ماذا يقول القانون في… إسكان «العزاب» مناطق السكن الخاص
كتبه: محمد نجيب
أولت دولة الكويت جل إهتمامها بتوفير السكن للأسرة الكويتية وبذلت في هذا الشأن جهودا كبيرة، وفي الفترة الاخيرة ونتيجة لهذه السياسة فقد إتسعت الرقعة السكنية نتيجة إستحداث مناطق جديدة في مختلف المحافظات وترامت تلك المناطق، ولا زالت تلك السياسة مستمرة في توفير الرعاية السكنية للمواطنين.
ولا شك ان المناطق السكنية الخاصة او ما يعرف بمناطق السكن الخاص، لها خصوصيتها التي تتميز بها عن المناطق الأخرى التجارية والصناعية والحرفية والإستثمارية نظرا للعادات والتقاليد الاجتماعية المرتبطة بطبيعة وتركيبة المجتمع الكويتي.
ومن هنا، فلقد إمتد الإهتمام بهذه المناطق من أجل توفير وتهيئة الظروف المناسبة لها بحكم الحياة الاجتماعية والأسرية. وعليه صدرت التشريعات التي تحد من ظاهرة سكن العزاب في هذه المناطق وحظر اسكانهم فيها للاعتبارات السابق الاشارة اليها نظرا لما تفرزه مناطق سكن العزاب من عادات وسلوكيات مختلفة تماما عن طبيعة تركيبة وتكوين مناطق السكن الخاص في مختلف مناطق محافظات دولة الكويت.
وبناء على ذلك، فلقد صدر المرسوم بالقانون رقم 125 لسنة 1992 في شأن حظر سكن غير العائلات في بعض المناطق السكنية، والذي تناول المواد التي تحظر تأجير الوحدات السكنية او اجزاء منها لسكن غير العائلات وكذلك العقوبات المترتبة على مخالفة احكام ذلك المرسوم.
حيث نجد ان مادة «1» قد نصت على التالي «يحظر تأجير الوحدات السكنية او اجزائها لسكن غير العائلات في المناطق السكنية التي يصدر بتحديدها قرار من المجلس البلدي.
كما اكدت هذه المادة على بطلان اي عقد او اتفاق يخالف ذلك، ولا يعتد به ولا ينتج اي اثر قانوني على اي وجه.
ولقد جاءت المادة «2» من المرسوم بالقانون تأكيدا لما جاء في المادة «1» حيث نصت على التالي «تلغى بقوة القانون جميع العقود والاتفاقات بكافة صورها المخالفة لأحكام المادة السابقة والتي تكون قد أبرمت في تاريخ سابق على العمل بأحكام هذا القانون.
وعلى شاغلي العقارات التي ينطبق عليها حكم الفقرة السابقة إخلاء هذه العقارات خلال ستة اشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون فإذا انقضت هذه المدة دون اخلاء العين يتم قطع التيار الكهربائي عنها وتخلى بالطريق الاداري بناء على قرار يصدر بذلك من المدير العام لبلدية الكويت.
ولعل مما يجب ملاحظته هنا، ان المادة «1» قد رتبت البطلان المطلق على كل اتفاق يخالف احكام هذا القانون بعد صدوره بينما المادة «2» قد راعت اوضاع الساكنين بموجب عقود او اتفاقات سابقة على صدوره، حيث انها قد اوجبت إلغاءها مع إعطاء مهلة ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون يتعين على شاغلي هذه الوحدات اخلائها عقب انتهاء تلك المهلة ورتبت جزاء مخالفة ذلك اتخاذ الاجراءات التالية:
– قطع التيار الكهربائي عن العين المؤجرة.
– ان يتم اخلاء العين بالطريق الاداري، بناء على قرار يصدر بهذا الشأن من مدير عام البلدية.
وحيث ان المرسوم بالقانون رقم 125 لسنة 1992 في شأن حظر إسكان غير العائلات في بعض المناطق السكنية قد تم نشره في جريدة الكويت اليوم في ملحق العدد «70» الصادر بتاريخ 30 سبتمبر 1992، وحيسما اشارت اليه المادة «6» من المرسوم بأن يتم العمل به بعد شهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، فان مهلة الستة اشهر المنصوص عليها بالإخلاء في المادة «2» تبدأ إعتبارا من 30/10/1992، وهو حكم وقتي ـ قد انتهى بانتهاء المدة المحددة له.
أما المادة «3» من المرسوم فقد حددت العقوبات التي يتم توقيعها على المؤجر المخالف حيث نصت على التالي:
يعاقب المؤجر الذي يخالف أحكام المادة الاولى من هذا القانون بالغرامة التي لا تزيد على خمسمائة دينار، فإذا عاد إلى إرتكاب ذات الفعل خلال سنة من تاريخ الحكم عليه، عوقب بالغرامة التي لا تزيد عن ألف دينار وفي جميع الاحوال تحكم المحكمة بإخلاء العين من شاغلها.
ويتبين من هذه المادة ان العقوبات التي يتم توقيعها على المؤجر المخالف هي كالتالي:
– الغرامة التي لا تزيد عن 500 دينار.
– في حالة العود للتأجير بالمخالفة للقانون في خلال سنة من تاريخ الحكم عليه في المخالفة السابقة يتم مضاعفة العقوبة المالية الى 1000 دينار.
وهنا يلاحظ تغليظ العقوبة في حالة العودة إلى ارتكاب المخالفة في خلال سنة من تاريخ الحكم على المؤجر حيث انه يشترط صدور حكم عليه بالإدانة، ومؤدي ذلك إلا يتم مضاعفة الغرامة الى 1000 دينار بمجرد تحديد محضر إثبات المخالفة بالواقعة، بل لابد من اشتراط صدور حكم وان يكون في خلال سنة من تاريخ صدور الحكم.
وألزمت المادة بان يتم الحكم في جميع الاحوال بإخلاء العين من شاغلها.
ولقد نصت المادة «4» على التالي «يصدر وزير الدولة لشؤون البلدية قرارا بتحديد الموظفين المنوط بهم ضبط المخالفات التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون وتحديد محاضر وإحالتها الى جهات التحقيق المختصة.
حيث يتضح من هذه المادة انها قد عهدت الى وزير الدولة لشؤون البلدية بإصدار قرار بتعيين الموظفين الذين يحق لهم ضبط المخالفات المتعلقة بالمرسوم للقيام بالأتي:
– ضبط الواقعة المخالفة.
– تحرير محاضر اثبات المخالفة الواقعة.
– ارسال المخالفات الى جهات التحقيق المختصة.
اي ان مهمة حاملي الضبطية القضائية المكلفين بأعمال التفتيش والرقابة قاصرة على مهمة تحرير محاضر اثبات المخالفة وأحالتها الى الجهة المختصة.
بينما نصت المادة «5» على التالي: «يلغى كل حكم يتعارض مع احكام هذا القانون».
سنعرض القرارات واللوائح التي صدرت تنفيذا لاحكام المرسوم بالقانون رقم 125 لسنة 1993.
قد صدر المرسوم بالقانون رقم 125 لسنة 1992 في شأن خطر اسكان غير العائلات في بعض المناطق السكنية، ونوهنا الى ان هذا القانون قد صدر بما يتوافق مع تركيبة المجتمع الكويتي الاجتماعية والدينية القائمة على الخصوصية لهذه المناطق ونتيجة لما افرزته هذه الظاهرة من سلبيات تتعارض مع العادات والنظام العام والآداب التي هي من اساسيات ومكونات المجتمع الكويتي.
ولقد اناط المرسوم بالقانون في المادة «1» بالمجلس البلدي مهمة تحديد المناطق التي يحظر اسكان غير العائلات بها وهو ما يعرف بظاهرة سكن العزاب التي شغلت حيزا كبيرا من اهتمام الجهات المعنية بدولة الكويت في محاولة منعها ولإيجاد حل جزري لهذه المشكلة.
وبناء عليه فقد صدر القرار رقم «ت و/م ب/ 197/8/92» بتاريخ 15/2/1993 والذي حدد المناطق السكنية التي يحظر فيها تأجير الوحدات السكنية أو أجزائها غير العائلات والخاضعة لأحكام المرسوم بالقانون رقم 125 لسنة 92 وذلك على النحو التالي:
المناطق المخصصة للسكن النموذجي.
المناطق المخصصة للسكن الخاص.
اجزاء المناطق المخصصة للسكن النموذجي والخاص والواقعة في مناطق اخرى.
المناطق الاخرى أو أجزائها التي يخصصها المجلس البلدي فيما بعد للسكن النموذجي او الخاص.
ثم اعقب ذلك صدور القرار الاداري رقم «11» لسنة 1993 والذي حدد المناطق السكنية التي لا يجوز اسكان غير العائلات بها. غير اننا ننوه هنا الى ان تفعيل احكام المرسوم بالقانون رقم 125 لسنة 1992 قد صادفه العديد من المعوقات ولعل ابرزها دخول مفتش البلدية إلى الاماكن المؤجرة وضرورة توافر الآداة اللازمة لذلك، لكون ان هذه الاماكن تعد مناطق سكنية خاصة ومن ثم لا يجوز دخولها بغير اذن اهلها إلا في الأحوال التي يعينها القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه، وذلك حسبما قررته المادة «38» من الدستور، كما ان القانون رقم 17 لسنة 1960 في المادة «78» قد نصت على ان للأشخاص ومساكنهم ورسائلهم حرمة وحرمة الشخص تحمي جسمه وملابسه وما يوجد معه من امتعة وحرمة السكن…
كما ان المادة «79» من ذات القانون تنص على انه «لا يجوز تفتيش الأشياء ذات الحرمة دون موافقة صاحب الشأن إلا في الاحوال التي ينص عليها القانون وبالشروط المقررة فيه».
ثم أكدت المواد «80 ، 83 ، 89» من ذات القانون سالف الاشارة اليه وكل هذه النصوص تؤكد على حرمة المسكن الخاص، باعتبارها من الأولويات التي كفلها الدستور وان ذلك يشكل سياجا لحماية الاسرة والمحافظة على العادات والقيم الاجتماعية الكويتية.
وانه يستفاد من جماع هذه النصوص السابقة الى ان الاصل للمسكن الخاص حرمة فلا يجوز دخوله إلا بإذن اهله ويكون نهارا ولا يجوز تفتيشها إلا بمعرفة الموظف المختص او بالآمر منه، وذلك نظرا لان التفتيش من اخطر إجراءات التحقيق الابتدائي الماسة بحقوق وحريات الافراد فهو إجراء يتسم بالقهر والانحراف وانتهاك حرمة السر.
ومن هنا فلقد واجهت البلدية صعوبات عديدة في تطبيق احكام المرسوم بالقانون رقم 124 لسنة 1992 بسبب الصعوبات العملية المتمثلة في عدم امكانية دخول الوحدات السكنية المخالفة والمؤجرة لغير العائلات وان ذلك يستلزم ضرورة الحصول على إذن صريح من جهة التحقيق والممثلة بالنسبة لمخالفات البلدية في الادارة العامة للتحقيقات لكونها في ذلك تعد من طائفة رؤساء الضبط القضائي.
ومن ثم فان إلامر يلزم ضرورة ايجاد حل لاذونات التفتيش للمكلفين بضبط هذه المخالفات من مراقبين البلدية.
إلا انه يجب ان نؤكد هنا على حقيقة وهي ان ظاهرة سكن العزاب في المناطق السكنية، قد اخذت ابعادا جديدة وأصبحت في حاجة الى المعالجة في الوقت الراهن بصورة اكثر الحاحا منها في الوقت السابق لأنه اصبح هناك العديد من الاساليب للتهرب من تطبيق احكام المرسوم بالقانون رقم 125 لسنة 1992 خاصة في ظل تكدس العديد من المستأجرين في الوحدات السكنية ويصعب تحديد وصفهم من حيث اثبات انهم عائلة خاصة بالنسبة للجاليات غير العربية وبالتالي فانه يجب ان يتم البحث عن وسائل أخرى اكثر فاعلية للقضاء على هذه الظاهرة من خلال التعديل التشريعي وسن قوانين اكثر صرامة وجرأة سواء من حيث تغليظ العقوبات لكي تكون رادعة للمخالفين، وكذلك ايجاد حلولا سريعة لأذون التفتيش لضبط واقعة المخالفات بالوحدات المؤجرة واتخاذ الاجراءات اللازمة وتكليف رؤساء الضبط القضائي كمخرج صعوبة اجراءات منح اذونات التفتيش لمراقبي البلدية في الوقت الراهن نظرا للاعتبارات التشريعية القائمة حاليا.
كما انه ايضا يمكن الاستناد الى القوانين واللوائح الخاصة بالرعاية السكنية في تحديد مفهوم الاسرة التي يمكن السماح لها بالسكن في مناطق السكن الخاص لان هذا سوف يساعد كثيرا في معالجة ظاهرة سكن العزاب.
هذا وبالإضافة الى انه يجب ان يشمل التعديل التشريعي ونظرا لما اسلفنا الى خصوصية مناطق السكن الخاص، يحظر اسكان غير العائلات الكويتية في مناطق السكن الخاص، إلا في الضرورة القصوى وانه يجب في هذا الشأن تغليب المصلحة العليا على المصالح الخاصة لان هذه الظاهرة قد تسببت في احداث مشاكل اجتماعية وأمنية واقتصادية، رغم صدور المرسوم بالقانون رقم 125 لسنة 1992 لان الصعوبات في تنفيذ احكام ، قد نالت كثيرا من الاهداف التي كانت مقصودة عليه وسببا في صدوره، لأنه قد اصبح من اليقين الى ان صدور التشريعات في حد ذاتها ليس سببا كافيا لايحال المعالجة اللازمة والمأمولة، بل يجب الوضع في الحسبان ايضا امكانية تطبيقه دون انتقاص، وان ما صادف المرسوم من صعوبات ومعوقات قد نال منه كثيرا وبات من اللازم على الجهات المعنية الدفع بتشريعات جديدة تحقق الامال المرجوة للقضاء على ظاهرة سكن العزاب.
كما انه على الجهات المعنية الاسراع في انشاء المدن السكنية الجديدة الخاصة بإسكان العزاب لان هذا التوجه قد تم اثارته منذ فترة طويلة إلا انه وحتى الان لم يتم اتخاذ اجراءات عملية ولم يخرج الى حيز الواقع، لان من شأن انشاء هذه المدن ما يساعد بدرجة كبيرة من حدة ازمة سكن العزاب في المناطق السكنية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً