أسس جنسية التأسيس المصرية :
بما أن جنسية التأسيس تظهر في وقت معاصر لنشوء الدولة، وعلى ذلك يرجع تأسيس الجنسية المصرية إلى تاريخ ٥ نوفمبر ١٩١٤ . … كما أن المشرع المصري عالج مشكلة تأسيس الجنسية المصرية بعدة قوانين متعاقبة، بدأت بقانون عام ١٩٢٦ وانتهت بقانون ١٩٧٥ . وتضمن قانون ١٩٢٩ الأحكام الرئيسة في تأسيس الجنسية المصرية، وتتفق أحكام تأسيس الجنسية المصرية مع الأحكام الأساسية التي ورد ذكرها في معاهدة لوزان ١٩٢٣ ، بالرغم من أن مصر لم تكن ملتزمة بها قانوناً. وفي ضوء ما ورد في قانون ١٩٧٥ والأحكام التي أحال فهيا على القوانين السابقة، يمكن إجمال حالات الدخول في الجنسية المصرية في ثالث : بقوة القانون، بناء على طلب، بطريق التبعية. ومن هنا انقسم الداخلون في الجنسية المصرية إلى ثلاث طوائف تبعاً للحالات الثلاث سالفة الذكر، وقد نهج المشرع المصري في اختيار ضوابط تأسيس الجنسية المصرية نهجاً يتفق مع الأصول العامة في تأسيس الجنسية نتيجة لضم الأقاليم أو انفصالها. ونلاحظ أن أهم الضوابط التي اعتمد عليها المشرع هي :
١- التوطن في مصر قبل انفصالها عن الدولة العثمانية، بصرف النظر عن حملهم للرعوية العثمانية أم عدم حملها.
٢- حمل الرعوية العثمانية المعززة بقرائن تدل على توثيق الروابط بمصر، مثل الولادة بها أو الإقامة فيها.
٣- التبعية العائلية.
وسنعرض لحكم كل طائفة من الطوائف الثلاث سالفة الذكر كل على حدة.
١- الداخلون في جنسية التأسيس المصرية بقوة القانون :
تثبت الجنسية المصرية في هذه الحالة بقوة القانون لمن تتوافر فيهم الشروط التي حددها القانون، ومن الجلي أنها جنسية مفروضة عليهم دون حاجة لطلب منهم، وقد نصت على هذه الجنسية الفقرات الخمس الأولى من قانون عام ١٩٥٠ ، الذي نقلها بدوره عن المواد الخمس الأولى من قانون عام ١٩٢٩ ، وقد أضاف إليها قانون ١٩٥٦ حالة جديدة نص عليها في مادته الأولى، ثم استحدث تشريع الجنسية الجديد الصادر عام ١٩٧٥ حالة أخرى جديدة نص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى، وتقوم على فكرة التوطن في مصر قبل ٥ نوفمبر ١٩١٤ . ولما كانت الجنسية المصرية قد فرضت عليهم دون اعتبار إرادتهم، فقد حرص المشرع على تطبيق المبدأ العام في الجنسية، الذي يقضي بحرية الشخص في اختيار جنسيته، فقضى في قانون ١٩٢٩ بمنح من فرضت عليهم جنسية التأسيس المصرية، حق اختيار جنسية إحدى الدول التي انفصلت عن الدولة العثمانية. وسوف نعرض لحالات الداخلين في الجنسية المصرية بقوة القانون، مبينين الأسس التي قامت عليها كل حالة، ونتبع ذلك بخيار جنسية إحدى الدول المنفصلة عن الدولة العثمانية.
حالات الدخول بقوة القانون في جنسية التأسيس المصرية :
ورد حكم حالتين من هذه الحالات في قانون ١٩٥٦ ، ثم ورد حكم حديث لحالة ثالثة في قانون ١٩٧٥ وذلك على النحو التالي :
-نصت المادة الأولى من القانون رقم ٣٩١ لسنة ١٩٥٦ على أن “المصريون هم:
أولاً: المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة ١٩٠٠ ، والمحافظون على إقامتهم فيها حتى نشر هذا القانون، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية. وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع والزوجة، متى كانت لديهم نية التوطن. ولا يفيد من هذا الحكم :
أ ( الصهيونيون.
ب( الذين يصدر حكم بإدانتهم في جرائم ينص الحكم على أنها تمس ولاءهم للبلاد، أو تتضمن خيانتهم لها.
. ثانياً : من ذكروا في المادة الأولى من قانون ١٩٥٠
وبالرجوع إلى نص المادة الأولى من قانون ١٩٥٠ الذي أحال عليها قانون ١٩٥٦ ، نجد أن هذه المادة تنص على ما يلي :
المصريون هم :
١- أعضاء الأسرة المالكة.
٢- المتواطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة ١٨٤٨ ، وكانوا محافظين على إقامتهم العادية فيها إلى ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ ، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية.
٣- الرعايا العثمانيون المولودون في الأراضي المصرية من أبوين مقيمين فيها، إذا كانوا قد حافظوا على إقامتهم العادية فيها إلى ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ ، ولم يكتسبوا جنسية أجنبية.
٤- الرعايا العثمانيون المولودون في الأراضي المصرية المقيمون فيها، الذين قبلوا المعاملة بقانون القرعة العسكرية المصري، سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدل ولم يدخلوا في جنسية أجنبية، متى. حافظوا على إقامتهم العادية في مصر إلى ١٠ مارس سنة ١٩٢٩
٥- الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة في الأراضي المصرية في ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ ، وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ سواء أكانوا بالغين أم قصر. وتعد هذه النصوص نقلاً عن النصوص التي أوردها القانون ١٩٢٩ . كما نصت الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ بشأن الجنسية المصرية على أن “المصريون هم” :
أولاً: المتوطنون في مصر قبل ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ من غير رعايا الدول الأجنبية، والمحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع، وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة.
ثانياً : ………….
ثالثاً: …………….إلخ.
ويبين من جماع هذه النصوص، أن المشرع المصري قد منح جنسية التأسيس المصرية بقوة القانون دون طلب لطائفتين :
١- المتوطنون في الأراضي المصرية منذ زمن بعيد، سابق على انفصال . مصر عن الدولة العثمانية في ٥ نوفمبر ١٩١٤.
٢- الرعايا العثمانيون المقيمون في الأراضي المصرية. ومفاد ذلك، أنه اتخذ معيارين لضبط الدخول في جنسية التأسيس المصرية
وهما : معيار التوطن القديم، ومعيار الرعوية العثمانية المقترنة بالإقامة في الأراضي المصرية.
وسوف نعرض لشروط ثبوت جنسية التأسيس المصرية بالنسبة لكل طائفة على حدة.
أولاً: المتوطنون القدامى في الأراضي المصرية : وتشمل الطائفة فئتين :
١- المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير ١٩٠٠ ، وظلوا محافظين على إقامتهم فيها حتى ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ ، تاريخ العمل بهذا القانون.
٢- المتوطنون في الأراضي المصرية ألو يناير ١٩٠٠ ن وظلوا محافظين على إقامتهم فيها حتى نشر قانون سنة ١٩٥٦ في ٢٠ نوفمبر سنة ١٩٥٦ .وهذا ، الحكم لم يكن موجوداً في قوانين الجنسية السابقة على قانون سنة ١٩٥٦ وقد استحدثه هذا القانون بغية تمصير الأسس التي تبني عليها جنسية التأسيس المصرية.
٣- المتوطنون في مصر قبل ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ ، وظلوا محافظين على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بقانون ١٩٧٥ في ٢٩ يونيو ١٩٧٥ . وهذا ، الحكم لم يكن موجوداً في قوانين الجنسية السابقة على قانون سنة ١٩٧٥ ويبدو أن المشرع قد استحدثه بقصد تيسير عبء إثبات الجنسية المصرية. وتثبت الجنسية المصرية لهذه الطوائف الثلاث بقوة القانون دون طلب، وهي تثبت لهم اعتبار من تاريخ ٥ نوفمبر ١٩١٤ ، وهو تاريخ الوجود القانوني للجنسية المصرية فور انفصال مصر عن الدولة العثمانية، ويعتبر قانون ١٩٢٩ كاشفاً ومقرراً لهذه الجنسية المصرية، وليس منشئاً لها.
١- المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير سنة ١٨٤٨ : ورد الحكم بشأن هؤلاء في الفقرة “ثانياً” من المادة الأولى من القانون رقم ٦ لسنة ١٩٧٥ ، والتي تنص على أن المصري هو “من كان في ٢٢ فبراير ١٩٥٨ متمتعاً بالجنسية المصرية طبقاً لأحكام القانون رقم ٣٩١ لسنة ١٩٥٦ الخاص بالجنسية المصرية” وكانت الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون ١٩٥٦ تنص على أن المصريين هم “من ذكروا في المادة الأولى من القانون رقم ١٦٠ لسنة ١٩٥٠ “. وكانت المادة الأولى من قانون سنة ١٩٥٠ تنص على أن المصريين هم “المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير ١٨٤٨ وكانوا محافظين على إقامتهم العادية فيها إلى ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية”. ويشترط لثبوت الجنسية المصرية بقوة القانون لهؤلاء توافر عدة شروط هي :
١- التوطن قبل التاريخ المذكور.
٢- المحافظة على إقامتهم العادية بها حتى ١٠ مارس سنة ١٩٢٩
٣- عدم اكتساب جنسية دولة أجنبية.
واتخذ المشرع من شرط التوطن في الأراضي المصرية قبل أول يناير ١٨٤٨ دليلاً على قدم صلة الشخص وأسرته بمصر، ولعل اختيار هذا التاريخ يرجع إلى أنه التاريخ الذي جرى فيه أول إحصاء للسكان في مصر في عهد محمد علي، وتجدر الملاحظة أن المقصود بالتوطن هو الإقامة المعتادة، ولم يقرن المشرع بشرط التوطن شرط حمل الرعوية العثمانية، ولذلك يجوز لعديمي الجنسية المتوطنون في الأراضي المصرية قبل التاريخ المذكور، الإفادة من هذا الحكم. ويستجيب الاكتفاء بمعيار التوطن للنزعة القومية التي تسود في العصر الحديث، ويسهل إثبات التوطن إذ أنه واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة الطرق. أما عن شرط المحافظة على الإقامة حتى تاريخ ١٠ مارس ١٩٢٩ ، فقد قصد منه التأكد من دوام صلة الشخص وأسرته بمصر مدة طويلة، تكفي لتحقيق الاندماج روحياً ومادياً في الجماعة المصرية، ومن ثم تنمية الشعور بالولاء للوطن. واستجابة لهذا المعنى، جرى الفقه والقضاء على أن المحافظة على الإقامة في مصر حتى التاريخ المذكور لا تؤثر فيها الغيبة العارضة، مثل التغيب لدواعي السياحة أو الاستشفاء أو لطب العلم في الخارج، طالما أن لدى الشخص نية التوطن بمصر، وطالما أنه يستقر بها بعد زوال أسباب سفره إلى الخارج.
