الدور الحمائي للشكلية في المادة التجارية (الأصل التجاري نموذجا) – المغرب
من إنجاز: زكرياء المرابط
باحث في ماستر القانون والمقاولة بكلية الحقوق بمكناس
مقدمة:
لقد عرفت المجالات العلمية مجموعة من المتغيرات على المستوى المفاهيمي بالخصوص نتيجة تغير الظروف المجتمعية، ولا شك أن العلوم الاجتماعية بدورها لم تشكل استثناء من هذه القاعدة، وهذا ما يؤكد خضوعها أيضا للنسبية كما تخضع نظيرتها العلوم البحتة، فلا علم ثابت ولا علم مطلق[1].
وعندما نتحدث عن العلوم الإنسانية أو الاجتماعية فإننا نستحضر بقوة العلوم القانونية باعتبارها أهم العلوم التي عرفت تطورات مهمة على مر العصور، ولا زال هذا التطور قائما إلى يومنا هذا وذلك مواكبة منه للتغيرات المستمرة التي يعرفها الانسان.
إن أهم المواضيع التي عرفها القانون على مر التاريخ والتي عرفت تطورات كبيرة، ما يصطلح عليه اليوم برضائية التصرفات وشكليتها، فهذا الموضوع عرف تطورا جذريا منذ أن عرف الإنسان القانون، خصوصا في القانون الروماني خلال مراحله الأخيرة[2].
ولقد أثبت التاريخ أن القاعدة في الجماعات البدائية كانت هي “القوة مصدر الحق” ثم أصبحت القاعدة في النظم القديمة أن “الطقوس مصدر الحق” فلم يكن يتصور بالمرة القاعدة المهيمنة حاليا أن مجرد “التراضي ينشأ الحق” وهذا هو مبدأ الرضائية، وحتى القانون الروماني لم يعرف هذا المبدأ، فلم تكن الارادة وحدا كافية لإنشاء الحقوق، وظلت الطقوس والشكليات هي المصدر في ذلك. وكان طبيعيا ـ كما يقول الأستاذ العبدلاوي ـ أن يتأذى الرومان من تمسكهم بالشكليات، فمن شأنه أن يعرقل المعاملات ويقف عقبة في سبيل ازدهار التجارة، وكلما ازداد الرومان حضارة كلما استشعروا الحرج أكثر فأكثر[3].
ولكن الحضارة الرومانية ما لبثت أن تطورت وتعقدت سبل الحياة، فكان من شأن ذلك توزيع العمل، وبالتالي الحاجة إلى كثرة التبادل ووجوب السرعة في المعاملات. واقترن ذلك بتقدم في التفكير القانوني مما أدى إلى التمييز بين الشكل والاإرادة في العقد، ولذلك عمدوا تدريجيا إلى التحرر من الشكل، وإن كان ذلك على سبيل الاستثناء فقط، حيث أصبحت العقود الرضائية هي البيع والإيجار والشركة ثم الوكالة.
وهكذا بقيت الشكلية مسيطرة في كل المعاملات وهكذا بقيت الشكلية مسيطرة في كل المعاملات إلى نهاية القرن الثاني عشر ميلادي، ثم أخذت تتناقص لصالح “الرضائية” وقد ساعد على ذلك مجموعة من العوامل، أهمها اقتصادية: إذ بعد أن زاد النشاط التجاري وقويت حركة التعامل، اقتضى الأمر إزالة ما يعوق المبدلات التجارية من الأوضاع والأشكال فكانت المحاكم التجارية الإيطالية في القرن الرابع عشر تحكم طبقا لقواعد العدالة، والعدالة لا تعطي أهمية للشكلية أو الرضائية[4].
هكذا إذن اضمحلت “الشكلية” وحل محلها مبدأ جديد وهو “الرضائية” في التصرفات. وهذا المبدأ ما هو إلا أثر من الآثار المترتبة عن مبدأ سلطان الإرادة، هذا الأخير بدوره ما هو إلا “تعبير عن المذهب الفردي في الميدان القانوني” كما يذهب أستاذنا محمد شيلح[5].
ويقوم هذا المذهب على مجموعة من الأسس الفلسفية والاقتصادية، حيث تولدت في ذهن بعض الاقتصاديين فكرة مفادها أنه يكفي لتحقيق الرخاء والرفاهية أن يطلق العنان للمبادرات الفردية وتعمل بمقتضى القوانين الاقتصادية. وتشبثا بهذه الفكرة أخذ هؤلاء الاقتصاديون يطالبون بوجوب السماح للأفراد بتنظيم شؤون مبادلاتهم بأنفسهم وكف الدولة عن التدخل في هذه الشؤون إلا بما يحمي القوة الملزمة للاتفاقات، على اعتبار أن الثقة في هذه الأخيرة ركن في الائتمان، وهذا الأخير هو روح التجارة، ويجب ردع كل المدينين عند التخلف عن تنفيذ التزاماتهم بلا شفقة[6].
مما سبق يتبين إذن أن الأصل في التصرفات كان هو “الشكلية” خصوصا في عهد الرومان حيث كانت هذه الشكلية غاية في نفسها، فلا عبرة بالتصرف ما لم يتم وفق الشكل المتطلب، ثم تطور الأمر إلى أن أصبحت مجرد استثناء أمام هيمنة مبدأ الرضائية. والملاحظ أن موضوع الشكلية قد أعيد طرحه مرة أخرى خلال السنوات الأخيرة، خصوصا أمام “أزمة سلطان الإرادة”، حيث يمكن القول أن التوجهات التشريعية الحديثة تنحو صوب العودة إلى الشكلية، لكن ليس بمفهومها القديم بل بمنظور جديد.
إن الشكلية بالمفهوم الحديث ليست غاية في حد ذاتها، بل هي وسيلة لتحقيق غايات وأهداف مقصودة، ومن بين أهم هذه الأهداف هي الحماية، وعليه يمكن القول أنها شكلية حمائية[7]. ومن بين أهم القوانين التي طرحت بشأنها هذا الموضوع القانون التجاري الذي يعتبر من أكبر القوانين المعبرة عن مبادئ سلطان الإرادة والذي لا يؤمن إلا بالرضائية والسرعة في تداول الأموال والثقة في المعاملات.
ولعل سبب الحديث عن الشكلية “الحديثة” في هذا الفرع من القانون بالذات، يرجع إلى التطورات الكبيرة التي يعرفها عالم التجارة باستمرار، وما يصاحبه من ابتداع لمفاهيم مستحدثة. وما دمنا نتحدث عن حركية وتطور القانون التجاري فإننا نستحضر أهم مؤسسة حديثة نظمها هذا القانون وهي مؤسسة الأصل التجاري[8] التي تعتبر ـ حسب تعبير أستاذنا عبد الرحيم شميعة ـ من ابتداع الفكر الرأسمالي كآلية للممارسة الاقتصادية[9]، هذه المؤسسة تطورت النظرة إليها في السنين الأخيرة إلى أن أصبحت مالا معنويا يتكون من مجموعة من العناصر المعنوية والمادية، من أجل خدمة زبناء[10].
من هنا يبدو الحديث عن الشكلية في الأصل التجاري يثير صعوبة كبيرة، فالأمر يتعلق بمفهومين قديمين حديثين، إذ كلاهما تطورت النظرة إليهما في التشريعات الحديثة ويعتبران النموذجان للمفاهيم القانونية المتطورة. غير أننا نعتقد أن هذه الصعوبة سرعان ما تتلاشى إذا ما تأملنا الأهمية الكبيرة التي يحوزها هذا الموضوع.
فمن جهة أولى، بما أنه أصبح من المؤكد اليوم بداية انفصال واستقلال القانون التجاري عن الشريعة العامة (القانون المدني) وذلك راجع بالأساس إلى تميز عالم التجارة بمجموعة من الخصائص عجز هذا الأخير على مواكبتها، فإن الأمر ذاته يتأكد بخصوص الشكلية حيث عرفت بدورها تحولات جذرية وطبعتها خصوصيات لا نجد لها مثيلا في القواعد المدنية التقليدية التي تعطي للشكلية وظيفتين أساسيتين إما الانعقاد أو الإثبات. في حين أن الدور الجديد للشكلية في المادة التجارية أصبح هو دورا حمائيا بامتياز، حماية لصالح كل الأطراف، سواء أكانوا متعاقدين أم من الأغيار.
إن المتأمل في القواعد الشكلية المهيمنة في الأصل التجاري، سيتبين له لا محالة أنها تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق الشفافية والثقة والأمن التعاقدي، المتطلبة في التجارة الحديثة، هذه الأهداف تدور كلها حول محور واحد وهو محور الحماية، وذلك مهما كان صنف العمليات المنصبة على الأصل التجاري، سواء كانت ناقلة لملكيته أم غير ناقلة ومهما كان صنف الأطراف سواء كانوا متعاقدين أو دائنين من الأغيار. وعليه فإن محاولة الإجابة عن هذه الإشكالية يقتضي منا تناول الموضوع في مبحثين اثنين كالآتي:
المبحث الأول: حماية المتعاقدين من خلال القواعد الشكلية في الأصل التجاري
المبحث الثاني: حماية الدائنين من خلال القواعد الشكلية في الأصل التجاري
المبحث الأول: حماية المتعاقدين من خلال القواعد الشكلية في الأصل التجاري
لقد نظم المشرع المغربي مؤسسة الأصل التجاري في المواد من 79 إلى 158 من مدونة التجارة، وأحاطه بمجموعة من القواعد تهدف في مجموعها إلى جعل الأصل التجاري مالا منقولا معنويا في ذمة التاجر يشكل ضمانة قوية لدى دائنيه وخصوصا منهم المرتبطين معهم بعلاقات تجارية، وكذا جعله وسيلة فعالة في يد التاجر يستطيع بواسطته الحصول على الأموال اللازمة لتنمية مشروعه التجاري، كما تهدف هذه القواعد أيضا إلى التشجيع على تداوله بين التجار خصوصا في الحالات التي يعجز فيها مالك الأصل عن الاستمرار في تسييره واستغلاله، حيث يعمد إما إلى بيعه بالتقسيط لفئدة التاجر الصغير الطموح الذي لا يتوفر على الأموال الكافية لشراءه فورا، أو إلى وضعه رهن التسيير الحر، بإكرائه لتاجر مؤهل لهذا التسيير… إلى غير ذلك من الأهداف التي رام المشرع تحقيقها من خلال هذه القواعد.
ولما كانت هذه العمليات يمكن تصنيفها إلى عمليات ناقلة للملكية (المطلب الأول) وهي بيعه وتقديمه حصة في شركة على سبيل التملك، وأخرى عمليات غير ناقلة لهذه الملكية (المطلب الثاني) وهي رهنه ووضعه في طار التسيير الحر، فإننا سنذهب وفق هذا التقسيم.
المطلب الأول: حماية المتعاقدين في العمليات الناقلة لملكية الأصل التجاري
يقصد بهذه العمليات الناقلة لملكية الأصل التجاري، بيعه وكذا تقديمه حصة في شركة على سبيل التملك.
لقد أخضع المشرع المغربي القواعد الشكلية لتقديم الأصل التجاري حصة في شركة على سبيل التملك، إلى نفس القواعد المنظمة لبيعه.
وعموما فإن هذه الإجراءات الشكلية تتمثل في الكتابة (فقرة أولى) والشهر (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: دور الكتابة في حماية المتعاقدين
لقد تطلب المشرع المغربي في المادة 81 من مدونة التجارة أن ينظم عقد بيع الأصل التجاري في محرر مكتوب، غير أن الإشكال قد طرح بخصوص طبيعة هذه الكتابة. غير أن الرأي المستقر عليه هو اعتبارها للإثبات فقط وليس للانعقاد ما دام المشرع لم يقرر أي جزاء عن تخلفها[11].
ونفس المشكل كان مطروحا حتى في ظهير 1914، غير أن الملاحظ هو أن المشرع في المدونة لم يحسم المشكل وأبقى على نفس المقتضيات رغم النقاشات التي أثيرت حول الموضوع، مما يطرح التساؤل من جديد حول طبيعة هذه الكتابة، خصوصا في ظل سكوت المشرع الذي لم ينتصر لأي اتجاه سابق في المواد 81 و 82 و 83.
فكيف يمكن تفسير هذا التناقض بين مبدأ رضائية بيع الأصل التجاري ووجوبية البيانات اللازم توافرها في العقد الرسمي أو العرفي تحت طائلة التصريح بالإبطال بطلب من المشتري؟
يذهب جانب من الفقه[12] إلى أنه لا يمكن استنتاج موقف صريح من هذه النصوص، فلا يمكن القول بأنها كتابة انعقاد لأن المشرع لم يرتب البطلان على تخلفها، كما لا يمكن الجزم بأنها كتابة للإثبات لأن المشرع أعطى للمشتري إمكانية طلب الإبطال بمجرد تخلف أحد البيانات إذا تضرر من ذلك، فما بالنا بالغياب التام للكتابة، وعليه يمكن اعتبارها أنها الكتابة “وجوبية”.
ويذهب الأستاذ عز الدين بنستي[13] إلى أن هذه الكتابة ما هي إلا مثال من عديد الأمثلة التي تبرهن على أهمية الشكلية للتكيف مع حاجيات التجارة ويخدم من خلالها المصلحة العامة والمصالح الخاصة المتعارضة، وكل ذلك مع خاصية السرعة التي تميز البيئة التجارية عن نظيرتها المدنية. فالعقد المكتوب يفيد من الناحية العملية إشهار البيع، كما يفيد تقييد امتياز البائع، وأخيرا إذا لم يؤد الثمن كاملا فإنه يلزم الكتابة من أجل تسجيل الحائز بالسجل التجاري، كما يفرض أيضا الكتابة من أجل إثبات عملية التفويت، ويفرض التسجيل لدى إدارة التسجيل والتنبر من أجل التأكد من تاريخ التفويت، وأوجب كذلك مجموعة من البيانات في المادة 81 يجب الإشارة إليها في مضمون العقد المكتوب بهدف حماية المشتري…
كل هذا يؤكد أن الكتابة والشكلية عموما لها دور وظيفي ــ على حد تعبير أستاذنا شميعة ــ على عكس الكتابة في القانون المدني التي تهدف إما إلى إثبات التصرف أو إلى انعقاده[14].
غير أننا نعتقد أن القاضي التجاري لن يستطيع الإفلات من “قبضة” القواعد العامة للقانون المدني عندما يتعلق الأمر بنزاع حول انعقاد بيع الأصل التجاري من عدمه، إذ سيضطر إلى عدم اعتبار الكتابة للانعقاد بل للإثبات، وذلك رغم حرية الإثبات في المجال التجاري (المادة 334 م ت).
ونشير في الأخير إلى أنه عندما يتعلق الأمر بتقديم الأصل التجاري حصة في شركة، لم يتطرق المشرع إلى مسألة الكتابة، ونعتقد أن إجراءات الشهر التي يفرضها المشرع في هذا العقد تقتضي تنظيمه بمقتضى عقد مكتوب، لكن هذه الكتابة وعلى عكس البيع يمكن الجزم بأنها للإثبات فقط، وفي حالة تخلفها يكون العقد صحيحا ويمكن إثباته بجميع وسائل الإثبات. وكل ما في الأمر أن مقدمه حصة في الشركة لا يمكنه الاحتجاج في مواجهة الغير بهذا التصرف، كما لا يمكن للشركة أن تواجه الغير ذوي الحقوق بملكيتها لهذا الأصل ما دام أن عملية الشهر لم تتم.
الفقرة الثانية: دور الإشهار والنشر في حماية المتعاقدين
متع القانون التجاري مشتري الأصل التجاري بضمانات لا نجدها في القواعد المدنية، و هذا ما يتضح من خلال النصوص التي تنظم بيع الأصل التجاري والتي قررت ضرورة إشهار ونشر عقد بيع الأصل التجاري حتى يعلم به دائنو البائع، حتى يمكنهم حماية حقوقهم تبعا للوضعية الجديدة لمدينهم وللأصل التجاري. فإذا ما تمت هذه الإجراءات ومرت الآجال القانونية، أمكن للمشتري الاحتجاج في مواجهتهم بشرائه للأصل التجاري.
فقد أوجبت المادة 83 شهر عقد بيع الأصل التجاري و نشره عبر مرحلتين:
يجب على البائع ــ داخل أجل 15 يوما من تاريخ العقد ــ شهر العقد عن طريق إيداع نسخة من العقد أو نظير من العقد العرفي لدى كتابة ضبط المحكمة التي يوجد في دائرتها الأصل التجاري أو المؤسسة الرئيسية للأصل، وذلك بعد تسجيله لدى مصلحة الضرائب.
ولا تعتبر عملية الشهر تامة إلا بقيام كاتب الضبط بنشر مستخرج من العقد المسجل بالسجل التجاري، وبدون أجل في الجريدة الرسمية وكذلك في إحدى الجرائد المسموح لها بنشر الإعلانات القانونية على نفقة الأطراف (المادة 83).
كما أن بائع الأصل التجاري بالتقسيط يكفل له القانون حماية حقوقه من خلال تقييد امتيازه الذي يمكنه من استيفاء حقه بالأسبقية على جميع الدائنين، في السجل التجاري (المادة 92 م ت)، ويجب عليه أن يقوم بتجديد هذا التقييد كل خمس سنوات (المادة 137 م ت)، وكذلك نفس الأمر بالنسبة لدعوى الفسخ (المادة 99 م ت)، التي تمكنه من فسخ البيع إذا أخل المشتري بالتزاماته في أداء الأقساط.
كما يجب على البائع بمجرد إتمام عملية البيع، التشطيب على إسمه من السجل التجاري وذلك حماية له من خطورة بقاء إسمه مقيدا بعد إتمام البيع، حيث يسأل بالتضامن عن ديون خلفه (المشتري) طبقا للمادة 60 من مدونة التجارة.
ونفس الإجراءات يلزم بها الأطراف عند تقديم الأصل التجاري حصة في شركة، حيث أن حقوقهم لا تكون محمية إلا عبر إجراءات الشهر والنشر، تحت طائلة عدم إمكانية التمسك بنفاذ التصرف في مواجهة الدائنين.
المطلب الثاني: حماية المتعاقدين في العمليات غير الناقلة لملكية الأصل التجاري
لا شك أن المقصود بالعمليات غير الناقلة لملكية الأصل التجاري هي رهنه (فقرة أولى) وكذا وضعه في تسيير حر (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: حماية أطراف عقد رهن الأصل التجاري من خلال القواعد الشكلية
إن وضعية الدائن المرتهن في عقد الرهن لا تختلف كثيرا وضعية البائع في بيع الأصل التجاري، فهو أيضا ملزم بتقييد عقده في السجل التجاري تحت طائلة سقوط جميع حقوقه في مواجهة باقي الدائنين العاديين للراهن (المادة 109)، وهذا التقييد يجب تجديده كل خمس سنوات (المادة 137). غير أن حقوق المرتهن تبقى مضمونة في مواجهة الراهن رغم عدم كتابة العقد وإشهاره، حيث يخضعان في علاقتهما لمبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”.
وكذلك الأمر بالنسبة للمدين الراهن يجب عليه أن يحترم كل الإجراءات الشكلية المفروضة عليه خصوصا التزامه بالإعلام لفائدة الدائن بخصوص كل إجراء من شأنه تهديد قيمة الأصل التجاري المرهون، وذلك تحت طائلة سقوط أجل الدين واعتباره حال الوفاء.
وأخيرا فإنه من أجل تكريس مزيد من الحماية لصالح المرتهن فرض المشرع على مكري المحل التجاري ضرورة إعلامه في حالة فسخ أو إنهاء العلاقة الكرائية التي تجمعه مع الراهن والتي يكون محلها المحل التجاري الذي يستغل فيه الأصل التجاري المرهون. وذلك تحت طائلة اعتباره مسؤولا عن كل الأضرار التي قد تلحق الدائن المرتهن جراء هذا الإنهاء.
الفقرة الثانية: حماية المتعاقدين من خلال القواعد الشكلية في عقد التسيير الحر
رغم أن المشرع لم يجعل من الكتابة في عقد التسيير الحر شرطا للانعقاد وحافظ على طابعه الرضائي، فإنه حرص على إحاطته هذا العقد بمجموعة من القواعد الشكلية، تأخذ طابعا إشهاريا[15].
ولما كان مكري الأصل التجاري في عقد التسيير الحر، يتخذ وضعا سلبيا حيث يكون المسير هو المسؤول في مواجهة الدائنين الذين يشكل الأصل التجاري ضمانتهم، فإن المشرع ألزمه (أي مكري الأصل التجاري) بضرورة نشر عقد التسيير الحر حتى لا يسأل بالتضامن عن الديون التي يرتبها المسير الحر.
المبحث الثاني: حماية الدائنين من خلال القواعد الشكلية في الأصل التجاري
يقصد بهؤلاء الدائنين أولئك الذين ترتبت لهم ديون في ذمة أحد طرفي العقدية تجارية أو مدنية، سواء كانت ديونهم ذات طابع مدني أو تجاري، فهم المعنيون بالحماية التي توفرها لهم المقتضيات المنظمة للعمليات الواردة على الأصل التجاري محل التعاقد.
وعليه فإن تناولنا لهذا الشق يقتضي من التطرق إلى الحماية المقررة لهؤلاء الدائنين من خلال القواعد الشكلية وذلك سواء في العمليات الناقلة لملكية الأصل التجاري (المطلب الأول) أو في العمليات غير الناقلة لهذه الملكية (المطلب الثاني) آخذين بعين الاعتبار نفس الترتيب الذي تتبعناه في المبحث الأول المتعلق بحماية المتعاقدين.
المطلب الأول: حماية الدائنين في العمليات الناقلة لملكية الأصل التجاري
سنتطرق بداية إلى الحماية التي خصها المشرع لصالح الدائنين في كل من عقدي بيع الأصل التجاري (الفقرة الأولى) وتقديمه حصة في شركة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: دور القواعد الشكلية في حماية الدائنين في عقد بيع الأصل التجاري
لقد أخضع المشرع المغربي عملية بيع الأصل التجاري لمجموعة من القواعد الشكلية، هدف من خلالها توفير الحماية اللازمة للدائنين وذلك طمعا في تحقيق حد أدنى من الثقة والائتمان التي يتطلبها عالم التجارة.
بالرجوع إلى القواعد الشكلية المنظمة لعقد البيع يتبين أن المشرع فرض مجموعة من الإجراءات تهم نشر وشهر هذا العقد (أولا) حتى يتمكن الدائنون من معرفة كل العمليات التي تنصب على الأصل التجاري الذي يشكل ضمانة قوية بالنسبة إليهم. إضافة إلى شكليات أخرى تهم أساسا ثمن البيع (ثانيا).
أولا ــ دور عملية شهر بيع الأصل التجاري في حماية الدائنين
إضافة إلى عملية الشهر الأولية التي رأيناها أعلاه التي يقوم بها البائع (الفقرتين الأولى والثانية من المادة 83) والتي تهدف إلى حماية كل من طرفي العقد وكذا الدائنين، خصوصا منهم الدائنون المرتهنون لبائع الأصل التجاري والذين لا يعرفون المشتري الحائز[16]، أوجبت الفقرتين الرابعة والخامسة من نفس المادة على البائع أن يقوم بشهر ثان لنفس العقد، والهدف من هذه العملية الأخيرة هو:
إحاطة دائني البائع بالبيع لكي لا يتم تفويت أصله التجاري دون علم منهم، كونه أهم مال يعولون عليه لاستيفاء ديونهم. فيمكنهم بناء على ذلك ممارسة الحقوق المخولة لهم بقوة القانون وخصوصا التعرض على الثمن وإمكانية الزيادة في الثمن بالسدس…
إحاطة دائني المشتري علما بالحقوق التي بقيت للبائع بالتقسيط في ذمة مدينهم حتى لا ينشغلوا بانتقال ملكية الأصل التجاري إلى هذا الأخير، في حين أنها مثقلة بديون البائع التي تتمتع بحق امتياز.
ويعد هذا الإشهار الثاني أكثر فعالية مقارنة بالإشهار الأول، نظرا لكونه يتم في جرائد تروج داخل مجموع التراب الوطني ويفترض علم الكافة بها، ويترتب على تخلف إجراءات الشهر القانوني هذه، اعتبار البيع غير نافذ في مواجهة الدائنين الذي لم يعلموا به قط. وهذا ما أكده القضاء المغربي في العديد من قراراته[17].
ويدل هذا التعدد في الإشهار على إرادة المشرع في وضع حد لكل المنازعات المثارة من طرف الغير، وذلك بدعوتهم إلى صيانة حقوقهم وممارستها[18].
ثانيا ــ شكليات قبض الثمن ودورها في حماية دائني بائع الأصل التجاري
لما كان الأصل التجاري يشكل ضمانة مهمة لدى مالكه يعولون عليه باعتباره جزء من ذمته المالية، يمكنهم التنفيذ عليه لاستيفاء ديونهم، فإن المشرع أحاط عملية بيعه بمجموعة من الضمانات الشكلية تهدف إلى حماية حقوق هؤلاء الدائنون الذين ساهموا في تنميته. فإلى جانب العملية الإشهارية الواسعة نجد أيضا قاعدة ذهبية لا نجد لها مثيل في القواعد العامة[19]، يتعلق الأمر بوجوب إيداع ثمن البيع لدى جهة مؤهلة قانونا للاحتفاظ بالودائع من قبيل صندوق المحكمة والموثقون مثلا (المادة 81).
وترتب المادة 84 جزاء مهما في حالة قيام المشتري بتسليم الثمن للبائع مباشرة، حيث اعتبرته مسؤولا في مواجهة الدائنين رغم أدائه وذلك تطبيقا لقاعدة محكمة النقض الفرنسية القائلة أن الأداء السيئ للثمن لا يبرئ ذمة المشتري[20].
إن هذا الالتزام المفروض على المشتري يروم توفير ضمانة مهمة لصالح دائني البائع، حتى يمكنهم التعرض على ثمن البيع.
الفقرة الثانية: دور القواعد الشكلية في حماية الدائنين عند تقديم الأصل التجاري حصة في شركة
يلجأ كثير من التجار إلى تقديم أصولهم التجارية حصة في شركة معينة، وذلك لمجموعة من الاعتبارات، فقد يكون الدافع هو تطوير نشاط هذا الأصل، كما قد يكون الهدف فقط هو تحديد مسؤوليته في حدود قيمة هذا الأصل خصوصا في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، أو قد يلجا إلى ذلك نتيجة على استغلاله كالموظف أو القاصر…
غير أنه وكما هو الحال في بيع الأصل التجاري تكون حقوق الدائنين مهددة جراء هذا التفويت الناقل للملكية من ذمة مدينهم (مقدم الأصل) إلى ذمة شخص آخر وهو الشركة في هذه الحالة. والمشرع المغربي أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار فقرر لهم حماية خاصة في المادتين 104 و 105، هي حماية شبيهة بتلك المقررة لصالح دائني بائع الأصل التجاري، بل إن المادة 104 أحالت على نفس الإجراءات الشكلية التي يخضع له بيع الأصل التجاري المحددة في المادة 83.
وعليه فإنه تفاديا للاتكرار لن نتطرق إلى الحماية التي تقدمها إجراءات الشهر والنشر لفائدة دائني مقدم الأصل حصة في شركة، فهي نفسها المقررة لدائني البائع. وسنركز على أهم إجراء قرره المشرع حماية لهؤلاء الدائنون ويتعلق الأمر بمسطرة التصريح بالديون التي تلعب دور مسطرة التعرض على الثمن التي رأيناها في البيع، على اعتبار أنه من المتعذر عليهم ممارسة التعرض على الثمن، فهو غير موجود ويقابله الحصة أو السهم التي يحصل عليها التاجر المدين مقابل تقديم أصله حصة في الشركة[21].
إن مسطرة التصريح بالديون إضافة إلى أنها تحمي حقوق الدائنين، فإنه يقصد منها أيضا إعلام باقي الشركاء بالديون التي تثقل الأصل التجاري المقدم حصة في شركة.
فعندما يتم هذا التصريح داخل أجل 30 يوما من النشر الثاني، فإن الشركة تكون ملزمة بطلب إبطالها أو على الأقل إبطال الحصة المقدمة، وفي حالة تقاعسها عن ذلك أو في حالة عدم الإبطال رغم تقديمها طلب الإبطال، تصبح الشركة مسؤولة بالتضامن مع المدين الرئيسي (وهو مقدم الأصل التجاري) بأداء مبلغ الدين المصرح به عند حلول الأجل.
ومن هنا يتبين الوظيفة المزدوجة التي تقوم بها مسطرة التصريح بالديون، فإلى جانب هاجس حماية دائني مقدم الأصل، هناك أيضا حماية مماثلة للشركاء من سوء نية الشريك الجديد الذي قد يعمد إلى تقديم أصل مثقل بديون الدائنين مع إخفاء ذلك.
المطلب الثاني: حماية الدائنين في العمليات غير الناقلة لملكية الأصل التجاري
سيرا على نفس النهج الذي عالجنا به حماية الأطراف المتعاقدة من خلال الشروط الشكلية في العقود غير الناقلة للملكية في المبحث الأول، سنعالج في هذا المطلب أيضا دور القواعد الشكلية في حماية الدائنين في العقود غير الناقلة لملكية الأصل التجاري. وعليه فإننا سنتطرق بداية إلى مظاهر هذه الحماية في عقد رهن الأصل التجاري (الفقرة الأولى) على أن نتطرق بعد ذلك إلى إبرازها في عقد التسيير الحر (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: دور القواعد الشكلية في حماية الدائنين في عقد رهن الأصل التجاري
لقد أصبح الأصل التجاري يشكل ضمانة مهمة لدائنيه العاديين، ووسيلة فعالة لتحقيق الائتمان يعول عليها كثيرا الدائنون المرتهنون. نظم المشرع عملية رهنه في المواد من 106 إلى 110 إضافة إلى المواد المشتركة مع بيعه من 111 إلى 151 من مدونة التجارة، فأحاطه المشرع بمجموعة من الضمانات الشكلية تهدف بالأساس إلى حماية الدائن المرتهن الذي سبق التطرق إليه في المبحث الأول، إلى جانب الأغيار وهم الدائنون العاديون للراهن.
فبعدما يبرم عقد رهن الأصل التجاري بين مالكه ودائنه المرتهن الذي يثبت عن طريق الكتابة بصريح المادة 108، يشهر وينشر هذا العقد وجوبا في السجل التجاري، وذلك تحت طائلة فقد المرتهن كل امتيازاته تجاه الأغيار، وعليه فإن الدائنين العاديين يعلمون عن بواسطة هذه الطرق الإشهارية بعملية الرهن الواقعة على أهم ضمانة بالنسبة إليهم، ويعلمون بالامتيازات المهمة الممنوحة للدائن المرتهن التي تهدد حقوقهم.
ومراعاة من المشرع لوضعية هؤلاء الدائنين أمام الدائن المرتهن، قرر في الفقرة الخامسة من المادة 111 إذا كان من شأن رهن الأصل التجاري إلحاق ضرر بهم، إمكانية المطالبة بحلول الآجال واعتبار الديون مستحقة الأداء، والمشرع قصر هذه الحماية المهمة على الديون السابقة عن الرهن والمترتبة عن استغلال الأصل التجاري، وبالتالي يستبعد من نطاق هذه الحماية الديون اللاحقة عن الرهن، وكذلك الديون المدنية سواء كانت سابقة أو لاحقة على الرهن.
الفقرة الثانية: دور القواعد الشكلية في حماية الدائنين في عقد التسيير الحر للأصل التجاري
لقد حرص المشرع المغربي على تنظيم عقد التسيير الحر بمجموعة من الضوابط الشكلية، هدف من خلالها حماية الأطراف المتعاقدة وكذلك الدائنون المترتبة حقوقهم في ذمة أحد طرفي العقد. وإذا كنا قد سبق لنا التطرق لحماية أطراف عقد تسيير الحر من خلال هذه القواعد الشكلية، فإنه بقي التطرق للحماية المقررة لصالح دائني أطراف العقد.
أول ما يلاحظ بخصوص هذا العقد أنه حافظ على طابعه الرضائي، غير أن عملية إشهاره ونشره تقتضي ضرورة كتابته في محرر مكتوب، حيث يتم تقييده في السجل التجاري من خلال التنصيص على البيانات التي تخص الأصل التجاري وأطراف العقد وكذا مدته (المادة 153).
وحماية للمتعاملين مع مسير الأصل التجاري من الوقوع في غلط، يلزم مكري الأصل التجاري بتشطيب إسمه من لسجل التجاري أو تغيير تقييد الشخصي بالتنصيص صراحة على وضع الأصل في التسيير الحر، وذلك تحت اعتباره مسؤولا بالتضامن مع المسير الحر في مواجهتهم (المادة 153).
أما المسير الحر فيلزم طبقا للمادة 154 بالإشارة في كل الأوراق المتعلقة بنشاطه التجاري وكذا المستندات الموقعة من طرفه لهذه الغاية، إلى رقم تسجيله في السجل التجاري وموقع المحكمة التي سجل فيها وصفته كمسير حر للأصل التجاري، تحت طائلة معاقبته بغرامة مالية.
وتهدف هذه الإجراءات في مجملها إلى تدعيم الثقة والشفافية في المعاملات التجارية، وإحاطة الدائنين علما بكل الوضعيات الجديدة التي أصبح فيها الأصل التجاري الذي يبقى دائما أهم ضمانة بالنسبة لهم.
وعموما فإنه بعد إبرام عقد التسيير الحر واحترام الإجراءات المسطرة أعلاه، راعى المشرع مصالح كل الدائنين. فأعطى لدائني مكري الأصل الذي ترتب ديونهم عن استغلال الأصل التجاري، الحق في المطالبة بحلول الآجال إذا تبين لهم أن الوضع الجديد للأصل التجاري (التسيير الحر) من شأنه أن يلحق بهم أضرارا (المادة 152)، وذلك داخل أجل 3 أشهر من من نشر عقد التسيير الحر بالجريدة الرسمية وجرائد الإعلانات القانونية.
أما بالنسبة لدائني المسير الحر فإنهم يستفيدون من إقرار المسؤولية التضامنية للمسير الحر ومكري الأصل التجاري، شريطة أن تكون ديونهم مرتبطة باستغلال الأصل المذكور، وذلك من يوم إبرام العقد إلى غاية مرور أجل ستة أشهر عن تاريخ النشر بالجريدة الرسمية (المادة 155).
كما يستفيدون نفس الدائنون أعلاه من مزية حلول الآجال عند انتهاء عقد التسيير الحر (المادة 154)، هذا الإنهاء الذي يخضع بدوره لنفس الإجراءات الإشهارية السابقة (المادة 153).
خاتمة:
من خلال ما سبق يتبين مدى هيمنة الجانب الشكلي على العمليات المنصبة على الأصل التجاري، إلى درجة يمكن معها القول أن الأصل في هذه العمليات هو الشكلية، وما الرضائية إلا استثناء، غير أن هذه الشكلية تختلف عن تلك التي عرفها الفكر القانوني قديما خاصة لدى الرومان، ولا حتى تلك التي عرفها القانون المدني التقليدي الذي يعطيها إما دورا للانعقاد أو للإثبات، فالشكلية في المادة التجارية لها دور حمائي، ليست مقصودة في حد ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق غايات معينة يأتي على رأس هذه الأهداف تحقيق الحماية سواء للأطراف المتعاقدة أو لفائدة الأغيار خصوصا الدائنون منهم.
وقد يتبادر إلى الذهن أن الشكلية لها هدف وحيد وهو الحماية، بل على العكس من ذلك لها أهداف أخرى متعددة منها مراقبة العقود الواردة على الأصل التجاري وإخضاعها للنظام الضريبي، وكذا تسهيل إثبات هذه التصرفات عند النزاع، ومراقبة حجم العمليات التجارية من طرف الدولة لاستعمالها كإحصائيات واقعية… وبالتالي لها دور وظيفي أيضا.
إن هيمنة الشكلية في الأصل التجاري تجعلنا نعتقد أننا بصدد تصرفات واردة على عقار وليس على منقول معنوي، وهذا ما لاحظناه بخصوص نظام الإشهار في السجل المعد لذلك وكذلك نظام التعرض، وباقي الشكليات الأخرى… مما يبرز الأهمية الكبيرة لهذا المال في عالم التجارة ودوره في تشجيع الاستثمار عن طريق توفير الثقة المدعمة للتجار بمقتضيات قانونية إلزامية.
ولا شك أن موضوع الحماية حاضر بقوة في كل القواعد المنظمة للأصل التجاري، بشقيها الموضوعية والشكلية، غير أن الملاحظ هو السيطرة القوية للشكلية على باقي القواعد، إلى درجة يمكن معها القول أنه لا يمكن الاستفادة من ضمانات القواعد الموضوعية ما لم يتم احترام القواعد الشكلية أولا.
إذا ثبت كل ما سبق، تساءلنا في الأخير على مدى قدرة هذه “الشكلية في الأصل التجاري” على مسايرة واقع التجارة المغربية، فهل قواعد الأصل التجاري المتسمة بالشكلية يمكن تطبيقها في اقتصاد يغلب عليه انعدام الهيكلة ؟
[1] يحيى الجمل: حصاد القرن العشرين في علم القانون، الطبعة الاولى 2006، مطبعة دار الشروق، القاهرة، ص 5.
[2] بخصوص التطورات التي عرفها هذا الموضوع:
ادريس العلوي العبدلاوي: شرح القانون المدني (نظرية العقد) الطبعة الأولى سنة 1996 ص 89.
محمد شيلح: سلطان الإرادة في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية الحقوق الرباط، سنة 1983.
العربي الشادلي: الالتزم العقدي بين مبدأ سلطان الإرادة والتوجه الحديث للعقد، أطروحة لنيل الدنتوراه في الحقوق، كلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء، سنة 2006 – 2007.
[3] ادريس العبدلاوي: م.س ص 93.
[4] نفس المرجع السابق، ص 94.
[5] محمد شيلح: م.س، ص 1.
[6] محمد شيلح: م.س، ص 33 – 34.
[7] أحمد ادريوش: تأملات حول قانون الإثبات الالكتروني للمعطيات القانونية، منشورات سلسلة المعارف القانونية، سنة 2009، ص 39.
[8] نظمها المشرع المغربي في المواد من 79 إلى 158 من مدونة التجارة لسنة 1996، بعدما كانت منظمة قديما في ظهير 31 دجنبر 1914.
[9] محاضرات ألقيت على طلبة سلك ماستر القانون والمقاولة سنة 2013-2014.
[10] عبد الرحيم شميعة : القانون التجاري الأساسي مطبعة سجلماسة ط 2013، ص 170 وما بعدها.
[11] قرار المجلس الأعلى 2845 بتاريخ 10/12/1986، مجلة القضاء والقانون، عدد 138. وآخر بتاريخ 12/1/2005 منشور بمؤلف “الكراء التجاري من خلال قضاء المجلس الأعلى عدد لسنوات 2000 – 2005” ص 20.
وفؤاد معلال: شرح القانون التجاري الأساسي، طبعة 2014، ص 230.
[12] أستاذنا عبد الرحيم شميعة: م،س ص 235.
[13] عز الدين بنستي: دراسات في القانون التجاري المغربي، الجزء الثاني (الأصل التجاري)، الطبعة الأولى 2001، ص 132.
[14] محاضرات ألقيت على طلبة ماستر القانون والمقاولة سنة 2013/ 2014.
[15] عبد الرحيم شميعة: م.س ، ص 287.
[16] بنستي: م.س، ص 136.
[17] مثلا قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) رقم 243 بتاريخ 16/06/1979، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 27، سنة 1981، ص 61.
[18] شميعة عبد الرحيم: م.س، ص 242.
[19] شميعة عبد الرحيم: م.س، ص 244.
[20] Qui paie mal, paie deux fois
Cour cass, cham.com. com. Mardi 15 décembre 2009 n° 08 – 18811 ; INEDITS أشار إليه الأستاذ شميعة: م.س، ص 245.
[21] شميعة عبد الرحيم: م.س، ص 261.
اترك تعليقاً