مقال قانوني يوضح موقف القضاء الدستوري من حسن النيّة عند الطعن

موقف القضاء الدستوري ومحكمة التمييز الاتحادية من حسن النيّة عند الطعن

القاضي د. حيدر علي نوري
يجب أن تستند الطعون بشكل عام والتميزية بشكل خاص عند تقديمها الى مبدأ حسن النية انسجاما وتنفيذا لأحكام المادة (5) من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل ، وإلا عرض المخالف نفسه للعقوبة ، ذلك إن الطعون التمييزية التي من شأنها تأخير حسم الدعاوى الجزائية أو المدنية ومنها طلب التدخل التمييزي ، و تلك التي تقع على القرارات الإعدادية وغير الفاصلة في الدعوى ، وحالة تكرار الطعون ، وحالة تقديم الطعن الى محكمة غير مختصة بنظره ، تتعارض مع مبدأ حسن النية ، وتم معالجتها استنادا للدراسات و الاعمامات التي صدرت بخصوصها من مجلس القضاء الاعلى وهيأة الإشراف القضائي ، كما أوجدت محكمة التمييز الاتحادية الموقرة مبدئيين مهمين بهذا الخصوص استنادا للقرار الصادر منها بالعدد 325 / 326 / هيأة عامة / 2013 في 30 / 7 / 2013 وعلى المحاكم كافة الاستئناس بمضمونه ، لأهميته، إذ نص أولا على 🙁 ضرورة التزام مبدأ حسن النية في تقديم الطعون التمييزية

وبما ينسجم وأحكام المادة (5) من قانون الإثبات رقم (107 ) لسنة 1979 المعدل التي أشارت الى إن القضاء ساحة للعدل ولإحقاق الحق مما يقتضي صيانته من العبث والإساءة ويوجب على المتخاصمين ومن ينوب عنهم الالتزام بأحكام القانون ومبدأ حسن النية في تقديم الأدلة وإلا عرض المخالف نفسه للعقوبة وكما ينسجم وأحكام المادة (240 ) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل التي حددت عقوبة لكل من يخالف الأوامر الصادرة من موظف أو مكلف بخدمة عامة) ، كما نص ثانيا على : ( التنويه الى إن اتجاه المحكمة بإرسال نسخة طبق الأصل من المحضر مع لائحة الطعن التمييزي والسير بالدعوى عند حصول الطعن بقرار غير فاصل اتجاه سليم وله سنده من القانون للوصول الى حسم النزاع بين الخصوم وإيصال الحقوق الى أصحابها بأسرع وقت وبأقل جهد للحيلولة دون إعطاء فرصة لأي منهم لإطالة أمد الدعوى وان ما ذكر من تنويه في موضوع الطعنين يسري على جميع الدعاوى المدنية منها والجزائية فيما يتعلق بالقرارات الموصوفة في المادتين (170 ) من قانون المرافعات المدنية والمادة (249 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية … ).

وجاء في أحد الأحكام الصادرة عن المحكمة الاتحادية العليا الموقرة بالعدد 3 / اتحادية / إعلام / 2018 في 12 / 2 / 2018 ، ما يؤكد ضرورة اعتماد مبدأ حسن النية عند تقديم الطعون ولا سيما في القرارات الإعدادية ، للحيلولة دون التسويف والمماطلة في الدعوى من بعض أطرافها بما يؤمن سرعة حسمها ، بمناسبة تفسيرها لحكمة تشريع الفقرتين (ب) و (ج ) من المادة (249 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل ، والبت بدستوريتهما ، إذ نص القرار انف الذكر على انه ( …وتجد المحكمة الاتحادية العليا بأن الفقرتين (ب) و (ج) من المادة (249) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسمنة 1971 المعدل المطعون بعدم دستوريتها قد شرعتا لتأمين سرعة حسم الدعوى والحيلولة دون التسويف والمماطلة من بعض أطراف الدعوى وان الفقرتين المنوه عنهما أعلاه غير محصنتين من الطعن وبموجبهما تصدر قرارات إعدادية أثناء السير في الدعوى وان القرارات الإعدادية التي يصدرها قاضي التحقيق بموجبها خاضعة للطعن مع القرار الفاصل في الدعوى أمام المحكمة المختصة بالطعن وبالتالي فأن الفقرتان المذكورتان لا تخالفان أحكام المواد الدستورية التي ذكرها المدعي في عريضة الدعوى وبذا تكون دعوى المدعي خالية من سندها القانوني وبناء عليه قررت المحكمة ردها … ) .

كما ينبغي الإشارة الى إن طلب التدخل التمييزي من قبل ذوي العلاقة أو وكلائهم ، لا يعد طريقا من طرق الطعن بالأحكام والقرارات الصادرة في الدعاوى الجزائية والمدنية ، إذ لم يجوز قانون المرافعات المدنية ولا قانون أصول المحاكمات الجزائية انفي الذكر لذوي العلاقة أو وكلائهم الطعن بطريق التدخل التمييزي ، ولا يوجد نص في القانونين المذكورين أنفا يعالج هكذا حالة ، ولا يجوز إحداث طرق طعن في الأحكام والقرارات لم ينص عليها قانونا ، وعلى أساس ما تقدم فإذا ما كان طلب التدخل التمييزي غايته تأخير حسم الدعوى ، أو تأخير إطلاق سراح المتهم الموقوف و إبقائه أطول فترة ممكنة في التوقيف ، فأن الطعن بالكيفية أنفة الذكر يتعارض مع مبدأ حسن النية في تقديم الطعون وان أعمام رئاسة هيأة الإشراف القضائي / لجنة الدراسات بالعدد 124 / دراسات / 2016 في 27 / 9 / 2016 عالج تلك الحالة ، إذ تضمن : (… تنسب قيام محاكم التحقيق ومحاكم الموضوع بسرعة إرسال أضابير الدعاوى الخاصة بالمتهمين الموقوفين الى محكمة التمييز الاتحادية عند حصول أي طعن تمييزي يكون القصد من وراءه تأخير إطلاق سراح المتهم الموقوف وإبقائه موقوفا أطول فترة ممكنة ويتولى رئيس محكمة الاستئناف المختص متابعة ذلك بكافة الوسائل وبالتنسيق مع رئاسة محكمة التمييز الاتحادية ) ، وكذلك اعمامات مجلس القضاء الاعلى / دائرة شؤون القضاة وأعضاء الادعاء العام بالعدد 8165 / ق / أ في 3 / 9 / 2012 المتضمن (…الزام القاضي الذي يقدم إليه الطعن أن يقوم بإحالته الى المحكمة المختصة بصرف النظر عن العنوان الذي كتبه المميز في عريضته التمييزية وكذا الحال بالنسبة للقرارات الإعدادية كسبا للوقت وللجهد وللوصول الى العدالة بيسر وسرعة ) وبالعدد 818 /ق/ أ في 28 / 7 / 2016 المتضمن (…عند تكرار الطعن التمييزي بالقرارات الإعدادية فعلى المحكمة المختصة اتخاذ قراراها بعدم إرسال الدعوى والاكتفاء بإرسال لائحة الطعن على أن تلتزم محكمة الطعن بنظره خلال سبعة أيام من تاريخ وصوله إليها وتمضي محكمة الموضوع بنظر الدعوى خلال تلك الفترة ) ، الأمر الذي يقتضي تفعيل العمل بتلك الاعمامات من قبل كافة المحاكم والتأكيد عليها والتقيد بمضمونها .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.