واستجابة لهذا المعنى أيضاً، جرى الفقه والقضاء على اعتبار إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع والزوجة، وعلى ذلك يكفي أن يثبت الشخص أن أحد أصوله قد بدأ توطنه بالأراضي المصرية قبل أول يناير ١٨٤٨ ، وأن هذه الإقامة ظلت متصلة من الأصل إلى الفرع حتى تاريخ ١٠ مارس ١٩٢٩ ، وبالتالي تستفيد الزوجة من دوام توطن أصول زوجها. وشرط عدم اكتساب الشخص جنسية دولة أجنبية، يكشف عن حرص المشرع على ألا يشوب ولاء الشخص لمصر أية شائبة، فضلاً عن أنه يؤدي إلى منع تعدد الجنسية، والمقصود بالجنسية الأجنبية جنسية دولة أخرى غير الرعوية العثمانية، ذلك أن المصريين – قبل الانفصال عن الدول العثمانية – كانوا في معظم الأحوال يحملون الرعوية العثمانية. وقد ظلت الجنسية العثمانية قائمة حتى زوال الدولة العثمانية في أغسطس ١٩٢٤ ، تاريخ العمل بمعاهدة لوزان. وعلى ذلك، فلا تثبت الجنسية المصرية لمن اكتسب جنسية تركيا، أو إحدى الدول التي انسلخت عن الدول العثمانية، ذلك أنهم يعتبرون حاملين لجنسية دولة أجنبية. ويصدق ذات الحكم على المتواطنون في مصر من رعايا الدول الأوروبية، أي لا يكسبون الجنسية المصرية.
: ٢- المتوطنون ي الأراضي المصرية قبل أول يناير ١٩٠٠
استحدث هذا الحكم قانون ١٩٥٦ ، بهدف تمصير أسس الجنسية المصرية، وتضمنه نص المادة الأولى من هذا القانون. وشروط تطبيق هذا الحكم، هي ذات الشروط التي يستلزمها القانون لتطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون سنة ١٩٥٠ التي سبق أن عرضنا لها. فكلاهما يشترط التوطن والمحافظة على الإقامة وعدم حمل جنسية دولة أجنبية، ولكنهما يختلفان من حيث المدد. فقانون سنة ١٩٥٦ يجعل بدء التوطن قبل أول يناير سنة ١٩٠٠ ، ويشترط المحافظة على الإقامة، لدرأ خطر هذه الطائفة على الأمة العربية بعد النكبات التي حلت بها بسببهم. وتجدر الملاحظة أن المشرع لم يكتف بذلك، بل قرر في المادة ١٨ من قانون سنة ١٩٥٦ جواز إسقاط الجنسية المصرية عن الصهيونيين. وقد جرى القضاء المصري على أن من حق الشخص الذي وصمته الإدارة بوصمة الصهيونية، ومنعت عنه الجنسية المصرية لهذا السبب أو أسقطتها عنه، أن يلجأ إلى القضاء ليدفع عن نفسه هذه الصفة، ويطلب الغاء قرار جهة الإدارة. أما الاستثناء، فهو خاص بإدانة الشخص بحكم في جريمة تمس ولاءه للبلاد أو يتضمن خيانة لها. وظاهر النص أنه يشترط صدور حكم قضائي بذلك، سواء صدر الحكم من جهة القضاء العادية أم من جهة استثنائية. وعلى ذلك لا يجوز لجهة الإدارة أن تنفرد بتقدير عدم ولاء الشخص أو خيانته، بل لابد أن يقضي بذلك القضاء، ويشترط كذلك أن يتضمن الحكم القضائي النص على أن هذه الجرائم تمس ولائهم للبلاد أو خيانتهم لها. ومن أمثلة ذلك، ما ذكرته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون “كأن يتلقى المحكوم عليه توجيهاً من دولة أجنبية، أو كان يرتكب جريمة يعدها الحكم خيانة للوطن، أو كأن يعتنق ميولاً متطرفة تعرض سلامة البلاد وأمنها للخطر، وهي صور من صور عدم الولاء أو الخيانة”. وبطبيعة الحال، فإن الحكم القضائي ليس هوا لذي ينشئ وصف الجريمة بأنها تتضمن عدم الولاء أو الخيانة، بل أن الشارع – في قانون العقوبات – هو الذي يخلع هذا الوصف على هذا النوع من الجرائم.
٣- المتوطنون في الأراضي المصرية قبل ٥ نوفمبر ١٩١٤:
وقد استحدث تشريع الجنسية المصرية الصادر بالقانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ هذا الحكم، حيث نصت الفقرة الأولى من المادة الأولى من هذا القانون على أن “المصريون هم ” :
أولاً: المستوطنون في مصر قبل ٥ نوفمبر ١٩١٤ من غير رعايا الدول الأجنبية، المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة. وأضافت الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون ١٩٧٥ أنه “لا يفيد من جميع أحكام هذه المادة الصهيونيين”، وقد أراد المشرع بهذا الحكم الجديد تيسير إثبات جنسية التأسيس المصرية، إستناداً إلى التوطن الذي يرجع إلى تاريخ غير بعيد نسبياً دون حاجة إلى إثبات سبق اكتساب الجنسية العثمانية. ويرجع اختيار المشرع إلى تاريخ ٥ نوفمبر ١٩١٤ بالذات إلى أنه تاريخ انفصال مصر قانوناً عن الدولة العثمانية، أي التاريخ الذي بدأ به الوجود القانوني المستقل للرعوية المصرية استقلالاً عن الرعوية العثمانية. وشروط تطبيق الحكم المتقدم هي :
١- التوطن في مصر قبل ٥ نوفمبر ١٩١٤ . أي أن يكون الشخص قد توطن في مصر (أي أقام فيها إقامة فعلية بنية الاستمرار والدوام)، وأن يكون هذا التوطن قد بدأ قبل ٥ نوفمبر ١٩١٤
٢- المحافظة على الإقامة حتى تاريخ العمل بالقانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ وهو تاريخ ٢٩ يونيو ١٩٧٥ ، وأشار المشرع إلى أن إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع، وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة، على النحو المشار إليه فيما سلف.
٣- ألا يكون الشخص الذي يريد الإفادة من الحكم المتقدم من رعايا الدول الأجنبية، ويرجع هذا الشرط إلى احترام سيادة الدول الأجنبية واحترام حقها في تحديد من يتمتعون بجنسيتها.
استثناء الصهيونيين :
وقد جاء هذا الاستثناء في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من تشريع ١٩٧٥ ، ونحيل في شأنه إلى ما سبق ذكره عند التعرض له في القاعدة المماثلة . الواردة بتشريع ١٩٥٦
ثانياً: الرعايا العثمانيون المقيمون في الأراضي المصرية :
اتخذ المشرع المصري من الرعوية العثمانية مع الإقامة ضابطاً للدخول في جنسية التأسيس المصرية. ومن ثم، استبعد غير الرعايا العثمانيين من دخولها، سواء كانوا حاملين لجنسيات أجنبية أم عديمي الجنسية. وقرن هذا الضابط بعدة قرائن تختلف من حالة إلى أخرى، ولكنها تدل كلها على توثيق صلة الشخص وارتباطه بمصر، واندماجه في الجماعة المصرية. وهؤلاء جميعاً يكتسبون الجنسية المصرية بقوة القانون دون طلب منهم، اعتباراً من تاريخ ٥ نوفمبر ١٩١٤ ، تاريخ انفصال مصر عن الدولة العثمانية، وهو ذات التاريخ الذي نشأت فيه الجنسية المصرية من الناحية القانونية، وهم جميعاً يشتركون في شرط الرعوية العثمانية، وفي شرط الإقامة في الأراضي المصرية والمحافظة عليها حتى ١٠ مارس ١٩٢٩ ، تاريخ العمل بقانون الجنسية (سنة ١٩٢٩ )، والإقامة المعتادة في مصر واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة الطرق، وقد أسلفنا القول ان الغيبة العارضة لا أثر لها في استمرار الإقامة. أما الرعوية العثمانية فتحتاج إلى بعض الإيضاح. وقد حرص المشرع المصري على تحديد مدلول الرعايا العثمانيين في خصوص الجنسية المصرية، بعد ما اتخذ هذه الرعوية ضابطاً للدخول في جنسية التأسيس المصرية. فعرفهم في قانون ١٩٢٩ ، وأعاد النص على هذا التعريف في الفقرة الثامنة من المادة الأولى من قانون سنة ١٩٥٠ بأنهم “… رعايا الدولة العثمانية القديمة قبل تاريخ العمل بمعاهدة لوزان المعقودة في ٢٤ يولية سنة1923 “. والمرجع القانوني في تحديد الرعوية العثمانية، هو قانون الجنسية العثمانية الصادر في ١٩ يناير ١٨٦٩ ، الذي كان مطبقاً في جميع أنحاء الدولة العثمانية. وعلى ذلك، فمن كان رعية عثمانية وقت العمل بمعاهدة لوزان في ٣١ من أغسطس سنة ١٩٢٤ ، وظل محافظاً على هذه الرعوية بعدم اكتساب جنسية جديدة، مثل جنسية تركيا أو إحدى الدول التي انفصلت عن الدولة العثمانية. يصبح أهلاً لثبوت الجنسية المصرية له. أما من زالت عنه الجنسية العثمانية قبل العمل بمعاهدة لوزان في ٣١ من أغسطس سنة ١٩٢٤ ، أو من اكتسب جنسية إحدى الدول التي سلخت عنها، فغنه لا يعتبر من رعايا العثمانيين. ومن ثم، لا يكون أهلاً للدخول في جنسية التأسيس المصرية. واعتمد المشرع المصري في منح العثمانيين جنسية التأسيس المصرية على قرائن ودلالات وهي :
١- الولادة في الأراضي المصرية مع إقامة الأبوين فيها :
نصت المادة الأولى فقرة ٣ من قانون ١٩٥٠ ، على ضرورة توافر عدة شروط في الرعايا العثمانيين للدخول في الجنسية المصرية هي : الولادة في الأراضي المصرية، والإقامة فيها، والمحافظة على تلك الإقامة حتى ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ ، عدم اكتساب جنسية دولة أجنبية، وأخيراً يشترط أن يكون الأبوين مقيمين في الأراضي المصرية، وتدل الولادة المقترنة بإقامة الأبوين على توثق الصلة بمصر.
٢-الولادة في مصر مع قبول المعاملة بقانون القرعة العسكرية المصري :
نصت على حكم هذه الحالة م ١ فقرة ٤ من قانون ١٩٥٠ ، ويشترط لتطبيق هذا الحكم، توافر الشروط الواردة في الحكم السابق، مع استبدال شرط قبول المعاملة بقانون القرعة العسكرية (ديكريتو ٤ نوفمبر ١٩٠٤ الخاص بالقرعة العسكرية) بشرط إقامة الأبوين، ويدل شرط الولادة مع قبول المعاملة بقانون القرعة العسكرية المصري على توفر الولاء لمصر.
٣- الإقامة المعتادة في الأراضي المصرية في ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤
نصت م ١ فقرة ) ٥) من قانون ١٩٥٠ ، بإدخال فئة ثالثة نم العثمانيين في الجنسية المصرية هم “الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة في الأراضي المصرية في ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ ، وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ سواء أكانوا بالغين أم قصر” واكتفى هذا الحكم بالإقامة العادية وقت انفصال مصر عن الدولة العثمانية، والمحافظة على تلك الإقامة، فضلاً عن شرط الرعوية العثمانية. ولذلك استهدف هذا النص لنقد الفقه، ذلك انه يؤسس الجنسية المصرية على أساس ضعيف، هو مجرد الإقامة المعتادة فترة وجيزة، مخالفاً بذلك الأصول العامة في تأسيس الجنسية التي تشترط الميلاد أو التوطن. وعلى الرغم من أن الحكم محل البحث قد أغفل شرط عدم حمل جنسية أجنبية، إلا أن الرأي مستقر على التقييد به لأنه شرط يتفق مع القواعد العامة في تغيير السيادة.
خيار الجنسية التركية، أو جنسية إحدى الدول التي فصلت عن الدول العثمانية:
تبين لنا من دراسة حالات جنسية التأسيس المصرية بقوة القانون، أن القانون قد فرض الجنسية المصرية على الرعايا العثمانيين بشروط معينة، بعد انفصال مصر عن الدولة العثمانية، وقد يكون بعضهم راغباً عنها. لذلك، استجاب المشرع المصري للقواعد العامة التي تضبط الدخول في الجنسية بسبب ضم الأقاليم أو انفصالها، وما يترتب على ذلك من تغيير في السيادة، فليس لهؤلاء الرعايا إختيار جنسية أخرى. وقد تعرضت لهذه الحالة المادة الثانية من قانون سنة ١٩٢٩ بقولها “لا تنطبق أحكام المادة السابقة على كل شخص ممن أشير إليهم في ثانياً وثالثاً)يقصد الداخلون في الجنسية المصرية بقوة القانون على أساس التوطن أو الرعوية العثمانية( ولد أو كان أبوه مولوداً في تركيا أو في إحدى البلاد التي فصلت عن تركيا بمقتضى معاهدة لوزان، وكان قد قدم قبل تاريخ نشر هذا القانون انتفاعاً بأحكام المادة الرابعة من المرسوم بقانون الصادر في ٢٦ مايو سنة ١٩٢٦ طلب اختيار إلى الحكومة التركية أو إلى الحكومات التي لها الولاية. ويبين من هذا النص أن الخيار المذكور مقيد في استعماله بالشروط الآتية :
١- أن يكون الشخص قد ولد، أو يكون أبوه قد ولد في تركيا، أو في إحدى البلاد التي فصلت عن الدولة العثمانية بمقتضى معاهدة لوزان، ومن نافلة القول أن نضيف ان مصر لا تدخل ضمن هذه البلاد في خصوص أعمال هذا الخيار، أي أن من ولد في الأراضي المصرية أو كان أبوه مولوداً فيها لا ينطبق عليه الحكم.
٢- أن يمارس حقه في الخيار المنصوص في المادة الرابعة من قانون سنة ١٩٢٦ ، وتنص هذه المادة على ما يأتي : “لا تنطبق أحكام المادتين الثانية والثالثة )المادة الثانية خاصة بالعثمانيين الذين كانوا يقيمون في مصر في ، ٥ نوفمبر ١٩١٤ وحافظوا على إقامتهم بها حتى نشر قانون سنة ١٩٢٦ والمادة الثالثة خاصة بالعثمانيين الذين كانوا يقيمون في مصر بعد ٥ ( نوفمبر سنة ١٩١٤ ، وحافظوا على إقامتهم بها حتى نشر قانون ١٩٢٦ على من كان مولوداً، أو كان أبوه مولوداً في تركيا أو في إحدى البلاد التي فصلت عن تركيا بمقتضى معاهدة لوزان، واختار خلال سنة من تاريخ نشر هذا القانون الجنسية العثمانية، أو جنسية البلد الذي ولد هو فيه أو أبيه، وذلك بشرط أن يكون الإختيار نافذاً بحسب تشريع البلد الذي اختار جنسيته”. ويتفق الحكم الوارد في هذا النص مع الحكم الذي أوردته معاهدة لوزان … .
٣- أن يقع الإختيار نافذاً بحسب تشريع البلد الذي اختار جنسيته. ومن الجلي أن هذا القيد يؤدي إلى تفادي حالات انعدام الجنسية.
مجال تطبيق الخيار ونطاقه الزمني :
يتضح من نص المادة الثانية من قانون سنة ١٩٢٩ ، أنه يقتصر على من فرضت عليهم الجنسية المصرية بقوة القانون – باستثناء أعضاء الأسرة المالكة – من الرعايا المحليين أو الرعايا العثمانيين الذين عاصروا انفصال مصر عن الدولة العثمانية. ولا يمتد هذا الخيار إلى من تعرض عليهم الجنسية المصرية، أي الذين يدخلون في الجنسية المصرية بناء على طلب.
وفي ظل قانون سنة ١٩٢٩ امتد الخيار حتى ١٠ مارس ١٩٢٩ ، وهو تاريخ نشر هذا القانون، وبعد نشر هذا القانون أغلق باب الخيار. ولم يعد المشرع في حاجة إلى إعادة النص على هذا الخيار في القوانين اللاحقة، نظراً إلى أن ممارسته مقيد بوقوعه نافذاً بحسب قانون البلد الذي تختار جنسيته، وقد نصت . قوانين هذه الدول على تحديد مهلة لممارسته بعد نفاذ معاهدة لوزان عام ١٩٢٤ وقد انقضت هذه المهلة بالفعل، ولذلك اكتفى المشرع المصري في قانون سن ١٩٥٠ بإقرار ما تم، فنص في ختام المادة الأ ولى منه على ما يأتي : “ولا تسري الأحكام الخاصة باعتبار الرعايا العثمانيين داخلين في الجنسية المصرية، على من اختار منهم الجنسية التركية، أو جنسية إحدى الدول التي فصلت عن الدولة .” العثمانية بمقتضى معاهدة لوزان المعقودة سنة ١٩٢٣ وقد عقدت معاهدة بين مصر وتركيا في ٧ من أبريل عام ١٩٣٧ ، وأثرت تركيا برعاية خاصة، منها أنها أجازت للرعايا العثمانيين الذين كانوا مقيمين في مصر إلى يوم ٥ نوفمبر ١٩١٤ ، ودخلوا في الجنسية المصرية بقوة القانون، أن يختاروا الجنسية التركية أن كانوا من أصل تركي خلال سنة من تاريخ العمل بهذا الاتفاق. ويستثني من هذا الخيار، من ولد هو وأبوه في القطر المصري. ونصت المعاهدة كذلك على عدة أحكام أخرى تبيح للعثمانيين الذين اكتسبوا الجنسية المصرية، وكانوا مقيمين في تركيا أو في الخارج حتى ٥ نوفمبر ١٩١٤ أن يظلوا محتفظين بالجنسية التركية أن كانوا من أصل تركي، ويستثني من ذلك من ولدوا هم وآباءهم في القطر المصري، فيجوز لهم اختيار الجنسية المصرية خلال سنة من تاريخ العمل بهذه الاتفاقية.
جزاء الخيار :
نصت المادة الثانية من قانون سنة ١٩٢٩ بأنه “ويجوز في هذه الحالة (حالة إختيار الجنسية التركية أو جنسية إحدى الدول التي فصلت عن الدولة العثمانية) ما لم ينص على خلاف ذلك، أو يوجب على المختار مغادرة الأراضي المصرية في الستة أشهر التي تبدأ من تاريخ الأمر الذي يصدره وزير الداخلية بذلك. فإن لم يغادر المختار الأراضي المصرية في الأجل المضرب، أو عاد إليها بعد مغادرته إياها للإقامة فيها، وذلك قبل مضي خمس سنوات من تاريخ الأمر المذكور، أخرج منها”. وتكمن الحكمة من هذا النص، في جدية الشخص في ممارسة الخيار المقرر، حتى لا يتخذه وسيلة للتهرب من الجنسية المصرية مع إيثار البقاء في مصر، ومن الجلي أن إبعاد الشخص المختار جوازي لوزير الداخلية.
٢- الداخلون في جنسية التأسيس المصرية بناء على طلب :
عالج المشرع في المادتين ٤ ،٣ من قانون سنة ١٩٢٩ ، حالة بعض طوائف العثمانيين الذين لم تتوفر فيهم من القرائن ما يطمئن المشرع على منحهم الجنسية المصرية بقوة القانون، ولكنههم يرغبون في الحصول عليها. ولذلك عرض عليهم المشرع المصري الجنسية، وعلق اكتسابهم إياها على إبداء رغبتهم في حملها. بيد أنه ميز بين فئتين منهم : فئة تدخل في الجنسية المصرية بناء على الطلب وحده، ومن يوم الطلب دون أن يكون للسلطة التنفيذية أن ترفضه، أما الفئة الثانية فتدخل في الجنسية المصرية بناء على طلب يخضع لتقدير السلطة التنفيذية فتستطيع رفضه، ولذلك يدخلون في الجنسية المصرية من يوم قبول طلبهم فقط.
وقد أعاد قانون سنة ١٩٥٠ النص على حكم هاتين الفئتين في الفقرتين السادسة والسابعة من المادة الأولى، وتجدر الملاحظة أنهم قد أصبحوا بعد العمل بقانون سنة ١٩٥٠ من الداخلين في الجنسية المصرية بقوة القانون وليس بالطلب. ويجمع بين الفئتين أنهم جميعاً من الرعايا العثمانيين، وأنهم يكتسبون الجنسية المصرية بناء على طلب وليس بقوة القانون. ويشترط فيهم جميعاً ألا يكون قد اختاروا الجنسية التركية أو جنسية إحدى الدول التي سلخت عن الدولة العثمانية )م ١ من قانون ١٩٥٠ (، ويعتبر عدم تقدمهم بطلب اختيار الجنسية المصرية بمثابة اختيار لجنسية أجنبية يبيح لوزير الداخلية إبعادهم.
١- الداخلون في الجنسية المصرية بمجرد الطلب :
نصت الفقرة السادسة من المادة الأولى من قانون ١٩٥٠ ، على أنه يدخل في عداد المصريين أيضاً ” الرعايا العثمانيين الذين جعلوا إقامتهم العادية في الأراضي المصرية بعد تاريخ ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ ، وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ ١٠ مارس ١٩٢٩ ، وطلبوا خلال سنة من هذا التاريخ اعتبارهم داخلين في الجنسية المصرية”. وهذا النص مأخوذ عن المادة الثالثة من قانون ١٩٢٩.
ويكشف هذا النص، على أنه يواجه حالة الرعايا العثمانية الذين وفدوا إلى مصر بعد انفصالها عن الدولة العثمانية، ويشترط لتطبيقه :
أ- الرعوية العثماني.
ب- الإقامة العادية بمصر بعد ٥ نوفمبر ١٩١٤ حتى ١٠ مارس سنة ١٩٢٩.
ج- ابداء الرغبة في طلب الجنسية المصرية خلال سنة تبدأ في ١٠ مارس . سنة ١٩٢٩
وتطبيق الشرط الأول، يقتضي استبعاد العثمانيين الذين اختاروا الجنسية التركية، أو جنسية إحدى الدول التي سلخت عن الدولة العثمانية بمقتضى معاهدة لوزان. ويكتفي الشرط الثاني بالإقامة العادية في مصر من ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ حتى ١٠ مارس ١٩٢٩ ، ولا يشترط حداً أدنى لمدة الإقامة. وعلى ذلك، فتكفي أية مدة مهما قلت، طالما أنها تقع بين التاريخين سالفي الذكر. بيد أن اشتراط الرعوية العثمانية، يقتضي أن تكون هذه الإقامة قد بدأت بعد ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ وقبل ٣١ أغسطس سنة ١٩٢٤ ، إذ في هذا التاريخ الأخير – وهو تاريخ نفاذ معاهدة لوزان – زالت الرعوية العثمانية وحلت محلها الجنسية التركية أو جنسية إحدى الدول التي سلخت عن الدولة العثمانية. وعلى ذلك، يكفي أن تكون الإقامة بمصر قد بدأت فيما بين ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ وقبل ٣١ أغسطس سنة ١٩٢٤ . إذ في هذا التاريخ الأخير – وهو تاريخ نفاذ معاهدة لوزان – زالت الرعوية العثمانية، وحلت محلها الجنسية التركية أو جنسية إحدى الدول التي سلخت عن الدولة العثمانية. وعلى ذلك، يكفي أن تكون الإقامة بمصر قد بدأت فيما بين ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ وقبل ٣١ أغسطس سنة ١٩٢٤ . ويجب أن تستمر الإقامة حتى ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ . وبطبيعة الحال، فإن الغيبة العارضة لا تؤثر على إستمرار الإقامة، طالما توفرت لدى الشخص نية التوطن بمصر. فإذا ما توفر الشرطان السابقان، جاز للشخص أن يتقدم بطلب الجنسية المصرية خلال سنة تبدأ من ١٠مارس سنة ١٩٢٩ ، ولا يجوز للسلطة التنفيذية رفض طلبه، ويعتبر د اخلاً في الجنسية المصرية من تاريخ تقديم الطلب، فإذا انقضت مهلة السنة دون التقدم بالطلب، امتنع على الشخص الاستفادة من الحكم محل البحث، ولكنه يستطيع التقدم بطلب تجنس عادي يخضع لشروط التجنس فيما بعد. ويتضح مما تقدم، أن عرض الجنسية المصرية على هذه الفئة، هو بمثابة خيار قرره لهم القانون، يستطيعون ممارسته بالشروط سالفة الذكر، وفي المدة المقررة.
٢- الداخلون في الجنسية المصرية بناء على طلب يخضع لتقدير السلطة التنفيذية:
نصت الفقرة السابعة من المادة الأولى من قانون سنة ١٩٥٠ ، على حكم هذه الفئة بأن أدخلهم في عداد المصريين، وتقضي هذه الفقرة بأن “الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة في الأراضي المصرية من تاريخ ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ ، ولم يحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ وطلبوا خلال سنة من هذا التاريخ دخولهم في الجنسية المصرية، واعترف لهم وزير الداخلية بدخولهم فيها” وهذا النص مأخوذ عن المادة الرابعة من قانون سنة ١٩٢٩ ويواجه هذا النص، حالة العثمانيين الذين كانوا مقيمين في الأراضي المصرية في ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ ، دون أن يحافظوا على هذه الإقامة حتى نشر قانون الجنسية في ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ وتختلف حالة هذه الفئة عن حالة العثمانيين الذين كانوا مقيمين في الأراضي المصرية في ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ ، دون أن يحافظوا على هذه . الإقامة حتى نشر قانون الجنسية في ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ وتختلف حالة هذه الفئة عن حالة العثمانيين الذين كانوا مقيمين في الأراضي المصرية في ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ وحافظوا على هذه الإقامة، فهؤلاء يكتسبون الجنسية المصرية بقوة القانون تطبيقاً لحكم م ١ فقرة ٥ من قانون سنة ١٩٥٠ وتختلف حالة تلك الفئة أيضاً عن حالة العثمانيين الذين أقاموا في مصر بعد انفصالها عن الدولة العثمانية، الذين سبق أن تعرضنا لحالتهم عند دراسة الفقرة السادسة من المادة الأولى من قانون سنة ١٩٥٠ ، في أنهم لا يكتسبون الجنسية المصرية بمجرد الطلب، بل أن طلبهم يخضع لتقدير السلطة التنفيذية التي تستطيع رفض طلبهم، ذلك أن عدم اتصال إقامتهم بمصر يضعف من ارتباطهم بها. ويشترط لتطبيق حكم الفقرة السابعة – محل البحث – أن يكون الشخص عثماني الرعوية، وهو ذات الشرط الوارد في حكم الفقرة السادسة، وأن يكون مقيماً في الأراضي المصرية في ٥ نوفمبر سنة ١٩١٤ ثم انقطعت إقامته فيها. وأن يتقدم بطلب الدخول في الجنسية المصرية خلال سنة من نشر قانون سنة ١٩٢٩ . واستقر الرأي على أن سكوت وزير الداخلية عن الرد على هذا لطلب بالقبول أو الرفض يحمل على معنى القبول الضمني له.
٣- الداخلون في جنسية التأسيس المصرية بطريق التبعية :
طبق المشرع المصري مبدأ التبعية العائلية كأساس لكسب الجنسية، فنص في عجز المادة الأولى من قانون سنة ١٩٥٠ على أنه “ودخول الجنسية المصرية بمقتضى أحكام الفقرات السابقة من هذه المادة يشمل الزوجة والأولاد القصر بحكم القانون”. وهذا الحكم منقول عن المادة الخامسة من قانون سنة ١٩٢٩ ، وقد . أعيد النص عليه في المادة الأولى من قانون سنة ١٩٥٦ وتجدر التفرقة في هذا المجال بين حالة المرأة والأولاد القصر الذين يكتسبون جنسية التأسيس المصرية بالتبعية لغيرهم، وحالة اكتسابهم إياها على وجه الاستقلال. فقوانين الجنسية تسري على الذكور والإناث دون تمييز بين الفريقين. وعلى ذلك، فالمرأة غير المتزوجة أو المطلقة أو الأرملة، تستطيع على وجه الاستقلال عن غيرها اكتساب جنسية التأسيس المصرية، إذا توافرت فيها الشروط التي يستلزمها المشرع، سواء في ذلك جنسية التأسيس التي تثبت بقوة القانون أم بناء على طلب. والأولاد القصر يستطيعون هم أيضاً اكتساب صفة المصريين الأصول، إذا توافرت فيهم الشروط اللازمة لكسب جنسية التأسيس بقوة القانون على وجه الاستقلال، كما في حالة وفاة أبيهم قبل تطبيق قانون الجنسية المصرية. أما عن اكتساب الزوجة والأولاد القصر لجنسية التأسيس المصرية بالتبعية، فالأمر يحتاج إلى بعض التفصيل.
١- الزوجة: يشترط لكي تكسب الزوجة جنسية التأسيس المصرية التي تثبت لوجها، أن تكون هناك رابطة زوجية صحيحة وفقاً لأحكام القانون المصري وقت ثبوت هذه الجنسية لزوجها. وعلى ذلك، ففي ظل قانون سن ١٩٢٩ حيث تثبت الجنسية المصرية للزوج في ١٠ مارس ١٩٢٩ وهو تاريخ العمل بهذا القانون، فيشترط أن تكون رابطة الزوجية قائمة في هذا التاريخ. وفي ظل قانون سنة ١٩٥٠ ، حيث اعتد أيضاً بتاريخ ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ ، يجب أن تكون رابطة الزوجية قائمة وصحيحة في هذا التاريخ الخير. أما الزيجات التي تمت بعد هذا التاريخ، فتحكمها القواعد الواردة في القانون في شأن مدى اكتساب الزوجة الأجنبية لجنسية زوجها المصري. ولا يعتبر اكتساب الزوجة للجنسية المصرية في هذه الحالة اكتساباً لجنسية التأسيس المصرية، بل يعتبر حالة من حالات اكتساب الجنسية الطارئة. وقد سبق أن رأينا أن قانون سنة ١٩٥٦ استحدث حالة من حالات جنسية التأسيس المصرية، هي حالة التوطن في الأراضي المصرية قبل سنة ١٩٠٠ ، والإقامة بها حتى ١٠ نوفمبر سنة ١٩٥٦ تاريخ العمل بهذا القانون. لذلك، نص هذا القانون في مادته الأولى، على أن ثبوت الجنسية بهذه الطريقة يلحق الزوجة والأولاد القصر، متى كان الزواج قد تم قبل العمل بقانون سنة ١٩٥٠ في ١٨ سبتمبر سنة ١٩٥٠ . وتعتبر هذه الجنسية جنسية تأسيس. وعلى ذلك، فالعبرة بحالة المرأة وقت العمل بقانون سنة ١٩٢٩(10مارس سنة ١٩٢٩ )، فإن كانت غير متزوجة أو مطلقة أو أرملة، طبقت في شأنها أحكام جنسية التأسيس المصرية بصفة استقلالية. أما إن كانت متزوجة، فيجب التفرقة بين حالة كسب جنسية التأسيس المصرية التي تبني على لتوطن في ، الأراضي المصرية قبل سنة ١٩٠٠ ، وهي التي استحدثها قانون سنة ١٩٥٦ وهنا تكتسب الزوجة جنسية زوجها بالتبعية، إذا كان الزواج قد تم قبل ١٨ سبتمبر سنة ١٩٥٠ ، وفيما عدا ذلك من حالات تأسيس الجنسية المصرية، فالعبرة بقيام رابطة الزوجية الصحيحة في ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ . وتكتسب الزوجة بالتبعية لزوجها جنسية التأسيس المصرية، سواء في ذلك جنسية التأسيس بقوة القانون، أم بناء على طلب، وسواء كانت المرأة عثمانية أم أجنبية الجنسية أم عديمتها.
٢- الأولاد القصر : لكي يكتسب الأولاد القصر جنسية أبيهم بالتبعية، فالعبرة هنا بحالتهم وقت العمل بالقانون الذي أدخل أبيهم في جنسية التأسيس المصرية، ومن ثم، يجب أن يكونوا أولاد شرعيين يصدق عليهم وصف القصر في هذا التاريخ. وهنا أيضاً يجب التفرقة بين الحالة التي استحدثها قانون سنة ١٩٥٦ وما عداها من حالات، فبالنسبة للحالة التي استحدثها قانون سنة ١٩٥٦ ، فالعبرة بحالة الأولاد في ١٨ سبتمبر سنة ١٩٥٠ ، فمن ولد منهم قبل هذا التاريخ الأخير، اكتسب جنسية التأسيس المصرية تبعاً لأبيه، أما من ولد منهم بعد ذلك التاريخ، فإنه يكتسب الجنسية المصرية بناء على حق الدم، وهي جنسية تعمير في هذه الحالة. أما ما عدا ذلك من حالات تأسيس الجنسية المصرية، فالعبرة بحالة الأولاد في ١٠ مارس سنة ١٩٢٩ ، فمن ولد منهم قبل هذا التاريخ، يكتسب بالتبعية لأبيه جنسية التأسيس المصرية. ومن ولد منهم بعد هذا التاريخ، يكتسب جنسية مصرية أصيلة هي جنسية التعمير، بناء على حق الدم. ويكتسب الأولاد القصر جنسية أبيهم، سواء في ذلك جنسية التأسيس التي ثبتت بقوة القانون، أم تلك التي ثبتت بناء على طلب، ويعد قانون الجنسية المصرية المرجع في تحديد سن الرشد. وقد نصت على ذلك صراحة المادة ٢٣ من قانون الجنسية عام ١٩٥٠ بقولها “يكون تحديد سن الرشد الوارد في هذا القانون طبقاً لأحكام القانون المصري” ونقلت ذات الحكم بذات العبارات المادة ٢٧ من قانون سنة ١٩٥٦ ونصت كذلك المادة ٢٣ من قانون ١٩٧٥ على أن “يحدد سن الرشد طبقاً لأحاكم القانون المصري.
المؤلف : احمد عبد الحميد عشوش
الكتاب أو المصدر : القانون الدولي الخاص
الجزء والصفحة : ص61-83
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً