موظفو الحكومة .. إصابات العمل و التعويض عنها
كتبه: محمود سالم
< إصابة العمل هي كل إصابة تحدث للموظف أثناء والعمل وبسببه
< إصابة الموظف في الطريق من منزله إلى مقر عمله يستحق التعويض عنها
< جهل الموظف المصاب بالاجراءات لا يمكنه من الحصول على التعويض
< قانون التأمينات الاجتماعية رقم 61/76 ينظم القواعد القانونية المتعلقة بإصابات العمل وأمراض المهنة
< قرار مجلس الوزراء 15 يضع إجراءات صرف التعويض بشأن الوفاة والعجز الكلي أو الجزئي
نلاحظ من خلال الاطلاع على قانون الخدمة المدنية 15/79 أنه لم يتضمّن أيّة نصوص قانونية تنظم إصابات العمل أو أمراض المهنة، وهي لاشك أمور غاية في الأهمية بالنسبة للعاملين بوزارات الدولة ومؤسساتها العامة، لما لها من آثار خطيرة على مستقبلهم الوظيفي وحياتهم المعيشية، ولاشك أيضًا أن ذلك يمثل قصورًا كبيرًا في قانون الخدمة المدنية بالمقارنة بقوانين العمل بالقطاعين الأهلي والنفطي وما كان معمولا به بقانون الوظائف العامة بالقطاع الحكومي رقم 18/60 السابقين.
ومن المعلوم أن كثيرًا من موظفي الدولة يتعرّضون بصفة شبه دائمة لمخاطر الإصابة، والتي قد ينجم عنها عجز كلي أو جزئي، وبعضها يترتب عليه الوفاة، وهم للأسف في كثير من الأحيان لا يتمكنون من الحصول على التعويض المناسب والمقرّر لهم بسبب عدم درايتهم بالإجراءات الواجب اتباعها، وعدم معرفتهم بالقواعد القانونية الصادرة في هذا الشأن، فهناك إصابات تلحق بموظفي الحكومة أثناء أدائهم لعملهم ينجم عنها نسبة من العجز في قوّة الجسم، كما أن هناك مجالات للأعمال الشاقة والخطرة أو الضارة والتي يترتب عليها بجانب الإصابات ما يسمّى بأمراض المهنة التي تلحق بهم مع طول المدة في مزاولة تلك الأعمال، وللأسف فإن مثل هؤلاء لا يمكنهم الحصول على التعويض المناسب لجهلهم بطبيعة تلك الأمراض، ولإهمالهم اتباع الإجراءات والأساليب القانونية التي تمكنهم من اقتضاء حقوقهم.
المقصود بإصابة العمل
تجدر الإشارة إلى أنه ليس كل إصابة في مكان العمل هي إصابة عمل، فمن المعلوم أن حادث العمل هو كل إصابة تحدث للموظف أثناء العمل وبسببه، أي أنه يجب أن تقع الإصابة نتيجة حادث، وأن يكون هذا الحادث قد وقع أثناء العمل، وهناك إصابات تقع بالعمل لا يتمّ اعتبارها إصابة عمل، أي أنها تقع أثناء العمل ولكن ليست بسبب العمل، إذ يجب أن تقوم علاقة كافية بين وقوع الحادث وبين ظروف العمل وأنه لولا هذه الظروف الأخيرة لما وقع الحادث.
ومن الجدير بالذكر أنه قد يقع الحادث أثناء ذهاب الموظف إلى عمله ويؤدّي ذلك الحادث إلى إصابة الموظف بإصابات شديدة ينجم عنها عجز في قوّة الجسم، فهل يُعتبر هذا الحادث حادثاً بسبب العمل وأثنائه؟ ومن ثمّ يُعتبر إصابة عمل ويحصل بموجبه على التعويض المقرر؟
وللإجابة على ذلك نقول: أنه من المعلوم أن الرأي مستقرّ في الفقه والقضاء على أن الإصابة بسبب العمل وأثنائه تشمل ما يحدث للموظف من إصابات في الطريق من منزله إلى مقرّ عمله، أيًا كانت وسيلة المواصلات، ما دام قد خرج من المنزل قاصدًا عمله دون أن يتوقف أو ينحرف عن الطريق الطبيعي إلى العمل ومن ثمّ يستحق عن هذه الإصابة التعويض المناسب.
وممّا تقدّم يتضح لنا أن العاملين بالقطاع الحكومي الذين يتعرّضون لمخاطر الإصابة أثناء العمل وبسببه، والذين يلحق بهم أحد أمراض المهنة، يحق لهم الحصول على التعويض المناسب، ولكن ما هو الأساس القانوني لهذا التعويض؟ وما هي القواعد القانونية والإجراءات الواجب اتخاذها والتي يتحدّد بناء عليها هذا التعويض؟
وللإجابة على ذلك أيضًا نقول: أنه كما ذكرنا سابقاً أن قانون الخدمة المدنية لم يتضمّن نصوصًا قانونية تنظم هذا الموضوع، وإزاء هذا القصور التشريعي فقد أصدر مجلس الوزراء الموقر بجلسة 43/83 المنعقدة بتاريخ 16/10/1983م قراره رقم (15) والذي نصّ فيه على إحالة حالات التعويض عن الوفاة والإصابة بالعجز أثناء العمل وبسببه إلى كل من وزير العدل ووزير المالية للاتفاق على التعويض المناسب.
وأصدر ديوان الخدمة المدنية تعميمًا يحمل رقم (15) لسنة 1983م ذكر فيه: «أنه حتى يتسنّى نظر حالات تعويض الموظفين عن الوفاة والعجز الكامل أو عجز جزئي فإنه يجب مراعاة ما يلي:-
1- عمل تحقيق بشأن الحادث يبيّن ظروف وقوعه وما إذا كان نتيجة عمد أو سوء سلوك فاحش ومقصود من الموظف المصاب.
2– تحويل الموظف بعد علاجه إلى المجلس الطبي العام لمعاينة الإصابة وتقدير نسبة العجز المتخلف عنها.
3- إرسال نسخة من الأوراق المتعلقة بالحالة المعروضة (التحقيق، وتقارير جهة العلاج، وتقرير المجلس الطبي العام، وشهادة الوفاة إذا أفضت الإصابة لذلك) إلى إدارة الفتوى والتشريع كي تتولى بحث هذه الحالة وبيان ما إذا كان الأساس القانوني للتعويض هي قواعد المسؤولية عن العمل غير المشروع أو قواعد العدالة، ثم عرض الحالة على وزارة العدل والشؤون القانونية ووزير المالية للنظر في مقدار التعويض الذي تؤدّيه الحكومة إلى الموظف المصاب أو إلى ذويه، علمًا بأن التعويض الذي يؤدّى في مثل هذه الحالات ليس من شأنه المساس بأحكام مكافأة نهاية الخدمة أو المعاش التقاعدي المقرّر للموظفين الكويتيين، ولا بأحكام مكافأة نهاية الخدمة المقرّرة للموظفين غير الكويتيين.
كما تجدر الإشارة إلى أنه قد صدر في 26/1/1981م المرسوم الأميري بشأن لائحة الديّات، والذي تحدّدت فيه قيمة التعويض عن فقد الحياة والعجز الكامل، أو فقد أي عضو من أعضاء الجسم.
كما أننا نودّ الإشارة إلى أن قانون التأمينات الاجتماعية رقم 61/76 قد احتوى على فصل كامل متكامل ينظم القواعد القانونية لكل الأمور المتعلقة بإصابات العمل وأمراض المهنة، وأشار إلى إلزام المؤسّسة بفحص المعرّضين للإصابات المهنية بصفة دورية، كما تضمّن إجراءات التحكيم الطبي والضمانات التي تمنح للمؤمّن عليهم.
إلا أنه للأسف قد تأجّل العمل بالباب الرابع المشار إليه، حيث صدر مرسوم بالقانون رقم 126 لسنة 1977م في مادته الأولى على أن (يؤجّل العمل بأحكام الباب الرابع من القانون رقم 61 لسنة 1976م المشار إليه على أن يصدر مرسوم بتجديد تاريخ العمل به).
وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عامًا فإنه لم يصدر مرسوم جديد إلى الآن يسمح بالعمل بالباب الرابع من القانون رقم 61 لسنة 76، على الرغم ممّا فيه من تنظيم قانوني متكامل لكل الأمور المتعلقة بإصابات العمل وأمراض المهنة.
وقد طالبت المؤتمرات العامة للاتحادات النقابية بضرورة العمل بالباب الرابع، كما طالبت بضرورة إضافة نصوص قانونية جديدة تنظم التعويض عن إصابات العمل وأمراض المهنة بصلب القانون الخاصّ بالخدمة المدنية لأن ذلك يعدّ خللا تشريعيًا في هذا القانون الذي يحكم قطاعًا كبيرًا من العاملين بالدولة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً