سوابق قضائية – الركن الخاص لجرم القتل

اجتهادات عن الركن الخاص لجرم القتل

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

الاصل في جريمة القتل انها تقع تحت طائلة المادة (533) ع ع و ان حالات التشديد التي اوردتها المادتين (534 – 535) ع ع انما تستند الى اسباب و ظروف تتعلق بشخصية الجاني تارة و بشخصية المجني عليه تارة اخرى و بالظروف التي وقع فيها الفعل تارة ثالثة.
– اذا كان الركن المادي لجريمة القتل يقوم على اثبات اقدام الفاعل على ارتكاب الفعل على النحو الذي نص عليه القانون فان الركن المعنوي في هذه الجريمة هو المعول عليه في اعمال الركن القانون للجرم.

– المادة (548) ع ع تنص على ان يستفيد من العذر المحل من فاجا زوجة او احد اصوله او فروعه او اخته في جرم الزنا المشهود او في صلات جنسية فحشاء مع شخص اخر فاقدم على قتلهما او ايذائهما او قتل او ايذاء احدهما بغير عمد.

– يتضح من هذا النص ان الشارع تجاوز اسباب التشديد في قتل الاب لابنته و ساوى بين الاب و الاخ في الموقف القانوني من هذا الفعل . و اذا كان العذر المحمل و العذر المخفف المنصوص عنه في المادة المذكورة يقوم على اساس الدافع الذي حمل مرتكب الفعل ابا كان ام اخا على ارتكاب فعله فهذا يعني انه اذا كان الدافع شريفا فلا مجال لاعمال نص المادة (535) ع ع الا في حالة العمد و يسقط سبب التشديد لسبب القتل الواقع على الاصول و الفروع و يبقى جرم القتل القصد شريف مطالا بالمادة (533) ع ع مع مراعاة المادة (192) منه.

وقائع الدعوى
——————————————————————————–
النظر في الدعوى:
تتلخص واقعة الدعوى ان طالب المخاصمة يوسف كان في منزله في قرية جباتا الخشب بمحافظة القنيطرة فحضر اليه اقربائه و طلبوا منه خطبة ابنته المغدورة منى لابن عمه المتزوج حسن الذي له ستة اولاد و زوجته على قيد الحياة فاستمهلهم الجواب لفترة اسبوع لسؤال ابنته منى التي يطلبون خطبتها.

و يبدو انه استغرب التصرف و الموقف و ساقته الفضالة و حب الاطلاع لمعرفة حقيقة الموقف فايقظ ابنته منى من نومها فجرا و سالها عن سبب طلب يدها فاعلمته انه من جاء يطلب خطبتها كان قد فض بكارتها و انها تحمل منه سفاحا فاعتراه الغضب لما سمع و احضر مسدسه الغير مرخص و امطرها بوابل من الرصاص فارداها قتيلة و ولى هاربا ثم ما لبث ان سلم نفسه فاجريت محاكمته و اعترف بما اقدم عليه من فعل.
اصدرت محكمة الجنايات في ريف دمشق الحكم رقم 442/24 تاريخ 9/12/1999 المتضمن تجريم طالب المخاصمة بجناية القتل سندا للمادة (535) عقوبات بدافع شريف و انتهت الى وضعه في سجن الاشغال الشاقة مدة ستة سنوات و ثمانية اشهر بعد ان طبقت مفاعيل العفو العام رقم (6) لعام /1995/ بحقه و رقم 11/988 على اعتبار ان الجرم واقع في عام /1981/

طعن طالب المخاصمة بهذا الحكم لاسباب تتعلق بصحة اجراءات المحاكمة و عدم صحة التطبيق القانوني و عدم الرد على الدفوع فيما يتعلق بسورة الغضب الشديد لكن الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض اصدرت قرارها المخاصم رقم 60/169 تاريخ 19/2/2001 الذي انتهى في قضائه الى رفض الطعن موضوعا و تصديق الحكم المطعون فيه.
تقدم طالب المخاصمة بهذه الدعوى مختصما فيها الهيئة التي اصدرت القرار المخاصم و النائب العام و السيد وزير العدل و عجل الرسم و ارفقها بالاوراق الثبوتية و طلب قبولها شكلا و موضوعا و ابطال الحكم المخاصم و الزام المدعى عليهم بالتعويض الذي ترك امر تقديره الى هذه الهيئة تاسيسا على ان الهيئة التي اصدرت الحكم قد وقعت في الخطا المهني الجسيم.

في القضاء:
حيث ان القضاء الجزائي يقوم على مبدا فصل الوظائف القضائية في الدعوى الواحدة اذ لا يجوز لمن كان قاضيا في الدعوى في مرحلة من مراحل التقاضي فيها ان يكون قاضيا فيها في مرحلة اعلى و ان الاخلال بهذا المبدا انما هو خطا مهني جسيم يؤرث البطلان في الحكم.

و حيث ان المستشار موفق الذي اشترك في اصدار القرار المخاصم كان قد اشترك مع الهيئة التي اصدرت الحكم في اكثر جلسات المحاكمة و استمع الى الشهود و في هذا ما يخل بمبدا فصل الوظائف القضائية و يجعل القرار المشكو منه صادرا عن قاضيين مما يوجب ابطاله لهذا السبب.

و حيث ان الاحكام في منطوقها يجب ان تكون مبنية على اسباب موجباتها فاذا صدرت متناقضة في منطوقها مع اسباب موجباتها تكون قد بنيت على خطا مهني جسيم.

و حيث ان الحكم المشكو منه قد اورد في وقائع الدعوى و حيثياته ان مدعي المخاصمة بعد ان سمع اقوال ابنته المغدورة بان من جاء لخطبتها حسن سبق له ان فض بكارتها و هي حاملة منه فقد صوابه و احضر مسدسه و اطلق عليها النار و بهذا تكون قد اعتبرته في حالة سورة الغضب الشديد في حين انها انتهت الى تطبيق احكام المادة (192) عقوبات بحقه و بهذا فانها تكون قد وقعت بتناقض مع نفسها بما انتهت اليه و هذا التناقض هو خطا مهني جسيم يوجب ابطال الحكم.
و حيث ان تطبيق النص القانوني على وجه يخالف المبدا الذي بني عليه النص انما هو خطا مهني جسيم اذا كان هذا التطبيق من شانه الاخلال بمبدا العدل و الانصاف.

و حيث ان الاصل في جرم القتل انه يقع تحت طائلة المادة (533) عقوبات و ان حالات تشديد العقوبة التي اوردتها المادتين (534 – 535) عقوبات انما تستند الى اسباب و ظروف تتعلق بشخصية الجاني تارة و بشخصية المجني عليه تارة اخرى و بالظروف التي وقع فيها الجرم تارة ثالثة و ان لهذا الجرم عناصره و اركانه القانونية التي تتمثل بالركن المادي يقوم على ثبوت اقدام الفاعل على ارتكاب الفعل على النحو الذي نص عليه القانون فان الركن المعنوي في جريمة القتل هو المعمول عليه في اعمال الركن القانوني للركن و على هذا فان الشارع الجزائي قد اعار هذا الركن اهتماما خاصا فاوجب توفره لدى الفاعل عند اقدامه على ارتكاب الفعل كما اعطى الدافع على ارتكاب هذا الفعل مفاعيله في تشديد العقوبة او تخفيضها على النحو الذي نصت عليه المادتين (192 و 193) عقوبات و المواد (239) و ما بعدها من القانون المذكور فيما اورده من اعذار محله و اعذار مخففة و تجنيح للجناية في حالة سورة الغضب الشديد.

و حيث انه اذا كانت هذه النصوص المشار اليها جاءت تقر مبدا عاما فان المادة (548) عقوبات جاءت تنص على انه يستفيد من العذر المحل من فاجا زوجه او احد اصوله او فروعه او اخته في جرم الزنا المشهود او في صلات جنسية فحشاء مع شخص اخر فاقدم على قتلهما او ايذائهما او على قتل او ايذاء احدهما بغير عمد و من دراسة هذا النص نجد ان الشارع تجاوز اسباب التشديد في قتل الاب لابنته و ساوى بين الاب و الاخ في الموقف القانوني من هذا الفعل و اذا كان العذر المحل و للعذر المخفف المنصوص عنه في هذه المادة يقوم على اساس الدافع الذي حمل مرتكب الفعل ابا كان او اخا على ارتكاب فعله هذا يعني انه اذا كان الدافع شريفا فلا مجال لاعمال نص المادة (535) عقوبات الا في حالة العمد و يسقط سبب التشديد لسبب القتل الواقع على الاصول و الفروع و يبقى جرم القتل القصد بدافع شريف مطالا بالمادة (533) عقوبات مع مراعاة المادة (192) منه.

و حيث ان عدم مناقشة الواقعة على ضوء ما تقدم و اعطائها الوصف القانوني الذي لا ياتلف معها انما هو خطا مهني جسيم مادام قد شدد العقوبة فاخل بميزان العدالة و الانصاف و اصاب طالب المخاصمة بظلم.
و حيث ان القرار المشكو منه يكون قد وقع باكثر من خطا مهني جسيم مما يوجب ابطاله و هذا الابطال هو بمثابة تعويض لطالب المخاصمة.

لذلك تقرر بالاجماع:
1- عدم البحث بالشكل لسبق البحث فيه.
2- قبول الدعوى موضوعا و ابطال الحكم المشكو منه رقم 60/169 تاريخ 19/2/2001 الصادر عن الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض.
3- اعتبار هذا الابطال بمثابة تعويض للجهة المدعية.
4- تضمين المدعي للرسم.
قرار 592 / 2003 – أساس 156 – الهيئة العامة لمحكمة النقض – سورية
قاعدة 276 – اجتهادات الهيئة العامة لمحكمة النقض 2001 – 2004 – الألوسي – رقم مرجعية حمورابي: 56753
– جرائم القتل والشروع فيها تتميز عن غيرها من الجرائم بضرورة البحث والتقصي عن عنصر خاص لدى الجاني هو ان يتوفر لديه النية الفعلية في قتل غريمه. وان الشروع التام في ذلك يتطلب من الجاني القيام بجميع الاعمال التنفيذية التي كان من شانها اظهار النتيجة الى حيز الوجود الا ان هذه النتيجة لم تحصل بسبب ظروف لا علاقة للجاني بها.
– يشمل النقض غير الطاعنين اذا كانت الاسباب تتصل بهم.

وقائع الدعوى
——————————————————————————–
اسباب الطعن:
1- عدم توافر اي ركن من اركان جرم الشروع التام بالقتل قصدا وعلى الاخص الركن المعنوي وان الفعل لا يتجاوز جنحة الايذاء غير المقصود.
2- القرار لم يتحر عن ثبوت توافر اركان الجرم المعنوية والقانونية وعلى الاخص القصد الخاص بالقتل والنية والارادة والسبب الطاعن كان قد تناول المشروبات الروحية.
3- استقر الاجتهاد على ان السلاح وان كان قاتلا بطبيعته لا انه لا يدل على قصد القتل الذي يتعين على المحكمة ان تقيم القصد عليه.
4- قرائن القضية تدل على ابتعاد القصد الخاص والدافع بالقتل وانعدام الوعي والادراك خلال المشاجرة بسبب تناول المشروبات الروحية.

في الرد على الطعن والموضوع:
حيث ان المحكمة العسكرية الثانية بدمشق قررت تجريم الطاعن ايمن والمجند هيثم بجناية الشروع التام بالقتل قصدا المنصوص عنها بالمادة 533 بدلالة 200ع.ع.
وحيث ان جرائم القتل والشروع فيه تتميز عن غيرها من الجرائم بضرورة البحث والتقصي عن عنصر خاص لدى الجاني هو ان يتوفر لديه النية الفعلية في قتل غريمه وازهاق روحه وان الشروع التام في ذلك يتطلب من الجاني القيام بجميع الافعال التنفيذية التي كان من شانها اظهار النتيجة الى حيز الوجود الا ان هذه النتيجة لم تحصل بسبب ظروف لا علاقة للجاني بها.

وحيث ان القرار المطعون فيه لم يبحث عن توافر نية القتل لدى الطاعن واكتفى بالقول بان الطاعن قام بجميع الافعال الرامية الى اتمام فعله المتمثل بجروح وردت بالتقارير الطبية المرفقة والمذكورة الا ان ظروفا خارجة عن ارادة المتهم حالت دون اتمام فعله الجرمي…. وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد تحدث عن ان نية الطاعن اتجهت الى احداث جروح وليس الى قتل غريمه وازهاق روحه وكذلك لم يوضح ما هي هذه الظروف التي حالت دون اتمام الفعل الجرمي والي لا يمكن ان يفهم منها بان الفعل بحد ذاته لم يكن كاملا بينما المطلوب في جناية الشروع بالقتل عدم تحقق النتيجة بسبب تلك الظروف التي لا علاقة لها بارادة الفاعل.

وحيث ان القرار المطعون فيه قد ساوى فيما خلص اليه بين الطاعن ايمن والمجند هيثم الذي لم يطعن في هذا القرار.
وحيث ان المادة 362 من قانون اصول المحاكمات الجزائية قد نصت على لزوم ان يشمل نقض الحكم الغير من المحكومين اذا كانت الاسباب التي بني عليها نقض الحكم تتصل بهم.

لذلك تقرر بالاتفاق:
– قبول الطعن شكلا
– قبوله موضوعا ونقض القرار المطعون فيه بالنسبة للطاعن ايمن والمحكوم الآخر هيثم.
قرار 236 / 2003 – أساس 80 – محكمة النقض – الدوائر الجزائية – سورية
قاعدة 354 – م. المحامون 2004 – اصدار 11 و 12 – رقم مرجعية حمورابي: 52808
ان المادة (205) من قانون العقوبات قد نصت على ان الجريمة اذا وقعت على غير الشخص المقصود عوقب الفاعل كما لو كان اقترف الفعل بمن كان يقصد ومؤدى ذلك ان واضع القانون اراد معاقبة المجرم على نيته وان لم يصل الى الهدف الذي اراده لان العنصر المعنوي في كل جرم ركن من اركانه المقومة له وعليه المعول في الوصف وفي ترتيب العقاب.

وان النية كما عرفتها المادة (187) من قانون العقوبات هي ارادة ارتكاب الجريمة على ما عرفها القانون وهذه النية عنصر خاص في جرائم القتل فلا بد من التحدث عنها بصورة خاصة واثباتها بادلة مستقلة لان الافعال المادية في هذا النوع من الجرائم متحدة في مظهرها الخارجي ونتائجها العامة ولكن كل حادثة تتميز عن الاخرى بالنية التي عقد الفاعل عزمه عليها حين ارتكاب الجرم فان من اراد قتل والده فاصاب غيره وقتله يعاقب كقاتل ابيه الا ان الحادثة التي رواها الطاعن في اعترافه تختلف عن القتل قصدا لانه لم يكن يعلم ان المغدور سيكون ضحيته في هذه الجريمة وهو لا يرغب في قتله وقد تمت الافعال المرتكبة منه وهي مشوبة بالغلط.

وان المادة (223) من قانون العقوبات قد نصت على ان المجرم لا يسال عن الظروف المشددة التي وقع الغلط فيها وهو على العكس من ذلك يستفيد من الاعذار القانونية وان جهل وجودها ولهذا فان من اقدم على قتل رجل وهو يجهل انه والده لا يعاقب كمن قتل والده.

ان الطاعن حينما اقدم على القتل يعتقدان المغدور قاطع طريق متوجه اليه ليسلبه امواله التي يمحلها في حين ان المغدور لم يبدا بالاعتداء عليه ليكون الخطر محدقا به ولا سبيل لابعاده الا بالقتل فلم يكن الطاعن في موقف يبرر له عمله ولم يصل الى درجة العذر المحل ولكنه اقدم على جريمتة بصورة غضب شديد تجعله في موقف يستفيد فيه من العذر المخفف.
قرار 112 / 1963 – أساس بدون – محكمة النقض – الدوائر الجزائية – سورية
قاعدة 1855 – الموسوعة القانونية الجزائية – انس كيلاني – رقم مرجعية حمورابي: 44866
لا بد للاتهام بجرم الشروع في القتل من توافر اركانه والتاكد من القصد الجرمي الذي يتطلب ارادة ارتكاب جريمة معينة، ولا يوجد في القانون شروعا مجردا من غير جريمة محددة ويترتب على ذلك انه اذا لم تتحدد ارادة المجرم بالاتجاه الى احداث نتيجة جرمية معينة فلا محل للشروع ولا وجه للعقاب الا اذا كان النشاط الذي صدر عنه يعد جريمة قائمة بذاتها وكانت الارادة الصادرة عنه تصلح لان تقوم بها هذه الجريمة.

يترتب على اعتبار القصد الجرمي ركنا للشروع حصر نطاقه باستبعاد طوائف من الجرائم لا يعد القصد من اركانها، اذ يعني انه يتخلف بالنسبة للشروع فيها احد الاركان المتطلبة لقيامه فلا يكون الشروع فيها طبقا للقانون مقصورا من هذه الجرائم (الجرائم غير المقصودة التي لا يقوم فيها الركن المعنوي على القصد بل يفترض انتفاءه وتوافر الخطا ومن ثم لا يمكن ان يكون للشروع فيها محل اذ ينقصه دائما احد اركانه) راجع شرح قانون العقوبات اللبناني للدكتور محمود نجيب حسني واجتهاد محكمة التمييز اللبنانية الغرفة الجزائية رقم (348) و (238) تاريخ 3/4/1967 ورقم (293) و (157) اساس تاريخ 10/4/1967.
قرار 586 / 1982 – أساس 451 – محاكم النقض – سورية
قاعدة 412 – قانون العقوبات ج1 و ج2 – استانبولي – رقم مرجعية حمورابي: 46662

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.