مسؤولية ممثل الشخص المعنوي (شركة الأموال) في المجال الضريبي :
يرتبط بالإقرار بوجود من يمثل الشخص المعنوي في أداء التزاماته في إطار القواعد العامة عموماً والقانون الضريبي خصوصاً أن ترتبط مسؤولية هذا الأخير بمسؤولية من يمثله في أداء التزامه ، فمن البديهي أن يرتب كل إخلال بأداء الالتزامات المفروضة على أي شخص قانوني سواء كان طبيعياً أو معنوياً مسؤوليته مقابل ذلك وارتباطاً بتلك الصلة التي تقوم بين الشخص المعنوي وممثله فانه من الطبيعي أن يكون إخلال الشخص المعنوي في أداء التزاماته في المجال الضريبي مرتبطاً بذلك الأخير فرغبة الشركة في التهرب من أداء التزاماتها الضريبية يترجمها مديرها أو من يتولى تمثيلها بفعل أو امتناع عن فعل من شانه الإخلال بهذه الالتزامات كلاً أو جزءاً(1). وان من الثابت في المجال الضريبي أن المسؤولية التي تقع على المخاطب بأحكام هذا القانون سواءٌ كان مكلفاً بالضريبة أو من الغير اقرب في وصفها إلى المسؤولية الجزائية منها إلى المسؤولية المدنية ذلك أنها تضر بمصلحة عامة للمجتمع هي المصلحة المالية والتي تعبر عنها الخزانة العامة للدولة ، وان كان الاختلاف قائماً بالنسبة إلى قلة خطورة الجريمة الضريبية من ناحية قياساً إلى الجريمة الجنائية ، وكون العقوبات التي يوردها القانون الضريبي لا يتحقق فيها معنى العقوبة الجزائية ذلك أنها لا تعدو أن تكون وسائل تلجأ إليها الإدارة لكفالة تحصيل الضريبة ، وعليه فإن المسؤولية في المجال الضريبي هي من نوع خاص ينطلق من مفاهيم أخلاقية واجتماعية وتتحقق فيها المنفعة للإدارة الضريبية(2).
وإن التضامن في نطاق المسؤولية التي يرتبها القانون الضريبي بين الشخص المعنوي والأشخاص المسؤولين عن تمثيله لا يظهر بصورة واضحة في جميع التشريعات وخاصة بالنسبة إلى تلك الفئات من غير الجهات الرسمية الممثلة له كالوكلاء أو الممثلين التجاريين أو غيرهم ذلك أن الإشارة إلى هؤلاء لا ترد إلاّ بوصفها حالات مستقلة وإن مسألة تمثيلهم لأشخاص معنوية أو طبيعية هي ترجع إلى ظروف عمل كل منهم التي قد تهيئ له في بعض الأحيان أن يمثل هذا الشخص أو ذاك في مباشرة نشاطه ، فضلاً عن أن الأمور المتعلقة بممثلي الأشخاص المعنوية أصلاً تتسم بالغموض في بعض التشريعات كما هو الحال في التشريع الأردني(3). ويمكن أن يستفاد إقرار هذه المسؤولية التضامنية في القانون العراقي من خلال النصوص العقابية المنظمة لهذا الموضوع تلك التي وردت منها ضمن القواعد العامة أو تلك التي ينظمها القانون الضريبي ، فالأصل العام في قانون العقوبات العراقي يقضي بمسؤولية الشخص المعنوي وممثليه عن كل ما يرتكب باسمه ولحسابه من أعمال(4). كما أن قانون ضريبة الدخل العراقي عاقب كل من يتخلف عن القيام بالواجبات التي يقررها عليه(5).
ولما كان هذا القانون قد خاطب مدير الشركة أو محاسبها أو أحد كبار موظفيها بوصفهم ممثلين لها ، وكذلك من يمكن لهم أن يقوموا بتمثيلها من غير هذه الجهات ممن ذكرتهم المواد (21،22) ذلك أن هذه المواد جاءت مطلقة ولم تحدد ما إذا كان غير المقيم شركة أو فرداً ، ومن هنا فإن المسؤولية تقع على عاتق هؤلاء إلى جانب الشركة ومديرها والمحاسب أو أحد كبار الموظفين . أما القانون الأردني ، فعلى الرغم من أنه لم يورد ما يشير حتى إلى من له تمثيل الشركة في أداء التزاماتها الضريبية ، إلاّ أنه تضمن نصوصاً عقابية عامة كما هو الحال في القانون العراقي(6). كما أنه تضمن نصاً خاطب فيه الشركة وحملها مسؤولية أحد الالتزامات التي تقع على عاتقها وهو التزامها بخصم ضريبة التوزيع(7). إلا أن موقف الفقه والقضاء الأردنيين يشير إلى إمكانية اعتبار مدير الشركة مسؤولاً إلى جانبها عما يقع على عاتقها من التزامات ، حيث يذهب جانب من الفقه الأردني إلى معاقبة الشخص الطبيعي الذي يقوم بإدارة الشركة إذا ارتكبت الجريمة باسم الشخص المعنوي بالعقوبات التي نصت عليها المواد (74،442) من قانون العقوبات الأردني النافذ(8). كما أيد هذا الاتجاه موقف القضاء الأردني(9).
أما القانون المصري فقد كان موقفه أفضل من موقف المشرعين العراقي والأردني ، لأنه ميّز صراحةً بين مسؤولية الشخص المعنوي وممثليه، فأقرها للأول عن الجرائم التي يرتكبها خلافاً لأحكام قانون ضريبة الدخل استثناءً من القواعد العامة في القانون الجنائي على أساس أنها نوع من الجرائم الاقتصادية ، وعاقبه عليها عقوبة تتناسب مع طبيعته وهي الغرامة(10). ثم أقرّ مسؤولية الثاني مستقلةً ، وفرض عليه عقوبة تتناسب أيضاً مع طبيعته عندما حمله مسؤولية الإخطار عن كل ما يتعلق بنشاط الشركة (المادة / 133) ، ثم عاد وعاقب بالسجن كل من تخلف عن تقديمه(11). أما عن الأشخاص الآخرين من غير المديرين فلم ترد إشارة إليهم . وإن ما يتقرر بخصوصهم لا يمكن أن يخرج عن النتيجة التي وردت بالنسبة إلى القانون العراقي لأنهم في كل الأحوال مخاطبون بأحكام القانون الضريبي ، ويرتبط موضوع تحديد مسؤوليتهم بالجهة التي يمثلونها إذا كانت شركة أو فرداً .
_________________________
[1]- يتحقق التهرب الضريبي بعدة وسائل وأساليب كتلك المتعلقة بدفاتر الشركة أو إقراراتها أو حساباتها أو إيراداتها ونفقاتها أو مدة المحاسبة أو في عمليات التقدير ، انظر: محمد السعيد وهبة ، صور التهرب الضريبي، الكتاب الأول ، في نطاق الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية ، الطبعة الأولى ، بلا مكان طبع ، 1963 ، ص 114 وما بعدها.
2- قبس حسن عواد البدراني ، المركز القانوني للمكلف .. ، مصدر سابق ، ص ص214-215.
3- انظر فيما سبق ، ص (101).
4- (م80) من قانون العقوبات العراقي النافذ.
5- (م56) من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ.
6- م (44) من قانون ضريبة الدخل الأردني النافذ.
7- أنظر ما سبق ، ص (98) .
8- رفل حسن حامد ، مصدر سابق ، ص 69 .
9- انظر ما سبق ، ص (102).
0[1]- المادة (189) من قانون ضريبة الدخل المصري النافذ .
1[1]- المادة (178) من المصدر السابق .
المؤلف : زينب منذر جاسم الوائلي
الكتاب أو المصدر : ضريبة الدخل على الاشخاص المعنوية
الجزء والصفحة : ص107-109
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً