ما هو “التحكيم” في القانون العُماني؟
المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
إن السلطة القضائية في الدولة هي السلطة المسؤولة عن تحقيق العدالة بالدرجة الأولى؛ إعمالاً للمواد ( 59ـ71) من النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم(101/96) وبجوارها يوجد قضاء خاص يمارس ذات السلطة مع اختلاف طفيف في جزئيات تفصيلية يسيرة، والقضاء الخاص نعني به هنا التحكيم؛ فالتحكيم يعد طريقا اختيارا للأطراف في المسائل التي يجوز التصالح فيها؛ وذلك بموجب قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (47/97).
إن اتفاق التحكيم ـ في وجهة نظري من خلال نصوص المشرع العماني ـ يعد عقدًا شكليا شأنه شأن العقود الشكلية الأخرى؛ ذلك أن المشرع اشترط أن يفرغ التحكيم في قالب معين وهو الكتابة، وكذلك يجب أن تتوافر شروط موضوعية تتمثل في الرضا والمحل والسبب، وفي هذه الزاوية عبر “أثير” نبسط الحديث عن شرط المحل في اتفاق التحكيم.
من المقرر قانوناً أنه يجب أن يكون لكل عقد محل يضاف إليه، وأن يكون هذا المحل قابلاً لثبوت حكم العقد فيه، وممكنا في ذاته، ومقدوراً على تسليمه، وألا يكون التعامل فيه ممنوعاً شرعاً أو قانوناً، وإلا كان العقد باطلاً؛ استناداً للمادة(115، و116) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم(29/2013). وتتجلى المسائل ـــ التي يكون محلها الاتفاق سواء تلك المسائل التي تسطر قبل نشوء أي نزاع من خلال شرط التحكيم، أو تلك التي يتفق عليها بعد نهوض النزاع ووضوح معالمه من خلال مشارطة التحكيم أو بالإحالة إلى عقد أو نظام به شرط تحكيم ــــ التي تكون محلاً للتحكيم من خلال نص المادة(11) من قانون التحكيم العماني والتي جاء فيها ما نصه: “لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه، ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح” ومن المقرر قانوناً أن المسائل التي لا يجوز التصالح فيها هي تلك المسائل المتعلقة بالنظام العام ، وبمسائل الأحوال الشخصية، والمسائل الجنائية، حيث يُمنع منعاً باتا التحكيم في المصالح العليا للمجتمع التي تعد من النظام العام، ويحظر التحكيم في مسائل الخطبة والزواج والطلاق والحضانة والإرث وجميع قضايا الأحوال الشخصية، وكذا الشأن في القضايا الجنائية بصرف النظر عن تصنيفها جناية أو جنحة أو حتى مخالفة، فأي جريمة تم النص عليها في القانون وفرض عليها عقوبة لا يجوز لجوء المتهم والمجني عليه للتحكيم قولاً واحداً دون خلاف.
ومع ذلك فإن الآثار المترتبة على مسائل الأحوال الشخصية، والمسائل الجنائية يجوز التصالح عليها، وترتيباً عليه يجوز اتفاق التحكيم عليها، مثال ذلك اتفاق التحكيم على التعويض الناتج عن جنحة إهانة الكرامة؛ فيمكن الاتفاق على تقدير التعويض من خلال الاتفاق على التحكيم؛ حيث إن جريمة إهانة الكرامة شيء، والتعويض عن هذا الفعل شيء آخر تماماً.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً