شخصية الشركة القابضة المستقلة :
إن نشوء الشركة واعتبارها شخصا معنويا تمتع اثر ذلك بذمة مالية مستقلة عن ذمم الأشخاص الطبيعيين فضلا عن الأشخاص المعنويين وذلك وفقا لما ورد في المادة( 48)* ، من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة1951، وكذلك القانون العراقي للشركات رقم 21 لسنة 1997 حيث جاء في المادة الخامسة منه (تكتسب الشركة الشخصية المعنوية وفق أحكام هذا القانون) إن الحديث عن استقلال الشخصية المعنوية نود الأشارة من خلاله الى ان هذه الشخصية لها عدة جوانب نظمها القانون وبالتالي ان مجرد ارتباط الشركة بعلاقات لايعدم الشخصية المعنوية لهذه الشركة. إن سمة الاستقلالية تتضح من خلال استقلال الذمة المالية للشركة ونقصد بذلك إن الشركة القابضة و شركاتها التابعة تضل محتفظة بشخصياتها طالما إن لكل كائن قانوني ذمته المستقلة إلا أن أهم خصيصة للشخص الاعتباري هو ذمته المالية المستقلة لان ( لأن وجود ذمة مالية مستقلة لشخصية معنوية يعني استقلال هذه الشخصية بالضرورة. ويدلل قولنا ما تنص عليه الفقرة ( 3 من المادة 48 مدني عراقي) وكذلك نص المادة( 53 )مدني مصري ح فان تكوين الشخص الاعتباري متوقف على ذمته المالية)(1). كما أن نشأة الشركة في موطن يكسبها جنسية (باعتبار إن الجنسية تمثل الانتماء لذلك الموطن) فنجد إن اختلاف جنسية الشركة القابضة عن جنسية الشركة التابعة لها حتى بعد السيطرة عليها يمثل نقطة استقلال أيضا وان كانت لا تعني الكثير ويضاف أليها أيضا إن الموطن يعد وفق هذا المعنى سمة استقلال وتباين بين الشركتين القابضة والتابعة ،باختلاف الموطن الذي هو عادة مركز النشاط ، والقول بان للشركة القابضة شخصية معنوية مستقلة ذلك لا يعني أن الشركة وباعتبارها قابضة على شركة وفي دولة أخرى إنها اصبحت شركة دولية وبذلك فهي تخضع لقانون موطنها وسماتها لان اثر اكتساب الشخصية المعنوية هو ممارسة نشاطها ووفق توجيهها مع مراعاة أحكام قوانينها (2). وتجدر الإشارة إلى أن السمة التي تحتم الأخذ باستقلالية الشركة القابضة وشركاتها التابعة هو أن تأسيس أي شركة ومن خلال ملاحظة النصوص القانونية فهي تحدد إجراءات وتضع شروطاً لا يمكن أن توجد تلك الشركة ألا بعد إكمالها بشكل قانوني صحيح (3). فهذه نعدها حسب تصورنا مقومات لبنيان الشخصية المعنوية للشركة واستقلال كل شركة عن الأخرى ومن نوع لأخر كل ذلك يخولنا القول أن ليس بإمكان العلاقات التي تقيمها شركة مع شركة أخرى أن تنقض ذلك البناء القانوني لمجرد وجود علاقة تبعية. أن الاحتجاج برقابة الشركة القابضة على شركاتها التابعة لا يكفي لدحض الاستقلال القانوني للشركة التابعة أو الوليدة، حتى عند تملك أغلبية الأسهم وتعتبر مساهمة ذات منشأ أغلبية في الأصوات وتأثير في الشركة وهذا لا يعدم شخصية هذه الشركة. وقد اكد القضاء الفرنسي ممثلا بمحكمة النقض الفرنسية حيث ورد في قرارها الصادر في 3 يوليو 1948 (( تؤكد على أن الذمة المالية لكل شركة لا تتأثر في أن الشركتين يديرهما نفس الأشخاص أنفسهم أو أن إحدى الشركتين تمارس رقابة وتوجيهاً على الشركة الأخرى لكونها مساهمة فيها كما أن الرقابة من قبل الشركة القابضة لا يعد غشاً في مواجهة الغير طالما أن الشركة ذات منشأً صحيح من الناحية القانونية ولها استقلالها القانوني)) (4). ومن الملاحظ أن الرقابة والتوجيه لا تعني أن للشركة شخصية غير مستقلة ، والاستقلال يبدو جلياً في الشركة الوليدة على الرغم من أن هذه الشركة تكون بيـد الشركة القابضة التي لها الدور الكبير في تأسيسها، ونؤكد هذه الحقيقة إذا قلنا بأن الشركة الوليدة لها شخصية غير مستقلة وهي واجهة تمثيل للشركة القابضة فقط ، فهذا القول يكون بمثابة حكم على أن الشركة الوليدة هي وهمية(Society Fictive ) والشركة الوهمية هي شركة لها وجود ظاهري فقط دون الوجود القانوني (5). ونشير الى أن التدخل في أدارة الشركات التابعة ورقابتها لا تؤثر في الشخصية القانونية إلا أن تداخل النشاط كما لو قامت الشركة القابضة بإدارة شركاتها بشكل كامل مالياً وسيطرت عليها فنياً. هذهِ الحالة توجد لنا شركة واقعية أو فعلية بحيث تكون وحدة كاملة في المصالح(Entire Commute dinettes ) (6).
______________________
1- ينظر د.محمد شوقي شاهين ، الشركات المشتركة طبيعتها واحكامها ، مصدر سابق، ص367.
2- ينظر د. حسني المصري ، المشروعات العامة ذات المساهمة الدولية، مصدر سابق، ص128
3-راجع قانون الشركات العراقي رقم 22لسنة 1997، المادة13.
4- ينظر د. محمد شوقي شاهين ، الشركات المشتركة طبيعتها واحكامها، مصدر سابق، ص 366.
5- المصدر نفسه، ص294
6- المصدر نفسه، ص269.
خصوصية هدف الشركة القابضة :
الستراتيجية هي خصيصة تتمثل بها الشركة القابضة فهي شركة تبحث عن التوسع والحصول على الربح ، لذا فأن الخاصية هي مجال سيطرة الشركة القابضة على الأسواق وانطلاقتها لتنفيذ ذلك .ووضعنا هذه كخاصية للشركة القابضة باعتبار أثرها أي أن إستراتيجية الشركة التابعة ربما تضمحل وتحل محلها أهداف الشركة القابضة بحيث أن هدف الشركة القابضة يعتبر هدفاً كلياً ( Global) أي على نطاق عالمي دون اي اهتمام للأطراف التي تليه (1).هذا المركز الاستراتيجي ((الشركة القابضة)) . ويبدو أن الستراتيجية لا تعبر فقط عن هدف اقتصادي أو مالي لكن اهتمامها المعروف هو شأن سياسي ثم اقتصادي ، فالاستعمار يأتي بصيغة الشركات المتعدية القوميات كما في شركة الهند الشرقية كما في شركة الهند الشرقية كنموذج لهذه الشركات الاستعمارية التي كان احتلال الهند بواسطتها، وكما في الشركات الاحتكارية للنفط في العراق حيث سيطرة على مساحات العراق التي تحتوي على الاحتياطي من النفط وأثرة سلبا في اقتصاد العراق حتى صدور قانون رقم 80 لسنة 1961. ويمكن ان نذكر صورة اخرى هي ، ان ثلاث شركات يابانية أبرمت عقدا مع حاكم أبو ظبي فنص على(ان من اللازم الاستحصال على موافقة الحاكم والشركات اذا أريد إبطال نصوص هذه الاتفاقية أو تعديلها ). ومن الجدير بالذكر ان هذهِ الشركات لها نفوذها الضخم هو في الواقع لا يأخذ القوة من حكوماتها رغم الدعم المميز لها وانما تعتمد على قوتها التكنلوجيه ولا يعني ذلك بأن لا علاقة لها بدولها فالدولة تبقى بحماية مصالح شركاتها ، وهذا ما تراه في العولمة وهي تمثل حقيقة الستراتيجية فتوجه الحكومات والبلدان إلى مجالات صناعية أو اجتماعية أو ثقافية لتغير من خلال قنوات الأنشطة تلك، لتغيير الملامح(تغييرا مصلحيا) للهوية وفق مصلحة الطرف الأقوى من جهة أخرى فالاستراتيجية للشركة القابضة تظهر لنا بمثابة الدماغ لرسم ستراتيجية متكاملة وتغير مواقع الاستثمارات الجديدة. ولتوضيح ما تقدم نطرح ما قامت به شركة (Mccam Erickam) والتي لها فروع في( 47 )دولة بإرسال استبيان تفصيلي للأساتذة وأعضاء هيئات التدريس في أمريكا اللاتينية وذلك للبحث عن عمل جديد لها من خلال التعرف على عادات وأنماط الاستهلاك للأسر في الطبقات المتوسطة التي تعيش في الحضر. ويمكن تشبيه العلاقة وقوة السيطرة الستراتيجية بين الشركة القابضة وشركاتها ((بالعلاقة بين مقر القيادة العليا لجيش عسكري وقيادات الميدان الخاضعة له ، وصحيح أن قادة الألوية والكتائب يتمتعون بقدر من الحرية في اتخاذ القرار وإصدار الأوامر كما أنهم يكونون عادة ذوي نفوذ على قواتهم ولكن حدود سلطتهم ترسم في مقر القيادة العليا . لهذا فأنهم يتخذون قراراتهم ويصوغون خططهم وفقاً للاستراتيجية التي تضعها القيادات العليا)) (2).
________________________
1- ينظر د. حسام عيسى ، الشركات المتعددة القوميات ، مصدر سابق ،ص180. ينظر د.نجيب نجم الدين ،ممارسات شركات النفط الاحتكارية في العراق حتى صدور قانون التأميم ، مجلة النفط والتنمية،ع1 ،السنة2،تشرين1976،بغداد، ص83.
2-ينظر د. سمير كرم ، الشركات المتعددة الجنسية ، معهد الإنماء العربي ، لبنان، ص45
المؤلف : رسول شاكر محمود البياتي
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للشركة القابضة
الجزء والصفحة : ص38-40.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً