معلومات قانونية حول الفصل في طلب وقف تنفيذ القرار الإداري
أ/ عبد الله كامل محادين
من المفترض أن تفصل المحكمة في الشق المستعجل بطلب وقف التنفيذ أولا ثم بعدها تبحث الشق الموضوعي في الطعن ، حيث يقوم القاضي بإصدار قراره بحجز الدعوى للحكم في الشق المستعجل أولا بعد سماع المرافعة بشأن هذا الشق ، وسواء كان حكمها بقبول وقف التنفيذ أو برفضه ، تحال الدعوى لهيئة المفوضين لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب إلغاء القرار الإداري ثم تعاد لجلسات المحكمة مرة أخرى لتحكم في الشق الموضوعي ” طلب الإلغاء ” ، إلا أن هناك بعض الدوائر في القضاء الإداري في مصر تحيل الدعوى مباشرة لهيئة مفوضي الدولة وتقضى بالحكم في الشقين معا المستعجل والموضوعي ، على ذريعة أنها تطلب من الهيئة عدم الإطالة في الرد بالتقرير – وهو ما يحدث بالفعل – وان كان هذا الأسلوب يجعل الحديث عن توافر شروط الاستعجال لغوا لا قيمة له.
الشروط الواجب توافرها لقبول وقف تنفيذ القرار الإداري :
أولا الشروط الشكلية:
طلب وفق التنفيذ كأي طلب يعرض أمام القضاء يجب أن تتوافر فيه شروط القبول العامة في الدعاوى وهى شرطي الصفة والمصلحة ، ألا أننا نعنى هنا بالشروط الشكلية التي تتطلبها القانون بصفة خاصة في طلب وقف تنفيذ القرار الإداري
فقد نص قانون مجلس الدولة على انه:
” بالنسبة للقرارات التي لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها إداريا لا يجوز طلب وقف تنفيذها، على انه يجوز للمحكمة بناء على طلب المتظلم أن تحكم مؤقتا باستمرار صرف مرتبه كله أو بعضه إذا كان القرار صادر بالفصل. فإذا حكم له بهذه الطلب ثم رفض تظلمه ولم يرفع دعوى الإلغاء في الميعاد اعتبر الحكم كأن لم يكن و استرد منه ما قبضه”.
مما يعنى أن المادة المذكورة نصت على انه لا يجوز طلب وقف تنفيذ القرارات التي لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها. وهى القرارات الواردة في بعض فقرات المادة 10 من قانون مجلس الدولة البنود ثالثا و رابعا و تاسعا .
فقد نص قانون مجلس الدولة على انه:
تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية :
……………….
ثالثاً : الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات
رابعاً : الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي .
…………….
تاسعاً : الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميين بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية ”
وتلك الطلبات نصت عليها المادة 12 من قانون مجلس الدولة التي تضمنت انه :
” لا تقبل الطلبات الآتية :
أ ) الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية
ب) الطلبات المقدمة رأسا بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثا ورابعا وتاسعا من المادة 8 وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم ، وتبين إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة ”
“ولعل الحكمة في ذلك أن هذه القرارات يتعين التظلم منها إلى مصدرها أو إلى رئيسه الادارى ، وانتظار المواعيد المقررة للبت في التظلم ، قبل الطعن فيها بالإلغاء ، ولذا قرر المشرع عدم توافر الاستعجال في شأنها . ونعتقد أن معظم هذه القرارات ليس من شأن تنفيذها أن يرتب عادة نتائج يتعذر تداركها….
ويقتصر حظر طلب وقف التنفيذ على القرارات المنصوص علي وجوب التظلم منها قبل رفع دعوى الإلغاء . وعلى ذلك لا يمتد الحظر إلى غيرها من القرارات و لو تعلقت بشئون الموظفين رغم إمكان توافر الحكمة التي ذكرناها”( )
ثانيا الشروط الموضوعية :
أستقر قضاء المحكمة الإدارية العليا – والقضاء الإداري – على ضرورة توافر شرطان أساسيان في طلب وقف تنفيذ القرار الإداري وهما :
• ركن الجدية( أو المشروعية )
• ركن الاستعجال
وفى هذا تقول المحكمة الإدارية العليا
” تقضى المحكمة بوقف تنفيذ القرار الإداري بحسب الظاهر من الأوراق من عدم المساس بأصل طلب الإلغاء إذا توافر ركنان هما :
(أ) ركن الاستعجال : بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها .
(ب) ركن المشروعية: بأن يكون ادعاء الطالب قائما حسب الظاهر على أسباب جدية “
– أولا : ركن الجدية :
وتعنى الجدية الأسباب الجادة التي بوجودها يرجح الحكم بإلغاء القرار الإداري موضوع الطعن ، وهو الأمر الذي يستدل عليه القاضي من ظاهر أوراق الدعوى دون تعمق في بحثها ، ولهذا يجب أن يكون الطاعن مستعدا بكافة دفوعه ودفاعه ومرافعاته ، ومستعدا للنقاش في طلباته أمام هيئة المحكمة – وهو أمر يحدث غالبا في محاكم القضاء الإداري .
ويمكن ضرب أمثلة توضيحية لتوافر ركن الجدية و الاستعجال في المثال السابق الذي ذكرناه بالقرارات المتعلقة برسوب احد الطلاب ، فركن الجدية و الاستعجال يجد سنده في أن عدم وقف تنفيذ القرار الإداري قد يفوت على الطالب الطاعن سنوات دراسية وهو أمرا لا يمكن تداركه فيما لو قضى بعدم بإلغاء قرار رسوبة ، وكذلك الحال بالنسبة للطعن على قرار الامتناع إدارة السجن من تمكين سجين من التعليم فطلب وقف تنفيذ هذا القرار الإداري:
(علي إدارة السجن أن تشجع المسجونين علي الإطلاع والتعليم وأن تيسر الاستذكار للمسجونين الذين لديهم الرغبة في مواصلة الدراسة وأن تسمح لهم بتأدية الامتحانات الخاصة بها في مقار اللجان . . . . .)، و من الناحية العملية فان معظم الحقوق التي كفلها الدستور يتوافر فيها ركن الجدية في حال تم تضمينها طلب وقف التنفيذ مثل الحق في التنقل ، فإن قرارات المنع من السفر يكمن فيها ركن الجدية و الاستعجال فيما خوله الدستور من التأكيد على هذا الحق لاسيما إذا كان من شأن قرار المنع أن يفوت مصلحة على الطاعن لا يمكن تداركها الأمر الذي يشكل ركن الاستعجال .
ثانيا ركن الاستعجال :
ويعنى ركن الاستعجال أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو حكم بالإلغاء ، والحكم على مدى توافر هذا الشرط متروك لتقدير قاضى الموضوع ، – وقد أستقر القضاء على أن الحالات المخالفة للحقوق الدستورية يغلب عليها طابع الاستعجال مثل الحرمان من التعليم والحرمان من الزيارة – و دعاوى الطعون الانتخابية لاقترانها بحدث له مدة محددة .
– و من المقرر أيضا أن طول المدة التي تفصل بين صدور القرار الإداري المطلوب وقف تنفيذه وطلب وقف التنفيذ قرينة على عدم توافر ركن الاستعجال.
اترك تعليقاً