دراسة قانونية حول مكافأة الأجير وتعويضه وفقاً لمدونة الشغل

مكافأة الأجير في ظل قانون التعويض عن فقدان الشغل

مقال تحت عنوان:

من اعداد الطالب الباحث:

أيوب الهلالي
طالب باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية تطوان

مقدمة

لقد أعطت مدونة الشغل للأجير عند تعرضه للفصل التعسفي تعويضات عن الإخطار والفصل والضرر بموجب المادة 59 من مدونة الشغل، إلا أن هذه الأخيرة أضافت تعويض جديد سمته التعويض عن فقدان الشغل لكن إذا نظرنا إلى المادة 53 من نفس المدونة نجدها تنص في فقرتها الأخيرة يحق للأجير أن يستفيد أيضا وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل عن التعويض عن فقدان الشغل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية، فثار بشأن هاذين المادتين خلاف فقهي الأول يرى أن هذا التعويض ينضاف إلى التعويضات الثلاثية. وفريق الآخر يرى أن هذا التعويض إنما يقصد به التعويض عن الفصل لأسباب اقتصادية…

وما يزيد من حدة هذا النقاش المدونة بدورها لم تحدد كيفية احتسابه ولا طريقة التعامل معه. وأمام هذا الوضع كان لابد من المشرع بأن يتدخل لحسم هذا الخلاف وذلك بوضع قانون ينظم هذا النوع من التعويض تحت رقم 14/03[1].

ويعتبر التعويض عن فقدان الشغل أداة قانونية للتأمين ضد خطر فقدان الشغل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، فهو آلية لحماية الأجراء من احتمال فقدان الشغل بصفة غير إرادية خلال فترة معينة عن طريق تعويضهم مع إمكانية مساعدته على إيجاد منصب شغل مناسب.

وهكذا يبدو من الوهلة الأولى أن قانون رقم 03.14 يشكل بشرى للأجراء المغاربة في حمايتهم من الأخطار الاجتماعية، فهل فعلا استطاع المشرع المغربي توفير الحماية الكافية للاستفادة أكبر قدر ممكن من الأجراء فاقدي الشغل؟

هذا ما سنحاول تبيانه من خلال معرفة نطاق التعويض عن فقدان الشغل (الفقرة الأولى)، على أن نخصص (الفقرة الثانية) للحديث عن شروط الاستفادة من هذا التعويض ومقداره.

الفقرة الأولى : نطاق التعويض عن فقدان الشغل
يشمل التعويض عن فقدان الشغل كل أجير فقد شغله لأي سبب من الأسباب وبصفة لاإرادية، سواء في إطار التقليص من عدد الأجراء أو إنهاء نشاط المقاولة بصفة نهائية.

ويكون هذا التعويض عبارة عن تعويض نقدي خلال مدة 6 أشهر شريطة استفاء الأجير للشروط اللازمة لذلك – سنراها في الفقرة الموالية – هذا التعويض يحدد في 70% من الأجر الشهري المصرح به لفائدة الأجير خلال 36 شهرا الأخيرة التي تسبق تاريخ فقدان الشغل دون أن يتجاوز هذا المقدار الحد الأدنى القانوني للأجر.

وكل أجير غير مصرح به لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يستثنى من هذا التعويض.

كما استثنى المشرع المغربي بموجب الفصل 24 من القانون رقم 03.14 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، المستفيدين من راتب الزمانة أو الشيخوخة من الاستفادة من هذا التعويض[2].

ويستثنى كذلك من التعويض عن فقدان الشغل الأجراء الذين يفقدون عملهم لأسباب تأديبية، كالفصل التأديبي، أو لأسباب إرادية مرتبطة بالأجير المعني كالاستقالة، وكذلك الأجراء ذوو عقد محدد المدة.

فهؤلاء يستثنون من نظام التعويض عن فقدان الشغل لأن فقدانهم لعملهم كان إراديا، ولا يعقل في حالة الفصل التأديبي مكافأة الأجير المرتكب لخطأ جسيم بتعويض يؤمنه من خطر فقدان الشغل، وكذلك الأمر بالنسبة للأجير الذي يختار المغادرة[3].

بهذا يكون التعويض عن فقدان الشغل خاصا بفئة الأجراء الذين يفقدون عملهم لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية أو لأي سبب من الأسباب الخارجة عن إرادة الأجير.

فاذا كان هذا فيما يخص نطاق الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل، فماذا عن شروط الاستفادة منه ومقداره؟ هذا هو موضوع الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: شروط الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل ومقداره

خص المشرع المغربي بموجب قانون رقم 03.14 الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل بمجموعة من الشروط (أولا)، كما أن الاستفادة من هذا التعويض سيخول الأجير من مجموعة من الأداءات (ثانيا).

أولا : شروط الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل
حدد المشرع بمقتضى الفصل 46 مكرر من القانون رقم 03.14 مجموعة من الشروط الواجب توفرها في الأجير الذي فقد شغله حتى يستحق التعويض عن فقدان الشغل، حيث نص الفصل على أن :

«التعويض سيمنح للمؤمن له الذي استوفى الشروط التالية :

أن يكون قد فقد شغله بكيفية لاإرادية.
أن يثبت توفره على فترة التأمين بنظام الضمان الاجتماعي لا تقل عن 780 يوما خلال السنوات الثلاث السابقة لتاريخ فقدان الشغل، منها 260 يوما خلال الاثني عشر شهرا السابقة لهذا التاريخ ولا تدخل في احتساب هذه المدة الأيام المسجلة برسم التأمين الاختياري المنصوص عليه.
أن يكون مسجلا كطالب للشغل لدى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات.
أن يكون قادرا على العمل».
يثير هذا الفصل مجموعة من الملاحظات، إذ أن مقتضياته تحد من استفادة عدد كبير من الأجراء بل حتى المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سيواجهون بهذه الشروط التي نصفها بالشروط التعجيزية بما لهذه الكلمة من معنى، وهكذا يبدو أن المشرع كان جد حريص في تعامله مع موضوع التعويض عن فقدان الشغل وهو ما يتضح لنا بجلاء من خلال بنود الفصل أعلاه، بحيث نجد أن المشرع اشترط أن يثبت الأجير توفره على فترة تأمين بنظام الضمان الاجتماعي لا تقل عن 780 يوما خلال السنوات الثلاث السابقة لهذا التاريخ، وهذا شرط يصعب الوصول إليه من طرف عدد كبير من الأجراء في ظل تماطل أرباب العمل عن القيام بعملية التصريح.

علاوة على ذلك نجد المشرع اشترط لاستفادة الأجير من التعويض عن فقدان الشغل أن يكون «مسجلا» لدى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، وبذلك يكون قد استبعد الأجير غير المسجل بهذه الوكالة، مادام أنه اشترط التسجيل المسبق، مع العلم أن أغلب الأجراء من الناحية الواقعية يشتغلون دون اللجوء إلى مؤسسة الوساطة في التشغيل وإن لم نقل أن هناك من الأجراء لا علم له بهذه الوكالة.

زد على ذلك، نلاحظ أن شرط القدرة على العمل يطرح صعوبة من حيث معايير هذه القدرة.

وعليه يتبين أن المشرع رغم إقدامه على خطوة مهمة في إصداره لهذا القانون الذي كان ينتظره الأجراء المغاربة منذ عقود، إلا أنه جاء ناقصا ولا يوفر الحماية المرجوة منه، الأمر الذي يستوجب إعادة النظر في هذه الشروط وبالخصوص الشرط المتعلق بالمدة التي يجب أن يستوفيها الأجير المنخرط بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قصد الاستفادة من التعويض، كل ذلك لاستفادة عدد أكبر من الأجراء وتجنيبهم خطر البطالة وما لها من انعكاسات سلبية على وضعية الأجير الطرف الضعيف في علاقة الشغل.

بقي لنا أن نتساءل عن مقدار هذا التعويض، وهو موضوع النقطة الموالية.

ثانيا : مقدار التعويض عن فقدان الشغل
خول الفصل الأول من القانون رقم 03.14 المنظم للضمان الاجتماعي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مهمة أداء التعويض عن فقدان الشغل.

فبعد أن يستوفي الأجير الشروط السالفة الذكر، يتعين عليه إيداع طلبه بإحدى وكالات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خلال أجل لا يتعدى 60 يوما ابتداء من تاريخ فقدان الشغل، بحيث يضمن له الصندوق تعويضا يساوي 70% من متوسط الأجر المصرح به خلال 36 شهرا الأخيرة دون تجاوز الحد الأدنى للأجر المعمول به، يصرف لمدة أقصاها 6 أشهر ابتداء من اليوم الموالي لتاريخ الانقطاع عن العمل وفي حالة العثور على عمل جديد يتم توقيف التعويض.

وخلال استفادة الأجير من هذا التعويض يؤدي له الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كذلك التعويضات العائلية مدة استفادة الأجير من التعويض عن فقدان الشغل[4]، متى توفر في الأجير شروط الاستفادة من هذه التعويضات العائلية.

كما يمنح له الصندوق إعانة في حالة وفاة مؤمن له يستفيد من التعويض عن فقدان الشغل[5].

وقبل الانتهاء من هذا المحور لا يفوتنا أن نسلط بعض الملاحظات على أمل تفاديها، ويتعلق الأمر بفترة التعويض التي حدد المشرع أجل أقصى لها لا يمكن تجاوزها وهي 6 أشهر هذه المدة تبقى غير كافية لضمان حقوق الأجير الذي فقد عمله في ظل الواقع المعاش.

كما أن نسبة التعويض المحددة في 70% لا تراعي الفوارق بين ذوي الدخل الضعيف والمتوسط والمرتفع.

خـاتمــة :
يبقى هاجس كل من الفاعلين في ميدان الشغل وجميع الأطراف المعنية ونحن معهم هل تحقق هدف المشرع من خلال سنه لهذا القانون، بالحفاظ على المعادلة الثلاثية وهي حماية الأجير وحقوق المشغل وحماية الاقتصاد الوطني؟

صحيح أن المشرع قد أتى بقانون عمل من خلالها على حل الاشكاليات التي كانت تحيط بهذا النوع من التعويضات حتى يصبح بين يدي القاضي الاجتماعي مرجعا يمكنه من حل النوازل التي تطرح عليه.

إلا أنه لم يكفل للأجير جميع حقوقه بل جاء لتكرس حقوق أكثر لأصحاب المؤسسات وذلك بغية جلب الاستثمار للبلاد وخاصة الأجانب منهم، لكن لا يجب أن يتحقق ذلك على حساب الأجير.

ورغم الأهمية التي جاء بها القانون المتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل فهذا لا يعني أننا سنصفق له بحرارة وسننعته بصفة الكمال، فهذا الأخير لله تعالى وملاحظتنا لهذا القانون تتمثل فيما يلي :

فالفترة التي ينتقل من خلالها الأجير من وضعية مستقرة إلى بحث عن عمل محددة في ستة أشهر يمكن أن تطرح إشكال عما إذا كانت كافية لضمان حقوق الأجير، لذا نطالب المشرع بأن يتدخل لتمديد هذه الفترة إلى حدود سنة.

كما أن هذا القانون يتضمن شروطا صعبة التنزيل خاصة فيما يتعلق بعدد الأيام الفعلية والمحددة في 780 يوما خلال السنوات الثلاث السابقة لتاريخ فقدان الشغل، منها 260 يوما خلال 12 شهرا السابقة لهذا التاريخ. وهذا الشرط يصعب الوصول إليه من طرف مجموعة من الأجراء في ظل التلاعبات التي تطال عملية التصريح من قبل أرباب العمل. ومن هنا نطالب بالتخفيض من شرط 780 يوما من أجل تمكين عدد كبير من الأجراء فاقدي للشغل من الاستفادة بهذا القانون المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولا يصلون لعدد الأيام المحددة حاليا في هذا القانون، كما نطالب بتوعية الفئة العاملة في القطاع الخاص بإمكانية التسجيل نفسها بنفسها لدى الصندوق الوطني عند امتناع المشغلين القيام بذلك وذلك حتى يستفيدوا من هذا التعويض.

تم بحمد الله و شكره.

[1] – قانون رقم 14-03 القاضي بتغيير وتتميم الظهير بمثابة قانون رقم 1.72.184، الجريدة الرسمية عدد 6290 بتاريخ 15 ذو القعدة 1435هـ الموافق لـ 11 غشت 2014، ص: 6810.

[2] – جاء في الفصل 24 من قانون 03.14 ما يلي :

«لا يخول المستفيد من راتب زمانة أو شيخوخة الحق في التعويضات اليومية وفي التعويض عن فقدان الشغل».

[3] – أحمد العروسي : التعويض عن فقدان الشغل بالمغرب وحدود الحماية الاجتماعية للأجراء”، رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط، السنة الجامعية 2013 – 2014، ص: 73.

[4] – الفصل 40 من قانون 03.14.

[5] – الفصل 43 من قانون 03.14.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.