المفهوم الدستوري للكتلة النيابيّة الأكثر عدداً
إياس الساموك
نصّت المادة (76/ أولاً) من الدستور على (يكلّف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية)، ويظهر جلياً أن هذه المادة الدستورية حسمت موضوع تشكيل الحكومة ومن يكلف بتشكيلها وذلك من خلال التالي:-
أولاً:- أن مفهوم “الكتلة النيابية الاكثر عدداً”، وجدته المحكمة الاتحادية العليا واضحاً وصريحاً في المادة (76) من الدستور.
ونص المادة (76) من الدستور أشار إلى (الكتلة النيابية)، وهي الكتلة التي تتكون من نواب في تجمع معين يعلن عنه في مجلس النواب، والنائب هو من يتخطى المراحل التالية:-
1- الفوز في انتخابات عضوية مجلس النواب.
2- المصادقة من المحكمة الاتحادية العليا على توفر الشروط فيه.
3- ترديده القسم المنصوص عليه في المادة (50) من الدستور.
وعندها يتصف بالصفة النيابية وينال الحصانة وبقية الامتيازات البرلمانية المنصوص عليها في المادة (63) من الدستور، فقبل إكمال هذه الشروط لا يستطيع الفائز في الانتخابات أن يمارس دوره التشريعي والرقابي المنصوص عليه في الدستور، ذلك أن مجرد الفوز وحده لا يكفي لكي يأخذ الفائز صفة (النائب).
ثانياً:- أن تسمية الكتلة النيابية بـ(الأكثر عدداً) تنطبق على الكتلة النيابية التي تتفوق على بقية الكتل من حيث عدد النواب التي تضمها.
ثالثاً:- أن إرادة المشرع الدستوري لم تكن متجهة إلى منح القائمة الانتخابية حق تشكيل الحكومة بمجرد فوزها عددياً في الانتخابات، ولو أراد ذلك لنص عليه صراحة كأن يأتي النص على النحو الآتي:- “يكلف رئيس الجمهورية مرشح القائمة الفائزة او الكيان الانتخابي الفائز عددياً في الانتخابات بتشكيل مجلس الوزراء…”، كما هو موجود في دساتير بعض الدول، وان منح حق ترشيح من يشكل الوزارة إلى مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا وضع عن قصد قد يتعلق بالظروف المحيطة بكتابة الدستور، وخلق نوع من التوازنات والتفاهمات بين كتل مجلس النواب.
رابعاً:- لا يوجد ما يمنع دستورياً أن تشكل القائمة الفائزة بالانتخابات الوزارة، إذا بقت هي الكتلة الأكبر ودخلت مجلس النواب وأصبح الفائزون فيها نواباً وبعدد يفوق على نواب بقية الكتل، وحينها سيتحول وصفها القانوني من قائمة فائزة إلى (الكتلة النيابية الأكثر عدداً)، وتُكلّف بتشكيل الوزارة على أساس عدد نوابها.
خامساً:- ان المحكمة الاتحادية العليا عندما أصدرت حكمها بالرقم (25/ اتحادية/ 2010) المتضمن تفسير (الكتلة النيابية الأكثر عدداً)، فأنها استندت إلى صراحة ودلالة نص المادة (76) من الدستور والى مفهوم النائب وشروط صيرورته (نائباً) ولا يحق لها أن تستبدل نصها أو مفهومها ولا تستطيع تخطي قصد المشرع الدستوري الذي توضح عنه؛ لأنها ملزمة بتفسيره استناداً إلى اختصاصها المنصوص عليه في المادة (93/ ثانياً) من الدستور، وعلى هذا الاساس تم تكليف د.حيدر العبادي بتشكيل الحكومة عام 2014، بعدما جرى ترشحيه من التحالف الوطني الذي كان يشكل الكتلة النيابية الأكثر عدداً.
سادساً:– أن المحكمة الاتحادية العليا وضعت ضابطاً بخصوص (الكتلة النيابية الاكثر عدداً) بأنها التي تتشكل في الجلسة الاولى لمجلس النواب التي تنعقد برئاسة اكبر الاعضاء سناً، وتسجل هذه الكتلة رسمياً بأنها الاكثر عدداً، وهذا يعالج موضوع في غاية الاهمية، فلا يمكن لكتلة ما الادعاء بأنها تحمل هذه الصفة لمجرد الاعلان في وسائل الاعلام، انما توثيق ذلك رسمياً في مجلس النواب.
سابعاً:– لا يوجد ما يمنع أن يكون المكلف بتشكيل الوزارة من (القائمة الفائزة في الانتخابات) إذا ما اريد ذلك اذا عدلت المادة (76) الدستور على النحو المطلوب وفق الاليات المنصوص عليها في المادة (142) منه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً