يلتزم الساحب بمجرد تحرير الكمبيالة بضمان الوفاء بقيمتها في ميعاد الاستحقاق للمستفيد الأول ولكل مظهر يليه وللحامل الأخير، والمسحوب عليه القابل يلتزم أيضاً بضمان الوفاء بقيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق، وكل مظهر يلتزم بضمان الوفاء بقيمة الكمبيالة للمظهر إليه المباشر وكل حامل للكمبيالة يليه، وكلما زاد عدد المظهرين الموقعين على الكمبيالة كلما زاد عدد الضامنين للوفاء بقيمتها، ويعتبر الساحب والمسحوب عليه القابل والمظهرين ملتزمين على وجه التضامن بالوفاء بقيمة الكمبيالة للحامل الأخير، والقابل بالتدخل والضامن الاحتياطي الموقعين على الكمبيالة ملتزمين مع هؤلاء بضمان الوفاء بقيمة الكمبيالة. وفي ذلك تنص المادة ٤٤٢/١ من قانون التجارة على أن “الأشخاص الملتزمون بموجب كمبيالة مسئولون بالتضامن قبل حاملها(1) وقد نصت المادة ٣٩٥/١ على أن ” يضمن المظهر قبول الكمبيالة ووفاءها ما لم يشترط غير ذلك وقد نصت المادة ٤١٦/ ١ على أنه “إذا قبل المسحوب عليه الكمبيالة صار ملزماً ونصت المادة ٤٥٣/ ١ على أن “يلتزم القابل بوفاء قيمتها في ميعاد الاستحقاق” بالتدخل قبل حامل الكمبيالة والمظهرين اللاحقين لمن حصل التدخل لمصلحته بالأوجه التي يلتزم بها هذا الأخير” كما نصت المادة ٤٢٠ على أن “يلتزم الضامن الاحتياطي بالكيفية التي يلتزم بها المضمون”. يتضح من ذلك أن أي مسئول وملتزم بموجب الكمبيالة يعتبر ضامناً بالوفاء بقيمتها للحامل. والملاحظ أن المشرع قرر هذا التضامن رغم أن القاعدة العامة تقضي بافتراض التضامن في المسائل التجارية عند تعدد الملتزمين في الالتزام بدون الحاجة إلى تقرير ذلك في نصوص قانونية. ويعتبر التضامن من الضمانات الهامة للحامل والتي تضاف إلى ضمان مقابل الوفاء والقبول، وبموجب هذا التضامن يستطيع الحامل إذا حل ميعاد الاستحقاق ولم يقم المسحوب عليه بالوفاء الرجوع على الموقعين الضامنين بعد اتخاذ الإجراءات التي قررها قانون الصرف. وفي ذلك تنص المادة ٤٣٨/١ من قانون التجارة أن “لحامل الكمبيالة عند عدم وفائها في ميعاد الاستحقاق الرجوع على المظهرين والساحب وغيرهم من الملتزمين بها”.
خصائص التضامن الصرفي :
يشترك التضامن الصرفي مع التضامن المدني في أسس معينة، ويختلف معه في أسس أخرى :
أولا: يشترك التضامن الصرفي مع التضامن المدني في الأسس الآتية :
١- وحدة الدين :
يقوم التضامن المدني على مبدأ وحدة الدين وهذا مستفاد من المادة ٢١٥ مدني والمقصود به عدم قابلية الدين للانقسام في علاقة المدينين بالدائن حيث يحق للدائن الرجوع على المدينين المتضامنين بالدين مجتمعين، أو يطالب أحدهما منفرداً بكل الدين، ومما لا شك فيه أن التضامن الصرفي يقوم على هذا المبدأ أيضاً فمن حق الحامل مطالبة كل الملتزمين بالكمبيالة، ومن حقه أن يطالب أحداً منهم بكل قيمة الكمبيالة. وفي ذلك تنص المادة ٤٤٢/٢ من قانون التجارة على أن “لحامل الكمبيالة الرجوع على هؤلاء الملتزمين منفردين أو مجتمعين دون أن يلزم بمراعاة ترتيب التزاماتهم” وأضافت الفقرة الرابعة من ذات المادة أن “الدعوى المقامة على أحد الملتزمين لا تحول دون الرجوع على الباقين ولو كانوا لاحقين للملتزم الذي وجهت إليه الدعوى ابتداء”.
٢- تعدد الروابط القانونية :
يقوم التضامن المدني على مبدأ تعدد الروابط القانونية، بمعنى أنه على الرغم من وحدة الدين إلا أن كل مدين يلتزم بالدين بشكل مستقل كأن لم يكن هناك مدين غيره، أي أن المدين تربطه بالدائن رابطة مستقلة عن الروابط الأخرى، ومما لا شك فيه أن التضامن الصرفي يقوم على هذا المبدأ، حيث أن هناك روابط متعددة تجمع الحامل بكل موقع على الكمبيالة تطبيقاً لمبدأ استقلال التوقيعات.
٣- النيابة التبادلية :
يقوم التضامن المدني على فكرة النيابة التبادلية فيما ينفع لا فيما يضر وعبرت عن ذلك المادة ٢٩٢/٢ مدني، أي أنه إذا قام أحد الموقعين بأي عمل يعود بالنفع على المدنيين الآخرين فإنهم يستفيدون منه، أما إذا كان هناك عمل يضرهم فلا يلتزم به غير من قام به، ولا يسري في حق الآخرين، وبالتالي إذا انقطعت مدة التقادم أو وقفت بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين أو إذا صدر حكم عليه فلا يضار من ذلك باقي المدينين ولا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقي المدينين، لأن قطع تقادم الدين أو وقفه أو صدور حكم على أحدهما يضرهم بلا شك، فلا يسري عليه، ومما لا شك فيه أن هذه القاعدة تسري على الالتزام الصرفي أي تسري على الموقعين على الكمبيالة.
ثانياً: يختلف التضامن الصرفي عن التضامن المدني في الأسس الآتية :
١- الدائن وفقاً لأحكام القانون المدني )المادة ٢٨٥ ( حر في اختيار المدين المتضامن الذي يبدأ بمطالبته دون أن يكون مقيداً بأن يبدأ بمطالبة مديناً معيناً، أما قانون الصرف فإنه يفرض على الحامل الرجوع أولاً على المسحوب عليه وإثبات امتناعه باحتجاج عدم الوفاء ثم بعد ذلك يرجع على الموقعين على الكمبيالة دون أن يلتزم بمراعاة ترتيب التزاماتهم، ويفهم ذلك من نص المادة ٤٣٨ /١ تجاري وحامل الكمبيالة له في ذلك طريقتين : إما أن يرجع عليهم مجتمعين، وإما أن يرجع على كل موقع على حده دون أن يلزم بمراعاة ترتيب التزاماتهم، أي أنه إذا طالب أحد المظهرين فإنه يستطيع الرجوع بعد ذلك على مظهر سابق أو لاحق أو الساحب وفي ذلك تنص المادة ٤٤٢/٤ من قانون التجارة ان “الدعوى المقامة على أحد الملتزمين لا تحول دون الرجوع على الباقين ولو كانوا لاحقين للملتزم الذي وجهت إليه الدعوى ابتداء(2)
٢- وفقاً لأحكام القانون المدني )مادة ٢٩٧ (، أنه إذا أوفى أحد المدينين المتضامنين كل الدين فلا يجوز له أن يرجع على أي من الباقين إلا بقدر حصته في الدين. أما قانون الصرف فقد أعطى للملتزم الذي أوفى بقيمة الكمبيالة للحامل الحق في الرجوع على الملتزمين بكل الدين، وذلك لأن كل موقع على الكمبيالة مضمون من الموقع
٣ من قانون / السابق عليه وضامن للموقع اللاحق له، وفي ذلك تنص المادة ٤٤٢/٣ من قانون التجارة أن “ويثبت هذا الحق لكل موقع على الكمبيالة إذا دفع قيمتها”.
المركز القانوني للملتزمين في التضامن الصرفي :
١- لا صعوبة فيما يتعلق بمركز الضامن الاحتياطي أو القابل بالتدخل، حيث أن الرأي مستقر على اعتبارهم كفلاء متضامنين مع من تدخلوا لمصلحتهم.
٢- أما المسحوب عليه فإنه لا صعوبة بالنسبة له أيضاً حيث أنه قبل القبول يعتبر أجنبياً عن الكمبيالة وعن الالتزام الصرفي، أما بعد القبول فإنه يصير ملزماً بوفاء قيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق وفي حالة عدم وفاؤه يكون للحامل – ولو كان هو الساحب نفسه – مطالبة المسحوب عليه القابل بدعوى مباشرة ناشئة عن الكمبيالة بكل ما تجوز المطالبة به بموجب أحكام قانون الصرف(3)
٣- أما الساحب قبل القبول فإنه يعتبر المدين الأصلي في الكمبيالة، أما بعد القبول فقد اختلفت الآراء بشأنه، فقد ذهب رأي(4) إلى أنه يظل مديناً أصلياً لأنه مسئولاً عن دفع قيمة الكمبيالة وبالتالي يعتبر مديناً متضامناً مع المسحوب عليه القابل.
بينما ذهب رأي آخر إلى أن الساحب بعد قبول المسحوب عليه يعتبر كفيلاً متضامناً ولكن بدرجة أشد من المظهرين، لأن الحامل المهمل لا يستطيع الرجوع على المظهرين ولكن يظل حقه قائماً في الرجوع على الساحب حتى يثبت هذا الأخير أنه قدم مقابل الوفاء (مادة ٤٠٣ تجاري)، ولأن الرجوع على الساحب يبرئ ذمة المظهرين، أما الرجوع على أحد المظهرين فإنه لا يمنع من الرجوع على المظهرين الآخرين والساحب، ولأن الساحب هو الذي أنشأ الكمبيالة ونحن نؤيد هذا الرأي الأخير.
٤- أما مركز المظهرين فإنهم لا يعتبرون كفلاء متضامنين للمسحوب عليه القابل أو الساحب قبل القبول، لأن الكفالة وفقاً لأحكام القانون المدني لا تتماشى تماماً مع التزام المظهرين، لأن التزام الكفيل المفروض أنه تابع لالتزام المدين الأصلي، في حين نجد أن التزام المظهرين ليست له هذه الصفة تطبيقاً لقاعدة تطهير الدفوع واستقلال التوقيعات(5) لذلك فإن مركز المظهرين يعتبر مركزاً قانونياً خاصاً خاضع لأحكام قانون الصرف لذلك يمكن أم نقول عليهم بأنهم كفلاء صرفيين.
________________
1- يذهب قانون جنيف الموحد في المادة ٤٧ إلى التزام الموقعين على الكمبيالة على وجه التضامن.
2- يذهب إلى ذلك أيضاً قانون جنيف الموحد في المادة ٤٧.
3- د/ مصطفى كمال طه، القانون التجاري، مؤسسة الثقافة الجامعية، طبعة ١٩٨٣ ، ص ١٣٥ .
4- د/ أمين بدر، الأوراق التجارية في التشريع المصري، الطبعة الثانية سنة ١٩٥٤ م، دار النهضة المصرية رقم ، ص ٣٦٢.
5- مصطفى كمال طه، المرجع السابق، ص ١٣٦.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً