شركة Uber وإشكالاتها القانونية
عدنان بوشان
باحث في العلوم القانونية
تعتبر شركةUber شركة تجارية أمريكية الجنسية تم تأسيسها سنة 2009 بسان فرانسيسكو يقوم نشاطها على تطوير وتشغيل التطبيقات النقالة لربط الزبناء بالسائقين الذين يقومون بخدمات النقل، وقد عرفت تطورا سريعا إذ وصل عدد الدول التي تتوفر على فروع لهذه الشركة حوالي 60 دولة حيث تغطي إجمالي 300 مدينة بالعالم، وقد ثار نقاش قانوني وقضائي خاصة بالدول التي عرفت فتح فروع لهذه الشركة، البعض منها عمد إلى منع أنشطة هذه الشركة لما تمثله من منافسة غير مشروعة لسائقي سيارات الأجرة، والبعض الآخر منها منع بعض أنواع الخدمات التي تقدمها هذه الشركة.
وإن من بين أهم الإشكالات التي لاقت اهتمام رجال القانون من محامون وقضاة ما يتعلق بمشروعية الخدمات التي تقدمها وبخصوص النشاط الأساسي لهذه الشركة هل الأمر يتعلق بشركة للنقل أم هي شركة للتكنولوجية الرقمية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن علاقة هذه الشركة بسائقي السيارات قد أثير حولها نقاش هل الأمر يتعلق بعلاقة شغل يخضع من خلالها السائق لتوجيه وإشراف الشركة أم أن سائقي السيارات يتوفرون على قدر من الاستقلالية في أدائهم لعملهم وفي علاقتهم مع زبنائهم.
أولا: خدمة نقل الأشخاص بين التقييد الإداري والعمل التجاري
يعتبر النقل من بين الأنشطة أو الأعمال التجارية التي جاءت ضمن مقتضيات المادة 6 من مدونة التجارة والتي من شأن الممارسة الاعتيادية والاحترافية لها اكتساب الصفة التجارية، كما يعتبر عقد النقل الذي يبرم بين الناقل و الشخص المستفيد من النقل عقد تجاري تناولته مدونة التجارة كذلك بالتنظيم بموجب المادة 443 وما بعدها مؤكدة من خلال ذلك على ضرورة مراعاة مقتضيات النصوص الخاصة في مادة النقل، وهو ما يفيد إمكانية اعتماد خدمة النقل كنشاط فردي أو منتظم في إطار شركة تجارية.
بالرجوع إلى مقتضيات النصوص القانونية الخاصة بالنقل خاصة ما يتعلق بالقانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق نجد هذا الأخير قد عمل على تنظيم مسألة النقل المهني، والذي اشترطت من خلاله المادة 40 ضرورة التوفر على بطاقة سائق مهني كما حددت هذه المادة المركبات التي يجب أن يتوفر في سائقها هذا الشرط، هذه البطاقة التي تسلمها الإدارة بعد متابعة المعني بالأمر تكوينا تأهيليا أوليا.
وكجزاء عن عدم احترام هذا المقتضى ما لم ينص القانون على جزاء أكثر قسوة، تعمل الإدارة على توقيف رخصة سياقة كل سائق يعمل على نقل البضائع أو النقل الجماعي للأشخاص دون التوفر على وثائق النقل التي تحددها الإدارة أو مخالفة الشروط المبينة في الوثائق المذكورة.
يتضح إذا أن قطاع النقل هو من بين القطاعات الحساسة الذي لا يزال يخضع لتدخل الدولة وتنظيمها، وهو ما يفرض على أي شخص طبيعيا كان أو معنويا ضرورة الحصول على إذن إداري وإحراز كافة الشروط المفروضة من طرف السلطة الحكومية المختصة بذلك، من خلاله نتساءل عن مدى قانونية استخدام شركة Uber لسائقي سيارات شخصية الاستعمال في عمليات نقل الأشخاص وهل تعتبر هذه الشركة شركة تجارية للنقل أم شركة إلكترونية خاصة بالتطبيق الرقمي لا غير؟.
قبل أن تصل شركة Uber إلى المغرب سبق وأن مرت بتجارب في مجموعة من الدول والتي عرفت هي الأخرى نفس الإشكالات حيث سبق للبرلمان الفرنسي أن صوت بحظر تطبيق خدمة UberPOP وهي إحدى الخدمات التي تقدمها هذه الشركة إذ تعتمد فيها على سائقي سيارات شخصية الاستعمال، كما عملت محكمة الاستئناف بباريس على تغريم الشركة مبلغ 150 ألف يورو بدعوى العمل التجاري المضلل أو المخادع، وهو الحكم الذي رفضت بشأنه محكمة النقض عريضة النقض الموجهة من طرف شركة Uber في قرار لها رقم 15-87770 بتاريخ 31 يناير 2017، وقد امتدت مناقشة هذه المسألة إلى دفع شركة Uber بعدم دستورية المادة L3124-13 من قانون النقل الفرنسي كان جواب المجلس الدستوري هو دستورية المادة L3124-13 وذلك بموجب القرار رقم 484-2015 بتاريخ 22 شتنبر 2015، من جهة أخرى فقد كان للقضاء الإيطالي هو الآخر قول في هذا الإشكال فعمل على حظر خدمات Uber بدعوى المنافسة غير المشروعة لسائقي سيارات الأجرة الإيطاليين، كما كان للسيد Maciej Szpunar وهو محام عام بمحكمة العدل الأوربية رأي في هذا النقاش حيث صرح بأن على شركة Uber أن تلتزم بنفس القواعد والشروط التي تقع على عاتق أصحاب سيارات الأجرة وأن Uber تقوم بخدمات للنقل وليس بخدمات رقمية كما تدعي هذه الشركة.
ثانيا: طبيعة العلاقة القانونية بين شركة Uber وسائقي السيارات
طرح الإشكال كذلك بخصوص طبيعة العلاقة القانونية التي تربط شركة uber بسائقي سيارات الأجرة هل يتعلق الأمر بعلاقة شغل أم لا، لقد كان للقضاء المقارن كلمة الفصل في هذا الإشكال حيث صرحت محكمة العمل بلندن في قرار لها بتاريخ 28 أكتوبر 2016 أن سائقي سيارات uber هم في الحقيقة في نظر القانون أجراء لهم الحق في الاستفادة من العطلة المدفوعة الأجر والحد الأدنى للأجر، وصرحت أن عقد الخدمة الذي يوقعه سائقوا uber هو في الحقيقة عقد شغل وذلك نظرا للأسباب التالية:
أن شركة uber تقوم بتنظيم امتحان للتشغيل
كما أن سائقي السيارات وبمجرد ارتباطهم بتطبيق uber يصبحون ملزمين بالقواعد التي يمليها عليها هذا التطبيق، السائق لا يعرف اسم الزبون ولا وجهته قبل دخول السيارة وهو لا يقوم باختيار المسار الذي سيسلكه والذي يقوم تطبيق uber بتحديده،
إذا رفض السائق السير أكثر من ثلاث مرات يتم فصله عن النظام أو التطبيق لمدة 10 دقائق. كما اعتبرت المحكمة أن uber تقدم خدمات النقل.
وفي قرار لمحكمة النقض الفرنسية (cass.civ.2éme 7 juillet 2016) اعتبرت من خلاله أن المتدربين المسجلين تحت نظام auto_entrepreneur هم في الحقيقة أجراء نظرا لوجودهم في علاقة تبعية دائمة مع الشركة، ورفضت بذلك دفوع الشركة بكون سائقي السيارات يؤدون عملهم في استقلال تام عن الشركة وأن علاقتهم بالشركة هي علاقة مقاول.
وبالولايات المتحدة الأمريكية اعتبر مجلس العمل بكالفورنيا في قرار له والذي صرح من خلاله أن سائقي uber هم في الحقيقة أجراء.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً