نظام مكافحة العنصرية بعد معالجة التحرش
د. أسامة بن سعيد القحطاني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
بعد قرار ولاة الأمر ـــ حفظهم الله ـــ وصدور نظام مكافحة جريمة التحرش، متجاوزا في ذلك المعارضات وصراعات التيارات المتشددة في البلد بحمد الله؛ أصبحت الفرصة الآن مواتية لإصدار نظام لا يقل أهمية عنه، حيث إن له تأثيرا كبيرا في الأمن الاجتماعي ومستوى العدالة بين أفراد المجتمع، الأمر الذي له أبعاد كبيرة سلبا أو إيجابا.
قصص الأحداث العنصرية التي لا يخلو منها مجتمع حول العالم كثيرة. وفي بلدنا؛ كما هي طبيعة البشر، فإن هناك بعض الأحداث التي تحصل بين بعض سفهاء القبائل هنا وهناك، وأحيانا بعض أبناء منطقة قد يعانون بعض التصرفات العنصرية في أثناء بقائهم في منطقة أخرى، كما أن الإنسان قد يتعرض إلى الانتقاص من شكله أو لونه أو عرقه أو انتمائه أو توجهاته، وربما يتعرض للضرر جراء ذلك! ويجب علينا ألا نتنكر لمشكلاتنا، بل لا بد من علاجها ومواجهتها، خاصة إذا عرفنا أن نتائج العنصرية قد تكون قاسية في مرحلة من المراحل، وكلما زاد مستوى المساواة بين الناس واختفت العنصريات؛ زاد الاستقرار والتماسك في المجتمع، والعكس صحيح.
العنصرية خطيرة جدا على أي بلد، وتسهم بشكل كبير في تفكك المجتمع، وتغذي الدعوات والحركات التي لا تريد خيرا للبلد، وتنخر في بنية البلد الاجتماعية والأمنية.
وكثير من هذه الظواهر تتراكم تدريجيا بشكل قد يشعر به الناس إلى أن تنفجر ــ لا سمح الله ـــ في أي لحظة. ومع الأسف أن هذا الموضوع لا يعني لبعض المثقفين أو بعض التيارات الدينية والفكرية شيئا، ولا أدري ما السبب؟ ولكن بلا شك أن هذا خلل كبير، فالمساواة أسهمت بشكل كبير في انتشار الإسلام، وما زالت تسهم فيه نظريا، ولكن يجب أن ندعم ذلك فعليا بالممارسة الحقيقية له من خلال التشريعات والتنظيمات الحديثة.
كما أن هذا المبدأ قامت عليه دول، وسقطت على إثره أخرى! وقد أكون محقا في القول إن السبب الرئيس في خسارة ألمانيا الحرب العالمية الثانية كان وراء هذا العنصر الذي دفع جميع أبناء الأعراق الأخرى لمواجهة العرق الآري (الألماني) العنصري آنذاك! على الرغم من تفوقها العلمي خصوصا بداية الحرب العالمية الثانية.
الحقيقة أن الإسلام جاء بمبدأ المساواة في مرحلة مبكرة جدا، وهي من أهم الأشياء التي جعلته جذابا، ويكتسح العالم انتشارا، حيث أصبح الناس في عصر النبوة سواسية لا فرق بين أعجمي ولا عربي إلا بالتقوى، فلا فرق بين أبيض ولا أسود، ولا ما يسمى “خضيري” و”قبيلي”، ولا بين أبناء تلك القبيلة والأخرى، أو غير ذلك من التوصيفات الجاهلية التي هي في الحقيقة لا تعني شيئا إلا الجهل والتراكم للأعراف الجاهلية.
وقد سبق أن كتبت عدة مقالات عن الموضوع، واقترحت وضع نظام للحماية ضد العنصرية والتمييز، إضافة إلى إنشاء هيئة خاصة تعنى بمتابعة هذا الموضوع. كما هو الحال في أغلب الدول المتقدمة. ونحن كلنا أمل في قيادتنا الرشيدة والسباقة إلى الإصلاح والتحديث.
اترك تعليقاً