مجالات حماية الطفل من الخطر والتهديد وآليات تطبيقها
في القانون الجزائري والتونسي
أ. سحــارة السعيد
باحث بسلك دكتوراه في القانون الخاص
جامعة الشهيد محمد خيضر بسكرة – الجزائر
كلية الحقوق والعلوم السياسية – قسم الحقوق
مقدمة:
إذا اطلعنا على وضعية الأطفال وأساليب معاملتهم في العهود السابقة تعجبنا من المكانة الدنيا التي كانوا يحتلونها في المجتمع، ومن المعاملة السيئة التي كانوا يحظون بها، إذ كانوا يقتلون بمجرد ولادتهم خشية الفقر، وكان للبنات النصيب الأكبر من تلك الجرائم، إذ كن أكثر عرضة للخطر لأنهن عار في نظر آبائهم ومجتمعاتهم آنذاك.
وبقدوم الدين الإسلامي السمح تم القضاء على هذه الممارسات البشعة في حق الأطفال وفرضت لهم حماية متكاملة ،فحماهم وحفظ حقوقهم منذ كونهم أجنة في بطون أمهاتهم إلى أن صاروا أطفالاً ومرورا بكل المراحل العمرية ،وأحاطهم بحماية شاملة بدءا من أسرهم ومجتمعهم ،وأكد على ضرورة إحاطتهم بكل ما يحتاجونه من وسائل تكفل حسن نموهم وسلامتهم الدينية والدنيوية البدنية والنفسية .وقد أثبت القرآن الكريم حماية الطفل وتكريمه ذكراً كان أو أنثى ذلك في آيات عديدة ،منها قوله سبحانه وتعالى: “وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا”، سورة الإسراء: الآية 17 ،وقوله أيضاً: “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ” ،سورة التكوير: الآيتان 8، 9 ” ،وقوله تعالى: “وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ“ سورة النحل : الآيتان 58،59، وقد أثبتت الأحاديث الواردة عن رسول الله r أيضا تقرير حماية الأطفال والرفق بهم ،ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “جاء أعرابي إلى رسول الله r فقال: إنكم تُقبلون الصبيان وما نقبلهم، فقال رسول الله r: أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك” رواه البخاري ومسلم.
وعلى هدي ما جاءت به الشريعة الإسلامية ،وإيمانا من المجتمع الدولي بأهمية الطفل والطفولة كمرحلة أولى في حياة الإنسان فقد تعالت العديد من الأصوات داعية إلى الاهتمام بها ،وقد تم ذلك خاصة خلال القرن العشرين فكان ذلك إيذانا بصدور العديد من المواثيق والعهود الدولية الداعية إلى الاهتمام بالطفل ،التي من أهمها إعلان جنيف لحقوق الطفل سنة 1924 وإلى وقتنا الحاضر وبالضبط سنة 1989 تاريخ صدور الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل التي تشكل حاليا منعطفا حاسما في تاريخ الاهتمام بالطفولة بحيث أصبح ينظر إلى حقوق الطفل على أساس أنها حقوق إنسانية وعالمية لا يمكن التغاضي عنها أو تأجيلها .وقد لقيت هذه الاتفاقية ترحيبا كبيرا حيث صادقت عليها معظم بلدان العالم، ومن بينها الجزائر[1] وتونس[2].
وقد بذلت هاتان الدولتان جهودا كبرى منذ توقيعهما على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل من أجل النهوض بأوضاع الطفولة وتكريس حقوقها من خلال ملائمة القوانين الوطنية مع توصيات الاتفاقية، وأصدرت كل من الجزائر[3] وتونس[4] قوانين خاصة بحماية الطفل من كل الأخطار والتهديدات التي يمكن أن تصيبه.
ومن خلال هذا التقديم يمكننا طرح الإشكالية الآتي:
ما هي مجالات حماية الطفولة من الخطر والتهديد والآليات المقررة لتطبيقها في كل من القانون الجزائري والتونسي؟
وسنحاول الإجابة على هذه الإشكالية من خلال الخطة الآتية:
مبحث تمهيدي: مفهوم الطفل.
المبحث الأول: مجالات حمایة الطفل من الخطر والتهدید.
المطلب الأول: المجال الاجتماعي.
المطلب الثاني: المجال الجزائي.
المبحث الثاني: آلیات حمایة الطفل من الخطر والتهديد.
المطلب الأول: الحمایة الاجتماعية.
المطلب الثاني: الحمایة القضائیة.
وأخيراً الخاتمة.
مبحث تمهيدي: مفهوم الطفل
عرف المقنن الجزائري الطفل في الفقرة الأولى من المادة 2 من قانون حماية الطفل الجزائري بأنه: ” كل شـخص لم يـبـلغ الـثـامـنـة عـشـر (18) سنة كاملة. ويفيد مصطلح “حدث” نفس المعنى”[5]، كما عرفه الفصل الثالث من مجلة حماية الطفل التونسية بأنه: “كل إنسان عمره أقل من ثمانیة عشر عاما ما لم یبلغ سن الرشد بمقتضى أحكام خاصة”[6]. وهذه التعریفات تنسجم مع المادة الأولى من اتفاقیّة الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي تنص على أن الطفل هو: “… كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه”.
وكذلك جاء موافق للتعريف الوارد في عهد حقوق الطفل في الإسلام المعتمد من قبل المؤتمر الإسلامي ال 32 لوزراء الخارجية المنعقد في صنعاء (اليمن) خلال الفترة 28 إلى 30/06/2005[7].
وقد حدد المقنن الجزائري سن الرشد بـ 19 سنة كاملة وقد جاء النص عليها في المادة 40 من القانون المدني الجزائري في فقرتها الثانية: “…وسن الرشد تسعة عشر سنة كاملة”، ووافقته في ذلك نص المادة 07 من قانون الأسرة والتي اعتبرت السن القانونية للزواج هي 19 سنة كاملة للرجل والمرأة ،بينما نصت المادة 49 من قانون العقوبات على أنه: “لا توقع على القاصر الذي لم يكتمل 13 سنة إلا بتدابير الحماية أو التربية، ويخضع القاصر الذي بلغ سنه من 13 إلى 18 إما لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة “، أي أن هناك تفاوتاً في سن الرشد الجزائي والمدني حسب القانون الجزائري.
أما المقنن التونسي فقد تخلى عن التفاوت بین سن الرشد الجزائي والمدني بمقتضى القانون عدد 39 المؤرّخ في 6/07/2010[8].
كما تمّ توحید سن الزواج ب 18 عاما للجنسین بموجب قانون 04 ماي2007 المنقح للفصل 5 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية[9].
ويؤخذ على تعريف المقنن الجزائري للطفل في الفقرة 1 من المادة 2 من قانون حماية الطفل أنه قد أغفل الاهتمام بالطفل في مرحلة ما قبل الولادة لعدم وجود نص صريح على حقوق الجنين ،غير أنه قد حرص على حفظ حقوقه من خلال ما نصت عليه المادة 304 من قانون العقوبات الجزائري[10] بقولها : “كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حملها بإعطائها مأكولات أو مشروبات أو أدوية أو باستعمال طرق أو أعمال عنف أو بأية وسيلة أخرى سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 500 إلى 10.000 دينار .وإذا أفضى الإجهاض إلى الموت فتكون العقوبة السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة…” ،كما نصت الفقرة 7 من المادة 16 من نفس القانون على أنه: “يجوز منح المرأة الحامل المحكوم عليه نهائيا الاستفادة من التأجيل المؤقت لتنفيذ الأحكام السالبة للحرية” .كما تستفيد الحامل من ظروف احتباس ملائمة ،لاسيما من حيث التغذية المتوازنة ،والرعاية الطبية المستمرة حفاظا على حياة جنينها بموجب نص المادة 50 من ذات القانون ،ولا تنفذ عليها عقوبة الإعدام طبقاً لنص المادة 155 من نفس القانون .كما نصت المادة 173 من قانون الأسرة الجزائري على إيقاف قسمة التركة إلى حين أن تضع الحامل حملها إذا كان هذا الأخير يحجب الورثة حجب حرمان .كما أقر المقنن الجزائري حماية الجنين من خلال إمكانية لجوء الزوجين إلى تقنية الإخصاب الاصطناعي خارج الجسم أو داخله بشروط محددة تحفظ نسب الجنين وتثبت كافة حقوقه من خلال نص المادة 45 مكرر من قانون الأسرة الجزائري ،كما منع اللجوء إلى استئجار أم بديلة للقيام بالعملية حماية لحقوق الجنين قبل وبعد ولادته.
ويؤخذ على تعریف الفصل3 من مجلة حماية الطفل التونسية أنه أغفل الاهتمام بالطفل في مرحلة ما قبل الولادة أيضاً لعدم وجود نصوص صریحة لحقوق الجنین، غیر أن المقنن التونسي حرص على حفظ حقوقه من خلال ما تضمنه الفصل214 من المجلة الجزائیة التي تعاقب بالسجن والخطیة المرأة التي أسقطت حملها أو حاولت ذلك وخارج إطار الاستثناءات القانونیّة[11]، كما تضمّن الفصل9 من نفس المجلة على حمایة الجنین من الموت بالتبعیة بأن أوجب تأجیل تنفیذ حكم الإعدام على المرأة الحامل إلى حین وضع حملها ،كما نص الفصل147 من مجلة الأحوال الشخصية على إیقاف قسمة التركة إلى حین وضع الحامل لحملها إذا كان من شأنه أن یحجب الورثة حجب الحرمان. كما أقر المقنن التونسي حمایة الجنین خارج رحم أمه من خلال القانون عدد 93 المؤرّخ في07/08/2001 المتعلّق بالطبّ الإنجابي ،حیث منع الفصل13 منه الحصول على جنین بشري بواسطة الأنبوب أو بتقنیات أخرى إلاّ في إطار الطب الإنجابي ووفق ما یضبطه القانون[12]، كما منع الفصل 8 منه اللجوء إلى الاستنساخ وما يؤدي إليه من الاضطراب الذي تدخله تلك التقنیة على النظام الطبیعي المؤسس على التناسل البشري للذكر والأنثى والتأثیرات السلبیة المحتملة على شفرة الإنسان الوراثیة وبرمجته الجینیة والآثار القانونیة المتصلة بثبوت النسب وما یترتب على ذلك من حقوق وواجبات.
ومن خلال ما سبق ذكره یتبين لنا أن قانون حماية الطفل الجزائري ومجلة حماية الطفل التونسية لم يعتنيا بحمایة الطفل في مرحلة ما قبل الولادة وهي مرحلة ذات أهمية جد بالغة ،ويكون الاعتناء بهذه المرحلة وتكريس الحماية اللازمة لها من خلال النصوص التي سبق ذكرها وغيرها من النصوص التي تعزز حماية الطفل حتى قبل ولادته ،في حین أنهما قد تضمنا نصوص حماية الطفل منذ ولادته إلى حين بلوغه سن الرشد الجزائي والمدني في ميادين حمايته من الخطر و التهديد الذي يمكن أن يصيبه )موضوع المبحث الأول) ووضع آليات فعالة لحمايته من هذا الخطر و التهديد (موضوع المبحث الثاني(.
المبحث الأول: مجالات حمایة الطفل من الخطر والتهدید
نصت المادة الأولى من قانون حماية الطفل الجزائري 15 – 12 على أن هذا القانون يهدف إلى تحديد قواعد وآليات حماية الطفل ،ونص الفصل الأول من مجلة حماية الطفل التونسية أن هذه المجلة تهدف في إطار الهوية الوطنية التونسية والشعور بالانتماء الحضاري إلى تحقيق الغايات التالية: 1)الارتقاء بالطفولة بما لها من خصوصيات ذاتية تميّز إمكانياتها الجسمية وميولاتها الوجدانية وقدراتها الفكرية ومهاراتها العملية إلى مستوى ما توجبه من رعاية تهيئ أجيال المستقبل بتأكيد العناية بأطفال الحاضر، 2) تنشئة الطفل على الاعتزاز بهويته الوطنية، وعلى الوفاء لتونس والولاء لها، أرضا وتاريخا ومكاسب، والشعور بالانتماء الحضاري، وطنيا ومغاربياً وعربيا وإسلاميا، مع التشبّع بثقافة التآخي البشري والانفتاح على الآخر، وفقا لما تقتضيه التوجّهات التربوية العلمية، 3) إعداد الطفل لحياة حرّة مسؤولة في مجتمع مدني متضامن، قائم على التلازم بين الوعي بالحقوق والالتزام بالواجبات، وتسوده قيم المساواة والتسامح…الخ.
ولتحقیق تلك الغایات قام كل من المقنن الجزائري والتونسي بصیاغة قوانین جدیدة وتعديل قوانين أخرى لتتماشى مع توجه المقنن الجديد لتكريس حماية الطفل بصورة فعالة من خلال تفعيل النصوص الواردة في مجلة حماية الطفل التونسية وقانون حماية الطفل الجزائري في مختلف المجالات.
المطلب الأول: المجال الاجتماعي
* الحقّ في الهوية: نصت المادة 07 من اتفاقیّة الأمم المتحدة لحقوق الطفل على أنه: “يسجل الطفل بعد ولادته فورا، ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له قدر الإمكان الحق في معرفة والديه وتلقى رعايتهما”، وهو ما یعبر عنه بالحق في الهوية التي ترتبط ارتباطا وثیقا بحقه في الحیاة. وقد نصت المادة 06 من قانون الجنسية الجزائري[13] على أنه: “يعتبر جزائريا الطفل المولود من أب جزائري أو أم جزائرية”، ونصت المادة 07 من نفس القانون على أنه: “يعتبر من الجنسية الجزائرية بالولادة في الجزائر: 1-الطفل المولود في الجزائر من أبوين مجهولين… 2 -الطفل المولود في الجزائر من أب مجهول وظهور اسم أمه فقط على شهادة ميلاده”. وحسب نص المادة 08 من اتفاقية حقوق الطفل فإن: ” الطفل لديه الحق في الحفاظ على الهوية والجنسية والاسم والعلاقات الأسرية على نحو يعترف به القانون دون تدخل غير شرعي. الطفل المحروم من عناصر هويته يحق له المساعدة من الدول الأطراف لاستعادة هويته”. ويقابلها نص المادة 26 من القانون المدني[14] التي تنص على أن: “حق الطفل في أن يعترف به في كل مكان و محمي من قبل القوانين الجزائرية”، وأيضا نص المادة 67 من قانون الحالة المدنية[15] التي تمكن الطفل حديث الولادة و الذي عثر عليه من حقه في الحصول على هوية، وضابط الحالة المدنية يعطي له أسماء والأخير يستعمل كلقب”.
وفي إطار الكفالة فإن المرسوم المؤرخ في 13 جانفي 1992 المتعلق بتغيير الاسم يعترف للشخص الذي تولى كفالة الطفل قانونيا على جعل الأسماء مطابقة، وتكلف المادة 64 من قانون الحالة المدنية ضابط الحالة المدنية بالإسناد بنفسه مجموعة من الأسماء إلى الأطفال المولودين من أبوين مجهولين والذين لم ينسب لهم المصرح أية أسماء، يتخذ آخر أسماء القائمة كلقب عائلي. وقبل إصدار هذا القانون كان من العرف تعيين هؤلاء الأطفال تحت كنيــة (SNP) (بدون لقب عائلي) وكذا تسجيلهم على هذا الشكل في سجلات الحالة المدنية. ويمنع الأمر رقم 76 – 7 بتاريخ 20 فيفري 1976 المتعلق بواجب اختيار لقب عائلي بالنسبة للأشخاص المجردين منه في مادته 10 ماسكي سجلات الحالة المدنية تدوين إشارة (SNP) أو أي إشارة من هذا الشبه عند تحرير نسخ طبقا الأصل لعقود الحالة المدنية. وحقيقة المادة 04 من قانون الحالة المدنية قد أتت بحل لمشكل إسناد اللقب العائلي للأطفال اللقطاء والأطفال من أبوين مجهولين ،فالمنشور الوزاري المشترك المؤرخ في 17 جانفي 1987 يطلب من ضابط الحالة المدنية بالسهر على أن يكون منح آخر الأسماء للذكر باتخاذه لقبا ويكون اسم ذكر، بما في ذلك الأطفال من الجنس الأنثوي، وهذا المنشور شأنه شأن المادة 64 إذ يعتني بحماية الطفل اللقيط أو مجهول الأبوين ويفضل إدراجه في المجتمع بدون تهميشه، لهؤلاء الأطفال الحق وكغيرهم من المواطنين الجزائريين يمكنهم طلب تغيير اللقب، إلى جانب ذلك فقد نصت المواد 61/77/79 من قانون الحالة المدنية على أنه يتم التصريح بالمواليد لدى ضباط الحالة المدنية خلال خمسة أيام من الولادة وإلا فرضت عقوبة حسب نص المادة 442 من قانون العقوبات.
وفي القانون التونسي أقر الفصل 5 من مجلة حماية الطفل هذا الحق وقد عزز ذلك بالقانون عدد 75 المؤرخ في28/10/1992 المتعلق بإسناد لقب عائلي للأطفال المهملين أو مجهولي النسب، والمنقح بالقانون عدد51 المؤرّخ في7/07/2003 [16]، حیث خولت الفقرة الأولى من الفصل3 مكرر للطفل المولود خارج إطار الزواج أو الأب أو الأم أو النیابة العمومیة رفع الأمر للمحكمة الابتدائیة المختصة الإسناد لقب لمجهول النسب، إلى جانب ذلك جرّم الفصل25 من قانون الحالة المدنیة عدم التصریح بالولادة في أجل10 أیّام من تاریخها.
* الحقّ في الصحة: هذا الحق كرسته المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 24 من اتفاقیّة حقوق الطفل التي تنص على أنه: ” تكفل الدول الأطراف إمكانية الوصول إلى الخدمات الطبية لجميع الأطفال مع التشديد على الوقاية والتثقيف الصحي والحد من وفيات الأطفال، وتشجيع التعاون الدولي لإعطاء اهتمام خاص لاحتياجات البلدان النامية. وكما أن الطفل الذي توفر له السلطات المختصة الحصول على الرعاية والحماية والعلاج البدني أو العقلي، لها الحق في توفير مراجعة طبية دورية للطفل”.
ويعترف التعديل الدستوري الجديد للجزائر[17] وحسب المادة 66 منه لكل مواطن الحق في الحماية والصحة والوقاية ومكافحة الأمراض الوبائية والمستوطنة، كما أن القانون 85 -05 كرس الحقوق والواجبات المتعلقـة بحمايـة الصحة وترقيتها[18]، وأولى اهتماما للرعاية الجسمية والمعنوية للإنسان.
ومنذ القرن الماضي اشتد حرص الدول على تطعيم الأطفال وتحصينهم من الأمراض المعدية، وقد أوجبت منظمة الصحة العالمية تلقيح الأطفال وتطعيمهم في سن مبكرة ضد بعض الأمراض دون مقابل[19].
ونصت المادة 3 من قانون حماية الطفل الجزائري على أنه” : يـتـمــتع كـل طـفل دون تـمــيــيــز يــرجع إلى الـلـون أو الجـنس أو الـلـغـة أو الـرأي أو الـعـجـز أو غـيـرهـا من أشـكـال الـتـمـيــيـز بـجـمـيع الحـقـوق الــتي تـنص عـلـيـهـا اتـفـاقـيـة حـقـوق الـطـفل وغـيـرهـا من الاتـفاقـيات الدولية ذات الـصلة المصـدق عـلـيهـا وتـلـك المنـصوص عـلـيهـا في الـقانون الوطني لاسيـمــا الحق في الحياة وفي الاسم وفي الجـنـســية وفي الأسـرة وفـي الـرعـاية الصحـية والمساواة والـتـربـية والـتـعلـيم والـثـقافة والـتـرفيه وفي احترام حياته الخاصة. يـتـمـتع الـطـفل المـعوق إضـافـة إلى الحـقـوق المذكورة في هذا الـقانـون بالحق في الـرعــاية والـعلاج والتــعــلـيم والتأهيل الذي يعــزز اسـتــقلالـيـته ويــيــســر مــشـاركـته الفعلية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
وفي القانون التونسي نص الفصل 2 من مجلة حماية الطفل على أنه: “تضمن هذه المجلة حق الطفل في التمتع بمختلف التدابير الوقائية، ذات الصبغة الاجتماعية والتعليمية والصحية وبغيرها من الأحكام والإجراءات الرامية إلى حمايته من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أو التقصير التي تؤول إلى إساءة المعاملة أو الاستغلال”.
* الحقّ في التعلیم: حسب نصوص المادتين 28 و29 من اتفاقية حقوق الطفل فإن الطفل لديه الحق في التعليم على أساس تكافؤ الفرص. التعليم الابتدائي إلزامي ومجاني للجميع. تنظيم مختلف أشكال التعليم العام والمهني الثانوي متاحة لجميع الأطفال. يتم الوصول إلى التعليم العالي بناء على قدرات كل طفل من خلال جميع السبل المناسبة مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والأولياء وتطوير شخصية الطفل.
وقد سعى المقنن الجزائري إلى رفع نسبة التعليم ومحو الجهل والأمية بإجبارية التعليم الأساسي ومجانيته من خلال نص المادة 65 من التعديل الدستوري الجزائري، التي تنص على أن: “الحق في التّعليم مضمون. التعليم العمومي مجاني حسب الشروط الّتي يحددها القانون. التعليم الأساسي إجباري. تنظّم الدولة المنظومة التعليمية الوطنية. تسهر الدولة على التساوي في الالتحاق بالتعليم والتكوين المهني”. وهذا الحق الدستوري أكده نص المادة 3 السالفة الذكر من قانون حماية الطفولة 15 – 12.
كما سعى المقنن التونسي إلى رفع نسبة التعليم بموجب القانون عدد 118 المؤرّخ في04/11/1958 الذي جاء بمجانیّة وعمومیّة التعلیم وتعزّز ذلك بالقانون عدد 65 المؤرّخ في28/07/1991 الذي أتى بإجباریّة التعلیم بالقانون التوجیهي للتربیة والتعلیم المؤرّخ في 23/07/2002 [20]والذي تضمّن في فصله الواحد والعشرین عقاباً جزائیاً للوليّ عند الامتناع دون عذر جائز عن تدریس منظوره قبل بلوغ سنّ السادسة عشر.
وقد عزز حماية الحق في التعليم نص الفصل 2 من مجلة حماية الطفولة السالف الذكر، وهو ما يؤكده أيضا نص الفصل 17 من نفس المجلة بقوله: ” يتمتع الطفل المعوق عقليا أو جسديا إضافة إلى الحقوق المعترف بها للطفولة بالحق في الرعاية والعلاج الطبي وعلى قدر من التعليم والتأهيل يعزز اعتماده على النفس وييسر مشاركته الفعلية في المجتمع”.
* منع استغلال الأطفال: اتخذت الدولة الجزائرية التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال، فنجدها مثلا ًقد صادقت على بروتوكولين اختياريين لاتفاقية حقوق الطفل وهما: 1 -المرسوم الرئاسي رقم 299 -06 المؤرخ بـ 2 سبتمبر 2006 يتضمن المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء و في المواد الإباحية المعتمد بنيويورك في 25 مايو 2000[21]. 2 -المرسوم الرئاسي رقم 300 -06 المؤرخ بـ 2 سبتمبر 2006 بشأن التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة، التي اعتمدت في نيويورك في 25 ماي 2000[22].
كما أن المادة 15 من قانون 21 أبريل 1990 المتضمن علاقات العمل قد حمت الأطفال من الاستغلال الاقتصادي، والحد الأدنى لسن التوظيف لا يجوز في أي حال أن يكون أقل من 16 عاماً. كما لا يمكن توظيف القاصر في عمل خطر غير صحي وضار بالصحة أو ضار بشخصيته. يجب أن تكون ظروف العمل للأطفال بما يتفق مع قدراتهم. لا يمكن توظيف طفل إلا على أساس رخصة صادرة عن الوصي القانوني له. العمال أقل من 19 سنة لا يمكن توظيفهم بالليل.
كما أشارت الفقرة 2 من المادة 2 من قانون حماية الطفل الجزائري إلى أن الطفل يكون في خطر إذا تم اسـتــغلاله جـنـسياً بمخـتــلف الأشـكـال من خلال اســتــغلاله لاســيــمــا في المـواد الإبــاحــيــة وفي الــبــغـاء وإشراكه في عروض جنسية ،وكذلك إذا تم استـغلاله اقـتـصـادياً لاسيـمـا بـتـشـغـيله أو تــكـلــيــفه بــعـمـل يـحــرمه من مــتــابـعــة دراســته أو يــكـون ضاراً بصحته أو بسلامته البدنية و/ أو المعنوية وكذلك وقوعه ضحـية نـزاعات مسـلحة وغـيرها من حالات الاضطراب وعدم الاستقرار ،وكذا استغلال الطفل اللاجئ.
وفي ظل القانون التونسي نص الفصل 18 من مجلة حماية الطفل على أنه: “يتمتع الطفل بكل ضمانات القانون الإنساني الدولي المنصوص عليها بالمعاهدات الدولية المصادق عليها بصفة قانونية ويمنع تشريك الأطفال في الحروب والنزاعات المسلحة”.
كما اقتضت مجلة الشغل التونسية[23] في الفصل53 منع تشغیل الأطفال دون سن16 عاماً، وهي تتفق مع الاتفاقیة رقم 138 لمنظمة العمل الدولیة، كما صادقت تونس على الاتفاقیّة عدد181 لمنظمة العمل الدولیة المتعلقة بأسوأ أشكال تشغیل الأطفال وتمت المصادقة عليها في 24/01/2000.
المطلب الثاني: المجال الجزائي
حسب نصوص المواد 19 و34 من اتفاقية حقوق الطفل تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير لحماية الأطفال من الإساءة الجسدية والعقلية والإهمال والاعتداء الجنسي والهجر والاستغلال. وهو ما جعل الدولة الجزائرية تتخذ التدابير القانونية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من جميع أشكال سوء المعاملة. كما حرص المقنن التونسي من خلال تنقیح المجلة الجزائیّة بموجب القانون عدد 93 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 على إرساء نظام قانوني یضمن الحمایة الجسدیة للطفل ویمنع سوء استغلاله واستعماله في بعض الجرائم، ورتب على ذلك عقوبات مشدّدة.
وتبرز هذه الحماية من خلال ما يلي:
* اختلاف العقاب في الجرائم الأخلاقیة باختلاف سن المجني علیه: تختلف العقوبة في الجرائم الأخلاقية باختلاف سن المجني عليه وبالنظر إلى بعض النصوص الواردة في قانون العقوبات الجزائري نجدها ترفع العقوبة كلما كان المجني عليه قاصراً سواء كان ذكراً أو أنثى، ويظهر ذلك جليا في نصوص المواد 334 وما يليها[24]، وغيرها من النصوص أيضا. وبذلك فإن قانون العقوبات الجزائري يعاقب ويدين التخلي عن الطفل وإهماله أو هتك عرضه واغتصابه، كما يحميه من زنا المحارم أو تحريضه على الفجور والدعارة[25]. وأكدت هذا المعنى المواد 6 و73 و86 و139 من قانون حماية الطفل.
وعلى غرار القانون الجزائري ،نجد أيضا القانون التونسي تختلف فيه العقوبة في الجرائم الأخلاقية باختلاف سن المجني عليه وبمضاعفة العقوبة في جرائم الدعارة على معنى القانون عدد93 لسنة 1995 المؤرخ في9 نوفمبر 1995[26] إذا كانت تستهدف قاصرا، والاعتداء بفعل الفاحشة على معنى الفصل228 فقرة2 من المجلّة الجزائیّة الذي رفع العقاب إلى12 عام إذا كان المجني علیه دون الثمانیة عشر عاماً كاملة، وفي جریمة المواقعة اقتضى الفصل 227 ثانیا أنّه یعاقب بالإعدام كل من واقع أنثى سنها دون العشرة أعوام كاملة، واعتبر نفس الفصل أنّ الرضا مفقود إذا كان سن المجني عليها دون 13 عاما كاملة ،كما اقتضى الفصل 233 من المجلة الجزائیة رفع العقاب من 3 أعوام إلى 5 أعوام إذا ارتكبت جریمة التحریض على الخنا ضد قاصر ،كما جرم الفصل234 من المجلة الجزائیة تحریض الشبان القاصرین على الفجور ،كما رفع الفصل132 من نفس المجلة العقاب إلى الضعف في جریمة تكوین عصابة ورفاق لارتكاب الاعتداء على الأشخاص أو الأملاك في صورة استخدام طفل أو عدة أطفال دون الثمانیة عشرة عام وجاء هذا الفصل متوافقا مع أحكام الفصل18 من مجلة حماية الطفل.
* حمایة الأطفال من الإهمال وسوء الاستغلال: تـكـفل الدولة الجزائرية حـق الطفل في الحـماية من كافة أشـكال الضـرر أو الإهـمال أو العـنف أو سوء المعامـلة أو الاستغلال أو الإساءة الـبـدنية أو المعنوية أو الجـنـسية، وتــتخـذ من أجل ذلك كل الـتـدابـيـر المناسـبة لـوقايـته وتـوفـيـر الـشـروط اللازمة لـنـمـوه ورعايـته والحفاظ على حياته وتـنشـئته تـنشـئة سـليـمة وآمـنة في بـيئة صحـية وصالحة وحـماية حقـوقه في حالات الطوارئ والكوارث والحروب والنزاعات المسلحة. كما تسهر الـدولة عـلى ألا تضر المعلـومة الـتي تـوجه للطفل بمختلف الوسائل بتوازنه البدني والفكري وهو ما تضمنته المادة 6 من قانون حماية الطفل.
كما نصت الفقرة 2 من المادة 2 من نفس القانون على أن الطفل يكون في خطر إذا تعرض للإهمال والتشرد أو تعرض الاسـتــغلال الجـنـسي بمخـتــلف أشـكـاله من خلال اســتــغلاله لاســيــمــا في المـواد الإبــاحــيــة وفي الــبــغـاء وإشراكه في عروض جنسية أو استـغلاله اقـتـصـاديا لاسيـمـا بـتـشـغـيله أو تــكـلــيــفه بــعـمـل يـحــرمه من مــتــابـعــة دراســته أو يــكـون ضارا بصحته أو بسلامته البدنية والمعنوية أو استغلاله في النـزاعات المسـلحة وغـيرها من حالات الاضطراب وعدم الاستقرار، أو استغلال الطفل اللاجئ، ويؤكد هذا المعنى نص المادة 139 من نفس القانون، بقولها: “يــعــاقب بــالحــبس من ســنـة إلى ثلاث سنـوات وبغـرامة من 50.000 دج إلى 100.000 دج كل من يستغل الطفل اقتصاديا. تـضــاعف الـعـقــوبـة عـنـدمــا يـكـون الــفـاعل أحـد أصـول الطفل أو المسئول عن رعايته”.
وفي القانون التونسي تضمن الفصل 212 من المجلة الجزائیة النص على أنه: “يستوجب السجن مدة ثلاثة أعوام وخطية قدرها مائتا دينار من يعرض مباشرة أو بواسطة أو يترك مباشرة أو بواسطة بقصد الإهمال في مكان آهل بالناس طفلا لا طاقة له على حفظ نفسه أو عاجزا. ويكون العقاب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها مائتا دينار إذا كان المجرم أحد الوالدين أو من له سلطة على الطفل أو العاجز أو مؤتمنا على حراسته. ويضاعف العقاب في الصورتين السابقتين إذا حصل التعريض أو الترك في مكان غير آهل بالناس. والمحاولة موجبة للعقاب”.
كما نص الفصل 212 مكرر من نفس المجلة على أن: “الأب أو الأم أو غيرهما ممن تولى بصفة قانونية حضانة قاصر إذا تخلص من القيام بالواجبات المفروضة عليه إما بهجر منزل الأسرة لغير سبب جدي أو بإهمال شؤون القاصر أو بالتخلي عنه داخل مؤسسة صحية أو اجتماعية لغير فائدة وبدون ضرورة أو بتقصيره البيّن في رعاية مكفوله بحيث يكون قد تسبب أو أسهم في التسبب بصورة ملحوظة في إلحاق أضرار بدنية أو معنوية به يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها خمسمائة دينار”.
وقد نص الفصل 53 مكرر من مجلة الأحوال الشخصية على أن: ” كل من حكم عليه بالنفقة أو بجراية الطلاق فقضى عمدا شهرا دون دفع ما حكم عليه بأدائه يعاقب بالسجن مدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام وبخطية من مائة دينار إلى ألف دينار والأداء يوقف التتبعات أو المحاكمة أو تنفيذ العقاب. ويتولى صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق دفع مبالغ النفقة أو جراية الطلاق الصادرة بها أحكام باتة تعذر تنفيذها لفائدة المطلقات وأولادهن من المحكوم عليه بسبب تلدده وذلك وفقا للشروط المنصوص عليها بالقانون المحدث للصندوق. ويحل هذا الأخير محل المحكوم لهم في استخلاص المبالغ التي دفعها”.
كما نص الفصل 224 من المجلة الجزائیة على أنه: “يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينارا كل من اعتاد سوء معاملة طفل أو غيره من القاصرين الموضوعين تحت ولايته أو رقابته دون أن يمنع ذلك عند الاقتضاء من العقوبات الأكثر شدة المقرّرة للاعتداء بالعنف والضرب. ويعدّ من سوء المعاملة اعتياد منع الطعام أو العلاج. ويضاعف العقاب إذا نتج عن اعتياد سوء المعاملة سقوط بدني تجاوزت نسبته العشرين في المائة أو إذا حصل الفعل باستعمال سلاح. ويكون العقاب بالسجن بقية العمر إذا نتج عن اعتياد سوء المعاملة موت”. وقد نص الفصل 171 ثالثا من المجلة الجزائية على أنه: “يعاقب بالسجن مدّة ستّة أشهر الإنسان الذي يوهم بنفسه سقوطا بدنيا أو قروحا بقصد الحصول على الصدقة. ويرفع العقاب إلى عام لمن يستخدم في التسول طفلا سنه أقل من ثمانية عشر عاما ويرفع العقاب إلى ضعفه إذا تم الاستخدام في شكل جماعي منظم”. ونص الفصل 18 من مجلة حماية الطفل على أنه: “يتمتع الطفل بكل ضمانات القانون الإنساني الدولي المنصوص عليها بالمعاهدات الدولية المصادق عليها بصفة قانونية ويمنع تشريك الأطفال في الحروب والنزاعات المسلحة”.
وهنا نجد أن كلا من القانونين الجزائري والتونسي قد جعلا إطارا قانونياً مهماً جداً لحماية الطفل في مختلف المجالات والظروف، وعلى الرغم من تعدد نصوص الحماية وتنوعها كما بيناه فيما تقدم، إلا أنه يبقى هناك العدید من الأطفال الذين يعيشون في ظروف شخصیة أو اجتماعیة فيها خطورة وتهديد على وضعهم تستوجب حمایتهم من خلال تفعيل آليات الحماية على أرض الواقع وتخطي جمود النصوص.
المبحث الثاني: آلیات حمایة الطفل من الخطر والتهديد
تعرضت الفقرة 2 من المادة 2 من قانون حماية الطفل الجزائري إلى تحديد المقصود من حالة الطفل في خطر مبينة حالات استغلاله بشتى الطرق ،فنصت على أن: “الطـفـل في خـطـر هو: الـطفــل الذي تـكون صـحته أو أخـلاقه أو تــــربــــيـــتـه أو أمـــنـه في خــــطــــر أو عـــرضــــة له أو تكون ظروفه المعـيشية أو سلوكه من شأنهما أن يعرضاه لـلـخـطـر المحـتـمـل أو المـضـر بمـسـتـقـبــله أو يـكـون في بـيـئـة تعرض سلامته البدنية أو النفسية أو التربوية للخطر .تعتبر من بين الحالات التي تعرض الطفل للخطر: فقدان الطفل لوالديه وبقائه دون سند عائلي. تعريض الطفل للإهمال أو التشرد. المساس بحقه في التعليم. التسول بالطفل أو تعريضه للتسول. عـــجـــز الأبــــوين أو من يــــقـــوم بـــرعـــايـــة الــــطـــفل عن الـــتـــحــكـم في تــصـــرفـــاته الـــتي من شـــأنـــهــا أن تـــؤثـــر عــلى سلامته البدنية أو النفسية أو التربوية. الــــتـــــقــــصـــــيــــر الـــــبــــين والمـــتــــواصـل في الـــــتــــربـــــيــــة والرعاية. سوء معاملة الـطفل لاسيما بتـعريضه للتعذيب والاعــتـــداء عـــلى سـلامــتـه الـــبــدنـــيـــة أو احـــتـــجــازه أو مـــنع الـطـعـام عـنـه أو إتـيـان أي عـمل يـنـطـوي عـلى الـقـسـوة من شأنه التأثير على توازن الطفل العاطفي أو النفسي. إذا كان الطفل ضحية جريمة من ممثله الشرعي. إذا كـان الــطـفل ضـحـيـة جـريمة من أي شـخص آخـر اقتضت مصلحة الطفل حمايته. الاسـتــغلال الجـنـسي لـلطفل بمخـتــلف أشـكـاله من خلال اســتــغلاله لاســيــمــا في المـواد الإبــاحــيــة وفي الــبــغـاء وإشراكه في عروض جنسية. الاستـغلال الاقـتـصـادي لـلـطفـل لاسيـمـا بـتـشـغـيله أو تــكـلــيــفه بــعـمـل يـحــرمه من مــتــابـعــة دراســته أو يــكـون ضارا بصحته أو بسلامته البدنية و/ أو المعنوية. وقوع الـطفل ضحـية نـزاعات مسـلحة وغـيرها من حالات الاضطراب وعدم الاستقرار. الطفل اللاجئ”.
وفي القانون التونسي اعتبر الفصل 20 من مجلة حماية الطفل الحالات الصعبة التي تهدد صحة الطفل أو سلامته البدنیة أو المعنویة تتمحور حول فقدان الطفل لوالدیه وبقاءه دون سند عائلي أو تعریضه للإهمال والتشرید أو التقصیر البیّن والمتواصل في التربیة والرعایة أو اعتیاد سوء معاملته أو استغلاله ذكرا كان أو أنثى جنسیا أو استغلال الطفل في الإجرام المنظم على معنى الفصل 19 من هذه المجلة أو تعریضه للتسول أو استغلاله اقتصادیا أو عجز الأبوین أو من يسهر على رعایته عن الإحاطة والتربیة.
وأضاف الفصل21 من نفس المجلة أن المقصود بالإهمال تعریض تعريض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية للخطر سواء بتخلي الأبوين عنه بدون موجب، بمكان أو مؤسسة عمومية أو خاصة أو بهجر محل الأسرة لمدة طويلة ودون توفير المرافق اللازمة له أو رفض قبول الطفل من كلا الأبوين عند صدور قرار في الحضانة أو الامتناع عن مداواته والسهر على علاجه ،واعتبر الفصل22 من ذات المجلة أنه: “تعتبر من الوضعيات الموجبة للتدخل تشرد الطفل وبقاؤه بدون متابعة أو تكوين بسبب رفض المتعهد برعايته أو حضانته إلحاقه بإحدى المدارس ،مع مراعاة أحكام القانون المتعلّق بالنظام التربوي”.
ومن خلال هذه الوضعیات الموجبة للتدخل وحماية الطفل من الخطر والتهديد نجد أن كلا من المقنن الجزائري والتونسي قد أقرا آلیات للحماية الاجتماعیة والقضائیة للطفل من خلال وضع نصوص قانون حماية الطفل الجزائري ومجلة حمایة الطفل التونسية.
المطلب الأول: الحمایة الاجتماعیة
تقوم الحمایة الاجتماعیة للطفل الذي یعیش حالة صعبة ويكون في خطر لما تضمنه نص المادة 2 من قانون حماية الطفل الجزائري على اتخاذ جملة من الإجراءات التي تهدف إلى حماية هذا الأخير من الخطر الذي يهدده ،وإعادة بعث التوازن والاستقرار في حياته من جديد ،ولهذا الغرض تم استحداث هـيـئـة وطـنـيـة لحمايـة وترقيـة الطفـولة لدى الوزير الأول يرأسـها المفـوض الوطني لحـماية الـــطــفــولــة تــكــلف بــالــســهــر عــلى حــمــايــة وتــرقــيــة حــقــوق الــــطـــفـل تـــتـــمـــتـع بــالـــشــخــصــيـــة المعــنـــويــة والاســتــقلال المالي، وتـضع الدولـة تحت تصـرف هذه الهـيئـة كل الوسائل الـبشـرية والمـادية اللازمة للقيام بهامها ،وتحــدد شـروط وكيفــيـات تـنــظــيمها وسيرها عن طريق التنظيم طبقا لنص المادة 11 من قانون حماية الطفل.
يتم تــعيـين المــفـوض الـوطــني لحماية الطفولة بمــوجب مـرسـوم رئــاسي من بين الـشــخـصـيـات الــوطـنـيـة ذات الخبرة والمعروفة بالاهتمام بالطفولة وفق نص المادة 12 من نفس القانون، ويتـولى المفوض الوطني مهمة ترقية حقوق الطفل لاسيما من خلال وضع بـــرامج وطــنـــيــة ومــحـــلــيــة لحـــمــايــة وتـــرقــيــة حـــــقــــــوق الـــــطـــــفـل بالتـنســيـق مع مخـتلف الإدارات والمؤسـســات والـهـيــئـات الـعــمـومـيــة والأشـخـاص المكـلـفـة برعاية الطفولة وتقييمها الدوري، ومـــتــابــعـــة الأعــمـــال المبــاشـــرة مــيـــدانــيــا فـي مــجــال حماية الطفل والتنسيق بين مختلف المتدخلين، والقيام بكل عمل للتوعية والإعلام والاتصال ،كما يقوم بتــــشـــجـــيع الــــبـــحث والـــتــــعـــلـــيم فـي مـــجـــال حـــقـــوق الـطــفل بــهــدف فـهـم الأسـبــاب الاقــتـصــاديــة والاجــتـمــاعــيـة و/أو الـــثــــقـــافــــيـــة لإهــــمـــال الأطــــفـــال وإســــاءة مـــعــــامـــلــــتـــهم واستغلالهم وتطوير سياسات مناسبة لحمايتهم، بالإضافة إلى إبـــــداء الـــــرأي في القانون الـــــوطـــــني الـــــســــاري المفعول المتعلق بحقوق الطفل قصد تحسينه، وترقية مشـاركة هيئات المجتـمع المدني في متابعة وترقية حقوق الطفل ،وأخيراً وضع نـظام معـلوماتي وطـني حول وضعـية الطفل في الجزائر بالتنسيق مع الإدارات والهيئات المعنية حسب نص المادة 13 من نفس القانون .كما يقوم المفوض الوطني بـــزيــارة المـصــالح المكـــلــفــة بــحــمــايـــة الــطــفــولــة وتــقــديم أي اقتراح كفيل بتحسين سيرها أو تنظيمها وفق نص المادة 14 من ذات القانون.
يـساهم المفـوض الوطـني في إعـداد الـتقـارير المتعـلقـة بحـقـوق الطـفل التي تـقدمـها الدولة إلى الهيئات الدولية والجهوية المختصة طبقاً لنص المادة 19، كما يُــعــد تـــقــريــرا ســـنــويــا عن حـــالــة حــقــوق الـــطــفل ومــدى تـــنــفــيــذ اتــفـاقـيـة حـقـوق الــطـفل ويـرفـعه إلـى رئـيس الجـمـهـوريـة ويــتـم نـشــره وتــعــمــيــمه خلال الــثـلاثـة أشــهــر الموالــيـة لهذا التبليغ حسب ما تتضمنه المادة 20 من ذات القانون.
وعلى المـسـتــوى المحـلي تـتولى الحمـاية الاجتـماعية لـلأطفال مــصـالح الــوسط المـفــتـوح بـالــتـنــسـيق مع مــخــتـلـف الـهــيــئـات والمـؤســســات الـعــمــومـيــة والأشــخـاص المكلفين برعاية الطفولة ،وتـنشأ مصـالح الوسط المفـتوح بواقع مصـلحة واحدة بـــكـل ولايـــة غـــيـــر أنـه يمــكن فـي الـــولايـــات ذات الــــكـــثـــافـــة السكانية الكبيرة إنشاء عدة مصالح ،ويــــجـب أن تــــتــــشــــكـل مــــصــــالح الــــوسـط المـــفــــتــــوح [27]من مــــوظــــفـين مختـصين لاســــيــــمــــا مــــربين ومــــســــاعــــدين اجــــتـــمـــاعـــيين وأخـــصــــائـــيــين نـــفـــســـانــــيـين وأخـــصـــائـــيـين اجتماعيين وحقوقيين وذلك حسب نص المادة 21 من نفس القانون.
وفي تونس تقوم الحمایة الاجتماعیة للطفل الذي یعیش في حالة صعبة على معنى ما ورد في الفصول 20 و21 و22 من مجلة حماية الطفل على اتخاذ جملة من التدابیر الهادفة إلى إعادة توازنه، ولهذا الغرض تم استحداث مؤسسة مندوب حمایة الطفولة الذي أوكلت إليه هذه المهمة بعیداً عن السلطات الإداریة والقضائیة تجنبا للآثار الاجتماعیة السلبیة في حالة مثول الطفل أمامها ،فتم بذلك استحداث هذه الخطة الجدیدة بكل ولایات الجمهورية وفق أحكام الفصل28 من نفس المجلة ،وكلف بمهمة التدخل الوقائي في جمیع الحالات التي تشكل مساسا بصحة الطفل أو سلامته البدنیة أو المعنویة نتیجة الوسط الذي یعیش فیه ،وفي إطار ذلك متعه الفصل36 من المجلة بصفة مأمور الضابطة العدلیة بما یخول له الاستعانة بالقوة العامة في حالات الخطر الملم ،كما اقتضى الفصل118 من المجلة أنه یعاقب بخطیة بین 100 و200 دینار كل من یمنع مندوب حمایة الطفولة من القیام بمهامه أو یعرقل عمله وحسن سیر الأبحاث والتحقیقات بتعمد إخفاء حقیقة وضع الطفل ،ويعهد إلیه جمع الأدلة وإجراء التحقیقات وزیارة الطفل للوقوف على ظروفه الشخصیة والعائلیّة وتلقي الإشعار بحالات التهدید.
* واجب الإخطار أو الإشعار: يتم إـخـطاـر المفوض الوطني من كل طـفـل أو ممثـله الــشـرعي أو كل شـخـص طـبـيـعي أو معنوي حول المساس بحقوق الطفل حسب نص المادة 15 من قانون حماية الطفل، فيقوم المفوض الوطني بتـحـويل هذه الإخـــطــــارات إلى مصـلحـة الوسط المفـتوح المختـصة إقلـيميـا للتـحقيق فـيها واتـخـاذ الإجـراءات المـنـاسـبـة طـبـقـا لـلـكـيـفـيـات المـنـصوص عليها في هذا القانون ،ويـحول الإخطـارات التي يحـتمل أن تتـضمن وصفا جــزائـــيــا إلى وزيــر الـــعــدل حـافظ الأخــتـــام الــذي يــخــطــر الــنــائب الــعـام المخــتص قــصـد تحــريك الــدعـوى الــعــمـومــيـة عند الاقتضاء وفق نص المادة 16 من نفس القانون.
ويـجـب عـــــــــلـى الإدارات والمـؤســـــــــســــــــات العمـومية وكل الأشـخاص المكلـفين برعـاية الطفـولة تقديم كل التسهـيلات للمفوض الوطني وأن تضع تحت تصرفه المعـلـومات الـتي يـطلـبـهـا مع وجوب تـقـيده بـعـدم إفشـائـها للغير ،ولا يــطــبق هذا المنع على السلطة القضائية حسب نص المادة 17 ،كما أنه لا يمكن الاعـــــتـــــداد بـــــالـــــســـر المهـــــنـي في مواجهة المفوض الوطني ،وبالمقابل يــعــفى الأشـخــاص الــطــبـيــعــيــون والمعــنــويــون الـذين قـــدمـــوا مـــعـــلــــومـــات حـــول المســـاس بـــحـــقــــوق الـــطـــفل إلى المفوض الوطني والــذيـن تــصــرفـــوا بــحــسـن نــيــة من أي مـسـؤولـية إداريــة أو مـدنـيـة أو جزائـيـة حـتى لـو لم تؤد التحقيقات إلى أي نتيجة وفق نص المادة 18 من نفس القانون.
وعلى المستوى المحلي تــقــوم مــصــالح الــوسط المفــتــوح بمتــابــعـة وضعية الأطفال في خطر ومساعدة أسرهم ،وتـــخــطـــر هــذه المصـــالح من قـــبل الــطـــفل و/أو ممثــله الـــشــرعـي أو الــشـــرطـــة الـــقـــضـــائــيـــة أو الـــوالي أو رئـــيس المجـلس الـشـعـبي الـبلـدي أوكل جـمـعـيـة أو هيـئـة عـمـومـية أو خـاصـة تـنـشـط في مـجـال حـمـايـة الـطـفل أو المسـاعـدين الاجــتـــمــاعــيين أو المـربين أو المـعــلـــمــين أو الأطــبــاء أو كل شـــخـص طــبـــيـــعي أو مـــعـــنـــوي آخــر، بـــكل مـــا من شـــأنه أن يــــشـــكل خــــطـــرا عــــلى الــــطـــفل أو عــــلى صــــحـــته أو سـلامـــته البدنية أو المعنوية ،كما يمكنها أن تتدخل تلقائيا ،كما لا يمكـــنـــهـــا أن تـــرفض الـــتـــكـــفل بـــطـــفل يـــقـــيـم خــارج اخــتـصــاصــهــا الإقـلــيــمي غــيــر أنه يمــكـنــهــا في هــذه الحــالـة طلب مسـاعدة مـصلـحة مـكان إقـامة أو سكـن الطفل و/ أو تحويله إليها، ويـــجب عــــلى هـــذه المصـــالح عــــدم الـــكـــشـف عن هـــويـــة القائم بالإخطار إلا برضاه ،حسب ما تتضمنه المادة 22 من ذات القانون.
وفي تونس نجد كذلك أن الإقرار بواجب الإشعار في مجلة حماية الطفل یؤكد حرص المقنن على تحمیل المواطن مسؤولیة اجتماعیة مهمة من شأنها إنقاذ الطفل من وضع التهدید ،ویكون الإشعار موجهاً إلى مندوب حمایة الطفولة وهو محمول على جمیع الأشخاص الحاصل لهم العلم بحالات الانتهاك أو الإساءة حتى وإن كان الشخص خاضعا للسر المهني على غرار الأطباء والمربین وأعضاء العمل الاجتماعي بما تضمنه الفصل31 من مجلة حماية الطفل ،وتضمن أحكام الفصل34 من المجلة السرّیة للمخبر فضلا عن عدم المؤاخذة عند الإشعار وفق الفصل 33 من المجلة.
* صلاحیات المفوض الوطني لحماية الطفولة في الجزائر ومندوب حمایة الطفولة في تونس:
وتبرز هذه الصلاحيات في نوعین من التدابیر:
1- التدابير العاجلة : تتأكد مصالح الوسط المفتوح من الوجود الفعلي لحالة الخطر من خلال القيام بالأبحاث الاجتماعية والانتقال إلى مكان تواجد الطفل والاستماع إليه وإلى ممثله الشرعي حـول الـوقــائع مـحل الإخـطـار من أجل تحديد وضعيته واتخاذ التدابير المناسبة له ،وعند الضـرورة تنتقل مصالح الوسط المفتوح إلى مكان تواجد الطفل فورا، يمكن لمصالح الوسط المفتوح أن تطلب عند الاقتضاء تدخل النيابة أو قاضي الأحداث، حسب ما تضمنته المادة 23 من قانون حماية الطفل .كما أنه فــي حــــالات الخـطـــر الحـال أو في الحــالات الـتي يــسـتــحـيل مــعـهــا إبـقـاء الـــطــــفل فـي أســـرتـه لاســــيـــمــــا إذا كــــان ضــــحـــيــــة جــــريمة ارتكبها ممثله الشرعي يــجب أن تــرفع مــصــالح الــوسـط المفــتـوح الأمـــــر فــــوراً إلـى قـــــاضي الأحــــــداث المخـــــتـص ،وفق نص المادة 28 من نفس القانون.
وفي تونس مكنت مجلة حماية الطفل التونسية مندوب حماية الطفل من تدابير عاجلة كون في حالة وجود تهدید خطیر على غرار التشرّد والإهمال وفي هذه الحالة خول الفصل 45 من المجلة لمندوب حمایة الطفولة وضع الطفل مؤقتا بمؤسسة إعادة تأهيل أو بمركز استقبال أو بمؤسسة استشفائیة أو اجتماعیة أو تعلیمیة أو عائلة استقبال بناء على إذن قضائي عاجل یصدره قاضي الأسرة ویكون في حالة الخطر الملمّ الإذن القضائي لاحقا للتدبیر الاستعجالي وبمثابة الإقرار الحكمي للوسیلة العاجلة.
2- التدابير الاتفاقية : إذا تأكدت مصالح الوسط المفتوح من عدم وجود حالة الخطر تعلم الطفل وممثله الشرعي بذلك ،وإذا تـأكـدت من وجـود حـالـة الخـطــر تـتـصل بـالممـثل الـشـرعـي لـلـطــفل من أجل الـوصــول إلى اتـفـاق بــخـصـوص الــتــدبـيــر الأكــثــر ملائمــة لاحــتــيــاجــات الــطـفـل ووضــعـيــته الذي من شأنه إبعاد الخطر عنه، يــجـب إشــراك الـــطـــفل الــذي يـــبـــلغ من الـــعـــمــر ثلاث عـشـرة ســنـة عــلى الأقل في الــتـدبــيـر الــذي سـيــتـخـذ بشأنه، ويـــجب عــلـى مــصــالـح الــوسط المـفــتــوح إعـلام الــطــفـل الــذي يــبــلغ من الــعــمــر ثلاث عــشـرة ســنـة عــلى الأقل وممثله الشرعي بحقهما في رفض الاتفاق ،يـدون الاتــفـاق في مــحـضــر ويـوقع عــلـيه من جــمـيع الأطراف بعد تلاوته عليهم حسب نص المادة 24 من نفس القانون.
يـجب عـلى مـصـالح الـوسط المفـتـوح إبـقاء الــطــفل في أســرته مع اقــتــراح أحــد الــتــدابــيــر الاتــفــاقــيـة الآتية: 1- إلزام الأسـرة بـاتـخاذ الـتـدابيـر الـضروريـة المتفق عـلــيـهـا لإبــعـاد الخــطـر عن الــطـفل فـي الآجـال الـتـي تحـددهـا مصالح الوسط المفتوح .2-تــــــقــــــديم المســــــاعــــــدة الــــــضــــــروريــــــة لـلأســــــرة وذلك بالتنسيق مع الهيئات المكلفة بالحماية الاجتماعية .3- إخـطـار الـوالي أو رئـيس المجـلـس الـشعـبـي الـبـلدي المختصين أو أي هـــيــــئـــة اجــــتـــمـــاعــــيـــة مـن أجل الـــتــــكـــفل الاجتماعي بالطفل .4- اتخـاذ الاحتيـاطات الـضرورية لمـنع اتصـال الطفل مع أي شــخص يمكن أن يــهـدد صـحـتـه أو سلامـته الــبـدنـيـة أو المعنوية ،طبقا لنص المادة 25 من قانون حماية الطفل الجزائري.
وفي تونس یقوم المندوب في حالات التهدید البسیطة في تقدیره بإعمال التوعیة والتوجیه والمساعدة والمتابعة خلال 20 یوم وعند الوصول إلى اتفاق بإنهاء وضعیة التهدید یقوم بتدوین فحوى الاتفاق ویتلى على الأطراف بما في ذلك الطفل المهدد إذا تجاوز سنه 13 عاما ویتم إبقاء الطفل في محیطه العائلي مع منع الاتصال بكل أشكال التهدید على صحته أو سلامته البدنیة والمعنویة وفي صورة عدم الوصول إلى اتفاق أو نقض الاتفاق یرفع الأمر إلى قاضي الأسرة المختص بالنظر ترابیاً.
المطلب الثاني: الحمایة القضائیة
منح قانون حماية الطفل الجزائري مهمة اتخاذ التدابير القضائية اللازمة لحماية الطفل من الخطر إلى قـاضي الأحداث لمحل إقـامة الـطفل المعرض للخـطر أو مسكنه أو محل إقـامة أو مسكن ممثله الــشــرعي وكــذلك قــاضـي الأحــداث للمكان الــذي وجــد به الـطـفل فـي حـال عـدم وجـود هـؤلاء حسب المادة 32 منه.
وفي تونس أوكلت مجلة حماية الطفل لقاضي من الرتبة الثانیة یتمتع بالتجربة اتخاذ التدابیر القضائیة الكفیلة بإنقاذ الطفل من التهدید، وللغرض تم إحداث خطة قاضي الأسرة بموجب القانون عدد 74 المؤرّخ في 22 جویلیة 1993 المنقح للفصل 32 من مجلة الأحوال الشخصية، الذي اقتضى أن رئیس المحكمة یختار قاضي الأسرة من بین وكلائه.
* تدخل قاضي الأحداث )تعهد قاضي الأسرة(: يـختص قـاضي الأحداث لمحل إقـامة الـطفل المعرض للخـطر أو مسكنه أو محل إقـامة أو مسكن ممثله الــشــرعي وكــذلك قــاضـي الأحــداث لــلـمــكــان الــذي وجــد به الـطـفل فـي حـال عـدم وجـود هـؤلاء ،بـالـنـظـر في الـعـريـضـة الــتي تــرفع إلــيه من الــطــفل أو ممثــله الــشــرعي أو وكــيل الجـمـهــوريـة أو الـوالي أو رئـيس المجـلـس الـشـعـبي الـبـلـدي لمكــــان إقــــامـــــة الــــطـــــفل أو مـــــصــــالح الـــــوسط المفــــتــــوح أو الجـــمـــعــيـــات أو الـــهــيـــئــات الـــعـــمــومـــيـــة المهـــتـــمــة بـــشــؤون الطفولة ،كما يجوز له أن يتدخل تلقائيا، ويمكنه تلقي الإخطار المقدم من الطفل شفاهة حسب نص المادة 32 من قانون حماية الطفل الجزائري .ويقـوم قـاضي الأحـداث بـإعلام الـطـفل و/أو ممثــله الــشــرعـي بالــعــريــضــة المقــدمــة إلــيه فــورا ويــقــوم بسماع أقوالهمـا وتلقي آرائهما بالنسبة لوضعية الطفل ومستقبله، كما يجوز للطفل الاستعانة بمحام وفق نص المادة 33 من نفس القانون.
يـتــولى قـاضي الأحــداث دراسـة شـخــصـيـة الـطفـل لاسيـمـا بـواسطـة الـبـحث الاجـتمـاعي والـفـحوص الـطبيـة والعقـلية والـنفسـانيـة ومراقبـة السلـوك ،ويمكنه مـع ذلك إذا تــوفــرت لـــديه عــنــاصـــر كــافــيــة لـــلــتــقــديــر أن يـــصـــرف الـــنــظـــر عـن جــمـــيـع هــذه الـــتـــدابـــيـــر أو أن يـــأمــر ببعض منها ،ويــتـلـقـى هذا الأخير كـل المعـلــومـات والـتــقـاريـر المتعلقة بـوضعية الطفل وكذا تصريحات كل شخص يرى فــــائــــدة من ســــمــــاعه ولـه أن يــــســــتـــعين فـي ذلك بمصــــالح الوسط المفتوح حسب ما تتضمنه المادة 34 من ذات القانون.
يـجوز لـقـاضي الأحـداث أثـنـاء الـتـحـقيق أن يــتـخـذ بـشـأن الــطـفل وبموجب أمـر بــالحـراسـة المؤقـتـة أحد التدابير الآتية: 1-إبقاء الطفل في أسرته. 2- تـســلـيم الــطـفل لــوالـده أو لــوالـدتـه الـذي لا يمارس حق الحضانة عليه ،ما لم تكن قد سقطت عنه بحكم .3- تسليم الطفل إلى أحد أقاربه .4- تـــســـلــــيم الـــطــــفل إلى شـــخـص أو عـــائـــلــــة جـــديـــرين بالثقة .5- كــــمــــا يمـكـــنـه أن يــــكـــلـف مــــصـــالـح الــــوسط المـفــــتـــوح بملاحــظـة الــطــفل فـي وسـطـه الأسـري و/أو المــدرسي و/أو المهني ،حسب نص المادة 35 من قانون حماية الطفل .كما يمكـن لقــــاضي الأحـــــداث أن يــــأمـــــر بــــوضع الطفل بصفة مؤقتة في مركز متخصص في حماية الأطفال في خطر ،أو مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة، أو في مـركز أو مؤسسـة استشـفائيـة إذا كان الطفل في حاجة إلى تكفل صحي أو نفسي، وفق ما تضمنته المادة 36 من نفس القانون .على أنه لا يمكن أن تتجاوز مدة التدابير المؤقتة ستة أشهر ،كما يعلم قاضي الأحداث الطفل أو ممثله الشرعي بالتدابير المؤقتة المتخذة خلال 48 ساعة من صدورها بأية وسيلة ،حسب المادة 37 من ذات القانون.
وفي تونس يتعهد قاضي الأسرة إما بصفة تلقائیة أو بناء على طلب من قاضي الأطفال أو النیابة العمومیة أو مندوب حمایة الطفولة أو مصالح العمل الاجتماعي أو المؤسسات المعنیة بشؤون الطفولة، وله عند التعهد أن یأذن مندوب حمایة الطفولة بجمع المعلومات وإتمام الأبحاث حول سیرة الطفل وسلوكه أو عرضه على الفحص الطبي والنفساني وغیر ذلك من الأعمال والاختبارات التي يراها ضروریة حسب أحكام الفصل 55 من مجلة حماية الطفل التونسية.
* الحكم: بعد الانتهاء من التحقيق يــقــوم قــاضي الأحــداث بـإرسـال مـلف الـقــضـيـة إلى وكـيل الجـمـهـوريـة للاطلاع عليه، ويقـوم بـاسـتدعـاء الـطـفل وممثـله الـشـرعي والمحامي، وعـنــد الاقــتــضــاء بموجـب رسـالــة مــوصى عــلــيــهــا مع الــعـلم بالوصـول قبل 8 أيام عـلى الأقل من النظر في القضية حسب ما تقتضيه المادة 38 من قانون حماية الطفل. يــــــســـــمـع قـــــاضـي الأحـــــداث بمكــــــتـــــبـه كل الأطراف وكذا كل شخص يرى فائدة من سماعه، ويـــجـــوز لـه إعـــفـــاء الــطـــفـل من المثــول أمامه أو الأمر بـانسـحابه أثـناء كل المناقشـات أو بعـضها إذا اقتضت مصلحته ذلك حسب نص المادة 39 من نفس القانون.
ويمكن لقــاضي الأحـداث أن يتخذ بموجب أمـر أحـد التدابير الآتية: 1-إبقاء الطفل في أسرته. 2-تـســلـيم الــطـفل لــوالـده أو لــوالـدتـه الـذي لا يمارس الحضانة ما لم تكن قد سقطت عنه بحكم .3- تسليم الطفل إلى أحد أقاربه .4- تـــســـلــــيم الـــطــــفل إلى شـــخـص أو عـــائـــلــــة جـــديـــرين بالثقة ،ويـــجـــوز لـــقــــاضي الأحـــداث في جـــمـــيع الأحـــوال أن يكـلف مـصـالح الـوسط المفـتـوح بمتـابـعـة وملاحـظـة الـطفل وتـقـديم الحمـايـة لـه من خلال تـوفـيـر المسـاعـدة الـضـرورية لـتـربـيـته وتـكـوينـه ورعايـته مع وجـوب تـقـديمهـا تـقـريرا دوريا له حول تطور وضعية الطفل، وتحــــدد الــــشــــروط الــــواجب تــــوفــــرهــــا فـي الأشــــخـــاص والعائلات الجديرة بالثقة عن طريق التنظيم طبقا لنص المادة 40 من ذات القانون.
كما يـــجــوز لــقــاضي الأحـــداث أن يــأمــر بــوضع الطفل بمركز متخصص في حماية الأطفال في خطر أو بمصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة وفق ما تقتضيه المادة 41 من نفس القانون.
ويــجب أن تــكـون الــتــدابـيـر الــمــنـصـوص عــلـيـهــا في المادة 40 و41 مـن هـذا الــقـانــون مـقــررة لمدة سنتين قـابـلـة لـلـتـجـديـد ولا يمكن أن تـتـجـاوز في كل الأحوال تاريخ بلوغ الطفل سن الرشد الجزائي، غـير أنه يمكــن قاضي الأحـــداث عنـد الضــرورة أن يحدد الحماية المنصوص عليها فــي هــذه المادة إلــى غاية 21 سنـة بـنـاء عـلى طـلب من سـلم إليه الطفل أو من قبل المعني أو من تلقاء نفسه. ويمكن أن تنتـهي هذه الحـماية قـبل ذلك بموجب أمر من قاضي الأحداث المختـص بناء على طلـب المعني بمجرد أن يصبح هذا الأخير قادرا على التكفل بنفسه، ويـســتـفــيـد الــشـخص الــذي تـقـرر تــمـديــد حـمــايـته من الإعانات المنصوص عليها في المادة 44 من هذا القانون حسب ما تقتضيه المادة 42 من ذات القانون.
تـــــبــــلغ الأوامــــر المنــــصــــوص عــــلـــــيــــهــــا في المادة 40 و 41 من هذا القانـون بأية وسيـلة إلى الطفل وممثـــلـه الـــشـــرعي خـلال 48 ســـاعـــة من صدورها ،ولا قــــابـــلـــة لأي طــــريق من طـــرق الطعن حسب نص المادة 43 من نفس القانون .وعــنـد تــسـلــيم الــطـفل لــلـغــيــر أو وضـعه في أحـد المراكـز أو المصــالح المنـصـوص عـلـيـهـا في المادة 36 و41 مـن هــذا الـــقــانـــون يـــتــعـين عــلـى الملـــزم بــالـــنــفـــقــة أن يشارك في مصاريف التكفل به ما لم يثبت فقر حاله ،ويحـدد قاضي الأحـداث المبـلغ الشـهري لـلمشـاركة في هـذه المصـاريف بموجـب أمـر نـهـائي غـيـر قـابل لأي طـريق من طرق الطعن ،ويدفـع هذا المبـلغ شـهـريـا حـسب الحـالـة لـلـخـزيـنة أو للغير الذي يتولى رعاية الطفل ،وتـؤدى المنح الـعائـليـة التي تـعود لـلطـفل مبـاشرة من قــبل الـهــيـئــة الـتـي تـدفــعـهــا إمـا إلى الخــزيـنــة الـعــمـومــيـة وإما إلى الغير الذي سلم إليه الطفل ،وتحدد شروط وكيـفيات تطـبيق هذه المادة عن طريق التنظيم طبقا لنص المادة 44 من ذات القانون.
وفي تونس، بعد استكمال الأبحاث وجمع المعلومات یقر قاضي الأسرة إما التصریح بعدم وجاهة التعهد أو إحالة الملف على الجلسة الحكمیة وفي صورة الإحالة على الجلسة یتولى قاضي الأسرة سماع الأطراف ویتلقى ملاحظات النیابة العمومیة ومندوب حمایة الطفولة، ثم یختم المرحلة الحكمیة باتخاذ الوسائل التالیة مراعاة في ذلك لمصلحة الطفل الفضلى:
1-إبقاء الطفل بمحیطه العائلي وتكلیف المندوب بالمتابعة والمساعدة والتوجیه عند الاقتضاء.
2-إخضاع الطفل للمراقبة الطبیة أو النفسانیة.
3-وضع الطفل تحت نظام الكفالة وفق أحكام القانون عدد27 المؤرّخ في04/03/1958 [28] أو لدى عائلة استقبال بغایة الكفالة الفعلیة ،ویمكن أن یتحول إلى كفالة اتفاقیّة أو إلى تبني إذا رغبت عائلة الاستقبال في ذلك وفق أحكام القانون عدد47 المؤرّخ في 21/11/1967[29] ،وقد اقتضى الفصل66 مجلة حماية الطفل إعداد قائمات للعائلات والمؤسسات المؤهلة لكفالة الأطفال بقرار مشترك من الوزراء المكلفین بالشباب والطفولة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعیة ،ولقاضي الأسرة أیضاً وضع الطفل بمركز للتكوین والتعلیم.
وتجدر الإشارة إلى أن أحكام قاضي الأسرة تنفذ فوراً وفق أحكام الفصل 60 من نفس المجلة وبمجرد صدورها ولو على المسودة ولا تقبل الطعن بالاستئناف إلا في صورة وضع الطفل تحت نظام الكفالة أو لدى عائلة الاستقبال أو بإحدى المؤسسات التربویة.
* المتابعة والمراجعة: يمكن لقــاضي الأحــداث أن يـعــدل الــتــدبــيـر الــذي أمــر به أو الــعــدول عــنه بــنــاء عــلى طــلب الــطــفل أو ممثله الشرعي أو وكيل الجمهورية أو من تلقاء نفسه، ويبت قـاضي الأحداث فـي طلب مـراجعـة التدبـير في أجل لا يتجاوز شهرا واحدا من تقديمه له حسب نص المادة 45 من قانون حماية الطفل الجزائري.
وفي تونس، وتحقیقا لمصلحة الطفل الفضلى خول قاضي الأسرة بمتابعة تنفیذ الأحكام والتدابیر وذلك بالمراجعة بناء على مطلب یقدمه ولي أو حاضن أو كافل الطفل أو من الطفل الممیز نفسه حسب الفصل 63 من مجلة حماية الطفل ،ویقع البت في مطلب المراجعة في ظرف15 یوم الموالیة لتقدیمه وطبق إجراءات الجلسة الحكمیة المنصوص عليها بالفصل58 طبقا لما تضمنه الفصل 64 من نفس المجلة ،وله أن یقدر معین مساهمة الولي في الإنفاق على الطفل ویعلم الصندوق الاجتماعي عند الاقتضاء بوجوب صرف المنح العائلیة للكافل وفق نص الفصل67 من نفس المجلة، علما أن أحكام وقرارات المراجعة نهائية ولا تقبل الطعن بأي وجه حسب نص المادة 65 من نفس المجلة.
وبالتالي فإن حمایة الطفل من الخطر والتهديد سواء كان ذلك على الصعید القانوني (كما تم عرضه في المطلب الأول أعلاه) أو الاجتماعي من خلال تدخل المفوض الوطني لحماية الطفولة في الجزائر و مندوب حماية الطفولة في تونس أو على الصعید القضائي من خلال تدخل قاضي الأحداث في الجزائر وقاضي الأسرة في تونس (كما تم عرضه بالمطلب الثاني أعلاه) ساهمت في الحد من ظاهرة الخطورة والتهدید من خلال العمل على إيجاد الحلول الملائمة حالة بحالة دون الحیلولة من تحول بعض حالات التهدید إلى حالات جنوح تؤدي ببعض الأطفال إلى الانسیاق إلى الجریمة وانتهاك القانون الجزائي ومع ذلك یبقى الطفل الجانح متمتعا بحقه في الحمایة الجزائي.
الخاتمة:
بعد اطلاعنا على مجالات الحماية القانونية التي أقرها كل من القانون الجزائري والتونسي للطفل الذي يكون في حالة خطر أو تهديد بصورها المختلفة، بالإضافة إلى إبرازنا لدور القضاء في تفعيل هذه الحماية يتبين لنا أن الحماية القانونية المنشودة متوفرة نسبيا لكن تعتريها بعض النواقص والمعيقات.
فعلى الرغم من المجهودات الكبرى التي تبذلها كل من الجزائر وتونس سواء على المستوى القانوني أو المؤسساتي من أجل حماية الطفولة من الخطر والتهديد فإن هناك نسبة مهمة من الأطفال لا تزال تتعرض لكافة أشكال سوء المعاملة والممارسات المحطة بالكرامة الإنسانية من استغلال جنسي وعنف بدني ومعنوي واختطاف واستغلال اقتصادي وغيره، مما يؤكد وجوب تأكيد هذه الحماية من خلال الممارسة الفعلية وتطبيق آليات الحماية، للخروج من جمود النصوص إلى فاعليتها على أرض الواقع.
والاعتراف القانوني بوضعية الطفل الذي يكون في حالة خطر أو تهديد هو دليل قوي على الرغبة في الإصلاح لمواجهة الظاهرة التي أصبحت تشكل الموضوع الأكثر حساسية في المجتمع الجزائري والتونسي، ومن الثابت أن الاكتفاء بمجرد إقرار حقوق خاصة للطفل يعد بلا معنى ما لم تواكبها نصوص جزائية تعزز هذه الحماية وتؤكد تنفيذها وهو ما تأكد بالفعل في قانون الحماية الجزائري والتونسي.
كما أنه ولتجاوز النواقص والمعيقات التي تعرقل تفعيل حماية الطفل من الخطر والتهديد توصلنا إلى مجموعة من التوصيات تتمثل فيما يلي:
* ضرورة تدخل المقنن المتواصل لتجنب أماكن الخلل والقصور في نصوص الحماية القانونية لتجاوز الثغرات التي تكبح تفعيلها.
* تفعيل دور القضاء لضمان التطبيق الحسن لنصوص الحماية ضمانا لمصلحة الطفل الفضلى، وهذا إنما يكون بإعادة تكوين القضاة تكوينا يتلاءم مع طبيعة الطفل من مختلف النواحي البيولوجية والنفسية والاجتماعية ويختصون بميدان الأسرة عموماَ والطفولة خصوصاً.
* تدعيم جهاز القضاء بالموارد البشرية اللازمة لمثل هذه القضايا، خاصة المساعدون الاجتماعيون والأطباء النفسانيون لما لهذه الجهاز من أدوار هامة تمكن القاضي من اتخاذ القرار الملائم لحماية للطفل.
* تفعيل دور المجتمع المدني والمؤسسات المهتمة بالطفولة سواء كانت خاصة أو وطنية لتشكل دعما جوهريا للجهات الرسمية من خلال المساعدة في التبليغ عن الأطفال الذين يكونون في حالة خطر أو تهديد، ولنشر التوعية والتحسيس بخطورة الظاهرة.
قائمة المصادر والمراجع
أولاً- الكتب:
1- جمال نجمي، قانون حماية الطفل في الجزائر تحليل وتأصيل مادة بمادة، دار هومه، الجزائر، 2016.
2- العربي بختي، حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية والاتفاقيات الدولية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2013.
ثانياً- القوانين (مرتبة حسب تاريخ صدورها):
1- أمر علي بتاريخ 09 جويلية 1913 يتعلّق بإصدار المجلة الجنائية (معدل وفقا للقانون عدد46 لسنة 2005 المؤرخ في6 جوان 2005(، صادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ،عدد79 ،مؤرخ في أول أكتوبر3191 .
2- القانون عدد27 لعام 1958 المؤرّخ في 4 مارس 1958 المتعلّق بالولاية العمومية والكفالة والتبنّي.
3- مجلة الأحوال الشخصية التونسية )المنقح بالمرسوم عدد1 لسنة 1964 المؤرخ في20 فيفري 1964 المصادق عليه بالقانون عدد 1 لسنة 1964 المؤرخ في 21 أبريل1964 و بالقانون عدد32 لسنة2007 المؤرخ في14 ماي 2007م(.
4- قانون عدد 27 لسنة1966 مؤرخ في30 أبريل 1966 يتعلق بإصدار مجلة الشغل ،الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، عدد20 المؤرخ في3 و6 ماي 1966 ،)نقح بالقانون عدد62 لسنة1996 مؤرخ في15 جويلية 1996 (.
5- الأمر رقم 66 – 156 المؤرخ في 18 صفر 1386هـ الموافق ل08 يونيو 1966م المتضمن قانون العقوبات الجزائري المعدل والمتمم بالأمر 06 – 23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006م، وبالقانون رقم 09-01 المؤرخ في 25 فبراير 2009م وآخر تعديل له بالقانون رقم 11 – 14 المؤرخ في 02 غشت 2011م.
6- القانون عدد47 لسنة 1967المؤرّخ في 21 نوفمبر 1967 والمتعلق بوضع الأطفال لدى العائلات.
7- الأمر رقم 70- 20 المؤرخ في 13 ذي الحجة عام 1389 الموافق 19 فبرايـر سنة 1970 والمتعلق بالحالة المدنية القانـون المعدل والمتمم بالقانون رقم 14-08 مـؤرخ في 13 شوال عـام 1435 الموافق 9 غـشت سنة 2014 م (الجمهورية الجزائرية، الجريدة الرسمية، العدد 49، السنة 51 ،20 غشت 2014م).
8- الأمر رقم 70 – 86 المؤرخ في 17 شوال 1390هـ الموافق 15 ديسمبر 1970م المتضمن قانون الجنسية الجزائرية، المعدل والمتمم الأمر 05 – 01 المؤرخ في 27 فبراير 2005 م، الجريدة الرسمية، العدد 15.
9- الأمر رقم 75 – 58 المؤرخ في 20 رمضان 1395هـ الموافق 26 سبتمبر 1975م والمتضمن القانون المدني المعدل والمتمم بالقانون رقم 05 – 10 المؤرخ في 13 جمادى الأولى عام 1426هـ الموافق 20 يونيو 2005م (الجمهورية الجزائرية، الجريدة الرسمية، العدد 44، السنة 42 ،26 يونيو 2005م).
10- القانون رقم 85 – 05 لـ 16 فيفري 1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها، المعدل والمتمم بالقـانون 90- 17 المؤرخ في 31 جويلية 1990، منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، عدد 35 لسنة 1990. وتبعته تعديلات أخـرى مثـل المرسوم التنفيذي رقم 92 – 236 المؤرخ في 19 أكتوبر 1990 المبين لكيفية تطبيق المادة 201 من القـانون 85 – 05 وكذلك القانون رقم 98 – 09 المؤرخ في 19 أوت المعدل والمتمم للقانون 85 – 05.
11- المرســــوم الــــرئـــــاسي رقم 92 -461 المؤرخ في 24 جمادى الثانية عام 1413 الموافق 19 ديسمبر سنة 1992 المتضمن المصادقة على اتفاقية حقوق الطفل في الجزائر.
12- قانون عدد92 لسنة1995 مؤرخ في9 نوفمبر1995 يتعلق بإصدار مجلة حماية الطفل ،الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، عدد90 ، مؤرخ في10 نوفمبر 1995.
13- القانون عدد 75 لسنة 1998 المؤرخ في 28 أكتوبر 1998 المتعلّق بإسناد لقب عائلي للأطفال المهملين أو مجهولي النسب المنقح بالقانون عدد 51 لسنة 2003 المؤرخ في 7 جويلية 2003، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، الصادر بتاريخ 8 جويلية 2003.
14- القانون عدد 93 المؤرخ في 07 أوت 2001 والمتعلق بالطب الإنجابي التونسي (الجمهورية التونسية، الرائد الرسمي، العدد 63، 07 أوت 2001م).
15- قانون توجيهي عدد 80 لسنة 2002 المؤرخ في 23 جويلية 2002 يتعلق بالتربية والتعليم المدرسي، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الصادر بتاريخ 30 جويلية 2002.
16- قــانــون عدد 39 لسنة 2010 مؤرخ في 26 جويلية 2010 المتعلق بتوحيد سن الرشد المدني، الرائد الرسمي الجمهورية التونسية، الجمعة 18 شعبان 1431 – 30 جويلية 2010، السنة 153، العدد 61.
17- قانون رقم 15-12 مؤرخ في28 رمضان عام 1436 الموافق15 يوليو سنة 2015يتعلق بحماية الطفل ،الجريدة الرسمية للجمهوريّة الجزائريّة ،العدد39 ،السنة 52 ،3 شوال عام 1436 هـ – 19 يوليو سنة 2015 م.
18- القانون رقم 16 – 01 المؤرخ في 26 جمادى الأولى 1437هـ الموافق ل 6 مارس 2016 المتضمن التعديل الدستوري الجديد في الجزائر) الجريدة الرسمية، العدد 14، السنة 53، 2016م).
الهوامش:
[1] اتــفــاقــيــة حــقــوق الــطــفل الــتي وافــقت عـليها الجـمعية الـعامة للأمم المتـحدة بتاريــــخ 20 نوفـمبر 1989 تم المصــادقة عــلــيــهــا من قبل الجزائر مع تــصــريــحــات تفسيرية بموجب المرســــوم الــــرئـــــاسي رقم 92 -461 المؤرخ في 24 جمادى الثانية عام 1413 الموافق 19 ديسمبر سنة 1992.
[2] صادقت تونس على اتفاقية حقوق الطفل بتاريخ 3 يناير 1992 مع التحفظ على الديباجة والمواد (6-2-7).
[3] قانون رقم 15-12 مؤرخ في 28 رمضان عام 1436 الموافق 15 يوليو سنة 2015 يتعلق بحماية الطفل، الجريدة الرسمية للجمهوريّة الجزائريّة، العدد 39، 3 شوال عام 1436 هـ – 19 يوليو سنة 2015 م، السنة 52.
[4] قانون عدد92 لسنة1995 مؤرخ في9 نوفمبر1995 يتعلق بإصدار مجلة حماية الطفل، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، عدد 90، مؤرخ في10 نوفمبر 1995.
[5] قانون رقم 15-12 مؤرخ في28 رمضان عام 1436 الموافق15 يوليو سنة 2015يتعلق بحماية الطفل، الجريدة الرسمية للجمهوريّة الجزائريّة، العدد39 ،3 شوال عام 1436 هـ – 19 يوليو سنة 2015 م ،السنة 52، ص4.
[6] قانون عدد92 لسنة 1995 مؤرخ في9 نوفمبر1995 يتعلق بإصدار مجلة حماية الطفل، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، عدد90 ، مؤرخ في10 نوفمبر 1995 ،ص4.
[7] جمال نجمي، قانون حماية الطفل في الجزائر تحليل وتأصيل مادة بمادة، دار هومه، الجزائر، 2016، ص 24.
[8] قــانــون عدد 39 لسنة 2010 مؤرخ في 26 جويلية 2010 المتعلق بتوحيد سن الرشد المدني، الرائد الرسمي الجمهورية التونسية، الجمعة 18 شعبان 1431 – 30 جويلية 2010، السنة 153، عدد 61، ص2108. وقد نص على ما يلي: الفصـل 1 – تنقّح أحكام الفصلين 6 و7 من مجلة الالتزامات والعقود وذلك بتعويض عبارة “العشرين سنة كاملة” الواردة بالفصل 6 بعبارة “الثماني عشرة سنة كاملة” وبتعويض عبارة “عشرين سنة كاملة” الواردة بالفصل 7 بعبارة “ثماني عشرة سنة كاملة”. الفصـل 2 – تنقّح أحكام الفصول 153 و157 و178 من مجلة الأحوال الشخصية وذلك بتعويض عبارة “عشرون سنة كاملة” الواردة بالفصل 153 بعبارة “ثماني عشرة سنة كاملة” وبتعويض عبارة “العشرين عاما كاملة” الواردة بالفصل 157 بعبارة “الثمانية عشر عاما كاملة” وبتعويض عبارة “ثمانية عشر عاما” الواردة بالفصل 178 بعبارة ” ستة عشر عاما. الفصـل 3 – تنقّح أحكام الفصل 4 من القانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في 1 أوت 1957 المتعلق بالحالة المدنية وذلك بتعويض عبارة “20 سنة على الأقل” بعبارة “ثماني عشرة سنة على الأقل “. الفصـل 4 – تنقّح أحكام الفصلين 4 و12 من مجلة الجنسية وذلك بتعويض عبارة “عشرين عاما كاملة” الواردة بالفصل 4 بعبارة “ثمانية عشر عاما كاملة” وبتعويض عبارة “التاسعة عشرة” الواردة بالفصل 12 بعبارة “السابعة عشرة”. الفصـل 5 – تنقّح أحكام الفصل 3 من القانون عدد 75 لسنة 1998 المؤرخ في 28 أكتوبر 1998 المتعلق بإسناد لقب عائلي للأطفال المهملين أو مجهولي النسب المنقح والمتمم بالقانون عدد 51 لسنة 2003 المؤرخ في 7 جويلية 2003 وذلك بتعويض عبارة ” العشرين عاما” بعبارة “الثمانية عشر عاما”. الفصـل 6 – تحذف عبارة “وبترخيص من الولي” الواردة بالفقرة الثانية من الفصل 2 من القانون عدد 1 لسنة 2004 المؤرخ في 14 جانفي 2004 المتعلق بالخدمة الوطنية كما تحذف الفقرة الثانية من الفصل 29 من نفس القانون”. الفصـل 7 – تلغى أحكام الفصل 6 من المجلة التجارية. الفصـل 8 – لا ينسحب تخفيض سن الرشد إلى ثمانية عشر عاما على المواد الأخرى غير المنصوص عليها بهذا القانون. كما لا ينال من واجبي= =النفقة والإسكان المنصوص عليهما بالفصلين 46 و56 من مجلة الأحوال الشخصية. الفصـل 9 – لا تمس أحكام هذا القانون بالتصرفات القانونية التي سبق إبرامها ولا بالقرارات القضائية التي سبق إصدارها حول مصلحة مدنية إذا كانت مدة الآثار المترتبة عنها محددة بأجل بلوغ شخص سن الرشد عند إتمام العشرين سنة. الفصـل 10 – تحتسب الآجال المرتبطة ببلوغ شخص سن الرشد بداية من دخول هذا القانون حيز التنفيذ كلما كان من آثاره ترشيد ذلك الشخص بصورة فورية. ينشر هذا القانون بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية وينفّذ كقانون من قوانين الدولة.
[9] نص الفصل 5 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية (المنقح بالمرسوم عدد 1 لسنة1964 المؤرخ في20 فيفري1964 المصادق عليه بالقانون عدد 1 لسنة 1964 المؤرخ في 21 أبريل1964 و بالقانون عدد32 لسنة2007 المؤرخ في14 ماي 2007 ( على أنه : “…يجب أن يكون كلّ من الزوجين خلوا من الموانع الشرعية. وزيادة على ذلك فكل من لم يبلغ منهما ثمانية عشر سنة كاملة لا يمكنه أن يبرم عقد زواج. وإبرام عقد الزواج دون السن المقرّر يتوقف على إذن خاص من الحاكم. ولا يعطى الإذن المذكور إلا لأسباب خطيرة وللمصلحة الواضحة للزّوجين”.
[10] الأمر رقم 66 – 156 المؤرخ في 18 صفر 1386هـ الموافق ل 08 يونيو 1966م المتضمن قانون العقوبات الجزائري المعدل والمتمم بالأمر 06 – 23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006م، وبالقانون رقم 09-01 المؤرخ في 25 فبراير 2009م وآخر تعديل له بالقانون رقم 11 – 14 المؤرخ في 02 غشت 2011م.
[11] الفصل214 (نقح بالقانون عدد 24 لسنة1965 المؤرخ في غرة جويلية 1965 وبالمرسوم عدد 2 لسنة1973 المؤرخ في26 سبتمبر1973 المصادق عليه بالقانون عدد 53 لسنة 1973 المؤرخ في 19 نوفمبر1973 (: أمر علي بتاريخ 9 جويلية 1913 يتعلّق بإصدار المجلة الجنائية )معدل وفقا للقانون عدد46 لسنة 2005المؤرخ في6 جوان 2005(، صادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ،عدد79 ،مؤرخ في أول أكتوبر3191 ،ص46.
[12] القانون عدد 93 المؤرخ في 07 أوت 2001 والمتعلق بالطب الإنجابي التونسي (الجمهورية التونسية، الرائد الرسمي، العدد 63، 07 أوت 2001م).
[13] الأمر رقم 70 – 86 المؤرخ في 17 شوال 1390هـ الموافق 15 ديسمبر 1970م المتضمن قانون الجنسية الجزائرية، المعدل والمتمم الأمر 05 – 01 المؤرخ في 27 فبراير 2005 م، الجريدة الرسمية، العدد 15، ص15.
[14] القانون رقم 05 – 10 المؤرخ في 13 جمادى الأولى عام 1426هـ الموافق 20 يونيو 2005م المعدل والمتمم للأمر رقم 75 – 58 المؤرخ في 20 رمضان 1395هـ الموافق 26 سبتمبر 1975م والمتضمن القانون المدني المعدل والمتمم (الجمهورية الجزائرية، الجريدة الرسمية، العدد 44، السنة 42 ،26 يونيو 2005م).
[15] القانـون رقم 14-08 مـؤرخ في 13 شوال عـام 1435 الموافق 9 غـشت سنة 2014 م يعـدل ويتمم الأمر رقم 70-20 المؤرخ في 13 ذي الحجة عام 1389 الموافق 19 فبرايـر سنة 1970 والمتعلق بالحالة المدنية، (الجمهورية الجزائرية، الجريدة الرسمية، العدد 49، السنة 51، 20غشت 2014م). تنص المادة 76 منه على أنه” يتعين على كل شخص وجد مولودا حديثا أن يصرح به إلى ضابط الحالة المدنية التابع لمكان العثور عليه .وإذا لم تكن له رغبة بالتكفل بالطفل يجب عليه تسليمه إلى ضابط الحالة المدنية مع الألبسة والأمتعة الأخرى الموجودة معه.ويحرر محضر مفصل يبين فيه فضلا عن المعلومات عليها في المادة 30 من هذا الأمر تاريخ وساعة ومكان وظروف التقاط الطفل والسن الظاهري وجنس الطفل وأية علامة يمكن أن تسهل معرفته وكذا السلطة أو الشخص الذي عهد به إليه، ويسجل المحضر بهذا التاريخ في سجلات الحالة المدنية .ويعد ضابط الحالة المدنية بعد هذا المحضر عقدا منفصلا يكون بمثابة عقد الميلاد ويذكر في العقد بالإضافة إلى البيانات المنصوص عليها في المادة 30 من هذا الأمر جنس الطفل وكذا الأسماء واللقب المعطاة له كما يحدد فيه تاريخ ميلاد يطابق سنه الظاهري وتعين البلدية التي وجد فيها الطفل مكانا لولادته ،كما يجب إعداد عقد مماثل بناء على تصريحات مصالح الإسعاف العمومي بالنسبة للأطفال الموضوعين تحت وصايتها والمجردين من عقد ميلاد معروف أو الذين تفرض عليها سرية ولادتهم .تسلم نسخ وملخصات عن محاضر الالتقاط أو العقد المؤقت للميلاد ضمن الشروط وحسب التوضيحات المذكورة في المادة 65 من هذا الأمر .يبطل المحضر وعقد الميلاد المؤقت إذا عثر على عقد ميلاد الطفل أو إذا صرح بالولادة شرعا بناء على عريضة وكيل الدولة أو الأطراف المعنيين”.
[16] القانون عدد 75 لسنة 1998 المؤرخ في 28 أكتوبر 1998 المتعلّق بإسناد لقب عائلي للأطفال المهملين أو مجهولي النسب المنقح بالقانون عدد 51 لسنة 2003 المؤرخ في 7 جويلية 2003، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، الصادر بتاريخ 8 جويلية 2003، ص2، وينص الفصل 3 مكرر منه على أنه: “يمكن للمعني بالأمر أو للأب أو للأم أو للنيابة العمومية رفع الأمر إلى المحكمة الابتدائية المختصة لطلب إسناد لقب الأب إلى مجهول النسب الذي يثبت بالإقرار أو بشهادة الشهود أو بواسطة التحليل الجيني أنّ هذا الشخص هو أب ذلك الطفل. كما يمكن للمعني بالأمر أو للأب أو للأم أو للنيابة العمومية رفع الأمر إلى المحكمة الابتدائية المختصة لطلب عرض الأم على التحليل الجيني لإثبات أنها أم المعني بالأمر مجهول النسب”.
[17] القانون رقم 16 – 01 المؤرخ في 26 جمادى الأولى 1437هـ الموافق ل 6 مارس 2016 المتضمن التعديل الدستوري الجديد في الجزائر (الجريدة الرسمية، العدد 14، السنة 53، 2016م، ص14).
[18] القانون رقم 85 – 05 لـ 16 فيفري 1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها، المعدل والمتمم بالقـانون 90- 17 المؤرخ في 31 جويلية 1990 منشور في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، عدد 35 لسنة 1990. وتبعته تعديلات أخـرى مثـل المرسوم التنفيذي رقم 92 – 236 المؤرخ في 19 أكتوبر 1990 المبين لكيفية تطبيق المادة 201 من القـانون 85 – 05 وكذلك القانون رقم 98 – 09 المؤرخ في 19 أوت المعدل والمتمم للقانون 85 – 05.
[19] العربي بختي، حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية والاتفاقيات الدولية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2013، ص 62.
[20] قانون توجيهي عدد 80 لسنة 2002 المؤرخ في 23 جويلية 2002 يتعلق بالتربية والتعليم المدرسي، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الصادر بتاريخ 30 جويلية 2002، ص4، وينص الفصل 20 منه على أن: “التعليم الأساسي إجباري ما دام التلميذ قادرا علي مواصلة تعلمه بصفة طبيعية حسب التراتيب الجاري بها العمل. وتعمل المدرسة بالتعاون مع الأولياء على أن يكون الانقطاع عن الدراسة قبل نهاية التعليم الأساسي استثناء. ولا يجوز رفت أي تلميذ دون سن السادسة عشرة من عمره رفتا نهائيا من جميع المؤسسات التربوية العمومية إلا بمقرر صادر عن الوزير المكلف بالتربية، بعد إحالة التلميذ المعني بالأمر علي مجلس التربية من أجل ارتكاب خطأ فادح. ويضمن للتلميذ حق الدفاع عن مصالحه بنفسه أو عن طريق من ينوبه”. وينص الفصل 21 منه على أن: ” كل ولي يمتنع عن إلحاق منظوره بمؤسسات التعليم الأساسي أو يسحبه من التعليم دون سن السادسة عشرة رغم كونه قادرا على مواصلة تعلمه بصفة طبيعية حسب التراتيب الجاري بها العمل، يعرض نفسه إلى خطية من 20 إلى200 دينار وتصبح الخطية 400 دينار في صورة العود”.
[21] يعاقب بالسجن المؤبد كل شخص يستعمل العنف والتهديد والاحتيال أو أي وسيلة أخرى ،الاختطاف أو أي محاولة اختطاف قاصر دون الثامنة عشر سنة .أي شخص ارتكب جريمة اغتصاب قاصر دون سن الثامنة عشرة سنة يعاقب بالسجن من عشرة إلى عشرين سنة .يعاقب عليها بالسجن لمدة خمس إلى عشرة سنوات زائد غرامة ،لأي شخص مهما كانت الوسيلة ،أن يعرض قاصر دون الثامنة عشرة سنة الانخراط في أنشطة جنسية صريحة ،حقيقية أو بالمحاكاة ،أو تمثل الأعضاء الجنسية للطفل ،لأغراض جنسية من حيث المبدأ ،أو إنتاج وتوزيع ونشر واستيراد وتصدير وتوريد وبيع أو حيازة مواد إباحية تصور القصر.أي شخص يحرض، و يشجع أو يسهل الفجور أو الفساد لقاصر دون الثامنة عشرة سنة، حتى من حين إلى آخر يعاقب عليها بخمس سنوات سجنا و غرامة مالية تقدر ما بين 20.000 دج و 100.000 دج.
[22] الأطفال ضحايا الصدمات النفسية يتكفل بهم بشكل منتظم وعلى الفور بدعم من السلطات العمومية على المستويين الجسدي والنفسي بالمراكز المخصصة لهذا الغرض.
[23] قانون عدد 27 لسنة1966 مؤرخ في30 أبريل 1966 يتعلق بإصدار مجلة الشغل، الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، عدد20 المؤرخ في3 و6 ماي 1966، وقد نص في الفصل 53 منه (نقح بالقانون عدد62 لسنة1996 مؤرخ في15 جويلية 1996) على أنه: “لا يمكن تشغيل الأطفال الذين يقل سنهم عن ستة عشر عاما في جميع الأنشطة الخاضعة لهذه المجلة. مع مراعاة الأحكام الخاصة الواردة بنفس المجلة”.
[24] المادة 334: ” يعاقب بالحبس من خمس إلى عشر سنوات كل من ارتكب فعلا مخـلا بالحياء ضد قاصر لم يكمل السادسة عشرة ذكرا كان أو أنثى بغير عنف أو شرع في ذلك. ويعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات أحد الأصول الذي يرتكب فعلا مخلا بالحياء ضد قاصر ولو تجاوز السادسة عشرة من عمره ولم يصبح بعد راشدا بالزواج”. المادة 335: ” يعاقب بالسجن المؤقت مـن خمس إلى عشر سنوات كل من ارتكب فعلا مخلا بالحياء ضد إنسان ذكرا كان أو أنثى بغير عنف أو شرع في ذلك. وإذا وقعت الجريمة على قاصر لم يكمل السادسة عشرة يعاقب الجاني بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة”. المادة 336: “كل من ارتكب جناية هتك عرض يعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات. وإذا وقع هتك العرض ضد قاصرة لم تكمل السادسة عشرة فتكون العقوبة السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة”. المادة 337: “إذا كان الجـاني من أصول من وقع عليه الفعل المخل بالحياء أو هتـك العرض أو كان من فئة من لهم سلطة عليه أو كان من معلميه أو ممن يخدمونه بأجر أو كان خادما بأجر لدى الأشخاص المبينين أعلاه أو كان موظفا أو من رجال الدين أو إذا كان الجاني مهما كانت صفته قد استعان في ارتكاب الجناية بشخص أو أكثر فتكون العقوبة السجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 334 والسجن المؤبد في الحالتين المنصوص عليهما في المادتين 335 و336”. المادة 337 مكرر: “تعتبر من الفواحش بين ذوي المحارم العلاقات الجنسية التي ترتكب بين: 1- الأقارب من الفروع أو الأصول. 2- الإخوة والأخوات الأشقاء، من الأب أو الأم. 3- بين شخص وابن أحد إخوته أو أخواته من الأب أو الأم أو مع أحد فروعه. 4- الأم أو الأب والزوج أو الزوجة والأرمل أو أرملة ابنه أو مع أحد آخر من فروعه. 5- والد الزوج أو الزوجة أو زوج الأم أو زوجة الأب وفروع الزوج الآخر. 6- من أشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو لأخت. تكون العقوبة بالسجن من عشر إلى عشرين سنة في الحالتين 1 و2 وبالحبس من خمس إلى عشر سنوات في الحالات رقم 3 و4 و5 وبالسجن من سنتين إلى خمس سنوات في الحالة رقم 6. وفي جـميع الأحوال إذا ارتكبت الفاحشة من شخص راشد على شخص قاصـر يبلغ مـن العمر 18 عاما فإن العقوبة المفروضة على الراشد تفوق وجوبا العقوبـة المفروضـة على الشخص القاصر. ويتضمن الحكم المقضي به ضد الأب أو الأم فقدان حق الأبوة أو الـوصاية الشرعية”. المادة 338: كل من ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي على شخص من نـفـس جنسه يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة مـن 500 إلى 2.000 دينار. وإذا كان أحد الجناة قاصرا لم يكمل الثامنة عشرة فيجوز أن تزاد عقوبة البالغ إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات وإلى غرامة 10.000 دينار”.
[25] المادة 342: ” كل من حرض قصراً لم يكملوا التاسعة عشرة ذكورا أو إناثا على الفسـق أو فساد الأخلاق أو تشجيعهم عليه أو تسهيله لهم وكل من ارتكب ذلك بصفة عرضية بالنسـبة لقصر لم يكملوا السادسة عشرة يعاقب بالحبس من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة من 500 إلى 000.25 دج. ويعاقب على الشروع في ارتكاب الجنح المشار إليها في هذه المادة بالعقوبات ذاتها المنصوص عليها بالنسبة لتلك الجنح”.
[26] الفصل 227: “يعاقب بالإعدام: 1- كل من واقع أنثى غصبا باستعمال العنف أو السلاح أو التهديد به .2- كل من واقع أنثى سنها دون العشرة أعوام كاملة ولو بدون استعمال الوسائل المذكورة. ويعاقب بالسجن بقية العمر كل من واقع أنثى بدون رضاها في غير الصور المتقدّمة. ويعتبر الرضا مفقودا إذا كان سن المجني عليها دون الثلاثة عشر عاما كاملة”. الفصل227 مكرر: ” يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام كل من واقع أنثى بدون عنف سنها دون خمسة عشر عاما كاملة. وإذا كان سن المجني عليها فوق الخمسة عشر عاما ودون العشرين سنة كاملة فالعقاب يكون بالسجن مدة خمس أعوام. والمحاولة موجبة للعقاب…”. الفصل 228: ” يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام كل من اعتدى بفعل الفاحشة على شخص ذكرا كان أو أنثى بدون رضاه. ويرفع العقاب إلى اثني عشر عاما إذا كان المجني عليه دون الثمانية عشر عاما كاملة. ويكون العقاب بالسجن المؤبد إذا سبق أو صاحب الاعتداء بفعل الفاحشة في الصورة السابقة استعمال السلاح أو التهديد أو الاحتجاز أو نتج عنه جرح أو بتر عضو أو تشويه أو أي عمل آخر يجعل حياة المعتدى عليه في خطر”. الفصل228 مكرر: ” كل اعتداء بفعل الفاحشة بـدون قوة على طفل لم يبلغ من العمر ثمانية عشر عاما كاملة يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام. والمحاولة موجبة للعقاب”. الفصل 229: “ويكون العقاب ضعف المقدار المستوجب إذا كان الفاعلون للجرائم المشار إليها بالفصول227 مكرر و228 و228 مكرر من أصول المجني عليه من أي طبقة أو كانت لهم السلطة عليه أو كانوا معلميه أو خدمته أو أطباءه أو جراحيه أو أطباءه للأسنان أو كان الاعتداء بإعانة عدة أشخاص”. الفصل 233: “يكون العقاب بالسجن من ثلاثة أعوام إلى خمسة أعوام وبالخطية من خمسمائة دينار إلى ألف دينار في الصور الآتية: 1- إذا ارتكبت الجريمة ضد قاصر .2- إذا صاحب ارتكاب الجريمة إكراه أو تجاوز في السلطة أو تحيل .3- إذا كان مرتكب الجريمة حاملا لسلاح ظاهر أو خفي .4- إذا كان مرتكب الجريمة زوجا للمجني عليه أو أحد أسلافه أو وليه أو كانت له سلطة عليه أو كان خادما أجيرا أو معلما أو موظفا أو من أرباب الشعائر الدينية أو إذا استعان بشخص أو بعدة أشخاص”.
[27] مصالح الوسط المفتوح هي: مصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح حسب الفقرة 7 من المادة 2 من قانون حماية الطفل الجزائري.
[28] القانون عدد27 لعام 1958 المؤرّخ في 4 مارس 1958 المتعلّق بالولاية العمومية والكفالة والتبنّي.
[29] القانون عدد47 لسنة 1967المؤرّخ في 21 نوفمبر 1967 والمتعلق بوضع الأطفال لدى العائلات، وقد صدر قرار عن وزير الشؤون الاجتماعية بتاريخ 25 سبتمبر 1978 يتعلّق بضبط المكافآت الممنوحة للعائلات الحاضنة لأطفال في نطاق الإيداع العائلي. وهذا القرار نقح بقرار مؤرّخ في 5 أكتوبر 1983 (الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 65 بتاريخ 14 أكتوبر 1983، ص 2765) جاء ليوضح أنّ الإعانات النقدية تتركب من منحة يحدد مقدارها بـ 15 دينارا أو 30 دينارا أو 45 دينارا في الشهر، وذلك حسب الوضع الاجتماعي للأسرة. ويضبط مقدار المنحة بالنسبة لكل حالة بمقتضى قرار من وزير الشؤون الاجتماعية، وفي صورة ما إذا كان رئيس العائلة يتقاضى منافع عائلية عن الطفل المودع لديه، فانه يخصم من المنحة مبلغ يساوي مقدار هذه المنافع.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً