اختلف الفقه الإجرائي في تحديد ماهية المواعيد الاجرائية الى آراء وتعاريف متعددة منها: ان الميعاد هو عبارة عن الاجل الذي يحدده القانون لإجراء عمل من اعمال المرافعات خلاله أو قبل حلوله، أو هو الاجل الذي يحرم القانون اجراء العمل حتى ينقضي(1). ومن الآراء الأخرى بهذا الشأن ان الميعاد الاجرائي هو عبارة عن فترة من الزمن والتي يحددها القانون وذلك لاتخاذ الإجراء اما قبل بدئها أو خلالها أو بعد انقضائها(2).كذلك اعتبرت المواعيد الاجرائية بانها الفترة بين لحظتين: لحظة البدء ولحظة الانتهاء(3).اما عن الفائدة والاهمية التي تشكلها المواعيد في قانون المرافعات وعلى وجه التحديد في الإجراءات القضائية، في وقت تشكل مظهراً من مظاهر الشكلية في العمل القضائي وماينجم عن تلك الشكلية من قيود على حرية المتقاضين. فنشير بهذا الصدد، بان المواعيد في العمل القضائي وان كانت تمثل ضرباً من الشكلية الا ان اهمية هذه المواعيد تبدو من نواح عدة. فمن المواعيد ما يكون هدفها دفع الخصم الى القيام بعمل اجرائي معين وذلك حتى لاتبقى الخصومة مؤبدة الى ما لانهاية ومثالها ميعاد سقوط الخصومة، وبعض هذه المواعيد يرمي الى منح الخصم فترة زمنية كافية للقيام بعمل ما ومثالها ميعاد التبليغات وميعاد التكليف بالحضور(4).
كذلك فان هذه المواعيد تكفل حسن سير القضاء وضمان حرية الدفاع عن الخصوم والتي يقتضي حمايتهم من المفاجأة وتمكينهم من فرص لا عداد وسائل دفاعهم واتخاذ مايرون من اجراءات التقاضي في تروي، فضلاً عن ذلك كله فان المواعيد قد وجدت وذلك للتوفيق بين المبدأ الذي يقضي بضرورة تبسيط اجراءات التقاضي وسرعة الفصل في المنازعات رعاية للخصوم لكي تستقر مراكزهم القانونية(5).وإذا كان لارتباط الإجراءات القضائية بمواعيد محددة اثرها الواضح على انتظام سير تلك الإجراءات، الا ان مزايا تلك المواعيد رهن بحسن تقديرها، فيجب ان لاتكون المواعيد بالغة في الاطالة فيتراخى اداء العدالة، ويجب في نفس الوقت الا تكون بالغة في القصر، فتقوت فرص الاستعداد للدعوى ومايترتب على ذلك من آثار سلبية على المتقاضين(6).ويقسم الفقه الإجرائي مواعيد ومدد المرافعات الى نوعين رئيسيين : المواعيد الكاملة والمواعيد الناقصة. أما المواعيد أو المدد الكاملة فهي تلك التي يجب انهاؤها قبل مباشرة أي اجراء من المرافعات، اي يجب المباشرة بتلك الإجراءات بعد انتهاء هذه المواعيد مباشرة أو اعطاء وقت كاف بعد ذلك(7).
والأمثلة على المواعيد الكاملة عديدة، منها عدم جواز البدء في المرافعة الا بعد انقضاء مدة ثلاثة ايام على الاقل من تاريخ حصول التبليغ الا في الحالات المستعجلة، حيث يجوز للقاضي انقاص هذه المدة(8). وعلى وجه العموم تعد مواعيد الحضور من المواعيد الكاملة وذلك على اعتبار انه لايمكن اتخاذ اي اجراء الا بعد انقضاء ذلك الميعاد. أما النوع الثاني من المواعيد، فتسمى بالمواعيد الناقصة، وهي عبارة عن فترة زمنية يجب ان يتخذ الإجراء خلالها، وانه بانتهاء هذه المواعيد الممنوحة لايجوز بعد ذلك مباشرة اي اجراء لفوات الاوان بانقضاء المواعيد(9). والأمثلة على المواعيد الناقصة، مدد أو مواعيد الطعن، حيث ان لكل طريق من طرق الطعن مدة زمنية محددة، وبانتهاء مواعيد الطعن يسقط حق الشخص في التمسك بها، بمعنى انه يجب اجراء الطعن خلال هذه المدة، لان الطاعن لايستفيد من ميعاد الطعن كله(10).
نستنتج ان مواعيد التبليغات هي من قبيل المواعيد الكاملة، والتي تعني وجوب مرور تلك المدة بالكامل قبل اتخاذ اي اجراء من اجراءات المرافعة، فلا يجوز اتخاذ اي اجراء ضد الطرف الاخر خلال المدة المقررة لتبليغه، وانما يجب القيام بالإجراءات اللاحقة وذلك بعد انقضاء مدة التبليغ. تنبغي الإشارة انه يجب عدم الخلط ما بين المواعيد الاجرائية والتي ينظمها قانون المرافعات، وبين ما قد ينظمه القانون المدني من مواعيد، وعلى سبيل المثال مواعيد التقادم، إذ ان هناك فرقاً ما بين كلا الميعادين، فالميعاد الاجرائي هو الذي يتعلق بعمل اجرائي يتم وفق سلطة اجرائية والتي نشأت اثناء الخصومة أو بسببها، اما ميعاد التقادم فهو الذي يتعلق بالحق في الدعوى، في حين ان ميعاد التقادم يهدف الى تأكيد مركز واقعي أو قانوني يتعلق بالقانون الموضوعي، فان المواعيد الاجرائية تهدف الى وظيفة متعلقة باداء الخصومة لهدفها(11).والمواعيد التي نص عليها قانون المرافعات عديدة ومتنوعة، ومايهمنا هنا تلك التي تتعلق بالتبليغات القضائية، حيث عالج المشرع هذه المواعيد وبين كيفية احتسابها ومدى امكانية امتدادها.
________________________________________
1- محمد العشماوي، د. عبد الوهاب العشماوي، مصدر سابق، ص 734.
2- د. محمود محمد هاشم، مصدر سابق، ص 166.
3- د. فتحي والي، الوسيط، مصدر سابق، ص 363/ د. عبد المنعم الشرقاوي، د. فتحي والي، مصدر سابق، ص 53.
وتجدر الإشارة ان المشرع العراقي في قانون المرافعات غالباً ما يستخدم كلمة “المدد” وذلك للدلالة على الفترة الزمنية لاتخاذ اجراء قضائي معين، في حين ان المشرع المصري والأردني يستخدمان كلمة “الميعاد أو المواعيد” للدلالة على ذلك، اما المشرع اللبناني فيستخدم كلمة “المهل” للدلالة على ذلك.
ونرى ان المصطلح الذي استخدمه المشرع المصري اعم من باقي المصطلحات، حيث ان الميعاد يفيد الوقت المحدد لا مر ما، هذا الشيء الذي قد لا يكون دقيقاً تماماً مع المصطلحات الأخرى.
وبالرجوع الى المدلول اللغوي لكلمة (المدّة) أو ما يرادفها، نرى ان (مدّه) فامتد من باب رد و(المادّة) الزيادة المتصلة. و(مدّ) الله في عمره و(مدّه) في غيه أي امهله وطول له و(المدّ) السيل يقال: (مدّ) النهر ومده شهر آخر ويقال: مَدْر (مدّ) البصر أي مدى البصر، ورجل (مديد) القامة أي طويل القامة. و(تمدّد) الرجل تمضّى. و(المد) مكيال، و(مدّة) من الزمان برهة منه، و(المُدة) بالضم اسم ما استمددت به من المداد. راجع: الرازي، مصدر سابق، ص 618.
أما (المَهَل) بفتحتين النؤده و(أمهله) أنظره. و(مهّله تمهيلاً) والاسم (المهلة) و (الاستمهال) الاستنظار. راجع: الرازي، المصدر أعلاه، ص 638.
4- حسني مصطفى، مصدر سابق، ص7.
5- عبد الرحمن العلام، مصدر سابق، ص281. أستاذنا د. عباس العبودي، شرح أحكام المرافعات، مصدر سابق، ص159.
6- د. أحمد مسلم، أصول المرافعات، مصدر سابق، ص442.
7- د. وجدي راغب، مصدر سابق، ص 43/ د. ممدوح عبد الكريم، مصدر سابق، ص 320.
8- راجع المادة (22) مرافعات عراقي.
9- د. احمد ابو الوفا، التعليق على نصوص قانون المرافعات، مصدر سابق، ص 147/ د. محمود محمد هاشم، مصدر سابق، ص 167/ د. احمد هندي، مصدر سابق، ص 264.
10- راجع المادة (171) مرافعات عراقي.
11- د. عبد المنعم الشرقاوي، د. فتحي والي، مصدر سابق، ص 53/ عبد الرحمن العلام، مصدر سابق، ص283.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً