإدارية العليا في هذا الشّأن إلى أنّه ” غني هذا البيان أنّ إختصاص جهة القضاء الإداري بالفصل في المنازعات المتعلّقة بالعقود الإدارية إختصاص شامل مطلق لأصل تلك المنازعة وما يتفرّع عنها أنّ الطّلبات المسّتعجلة، فما دامت المحكمة مختصّة بنظر الأصل فهي تختص بنظر الفرّع أي الطلّب المستعجل المتفرّع عن العقد الإداري ….”[xviii].
الفرع الثاني: بعض تطبيقات المنازعات المستعجلة للصفقات العمومية الخاضعة للقضاء الكامل.
إن الطّلبات المسّتعجلة في منازعات الصفقات العمومية تكّتسي أهمية قصوى بالنّظر إلى خصوصية هذه المنازعات التي يعدّ الوقت عاملاً مؤثّرا فيها، وذلك لإعتبارات عدّة، فعقد الأشغال العامّة مثلا يثير عدّة إشكاليات تستوجب التّدخل لإتّخاذ إجراءات مسّتعجلة لا تحتمل التأخير، مثل إثبات الأوضاع المادية التي يخشى زوالها أو التّحقق من قيام القوّة القاهرة التي يمكن أن يتمسّك بها مستقبلاً كسبب يجعل المتعاقد يتحلّل من إلتزاماته أو تقديم طلب إجراء خبرة لإعتماده كأساس للمطالبة بالمطالبة بالتعويض[xix].
ولقد أثبت الواقع العملي في بعض الحالات اللّجوء إلى القضاء المسّتعجل في المنازعات المتعلّقة بتنفيذ الصفقات العمومية: كطلب المتعاقد مع الإدارة من القاضي تعيين خبير كإجراء مسّتعجل لفحص وإثبات ما قام به من أعمال لصالح الإدارة المتعاقدة قام بتسليمها إليها وذلك عندما ترفض الإدارة صرف مستحقّاته المالية (المقابل المالي) كلّياً أو جزئياً عن تنفيذه لتلّك الأعمال، والمثال على ذلك إصدار الغرفة الإدارية بمجلس قضاء قسنطينة قرار استعجالي بتاريخ 30/03/2001 بتعيين الخبير( ب، م ) لأجل معاينة الأشغال التي أنجزها المدّعي وتقدير قيمتها نقدا وألزم هذا الخبير بالقيام بمهمته خلال 3 أشهر من تاريخ توصله بعلم اليقين[xx].
وهذا ما سيتّم شرّحه في الفرع الثّاني تحت عنوان القرارات الصّادرة بشأن الدعوى الاستعجالية في منازعات الصفقات العمومية الخاضعة لولاية القضاء الكامل.
كما أكّدت المحكمة الإدارية العليا بمصر على إختصاصها بنظر الإذن بالحجز التّحفّظي حماية للحقوق النّاشئة عن العقد تأسيساً على أنه ليس من شّك في هذا الطلب الّذي يعتبر من الإجراءات التّحفّظية العامّة التي تستهدف حماية الحق النّاشئ عن العقد الإداري والّذي يسّتنهض ولاية القضاء الكامل للقضاء الإداري بوصفه ينبثق عن رابطة عقدية ويدخل في منطقة العقد[xxi].
وترتيباً لما سبق فإنه يجوز طلب الإذن بالحجّز التّحفّظي في منازعات الصفقات العمومية من رئيس المحكمة الإدارية بإعتبارها الجهة الإدارية المختصّة بالفصل في أصّل الحق، حيث يكون بوسعه أن يأمر بالإجراءات الوقتية والتّحفّظية في مواجهة المتعاقد بناءاً على طلب الإدارة كأن تأمر بتنفيذ بعض الأشغال أو وقف تنفيذها أو إلزام المقاول بتقبُّل المواد اللاّزمة لتنفيذ العقد، كما يمكن للمحكمة بناءاً على طلب الاستعجال أن تحكم للمتعاقد بوقف تنفيذ ما تتّخذه الإدارة ضدّه من إجراءات تعاقدية إذ ترتّب على تنفيذها أضرار يتعذّر تداركها[xxii].
وتخضع إجراءات الحجز التّحفظي في منازعات الصفقات العمومية للأحكام العاّمة المقرّرة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية ومن ذلك للمواد التالية:
المادة 646: “الحجز التحفظي هو وضع أموال المدين المنقولة المادية والعقارية تحت يد القضاء ومنعه من التّصرف فيها، ويقع الحجّز على مسؤولية الدائن””(في هذه الحالة الإدارة).
المادة 647: “”يجوز للدّائن، بدين محقق الوجود، حال الأداء، أن يطلب بعريضة مسببة، مؤرخة وموقّعة منه أو ممّن ينويه، إستصدار أمر بالحجز التّحفظي على منقولات أو عقّارات مدينه، إذا كان حاملاً لسند دين أو كان لديه مسوغات ظاهرة ترجّح وجود الدّين، ويخشى فقدان الضّمان لحقوقه”” .
المادة 648: “يجوز الحجّز التّحفّظي، خلال وجود دعوى أمام قاضي الموضوع بمذكّرة إضافية تضّم إلى أصّل الدعوى للفصل فيهما معا وبحكم واحد، دون مراعاة الأجل المنصوص عليه في المادّة 662 أدناه”.
المادة 649: “يتم الحجّز التّحفّظي بموجب أمر على عريضة من رئيس المحكمة التي يوجد بدائرة إختصاصها موطن المدين أو مقرّ الأموال المطلوب حجّزها.
يلزم رئيس المحكمة بالفصل في طلب الحجّز في أجل أقصاه خمسة (5) أيام من تاريخ إيداع العريضة بأمانة الضبط”.
ونستنتج مما سبق أن طلب الإذن بالحجّز التّحفظي في منازعات العقود الإدارية ليس طلب وقف متفرّع عن دعوى الإلغاء، ولا يهم في هذا الشّأن أن يصفه صاحب الشأن بأنه وقف تنفيذ، إذ العبرة في وصف الطّلب بحقيقته وجوهره وهدفه حسبما يظهر من أوراق الدعوى على حسب التّكييف القانوني الصّحيح، وبناءاً عليه إنتهت المحكمة إلى نظر طلب وقف التّنفيذ في الحدود والضّوابط المقرّرة في الطلبات المسّتعجلة[xxiii].
المطلب الثاني: الدعوى الاستعجالية في منازعات الصفقات الخاضعة لولاية القضاء الكامل
تعتبر دعوى القضاء الكامل تلك الدعوى الّتي يحرّكها أصحاب الشّأن والمصلحة من الأشّخاص إلى جهة القضاء المختص للمطالبة بالتعويض عمّا أصابهم من أضرار، أو للمطالبة بحقوق عقدية في مواجهة السّلطات الإدارية المتعاقدة، ويكون للقاضي المختص بالنّظر والفصل في هذه الدّعوى سلطات ووظائف واسعة وكاملة، بحيث يملك سلطة الحكم بإصلاح الحال والتّعويض للمضرور عمّا أصابه من ضرر جرّاء الأعمال الإدارية الضّارة، ومن أهم دعاوى القضاء الكامل دعاوى العقود الإدارية .
كما أنّ الأسّتاذ “مفتاح خليفة عبد الحميد” أبدى رأيه بخصوص هذا الموضوع فقال “”ولاية القضاء الكامل في مجال العقود الإدارية واختصاصه في هذا الشّأن مطلق وشامل لأصل تلك المنازعة وما يتفرّع عنها، حيث ينعقد الاختصاص للقضاء الكامل متى توافرت في تلك المنازعة حقيقة العقد الإداري، أو كانت متفرّعة عنه[xxiv]، ومنح هذا الإختصاص للقاضي يسّتتبعه لزوماً اختصاصه بالفصل فيما ينبثق عن هذه المنازعات التي تنشأ أثناء التّنفيذ، من أمور مسّتعجلة ما دام القانون لم يسّلبه ولاية الفصل فيها.
إلاّ أنّ إختصاص القاضي الاستعجالي في منازعات الصفقات الخاضعة لولاية القضاء الكامل يستلزم توافر مجموعة من الشروط، وهي نفسها الشّروط الواجب توافرها في الاستعجال الإداري، إلاّ أنّنا إرتأينا عرضها أو معالجتها في شكل تطبيقات وهذا ما سنبيّنه في الفرع الأول من هذا المطلب، لنخصص الفرع الثّاني للقرارات الصادرة بشأن الدعوى الاستعجالية في منازعات الصفقات العمومية الخاضعة لولاية القضاء الكامل.
الفرع الأوّل: شروط قبول الدعوى الاستعجالية في منازعات الصفقات العمومية الخاضعة لولاية القضاء الكامل.
يتعيّن لقبول الطّلب المسّتعجل في منازعات تنفيذ الصفقات العمومية، وكذا لتأكيد جدارته، توافر مجموعة من الشّروط ليُنظر فيه بولاية القضاء الكامل، وفي هذا الشّأن إرتأينا عرض هذه الشّروط في شكل تطبيقات لنتفادى بذلك تكرار الشّروط العامّة للاستعجال، وذلك عندما نتطرّق لشروط الاستعجال قبل التّعاقد وكذا نظام وقف التّنفيذ كإجراء أساسي في الاستعجالي قبل التّعاقد.
أولاً فيما يخص تطبيقات توافر شرط الاستعجال: المقصود بالاستعجال هو الخطر المحّدق بالحق المطلوب رفعة بإجراء وقتي، ويتحقّق ركنا لاستعجال إذا إستبان لقاضي الأمور المسّتعجلة أنّ الإجراء الوقتي المطلوب منه هو إتّخاذ محافظة على الحق الذي يخشى زواله ولا يتحمّل الإنتظار حتى يُعرض أصل النّزاع على قضاء الموضوع[xxv].
وفي مفهوم المحكمة العليا ( الغرفة الإدارية ) فإنه لا وجود لحالة الاستعجال إذا كانت المدّة الفاصلة بين الوقائع وتاريخ رفع الدعوى طويلة وهذا ما قرّرته في إستئناف إداري مؤرخ في 16 ماي 1981 لقضية مؤسسة (أ،ع، ب) ضد الوالي ووزير الداخلية حيث أنّ الشّركة الطّاعنة لم تلجأ إلى القضاء الاستعجالي لتعيين خبير من أجل معاينة حالة الأشغال التي أنجزتها لصالح ولاية … وتقييمها إلاّ بعد مرور شهرين من فسخ الصفقة معها من قبل الإدارة وإسنادها إلى مقاول آخر وذلك أنّ الوقائع المادية المراد معاينتها وتقييمها تكون قد تغيّرت بفعل الأشغال التي إنطلقت فيها خلال شهرين كاملين[xxvi].
ولقد جاء في المادّة 924 /1 من قانون إ.م.إ أنه “عندما لا يتوافر الاستعجال في الطلب أو يكون غير مؤسّس يرفض قاضي الاستعجال هذا الطلب بأمر مسبب…”.
إنّ عنصر الاستعجال شرط أساسي لقبول دعوى الاستعجال، ويعتبر من النّظام العام أي لا يصوغ لطرفي الخصومة الإتفاق على وجود حالة استعجال من عدمها[xxvii].
ثانيا: فيما يخص تطبيقات شرط توافر أسباب جدّية:
لقد عرّف مجلس الدّولة الفرنسي توافر أسباب جدّية كشرط لقبول الدعوى الاستعجالية بأنّها “…تلك الّتي تعطي من أوّل وهلة أكبر فرصة ممكنة لكسب الدعوى…”[xxviii]،وإعتبر قانون الإجراءات المدنية والإدارية شرط الأسباب الجدّية شرط الفوق العادة فهو عنصر حاضر ولو أنّه لم ينّص عليه بخصوص رفع دعوى استعجالية أمام القاضي الإداري بولاية القضاء الكامل لكنه فعل ذلك في نص المادة 919 منه بشأن رفع دعوى استعجالية أمام قضاء الإلغاء وعليه فإنّه أبقى على تقدير جدّية الأسباب التي أنبنى عليها الطلب المسّتعجل للقاضي وذلك بالقدر الّذي يسّمح له بتكوين عقيدته فيه[xxix].
ثالثا: فيما يخص شرط عدم المساس بأصل الحق:
ألزم قانون الإجراءات المدنية والإدارية قاضي الاستعجال بأن لا يمسّ بأصل الحق وذلك بمقتضى المادة 918 منه، إلاّ أنّنا لا نجد في الفقه القانوني الجزائري من يعرّف أصل الحق ولكنّه يعتمد على غير ذلك في قرار شهير صادر عن المحكمة العليا مؤرخ في 18/11/1985 والّذي ينص في منطوقه على ما يلي: ” إن المقصود بأصل الحق الذي يمتنع قاضي الأمور المسّتعجلة عن المساس به هو السّبب القانوني والّذي يحدّد الحقوق والإلتزامات كل من الطرفين قبل الآخر، فلا يجوز أن يتناول هذه الحقوق والإلتزامات بالتّفسير والتّأويل الّذي من شأنه المساس بموضوع النزاع القانوني بينهما …بل يتعيّن عليه أن يترك جوهر النّزاع سليماً ليفصل فيه قاضي الموضوع المختّص دون غيره”.[xxx]
ولقد سمحت الفرصة (للمحكمة العليا الغرفة الإدارية سابقا) لتكرس بصرامة إرادة قانون الإجراءات المدنية والإدارية المتعلّقة بعدم المساس بأصل الحق حيث إعتبر أنّ المطالبة بالدّيون النّاتجة عن تنفيذ الأشّغال المنجزة في إطار صفقة عمومية تتعلّق بأصل الحق ومن ثمّة تخرج عن إختصاص القاضي الاستعجالي[xxxi].
ولقد أكّد القضاء المغربي في العديد من المناسبات على إعتبار النزاعات المتعلّقة بالعقود الإدارية والصفقات العمومية لا يختص بالنّظر فيها قاضي المسّتعجلات الإداري إذا كان البتّ فيها يمسّ بالجوهر وذلك تطبيقا للمواد 7 و19 من القانون رقم 41-90 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية.[xxxii]
رغم ذلك فإن القاضي يمكنه أن يطلّع على مستندات وأوراق الخصوم المتعلّقة بأصل الحق وهو يفصل في ذلك ليحسم النّزاع لكن ليتوصّل إلى معرفة أي من الطرفين أجدر بالحماية القضائية وإتّخاذ الإجراء الوقتي.
الفرع الثّاني: القرارات الصادرة بشأن الدعوى الاستعجالية في منازعات الصفقات العمومية الخاضعة لولاية القضاء الكامل.
قبل التطرّق لنماذّج قرارات قضائية صادرة في هذا الشّأن، لابد أن نعرّج على إجراء الخبرة كونه الأكثر شيوعاً في الواقع العملي، فنجد في الغالب أنّ معظم القرارات القضائية الصّادرة بخصوص منازعات تنفيذ الصفقات العمومية هي قرارات صادرة بصدد إجراء الخبرة، تعدّ الخبرة القضائية أحد طرق الإثبات حيث يحتاجها العمل القضائي، كلّما صادف النّزاع المطروح مسألة تتطلّب عليها معلومات فنّية بعيدة عن المجال الأصل لثقافة القاضي، حيث أجاز هذا القانون لهذا الأخير تكليف أشّخاص فنّيين مختصّين للقيام بها.[xxxiii]
والجدير بالإشارة هو أنّ الخبرة في مجال قضاء الشّرعية تكاد تنعدم عكس ما هو عليه الأمر في القضاء الكامل، والواقع العملي يثير بعض الخصوصية لها [xxxiv]، ولقد جعل ق.إ.م.إ، إجراء الخبرة إختياري سواء أمر بها القاضي من تلقاء نفسه أو بطلب من الخصوم بغية تعيين خبير أو عدّة خبراء من نفس التّخصّص أو من تخصّصات مختلفة، أمّا في الأمور المستعجلة فإنّ القاضي يأمر في الغالب تعيين خبير بناءاً على طلب أحد الأطراف كطلب أصّلي وليس فرّعي .
ولقد أصدرت الغرفة الإدارية بمجلس قضاء قسنطينة قراراً تمهيدياً بتاريخ 30/03/2002 في قضية (ب.أ) ضدّ مدير جامعة متنوري بتعيين السيّد (ب.م.ش) خبيراً أُسندت له مهمّة الإنتقال إلى الأشغال ومعاينتها مادّياً وتحديد الأشغال الّتي أُنجزت من قِبل المدّعي (مقاول) حسب طلبات الخدمة وتقدير قيمتها نقداً.[xxxv]
وإذا تبيّن للقاضي أنّ النّتائج الّتي بنى عليها الخبير تقريره غير كافية، له أن يتّخذ جميع الإجراءات اللاّزمة كما له أن يأمر باستكمال التّحقيق، أو بحضور الخبير أمامه ليتلقّى منه الإيضاحات والمعلومات الضّرورية.[xxxvi]
وهذا ما قضى به فعلاً مجلس الدّولة في قراره المؤرّخ في 20/12/1999 قضية رئيس المندوبية التنفيذية بعين التّين ولاية ضدّ بن “حركو محمد الطّاهر” والّذي جاء فيه “””إنّ الخبير إرتكب أخطاء في مراجعة المبالغ …كما إعتمد على نسب مئوية لتوزيع المبلغ …نجدها فاقت نسبة مئة بالمئة كلّ ذلك يشكّل خرقاً للقانون وخلافاً للمعطيات المقدّمة للخبير وكذا نصوص الصفقة …
قبل الفصل ،تعيين …الخبير في الحسابات للقيام بالمهمّة التّالية:
إستدعاء الطّرفين، والإطّلاع على الوقائع وتحديد مبلغ مراجعة الأسّعار، وللخبير مهلة ثلاثة أشهر لوضع تقريره لدى كتابة ضبط مجلس الدّولة”.[xxxvii]
خاتمة
مما سبق ذكره يتضح لنا أنّ المشرع الجزائري كرّس تقنية القضاء الاستعجالي قبل التعاقد، إلاّ حفاظا على الحقوق من الإندثار فنظمّه بمقتضى المادّتين 946و947 وكان للأولى بالغ الأثر في تنفيذ أحكام المرسوم الرئاسي15/247 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية وخاصة المادّة الثالثة منه.
وهكذا إتّضح لنا مجال تطبيق الدعوى الاستعجالية في الصفقة العمومية، والذي جاء من أجل تحقيقا لشفافية ومساواة أكثر عند إبرامها، والّذي أكّدنا أنّه يكون في الحالات الّتي لم يُحترم فيها الإجراءات المسبقة المتعلّقة بإجراءات الإشهار والمنافسة مراعاة لتكافؤ الفرص وحصول الإدارة على أكبر عدد ممكن من المتعهدين حماية للمصلحة العامة وحفاظ على الخزينة العمومية، أمّا فيما يخص إختصاص القاضي الاستعجالي بعد التّعاقد يتمثل في طلبات متصلة بالعقد، ويتحقق إختصاص القاضي الاستعجالي في حالة توفر مجموعة من الشروط كعنصر الاستعجال، وعدم المساس بأصل الحق إذ يقضي بإتّخاذ تدابير تحفظية، بحيث خلصنا إلى أنّ المنازعات الإدارية المتعلّقة بصفقة العمومية تكون أثناء الإبرام خاضعة لولاية قضاء الإلغاء هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المنازعات المتعلقة بالتنفيذ تخضع لولاية القضاء الكامل .وهذا تحت عنوان القضاء الاستعجالي .
الهــــــــــــــــــوامش:
[i] Bergeal(Catherine), Lenica(Frédéric): contentieux de marchés public, imprimerie nationale, édition paris, 2004, p42.
[ii]راجع في هذا الشأن المواد من 917 إلى 948 من ق إ.م.إ 08/09 المؤرخ في 25 فبراير 2008، ج.ر، العدد21 سنة 2008
[iii]Mérignhac, ordonnances sur requête et des référés, 2ème partie, les référés, Toulouse, soubiron éditeur, 1924, p7
. (منقول عن لحسن آث ملويا: المنتقى في الإستعجال، دار هومة، الجزائر، سنة2007، ص 12.
مختار مهند نوح: الإيجاب والقبول في العقد الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، سنة2005، ص846[iv]
مهند مختار نوح، المرجع السابق، ص847.[v]
[vi]مهند مختار نوح: مرجع سابق، ص869.
[vii]مهند مختار نوح: مرجع سابق، ص874 .
[viii]قرار م. د. ج الصادر بتاريخ 08/03/1999 في قضية بورطل رشيد والي ولاية ميلة ومن معه، نقلا عن الحسين بن شيخ آث ملويا، المنتقى في قضاء الاستعجال الإداري، مرجع سابق، ص 268.
[ix]سعيد سليماني: دور القاضي الإداري في معالجة منازعات عقود الإدارة، مجلة كلية الحقوق، العدد الرابع، جامعة تلمسان الجزائر، سنة 2007، ص228.
[x]لحسين بن شيخ آث ملويا: دروس في المنازعات الإدارية –وسائل المشروعية-، ط2، دار هومة، الجزائر2006، ص222.
[xi]سعيد سليماني: المرجع السابق، ص 229 .
[xii]-Patricia Grelier Bessmann: le mémento des marchés publics des travaux, éditions eurolles, parais, 2002, p133
[xiii]Article L 551-4: “le contrat ne peut être signé à compter de la saisie du tribunal administratif et jusqu’a la notification au pouvoir adjudicateur de la discision juridictionnelle”
[xiv]Patricia Grelier Bessmann: le mémento des marchés publics des travaux, op. cit,p133
[xv]حسين فريجة، الاستعجال الإداري في أحكام القضاءالاداري الجزائري، مجلة المدرسة الوطنية للإدارة، العدد 26، الجزائر، 2003، ص 26 .
[xvi]مصطفى أبو زيد فهمي: قضاء الإلغاء (شروط القبول -أوجه الإلغاء)، (د. ط)، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، سنة2001، ص25.
[xvii]سهام عبدلي: دعوى القضاء الكامل، مذكرة لنيل الماجستير في القانون العام فرع الإدارة العامّة، جامعة أمّ البواقي2008-2009،ص25
[xviii]قرار المحكمة الإدارية العليا طعن رقم 605 لسنة 23 ق جلسة 26/01/1980 نقلا عن: عبد المنعم عبد العزيز خليفة، العقود الإدارية وتسوية المنازعات قضاء وتحكيما، ص 316.
[xix]Droit-marco. blogspot.comتمت زيارة هذا الموقع يوم 25/04/2014 على الساعة 20: 15
[xx]قرار إستعجالي صادر عن مجلس قضاء قسنطينة )الغرفة الإدارية رقم 258/01 المؤرخ في 30/03/2002 بين (ب.أ( ومدير جامعة قسنطينة غير منشور.
[xxi]جمال عباس عثمان: النظرية العامة وتطبيقاتها في مجال إلغاء العقود الإدارية المكتب العربي، الإسكندرية، 2006، 3 ص 277.
[xxii]عبد المنعم عبد العزيز خليفة: تنفيذ العقود الإدارية وتسوية منازعاتها قضاء وتحكيما، المرجع السابق، ص: 317 و318.
[xxiii]عبد المنعم خليفة عبد العزيز: المرجع السابق، ص317و318.
[xxiv]خليفة عبد الحميد مفتاح: المعيار المميّز للعقد الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، سنة 2007، ص249 .
[xxv]حسين طاهري: قضاء الإستعجال فقها وقضاء مدعما بالاجتهاد القضائي المقارن دار الخلدونية، 2005، ص: 7 و8.
[xxvi]قرار المحكمة العليا )الغرفة الإدارية(إستئناف إداري رقم 23/237 صادر بتاريخ 16 ماي 1981، قضية مؤسسة )أ. ع. ب( ضدّ الوالي ووزير الداخلية نقلا عن شيهوب مسعود، المبادئ العامّة للمنازعات الإدارية، هيئات وإجراءات، ج1، ديوان المطبوعات الجامعية، 2009، ص138.
[xxvii]طاهري حسين: المرجع السابق، ص42.
[xxviii]راجع في هذا الشّأن المادة 918 من ق.إ . م. إ. ج.
[xxix]عبد المنعم خليفة عبد العزيز: مرجع سابق، ص 138.
[xxx]قرار المحكمة العليا رقم 35444 المؤرخ في 18/12/1985 المجلة القضائية للمحكمة العليا لسنة 1990 عدد 1، ص 46.
[xxxi]بلعابد عبد الغني: الدعوى الاستعجالية الإدارية وتطبيقاتها في الجزائر، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام، فرع المؤسسات السياسية والإدارية، جامعة متنوري قسنطينة، 2007، 2008، ص21.
[xxxii]رشيدة المساوي: نزاعات الصفقات العمومية بعد إبرام العقد، مقال منشور على الموقع الإلكتروني: http: // messaoui ,jeeran. com.
[xxxiii]نعيمة تراعى، نصر الدّين هنوني، تقديم رشيد خلوفي: الخبرة القضائية في مادّة المنازعات الإدارية، ط، دار هومة، سنة2009، ص10.
[xxxiv]Pastorel(Jean-Paul): L’expertise Dans le Contentieux Administratif, éd LGDJ, 1994, p5, 29.
[xxxv]قرار تمهيدي صادر عن الغرفة الإدارية بمجلس قضاء قسنطينة رقم 579/05 بتاريخ 30/03/2002 بتعيين خبير وإسناد المهام له قضية (ب،أ) ضدّ جامعة متنوري (غير منشور تمّ الإطّلاع عليه فقط).
[xxxvi]راجع المادّة 141 من ق. إ. م. إ أحالت إليها المادّة 858 منه.
[xxxvii]قرار مجلس الدّولة، غرفة 3، مؤرخ في 20/12/1999 قضية رئيس المندوبية التّنفيذية عين التّين ولاية ميلة ص41 منه.
المراجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع:
قائمة المراجع باللغة العربية:
عبد المنعم عبد العزيز خليفة: تنفيذ العقود الإدارية وتسوية منازعاتها قضاء وتحكيما، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2009.
جمال عباس عثمان: النظرية العامة وتطبيقاتها في مجال إلغاء العقود الإدارية المكتب العربي، الإسكندرية، 2006.
خليفة عبد الحميد مفتاح: المعيار المميّز للعقد الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، سنة 2007.
4.الحسين بن شيخ آث ملويا: دروس في المنازعات الإدارية –وسائل المشروعية-، ط2، دار هومة، الجزائر2006.
5.حسين طاهري: قضاء الاستعجال فقها وقضاء مدعما بالاجتهاد القضائي المقارن دار الخلدونية، 2005.
محمّد مختار مهند: الإيجاب والقبول في العقد الإداري، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، سنة2005.
نعيمة تراعى، نصر الدّين هنوني، تقديم رشيد خلوفي: الخبرة القضائية في مادّة المنازعات الإدارية، ط، دار هومة، سنة2009.
رشيدة المساوي: نزاعات الصفقات العمومية بعد إبرام العقد، مقال منشور على الموقع الإلكتروني: http: // messaoui ,jeeran. com
9.حسين فريجة: الاستعجال الإداري في أحكام القضاء الاداري الجزائري، مجلّة المدرسة الوطنية للإدارة، العدد 26، الجزائر، 2003.
10سهام عبدلي: دعوى القضاء الكامل، مذكرة لنيل الماجستير في القانون العام فرع الإدارة العامّة، جامعة أمّ البواقي2008-2009.
11عبد الغني بلعابد: الدعوى الاستعجالية الإدارية وتطبيقاتها في الجزائر، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام، فرع المؤسسات السياسية والإدارية، جامعة متنوري قسنطينة، 2007، 2008.
مصطفى أبو زيد فهمي: قضاء الإلغاء (شروط القبول -أوجه الإلغاء)، (د. ط)، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، سنة2001.
المراجع باللغة الفرنسية:
Bergeal(Catherine), Lenica (Frédéric) : contentieux de marchés public, imprimerie nationale, édition parais, 2004.
Mérignhac : ordonnances sur requête et des référés, 2ème partie, les éférés, Toulouse, soubiron éditeur, 1924.
Patricia Grelier Bessmann : le mémento des marchés publics des travaux
, éditions eurolles, parais, 2002.
Pastorel(Jean-Paul): L’expertise Dans le Contentieux Administratif, éd LGDJ, 1994.
المجلات
1.مجلة مجلس الدّولة، العدد5، سنة 2004 .
2.مجلة مجلس الدولة، عدد02، سنة 2002.
3.المجلة القضائية للمحكمة العليا لسنة 1990 عدد1.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً