تقرير حول ندوة وطنية في موضوع “التجديد الفقهي في النوازل والقضايا المالية المعاصرة”
“التجديد الفقهي في النوازل والقضايا المالية المعاصرة”
محمد أيت حمو
عنوان ندوة وطنية نُظمت من طرف: فريق البحث في التراث الشرعي والفكري للسجلماسة وتافيلالت واستمداداته بالغرب الإسلامي ، وماستر المالية الإسلامية ومقاصد الشريعة، بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية ، يوم يوم الأربعاء 22 شعبان 1439 هـ / 09 ماي 2018 م.
إن الاجتهاد في أحكام النوازل عامة والمتعلقة بالمعاملات المالية خاصة قد يلجئ المجتهد والفقيه إلى التأليف والتصنيف في قضايا ومسائل لم تكن مدونة من قبل في كتب الفقه الأولى، كمسائل المعاملات المصرفية، وقضايا التأمين التكافلي، والأوراق المالية وتطبيقات الصكوك، ومأسسة الزكاة والوقف، وما يتعلق بصيغ التمويل الإسلامي عموما ولا شك أن هذا الأمر يثري حركة الفقه الإسلامي، ويزيدها نمواً وتجدداً نحو معالجة أوسع لحاجات الناس والمجتمع.
ومن معالم التجديد الفقهي انبناؤه على مقاصد الشريعة، ذلك أن الحاجة ماسة إليها في عصرنا هذا الذي يشهد أوضاعا مستجدة وأنظمة معقدة، لم ُتعهد من قبل في حياة المسلمين،ومن أهمها استحضار الوسطية باعتبارها مبدأ أساسيا من مبادئ الشريعة الإسلامية، فشريعتنا الغراء شريعة الوسط، فلا إفراط ولا تفريط؛ لذا ينبغي للناظر في أحكام النوازل أن يكون على الوسط المعتدل، فالأصل في الباحث في النوازل الاعتدال والتوسط فيسلك فيها مسلك الوسط المطلوب شرعاً باعتدال، لا إفراط في ذلك نحو التشديد، ولا تفريط فيه نحو التساهل، بل يجتهد وفق مقتضى الأدلة الشرعية وأصول الفتيا، كما قال سفيان الثوري: (إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة أما التشدد فيه فيحسنه كل أحد). كل هذه القضايا
وغيرها، وما ينزل بالناس من نوازل تحتاج إلى اجتهاد وتجديد، جعلت فريق البحث في التراث الشرعي والفكري للسجلماسة وتافيلالت واستمداداته بالغرب الإسلامي ، وماستر المالية الإسلامية ومقاصد الشريعة، بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية يبادران إلى تنظيم
هذه الندوة الوطنية تحت عنوان:
“التجديد الفقهي في النوازل والقضايا المالية المعاصرة”
وقد عرفت هذه الندوة العلمية مجموعة من المشاركات العلمية ذات الأهمية الكبيرة، والتي من أهمها:
مداخلة الدكتور محمد أوالسو : أستاذ بكلية الشريعة – فاس – “فقه النوازل والتجديد الفقهي”
تحدث فيها عن أهمية دراسة فقه النوازل وأوضح أهميته ومقاصده وثمرته ، وأن التجديد مطلوب في كل المجالات ، و مفهوم التجديد ليس ابتكار ا أو إبداعا وأنه لابد أن تحكمه قواعد منهجية، وأن هذا المجال لا يقتحمه إلا من كان ريــــانا في علوم الشريعة أصولها وفروعها كما صرح بذلاك الإمام الشاطبي في كتاب الموافقات
مداخلة الدكتور عبد السلام بلاجي: رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي – الرباط – “نحو مؤسسة للزكاة بالمغرب”
أوضح فيها أن الزكاة قبيل الاستعمار كانت تطبق ولكن بشيء من النقائص لعدم وجود معايير يسار عليها، وأثناء دخول الاستعمار فالدول التي كانت تعتزم الاستعمار عقدت مع المغرب اتفاقية الجزيرة الخضراء سنة 1906م ، وهذه أدخلت ضرائب جديدة على أساس أنها ستفرض على الأوروبيين المقيمين أو المتاجرين بالمغرب ،وهنا ارتبك الأمر لدخول جبايات لم تكن من قبل وأدخلت ضريبة جديدة وهي الضريبة الترتيبية وتكون على المنتوجات وعلى الأشخاص ويسميها المغاربة ضريبة “المدل”، وقد حلت محل الزكاة، منذ ذلك الوقت والزكاة معطلة بمحدداتها ومنطلقاتها الشرعية ولا تصرف في مصارفها ، فحينما تطلع على نصوص القرآن والسنة نجد الأوامر تتعلق بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة غير أن الإقامة يؤمر بها الفرد المسلم، ولكن لا يستطيع أن يقيم الزكاة لوحده فلذلك لم يؤمر بإقامتها، ووجه الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم كونه إماما للمسلمين ولكل من يشاركه في صفة الإمامة وهي قوله تعالى:”خذ من أموالهم”، وهناك استحقاق للأصناف الثمانية ولا تؤمر بأن تسعى من أجل الزكاة وإنما النص الرابع هو الذي حدد إعادة التوريع في قوله تعالى:” فأعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤحذ “،فدل على أنها تؤخذ وترد، وهذا الذي حدد أن الزكاة لا يمكن أن تكون بصفة فردية.
ثم أكد على أن بعد استقلال المغرب كانت المناداة مرة أخرى بإنشاء مؤسسة وهيئة رسمية لجباية الزكاة وصرفها في الوجوه المستحقة شرعا وانتهى الأمر عند الدولة إلى أن أعلنت على مسابقة سنة 1999 من أجل تقبل أحسن الاقتراحات التي تقترح لنا تصورا لجباية الزكاة وصرفها وفق ضوابط شرعية في إطار دولتنا المعاصرة وقدمت عدة بحوث منها:” بحث محمد العربي الخطابي، وكذا بحث عبد الكريم التواتي بعنوان “النظام الضريبي في الإسلام” وهو الكتاب الذي نال الجائزة، فاقترح أن تدمج الزكاة في بنود ميزانية الدولة ولكن تخصص لها طرق خاصة بها وفق الضوابط الشرعية، وهو ما فعلته الدولة ففي 1980 أدخلت الزكاة فيما يسمى بالحسابات الخصوصية للخزينة العامة فأصبح عندنا حساب خصوصي باسم صندوق الزكاة ،وعند مناقشته داخل اللجنة المالية وجدت عراقيل ،فاقترح بديل للزكاة وهو ضريبة التضامن الوطني فتعطى نفس المداخيل ولكن تدخل في ميزانية الدولة، وهنا توقف الأمر غير أنه ما يزال حساب خصوصي للزكاة إلى اليوم بدون مداخيل.
وفي الأخير عرج على أهم الإشكالات التي تثار، والتي تحتاج منا للبحث ومن ذلك، لماذا لا ننشئ مؤسسة خاصة بالزكاة وهنا تداخل الجانبين التعبيدي والمالي، وهذا ما أثار تحيلا عند البعض أنه يفوق طاقتهم، والإشكال الآخر لدى وزارة العدل وهو الازدواج الجبائي و رفع الضغط الجبائي وهذا يحتم على طلبة العلوم الشرعية ازدواج التخصص مابين الجانب الشرعي و القانوني والمالي، كيف أن الزكاة تساهم في تمويل بعض مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وفق ضوابطها الشرعية.
مداخلة الدكتور عبد الله الهلالي: أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – ظهر المهراز- فاس – ” فقه النوازل عند العلامة محمد التاويل من خلال نازلة الأموال المكتسبة مدة الزوجية”
وقد ابتدأ الدكتور الفاضل القول بتعريف عناصر العنوان، ثم ذكر شروط ومستلزمات في النوازل، وقال بأنه لا يمكن للأمة أن تبقى بلا اجتهاد فيما ينزل بها من وقائع ومستجدات، وعلى العلماء بذل الجهد في تصوير النازلة وتكييفها ولهذا قال الشاطبي:”لا يمكن للاجتهاد أن ينقطع حتى ينقطع أهل التكليف وذلك لا يمكن إلى قيام الساعة” .فمن أهم شروطه نجد:
فقهٌ بالواقع وفقهه بالنوازل، ولا يتصدى لهذه النازلة إلا لمن كان من أهل الاجتهاد
تصور النازلة تصورا كاملا سليما: وقال بأن العلامة التأويل يوظف كل العلوم الشرعية وعلوم الآلة بعد تصور النازلة تصويرا يبين أدلتها وأسباب وقوعها ويستعين بالخبراء المتخصصين فيها ،وهذه النازلة ليست كل صورها حديثة، فكل حالة منها لابد أن تصور وتكيف وفق ما يليق بها، فهي تفصل على خمس حالات كلها تتعلق بالمرأة:
هل اكتسبت المال وأسهمت فيه؟هل هي شريكة للرجل فيه؟هل هي عاطله لا عمل لها؟هل أسهمت مع زوجها في مال غيرهما؟ ،وفصل كل حالة على حدة وبين أن هذا لا يمكن أن يتكلم فيه إلا أهل الاجتهاد والاختصاص.
مداخلة الدكتور محمد قراط: أستاذ بكلية الشريعة – فاس – “قضايا شرعية في تطبيقات الصكوك”
وقد قام الدكتور الحبيب عيادي بإلقاء عرض الدكتور قراط نيابة عنه لتعذر حضوره، والذي كان موسوما بقضايا شرعية في تطبيقات الصكوك، و جاء فيه أن السندات عملية تندرج ضمن قطاع الأسواق المالية، وهذه الأخيرة تعتبر من مرتكزات المجال المالي إلى جانب القطاع البنكي والتأميني وغيرها، ولما كانت السندات أكثر شيوعا واعتمادا على الفوائد الربوية، فإن العلماء جعلوها في دائرة المحظور والممنوع شرعا، وقدموا بديلا عن ذلك يحقق المقاصد في تمويل السيولة وبمعدل قليل من المخاطر أسموه بصكوك الاستثمار، وقد خصصت هيأة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية لهذه الصكوك معيارا شرعيا يتضمن كثيرا من الأحكام الشرعية وتطبيقاتها من أجل ضمان تطبيق صكوك أقرب إلى الانضباط بمبادئ وقواعد الشريعة أبعد عن غير ذلك. ثم ذكر المحاضر ثلاث عشرة قضية في تطبيقات هذه الصكوك والتي عليها مؤاخذات وفيها شبهات تؤثر سلبا في شرعية تلك الصكوك ومن تلك القضايا:
منع حملة الصكوك من التصرف في الأصول. 2- اشتراط القرض عند نقص الربح. 3- شراء الديون بدون ضوابط شرعية. 4- عقد بيع مع وعد بإعادة الشراء من نفس البائع. 5- اعتبار مفهوم حق الانتفاع. 6- استقلالية أطراف الصكوك. 7- التنازع على الربح. 8- ملكية حملة الصكوك. 9- تداول الصكوك. 10- تصكيك أسهم الشركات. 11- مشكل الحافز للمدير. 12- شبهة بيع الدين على المنتجات.
مداخلة الدكتور عبد السلام ميصور: أستاذ بالأكاديمية الجهوية لجهة الدار البيضاء – “التجديد الفقهي أسسه المنهجية وقضاياه العلمية التمويل الإسلامي نموذجا”
تحدث فيها الدكتور عن التجديد الفقهي: أسسه المنهجية وقضياه العلمية التمويل الإسلامي نموذجا فركز موضوع مداخلته في قسمين اثنين:
القسم الأول: تحدث فيه عن الأسس المنهجية للتجديد الفقهي فقال: بأن كل قضية علمية تنبني على أساس منهجي،فالعلم بالفقه والتجديد فيه يتطلب ضرورة على الذي يخوض غمار هذا المجال منهجا قويما وأسسا صحيحة تعصم الدعوة إليه من الوقوع في الزلل والفوضى، وأن التجديد لا يعني القطيعة بين ماضي الأمة وحاضرها، وبين تراثها وواقعها، حتى لا يكون عوض البناء الهدم، وبدل التصحيح التبديل، ولذلك فإن من يريد أن يتصدى للحديث في الأحكام الشرعية، أو الافتاء في النوازل الفقهية، لا يلزم منه ضرورة أن يكون عالما كبيرا بقدر ما يلزم منه أن يكون محيطا بالمنهج المعتد به في ميدان الفقه من الأصول وقواعد الاستدلال والاستنباط والترجيح، وهذا كفيل بأن يدرجه ضمن قائمة الفقهاء فإن أصاب في اجتهاده فذاك هو المطلوب وإن أخطأ فهو رأي ليس إلا.
ثم أشار إلى بعض الأسس المنهجية للتجديد الفقهي، من ضمن ذلك:
أن التجديد الفقهي يكون من جهتين اثنتين: من جهة اعتبار الفقه منهجا بحيث يكون الفقه جديدا مع تجدد الزمان، ومن جهة اعتبار الفقه تراثا بحيث يتم إعادة الجدة لجهود السابقين.
تحصيل التلاؤم بين الفقه الإسلامي ومستجدات العصر.
أهلية الاستنباط الفقهي.
إلتزام نطاق التجديد دون تعديه.
القسم الثاني: تحدث فيه عن مثال في التجديد الفقهي من خلال التمويل الإسلامي، مبينا مواضع التجديد فيه من خلال أمثلة توضيحية.
المسائل الفقهية: فالتجديد في البيع مثلا يكون من خلال الإجراءات كقضية التحفيظ والتسجيل والتوثيق…
موارد الدولة: قديما كان ما يعرف ببيت المال أما الآن فهناك هياكل ومؤسسات تحتاج إلى تجديد من خلال المفاهيم والمعاني والمضمون أيضا.
إدخال مصطلحات إلى الفقه الإسلامي كمصطلح الصكوك والمضاربة والحوالة… وبعض المصطلحات لا يوجد لها موقعا في التداول والاستعمال ومن ذلك ما يتعلق بالعبد المكاتب والجزية…
القواعد والنظريات: أشار إلى مجموعة من النظريات ودعا الباحثين إلى سبر أغوار البحث فيها كنظرية الاعتياض ونظرية الاسترباح ونظرية المخاطر ونظرية الزمن…
وقد ختم كلامه بالجديد الذي قدمه الفقه الإسلامي للتمويل ومن ذلك:
إعادة الناس إلى التفقه في معاملاتهم.
بناء التمويل على الأخلاق.
إدخال عنصر الكفاءة لحساب التمويل.
إضافة مفاهيم جديدة إلى النظام المصرفي.
إعطاء القيمة للسلع الحقيقية.
تحقيق التوازن بين القطاعات الخدمية والإنتاجية في المجتمع.
مداخلة الدكتور عبد الواحد الحسيني: أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات – الرشيدية – ” التدبير القانوني لأموال القاصرين بين الحقوق المكتسبة والحقوق العينية”.
تحدث فيها الأستاذ الكريم عن النيابة الشرعية في كل من الفقه المالكي ومدونة الأسرة والمسطرة المدنية أيضا، وقال بأن: الولاية إما أن تكون على النفس أو على المال، مركزا على هذه الأخيرة التي هي المقصودة في هذا العرض،وقد عرف مصطلح القاصر وبين أن إطلاقه لا يقتصر فقط على الصغير وإنما يتعداه إلى المجنون والمعتوه والسفيه…
وقال بأن القرآن الكريم في كثير من الآيات الكريمة حض على الولاية على المال واستثماره لما في ذلك من نفع وربح وحفظ للأموال من الضياع، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: “ولا توتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا “ والخطاب في هذه الآية الكريمة خطاب عام، ومسؤولية عامة، تشمل الأولياء والأوصياء والأمراء والحكام والدولة والأمة لتوفير الظروف القانونية لرعاية القصر واستثمار أموالهم، وهذا أمر اقتصادي يتعلق بترويج الأموال واستثمارها بحيث يتم حفظ المال الأصلي ثم العمل على تنميته حتى لا تأكله الزكاة.وقد حذر القرآن الكريم عن إضاعة أموال القاصرين وإتلافها والتقصير في حفظها، قال تعالى: “إن الذين ياكلون أموال اليتامى ظلما إنما ياكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا”، ثم إن السنة النبوية تؤكد الحض على مبدأ استثمار أموال القصر، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: “اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة”.
وأكد أن العقل أيضا يؤيد ذلك ويجيبه، تحقيقا للمصلحة العامة، وحفظا للمال، وإسهاما في النماء الاقتصادي…، وفي هذا الجانب – جانب الولاية الشرعية لأموال القصر- لم تقصر مدونة الأسرة ولا المسطرة المدنية اللذان أبانا في كثير من موادهما على الاهتمام الملحوظ بأموال القصر.
وصرح الأستاذ أن المشرع المغربي اعتبر ولاية الأب ولاية شرعية، وهذه الولاية تحتاج إلى إذن قضائي إذا بلغ القاصر ما قيمته المالية 000 200 درهم كما يجوز للولي (أمًّا أو أباً) أن يتخذ وصيا؛ لكن تصرفات الوصي عموما تبقى تحت مراقبة القضاء.
وقد جعل الفقه والقانون في الولاية على المال مرتبة الأم كمرتبة الأب إذا كانت الأم راشدة وكان الأب مفقودا إما لموت أو غياب.
وقد أنهى الأستاذ الكريم مداخلته بقضية الاستثمار وإشارته اللطيفة المقارنة إلى بعض النماذج من الدول العربية الإسلامية التي عنت في قوانينها وتشريعاتها بأموال القصر ومن ذلك:
النموذج المصري: يتحدث المشرع عن إمكانية استثمار أموال القصر في أمور إنتاجية (التجارة، الصناعة، المزارعة…)
النموذج العراقي: وجود هيأة الإشراف التي ترعى أموال القاصرين.
النموذج الإماراتي: يجيز للولي التصرف في أموال القاصين بطريق مباشر أو غير مباشر.
النموذج المغربي: عند وجود مال لقاصر فإن هذا المال يودع في صندوق الإيداع والتدبير الذي يستثمر هذه الأموال بطرقه المختلفة. ثم إن تلك الأموال المودعة لا تزكى. وهنا أشاد الأستاذ الكريم ودعا إلى ضرورة تطوير هذا الصندوق وإيجاد صيغ تسمح بإخراج حق الله في الأموال.
مداخلة الدكتور محمد الحفظاوي: أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات – الرشيدية ثنائية الأصلي والتبعي وأهميتها في تجديد الفقه المالي المعاصر
حاول الأستاذ الكريم من خلال موضوعه أن يثير قضية منهجية في التعاطي مع القضايا المالية وهي قضية الأصلي والتبعي، فذكر أن ثنائية الأصلي والتبعي من الأدوات المنهجية التي يجب على المجتهد استحضارها والاعتماد عليها في النظر الاجتهادي.
وبين الأستاذ أن هذه الثنائية يمكن أن نجدها في أصول الفقه في مبحث الأدلة ومبحث الأحكام. فعلى مستوى الأدلة هناك مصادر التشريع الأصلية كالقرآن والسنة باعتبارهما مدار الأحكام، والنصوص فيهما محصورة، ولذلك فإن تعدية النصوص المحصورة إلى الوقائع غير المحصورة، يقتضي أدلة تبعية كالاستحسان وسد الذرائع والاستصلاح…وهي تبعية؛ لأنها راجعة إلى المصادر الأصلية.
أما على مستوى الأحكام فتتجلى تلك الثنائية في أمرين اثنين:
الأمر الأول: ما سماه الشاطبي بالاقتضاء الأصلي والاقتضاء التبعي، فالأصلي هو الواقع على المحل مجردا من التوابع والإضافات كالحكم بإباحة البيع والإجارة…، والتبعي هو الواقع على المحل مع اعتبار التوابع والإضافات ككراهية الصلاة لمن حضره الطعام…
الأمر الثاني: من الدلالات الأصالة والتبعية، فالمقصود بالأصالة ما كان الشيء بذاته هو المقصود أساسا في العقد، أما التبعية فهي ما يدخل في الشيء تبعا، ويتفرع عن هذه القاعدة قواعد منها: التابع تابع، من ملك شيئا ملك توابعه… وأتم الأستاذ كلامه بأن هذه القاعدة لها تطبيقات على مستوى الاجتهاد الفقهي وهي صالحة للتطبيق على مستوى العبادات وكذا المعاملات.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً