يتم فتح الاعتماد المستندي لوجود علاقة قانونية سابقة بين طرفين. وتتخذ هذه العلاقة القانونية السابقة على فتح الاعتماد عادة صورة بيع البيوع البحرية – سيف أو فوب – وتجري عملية فتح الاعتماد بناء على تلك العلاقة كما يلي:
بائع ومشتري ومؤسسة مصرفية فلو تصورنا أن المشتري المستورد لبضاعة ما عراقي الجنسية. والبائع المصدر للبضاعة فرنسي فإن على المشتري العراقي أن يطلب من المؤسسة المصرفية التي يتعامل معها اعتيادياً وغالباً ما تكو ن تلك المؤسسة عراقية كذلك فتح اعتماد مستندي له بمبلغ معين يعادل قيمة البضاعة التي اشتراها ويقوم المشتري بعد ذلك بإبرام عقد يحدد بمقتضاه قيمة الاعتماد والصفقة التي فتح الاعتماد بسببها والوثائق والمستندات التي يجب أن تقدم للمصرف لغرض الدفع. فإذا تم إبرام العقد فإن مصرف المشتري يقوم عندئذ بإشعار البائع الفرنسي من خلال كتاب اعتماد يحتوي على جميع الشروط التي تم الاتفاق عليها مع المشتري يرسل عن طريق أحد فروع ذلك المصرف الموجود في بلد البائع ومتى استلم هذا الاخير كتاب الاعتماد فإنه يسحب سفتجة مستنديه على مصرف المشتري يرفق بها وثائق البضاعة.
ثم يقوم بخصم تلك السفتجة لدى المصرف الذي يتعامل معه فيحصل على ثمن البضاعة يتعين عندئذ على مصرف البائع – الفرنسي – تقديم السفتجة لمصرف المشتري لقبولها وهنا يجب على مصرف المشتري قبولها ، بعد فحص المستندات بدقة والتحري عن مدى مطابقة بياناتها لتعليمات عملية ثم دفع قيمتها فتكون السفتجة والمستندات في حيازته. فإذا كانت البضاعة قد وصلت ميناء المشتري فإنه لا يمكن لهذا الأخير استلامها ما لم يحصل على تلك المستندات من مصرفه. ولغرض الحصول عليها فإن عليه دفع قيمة السفتجة للمصرف المذكور. وعند امتناعه عن دفع ذلك المبلغ يكون من حق المصرف الذي يحتفظ بمستندات البضاعة التنفيذ عليها – بطريق البيع – لاستيفاء دينه (1).
يتضح مما تقدم أن فتح الاعتماد المستندي ينشئ علاقة مركبة ومتعددة الأطراف فهناك من جهة علاقة بين البائع والمشتري. وأخرى بين هذا الأخير والمؤسسة المصرفية التي يتعامل معها وتترتب من ناحية ثالثة صلة بين البائع – المستفيد من الاعتماد – وبين المؤسسة المصرفية التي يتعامل معها المشتري إلا أنه ينبغي عدم الخلط بين عقد فتح الاعتماد المستندي وبين العقد الذي تم – ابتداء – بين البائع والمشتري والذي تم بموجبه فتح الاعتماد. فعقد فتح الاعتماد المستندي عقد قائم بذاته ومستقل تمام الاستقلال عن عقد البيع. وعليه فإن المؤسسة المصرفية التي تولت فتح الاعتماد تبقى أجنبية عن العقد الذي كان سبباً بفتح الاعتماد. وهذا ما تؤكده صراحة الفقرة الثانية من المادة 273 من قانون التجارة بقولها : ” عقد الاعتماد المستندي مستقل عن العقد الذي فتح الاعتماد بسببه ويبقى المصرف أجنبياً عن هذا العقد“.
___________________
1- انظر : Pierre Coppens: cours de droit commercial، 4 em. V . 1985 p. 643 ets.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً