الدعوة إلى تحرر المرأة بين خصوصيات الهوية ومقتضيات الحداثة
الأستاذ الحسين بلحساني
من بين القضايا الكبرى التي استأثرت باهتمام الفكر الإسلامي الحديث، محاولات التأصيل لحقوق الإنسان في الإسلام، وهي ما اقتضت منه ملامسة نظم عديدة، في مجالات مختلفة بسبب طبيعة هذه الحقوق المركبة والمتنوعة الأبعاد، وقد أتيح له بالمناسبة أن يقف على عدد من الوقائع تبين أن التجربة التاريخية فيها كانت بعيدة جدا عن مقاصد الإسلام وشريعته، بالرغم من ترسانة التبريرات التي أوجدها العقل الاجتهادي الذي عايش هذه التجربة.[1]ومن ذلك أساسا قضية المرأة التي ظلت منذ أزيد من قرن، من المفاهيم القلقة في المنظومة الثقافية العربية.[2] فإذا كان القهر يشكل في الواقع العربي حملا يتقاسمه الرجل والمرأة معا، فإن ثقله على هذه الأخيرة كان وما يزال مضاعفا، يرجع بعضه إلى نصيبها الخاص، وبعضه الآخر إلى انعكاسات القهر الذي يتعرض له الرجل عليها، إضافة إلى تحديات لها جذورها في أعماق التاريخ، ترتبط بالتركيب الاجتماعي العربي، وبالتراث الذي ما يزال حادا دون حياة، وبانفصام عميق، هو صورة عن ازدواجية التقليد والحداثة، والسلفية والعصرية، والمحافظة والتغيير، التي يعيشها عرب الأيام المعاصرة[3]، وبالرغم من وجود قناعة مشتركة بأن تحرر المرأة ذو أبعاد حضارية تتأكد بها الأصالة وتترسخ الشخصية، وأبعاد إنمائية يتحقق بها التقدم المتسارع والعـادل، [4]وأن إدماجها في مشروع الإقلاع المنشود ومشاركتها الفاعلة، على قدم المساواة مع الرجل يشكل عنصرا أساسيا في عملية التحول الديمقراطي الصحيح، فإن المقاربات والمناهج والرؤى ما تزال متباعدة متنافرة بحيث لا يكاد ينتظم الكثير منها ناظم.ويهمني في هذا المجال أن أتوقف عند ملامسة بعض مظاهر قضية المرأة العربية، في علاقتها مع القوامة الشرعية التي تقدم كواحد من المصـادر والمبررات المتعددة للقهر الممارس ضد المرأة.
أولا: موقع قضية المرأة في الفكر العربي
لا أقصد التلميح إلى أن التاريخ يعيد نفسه، عندما أشدد على وجود كثير من أوجه الشبه بين الملابسات التي أحاطت بإثارة قضية المرأة ضمن المشروع النهضوي للأمة العربية أواخر القرن التاسع عشر، وبين ما يحف نفس القضية أواخر القرن العشرين ضمن ما يمكن اعتباره تجاوزا مشروعا عربيا لمواجهة آثار العولمة. ففي كلتا الحالتين احتلت قضية المرأة مجالا مركزيا،وعكست مختلف المناولات والمقاربات رغم تباين المنطلقات والمناهج وأحيانا حتى المرجعيات، تطورات الفكر العربي في هذا الشأن على مستوى الخطاب وكذا على مستوى توظيفه. كما عكست إدراكا متزايدا بأن قضية المرأة لا تقتصر على إثارة إشكالية الجنس الإناثي، وإنما هي علامات حضارية تحوي قيما وأعرافا، وتكشف عن شكل اجتماعي معين، وممارسات دينية وثقافية محددة، حتى إن مشكلة المرأة تناظر مشكلة المصير العربي بكل زواياه وخلفياته، بحيث يعتبرها البعض مسبارا لمراجعة الحسابات قصد تقييم الأوضاع العربية عامة عند مقارنتها بالتقدم الغربي[5].
وإذا كانت العولمة قد فرضت اليوم نفسها على جدول أعمال الفكر العربي، حيث أضحى مطلوبا منه أن يحدد الموقف منها واقعا وآثارا، فإن قضية المرأة تبرز من جديد عنصرا محوريا في تشكيل هذا الموقف وضمن نفس الإطار، الذي يروم رسم حدود العلاقة بين مقومات الحضارة العربية الأصيلة، والحضارة الغربية الوافدة في شكل ثقافة كونية عالمية. ولأن موضوع المرأة يشكل المظهر الأكثر تجسيدا للخصوصية والأوضح تعبيرا عن تفرد الذات، فإنه كان على الدوام في قلب كل الصراعات المعلنة وغير المعلنة بين الأنا العربية والآخر.
ومن هنا فإن نفس الحيرة، ونفس القلق، ونفس الاضطراب الذي عاشه العالم العربي عند احتكاكه العنيف بالعالم الغربي منذ أزيد من قرن يتكرر اليوم، ولا أظنني مبالغا إذا قلت بأن الأفعال وردود الأفعال ذاتها لم تتغير، على الأقل في روحها وجوهرها، وإن اتخذت لها مسوحا تبدو مغايرة. ويخشى أن يتميز هذا الاهتمام أيضا بنفس ما تميز به من قبل، بحيث تنحسر الموجة أو تنقطع وتتوقف دون أن يكتمل ويتراكم بحث وفهم الظاهرة بل والحسم في شأنها، كما حدث مع قضايا متعددة بعثرنا ملفاتها دون أن نبت في أي منها، وذلك من قبيل القومية والتنمية والتراث والمعاصرة والحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها.[6]
صحيح أن قضية المرأة كانت على الدوام متجددة في الفكر العربي، وموضوع اجتهادات وتوظيفات متعددة، إلا أنها أثيرت في أغلب المناسبات بكثير من الصخب، مقرون باتهامات من هذا الطرف أو ذاك، وزعت مجانا في بعض الأحيان ذات اليمين وذات الشمال.
فقد اتخذ مطلب تحرير المرأة – ولو بقرارات فوقية ، وبغض النظر عن البنية الاجتماعية -، صيغة مواجهة مكشوفة بين جنس الأنثى وغريمه الذكر. يقول عباس مكي:”إن قضية المرأة العربية في إطار عملية التنمية والتربية تحديدا (أي نهضتها) هي بالفعل قضية مواجهة بين الوجه المتخلف للدين والتراث والتقاليد، وهي حتى في بعض جوانبها قضية مواجهة بين النساء والرجال، ولا يمكننا الانصراف لبناء المستقبل إلا في ضوء حل هذه الإشكالية المعقدة التي تأخذ شكل صراع حاد جدا.”[7] فقد أصبح الرجال وفقا لهذا التصور أعلم وأقدر وأغنى من النساء، عندما سيطروا بأنانية على زمام السياسة والاقتصاد. ومن ثم فإن تفوق الرجال مغتصب، وليس أصيلا في الطبيعة البشرية، إنه تفوق كسبي، في مجتمع سادته الأبيسية المطلقة.[8]
إن هذا الطرح يتصور الإشكال حلبة للصراع بين طرفين خصمين، الرجل والمرأة، وهو صراع غير متكافئ، يحتكر فيه الأول الساحة السياسية وجميع أسباب التفوق. ومن هنا فإن حل الإشكال قد يكمن ببساطة في تمكين المرأة من الأسلحة التي تؤهلها لردع الرجل، ومن يدري ربما للقضاء عليه!!
والواقع أن قضية المرأة ليست شأنا خاصا بها، ومن ثم لا يمكن معالجتها بمعزل عن قضايا الرجل العربي، من دون المكابدة في البحث عن أيهما الجاني وأيهما المجني عليه، فهما معا بالتأكيد في الهم شرق. يقول خليل أحمد خليل: “ليس للمرأة وليس للرجل تاريخان منفصلان، فهما صانع تاريخ مشترك، حتى في علاقات القهر المفترضة في مجتمع معين، وهما شرطان متكاملان لكل انبناء اجتماعي، وتناقضهما يعني في الأسرة مثلا، نقض العقد التاريخي لتأسيس الاجتماع البشري.”[9]بل إنها أيضا قضية المجتمع العربي كله. فاضطهاد المرأة لا يرجع إلى الرجل، إذ هما معا ضحايا القهر الراجع إلى موروثنا من التخلف والمرتبط بالبنية السائدة، حتى ولو استعمل الرجل أداة لاضطهادها من طرف المجتمع، لأن النظم والأنساق الاجتماعية لا تخضع لها المرأة وحدها كما لا يخضع لها الرجل وحده. يقول قاسم أمين: “أنظر إلى البلاد الشرقية تجد أن المرأة في رق الرجل، والرجل في رق الحاكم، فهو ظالم في بيته، مظلوم إذا خرج منه.”[10]وهو ما يعني أن وضع المرأة هو جزء من الوضع العام الذي يتسم بسيطرة القوي على الضعيف وبغياب مقومات الديمقراطية والحرية والشعور بالمساواة.
ثانيا: تحرير المرأة مطلب تنموي
يقول ابن رشد: “لا تدعنا حالنا الاجتماعية نبصر كل ما يوجد في إمكانيات المرأة، ويظهر أنهن لم يخلقن لغير الولادة وإرضاع الأولاد. وقد قضت هذه الحالة من العبودية فيهن على قدرة القيام بجلائل الأعمال، ولذا فإننا لا نرى بيننا امرأة مزينة بفضائل خلقية، وتمر حياتهن كما تمر حياة النباتات، وهن في كفالة أزواجهن أنفسهم. ومن هنا أيضا أتى البؤس الذي يلتهم مدننا.”[11]
إن التباين المرصود في طرح إشكالية المرأة يسجل بشكل متوازي على مستوى الحلول المقترحة من أجل تجاوز وضعية التهميش والدونية التي تعاني منها المرأة. ولأن المجال لا يسمح بالتفاصيل، يكفي التأكيد على أن تحرر المرأة أو تحريرها كان يقتضي عند رواد النهضة بالخصوص، تمكينها من مجموعة من الحقوق اعتبرت أساسية، بدون ممارسة المرأة لها يظل المجتمع كله، وهي تشكل نصفه، محكوما عليه بالشلل والتخلف. ويتعلق الأمر بحقها في التعليم وحقها في العمل وحقها في المشاركة في الشأن الخاص والعام على السواء، انتخابا وترشيحا ومساهمة في التسيير والتدبير واتخاذ القرار…[12]غير أن هذه التجربة قد أثبتت قصور هذا التصور عن بلوغ الهدف وتحقيق المراد[13]. فلا شك أن المرأة العربية قد توفر لها من ذلك الشيء الكثير، من الناحية النظرية على الأقل، وبنسب متفاوتة. إذ فتحت في وجهها أبواب المدارس والجامعات منذ زمن غير قصير[14]، وتيسر لها في عديد مـن الأقطار ولوج دنيا العمل[15]، وأتيحت لها نسبيا وبتفاوت واسع جدا بين مجموع الأقطار العربية فرص المشاركة في الشأن العام، ناخبة ومنتخبة ومعينة في إطار المجالات المسموح بها لحد الآن. ولكن ذلك كله لم يكن في النهاية سوى تطور كمي لم يترتب عنه كما كان مأمولا تطور نوعي حقيقي.وتبدى السفور تماما كالحجاب إقرار بأن المرأة أولا وآخرا، جسد يمتلك ويصان إما للاستئثار به فيخبأ أو للمتاجرة به فيعرض.
ويعزو حليم بركات ذلك إلى طبيعة التنشئة والغاية منها آنذاك، ففرح أنطون كما هـو الشأن بالنسبة لقاسم أمين، إنما طالب بتربية المرأة، لأن “تربية النساء أهم من تربية الرجال في الهيئة الاجتماعية، إذ أنه “يجب أن يكن عظيمات وفاضلات ليكون الرجال عظماء وفضلاء، وذاك لأن الرجال يكونون كما تريد النساء” وأيا كان الأمر، فإن وظيفتها يجب ألا تتعدى “أن تكون زوجة وأما، لهذا خلقت في هذه الحياة لا لأمر سواه. فتربيتها إذن يجب أن تعلمها واجبات الزوجية والأمومة.. ومقام الزوجة والأم هو في المنزل” ويخلص بركات من ذلك إلى أن التربية في هذه الحالة ليست في سبيل تحرير المرأة، بل في سبيل ترسيخ دورها التقليدي والتشديد على أنها لم تخلق من أجل ذاتها، بل من أجل دور محدد تؤديه في خدمة الرجل والأولاد.[16]
ولم تكن المبادرات اللاحقة أوفر حضا من سابقاتها، إذ يعيب حامد عمار على بعض القيادات النسائية ممن تولين مواقع الصدارة في الحركة النسائية العربية[17]كونها لم توفق إلى إدماج المرأة في قضايا المصير العربي إلا في نطاق جد محدود، وبفعالية ناقصة. بل إنها قد دخلت أحيانا في صور مزيفة من الوعي والمطالب في نطاق بعض الفئآت من الحضر دون أن تتأثر بحركتها الغالبية العظمى من نساء الريف، ودون أن تستوعب بوعي متكامل الجبهات والتحديات المختلفة للنهضة العربية بأبعادها المعاصرة وخصوصياتها الثقافية.[18]فالمقصود ليس تحرر المرأة من الأوضاع التقليدية التي تحول دون مسايرتها لأنماط حياة حديثة وافدة عن حضارة غازية مبهرة، بما لها من مصادر القوة والتحكم والتنظيم. وإنما هو تجاوز أسباب التخلف، وغلق منافذ القهر والتسلط. وهو ما يحتم أن يرتكز تحرير المرأة العربية على مشروع متكامل يتوخى إدماجها في العملية التنموية، ضمن هويتها وفي إطار خصوصياتها، بحيث لا يكون ذلك مجرد مظهر من مظاهر السطحية لتحديث المجتمع، ولا مجرد محاكاة لأنماط من تطور المجتمعات الصناعية المتقدمة، وإنما هو في جوهره تطوير حضاري خلاق ومبدع لتحرير الإنسان.[19]وبعبارة أخرى ينبغي أن يكون الهدف هو تحويل المرأة إلى مواطنة عربية مسلمة حرة، تعيش في مجتمع حر يضمن العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات لكل أفراده، ويتيح لهم على التساوي فرص إبراز ذواتهم وتنمية شخصياتهم وتوظيف كفاءاتهم في ما يحقق النفع العام.
وهذا ما يكفل للمرأة أن تتحول فعلا من وظيفة ودور وموضوع جنسي وإنجابي إلى إنسان، فيكون لها الحقوق وعليها الواجبات والمسؤوليات.[20]وهو السبيل أيضا إلى تحقيق التنمية الشاملة المنشودة، التي لا تتحدد بمجرد التنمية المادية والتقنية . إذ ثبت أن التكلفة الاجتماعية والثقافية لهذا النوع الأخير من النمو الاقتصادي باهضة جدا، حيث ترافقه كما يقول المالكي حركة واسعة من إقصاء الرجال والنساء من مجال الإبداع المادي والمعنوي[21].والحال أن التنمية الحقيقية لم يعد من الممكن تصورها إلا من خلال التوازن بين الاقتصادي والبشري، والمساواة بين الجنسين، في الكرامة الإنسانية والمواطنة، وفي الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية. وكذا في حماية القانون لهذه الحقوق دون أي تمييز مهما كان مصدره. لهذا لا يمكن اختزال مطلب المساواة بين الجنسين إلى مطلب نسواني صرف، بل إنه بدون شك مطلب اجتماعي تنموي.[22]
ثالثا: أثر الدين في تحديد مكانة المرأة
يستعرض الداعون إلى تحرير المرأة كما عديدا من الأسباب والعوامل في مجال تحديدهم للمعوقات التي تقعد بالمرأة، وتتحمل مسؤولية مكانتها الدونية في المجتمع العربي. ولكن الاختلاف بينهم شديد على ترتيب هذه العوامل من حيث أهميتها وخطورة آثارها، باختلاف أدوات التحليل ومناهج البحث والمنطلقات الإيديولوجية والعقدية. ومن ضمنها أساسا النظام الديني والأعراف والتقاليد والقيم الاجتماعية والتنشئة التربوية والنظام العام وتوزيع العمل والمشاركة في الإنتاج والموقـع في البنى الاجتماعية، إضافة إلى العوامل النفسية والأخلاقية والبيولوجية وغيرها. ولكن ما يهمنا بالأساس في نطاق هذه الورقة هو العامل الديني ومدى مساهمته في تحديد مكانة المرأة العربية.
من الطبيعي أن يقترن موضوع المرأة العربية في أي جانب من جوانبه مباشرة بالشريعة الإسلامية، باعتبار أن الإسلام هو الدين الرسمي للأغلبية العظمى من أفراد الأمة العربية، ولأنه بالتـأكيد أحد العوامل الكبرى والحاسمة في تشكل الحضارة العربية ماضيا وحاضرا ومستقبلا.ولذلك يلاحظ أن الدعوة إلى تحرير المرأة حاولت أن تؤكد على الدوام ارتكازها على المرجعية الدينية واستلهام آرائها وأفكارها في معرض مطالبتها بتحديث المجتمع عموما من الشريعة الإسلامية في نصوصها وروحها،[23] دون إنكار أثر ما يعرف بصدمة الغرب في إعادة اكتشاف الإسلام نفسه أو بعض قيمه الكبرى. يقول رشيد رضا بمجلة المنار تعقيبا عن سائل يؤكد على أن الشورى مبدأ إسلامي أصيل: “لا تقل أيها المسلم إن هذا الحكم أصل من أصول الدين، ونحن قد استفدناه من الكتاب المبين، ومن سيرة الخلفاء الراشدين، لا من معاشرة الأوروبيين، والوقوف على حال الغربيين. فإنه لولا الاعتبار بحال هؤلاء الناس لما فكرت أنت وأمثالك أن هذا من الإسلام..” [24]
غير أن بعض الرأي في الفترة الأخيرة لم يعد يخفي تحامله على الدين ، والتجاهر تصريحا أو تلميحا بكونه المسؤول الأول عما آلت إليه وضعية المرأة العربية، وعن تكريس دونيتها، وشرعنة سلبيتها وتبعيتها. فأميرة الدرا ترى بوضوح أن المعتقدات الدينية وما يرتبط بها وينشأ عنها من أعراف وتقاليد هي الأساس، بل هي المفتاح الحقيقي لقضية الإنسان العربي ككل، وليس لقضية المرأة العربية وحدها. فالدين الإسلامي في نظرها مهم وخطير، سلاح ذو حدين. صحيح أن لتخلف الإنسان العـربي –رجلا أو امرأة- جذورا متعددة، ولكن الجذر الأصل هو الدين، فمنه تنبع الأعراف والتقاليد والعادات التي تتحكم بالإنسان العربي وتشده بسلاسل قوية متينة إلى الوراء، وبصورة خاصة بالمرأة العربية الذي ينعكس ذلك على نفسيتها، ويتغلغل في أعماقها، ويستكن في عقليتها وتفكيرها وتصرفها وتربيتها لأولادها، ومشاركتها للرجل في مختلف دروب الحياة. فهي تارة تجد نفسها ناقصة عقل ودين، وأخرى هي ضلع من أضلاع الرجل، وثالثة هي إثم ومنكر تلفها صور المحرمات أينما اتجهت وكيفما تصرفت. وهي تخلص من ذلك إلى أن المعتقدات الدينية هي أكثر العوامل أهمية في صنع الإنسان العربي، وما لم نجد تفسيرا عصريا للدين، وإبعاد الدين في بنائه، فلن نفلح في تغيير البنى الاجتماعية.[25]
وانتهت فاطمة المرنيسي إلى نتيجة مماثلة بعد استقرائها لمجموعة من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، تتعلق أساسا بعنصر الإثارة والإغراء في اتصال الرجل بالمرأة، وموقف الشريعة من الطلاق، وإطلاق حرية الرجل في إيقاعه، ومسألة تعدد الزوجات.. حيث اعتبرت أن الإسلام يزدري المرأة وينتقص من قيمتها، وأنه يعتبرها إلى جانب المشرك في الخارج، الخطر الحقيقي الذي يهدد النظام الإسلامي في الداخل.[26]
وفي نفس الاتجاه، تعتبر كتابات أخرى أن الدين هو الذي يتحمل مسؤولية تراجع مكانة المرأة عندما فرض النظام الأبوي خلفا للنظام الأمومي الذي كان معروفا لدى بعض الجماعات في قبائل الجزيرة العربية نفسها.[27]وأن أقصى ما تعترف به الشريعة الإسلامية للمرأة على الصعيد الاقتصادي هو حقها في المهر، والاحتفاظ برزقها، ومن ثم فإن الوضع القانوني للمرأة المسلمة يبقى بعيدا عن المساواة بين الجنسين.[28]
إنها إذن صورة قاتمة تبرر عند هذا الرأي ضرورة العمل على صياغة قانون مدني موحد عربيا للأحوال الشخصية . وهذا القانون يجب أن يكون علمانيا، لأن في ذلك تكمن الإمكانية الوحيدة لتغيير فعلي في العلاقات –اجتماعيا وذاتيا- بين المرأة والرجل في اتجاه تحقيق المساواة الفعلية.[29]
فهل حقا أن الإسلام يحط من قيمة المرأة؟ وما هو مدى مصداقية هذه التصورات؟
الواقع أنه لا يوجد خلاف جدي من حيث المبدأ على أن الإسلام قد أولى المرأة عناية كبرى، ورفعها فوق مرتبة لم تبلغها لدى أي أمة من الأمم القديمة. إذ أنها لم تكن في أي ركن من العالم أكثر مـن كائن حي، لا حقوق لها ولا احترام لآدميتها، ثم إذا بالدين الذي ظهر في منطقة صحراوية جرداء يسكنها قوم خشنون على الفطرة، يقلب الوضع رأسا على عقب، ويعترف للمرأة بكامل آدميتها ويسلحها بالاستقلال الاقتصادي في أوسع معانيه، ويحررها من ولاية الرجل عليها فيما يتصل بجواهر الحقوق مثل التعليم والبيع والشراء والعمل والتجارة، ويشركها أيضا في تدبير شؤون الأسرة والدين والسياسة.[30]
ويمكن القول إجمالا بأن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية واضحة في دلالتها على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة على مستوى الخلق والتكوين. يقول تعالى: “ياءيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها.”[31]ويقول الرسول علية السلام: “إنما النساء شقائق الرجال.” ويترتب عن ذلك أن أحكام الشريعة يخضع لها بالتساوي كل من المرأة والرجل. يقول تعالى: “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله..”[32]ويركز الشيخ محمود شلتوت في بيانه لمضمون الآية على أن: “مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي أكبر مسؤولية في نظر الإسلام، وقد سوى فيها بصريح هذه الآيات بين الرجل والمرأة” وانتهى من ذلك إلى أنه: “ليس من الإسلام أن تكف المرأة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اعتمادا على ظن أو وهم أنه شأن خاص بالرجال دون النساء.”[33] أما الأستاذ الخمليشي فيستخلص من الآية كون المؤمنة كالمؤمن، مكلفة إلى جانب العبادات، بالواجبات الدينية الأخرى ذات الطبيعة الاجتماعية. من التعاون والتآزر،كما يمتد تكليفها إلى جميع مرافق بناء المجتمع، وأسباب نموه وازدهاره معنويا وماديا، ويشمل ذلك نشر المعرفة والوعي والقيم، وأداء أمانة المسؤولية في السلوك والوظيفة والمهنة والمتجر والمصنع… إلى غير ذلك مما يدخل في عبارة التنمية الاجتماعية والاقتصادية بمفهومها العام.[34]ولا وجه للتفاضل بين عموم المسلمين على أساس الجنس، لأن المعيار محدد شرعا بدرجة التقوى . يقول تعالى: “إن أكرمكم عند الله أتقاكم.”[35]
ويستخلص سعد الدين العثماني من كل ذلك وغيره أن الرجل والمرأة في نصوص الشرع متساويان، شقيقان لا يجوز معاملة أحدهما بالتمييز أو التفضيل أو المحاباة. وأن أهمية توضيح هذا المبدأ يظهر في أن مساواة الجنسين في مجال أو أمر أو حكم لا يحتاج إثباته إلى دليل، لأنه الأصل. وأن الذي يحتاج إلى البحث عن الدليل هو من يدعي خلاف هذا الأصل، أي عدم المساواة وتخصيص النساء بأحكام مميزة. وهذا ما يعتبره بحق أصل أصول النظر في قضية المرأة.[36]
رابعا: القوامة بين المفهوم الشرعي والمدلول الاجتماعي
إذا كان الأمر بالوضوح السابق، فلماذا إذا كل هذا التشنج الذي تواجه به الدعوة إلى تحرير المرأة على امتداد العالم العربي؟ وما السبيل إلى إحقاق الحق والاحتكام إلى الشرع المجرد عن الهوى بشأن تحديد وضعية المرأة؟
إن السبب –فيما يرتبط بعامل الدين- يرجع فيما يبدو إلى التطبيق السيئ لأصول الشريعة ومبادئها على مستوى الواقع العملي.إذ بينما ينطلق الجميع من قناعات مبدئية تؤكد بأن الإسلام قد حرر المرأة وكرمها أيما تكريم، يتقرر نقيض ذلك تماما عندما يتم تصريف المبدأ إلى جزئيات في العمل. ومنها ما يهمنا تحديدا ذلك الخلط بين القوامة الشرعية كما هي مقررة في القرآن الكريم وبين القهر الاجتماعي الذي تكرس بفعل الموروث الثقافي وسلطة العادات والأعراف.
فقد بلغت المرأة منزلتها العليا حينما أطلق عليها لقب “أم المؤمنين” في عهد الرسول عليه السلام، إخراجا لها من نطاق البيت والأولاد إلى شمولية الرعاية الإنسانية، وغدت بذلك رمزا يعيد إلى النوع قداسته.[37]ومارست عمليا كل المهام المنوطة بأشقائها الرجال، بدء من حضور مجالس العلم، وانتهاء بالجهاد، مرورا بتدبير شؤون البيت، والإسهام في النشاط السياسي بما فيه البيعة.
وإذا كانت المرأة لم تبلغ في بعض ذلك مبلغ الذكور، فلأن الوضع الاجتماعي آنذاك لم يكـن يسمح لها بأكثر مما أتته. فقد “كان الناس لجهلهم بوجوه المصالح الاجتماعية على كمالها لا يرون للنساء شأنا في صلاح حياتهم الاجتماعية وفسادها حتى علمهم الوحي ذلك، ولكن الناس لا يأخذون من الوحي في كل زمان إلا بقدر استعدادهم.”[38]
وفي ذات السياق يلاحظ العثماني أنه رغم الإعلان العام للمساواة بين البشر، والرفض الواضح في أصول الشريعة للتفرقة أو التمييز على أساس الجنس في التكاليف والحقوق، ورغم الإصرار على رفع الظلم الواقع على المرأة لآماد عدة، فقد بقيت مشاركة المرأة في حياة مجتمعاتها السياسية والاجتماعية متأثرة بإرث ثقيل من الانتقاص والتهميش، لذلك بقيت عملية تحرير المرأة في حدود ما يطيقه استعداد البشر آنذاك. وذلك ما وقع أيضا بالنسبة لتحرير العبيد وإنهاء الرق.[39]
ويتضح من ذلك أن انكفاء المرأة على نفسها، ووضعية التهميش والإقصاء والدونية التي تعاني منها لا أصل لها في الشريعة، وإنما هي من الرواسب الموروثة والمكتسبة اجتماعيا، أي أنها من فعـل المجتمع، وليست من أحكام الشرع، ولا من مقتضيات القوامة الشرعية، وإن اعتبرت منها وارتبطت بها تعسفا وافتئاتا.
فالأصل في القوامة قوله تعالى: “الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم.”[40]ولنتأمل كيف تم التعامل مع الآية وفقا لإيحاءات الواقع، وبعيدا كل البعد عن المبادئ الأساسية التي أرساها الإسلام بشأن العلاقة بين الرجل والمرأة. يقول ابن كثير في تفسير الآية: “أي الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت…أي لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة. ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك الملك الأعظم…وكذا منصب القضاء وغير ذلك.. فالرجل أفضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها والإفضال، فناسب أن يكون قيما عليها…[41]ولا تبعد مختلف التفسيرات الأخرى للآية، عن هذا المعنى الذي يهدم مبدأ المساواة من أساسه. ويبرز بدله أفضلية متوهمة للرجل، مقابل دونية مؤكدة للمرأة. ومن ثم فإن للأول السيادة والرئاسة، وعلى الثانية الخضوع والانقياد والطاعة.[42] ففي تفسير الجلالين: “(الرجال قوامون) مسلطون على النساء، يؤدبونهن ويأخذون على أيديهن (بما فضل الله بعضهم على بعض)، أي بتفضيله لهم عليهن بالعلم والعقل والولاية وغير ذلك.”[43] فأين نحن إذا من تلك المساواة التي اعتبرناها أصلا ثابتا في الشريعة؟ وأن ما عداها لا يمكن أن يكون سوى مجرد استثناء يحتاج إلى نص مخصوص، وأنه إذا وجد، يجب أن يفسر تفسيرا ضيقا ومحدودا، بحيث لا يؤدي بحال من الأحوال إلى هدم الأصل. والأدهى من ذلك والأمر،
أن كثيرا من الفقهاء الذين لا يربطون الأحكام الجزئية بمراجعها من مبادئ عامة ومقاصد عليا، ويكتفون بالجاهز من التفسير والممارسة، دون تمييز بـين ما هو تطبيق سليم لأحكام الشريعة وبين ما هو وليد التقاليد والأعراف[44]، قد تلقفوا مثل هذه التفسيرات ليبنوا عليها أحكاما اعتبرت شرعية، مع أنها بعيدة تماما عن الشريعة. ومن ذلك أنهم فصلـوا الآية بشكل تعسفي عن سياقها النصي ليمنحوا الرجل سلطة لا حدود لها، وظفها على الدوام في مصادرة أبرز حقوق المرأة، وحرمانها على الخصوص من المشاركة في الشأن العام.
وهكذا، فباسم القوامة، ما تزال المرأة العربية لحد الآن في كثير من الأقطار، محرومة حتى مـن حقها في الانتخاب، وبالأحرى الترشيح. وهي غير مؤهلة لأن تتولى أية مهام ولائية، بما فيها سلطتي التشريع والقضاء والاحتساب وحتى المحاماة وما إليها. وقد دعم الفقهاء موقفهم هذا -وما يزالون- بقول الرسول عليه السلام: “ما أفلح قوم ولوا عليهم امرأة” بعد أن فصلوه أيضا عن سياقه التاريخي مع كل ما في ذلك من شطط وتعسف. فبالرغم من أن الاتفاق حاصل على أن الحديث –مع فرض صحته- مرتبط بواقعة محددة وبوضع وظرف معينين، وأن الرسول عليه السلام لم يكن يعني سوى بنت كسرى بالذات، وفي ظل ملابسات خاصة، فإن القاعدة الأصولية التي تقضي بأن “العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب” اقتضت “هكذا” أن يعمم الحكم على جميع النساء في كل مكان وفي كل شأن، ولو ثبت بالبرهان الدامغ الساطع الملموس عكس ذلك.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد بذل الفقهاء جهدا ملحوظا، استغرق منهم بالتأكيد وقتا طويلا، لحشد الأدلة المادية “والعلمية” بما فيها تلك التي تعتمد التشريح الطبي للكشف عن حجم المخ وتركيبة الأعضاء في الجسد ووظائف الجهاز العصبي وغيرها قصد تدعيم هذا الموقف من المرأة . ولم يخل ذلك في بعض الأحيان من مبالغات وتجاوزات تصل حد الإهانة والإذلال والتشنيع، إذ انتهوا إلى أن المرأة يجب أن تخضع للقوامة بالمفهوم السابق، لأنها بطبيعتها ضعيفة الجسم، سريعة الانفعال، وعاطفية أكثر من اللزوم، وهي باختصار شديد ناقصة العقل والدين معا، وأن الله سبحانه وتعالى قد “أقام تكوينها النفسي والجسمي على نحو يجعلها متعة للرجل أكثر من أن يكون الرجل متعة لها، بل جعل سعادتها في شعورها بأنها كذلك..”[45]وإذا كان مطلوبا من الرجال أن يحسنوا معاملة النساء، “واحتمال الأذى منهن ترحما عليهن لقصور عقلهن” فإن المفروض ألا يتبع مشورتهن، “إذ حق الرجل أن يكون متبوعا لا تابعا، وقد سمى الله الرجال قوامين على النساء، وسمى الزوج سيدا…فإن كيدهن عظيم وشرهن فاش، والغالب عليهن سوء الخلق وركاكة العقل.”[46]وتبلغ السلبية والتبعية لدى المرأة درجة كونها: “تتلقى عرفها من الرجال، حتى فيما يخصها من خلائق الحياء والحنان والنظافة… فهي إنما تستحي لأنها تتلقى خليقة الحياء من الطبيعة..فإنها تنتظر ولا تتقدم، أو تتعرض ولا تهجم، ويمنعها أن تفعل ذلك مانع من تركيب الوظيفة لا يصدر عن مانع أخلاقي، ولا عن أدب من آداب السلوك… وألصق من الحياة بالمرأة حنانها المشهور… وهو صفة من صفات الغرائز… أما النظافة ، فليست من خصائص الأنوثة إلا لاتصالها بالزينة، وحب الحظوة في أعين الجنس الآخر.[47]
ومع ذلك، فإن هناك اتجاها واسعا في الفقه الإسلامي الحديث، يضع القوامة الشرعية في إطارها الصحيح، سواء على مستوى نطاق إعمالها، أم على مستوى مضمونها. فهي قاصرة على مجال محدود لا يمكن أن يتجاوز العلاقات الزوجية والروابط الأسرية،[48] ومن ثم فليس من القوامة، فرض الحجر أو الوصاية على ممارسة المرأة لأي من حقوقها المالية أو الشخصية أو السياسية، أو حقها في العمل أو التعليم وغيرها. وحتى في إطار النطاق المحدد بالأسرة، ينبغي عدم الانسياق مع التفسيرات المتأثرة بواقع الحال في تحديد مفهوم القوامة ومبرراتها. فلا معنى أن نتصور الزوج قائدا ورئيسا متسلطا، في مواجهة زوجة وأبناء ملزمين بالطاعة والخضوع. وأود بالمناسبة التنويه بحكم قضائي صدر عن المحكمة الإدارية بفاس، يعكس الفهم السليم لنطاق ومدلول القوامة الشرعية، حيث ألغى قرارا لمؤسسة تعليمية يقضي بعدم قبول تسجيل إحدى التلميذات بدعوى أنها متزوجة، وأن زوجها يعارض متابعتها للدراسة..فقد ورد ضمن حيثيات الحكم: “وحيث إن المادة الخامسة من الدستور..تنص على أن جميع المغاربة سواء أمام القانون، كما أن المادة السادسة من الدستور تنص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة،بالإضافة إلى المادة 13 التي تؤكد على أن التربية والشغل حق للمواطنين على السواء.
وحيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع…
وحيث إنه بالرجوع إلى الشرع الإسلامي، يتبين أن الإسلام يسوي بين الرجل والمرأة في حق التعليم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أول من طبق هذا المبدأ…
وحيث إنه على مقتضى هذا البيان، فإن استمرار الاستفادة من خدمات مرافق التعليم ..لا يعرقل بزواج التلميذة إن هي أصرت على مواصلة تعليمها، وليس لتواجدها بالمؤسسة أي مساس بالأخلاق العامة…”[49]
و بغض النظر عن وجاهة الرأي الذي يفسر القوامة في الآية السابقة بمعنى التكليف بالشؤون المادية للنساء ورعايتها والقيام عليها، وكذا وجوب الإنفاق عليهن من طرف الرجال بحسب الإمكانيات الخاصة التي فضل فيها الله بعضهم على بعض،[50]فإن الموضوع يقتضي طرحه بأبعاده المختلفة، سواء تعلق الأمر بهذا المجال أم بغيره. فالمفروض أن توظف النصوص فيما يحقق الغايات السامية للشريعة، المتمثلة في الارتقاء بالإنسان إلى مدارج الفضيلة ومستوى التكريم الذي خصه الله به، وإرساء دعائم المجتمع الإسلامي على أساس من العدالة والتعاون والشورى. فالاجتهاد الخلاق هو الذي يربط بين الحكم الشرعي والغاية المتوخاة منه، وهو يعتمد في ذلك أساسا على ما يسمى بالتفسيـر المصلحي للنصوص.[51]
وترتيبا على ذلك، نؤكد مع العثماني على أن قوامة الزوج في الأسرة لا تعدو أن تكون مسؤولية تقتضيها ضرورة تنظيم الحياة الزوجية، ولا يجوز أن تفهم إلا في إطار الأصلين المذكورين: مساواة الرجل والمرأة في المسؤولية والتكاليف، ووجوب بناء الحياة الزوجية على أساس التراضي والتوافق والتشاور.[52]ومن ثم فإن أي تفسير للقوامة من شأنه أن يهدم أو ينال من المساواة بين الرجل والمرأة، سيكون مناقضا لروح الشريعة وجوهرها، بعيدا عن تحقيق غاياتها من الزواج المعبر عنها في قوله تعالى: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة.”[53] وفي آية أخرى: “هن لباس لكم وأنتم لباس لهن”[54].
ويجب التشديد على أن المقصود بالمساواة بين الجنسين، لا يعني التطابق والتشابه التامين، ولكن بمعنى التكافؤ في أداء الالتزامات والاستفادة المتماثلة من الثمار المادية والمعنوية للعلاقة الزوجية، وأداء كل زوج ما يكمل به دور صاحبه. فليس ضروريا توزيع كل التزام بين الاثنين، لأن الهدف من الرابطة الزوجية هو التكامل لا التقسيم العيني وأداء كل زوج نصيبه من عين ما يؤديه الطرف الآخر.[55]
ولكن كيف السبيل إلى تحقيق ذلك؟
خامسا: أهمية التنشئة الاجتماعية في تدعيم مكانة المرأة
لا شك أن للتنشئة الاجتماعية دورا حاسما في تدعيم مكانة المرأة[56]. فالنظام التعليمي مدعو إلى إعادة النظر في النسق القيمي المتوارث، بحيث يقوي عدم التنافر بين الرجل والمرأة، واحترام كل منهما لقدرات الآخر، وإبراز أهمية التنويع لحدوث التكامل بينهما، وأن التنافس والصراع بينهما لا يحدثان لكونهما جنسين مختلفين بقدر ما يرجع إلى ضرورة إعطاء فرصة لكل منهما للتفوق على ذاته من أجل المصلحة العامة.ومن المهم جدا أن يدركا مدلول مفهوم المساواة الحقيقي بين الجنسين الذي يعني التكامل القائم على التنويع في القدرات والمواهب حتى يتجاوزا معا الإحساس بالقهر والظلم.[57]
غير أن إشكالية التعامل مع التراث الفقهي تظل أعقد المعادلات في مجال التنشئة، ذلك أن جانبا عريضا من الأمة يكاد يرتقي به إلى مستوى النصوص المقدسة[58]. ويعتبر كل دعوة إلى تنقيته من الشوائب التي علقت به، أو عقلنته، أو تجديده أو الإضافة إليه[59]بما يتلاءم مع مقتضيات العصر ومتطلبات التطور والتحديات التي يواجهها العالم العربي، مدعاة للشك والريبة. وله في ذلك بعض العذر. فقد بينت التجربة أن هذا المطلب كان في كثير من الأحيان رديفا للغزو والاختراق الأجنيين، ولم يكن بالتالي دائما، بريئا ولا أصيلا[60].وقد تولدت لدى هذا الاتجاه حساسية مفرطة، مفرزة أحيانا لرد فعل عنيف تجاه كل دعوة من هذا القبيل. وتشتد عنده درجة المقاومة أكثر عندما يستفز بطروحات ترمي إلى القفز على الواقع، باستنساخ النمط الثقافي الغربي، وتقديمه حلا مناسبا جاهزا للمجتمع العربي، دون أي اعتبار للمقومات الحضارية والخصوصيات الثقافية المشكلة للهوية العربية. فيتضاعف الرفض والانغلاق والجمود المتصلب، مقابل إمعان في الاستتباع الحضاري المكشوف، والاستعداد التام لاحتضان الاختراق الثقافي بدعوى الانفتاح والمراهنة على الحداثة. أي أنه، وكما يلاحظ عبد الله عبد الدايم فإن محاولات تحديث الثقافة العربية لم تتم انطلاقا من داخلها، بل تمت غالبا بحكم الاصطدام بالثقافة الغربية.
وسواء تعلق الأمر بهؤلاء أو بأولائك، فإن هذه المواقف يصدق عليها وصف الجابري بالمواقف اللاتاريخية التي تواجه المشاكل لا بعقل واثق متمكن من قدراته، وإنما بعقل مستقيل لا يرى مهربا من المشاكل إلا بالهروب، إما إلى الوراء، وإما إلى الأمام، كل سلاحه رؤية سحرية للعالم تقفز على الواقع إلى اللاواقع.[61]
وإذا كان المنطق السليم يقتضي رفض ثقافة الاختراق التي تنطلق من اللاهوية، ورفض ثقافة الانغلاق التي تكرس الجمود والتخلف، ومن ثم ضرورة الأخذ بأسباب الحداثة، فإن النجاح في الحفاظ على الهوية والدفاع عن الخصوصية مشروط بمدى عمق عملية التحديث التي تتطلب الانخراط الواعي المتجذر في عصر العلم والثقافة.[62] ومما لا شك فيه أن النهج الحقيقي لوضع الإسلام كقوة دولية يفترض المعرفة الكاملة لخصائص التطور الذي تعيشه الأسرة الدولية.[63]
ومما لا ريب فيه أن مسؤولية الفقه المتنور تاريخية وجسيمة في هذا المجال، إذ هو مطالب بـأن يقود قاطرة التنمية والتقدم والتحديث في المجتمعات العربية، بدل أن يبرر التخلف ويشرعنه، ولكن ذلك لا يعفي القانون من الدور المنوط به. إذ ليس من حق الأمة أن تتطلع إلى الانخراط في عالم الحداثة بمثلها وقيمها ذات الأصول الإسلامية، وتتمسك في نفس الوقت بكم من التشريعات والقوانين، تعمق محنة المرأة وتؤزم وضعها، وتعرضها وأبناءها لشتى صنوف المذلة والهوان. فالمفروض أن يتحقق التفاعل بين القانون والواقع المنظم له. وهو ما يقتضي تطعيم التشريعات بمضامين جديدة لمواكبة المعطيات المحدثة على جميع المستويات.وتنقيح القوانين ضرورة ملحة حتى تكون مسايرة للتطورات الفكرية والذهنية للفرد والجماعة، بل المطلوب أن يتخلى القانون عن سلبيته وحياده، ويساهم بما لديه من سلطة الإجبار في عملية التغيير وألا يكتفي فقط بمجاراة الواقع على علاته واختلالاته دون الفعل الإيجابي فيه. وذلك أكثر إلحاحا بالنسبة للقوانين التي تؤطر وضعية المرأة عموما، ومجال الأحوال الشخصية بصفة أخص لاتصالها الوثيق بالأسرة. فما كان يمارسه الرجل باسم حقوق القوامة والرئاسة، يجب أن يشكل صلاحيات تحكمها حدود الله، وهو ما يفرض إخضاع تلك الممارسة للغاية التي شرعت من أجلها، وتدخل الأمة بسن الإجراءات والقواعد التشريعية التي تمنع من التعسف قبل حدوثه، وتفرض الجزاء الملائم على مرتكبه.[64]
إن الحقوق في الشريعة الإسلامية منح وهبات إلهية،منشأها الحكم الشرعي، وهي وسيلة لتحقيق المصالح أو درء المفاسد، وليست غاية في ذاتها. لذلك يجمع الأئمة المسلمون على أن الحقوق الممنوحة للأفراد ليست مطلقة، بل هي مقيدة بنطاق السلامة بالمجتمع والخواص، كما هي مرتبطة بتوخي الغايات التي شرعت من أجلها وعدم التلهي والعبث بها.[65]فينبغي أن يتجه قصد المكلف إلى قصد الله في التشريع، مع الالتزام بطهارة الباعث وحسن النية، كما ينبغي أيضا النظر إلى مآلات الأفعال، لأن هذه الأخيرة تقيد استعمال الحق وتجعل شرعيته رهنا بتحقيق الغاية من إقراره، فلا يكون مناقضا من حيث المآل والثمرة للأصل الذي قامت عليه الشريعة من جلب المصالح ودرء المفاسد.[66] ومن ثم تحظر كل الأفعال والتصرفات التي تؤدي إلى إلحاق الضرر -مقصودا أم غير مقصود-، ولو كانت في حد ذاتها مشروعة، بناء على الأصل المحكم في الشريعة الملخص في قول الرسول عليه السلام: “لا ضرر ولا ضرار”[67].
وبناء عليه، فإن القانون، إذا لم يكن وحده كفيلا بإعادة الاعتبار للمرأة، فإن دوره ينبغي أن يكون ملحوظا في ضمان كرامتها وصيانة حقوقها المادية والمعنوية بالتدخل من أجل إعادة تنظيم كل المجالات التي أسيئ فيها استعمال الحقوق ضد المرأة[68] ، وتقييدها تنظيميا بما يكفل تحقيق أهدافها وغاياتها، وكذا إخضاعها للرقابة القضائية، وربطها بالجزاءات المناسبة الرادعة، سواء تعلق الأمر بمجالات الزواج والطلاق ومختلف الآثار المترتبة عنهما، أو مجال العمل داخل البيت وخارجه، أو مجالات المشاركة في الشأن العام، عن طريق الانتخاب والتعيين وغيرها. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
والله الموفق
الهوامش
——————————–
(*)- أستاذ التعليم العالي – كلية الحقوق – وجدة
[1] محمد كدير: حقوق الإنسان في الإسلام من التأصيل إلى التقنين. مجلة المنهاج. العدد 11. السنة 3. 1998. ص. 194
[2] عمر الطيبي: المرأة المعاصرة بين الأوضاع والحقوق. الإنسان المعاصر. الإصدار الثالث. 1996. ص. 3
[3] المرأة العربية بين ثقل الواقع وتطلعات التحرر. مركز دراسات الوحدة العربية. 1999. ص. 10
[4] حامد عمار: الإطار العام لمشاركة المرأة العربية في التنمية في ضوء استراتيجية العمل الاجتماعي العربي. شؤون عربية. العدد 31. سبتمبر 1983. ص. 9
[5] منجية عرفة منسية: أدب النهضة وازدواجية الخطاب حول المرأة. منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية. الرباط. سلسلة ندوات ومناظرات. رقم 65-الخطاب حول المرأة- 1997. ص. 26
[6] حيدر ابراهيم: العولمة وجدل الهوية الثقافية. عالم الفكر. المجلد الثامن والعشرون. العدد الثاني. أكتوبر/دجنبر 1999. ص. 95 .
[7] عباس مكي: من تدخله في ندوة المرأة ودورها في حركة الوحدة العربية. مركز دراسات الوحدة العربية. الطبعة الأولى بيروت. أبريل 1982.ص. 464.
[8] فريدة بناني: تقسيم العمل بين الزوجين في ضوء القانون المغربي والفقه الإسلامي –الجنس معيارا- سلسلة منشورات كلية الحقوق. مراكش. رقم 9 – 92/1993. ص.28.
[9] خليل أحمد خليل: المرأة العربية وقضايا التغيير-بحث اجتماعي في تاريخ القهر النسائي- دار الطليعة للطباعة والنشر. بيروت. الطبعة الثانية. 1982. ص. 7.
[10] قاسم أمين، عن ألبرت حوراني: الفكر العربي في عصر النهضة 1798-1939. ترجمة كريم عزقول. دار النهار. بيروت. ص.207.
[11] أبو الوليد ابن رشد: الطبيعيات. نقلا عن هيثم مناع: المرأة في الإسلام. دار الحداثة. بيروت. 1980. ص. 4
[12] راجع لمزيد من التفاصيل:
محمد بنينير: المرأة والخطاب النهضوي. الفرقان العدد 36. يناير 1996. ص. 16 وما بعدها.
[13] مصطفى خلال: في الخطاب التحرري النسائي. الحكمة. العدد الثالث شتاء 1993. ص. 21
[14] انظر تطور انتساب الإناث إلى المجموع الكلي للطلاب في مختلف مراحل التعليم في البلدان العربية:
باقر سلمان النجار: الحقوق الاجتماعية للمرأة العربية. مركز دراسات الوحدة العربية. سلسلة كتب المستقبل العربي(15) –المرأة العربية بين ثقل الواقع وتطلعات التحرر- بيروت مايو 1999. ص. 149 وما بعدها
[15] راجع لمزيد من التفاصيل:
هنري عزام: مشاركة المرأة العربية في القوة العاملة ودورها في التنمية. مركز دراسات الوحدة العربية. سلسلة كتب المستقبل العربي(15) –المرأة العربية بين ثقل الواقع وتطلعات التحرر- بيروت مايو 1999. ص. 91 وما بعدها.
[16] حليم بركات: النظام الاجتماعي وعلاقته بمشكلة المرأة العربية. مركز دراسات الوحدة العربية 1982. المرجع السابق ص. 66.
[17] راجع بشأن التنظيمات النسائية في الوطن العربي:
دلال البزري: المرأة في العمل الأهلي العربي. مركز دراسات الوحدة العربية. 1999 المرجع السابق. ص.117 وما بعدها.
[18] حامد عمار: الإطار العام لمشاركة المرأة العربية في التنمية في ضوء استراتيجية العمل الاجتماعي في الوطن العربي. شـؤون عربية. سبتمبر 1983 العدد 31 ص.11.
[19] أميرة الدرا: من تدخلها في ندوة المرأة ودورها في حركة الوحدة العربية. المرجع السابق. ص.420.
[20] حليم بركات: المرجع السابق. ص.66.
[21] الحبيب المالكي: أية قيم لأية تنمية؟ المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع. العدد 8 . 1986. ص. 12.
[22] زينب المعادي: المرأة والمؤسسة القانونية. أمل. العدد الثالث. السنة الأولى. 1993. ص. 151.
[23] صبحي الصالح: المرأة في الإسلام. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت. 1980 ص. 10
[24] راجع في ذلك:
رضوان السيد: الفكر الإسلامي المعاصر. نظرة في أصوله وتطوراته ومآله. الإنسان المعاصر. الإصدار الثالث. المرأة المعاصرة بين الحقوق والواجبات. 1996. ص. 119 وما بعدها.
[25] أميرة الدرا: المرأة ودورها في الوحدة العربية 1982. المرجع السابق. ص. 82.
[26] فاطمة المرنيسي: الجنس كهندسة اجتماعية. ترجمة فاطمة الزهراء زريول. نشر الفنك. الطبعة الثانية. 1996. الصفحات 28 و 35 و 74.
[27] راجع في هذا المعنى:
نوال السعداوي: المرأة والجنس. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. الطبعة الثانية. 1996. ص. 267.
نوال السعداوي: الأنثى هي الأصل. المؤسسة العربية للدراسات والنشر. 1990. ص. 154.
[28] درة محفوظ: المرأة العربية في المغرب العربي بين الاستغلال والتحرر. مركز دراسات الوحدة العربية 1982. المرجع السابق. ص. 321.
[29] عباس مكي: من تدخله في ندوة المرأة ودورها في حركة الوحدة العربية. 1982. المرجع السابق.110
[30] أمينة السعيد: المرأة وتحدي المجتمع، من واقع الغياب إلى حضور مغامر. محاضرات الندوة اللبنانية. النشرة 11 و 12. 1967 ص. 10
[31] الآية 1 من سورة النساء
[32] الآية 71 من سورة التوبة
[33] محمود شلتوت: الإسلام عقيدة وشريعة. دار الشروق- القاهرة. الطبعة العاشرة 1980 ص. 228
[34] أحمد الخمليشي: وجهة نظر. الجزء الثاني. مطبعة المعارف الجديدة. الرباط. 1998. ص. 105-106
[35] الآية 12 من سورة الحجرات
[36] سعد الدين العثماني: قضية المرأة ونفسية الاستبداد. منشورات الفرقان. مطبعة النجاح الجديدة. البيضاء. 1998. ص.13.
[37] علي شلق: التطور التاريخي لأوضاع المرأة العربية في الوطن العربي. مركز دراسات الوحدة العربية. 1982. المرجع السابق. ص.23.
[38] محمد رشيد رضا: تفسير المنار. الجزء الثاني. ص. 405.
[39] سعد الدين العثماني: المرجع السابق. ص.38.
[40] الآية 34 من سورة النساء.
[41] مختصر تفسير ابن كثير:. اختصار وتحقيق: محمد علي الصابوني. دار القلم العربي. المجلد الأول. بدون تاريخ. ص. 385.
[42] راجع على الخصوص:
القرطبي: الجامع لأحكام القرآن. دار الكتب العلمية. بيروت. 1988. المجلد الثالث. الجزء الخامس. ص. 110 و 111.
[43] تفسير الجلالين: دار المعرفة. بيروت. ص. 106.
[44] أحمد الخمليشي: وجهة نظر. الجزء الثاني. مطبعة المعرف الجديدة. الرباط. 1998. ص. 99.
[45] عباس محمود العقاد: المرأة في الإسلام. دار الهلال. القاهرة. 1971 ص. 221.
[46] أبو حامد الغزالي: إحياء علوم الدين. المكتبة التجارية الكبرى. الجزء الرابع. بدون تاريخ. ص. 42-45.
[47] عباس محمود العقاد: المرأة في القرآن. دار الكتاب العربي. بيروت. 1967. ص. 29-33.
[48] محمد سعيد رمضان البوطي: على طريق العودة إلى الإسلام. مؤسسة الرسالة. بيروت. الطبعة 11. 1992. ص.26.
[49] المحكمة الإدارية بفاس. حكم عدد 295/96 بتاريخ 17/7/1996 . المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية. العدد 22. يناير-مارس 1998. ص.119 -122
[50] راجع بشأن التفاصيل حول مختلف التفسيرات المحددة لمفهوم القوامة الشرعية:
*Abderrazak Moulay Rchid: La condition de la femme au Maroc. Theze. Rabat. 1981. P.294 et s.
*فريدة بناني: مرجع سابق ص. 31 وما بعدها.
[51] أحمد الرسوني: نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي. مطبعة النجاح الجديدة. 1990. ص.258
[52] سعد الدين العثماني: المرجع السابق. ص. 40.
[53] الآية 20 من سورة الروم.
[54] الآية 186 من سورة البقرة.
[55] أحمد الخمليشي: مرجع سابق . ص. 28.
[56] المقصود هو التنشئة التي تهدف عموما إلى “دمج الفرد في الجماعة وفق أهدافها ومعتقداتها وأنماط سلوكها.”
عبد الوهاب بوحديبة: أنماط تنشئة الطفل اجتماعيا. تعريب صالح البكاري. تونس. 1984. ص. 107.
[57] حكمت أبو زيد: من تدخله في ندوة المرأة ودورها في حركة الوحدة العربية.1982. المرجع السابق. ص. 453.
[58] إبراهيم فوزي: أحكام الأسرة في الجاهلية والإسلام. دار الكلمة للنشر. الطبعة الثانية. 1983. ص. 28-29.
[59] ورد في الدر المختار شرح تنوير الأبصار عن الحصكفي قوله: “الفقه زرعه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وسقاه علقمة، وحصده إبراهيم النخعي، وداسه حماد، وطحنه أبو حنيفة، وعجنه أبو يوسف، وخبزه محمد، فسائر الناس يأكلون من خبزه” الدر المختار بحاشية ابن عابدين. الجزء الأول. ص. 34. ويعلق على ذلك الأستاذ أحمد الخمليشي بقوله: “فماذا يرجى من أمة انتهت مهمتها الفكرية وحسبها الاستهلاك؟!”
أحمد الخمليشي: وجهة نظر. المرجع السابق. ص. 3
[60] وهو ما يفسر –ربما- تلك النقمة التي يصبها حسن حنفي على رواد النهضة العربية الذين بدءوا في نظره وسطيين وانتهوا تغريبيين، حين دعوا إلى فصل الدين عن الدولة.
حسام الخطيب: أي أفق للثقافة العربية وأدبها في عصر الاتصال والعولمة؟.عالم الفكر. المجلد 28. العدد 2. أكتوبر/ديسمبر. 1999 ص. 240.
[61] محمد عابد الجابري: العولمة والهوية الثقافية. مجلة فكر ونقد. فبراير 1998 ص. 15.
[62] محمد عابد الجابري: المرجع السابق. ص.
[63] حامد ربيع: الإسلام والقوى الدولية. قضايا دولية. العدد 305. السنة السادسة. نونبر 1995. ص. 25.
[64] أحمد الخمليشي: وجهة نظر. المرجع السابق. ص. 109.
[65] عيسوي أحمد عيسوي: نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه الإسلامي. مجلة العلوم القانونية والاقتصادية . جامعة عين شمس. كلية الحقوق. القاهرة. العدد الأول. يناير . 1963. السنة الخامسة. ص. 22.
[66] سيف الدين الآمدي: الإحكام في أصول الأحكام. الجزء الثالث. باب القياس.. دار المعارف. القاهرة. 1914.
[67] راجع في ذلك على الخصوص:
*فتحي الدريني: نظرية التعسف في استعمال الحق. الطبعة الثالثة. ص. 81
*محمد شوقي السيد: التعسف في استعمال الحق. الهيئة المصرية العامة للكتاب. ص. 99 وما بعدها- 231-250
*زايد قدري الترجمان: نظرية التعسف. أطروحة دكتوراه الرباط 1982. ص. 47 وما بعدها.
[68] أنظر بعض مظاهر اللامساواة في القانون المغربي:
زينب المعادي: المرأة والمؤسسة القانونية. أمل. العدد 3. السنة الأولى. 1993. ص. 154 وما بعدها.
اترك تعليقاً