ضوابط أوروبية جديدة في سوق «عقود تسوية الفروقات»
فيليب ستافورد وهانا ميرفي من لندن
ساعدت حملات إعلانية رفيعة المستوى وتأييد عدد من المشاهير في السنوات الأخيرة على ازدهار سوق “عقود تسوية الفروقات” في أوروبا التي تبلغ قيمتها تريليون يورو، ما اجتذب المستثمرين الأفراد المتلهفين أن يجربوا بأنفسهم تداول العملات والأسهم والعملات المشفرة.
والآن تستهدف الأجهزة المنظمة في المنطقة صناعة ترى أنها تفتقر إلى الضوابط وتعمل على تجريد الزبائن من أموالهم.
عقود التسوية هي عقود مشتقات يتم تداولها خارج البورصات ويصل مستوى الرفع المالي فيها إلى 400 ضعف. حتى هذا العام، كانت الأجهزة المنظمة إلى حد كبير بلا حول ولا قوة في الوقت الذي استغل فيه مقدمو “عقود تسوية الفروقات” قواعد وطنية متفاوتة وغير متساوية عبر السوق الموحدة لأوروبا لجذب الزبائن. ابتداءً من مطلع هذا الشهر، بدأت الأجهزة المنظمة استخدام صلاحيات ممنوحة من Mifid II أكثر إصلاحات الأسواق المالية الأوروبية طموحًا خلال عقد من الزمان لضبط هذه الصناعة.
قال ستيوارت لين، الرئيس التنفيذي لشركة كور سبريدز Core Spreads، وهي شركة متخصصة في عقود التسوية النقدية في المملكة المتحدة، ويعمل في هذه الصناعة منذ نحو 30 عامًا: “إنه أكبر شيء رأيناه على الإطلاق. لم يحاول أحد قط إدخال ذلك من قبل”.
وتجادل الأجهزة المنظمة الأوروبية بأن المنتجات معقدة فوق الحد بالنسبة لمعظم المستهلكين. فهي سوق يعقد فيها معظم المشاركين تعاملاتهم في غضون ساعات ويخسر معظمهم المال -في بعض الأحيان عشرات الآلاف من اليوروهات– على صفقاتهم، حسب ما خلصت إليه الأجهزة المنظمة. وكان قد تم تسليط الضوء على هذا القلق بشكل كبير في عام 2015 عندما أدى قرار مفاجئ الذي أصدره البنك المركزي السويسري بالسماح لقيمة الفرنك السويري بالازدياد، إلى احتراق أصابع كثير من المقامرين.
يتم الإشراف على القواعد الجديدة من قبل هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية، على الرغم من أن هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة كانت مؤيدة رائدة حتى مع استعداد بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي.
منذ بداية هذا الشهر بدأ تطبيق القواعد الجديدة للحد من المبلغ الذي يمكن للمتداولين استخدامه في الرفع المالي من أجل مراكزهم، على اعتبار أن الذين يقترضون أكثر من غيرهم يتأثرون بسهولة أمام أي تغير بسيط في السعر، الأمر الذي ينطوي على إمكانية إيقاع الخسائر بهم.
وتستند الحدود الجديدة للمبالغ، لفترة ثلاثة أشهر أولية، على تقلبات الأصل الكامن الذي تقوم عليه الورقة المالية، مع سقف يصل إلى 30 مرة ضعف المبلغ الذي يضعه المتداول لأزواج العملات الرئيسة، مثل اليورو-الإسترليني، إلى 2:1 للعملات المشفرة.
إضافة إلى ذلك، سيضطر موفرو عقود التسوية إلى إغلاق مراكز تعاملات الزبائن إذا لم يكن هناك هامش كافٍ في حساباتهم، في حين أن المراهنين لا يمكنهم إنفاق مزيد من المال أكثر مما تم إيداعه في حساباتهم. وأخيرا، هناك قيود على الحوافز التسويقية.
حتى لو كانت القواعد تستثير الطلبات بإضافة المال إلى الهامش الذي وضعه الزبون (لاستخدامه في الرفع المالي)، إلا أن قلة من الناس تتوقع أن يؤدي ذلك إلى تعطيل الأسعار في الأسواق العالمية لأنها صغيرة للغاية. ومع ذلك، يقول تنفيذيون إن أسهم الشركات الصغيرة غير السائلة قد تتأثر.
ويتوقع مقدمو عقود التسوية النقدية، الذين يحصلون عادة على ربح من الفرق بين سعر البيع والشراء، أو من رسوم التداول، أنه سيكون هناك بعض التأثير على أحجام تداولاتهم وأرباحهم. ويتوقع معظم الناس أن اللاعبين الصغار في السوق سيتحملون وطأة المعايير الأكثر صرامة. قال أحد التنفيذيين: “نتوقع هزة. اللاعبون الكبار (مثلIG Index) ينتظرون فقط شفط قوائم العملاء”. سيعتمد كثير على ما إذا المراهنون سيقررون وضع هامش إضافي في حساباتهم من أجل الاستمرار في التداول مثلما يفعلون عادة، أو ببساطة إجراء تداولات أقل. مع الأخذ بالقواعد الجديدة، تبحث الشركات وزبائنها أيضًا عن طرق مشروعة لمواصلة التداول دون الاضطرار إلى الالتزام بالقيود.
كانت الشركات تشجع العملاء على التقدم للحصول على وضع “احترافي” -بناءً على المبلغ الموجود في صناديقهم وخبراتهم في التداول– التي من شأنها أن تقع خارج نطاق القواعد. ما لا، تقدر CMC أن 40 في المائة من إيراداتها الأوروبية تأتي من المهنيين المحترفين. ويعمل آخرون على استكشاف استخدام منتجات بديلة تحاكي عقود التسوية النقدية. وهذه ربما تكون مبنية على العقود الآجلة أو شهادات “تيربو“، وهي نوع من أدوات الدين المرتبطة بأحد المؤشرات التي تحتوي على أحد المشتقات ويتم تسويقها إلى المستثمرين الأفراد في الاتحاد الأوروبي.
قال بيتر هيثرنجتون، الرئيس التنفيذي لشركة IG، أكبر مزود في أوروبا لعقود التسوية: “نتوقع تماماً أن يجد العملاء طريقة لتنفيذ ما يريدونه. سترى التبديل من قبل العملاء بشأن (المنتج) الذي يستخدمونه، وأن يكون الابتكار المالي في جميع أنحاء الصناعة دلالة على هذا الطلب”. لكن هذا النهج يزعج الأجهزة المنظمة منذ الآن، مع تحذير كل من هيئة السلوك المالي وهيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية هذا الأسبوع من أن مزودي الخدمة يجب أن يقدموا “منتجات بديلة” (مثل شهادات التيربو)، خاصة فيما يتعلق بالرفع المالي. وفي بيان صدر يوم الأربعاء، قالت الهيئة إنها “تشعر بالقلق” وستراقب المنتجات، و”إذا لزم الأمر، ستدعم اتخاذ مزيد من الإجراءات لتوسيع نطاق تدخلها”.
يبقى هناك مصدر قلق كبير آخر للأجهزة المنظمة، وهو “المراجحة التنظيمية”، أو خطر انتقال الصناعة إلى مناطق ذات قواعد أقل صرامة. في الماضي، كانت تنتقل إلى بلدان الاتحاد الأوروبي ذات الاختصاص الأخف، مثل قبرص.
هذه الأعمال التي تجد نفسها للمرة الأولى في وجه نهج أوروبي منسق، قد تعاود الظهور من جديد في ولايات قضائية من قبيل جزر ألبهاما أو جزر كايمان، حيث تخضع للقوانين المحلية. ومع ذلك، يقول لين، من شركة كور سبريدز: “لا نعلم حتى الآن ما إذا كان العملاء سينقلون أعمالهم إلى حساب مصرفي في جزر كايمان”.
تم منع مشغلي عقود التسوية النقدية خارج الاتحاد الأوروبي من إغراء عملاء التجزئة الأوروبيين من أجل الانتقال إلى مناطق اختصاص أخرى، وتقول الأجهزة المنظمة إنها ستراقب الوضع عن كثب. لكن يبدو أن بعض المتداولين على استعداد للنظر في ولايات قضائية أخرى.
ريزو تشودري، وهو عامل مطعم يبلغ من العمر 40 عامًا في كنت، ويعزز راتبه المعتاد بمبالغ أخرى تصل إلى 30 ألف جنيه استرليني سنويًا من خلال تداول عقود التسوية، أشار إلى أنه سيغلق حساباته مع سماسرة المملكة المتحدة ويجرب التعامل مع عدد من المشغلين الأستراليين.
قال: “أصبحت هذه لعبة الرجال الأغنياء جدا في أوروبا الآن. كثير من المتداولين الذين يحصلون على دخل منتظم منها انتقلوا منذ فترة لكي يتعودوا على منصات (جديدة أجنبية)”.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً