التطليق للشقاق : أرقام صادمة ….. من يتحمل المسؤولية عن تفكك الأسرة ؟؟
شرف الدين المرابط
حاصل على الإجازة في القانون الخاص
من المعلوم أن الأصل في الزواج هو اقتران دائم مدى الحياة بين الزوجين ويكوم قائما على أسس المودة والرحمة والتساكن وحسن المعاشرة والتعاون بين الزوجين بشكل يحقق لهما الطمأنينة ضمانا للإستقرار الأسرة وحمايتها من التفكك ، غير أن العلاقة الزوجية قد لا تستقيم على هذا المبنى فقد تتحول المودة والرحمة والمحبة بين الزوجين إلى كراهية وبغضاء وتنافر وتباين في الأخلاق ، فيصبح العيش بين الزوجين شيئا صعبا ،بحيث لا يجدى معه لا نصح ولا صلح ، مما يكون معه من الأفضل إنهاء العلاقة الزوجية حماية لمصلحة الطرفين وحقوق الأطفال .ومن أجل هذا أجازت الشريعة الإسلامية حل ميثاق الزوجية استثناءا من الأصل الذي هو دوام العشرة بين الزوجين ، وذلك إما عن طريق الطلاق يمارسه الزوج والزوجة كل حسب شروطه ، أو عن طريق طلب التطليق ، فالمعاشرة الزوجية إذا صارت فعلا مستحيلة وأصبحت الزوجة متضررة من البقاء مع زوجها ، كأن يكون هذا الزوج لا ينفق على زوجته ، أو أنه تغيب عنها ، أوأحدث لها ضررا ماديا كان أو معنويا ، أو أنه أخل بشرط من شروط عقد الزواج أو غيرها من الأسباب التي حددتها مدونة الأسرة ، فيمكن لها أن ترفع أمرها إلى المحكمة ملتمسة منها تطليقها منه بالرغم من معارضة الزوج إذا كانت هناك أسباب تبرره ، بل أكثر من هذا ونظرا للصعوبات التي كانت توجهها الزوجة في إثبات الأسباب المذكورة أعلاه والموجبة للتطليق ، فإن المشرع المغربي ورغبة منه في رفع الحرج والضرر عن الزوجة عما قد تتعرض له في علاقة لا ترغب في الإستمرار فيها ، فإنه أحدث مسطرة جديدة لا تكلف الزوجة سوى أن تدعي وقوع نزاع وخلاف حاد مع زوجها بشكل يحول دون استمرار علاقتهما ، فتستجيب المحكمة لطلبها وتحكم بتطليقها بسب الشقاق ، وبهذا يكون التطليق بسبب الشقاق من أهم المستجدات القانونية التي جاءت بها مدونة الأسرة وهي مسطرة وقائية الهدف منها تسوية وتصفية النزاعات الزوجية ، حيث خول المشرع المغربي لكل من الزوجين اللجوء إلى القضاء لحل النزاع القائم بينهما ، فهو حق يتساوى فيه الزوج مع الزوجة ، إلا ان الواقع العملي أسفر على أن الزوجة استحوذت على حصة الأسد في حق المبادرة إلى إنهاء العلاقة الزوجية مما أدى إلى استفحال ظاهرة التطليق للشقاق بشكل مثير للإنتباه .
حيث أن الواقع يكشف عن مدى إخفاق المشرع المغربي في الحفاظ على كيان الأسرة من الإنحلال والتفكك ، وهذا ما أكدته الإحصائيات الصادرة عن وزارة العدل ، حيث أنه منذ دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق إلى يومنا هذا عرفت نسبة التطليق ارتفاعا صاروخيا وخاصة في التطليق للشقاق الذي احتل الصدارة من بين الأنواع الأخرى للتطليق بنسبة مثيرة للإنتباه وتطرح أكثر من علامة استفهام ؟؟ حيث سجل سنة 2005 أي سنة بعد دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق ما مجموعه 4865 حكما بالتطليق للشقاق ، ليقفز هذا العدد سنة 2006 إلى ما مجموعه 10313 أي بنسبة ارتفاع بلغت 111.98 في المائة مقارنة مع سنة 2005 ، ليستمر هذا العدد في الإرتفاع بشكل تدريجي سنة بعد سنة حتى وصل سنة 2012 إلى 48376 حكما صادرا بالتطليق للشقاق ، وإلى 39836 حكما سنة 2013 حيث عرفت هذه السنة انخفاضا بنسبة 17.61- في المائة مقارنة مع سنة 2012 .
فهذه الأرقام والإحصائيات تدق ناقوس الخطر ، وتضرب في العمق غايات المشرع من وراء إصداره لمدونة الأسرة ، فبدل أن يكون الطلاق أو التطليق هو الإستثناء لما في ذلك من تفكيك الأسرة ، فإنه أصبح هو الأصل والإستثناء هو استمرار العلاقة الزوجية ودوامها . فمسطرة الشقاق لم يتم إعمالها في الإتجاه الصحيح ولم تتناغم مع روح وفلسفة المشرع ، فأضحت مشكلة وليس حلا ، داء وليس دواء . إنه للأمر محزن أن نسمع في كل وقت وحين من أشخاص نعرفهم أنهم طلقوا أو شرعوا في إجراءات الطلاق … والأدهى من هذا الأمر أن هذا ” الفيروس ” القاتل للأسرة ، امتد إلى أسر وزيجات بينهما عشرة طويلة ، أما الأزواج الجدد فحدث ولا حرج حيث أصبح الطلاق عندهم موضة ، لا تكاد تمر سنة أو سنتين حتى تنتهي العلاقة الزوجية وغالبا ما تكون أسباب الطلاق تافهة ، مما يمكن القول معه أن التطلبق بسب الشقاق أصبح وسيلة من لا وسيلة له ، وملجأ من لا حيلة له ، فهو السبيل الوحيد والأوحد لكل من يرغب في إنهاء العلاقة الزوجية بكل يسر وسرعة وتخلص من الطرف الأخر وبالتالي تفكيك الأسرة ، مع ما يترتب عن ذلك من تبعات مادية ونفسية ، ومشاكل يصل أثرها إلى الأطفال ويدمر بسببها المجتمع. ويحق لي أن أتساءل : من يتحمل المسؤولية عن تفكك الأسرة ؟؟
إن الإرتفاع المهول في التطليق للشقاق راجع إلى مجموعة من الأسباب القانونية والواقعية ( أولا ) وكذا أسباب اجتماعية وتحولات ذات بعد ثقافي وقيمي طرأت على بنية المجتمع المغربي (ثاني)
أولا : الأسباب القانونية والواقعية
1- الأسباب القانونية
تعترض مسطرة التطليق للشقاق عدة صعوبات قانونية نحدد بعضها فيما يلي :
– مما لا شك فيه أن عدم إقدام المشرع على إعطاء تعريف دقيق لمفهوم الشقاق أو على الأقل تحديد نطاق وطبيعة الشقاق المبرر للتطليق ، جعل القضاء يتوسع في تطبيقاته مما أدى إلى مسطرة الشقاق تستحوذ على باقي أسباب التطليق الأخرى المتمثلة في الضرر ، الغيبة ، العيب … لذلك يجب على المشرع أن يتدخل لضبط هذا المفهوم وتحديده .
– إن إسناد مهمة الصلح إلى هيئة الحكم يجعل الصلح صعبا بين الزوجين ، كيف يعقل للقاضي حكم وهو يزاوج ما بين القضايا الجنحية والأسرية أن ينتقل ما بين عشية وضحاها إلى مصلح اجتماعي يحاول أن يصلح بين الزوجين ، فالقاضي غير مؤهل وليس له الخبرة الكافية في معالجة النزاعات الأسرية ، ناهيك عن كثرة الملفات المعروضة عليه التي تجعل جلسة الصلح لا تتجاوز في بعض الأحيان خمس دقائق فقط مما أدى إلى هذه المسطرة شكلية لا تحقق الغاية المتوخى منها .
– أن عدم إخضاع الإستدعاء في مسطرة التطليق للشقاق للمقتضيات المنصوص عليها في المادة 81 من مدونة الأسرة والتي تشترط التوصل الشخصي وذلك لضمان حضور الزوجين لجلسة الصلح لتقصي أسباب الخلاف لحل النزاع ، أفرغ هذه المسطرة من الضمانات الداعمة للإصلاح ذات البين .
– إن عدم تحديد المشرع المغربي للشروط الواجب توفرها في تعيين الحكمين جعل هذه المؤسسة عقيمة للقيام بالمهام المنوطة بها ، فكل واحد من الزوجين يختار الحكم الذي يساند موقفه بل أكثر من هذا قد يكون الحكم المعين هو أصل المشكل ، فبدل أن يصلح بين الزوجين يكرس حجم الشقاق ويزيد في تعميق هوة الإختلاف بين الزوجين.
2- الأسباب الواقعية
تعترض مسطرة الشقاق مجموعة من الصعوبات الواقعية التي تؤثر سلبا على إصلاح ذات البين بين الزوجين ونذكر منها مايلي :
– التقاضي بسوء نية الذي أصبح هو الأصل في ممارسة مسطرة التطليق للشقاق ، فنظرا لضمان الإستفادة من كل المستحقات المترتبة عن الفرقة الزوجية ، مع إمكانية الإستفادة من التعويض عن الضرر ، جعل كل طرف يحاول أن يثبت على أن الطرف الأخر هو المتسبب في الفراق ، بل أكثر من هذا فإت بعض النساء اتخذن هذه المسطرة وسيلة “استثمارية ” للإغتناء من غير كد ولا تعب .
– تحفظ الزوجين في جلسة الصلح للتصريح بأسباب الخلاف والشقاق ، وهذا راجع بالأساس إلى طبيعة الأشخاص الثقافية والإجتماعية ، والخوف من الفضيحة وإفشاء الأسرار الأمر الذي يحول دون معرفة الأسباب الحقيقية للنزاع للمعالجتها.
ثانيا : التطليق والمقاربة السوسيولوجية
يعتبر موضوع التطليق موضوعا إشكاليا بالأساس ، بالنظر إلى تداخل مجموعة من المعطيات والمقاربة التي تتقاطع حينا وتختلف حينا أخر في النظر لقضية التطليق . من هنا ، سنحاول في هذه المرحلة ، أن نفهم التطليق باعتباره ظاهرة اجتماعية ، أي سننظر إليه من زاوية التغيير الإجتماعي وما رافقها من تحول في أنماط السلوك والتمثل ، الذي لحق الذهنية المغربية إبان الإعلان عن مدونة الأسرة سنة 2004 كإطار قانوني جديد ينظر للأسرة بنظر جديد على في مستوى مضامينها ، وهنا نسجل ما نبهنا إليه “مونتيسكيو ” حينما يميز بين البنية ومبدأ عملها ، ” فيطلعنا مفهوم البنية على ما يجعل الشيء يعمل بما يتناسب وطبيعته ، بينمايحيل مفهوم مبدأ عمل البنية على النوازع الإنسانية المسؤولة عن عمل هذه البنية ، أي ما يفسر وظافتها. ونستحضر كذلك موقف ” مانيل كاستلز ” عندما ينظر لمسألة التقنية ، ويعتبرها مسألة اجتماعية فيما يخص تبنيها من طرف مجتمع دون أخر ، وهو الأمر الذي لا يمكن أن تقوم له قائمة إلا إذا تبناها ، وهو الشيء الذي يحصل عندما تغير حياته وتطور مستوى العيش لدى أفراده .
وبالعودة للمدونة ، فلا يمكن أن نفهم ما تؤول إليه فيما يخص عدم تحقق مضامينها التي يشوبها الكثير من النواقص عن الواقع السوسيوثقافي باعتباره معطى أساسي ، لأن هناك تغير طرأعلى مستوى القيم والتمثلات التي ما لبث يحملها الفاعلين في المجتمع على المدونة خاصة أن المرحلة لم تواكبها موجة تحسيس لأجل تمرير المضامين التي كانت المدونة تسعى إلى ترسيخها ، ما جعل الأمر يعرف بعض الإلتباس والتيه في إدراك المضامين ، فكثرت الخطابات وارتفعت المقولات والشعارات والإنتصارات لإيديولوجيات دون اخرى . ومررت كل هذه الأمور عبر مجموعة من القنوات الإجتماعية والتقنية محاولة ترسيخ أفكار معينة .
وهكذا قبل أن نعرف الأسباب ذات الطبيعة السوسبوثقافية التي ساهمت بشكل كبير في ارتفاع التطليق للشقاق (2) لا بد بداية أن نعرف موقع المرأة في مدونة الأسرة (1)
1- موقع المرأة في مدونة الأسرة
جاءت مدونة الأسرة استجابة للحاجة الملحة والملحاحية الواقعية وتأخر على صعيد تمكين الحريات والحقوق للمواطين والمواطنات ، بالموازاة مع الحاجة الملحة أيضا والمتمثلة في مواكبة ما يجري في العالم فيما يخص تقدم الحقوق والحريات وتطورها ، فكان لزاما في ظل هذه الشروط التحرك والإسراع لأجل بلورة قانون جديد ينظم العلاقات الأسرية وينظر لها على نحو مغاير للحد والتقليل من مجموعة الظواهر التي تعتبر “مرضية ” وفي المقابل إرساء قيم العدالة والمساواة الإجتماعية.
ونستحضر هنا ما عبرت عنه بوضوح ” كارول باتمان ” في قولها بأنه “ ليس هناك في الواقع ديمقراطيا ، لدى النسويين ذلك أنه إلى حدود الأن لا توجد دولة تنظر للنساء كمواطنات متساويات ” وهذا الكلام قيل سنة 1992 وهو الذي مازلنا نجده ثاو في الفكر النسوي إلى حدود الأن ويسود فيه . فما هي خصوصيات مدونة الأسرة ؟
جاءت مدونة الأسرة بمحموعة من المقتضيات الجديدة التي نجملها فيما يلي :
– تضمنت أحكاما موضوعية وإجراءات شكلية لتنظيم الأسرة ، تهتم بالأسرة بكل مكوناتها من أب وأم وأطفال ، فهي إذن لكل الأسرة ، جاءت لتصون كرامة الرجل ، وترفع الحيف عن المرأة ، وتحفظ حقوق الأطفال .
– لعل من أهم مستجداتها التشريعية نذكر “ مساواة المرأة بالرجل في عدة مجالات ، وتوسيع حق المرأة في التطليق” .
ولعل هذين المستجدين أساسيين في رصد معنا للقضية الإشكالية التي نصبو الخوض فيها . بيد أن مدونة الأسرة منحت المرأة الحق في التطليق من أجل التعبير عن موقفها من العلاقة الزوجية ، وهو الأمر الذي لم يكن متاحا مع قانون الأحوال الشخصية الملغاة ، حيث كان الطلاق بيد الزوج أي بإرادته المنفردة إلى إنهاء حالة الزواج بين الزوجين ، وقد يكون الطلاق بموافقة أو عدم موافقة الزوجة . ولنا أن نقارن هاته الأرقام بعد صدور مدونة الأسرة ، فعدد طلبات الزوجات للتطليق ارتفع واخد في الإرتفاع في مقابل طلبات الأزواج . ( فمثلا بلغ عدد طلبات التطليق للشقاق المقدمة من طرف الزوجات سنة 2006 ما مجموعه 20223 ، في مقابل 5800 من مجموع الطلبات المقدمة من الأزواج ) . وفي المقابل ، فإن نجاح الزواج هو كذلك يتراجع ويسجل أرقام كبرى على مستوى فشله التي هي في ارتفاع مستمر . وربما هذا يجد معناه ثاويا خلف ” التمثلات ” التي تقول بأن مدونة الأسرة هي مدونة للمرأة ، فالمرأة تحررت ولم تعد مقيدة ، والمدونة جاءت لصالحها ، وهي تشكل مركزها ، ونسجل هنا ملاحظة بأن هذا التمثل لم يأت اعتباطيا ، وإنما خلفه استراتيجيات كان رهانها هو انتشار هذا الشكل من التمثلات ، وهو ما يعمل على ترسيخه العديد من الفاعلين سواء بوعي أو بدونه . وربما هذا ما يؤكد فرضيتنا القائمة على فكرة كل من “مونتيسكيو” و ” مانيال كاستلز”
حينما ينبهاننا إلى أن الإنسان يتفاعل مع كل معطيات البنية الإجتماعية ويخلق أشكال من المقاومة مع كل جديد
2- أسباب ذات طبيعة سوسيوثقافية
كما سبق أن ذكرنا أنه منذ دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق عرف التطليق للشقاق ارتفاعا كبيرا حيث احتل الرتبة الأولى من بين أنواع التطليق الأخرى ( مثلا سنة 2012 كانت معدلات التطليق للشقاق تمثل 48376 من أصل 49579 ، أي 1203 هي تطليق من نوع اخر للضرر وغيره ). وفي ذلك أسباب ذات طبيعة سوسيوثقافية ، حيث رافق المدونة نشرها بروز مضامين حبلى بأحكام القيمة وأنماط تفكير تتعارض مع ما جاءت به المدونة ، خاصة في النظر للعلاقة بين الزوجين ومن يحكم الأخر ؟؟ في حين أن السؤال المطروح كيف ننظم الأسرة ؟
وذلك مرده الى الثقافة السائدة والثقافة التي مازلت تتشكل الى حدود الأن ، حيث الأصوات ترتفع للحديث عن الإنصاف وإحقاق الحق والمساواة بين الجنسين . ومن ثمة فلجوء الزوجين لإنهاء العلاقة الزوجية عن طريق مسطرة التطليق للشقاق نابع من فكرتين أو فريتين أساسيتين : الأولى ترتبط بالمساحة القانونية التي أصبحت متاحة للمرأة وحقها في المطالبة بحقها لأجل إنهاء العلاقة الزوجية ، بينما الثانية ترتبط بالزوج الذي يننفلت بشكل من الأشكال من الصوائر وحقوقه على الزوجة فيما يخص النفقة وغيرها.
وهكذا ومن أجل الحد من ظاهرة التطليق بصفة عامة والتطليق للشقاق بصفة خاصة ، وتجاوز الصعوبات القانونية والواقعية والإجتماعية المرتبطة بمسطرة الشقاق ، والتي تحول دون تطبيقها السليم بما يتلاءم مع فلسفتها ، يمكن اقتراح ما يلي :
أولا : العمل على نشر ثقافة قانونية من أجل تحسيس وتوعية المواطنين بالمضامين الحقيقية التي جاءت بها مدونة الأسرة وخاصة المتعلقة بالتطليق للشقاق ، وكذا التعريف بالقيم الجديدة التي جاءت بها من أجل استجلاء الغموض وسوء الفهم الذي ينتابها ، وذلك بإشراك كل المهتمين والمهنيين في التحسيس والتواصل ، عبر مختلف وسائل الإعلام ، وإدراج مضامين هذه القيم في المنظومة التربوية لتحقيق الأهداف المرجوة عند التطبيق ، فالمجتمع المدني والسياسي يلعب دورا مهما في توجيه الرأي العام .
ثانيا : إشاعة ثقافة الصلح والتصالح كحل حضاري لكل النزاعات المجتمعية ، وخاصة النزاعات الأسرية ، وذلك بالتكثيف من البرامج والندوات التثقيفية التي تشيع هذه الثقافة عبر المنابر الدينية ( المساجد) والإعلامية والتربوية …
ثالثا : تعزيز اليات الوساطة القضائية بين الزوجين ، وذلك بإنشاء مكتب خاص لمعالجة النزاعات الأسرية بالمحكمة ، يتكون من خبير في القانون ومن أطر كتابة الضبط ، ومساعدة اجتماعية ، وأخصائي في علم الإجتماع ، وعلم النفس ، بالإضافة إلى علماء الدين ، ومهمة هذا المكتب تسوية المنازاعات قبل سلوك مسطرة التقاضي .
رابعا : جعل مسطرة الصلح مرحلة ما قبل القضائية ، حيث يتعين على الأطراف اللجوء إلى مسطرة الصلح قبل سلوك مسطرة التقاضي ،بل جعلها من الشروط الشكلية لرفع الدعوى جيث لا بد للأطراف الإدلاء بوثيقة رسمية تفيد فشل الصلح ، تحت طائلة عدم قبول الدعوى .
خامسا : تطوير مناهج وطرق الإحصاء ومعالجة النشاط القضائي لأقسام قضاء الأسرة ، لما لذلك من أهمية في تقييم العمل القضائي وإتاجة الإمكانية للباحثين والدارسين ، سواء على المستوى القانوني أو الإقتصادي أو الإجتماعي ، للتحليل والإستنتاج ، لتقديم الإقتراحات المناسبة للإرتقاء بأداء القضاء الأسري .
لا يسعنا في الأخير إلا أن نقول ان المحافظة على توازن الأسرة والحيلولة دون انهيارها ، يتطلب المزيد من التعاون الفعال من طرف جميع مكونات الأسرة وكذا الفاعلين في المجتمع المدني ، لتفادي بذور الخلاف والفتنة وأسباب الشقاق ، ونشر القيم والفهم الصحيح لفلسفة مدونة الأسرة ، غير أن المسؤولية الجسيمة تقع على الزوجين ، لأن من السهل طبعا أن ينجب رجل وامرأة ولدا أو بنتا ، ولكنه من الصعب أن يصنعا معا تاريخا أسريا سارا ويعملا على أن يكون المستقبل مشرقا ، قادرا على الصمود والدفاع عن الحياة الزوجية .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً