المغزى التأريخي لقرار المحكمة الاتحادية /ابراهيم المشهداني
اصدرت المحكمة الاتحادية قرارا ذا اهمية تاريخية يقضي باعتبار نص البند رابعا من المادة الثالثة من قانون تعديل قانون انتخاب مجلس النواب رقم 26 لسنة 2009 غير دستوري. ودعا رئيس المحكمة مجلس النواب، بناءً على ذلك، الى إعادة النظر بالقانون المذكور.
لقد جاء هذا القرار مطمئنا الشعب العراقي ان المؤسسات الدستورية وبينها المحكمة الاتحادية سوف لن تسمح بالتجاوز على الدستور العراقي الذي صوت عليه الشعب، وانها ستبقى، وهو المأمول منها،صمام الامان لحماية الديمقراطية في العراق الجديد وضمان حقوق الشعب في اختيار ممثليه الحقيقيين في مواجهة ممارسات الكتل الكبرى، التي استخدمت الطائفية والاثنية في الاستحواذ على المقاعد البرلمانية وصولا الى مواقع النفوذ في السلطة كما لو كانت ملكية شخصية لا يجوز التفريط بها.لقد اصبحت الكرة بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية في ملعب البرلمان الجديد الذي ينتظر شعبنا منه التوجه باخلاص نحو دراسة مشاريع القوانين التي تلكأ البرلمان السابق في دراستها واقرارها، وقبلها اعادة النظر بقانون الانتخابات وفقا لقرار المحكمة الاتحادية، وكذلك قانون الاحزاب وكافة القوانين الاقتصادية والاجتماعية التي تصب في معالجة اثار النظام الديكتاتوري ورفع مستوى رفاهية الشعب العراقي الذي ذاق مرارة الاهمال خلال السنوات السبع العجاف منذ سقوط الديكتاتورية. وذلك عبر توفير الخدمات الاساسية، الكهرباء والصحة والتعليم والبيئة وغيرها واعادة بناء الاقتصاد الوطني على اسس علمية وبعيداً عن تدخلات المؤسسات الدولية الثلاث، والاعتماد على فيض واردات العراق وخيرات ارضه المعطاء.
ومن بين الامور التي ينبغي على البرلمان الجديد ان يضعها في صلب برنامجه للسنوات الاربع القادمة، العمل على انجاز التعديلات الدستورية وفق الاليات الدستورية والتي من شانها تخليص الدستور مما علق به من اضرار بمصالح العديد من الشرائح الاجتماعية وخاصة المادة 41 المتعلقة بالمرأة وتخليصه من التناقضات في العديد من مواده وبما يعمق المضامين الديمقراطية ويضع البلاد على طريق التطور الديمقراطي واستكمال بناء المؤسسات الدستورية التي هي الضمان الاكيد للمسار الديمقراطي للعملية السياسية.ان الوظيفة الرقابية للبرلمان الجديد يجب ان توضع ضمن اولويات عمله في المرحلة اللاحقة. وفي هذا المجال يتوجب العمل على تخليص المؤسسات الحكومية من الفساد الاداري المستشري في كل مستوياتها والذي استحوذ على معظم موارد البلد، وضمان محاسبة الفاسدين حتى لو كانوا اعضاء في البرلمان.
ويجب ان لا ننسى طلبات السلطة القضائية لرفع الحصانة عن بعض اعضاء البرلمان السابق، حيث تبادلت الكتل المتنفذة عمليات التستر على ممثليها المتهمين والدفاع عنهم بمختلف الوسائل وتعطيل دور القضاء في معاقبتهم، حتى اصبح ذلك موضع سخرية الشارع العراقي فضلا عن الاعلام العالمي. كيف لا وان العراق عد من الدول التي تقع في اعلى قائمة الدول التي ينتشر فيها الفساد.ومن صلاحيات البرلمان الرقابية استجواب اعضاء الحكومة بمن فيهم رئيس الحكومة واي وزير يثبت ضلوعه في عمليات الفساد او الاهمال، ويتسبب في هدر الاموال العامة وفي الفشل في تنفيذ المشاريع الاقتصادية والخدمية.
وبالتالي حجب الثقة عن الحكومة او اي وزير فيها وليس كما حصل في البرلمان السابق الذي كانت استجواباته لبعض الوزراء شكلاً من اشكال التهريج بهدف امتصاص نقمة الشارع العراقي.ان الاوضاع المزرية في البلاد وتصاعد ظاهرة الفقر والبطالة وضعف الخدمات والفساد الاداري واستمرار النشاط الارهابي رغم الضربات الموجعة التي وجهت له، ونشاط المافيات الاجرامية المنظمة التي وصلت بها الامور ان تهاجم الصاغة وشركات الصيرفة او تمارس السطو على البنوك في وضح النهار.ان هذا كله يستدعي من البرلمان ان يفعل دوره الرقابي والتشريعي وان تكون الحكومة التي ستحظى بثقته على درجة من الحرص والجدية في معالجة كل هذه الثغرات عبر ستراتيجية اقتصادية واجتماعية واضحة وفي تنفيذ القوانين واستخدام القوة المشروعة في التعاطي مع المشاكل الكبرى مع احترام شرعة حقوق الانسان.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً