المحكمة الاتحادية و تقاطع الصلاحيات بين الادعاء العام والمفتش العام
سلام مكي
في قرارها المرقم 43/اتحادية/اعلام/2017 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها بخصوص هذا الموضوع، حيث كان المعترض وزير الداخلية إضافة لوظيفته والمعترض عليه رئيس جهاز الادعاء العام إضافة لوظيفته.
فحوى الادعاء: ان قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة2017 قد جاء في الفقرة ثاني عشر من المادة 5 الإشارة الى اختصاص الادعاء العام في التحقيق في جرائم الفساد المالي والإداري وكافة الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة المنصوص عليها في( قانون العقوبات المرقم 111 لسنة1969 المعدل) وبما ان التحقيق في جرائم الفساد الإداري والمالي تكون من اختصاص مكتب المفتش العام، وحسب الأمر 57 لسنة 2004 والصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة حيث حدد القسم (1) منه الغرض من هذا الأمر الذي جاء ما نصه: كما ينشئ من هذا الأمر مكاتب مستقلة للمفتشين العموميين تمكنهم فيها من القيام بإجراءات التحقيق والتدقيق والتقييم والتفتيش……
وهذا يعد تقاطعا واضحا في الصلاحيات التي جاء بها قانون الادعاء العام. وقد طلب المعترض الحكم بعدم دستورية ومشروعية الفقرة 12 المشار اليها على اعتبار انها تتعارض مع صلاحيات المفتش العام. دفع وكيل الادعاء العام، بأن موكله ليس خصما في هذه الدعوى كونه لم يقم بتشريع القانون وانما مجلس النواب.
وهو ما اخذت به المحكمة. الجانب الآخر من القرار انها لم تأخذ ما جاء في استدعاء الدعوى من ان الفقرة 12 تتعارض مع الدستور لأن التعارض مع نص قانوني لا يجعل من النص مخالفا للدستور، سيما وان النص المطعون بدستورية نص لاحق ومانا وهو المعول عليه وان النصين بنفس القوة وصادر من مجلس النواب وحسب صلاحيته التشريعية.. فتم رد الدعوى من الناحية الشكلية والموضوعية.
ان هذا القرار، صحيح ولكنه لا يدل على ضرورة وجود مكاتب المفتشين العموميين، لأن المحكمة هنا، ملزمة بطلبات الخصوم ولا يمكنها ان تتجاوزها، وهي بينت رأيا مهما ان العبرة بالنص الجديد لكنها لم تبين عدم إمكانية بقاء جهتين تمارسان نفس الاختصاص، لأنه لم يطلب منها في الدعوى. الأمر المهم هو ان وجود المفتش العام جاء بناءً على قانون، والغائه لا يتم الا بناءً على قانون. فكان يفترض على الجهات المعنية، ان تبين عدم إمكانية وجود المفتش العام الى جانب الادعاء فإما الاعتراض على تشريع قانون الادعاء العام، او المطالبة بإلغاء مكاتب المفتشين العموميين. ثم ان تجربة هذه المكاتب اثبتت فشلها وعدم قدرتها على مواجهة الفساد في الوزارات، إضافة الى الملاحظات الكثيرة والنقاط السلبية على بعض تلك المكاتب، يضع المشرع امام مسؤولية إعادة تقييمها، او إيجاد طريقة قانونية جديدة، لمواجهة الفساد الذي يتسع وينمو رغم وجود تلك المكاتب.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً