المركز القانوني للمؤسس :
– يبدو من الاهمية بمكان التعرف على مفهوم المؤسس قبل توضيح مركزه القانوني وهو الامر الذي جعل من الضرورة الاعتماد على ما اورده الفقه وذلك نظراً لعدم وجود تعريف او مفهوم واضح للمؤسس في القوانين العراقية ، سواء القانون رقم 31 لسنة 1957 ، والقانون رقم 36 لسنة 1983 الملغين او القانون رقم 21 لسنة 1997 المعدل بالأمر المرقم 64 لسنة 2004 النافذ ، فاصبح لزاماً علينا الرجوع الى ما اورده الفقه بهذا الخصوص .
– حيث نجد الفقه ينقسم بهذا الخصوص الى اتجاهين رئيسين لتوضيح مفهوم المؤسس ، إذ يذهب الاتجاه الاول وهو ) الاتجاه التقليدي ( الى التضييق من مفهوم المؤسس ، بحيث تقتصر صفة المؤسس على الافراد الذين قاموا بالتوقيع على عقد الشركة فقط ، وبالتالي وجوب كوف المؤسس مساهماً في الشركة ، ولايكفي فقط قيامه بالاعمال الضرورية من اجل تاسيس الشركة من قبل جمع الاموال واتمام الاعمال المتعلق بتاسيس الشركة(1)
– اما الاتجاه الاخر فهو ) الاتجاه الحديث( الذي يستنبط اراءه من اراء الفقه والقضاء الفرنسي (2) فيه يذهب الى ان المؤسس ليس من اكتفى فقط بالتوقيع على عقد الشركة ، بل هو كل من قام بمبادرة او عمل ايجابي مؤثر في تاسيس الشركة ولو لم يوقع على العقد الابتدائي او نظام الشركة وان لم يكن مساهماً ، بشرط ان لاتكون اعماله تقع ضمن اعمال الدعاية والترويج (3)
– ومن الواضح ان كل فريق قد اورد مجموعة من الحجج التي تؤيد بها رائها ، حيث نجد ان انصار الاتجاه الضيق يرون في تعريف المؤسس وفقاً لهذا الاتجاه توضيحاً للرؤية بالنسبة لجمهور المدخرين وذلك لمعرفة من يتعاملون معه وبالتالي تكوين الثقة وتشجيعهم على الاكتتاب ، وكذلك امكانية تحديد المؤسس الذي لديه النية بالفعل ويمتلك الاستعداد الكافي لتحمل ماينجم عن تاسيس الشركة من مسؤوليات(4)
– اما انصار الاتجاه الذي يوسع من مفهوم المؤسس ، فيرون بان التوسيع في تحديد مفهوم المؤسس حماية لجمهور المدخرين من بعض الاشخاص الذين لا يمتلكون المقبولية لدى الجمهور فيقومون بالتستر وراء غيرى للقيام بإجراءات تاسيس الشركة(5) وبالعودة الى موقف المشرع العراقي والذي يتصف بعد وجود تعريف للمؤسس في القانون العراقي النافذ ولاحتى في القوانين اللمغاة ، باستثناء اشارة موجودة في المادة 13 من قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 والمعدل بالامر المرقم 64 لسنة 2004 النافذ حيث تنص على يعد المؤسسون عقداً للشركة ، موقعاً منهم او ممن يمثلهم قانوناً .
– وماسبق هي اشارة على ان المشرع العراقي قد تأثر بالاتجاه الذي يضيق من توضيحه لصفة المؤسس ، ولكن باعتقادنا ان هذه الاشارة البسيطة غير كافية من اجل الالمام بمثل هكذا موضوع واسع النطاق وذو تأثير في تاسيس الشركات المساهمة .
– وعليه فاننا نعتقد بضرورة اف يتدخل المشرع وبشكل صريح من اجل ايراد تعريف او توضيح محدد لصفة المؤسس في الشركة المساهمة ، وذلك من اجل توفير اقصى الضمانات لجمهور المدخرين الذين يكتتبون في اسهم راس مال هذه الشركات ، ولدرء اي تحايل قد يلجا اليه المؤسسون الفعليون للشركة ،وذلك بقصد الافلات مما قد ينج من مسؤولية نتيجة لتأسيس الشركة .
_____________
1- د.علي حسن يونس ، الشركات التجارية ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، ص 466
د.احمد ابراهيم البسام ، الشركات التجارية في القانون العراقي ، بغداد ، 1969،ص 128
2-د.فاروق ابراهيم جاسم ، المركز القانوني لمؤسسي الشركة المساهمة / منشو ا رت – . الحلبي بيروت ،ص 55 54
3- د.ابو زيد رضوان ، شركات المساهمة والقطاع العام ، دار الفكر العربي ، القاهرة1983 ،ص 38 وفي نفس الاتجاه ، د.ثروت عبد الرحيم، شرح القانون التجاري ، المصري الجديد ، الجزء الاول ، دار النهضة العربية، ط ،2004 ،ص 505
4- د.عزيز العكيلي ، الشركات التجارية في القانون الاردني ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 1995 ، ص 34.
-2 د.فاروق ابراهيم جاسم ، مصدر سابق ،ص 75
المركز القانوني لشركة المساهمة قيد التأسيس :
من الواضح ان عملية تاسيس الشركة المساهمة الخاصة التي تاخذ بنظام الاكتتاب العام او ما يسمى بالتأسيس المتعاقب ، بحاجة الى قيام المؤسسين بسلسلة من الاعمال والاجرءات التي تمثل تصرفات قانونية تصب في جانب الاعمال التأسيسية لمشركة ، من قبل التعاقد مع البنوك
على تلقي الاكتتاب ، او ان يتعاقدوا على طبع منشورات الاكتتاب ، بالإضافة الى العديد من التصرفات والاعمال الاخرى ، ويبرم المؤسسون هذه التصرفات بأسم الشركة تحت التأسيس مما يثير التساؤل عن المركز القانوني للشركة تحت التأسيس.
– وقد تعددت الاراء التي حاولت تكييف هذا المركز القانوني ، فمن قائل بان المؤسسين انما يتعاقدون لحسابي وباسمي الخاص ويكونون وحدهم دائنين ومدينين حتى اذا تم تاسيس الشركة فانهم ينقلون للشركة الحقوق والالتزامات الناشئة عف العقود التي ابرموها ، وقد تم استبعاد هذا الراي لانه يعرض الشركة لخطر الحجر على احد الشركاء او افلاسه ، ولأنه يستبق دفع الرسوم كرسوم التسجيل العقاري مرتين ، مرة عند انتقال الملكية الى المؤسس والاخرى عند انتقالها الى الشركة عند تكوينيا(1) .
– وذهب راي اخر الى ان الاساس القانوني الذي يفسر على ضوئه انتقال العقود الى ذمة الشركة يتمثل في فكرة الاشتراط لمصلحة الغير ، فالمؤسس وان كان يبرم العقود باسمه الشخصي ، فهو يتعاقد لمصلحة الشركة المستقبلية ، ولايقدر في ذلك كوف المستفيد وهي الشركة المستقبلية ، غير موجودة وقت التعاقد ، هذا الراي وان كان بالنسبة للقانون العراقي يجد له سنداً في القانون المدني العراقي وذلك في مادة (154) (2) فهو يفسر انتقال الحقوق المترتبة على العقود التي يبرمها المؤسسون الى ذمة الشركة ولكنه يعجز عن تفسير انتقال الالتزامات اليها (3)
– وهناك اتجاه اخر يذهب الى اعتبار المؤسسين فضولين فيما يجرونه من اعمال وتصرفات لصالح الشركة المستقلة ، ولكنها قوبلت بانتقادات هي الاخرى (4)
– وقد ذهب اتجاه اخر الى ان للشركة شخصية معنوية خلال فترة التأسيس قياساً على الشخصية المعنوية التي تحتفظ بها الشركة في دور التصفية بالقدر اللازم للتصفية ، وهذه الشخصية ليست كاملة بل هي شخصية في طور التكوين كشخصية الجنين قبل ميلاده (5) .
– حيث ان الشخص وهو جنين في بطن امه معدو اهميه الاداء ، وناقص اهلية الوجوب اذ ليس له الا ذمة صالحة للوجوب له في بعض الحقوق كالحق في ثبوت نسبه من ابيه ، وفي الميراث من مورثه وفي الوصية من الموصى له ، وفي غلة الوقف اذ كان مستحقاً فيه وحق الجنين موقوف على ولادته حياً (6)
– على ان الشخصية المعنوية المقرر للشركة تحت تاسيس محدودة بالقدر اللازم للتأسيس فقط كما ان هذه الشخيصة المعنوية المقررة للشركة تحت تاسيس مشروطة بتمام تأسيسيا تاسيساً صحيحاً ، كما هو الحال في الجنين الذي تكون صلاحياته في اكتساب الحقوق قبل ميلاده مشروطه بتمام ولادته حياً ، اي ان فشل المشروع سوف يجعل الشخصية المعنوية كان لم يكن لها وجود .
– ونذهب الى وجود شيء من الرجحان بهذا الرأي وبالاخص في ظل وجود سند قانوني يؤيده وهي المادة 154 في القانون المدني سابق الذكر ، الا اننا نرى ايضا بان التدخل التشريعي بنص صريح يبين فيه المركز القانوني لمشركة المساهمة قيد التأسيس ،اصبحت حاجة ملحة تفرضها ضرورة استقرار المعاملات و الحفاظ على المصالح الناشئة عن العلاقات القانونية التي تسفر عن الاجراءات التي يقوم بها المؤسسون .
_______________
1- د.محمد علي سويلم ، الشركات التجارية في الأنظمة العربية المقارنة ،دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 2013 ، ص 282
2- د.محمد فريد العريني الشركات التجارية ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2009 ، ص 168
3- د.اكرم ياملكي ، قانون الشركات )دراسة مقارنة ( ، منشورات جامعة جيهان الخاصة ، . اربيل 2012 ، ص 208
4- تنص المادة 154 يجوز في الاتراك المصلحة الغير ان يكون المنتفع مستقلا او جية مستقلا كما يجوز يكون شخصاً او جهة لم يعينا بالذات وقت العقد مادام تعينها مستطاعاً وقت ان ينتج العقد اثر
5- د. مصطفى كمال طه ، الشركات التجارية ، ط 1 ، مكتبة الوفاء ، الإسكندرية ، 2009 ، ص 197
6- د.عبد الرزاق احمد السنهوري، نظرية العقد ، الجزء الاول منشورات الحلبي بيروت ، لبنان ، 1998 ، ص 323
المؤلف : فرياد شكر حسين
الكتاب أو المصدر : مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية جامعة كركوك العدد18المجلد 5
الجزء والصفحة : ص180-183
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً