يتضح أنها تتميز بالخصائص التالية :
أولاً: المسئولية الشخصية والتضامنية للشركاء :
١- المسئولية الشخصية للشريك :
يسأل الشريك في شركة التضامن عن ديون الشركة مسئولية شخصية كما لو أنه دين شخصي على الشريك، وبالتالي لا تقتصر مسئولية الشريك عن ديون الشركة فيما قدمه من حصة ولكن تمتد المسئولية إلى كل أمواله كما لو أنه دين شخصي عليه، إذ تمتد المسئولية إلى ذمته الخاصة بالكامل.
وتبرير أساس هذه المسئولية يرجع إلى عدة اعتبارات منها توقيع التزامات الشركة وتعهداتها بعنوان الشركة الذي يتضمن أسماء الشركاء، حيث يعد كل شريك موقعاً بنفسه عليها، كما أن شركة التضامن تتكون عادة من مجموعة من التجار يعملون معاً ، كما أن القانون يصبغ صفة التاجر على كل شريك ينضم إلى هذه الشركة حتى ولو لم يكن مكتسباً لهذه الصفة من قبل، بالإضافة إلى أن القانون ذاته هو الذي ألزم الشركاء المتضامنين بهذه الخصية. ومسئولية الشريك الشخصية عن ديون الشركة أمر متعلق بالنظام العام، لا يجوز الاتفاق على مخالفته، فلا يجوز الاتفاق على تحديد مسئولية أحد الشركاء بحصة معينة وإذا تم ذلك فإن هذا الاتفاق يكون باطلاً في مواجهة الغير ولا يعتد به ، ومن رأينا أنه يحول هذه الشركة فيما بين الشركاء إلى شركة توصية بسيطة بينما تظل في مواجهة الغير شركة تضامن يحق فيها لدائني الشركة الرجوع على أي شريك في كل أمواله كما لو كان ديناً شخصياً عليه.
ولما كان هذا المبدأ قد قصد به حماية دائني الشركة فإن لهم وحدهم حق التنازل عنه والموافقة على تحديد مسئولية الشريك(1) ونرى في هذه الحالة تحويل الشركة من تضامن إلى شركة توصية بسيطة.
٢- المسئولية التضامنية للشركاء :
المسئولية التضامنية للشركاء تعني أنهم مسئولين بالتضامن فيما بينهم عن ديون الشركة، إذ يحق لدائني الشركة الرجوع على الشركاء جميعاً أو أحدهم بما يحق لهم في مواجهة الشركة وذلك دون أن يحق لأحد من الشركاء الدفع بالتجريد أي الرجوع على الشركاء الآخرين أولاً أو التقسيم أي تقسيم الدين على الشركاء بنسبة نصيب كل واحد منهم. ويعتبر الشريك المتضامن في هذه الحالة بمثابة كفيل متضامن لأن التضامن قائم ليس بين الشركاء بعضهم بعضاً فحسب، بل كذلك بينهم وبين الشركة غير أن تطبيق قواعد الكفالة التضامنية على إطلاقها قد يؤدي إلى تعنت أحد الدائنين واختيار شريك متضامن بعينه للرجوع عليه والتشهير به قاصداً ومتعمداً ذلك وقبل الرجوع على الشركة لمطالبتها بدينه ، لذلك اتفق الفقه واستقرت أحكام القضاء على أنه لا يجوز لدائني الشركة الرجوع على أحد الشركاء المتضامنين إلا إذا توافر شرطين : الأول هو أن يكون لدى الدائن سنداً رسمياً بالدين قد يكون حكماً قضائياً أو إقراراً من الشركة بالدين، الشرط الثاني هو الرجوع على الشركة أولاً وامتناع الشركة عن الوفاء. وإذا تم الرجوع على أحد الشركاء وقام بالوفاء يحق لهذا الشريك الرجوع على الشركاء الآخرين بنسبة دين كل واحد منهم. وهذا التضامن إنما هو خاص بديون الغير قبل الشركة، أما فيما يخص بديون الشركاء قبل بعضهم البعض فلا تضامن بينهم. ولا يسأل الشريك عن ديون الشركة اللاحقة على خروجه منها طالما تم شهر هذا الخروج بالطرق القانونية، أما إذا انضم أحد الشركاء إلى الشركة فإنه يسأل عن الديون السابقة على انضمامه لأنه من المفترض أنه يعلم وضع الشركة المالي وقد ارتضى بالانضمام على هذا الوضع إلا إذا اتفق صراحة على عدم مسئولية الشريك المنضم عن الديون السابقة على انضمامه طالما تم شهر هذا الاتفاق بالطرق القانونية(2) .
ثانياً : عدم جواز تداول حصة الشريك :
بما أن شركة التضامن قائمة على الاعتبار الشخصي وشخصية الشريك محل اعتبار فالأصل عدم جواز تنازل الشريك عن حصته إلى الغير سواء كان ذلك بعوض أو بغير عوض، وسواء كان ذلك أثناء حياة الشريك أو بعد وفاته عن طريق الميراث، وذلك لأن التنازل عن حصة الشريك وجواز تداولها يؤدي إلى دخول شخص أجنبي كشريك في الشركة وقد لا يوافق عليه الشركاء مما يؤدي إلى إهدار مبدأ أساسي تقوم عليه هذا النوع من الشركات وهو الاعتبار الشخصي. ورغم ذلك إلا أن هذه القاعدة وهذا الأصل لا يتعلق بالنظام العام لذلك يجوز للشركاء الاتفاق على انتقال حصة الشريك بقيود معينة كاشتراط موافقة جميع الشركاء أو أغلبية معينة أو حق الاسترداد للشركاء بهدف المحافظة على الثقة المتبادلة والاعتبار الشخصي بين الشركاء، ولا يجوز الاتفاق على أن يكون تنازل الشريك عن حصته بغير قيود أو شروط لمخالفة هذا الاتفاق للاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه الشركة.وفي حالة وفاة أحد الشركاء يجوز الاتفاق على استمرار الشركة بين الشركاء الآخرين مع إخراج حصة الشريك المتوفى وإعطائها للورثة، كما يجوز الاتفاق على استمرار الشركة وانتقال حصة الشريك إلى الورثة ولو كانوا قُصراً بحسب الوضع القانوني لمورثهم، وإن كنا نرى أنه في حالة انتقال حصة الشريك المتضامن إلى الوارث القاصر فإن الشركة تتحول إلى شركة توصية بسيطة. ويسري حكم منع الشريك من التنازل عن حصته إلى الشخص الأجنبي عن الشركة ، ولكن لا يسري في حالة التنازل عن الحصة لأحد الشركاء الآخرين نظراً لبقاء الاعتبار الشخصي قائماً(3) إلا إذا نص في عقد الشركة صراحة على أنه ليس لأي شريك حق التنازل أو بيع حصته لشريك آخر إلا بموافقة باقي الشركاء أما إذا تنازل الشريك عن حصته إلى الغير دون موافقة الشركاء ودون مراعاة القيود والشروط التي يتضمنها عقد الشركة، فإن هذا الشرط وإن كان صحيحاً بين الشريك ومن تنازل له حيث يعتبر شريك الشريك وهو ما يعرف باسم “الرديف” إلا أنه لا يعتد بهذا التنازل في مواجهة الشركة حيث تظل العلاقة قائمة بين الشركة والشريك الأصلي ويبقى المتنازل إليه أجنبياً عن الشركة(4) ومن جانب آخر يجوز للشريك دون موافقة باقي الشركاء أن ينقل إلى الغير المنافع والثمار الخاصة بحصته في الشركة. وعدم جواز تداول حصة الشريك لا يمنع من رهنها، ذلك لأن رهن الحصة ليس بمثابة التنازل عنها، وللدائن المرتهن الحجز عليها وبيعها وفقاً لقواعد حجز ما للمدين لدى الغير )المادة ٣٢٥ وما بعدها من قانون المرافعات( وإذا ترتب على استعمال الدائن حقه في بيع الحصة فإن المشتري لا يصبح شريكاً في شركة التضامن إلا بموافقة باقي الشركاء، وإذا لم تتم هذه الموافقة فإن المشتري للحصة كان بمثابة متنازل إليه ليس له علاقة بالشركة وليس له إلا المزايا المالية من الحصة.
ثالثاً : عنوان الشركة :
يستمد عنوان شركة التضامن من أسماء الشركاء المتضامنين، فإذا تعذر ذكر أسماء جميع الشركاء تم الاكتفاء باسم واحد أو اثنين مع كتابة كلمة “وشركاه” أو أي عبارة تفيد المعنى وذلك حتى يعلم الغير بالشركاء المتضامنين الآخرين. فإذا توفى أحد الشركاء فإنه يجب إخراج اسمه من عنوان الشركة مع شهر هذا التصرف حتى يعلم الغير ولا يتعامل مع الشركة على أساس وجود هذا الشخص ، غير أنه يجوز الإبقاء على اسم الشريك المتوفى إذا كانت الشركة تعتمد في الشهرة على هذا الاسم وحتى لا يعتبر الغير قيام شركة جديدة في حالة تعديل العنوان، لكن يشترط في هذه الحالة الإشارة إلى ذلك في عنوان الشركة(5) ويجب أن يطابق عنوان الشركة الشركاء المتضامنين، فلا يجوز إضافة أسماء وهمية كشركاء بقصد إعطاء الشركة ثقة للغير تخالف الواقع، كما لا يجوز إدخال اسم شخص أجنبي عن الشركة، وإلا إذا كان دخول اسم هذا الشخص الأجنبي بعلمه ورضاه فإنه يسأل عن تعويض الغير على أساس المسئولية التقصيرية. أما إذا كان بغير رضاه جاز له وللغير الذي تعامل على أساس وجود هذا الاسم كشريك متضامن الرجوع على الشركاء الآخرين المتضامنين بالتعويض(6).
رابعاً : اكتساب الشريك صفة التاجر :
يترتب على انضمام الشخص كشريك في شركة التضامن اكتسابه صفة التاجر حتى ولو لم يكن مكتسباً هذه الصفة من قبل. ويؤدي ذلك إلى أنه إذا تم شهر إفلاس شركة التضامن فإن ذلك يشهر إفلاس الشركاء المتضامنين بالتبعية لأنهم يسألون عن ديون الشركة مسئولية شخصية وتضامنية في كل أموالهم، ولكن العكس غير صحيح بمعنى أن شهر إفلاس أحد الشركاء المتضامنين لا يؤدي إلى شهر إفلاس الشركة وذلك لأن الشركة ليست مسئولية عن ديون الشركاء كما أن هناك شركاء آخرين يستطيعون تسديد ديون الشركة في حالة إفلاس أحد الشركاء. اكتساب صفة التاجر يتم بمجرد انعقاد عقد الشركة إذ يعتبر ذلك نتيجة منطقة لتعامل الشركة بعنوانها الذي يتضمن أسماء الشركاء جميعاً أو ما يفيد ذلك، ولأن التوقيع باسم الشريك يجعل التعامل باسمه ولحسابه ويتحمل نتائج المشروع من ربح وخسارة. وعلى ذلك يجب أن يتوافر في الشريك المتضامن الأهلية القانونية اللازمة لاحتراف التجارة، فلا يجوز للقاصر أن يكون شريكاً متضامناً لأنه لا يستطيع أن يكون تاجراً، كما يلتزم الشريك المتضامن بالتزامات التجار من إمساك دفاتر تجارية، غير أننا نرى أن إمساك الشركة دفاتر تجارية يغني عن إمساك الشريك، ولا يلتزم الشريك المتضامن بالقيد في السجل التجاري لأن قيد الشركة في السجل التجاري يغني عن ذلك.
_______________
1- رفعت فخري ، د. فريد العريني : الوجيز في الشركات التجارية ، غير مذكور دار نشر طبعة ١٩٩٧ ،١٩٩٦ ، ص ٢١٣.
2- راجع : د. سميحة القليوبي : الشركات التجارية، دار النهضة العربية ١٩٨٩ ، ص ١٩٤ ، أيضاً د. رفعت فخري، د. فريد العريني، المرجع السابق، ص ٢١٧ ، أيضاً د. ثروت عبد الرحيم – القانون التجاري المصري– دار النهضة العربية – ١٩٨ ، ص ٤30.
3- د. ثروت عبد الرحيم : المرجع السابق، ص ٤٣٣ .
4- راجع : د. رفعت فخري، د. فريد العريني، المرجع السابق، ص ٢٢١ ، كذلك د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص ١86.
5- د. رفعت فخري، د. فريد العريني، المرجع السابق، ص ٢٠٩ .
6- د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص ١٨٣ ، أيضاً، د. ثروت عبد الرحيم: المرجع السابق، ص
٤٣٧.
المؤلف : عصام حنفي محمود
الكتاب أو المصدر : القانون التجاري
الجزء والصفحة : ج1،ص419-424
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً