تعيين القضاة
وهذا النظام يتبع في غالبية الدول ومنها فرنسا وألمانيا والعراق(1). ومصر ولهذا النظام مزايا ومساوئ نعرض لذكرها تباعاً .
أولاً . المزايـا
1.القضاء مرفق من مرافق الدولة العامة وتقوم الدولة بتعيين القضاة كما تعين باقي المواطنين في الوظائف .
2.إن الأحكام التي تصدر عن جهة القضاء تصدر باسم الشعب ، والدولة متمثلة برئيسها هي ممثلة الشعب ومن ثمّ هي أصلح من يعين القضاة .
ثانياً . المسـاوئ
1.إن هذا النظام يؤدي إلى المساس بمبدأ الفصل بين السلطات من حيث خضوع السلطة القضائية إلى السلطة التنفيذية .
2.خضوع القضاة إلى الحكومة التي عينتهم(2).
3.في هذا النظام يكون التعيين تبعاً للأهواء الشخصية والحزبية وعدم اختيار الأصلح(3).
ويرد على هذا المساوئ بأن مبدأ الفصل بين السلطات ليس مطلقاً وأن الخوف من سيطرة الحكومة على القضاة التي عينتهم ، يدفعه أن سلطة الحكومة ليست مطلقة بل أنها مقيدة بالشروط الموضوعية التي يضعها المشرع فيمن يعين قاضياً والتي يجب عليها الالتزام بها (4). ففي العراق يعين القاضي من قبل رئيس الجمهورية بمرسوم جمهوري (مادة 37-أولا ) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 بعد توافر شروط التعيين التي نصت عليها المادة 36 من القانون نفسه (5). وفي مصر يتناول قانون السلطة القضائية طريقة التعيين ، بعد أن عددت الشروط الواجب توافرها في القاضي ، إذ إن التعيين يكون بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى إذا تعلق الأمر بتعيين رؤسـاء محاكم الاستئناف ونوابها ومستشاريها والرؤساء بالمحاكم الابتدائية و القضاة(6). وينص قانون السلطة القضائية أن على القاضي أن يحلف يميناً بأن يحكم بين الناس بالعدل وأن يحترم القوانين(7).وتشير بعض التشريعات الى أن تقوم السلطة التنفيذية باختيار القضاة من بين الأشخاص الذين ترشحهم لها الهيئات القضائية(8). وهي الطريقة المتبعة في بلجيكا ، ومنها التي يكون التعيين فيها عن طريق السلطة التنفيذية مع اشتراط شروط دقيقة لضمان اختيار الأصلح والأكفأ ، وتأخذ به كل من فرنسا ومصر وليبيا(9).
__________________
– ضياء شيت خطاب ، المصدر السابق ، ص47 .
2- د. فتحي والي ، المصدر السابق ، ص160 .
3- د. عبد العزيز عامر ، شرح قانون المرافعات الليبي ، مكتبة غريب ، ص22 .
4- د. أمينة النمر ، المصدر السابق ، ص97 و د. فتحي والي ، الوسيط في قانون القضاء المدني 1987 ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، ص157 .
5- لمزيد من التفصيل: راجع الشروط القانونية لاختيار القضاة التي ذكرناها في المبحث الثالث من الفصل التمهيدي، ص 34 .
6- المادة 38 الفقرة 2 من قانون السلطة القضائية المصري رقم 46 لسنة 1972 .
7- المادة 71 الفقرة 2 من قانون السلطة القضائية المصري رقم 46 لسنة 1972 .
8- موريل ، رقم 125 ، عن د. أحمد أبو الوفا ، المصدر السابق ، ص100 .
9- د. عبد العزيز عامر ، المصدر السابق ، ص23 ، إذ تعالج المادة 45 و 46 من قانون نظام القضاء الليبي مسألة تعيين رجال القضاء وتوكله إلى السلطة التنفيذية مع ضرورة موافقة مجلس القضاء الأعلى ، كما عالجت المادة 44 منه شروطاً دقيقة فيمن يعين في منصب القضاء فقد اشترطت سناً معينة وحسن السمعة وعدم سبق الحكم عليه لأمر مخل بالشرف.
ترقيـة القضاة
لا يمكن أن يترك أمر ترقية القضاة إلى الحكومة اذ تستطيع أن تترك من تغضب عليهم من القضاة دون ترقية ، وترقية من ينسجم معها ومن ثم يصبح أمر مبدأ عدم القابلية للعزل بغير فاعلية ، مما يؤدي إلى المساس باستقلال القضاة وحيدتهم . وبهذا فإن القاضي يضحى باحثاً عن إنصاف نفسه والدفاع عنها بدلاً من إنصاف الناس ، لذا اقترح البعض أن يعين القاضي بمرتب واحد ودون ترقية طوال مدة خدمته(1). إلاّ أن هذا النظام يؤدي إلى تراخي القضاة في عملهم وإضعاف الأمل في نفوسهم ، في مركز أفضل ، إضافة إلى أن نظام الترقية ، نظام يعول عليه في تحديد الشخص الأصلح لتولي منصب قضائي متقدم ومسؤول(2). ولما كان العيب ليس في نظام الترقية نفسه بل في عدم إخضاعه لقواعد محددة وفي تركه بيد الحكومة ، لذا نجد أن القانون المصري اعتمد نظاماً معيناً بترقية القضاة بحيث جعله في شكل وظائف متتابعة تكون الترقية لإحداها ، من سابقتها ، مع اشتراط ضمانات لها واهم هذه الضمانات هي : أن تكون الترقية بموافقة مجلس القضاء الأعلى وقرار من رئيس الجمهورية كما نصت على ذلك المادة 44 من قانون السلطة القضائية ، كذلك نصت المادة 49 من القانون نفسه على أن تكون الترقية على وفق ضوابط مدارها الأقدمية والكفاية ، كما اشترط على وزير العدل عند إعداده الحركة القضائية وقبل عرضها بثلاثين يوماً في الأقل أن يخطر القضاة الذين لم تشملهم الحركة لسبب غير متصل بتقارير كتابية ، رغم حلول دورهم في الترقية ، ويبين في هذا الإخطار أسباب تجاوز القاضي في الترقية ، ويستطيع القاضي أن يتظلم من أمر تخطيه(3). ونص المشرع العراقي على أن تكون الترقية على نحو متتابع من صنف إلى صنف آخر أعلى منه ، وتكون بقرار من مجلس العدل ، بناءً على طلب يتقدم به القاضي إلى وزارة العدل بشرطين أولهما أن يكون قد نال راتب الحد الأدنى للصنف المراد ترقيته إليه ، وثانيهما أن يكون قد أعد بحثاً في موضوع له علاقة بالاختصاصات القضائية أو العدلية . ويراعى في الترقية اعتبارات كفاية القاضي وأهليته للترقية ، ويصدر مجلس العدل قراره بترقية القاضي إذ ا ما وجد أنه اهل لها ، وبخلافه تؤجل ترقيته مدة لا تقل عن ستة أشهر بقرار مسبب يبلغ إليه ، وتكون قرارات المجلس نهائية لا تقبل الطعن (المواد 45 و 46 من قانون التنظيم القضائي) . ونص المشرع لبناني على ضمانات لترقية القضاة ، فقد جاء في المادة 47 من قانون نظام القضاء أن الترقية تكون بالأقدمية مع مراعاة الكفاية ، وتكون إلى الدرجة التالية مباشرة للدرجة المرقى منها ، وأن المادة 48 من القانون جاء فيها أن وزارة العدل هي التي تقوم بإعداد الترقيات بناءً على ما تضعه إدارة التفتيش القضائي من تقارير عن القضاة وتطلب من المجلس الأعلى للهيئات القضائية النظر فيها استناداً لأحكام القانون . كما أن المشرع اللبناني نص على ضمانة أساسية في هذا المجال من خلال عدم إخضاع القضاة في حال ترقيتهم لمجلس الخدمة العامة ، وإنما إلى مجلس القضاء الأعلى حسب نص المادة 31 من قانون نظام القضاة العدليين . وأن اعتماد ذلك يؤدي إلى إحاطة القاضي بضمانة واضحة ، وتحفظ له استقراره الذهني وقت إعداد الحركة القضائية(4). ويلاحظ أن المشرع العراقي جعل من قرارات مجلس العدل في شأن الترقية نهائية لا تقبل الطعن خلاف المشرع المصري ، ولضمان حق القاضي في الحصول على ترقية يستحقها ، يجدر أن يعطى الحق في الطعن في قرار مجلس العدل إذا وجد نفسه مغبوناً من جهة القرار .
______________________
1- كاريش ، ص26-27 . عن د. فتحي والي ، الوسيط ، ص162 .
2- فونتين ، ص127-128 . عن المصدر السابق ، ص162 .
3- د. فتحي والي ، المصدر السابق ، ص162-163 .
4- د. أحمد أبو الوفا ، المصدر السابق ، ص 104-105 .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً