مقالة قانونية ممتازة حول السلطة التقديرية للإدارة
مفهوم السلطة التقديرية للإدارة
تظهر السلطة التقديرية للإدارة إذا كانت في ظروف معينة غير مقيدة بالتصرف علي نحو معين , فيترك لها القانون حرية ممارسة نشاطها دون أن يفرض عليها سلوكا معينا .
ويظهر هذا الاختصاص عمليا في الحالات التي يترك فيها المشرع للإدارة حرية اختيار التصرف أو الإجراء المناسب في الوقت والكيفية التي تراها محققة للهدف الذي تبتغيه عند تحقق الحالة القانونية التي حددها وتبعاً لمدلول السلطة التقديرية , تكون الإدارة حرة في اتخاذ التصرف أو في الامتناع عنه , وحرة في اختيار الوقت الذي تراه مناسبا للتصرف , ومادام القانون لم يحدد للإدارة في ظروف معينة التصرف بطريقة معينة , فيكون لها حالة إصدارها للتصرف , أن تزن وحدها ملاءمة قراراتها للظروف و الملابسات .
ولقد وضح العميد ( بونار ) هذا الاختصاص التقديري للإدارة بقوله (( تكون سلطة الإدارة تقديرية حينما يترك لها القانون الذي يمنحها هذا الإختصاص بصدد علاقتها من الأفراد , الحرية في أن تتدخل أو تمتنع , ووقت التدخل وكيفيته , وفحوى القرار الذي تتخذه , فالسلطة التقديرية هي التي يتركها القانون للإدارة لتحديد ما يصح عمله, وما يصح تركه ))
ولقد أوضح الدكتور ( سليمان محمد الطماوي ) هذه السلطة بقوله أنها (( تلك السلطة التي تتمتع بها الإدارة في مواجهة كل من الأفراد والقضاء , لتختار في حدود الصالح العام , وقت تدخلها ووسيلة التدخل , وتقدير خطورة بعض الحالات ))
ومن الأمثلة التي تبرز فيها السلطة التقديرية للإدارة ما يتعلق بصلاحيتها في النقل المكاني لموظفيها وفقاً لمقتضيات الصالح العام , وكذلك فيما يتعلق بحريتها في منح أو منع دخول الأجانب أراضيها والإقامة فيها .
وقد مُنحت الإدارة هذه السلطة التقديرية , لأنه وإن كان تقييد اختصاص الإدارة لازماً لحماية الأفراد , إلا أن الإسراف في هذا التقييد من شأنه أن يشل حركة الإدارة وأن يجرد نشاطها من كل روح ابتكار , ولذلك يلزم منح الإدارة قدراً من السلطة التقديرية .
وتجد السلطة التقديرية تبريرها في مقتضيات العمل وضروريات الحياة الإدارية , بحيث أن المشرع يضع قواعد عامة مجردة فلا يستطيع أن يتنبأ بجميع الحالات الخاصة التي تحكمها هذه القواعد , فلذلك يجب أن يترك للإدارة معالجة الحالات الواقعية ووزن ظروفها وملابساتها , لأنها أكثر احتكاكاً بالأفراد وأقرب ألي الجمهور .
ولذلك منح المشرع للإدارة هذه السلطة شعوراً منه بأنها أقدر علي اختيار الوسائل المناسبة للتدخل واتخاذ القرار الملائم في ظروف معينة , وأنه مهما حاول لا يستطيع أن يتصور الحالات جميعها التي قد تطرأ في العمل الإداري ويرسم الحلول المناسبة لها , فالسلطة التقديرية ضرورة لحسن سير العملية الإدارية وتحقيق غايتها
فسلطة الإدارة التقديرية ضرورة اجتماعية فيما يتعلق بعلاقة الإدارة بالمشرع , وأيضا فيما يتعلق بعلاقتها بالقضاء .
اترك تعليقاً