مدى نطاق قاعدة ألا تركة إلا بعد سداد الدين
هناك قاعدة معروفة في الفقه الإسلامي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين ، فهل تعني هذه القاعدة بأن ديون التركة لا تنتقل إلى الورثة كما تنتقل حقوقها ، وأن التركة لا تنتقل إلى الورثة إلا خالصة من الديون . هذا هو الرأي المشهور في الفقه الإسلامي، فإذا مات المورث عن دين في ذمته ، بقى الدين في التركة ولا ينتقل إلى ذمة الورثة.
ولكن ما دام دين التركة لا ينتقل إلى ذمة الوارث بعد موت المورث ، ففي ذمة من إذن يكون؟ هنا اختلفت المذاهب الفقهية وتضاربت فيها الروايات ، ويمكن تلخيص هذا الاختلاف في إيجاز.على أن اختلاف مذاهب الفقه الإسلامي ، في انتقال ديون التركة ، ليست له آثار عملية . فقد اتفقت هذه المذاهب علي أن دين الميت يستوفي مما يتركه الميت من أموال ، فتصبح تركة الميت هي المسئولة عن سداد ديونه .
والدين علي هذا النحو يتعلق بمالية التركة لا بذوات أعيانها ، إذ حق الدائن هو أن يستوفى الدين من مالية التركة لا من عين بالذات
هناك قاعدة معروفة في الفقه الإسلامي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين ، فهل تعني هذه القاعدة بأن ديون التركة لا تنتقل إلى الورثة كما تنتقل حقوقها ، وأن التركة لا تنتقل إلى الورثة إلا خالصة من الديون .
هذا هو الرأي المشهور في الفقه الإسلامي، فإذا مات المورث عن دين في ذمته ، بقى الدين في التركة ولا ينتقل إلى ذمة الورثة.
ولكن ما دام دين التركة لا ينتقل إلى ذمة الوارث بعد موت المورث ، ففي ذمة من إذن يكون؟ هنا اختلفت المذاهب الفقهية وتضاربت فيها الروايات ، ويمكن تلخيص هذا الاختلاف في إيجاز.على أن اختلاف مذاهب الفقه الإسلامي ، في انتقال ديون التركة ، ليست له آثار عملية .
فقد اتفقت هذه المذاهب علي أن دين الميت يستوفي مما يتركه الميت من أموال ، فتصبح تركة الميت هي المسئولة عن سداد ديونه . والدين علي هذا النحو يتعلق بمالية التركة لا بذوات أعيانها ، إذ حق الدائن هو أن يستوفى الدين من مالية التركة لا من عين بالذات
31 – هل تنتقل ديون التركة إلى الورثة أسوة بحقوقها
مدى نطاق القاعدة التي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين :
والآن نعرض لأهم مسألة تبرز بين مسائل انتقال التركة إلى الورثة، وإن كانت أهميتها أصبحت الآن أهمية نظرية بعد أن عالجها التقنين المدني الجديد وقانون الشهر العقاري علاجاً عملياً.
فهناك قاعدة معروفة في الفقه الإسلامي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين، فهل تعني هذه القاعدة بأن ديون التركة لا تنتقل إلى الورثة كما تنتقل حقوقها، وأن التركة لا تنتقل إلى الورثة إلا خالصة من الديون.
هذا هو الرأي المشهور في الفقه الإسلامي، فإذا مات المورث عن دين في ذمته، بقي الدين في التركة ولا ينتقل إلى ذمة الورثة ([1]). ويكون لدائني التركة أن ينفذوا حقوقهم على أموال التركة، حتى لو تصرف فيها الوارث كما سنرى. وليس لهم أن ينفذوا على أموال الوارث الشخصية، فالتركة وحدها هي المسئولة عن ديونها، ولا تختلط بأموال الوارث.
وهذا بخلاف القانون الفرنسي، فإن دين التركة فيه ينتقل إلى ذمة الوارث، ولدائني التركة أن ينفذوا على أموال الوارث الشخصية، إلا إذا رفض الوارث الميراث أو قبله بشرط التجنيب أو الجرد sous bénéfice d’inventaire ([2]).
الحقوق التي تترتب على التركة في الفقه الاسلامي
والحقوق التي تترتب على التركة في الفقه الإسلامي هي على الترتيب الآتي:
(أولاً) حق الميت في تجهيزه ودفنه.
(ثانياً) حقوق دائني التركة.
(ثالثاً) حقوق الموصي لهم فيما لا يجاوز ثلث التركة بعد سداد ديونها، إلا إذا أجازت الورثة ما يزيد على ذلك.
(رابعاً) حقوق الورثة، وتأتي بعد وفاء حق الميت وسداد ديون التركة وتنفيذ الوصايا.
ولكن ما دام دين التركة لا ينتقل إلى ذمة الوارث بعد موت المورث، ففي ذمة من إذن يكون؟ هنا اختلفت المذاهب الفقهية وتضاربت فيها الروايات، ويمكن تلخيص هذا الاختلاف في إيجاز على الوجه الآتي:
ذهب الحنفية والشافعية إلى أن:
الدين يبقى في ذمة الميت حتى بعد موته، فهم يفترضون بقاء الذمة قائمة بعد الموت، ولكن بشرط أن تتقوى بتركة أو بكفيل. وتقوية الذمة بتركة أو بكفيل معناه أن هناك ضماناً للدين يكفل سداده، وهذا الضمان إما أن يكون تركة الميت فهي مسئولة عن ديونه، أو كفيلاً يتركه الميت بدينه فيكون الكفيل هو المسئول عن سداد الدين . ومتى وجد هذا الضمان، أمكن افتراض بقاء ذمة المدين قائمة بعد موته، ففي هذا الافتراض فائدة هي بقاء الدين قائماً إلى أن يسدد إما من التركة أو من الكفيل.
أما إذا لم يترك الميت تركة أو كفيلاً بالدين، فلا سبيل إلى سداد الدين ولا فائدة من افتراض ذمة الميت قائمة تتحمل به ، ومن ثم تخرب الذمة ويسقط الدين . ولا شك في أن افتراض ذمة الميت قائمة بعد موته هو مجرد مجاز قانوني لا يطابق الحقيقة، فالواقع أن المدين إذا مات لم تعد له ذمة باقية، وليس افتراض قيام ذمته بعد موته إلا من قبيل الصنعة القانونية .
وذهب المالكية إلى أن
الذمة لا تبقى بعد الموت لأنها صفة من صفات الحيازة فتزول بزوالها، والدين يتعلق بالتركة نفسها لا بذمة الميت. فإذا مات المدين ولم يترك مالاً، سقط دينه لانعدام محله. والمالكية في هذا هم أيضاً قد لجأوا إلى الصنعة القانونية. ويمكن تفسير قولهم، في لغة القانون الحديث، بأحد تفسيرين.
فإما أن يقال إن التركة تصبح في هذه الحالة شخصاً معنوياً، يتعلق الدين بذمته ([3]).
وهذا القول يتعارض مع أحكام القانوني الوضعي في مصر، فقد عددت المادة 52 مدني الأشخاص المعنوية وليست التركة من بينها.
أو أن يقال إن تركة المورث تصبح ذمة مالية (patrimoine) مستقلة تضاف إلى ذمة الوارث الأصلية وتتميز عنها، فتتعدد ذمة الوارث المالية ([4]) ، وقد أقرت النظرية الحديثة في الذمة المالية تعدد الذمة كما بينا عند الكلام في هذا الموضوع في الجزء الثامن من الوسيط .
ولكن تعدد الذمة المالية للشخص الواحد لا يتنافى مع أن كلاً من هذه الذمم المالية المتعددة هو ذمة لهذا الشخص، فتكون تركة المورث، وهي ذمة مالية مضافة إلى ذمة الوارث الأصلية، هي ذمة مالية للوارث نفسه. ويكون مؤدى القول بأن دين الميت يتعلق بتركته أن هذا الدين يتعلق بإحدى ذمتي الوارث، فهو إذن يتعلق بذمة الوارث على كل حال. وهذا ما لم يرده المالكية، فهم قد قصدوا بجعلهم الدين يتعلق بالتركة أن يفصلوه عن ذمة الوارث بقدر ما قصدوا أن يفصلوه عن ذمة المورث.
أما الحنابلة ، فمنهم من ذهب مذهب الحنفية والشافعية فقال:
إن الدين يتعلق بذمة الميت على فرض بقائها قائمة بعد موته، ومنهم من ذهب مذهب المالكية فقال إن الدين يتعلق بالتركة نفسها لا بذمة الميت.
وهناك رأي ثالث في المذهب الحنبلي يذهب إلى أن:
الدين لا يتعلق بذمة الميت ولا يتعلق بالتركة، وإنما يتعلق بذمة الوارث ولكن في حدود ما يتركه الميت من أموال.
وهذا الرأي الأخير هو الذي نقف عنده، فهو أقرب إلى المعمول به في القانون الفرنسي إذا قبل الوارث الميراث بشرط الجرد أو التجنيب. وهو في الوقت ذاته أكثر انسجاماً مع المنطق الذي ساد الفقه الإسلامي في انتقال الحقوق إلى الورثة، فكما أن حقوق التركة تنتقل إلى ذمة الوارث بمجرد موت المورث عند الشافعية في المذهب الجديد وعند الحنابلة في أشهر الروايتين كما قدمنا، فمن العدالة والمنطق أن تنتقل أيضا ديون التركة إلى ذمة الوارث بمجرد موت المورث.
فإن الحقوق تقابلها الديون، فتنتقل الديون إلى ذمة الوارث في حدود ما انتقل إلى ذمته من الحقوق. وسنرى أن القانون الوضعي في مصر، في تنظيمه لحماية دائي التركة في كل من التقنين المدني وقانون الشهر العقاري، يتفق مع هذا الرأي الأخير في مذهب الحنابلة.
ومن ثم يكون انتقال التركة من المورث إلى الوارث، بمالها من حقوق وما عليها من ديون، وهي مسألة يجب أن تسري في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية كما قدمنا، يتفق فيها التقنين المدني مع الفقه الإسلامي في بعض مذاهبه.
على أن اختلاف مذاهب الفقه الإسلامي، في انتقال ديون التركة، ليست له آثار عملية.
فقد اتفقت هذه المذاهب على أن دين الميت يستوفي مما يتركه الميت من أموال، فتصبح تركة الميت هي المسئولة عن سداد ديونه. والدين على هذا النحو يتعلق بمالية التركة لا بذوات أعيانها، إذ حق الدائن هو أن يستوفى الدين من مالية التركة لا من عين بالذات ([5]).
[1] ^ وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن القول بأن الوارث مسئول عن دين مورثه بمقدار ما ورثه معناه اختلاط مال المورث ومال الوارث، وهو أمر غير معروف في القانون المصري ما دامت أعيان التركة موجودة ولم يحصل التصرف فيها، كما أن الشريعة الإسلامية كذلك لا تقر هذه النظرية. ولا تعترف الشريعة الإسلامية بانتقال شخصية المورث لوارثه، فمتى توفى المورث انتقلت جميع الالتزامات التي كانت بذمته إلى تركته لا إلى ورثته، فلا يعتبر الوارث إذن مسئولاً شخصياً عن ديون التركة (استئناف مصر 4 أبريل سنة 1939 المحاماة 19 رقم 492 ص 1261).
[2] ^ ومركز الوارث في الشريعة الإسلامية قريب من مركز الوارث بشرط التجنيب أو الجرد في القانون الفرنسي، فشخصية الوارث تبقى مستقلة عن شخصية المورث في الحالتين، وفي الحالتين أيضاً تتعلق ديون المورث بتركته لا بذمة ورثته. وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا قبل الوارث التركة بشرط الجرد في القانون الفرنسي، كانت شخصيته مستقلة عن شخصية المورث، ولا يصح أن يواجه بالتزام المورث عدم التعرض للمشتري إذا ادعى الاستحقاق لعين من الأعيان تصرف فيها مورثه للغير. وقد أخذ المشرع المصري في انتقال التركات بما يتقارب في هذا الخصوص مع ما يقرره القانون الفرنسي بشأن الوارث إذا قبل التركة بشرط الجرد، لأنه يعتبر شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث وأن ديون المورث إنما تتعلق بتركته لا بذمة ورثته.
وعلى ذلك فمتى تبين من وقائع الدعوى أن المورث كان قد تصرف في أطيان له للغير بمقتضى عقد بدل لم يسجل، ثم تصرف في ذات الأطيان بالبيع لأحد أولاده بعقد بيع مسجل، فأقام هذا الأخير بعد وفاة البائع دعوى على المتبادل معه بطلب تثبيت ملكيته إلى هذا القدر، فقضى برفض دعواه إتباعا لما هو مقرر في التشريع الفرنسي في شأن الوارث الذي يقبل التركة بغير تحفظ، فإن الحكم يكون قد خالف القانون (نقض مدني 26 ديسمبر سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 8 ص 960).
[3] ^ عبد الفتاح عبد الباقي في نظرية الحق سنة 1957 فقرة 39 .
[4] ^ حسن كيرة ص 37 – 38 .
[5] ^ على الخفيف في مدى تعلق الحقوق بالتركة في مجلة القانون والاقتصاد السنة الثانية عشرة ص 153 – ص 156 .
اترك تعليقاً