دعوة لتوحيد الأحكام القضائية في جريمة إعطاء صك بدون رصيد
القاضي الدكتور حيدر علي نوري
من خلال الاطلاع ومتابعة القرارات التمييزية الصادرة من اغلب محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية ومحاكم الجنح لوحظ بان هناك اختلاف بالآراء القانونية للمحاكم المذكورة عن مدى تحقق جريمة إعطاء صك بدون رصيد وفق المادة (459) من قانون العقوبات، فمحاكم الموضوع في بعض محاكم الاستئناف الاتحادية تقضي بالإفراج عن المتهمين لعدم كفاية الأدلة والبعض الأخر يحكم بالبراءة بداعي فوات المدة القانونية لاستحقاق الصك والبالغة عشرة أيام بالنسبة للصك المسحوب في العراق والمستحق الوفاء وبمضي ستة أشهر دون أن يتقدم حائز الصك للمطالبة بالأداء استنادا إلى أحكام المادتين (156 / أولا) و (165 / أولا) من قانون التجارة رقم (30) لسنة 1984، أو الحكم بالبراءة لعدم اشتمال الصك على البيانات الإلزامية الواردة بنص المادة (138) من القانون المذكور والتي إذا تخلف ذكر أحداها يعتبر صكا ناقصا ولا يكون له اثر كورقة تجارية إلا في الحالتين الواردتين بالمادة (139) من ذات القانون.
إن توحيد الأحكام القضائية لكافة محاكم الاستئناف الاتحادية بخصوص جريمة إعطاء صك بدون رصيد وفقا لأحكام المادة (459) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل ينبغي ان يكون في الحالتين التاليتين:-
1- عند فوات المدة القانونية لاستحقاق الصك البالغة عشرة أيام بالنسبة للصك المسحوب في العراق والمستحق الوفاء فيه وبمضي ستة أشهر دون أن يتقدم المستفيد للمطالبة بصرفه طبقا لأحكام المواد (156 /أولا) و ( 175 / أولا) من قانون التجارة رقم (30) لسنة 1984.
2- عند خلوه من احد البيانات الإلزامية المنصوص عليها في المادة (138) من قانون التجارة انف الذكر.
وعلى أساس ما تقدم ، اتضح إن موقف رئاسات محاكم الاستئناف الاتحادية كان بثلاثة اتجاهات هي:-
الاتجاه الأول:– تقديم الصك بعد انتهاء المدة المحددة في المواد (156 / أولا) و(175 / أولا) من قانون التجارة ، أو خلوه من احد البيانات الإلزامية المنصوص عليها في المادة (138) من القانون انف الذكر، لا يؤثر على جريمة إعطاء صك بدون رصيد وتبقى الجريمة قائمة وتتحقق مسؤولية المتهم إذا ما ثبتت سوء نيته عند تحريره وإعطاءه ، القائمة على علمه بعدم وجود رصيد.
الاتجاه الثاني:- فيفرق بين أمرين إحداهما: إذا تم تقديم الصك بعد انتهاء المدة المحددة في المواد (156/ أولا)، و(175/ أولا) من قانون التجارة، فلا تأثير لذلك على جريمة إعطاء الصك بدون رصيد وتبقى الجريمة قائمة وتتحقق مسؤولية المتهم إذا ما ثبتت سوء نيته عند تحريره وإعطاءه ، القائمة على علمه بعدم وجود رصيد، أما الأمر الثاني: فيتعلق بحالة خلو الصك من احد البيانات الإلزامية المنصوص عليها في المادة (138) من القانون انف الذكر، فهنا يعتبر الصك ناقصا ولا تتحقق جريمة إعطاء صك بدون رصيد استنادا لأحكام المادة (139) من القانون المذكور أنفا، وتصدر بعض المحاكم قرار بالإفراج بينما يصدر بعضها الأخر قرار بالبراءة، باستثناء الحالتين المنصوص عليهما في المادة المذكورة وهما (عدم ذكر مكان الأداء مع ذكر عنوان بجاني اسم المسحوب عليه، وعدم ذكر مكان إنشاء الصك مع ذكر عنوان بجانب اسم الساحب) ، إذ تعد جريمة إصدار صك بدون رصيد مع توافر الحالتين أنفتي الذكر قائمة وتتحقق مسؤولية المتهم إذا ما ثبتت سوء نيته عند تحريره وإعطاءه ، القائمة على علمه بعدم وجود رصيد.
الاتجاه الثالث: ويقوم على أساس إن تقديم الصك بعد انتهاء المدة المحددة في المواد (156/ أولا) و(175 / أولا) من قانون التجارة ، أو خلوه من احد البيانات الإلزامية المنصوص عليها في المادة (138) من القانون انف الذكر، يؤدي إلى عدم تحقق جريمة إعطاء صك بدون رصيد وتصدر بعض المحاكم قرارا بالإفراج أو البراءة في الحالة الأولى، بينما تصدر بعضها الأخر في الحالة الثانية قرارا بالبراءة.
وأن معالجة الجريمة موضوع البحث يقتضي أن نتناولها وفق لما يأتي:-
أولا – القوانين المتعلقة بالجريمة موضوع البحث:-
وتكمن بما يلي:-
1- نصت المادة مادة (459) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل على انه: “1- يعاقب بالحبس وبغرامة لا تزيد على ثلاثمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من أعطى بسوء نية صكا (شيكا) وهو يعلم بأن ليس له مقابل وفاء كاف قائم وقابل للتصرف فيه أو استرد بعد إعطائه إياه كل المقابل أو بعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمته أو أمر المسحوب عليه بعدم الدفع أو كان قد تعهد تحريره أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه. 2 – ويعاقب بالعقوبة ذاتها من ظهر لغيره صكا (شيكا) أو سلمه صكا مستحق الدفع لحامله وهو يعلم إن ليس له مقابل يفي بكل مبلغه”.
2- قانون التجارة رقم (30) لسنة 1984 المعدل نص على ما يلي :
أ- نصت المادة (138) على ” يجب أن يشتمل الشيك على البيانات الآتية: أولا: لفظ شيك مكتوبا في الورقة باللغة التي كتبت بها. ثانيا: أمر غير معلق على شرط بأداء مبلغ معين من النقود. ثالثاً: اسم من يؤمر بالأداء (المسحوب عليه). رابعا: مكان الأداء. خامسا: تاريخ إنشاء الشيك ومكان إنشائه. سادسا: اسم وتوقيع من أنشا الشيك (الساحب)”.
ب-المادة (139) منه نصت على أنه “اذا خلت الورقة من احد البيانات المذكورة في المادة (128) من هذا القانون فتعتبر شيكا ناقصا ولا يكون له اثر كورقة تجارية الا في الحالتين التاليتين:
اولا: عدم ذكر مكان الاداء مع ذكر عنوان بجانب اسم المسحوب عليه فيعتبر هذا العنوان مكان الاداء. فاذا ذكرت عدة اماكن بجانب اسم المسحوب عليه اعتبر الشيك مستحق الاداء في اول مكان مذكور فيه. فاذا خلا الشيك من ذكر مكان الاداء على النحو المتقدم اعتبر مستحق الاداء في المكان الذي يقع فيه المركز الرئيس للمسحوب عليه.
ثانيا: عدم ذكر مكان الانشاء مع ذكر عنوان بجانب اسم الساحب فيعتبر هذا العنوان مكان انشاء الشيك”.
ج- نصت المادة (156) منه على انه : “اولا : الشيك المسحوب في العراق والمستحق الوفاء فيه يجب تقديمه للوفاء خلال عشرة ايام. ثانيا: اذا كان الشيك مسحوبا خارج العراق ومستحق الوفاء فيه، وجب تقديمه خلال ستين يوما. ثالثا: يبدا الميعاد المذكور في كل من الفقرتين السابقتين من تاريخ اصدار الشيك المبين فيه. رابعا: يعتبر تقديم الشيك الى احد المصارف وحجز مبلغه هاتفيا او برقيا من قبل هذا المصرف لدى المصرف المسحوب عليه، في حكم تقديمه للوفاء”.
د- نصت المادة (175) منه على انه ” اولا : تتقادم دعوى رجوع حامل الشيك على الساحب والمظهرين وغيرهم من الملتزمين بدفع قيمته بمضي ستة اشهر من انقضاء ميعاد تقديمه. ثانيا: تتقادم دعوى رجوع الملتزمين بعضهم على البعض الاخر بمضي ستة اشهر من اليوم الذي اوفى فيه الملتزم قيمة الشيك او من يوم مطالبته قضائيا بالوفاء”.
ثانيا– مفهوم جريمة إعطاء صك بدون رصيد وأركانها:-
إن جريمة الصك تعتبر من الجرائم الحديثه فهي من إفرازات الثورة الصناعية بعد تشغيل العمال من قبل أصحاب العمل في مصانع بعيدة عن المدن وخشية تعرض أموالهم للسرقة أودعوها في المصارف فيقوم صاحب المصنع بتحرير ورقة للمصرف الذي أودع فيه الرصيد ليدفع الأخير أجور العاملين بعد أن يضع على الورقة اسمه وتوقيعه، وبذلك أصبحت تقوم مقام النقد بالوفاء حيث يقوم المصرف بأداء قيمته إلى المستفيد بمجرد الاطلاع و قد أدى تداول الصكوك إلى التقليل من تداول الكتل النقدية في السوق وامن للتجار عدم حمل أوراق مالية كبيرة خشية تعرضهم للسرقة، فأصبح يكفي أن يحمل الشخص ورقة صغيرة فيها مبلغا كبيرا مسحوبا على مصرف أو على شخص أخر صيرفي في الدولة التي تأخذ بذلك فيدفع له في مكان الأداء هذا المبلغ، و قد اختلفت التشريعات بمعالجتها لهذه الجريمة، وابتداء لم ينص عليها باعتبارها فعلا محرما ولكن بعد مرور فترة من الزمن فان بعض التشريعات قد نصت على تجريمها عقابها وذلك في حالة تحقق احد الصور الركن المادي، وهناك من التشريعات من استوجب قصدا عاما لهذه الجريمة أي أن يكون المتهم بارتكابها مدرك ومريد لنتيجتها أو عالما بالنتائج التي ستحصل نتيجة لهذا الفعل، ولكن تشريعات أخرى استوجبت إضافة إلى القصد العام وجود قصد خاص لدى المتهم، يتجسد بتوفر النية السيئة عند إعطاءه الصك، للحصول على مال الغير بطرق احتيالية وهي تحرير الصك موهما إياه بان لديه رصيد بالمصرف وكان من ضمن التشريعات التي أخذت بالرأي الأخير قانون العقوبات العراقي النافذ المرقم (111) لسنة 1969 المعدل في المادة (459) منه، كما قد اختلفت المحاكم في النظر لهذه الجريمة عند نقص احد البيانات الشكلية (الإلزامية) وهي في أن يكون هناك صكا محررا وعدم تعليق شروط الوفاء به وذكر اسم المسحوب عليه وتاريخ ومكان إنشاء الصك ومكان الوفاء وهناك محاكم اعتبرت الصك الذي نقصت احد شروطه الشكلية صكا ناقصا وبالتالي فلا عقوبة عليه بحجة إن القانون لا يعاقب على الصك الناقص أو بحجة إن الفعل لا يقع تحت أي نص عقابي، ذلك إن الصك الناقص أداة ضمان وذلك لعدم إمكان اعتباره ورقة تجارية، كما إن هناك محاكم اعتبرت الصك أداة واجبة الدفع بمجرد الاطلاع سواء توفرت فيه كافة شروطه الموضوعية والشكلية أم لم تتوفر، باعتبار إن ذلك يخل بالثقة التي أودعها المشرع في الصك باعتباره أداة وفاء تقوم مقام النقود، إذ إن القانون الجنائي يقوم على أسس تختلف عن الأسس التي يقوم عليها القانون التجاري، فقواعد القانون الجنائي آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها والقصد منها تعزيز ثقة المتعاملين بالصك حماية له من المحتالين وهناك محاكم قد ميزت بين حالتين، اذا ما توافرت في الصك شروطه الشكلية وقدم للمسحوب عليه لصرفه خلال المدة المنصوص عليها في قانون التجارة،
الحالة الأولى: هي تحرير الصك بسوء نية وبالتالي اعتبرت نص (459) منطبقة، وأما الحالة الثانية: فهي حالة عدم توفر سوء نيته مع ألأخذ بنظر الاعتبار التعامل السابق والأدلة الأخرى التي تثبت عدم توافر سوء النية، إن التناقض والتضارب وعدم الاستقرار في أحكام المحاكم كان نتيجة لاختلاف قانون التجارة عن قانون العقوبات في الشروط الواجب توفرها في الصك، فليست هناك جريمة أثارت جدلا فقهيا وقضائيا واسعا ولا زالت مثل جريمة إعطاء صك بدون رصيد، بسبب غموض أو عدم وضوح الفكرة في التشريع وعدم تطابقها بين القانون التجاري والجنائي، وهل إن البيانات التي حددها قانون التجارة بما يتطلبه من شروط للصك تنسحب على ما يريده المشرع الجنائي ؟.
والملفت للنظر إن محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية غير مستقرة على رأي حول الصك الناقص، وكذلك إذا ما قدم للصرف بعد انتهاء المدة المنصوص عليها في قانون التجارة لصرفه (طبقا لأحكام المواد 138 و139 و 156 / أولا و 175 / أولا ) من قانون التجارة ، إلا إن الآراء القضائية لدى المحاكم الاستئناف بصفتها التمييزية قد تقاربت، إذا توافرت شروطه الشكلية وقدم للصرف خلال المدة اللازمة لتقديمه فيها، إذ تبنت الغالبية العمى من هذه المحاكم الرأي القائل إن الصك يعتبر قد حرر للوفاء إذا كان بسوء نية وللضمان إذا كان بحسن نية، إذ إن سوء النية يعد متوافرا بمجرد إعطاء صك بدون رصيد مع علم الساحب بعدم وجود رصيد كاف للوفاء بقيمته، وبذلك تعد الجريمة قائمة، و إن سوء النية يجب توفره كركن خاص من أركان هذه الجريمة إضافة إلى توفر الأركان العامة، وهو الرأي الذي نؤيده.
ولم نجد تطبيقات قضائية بالشروع أو الاشتراك في جريمة إعطاء الصك بدون رصيد ولكن لاحظت إن الفقه قد بحث هذين الموضوعين ضمن الركن المادي ولم يستبعد وجودهما بل ضرب الأمثلة على ما يؤكد إمكانية وقوعهما.
وقد ﻧﺻــت اﻟﻣــﺎدة (٤٥٩) ﻣــن ﻗــﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑــﺎت اﻟﻌراﻗــﻲ ﻋﻠــﻰ أن “١- ﯾﻌﺎﻗــب ﺑــﺎﻟﺣﺑس وﺑﻐراﻣــﺔ ﻻ ﺗزﯾد ﻋﻠﻰ ثلاثمائة دﯾﻧﺎر أو ﺑﺈﺣـدى ﻫـﺎﺗﯾن اﻟﻌﻘـوﺑﺗﯾن ﻣـن أﻋطـﻰ ﺑﺳـوء ﻧﯾـﺔ ﺻـﻛﺎً وﻫـو ﯾﻌﻠـم ﺑﺄن ﻟﯾس ﻟﻪ ﻣﻘﺎﺑل وﻓـﺎء ﻛـﺎف ﻗـﺎﺋم وﻗﺎﺑـل ﻟﻠﺗﺻـرف ﻓﯾـﻪ أو أﺳـﺗرد ﺑﻌـد إﻋطﺎﺋـﻪ أﯾـﺎﻩ ﻛـل اﻟﻣﻘﺎﺑـل أو ﺑﻌﺿﻪ ﺑﺣﯾث ﻻ ﯾﻔﻲ اﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑﻘﯾﻣﺗﻪ أو أﻣر اﻟﻣﺳﺣوب ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻌدم اﻟـدﻓﻊ أو ﻛـﺎن ﻗـد ﺗﻌﻣـد ﺗﺣرﯾـرﻩ أو ﺗوﻗﯾﻌﻪ ﺑﺻورة ﺗﻣﻧﻊ ﻣن ﺻرﻓﻪ. ٢- وﯾﻌﺎﻗب ﺑﺎﻟﻌﻘوﺑﺔ ذاﺗﻬﺎ ﻣن ظﻬر ﻟﻐﯾرﻩ ﺻﻛﺎً أو ﺳـﻠﻣﻪ ﺻﻛﺎً ﻣﺳﺗﺣق اﻟدﻓﻊ ﻟﺣﺎﻣﻠﻪ وﻫو ﯾﻌﻠم أن ﻟﯾس ﻟﻪ ﻣﻘﺎﺑل ﯾﻔﻲ ﺑﻛل ﻣﺑﻠﻐﻪ”.
وﯾﺷﺗرط ﻟﺗطﺑﯾق ﻫذا اﻟﻧص ﺗواﻓر ﺛﻼﺛﺔ أرﻛـﺎن: اﻟـرﻛن اﻟﻣـﺎدي وﻫـو اﻟﻔﻌـل اﻟﻣرﺗﻛـب ﺑﺈﺣـدى اﻟﺻور اﻟﺗﻲ ﻋددﻫﺎ اﻟﻧص، واﻟﻣﺣل اﻟذي ﺗﻘﻊ ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺟرﯾﻣﺔ، واﻟﻘﺻد ألجرمي.
أ- اﻟﺮﻛــﻦ اﻟﻤــﺎدي:- ﺣدد النص انف الذكر صور اﻷﻓﻌﺎل الجرمية اﻟﺗـﻲ ﺗﻘـﻊ ﻋﻠـﻰ اﻟﺻـك ﺑﺄﻧﻬـﺎ:
1- ﻋطـﺎء ﺻـك ﻟـﯾس ﻟـﻪ ﻣﻘﺎﺑل وﻓﺎء ﻛﺎف ﻗـﺎﺋم وﻗﺎﺑـل ﻟﻠﺗﺻـرف ﻓﯾـﻪ.
2- اﺳـﺗرداد ﻛـل ﻣﻘﺎﺑـل اﻟوﻓـﺎء أو ﺑﻌﺿـﻪ ﺑﻌـد إﻋطـﺎء.
3- إﺻدار أﻣر ﻟﻠﻣﺳﺣوب ﻋﻠﯾﻪ ﺑﻌدم دﻓﻊ اﻟﻣﻘﺎﺑل.
4- ﺗﺣرﯾر اﻟﺻك أو ﺗوﻗﯾﻌـﻪ ﺑﺻـورة تمنع ﻣــن ﺻــرﻓﻪ.
5- ﺗظﻬﯾــر ﺻــك ﻟــﯾس ﻟــﻪ ﻣﻘﺎﺑــل وﻓــﺎء.
6- – ﺗﺳــﻠﯾم ﺻــك ﻟــﯾس ﻟــﻪ ﻣﻘﺎﺑــل وﻓــﺎء.
ب- المحل الذي تقع عليه الجريمة:
ﺟرﯾﻣــﺔ إﺻــدار ﺻــك ﺑــدون رﺻــﯾد ﻻ ﺗﻘــﻊ ﻋﻠــﻰ ورﻗــﺔ أﺧــرى ﻏﯾــر اﻟﺻــك وﻟــو ﻛﺎﻧــت ورﻗــﺔ ﺗﺟﺎرﯾــﺔ ﻛﺎﻟﺣواﻟــﺔ اﻟﺗﺟﺎرﯾــﺔ (السفتجة) واﻟﺳــﻧد ﻟﻸﻣــر (اﻟﻛﻣﺑﯾﺎﻟــﺔ) ، ﻓﻬﺎﺗــﺎن اﻟورﻗﺗــﺎن ﻻ ﺗﻘوﻣــﺎن ﻣﻘــﺎم اﻟﻧﻘــود ﻓــﻲ اﻟوﻓــﺎء وﻟــﯾس ﻟﻬﻣــﺎ ﻣﻘﺎﺑــل وﻓــﺎء ﻓــﻲ اﻟﻣﺻــرف ﻗﺎﺑــل ﻟﻠﺳــﺣب، وﻟــذﻟك ﻻ ﺗﻧﻌطــف ﺣﻣﺎﯾــﺔ اﻟﻘـﺎﻧون ﻋﻠﯾﻬﻣــﺎ ﻛﻣــﺎ ﻫــﻲ ﻣﻘــررة ﻟﻠﺻــك، وﯾﻔﺗـرض ﺣﺳــب ﻧﺻــوص ﻗــﺎﻧون اﻟﺗﺟــﺎرة اﻟﺣﺎﻛﻣــﺔ ﻟﻠﺻــك أﻧــــﻪ ﻻ ﯾﺷــــﺗرط أن ﯾﻛــــون اﻷﺧﯾــــر ﻣﺣــــرراً ﻋﻠــــﻰ أﻧﻣــــوذج ﻣطﺑــــوع، وﻟﻛــــن ﺟــــرت اﻟﻌــــﺎدة ﻟــــدى ﻛﺎﻓــــﺔ اﻟﻣﺻﺎرف اﻟﻌراﻗﯾﺔ أﻧﻬﺎ ﺗﻘوم ﺑﺗزوﯾد ﻋﻣﻼﺋﻬﺎ ﺑـدﻓﺗر ﺻـﻛوك ﻣطﺑـوع ﻋﻠـﻰ أﻧﻣـوذج وﻣـذﻛور ﻓـﻲ ﻛـل ورﻗــﺔ ﻣﻧــﻪ اﺳــم اﻟﻣﺻــرف اﻟﻣﺳــﺣوب ﻋﻠﯾــﻪ ورﻗــم ﺗﺳﻠﺳــل اﻟورﻗــﺔ ورﻗــم ﺣﺳــﺎب اﻟﻌﻣﯾــل، وﻻ ﺗﻘﺑــل ﺗﻠــك اﻟﻣﺻﺎرف ﻣطﻠﻘﺎً اﻟﺗﻌﺎطﻲ بأية ورﻗﺔ ﻻ ﺗﻛون ﻣطﺑوﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﻣوذج اﻟﻣﻌد ﻣن ﻗﺑﻠﻬﺎ، وﻻ ﯾﺷﺗرط أن ﺗﻛون ورﻗـﺔ اﻟﺻـك ﻣطﺑوﻋـﺔ ﺑﺷـﻛل ﻣﻌـﯾن، إذ ﻛـل ﻣـﺎ ﯾﺗطﻠـب ﻫـو ﺗـواﻓر اﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓـﻲ اﻟﻣـﺎدة (١٣٨) ﻣـن ﻗـﺎﻧون اﻟﺗﺟـﺎرة.
ج- اﻟﻘصد ألجرمي
ﻫـو ﻋﻠـم اﻟﺳـﺎﺣب وانصراف أردته إلى كتابة الصك وتحرير وتسليمه وإعطاءه إلى المستفيد وطرﺣﻪ ﻓﻲ اﻟﺗداول وهو يعلم بأنه ﻟـﯾس ﻟﻪ ﻣﻘﺎﺑل وﻓﺎء ﻛﺎف لتسديد قيمته لدى المسحوب عليه ﻓﻲ ﺗﺄريخ ﺗﺣرﯾرﻩ، ولا ﯾﻛﺗﻔـﻲ اﻟﻘـﺎﻧون ﺑﺎﻟﻘﺻـد اﻟﻌـﺎم ﻟﻬـذﻩ اﻟﺻــورة ﻣـن اﻟﺟرﯾﻣـﺔ ، بل ﯾﺷـﺗرط ﺗــواﻓر ﻗﺻـد ﺧـﺎص ﻓﯾﻬــﺎ إضافة للقصد العام يتجسد بسوء نية الساحب، وان ﻣﻌﻧـﻰ ﺳـوء اﻟﻧﯾــﺔ اﻟـوارد ﻓــﻲ اﻟﻧص ﻫو ﻋﻠم اﻟﺳﺎﺣب ﺑﻌدم وﺟود رﺻﯾد ﻟدى اﻟﻣﺳﺣوب ﻋﻠﯾﻪ ﯾﻐطﻲ ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺻك وقت تحريره وتسليمه وإعطاءه للمستفيد.
ثالثاً: النتائج التي تم التوصل إليها:-
يتضح مما تقدم ما يلي :
1- إن الصك أداة تقوم مقام النقود في الوفاء، هو واجب الدفع بمجرد الاطلاع، لذا حظي باهتمام المشرع العراقي في قانون العقوبات بخلاف بقية الأوراق التجارية الأخرى إذ جرم المشرع أفعال إساءة استخدامه بسوء نية طبقا لأحكام المادة (459) من قانون العقوبات، حماية للثقة والائتمان التي منحها المشرع له، باعتباره الوسيلة التي يتم بها التعاملات التجارية القائمة على السرعة والثقة والائتمان.
2- لتحقق مسؤولية المتهم عن جريمة إعطاء صك بدون رصيد وفقا لأحكام المادة (459) من قانون العقوبات يقتضي توافر سوء نية المتهم عند إعطاء الصك بعلمه بعدم وجود رصيد، ولا عبرة بعلم المستفيد بعدم وجود رصيد كاف للوفاء، ذلك إن سوء النية يتعلق بالقصد ألجرمي الخاص بالمتهم، ولا يتأثر ذلك القصد بعلم المستفيد.
3- إن الصك بمفهومه العام أداة وفاء تقوم مقام النقود، ولذا فانه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون أداة ضمان، والقول بخلاف ذلك يعني هدر لإرادة المشرع الجنائي عند تجريم الإساءة إليه والعبث فيه بلا مبرر.
4- إن المادة (138) من قانون التجارة اشترطت بيانات إلزامية يجب توافرها في الصك واعتبرت المادة (139) منه تخلف احد البيانات الإلزامية المنصوص عليها في المادة (138) منه باستثناء حالتين، الصك ناقصا، ولذا فان المادة (139 ) من قانون التجارة لم تنفي عن الصك الذي تخلفت احد بياناته صفة الصك ولكن وصفته بأنه صكا ناقصا، وان هذا الوصف لا يفقد الصك قيمته كورقه تجارية لها أهميتها في الإثبات من الناحية المدنية، وعلى أساس ذلك فالصك الناقص لا يعني انه تم إعطاءه للضمان لعدم وجود صك للضمان أصلا، ذلك إن مفهوم الصك الناقص من المفاهيم التجارية التي تستوجب على المصرف إن يتم التعامل معه وفقا لصيغة معينة يستلزمها طبيعة العمل المصرفي، ولذا فإذا ما تم إعطاء صك ناقص لخلوه من البيانات الإلزامية للمستفيد مع علم الساحب بعدم وجود رصيد وقت إعطاءه كاف للوفاء بقيمته يعد الساحب هنا سيء النية وتحقق مسؤوليته الجنائية عن جريمة إعطاء صك بدون رصيد وفقا لأحكام المادة (459) من قانون العقوبات، ذلك إن البيانات الإلزامية في الصك لا تعد من مستلزمات ركن جريمة إصدار صك بدون رصيد المادية، فإذا ما تحقق الركن المادي مع توافر القصد ألجرمي بما يتضمنه من سوء نية بعده قصدا جرميا خاصا توافرت بذلك أركان الجريمة كاملة وتحققت مسؤولية المتهم عنها، ولذا فلا موجب للإفراج عن المتهم أو الحكم ببرائته إذ ما كان الصك ناقصا لتخلف احد بياناته الإلزامية بحجة إن تحريره كان للضمان.
5- إن ما نصت علية المادتين (156 / أولا و 175 / أولا ) من قانون التجارة، اللتان أوجبتا تقديم الصك للصرف أو للوفاء أو للرجوع على الساحب أو المظهرين وفقا للتفصيل الوارد في كلا منهما، خلال مدة محدده، تتعلق بعلاقة المستفيد أو الحامل بالمصرف أو بالساحب أو بالمظهرين، وان المدة المذكورة في المادتين تعد مدة تقادم بالنسبة للحامل تتعلق بصرف الصك أو الوفاء بقيمته أو الرجوع بتلك القيمة، ولا يمكن أن تعد تلك المدة أساسا للقول بتقادم الصك من الناحية الجنائية، إذ إن القاعدة الجنائية تقضي بأنه لا تقادم في الجزاء، ولا يمكن أن ينسحب التقادم المدني أو التجاري على التقادم الجزائي ، وعلى أساس ما تقدم فلا تأثير لمدة التقادم المنصوص عليها في المادتين ( 156 / أولا و 157 / أولا) من قانون التجارة على مسؤولية المتهم الجزائية عن جريمة إعطاء صك بدون رصيد بسوء نية، لتعلق مدة التقادم أنفة الذكر بالجانب المدني أو التجاري وليس الجانب الجزائي.
6- يجب عل محاكم الجنح التفرقة بين المتهم حسن النية والمتهم سيء النية لتحديد مسؤولية المتهم عن جريمة إعطاء صك بدون رصيد، إذ إن المتهم سيء النية يعد مسؤولا عن الجريمة المرتكبة بخلاف المتهم حسن النية، ذلك إن توافر حسن النية لدى المتهم يعني انعدام القصد وبذلك ينتفي ركن من أركان الجريمة، الأمر الذي يقتضي الحكم ببراءة المتهم لانعدام وجود الجريمة أصلا، وعلى رئاسات الاستئناف كافة التوجيه وفقا لذلك.
7- إن تنازل المشتكي عن الشكوى ليس له من تأثير على تحقق جريمة إعطاء صك بدون رصيد بسوء نية، ذلك إن جريمة إعطاء صك بدون رصيد بسوء نية من جرائم الحق العام ولا تنقضي بالتنازل.
8- مما تقدم نستنتج إن توجه محاكم الجنح بالإفراج عن المتهم أو الحكم ببرائته على حسب الأحوال في حالة تخلف احد البيانات الإلزامية الواجب توافرها في الصك المنصوص عليها في المادة ( 138 ) من قانون التجارة وكذلك الأمر بالنسبة إلى حالة فوات المدة المنصوص عليها في المادتين (156 / أولا و 157/ أولا ) ، يعد محل نظر، وعلى محاكم الاستئناف الاتحادية كافة مراعاة ذلك في قراراتها حماية للمصلحة التي سعى المشرع الجزائي بنص المادة (459) من قانون العقوبات إلى حمايتها الكامنة في الصك باعتباره لذاته وبذاته مصلحة واجبة الحماية الجزائية، إذا إن حماية الصك الجزائية ضرورة تستوجبها التعاملات التجارية المعاصرة القائمة على السرعة والثقة والائتمان.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً